مقدمة عن رواية عروستي ميكانيكي
مره أخرى نعود إليكم بواحدة من الروايات الإلكترونية المميزة جدًا في الفترة الاخيرة
وهي رواية عروستي ميكانيكي
الرواية التي تُعتبر غريبة جدًا بداية من عنوانها إلى فكرتها وصولًا إلى ما وصلت إليه من نجاح في فترة قصيرة
الرواية إلكترونية منشوره على مجموعة من المجمعات المغلقة على الفيس بوك
ومواقع التواصل الإجتماعي وعلى الرغم من شنرها في مجموعات مغلقه
إلا أن الرواية انتشرت جدًا بين الجميع
وفي جميع أنحاء الوطن العربي وليس في مصر فقط وهذا كان غريب نوعًا ما
ولكنه جيد في الوقت نفسه.
رواية عروستي ميكانيكي كاملة |
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الأولى 1 كاملة مكتوبة
(إذا أردت قراءة الحلقة الثانية أو باقي الحلقات ستجد رابطها في نهاية المقال)
المشهد 1
..تنهد بيأس وتأفف بضيق ..لم يستطع تحريك رقبته بسبب تلك التي تنام فوق كتفه بل والادهى من ذلك ان صوت شخيرها قد فاق صوت محرك الطائرة ..شعر بالخجل من نظرات بقية الركاب المحيطين بهما ..
..رفع اصبعيه ينقر بهما فوق كتفها وقال بصوت هادئ قوي..
.."..ياأنسة ..اصحي لو سمحتي ..انتي ياأنسة.."..
..سمع همهماتها التي تتسم بالاعتراض والتي تقارنت بالتصاقها اكثر بذراعه الذي احتضنته بقوة ..
..شعر ببعض الرجفة بجسده فامسك بذراعها يهزها بقوة وهو يقول من بين اسنانه مغتاظا منها..
.."..انتي يابنتي ..اصحي بقى ..مينفعش كدة.."..
..فتحت عينيها ورمشت عدة مرات وهي تحاول ان تستعب مايحدث حولها ..انتفضت بمكانها فور ما رات نفسها تحتضن ذراع هذا الشاب الذي يجلس بجانبها ..فقالت بنبرة اعتذار ..
.."..لمواخذة ..لمواخذة .."...
..نفض فوق ذراعه وكأنه ينفض ترابا او حشرات عالقة به وهو يقول ..
.."..لمواخذة ايه وبتاع ايه ..صوت شخيرك وصل لكابينة الطيار ..مينفعش كدة .."..
..التفتت ناحيته بجذعها وبوجه غاضب صاحت به ..
.."..شخيري ...اتكلم عدل يااستاذ انت..لو مش عاجبك قوم شوفلك مكان تاني ..وكمان انت بأي حق تصحيني ..انا مصدقت غفلت شوية ...منك لله ..لما بصحى مبعرفش انام تاني ..بس اقولك ..الحق مش عليك ..الحق عليا انا ..انا اللي محذرتكش قبل ماانام ..وعلى العموم حصل خير ..
معاك إيمان ميكانيكي سيارات .."..
..مدت كفها الصغير تنتظر التحية من ذاك الذي اتسعت عيناه وفاهه ..وبالاخير مد يده ولامس كفها لمسة خفيفة ولكنها تركت تاثير قوي داخله اخفاه مسرعا...
..عاودت ايمان الحديث بوجه بشوش وهي تقول ..
.."..متعرفناش يامحترم .."..
..تنحنح ابراهيم وهو ينظر امامه وقال بصوت يشوبه الغرور ..
.."..ابراهيم سالم ..رجل اعمال.."..
..مطت ايمان شفتيها امامها وهي تتفحصه من اسفله لأعلاه بنظرة تقيمية وقالت بنبرة جادة ..
.."..باين عليك الصرف والله.."..
..التفت براسه مسرعا ..وقال بحدة..
.."..ايه ..الصرف..ياريت ياانسة تهذبي من الفاظك شوية .."..
..التوت شفتيها جانبا وقالت وهي تعتدل بجلوسها فوق كرسيها ..
.."..متبقاش قفوش كدة ياباشا ..وكمان احنا قدامنا رحلة طويلة ..مش معقول هنقفش على بعض من اولها كدة ..خليك بحبوح زي البهاوات اللي بييجوا يصلحوا عربياتهم عندي ..اجدع واحد فيهم ياباشا بيمدح فيا وفشطارتي .."..
..مسد ابراهيم جبهته بعصبية وبداخله يلعن سكرتيرته الجديدة التي حجزت له مكان بالطائرة غير مكانه المعتاد الخاص برجال الاعمال..
..اغمض عينيه بقوة وجز بأسنانه بغيظ فور سماعها وهي تستطرد قولها بصوت قوي مبهج ..تتحدث معه بأريحية وكانها تعرفه حق المعرفة من سنين طوال..
.."..طبعا زمانك ياباشا دلوقتي مستغرب ان واحدة انسة زيي بتشتغل ميكانيكي سيارات ..انا اقولك بقى اصل الحكاية ..ابويا الله يرحمه كان مهندس ميكانيكا اد الدنيا ..اتعلمت على ايده من وانا صغيرة حلوة كدة عندي خمس سنين ..كان دايما ياخدني معاه الورشة ..امي الله يرحمها ويبشبش الطوبة اللي تحت راسها كانت تقوله حرام عليك هاتطلعها واد بشنب ..كان يضحك ويقولها دي اللي هتبقى سندنا بعد ربنا لما نكبر ..بنت بمليون راجل.."..
..بالبداية كان ممتعض الوجه من سماعها ولكن مع مرور الوقت وسماعه لها وانجذابه لكلماتها وملامح وجهها التي تعبر عن كل كلمة تنطق بها شفتيها ..شفتيها التي اثارت انتباهه اكثر فظل متمعنا بها دون ان ينتبه لذلك ولكنه ما ان رأي دمعة تجري فوق وجنتها الناعمة والتي مسحتها مسرعة باصابعها وهي تقول بصوت حزين ..
.."..الله يرحمهم.."..
..فردد هو بدوره بعد نكزت قلبه بحزنها ..
.."..الله يرحمهم.."..
..لاحت ابتسامة حزينة فوق صفحة وجهها وهي تقول بعد ان استعاد صوتها بهجته مرة اخرى..
.."..طبعا جواك بتسال ياترى ايه اللي موديني تركيا ..صح ..قول قول ماتتكسفش .."..
..اصدر ضحكة خافتة وقال ..
.."..فعلاااااا ..وياترى ايه السبب اللي هيخلي تركيا تقيم الافراح بسبب تشريفها بقدوم سعادتك.."..
..مطت شفتيها وقالت وهي ترفع حاجبها اعتراضا على تهكمه الواضح ..وقالت بنزق ..
.."..شكلك بتتريق ..بس هعديهالك المرادي لأجل انك ابن بلدي و احنا في مشوار غربة ولازم نكون مع بعضينا..وعشان كدة هقولك ..بص ياسيدي وما ستك الا انا .."..
..نفخ بضيق اثر كلماتها اللاذعة فقالت وهي ترفع يديها ..
.."..لموأخذة لموأخذة ..بس القافية تحكم ..اسمعني بقى ..اصل حكايتي فيها شبه شوية من حكايات السيما ..
ابويا الله يرحمه من عيلة غنية اووي اووي ..بس وقع في حب امي الله يرحمها ..ولما قرر انه يتجوزها ..طبعا عيلته الابهة دي وقفت قصاده وخيرته بين العز والجاه والفلوس ..او حبيبته الفقيرة اللي محيلتهاش اللضة..ومن غير مايتردد ياباشا اختار أمي الله يرحمها وبدأ من الصفر معاها وسكنوا في حي شعبي بسيط وفتح ورشة ميكانيكا صغيرة وعاشوا مع بعض اجمل سنين عمرهم وجابوني بعد ما طلعت عينهم عشان يخلفوا ..دكاترة وعلاج اشكال والوان لغاية ماابويا قال لأمي ..خلاص يامنى انا راضي بقضاء ربنا وانتي عندي بالدنيا ..و عشان صبروا ورضيوا ربنا جزاهم فجاة كدة ياباشا امي لقت نفسها حامل فيا ..وربنا كرمهم بعد عشر سنين جواز ..شوفت كرم ربنا عظيم ازاي ياباشا.."..
..كان ابراهيم يضع قدمه فوق الاخرى.. مستندا برأسه فوق ظهر كرسيه يستمع مستمتعا لحكايتها وكأنه يستمع لحدوتة منتصف الليل ..
..استطردت قولها وهي تلوح بيدها امامها ..
.."..بعد ما توفاهم الله ..ظهرتللي فجاة ياباشا عيلة ابويا ..وإن ليا جد نفسه يشوفني بعد العمر دا كله ..بس ميقدرش يجيلي عشان صحته على اده ..بعتولي واحد ومعاه ورق وملفات..وفي مسافة يومين ياباشا كان كل حاجة جاهزة ..بس عارف انا مكنتش هعبرهم لولا وصية ابويا الله يرحمه ان لو حد منهم سال عليا مقفلش الباب في وشه .. وقد كان اهو ..واديني رايحة لما اشوف الحكاية ايه ...بس ايه ياباشا انا اشترطت عليهم ..لو الامور معجبتنيش
هرجع على طول لبيتي وورشتي ..طب واللي خلق الخلق ياباشا انا سايبة زباين ملهمش عدد ..بس كله يهون تنفيذا لوصية الميت ..مش كدة ولا ايه.."..
..ردد ابراهيم بعد ان وجد انه لامفر او مهرب من الحديث او الاستماع لها..
.."..طبعا..طبعا.."..
..ظلت تحكي طوال مدة الرحلة وظل هو يستمع لقصة حياتها منذ ان ولدت حتى الان ..الى ان همس لنفسه بالنهاية .."..انها فعلا بنت بمليون راجل زي مقال ابوها.."..
..انتهت الرحلة ولأول مرة شعر ابراهيم بمتعة السفر الحقيقية مع انه قد سافر مئات المرات قبل ذلك ..
..انتهت اجراءات الخروج من المطار فخرجت ايمان من بوابة المطار لتجد سيارة فارهة سوداء كبيرة ورجل يرتدي بدلة سوداء بازرار كبيرة لامعة وقبعة بنفس اللون رافعا بيده ورقة بيضاء عريضة مطبوع عليها اسمها ..فأسرعت ناحيته بخطواتها تجر ورائها حقيبة ملابسها ..اشارت لنفسها وقالت للسائق ..
.."..ايوة ..انا ايمان ياسطى.."..
..رفع السائق حاجبه متعجبا وهو ينظر اليها من اخمص قدميها حتى خصلات شعرها المتطاير حول كتفيها ..ولكنه اتسعت عيناه عندما لمح شخصا ما خارجا لتوه من البوابة ..
..تخطى السائق ايمان التي تقف امامه ببلاهة لا تعرف ماذا يحدث ..اسرع السائق ليقف امام ابراهيم وقال بصوت قوي ..
.."..حمد الله على السلامة ابراهيم بيه .."..
..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وقال متعجبا ..
.."..إمام ..مين اللي قالك اني جاي انهاردة ..انا مقولتش لحد .."..
..امسك السائق إمام بحقيبة ابراهيم وقال بعد ان اعتدل بوقفته امامه ..
..".. محدش قالي حاجة ..انا اتفاجئت بحضرتك قدامي ..انا هنا عشان اوصل انسة ايمان زي ما جد حضرتك امرني .."..
..اشار السائق لتلك الفتاة التي تستند بظهرها على باب السيارة ..تنظر لهما بوجه مرسوم على صفحته الكثير من علامات الاستفهام ..
..اتسعت اعين ابراهيم عندما ربط مابين ما قال السائق وبين قصة ايمان التي روتها بكافة تفاصيلها له بالطائرة ..
..لوحت ايمان بيدها لابراهيم الذي مشى بخطواته الهادئة ناحيتها وعلامات الذهول مرتسمة بملامح وجهه ..
..صاحت ايمان بصوت عال ..استرعى انتباه من حولها ..
.."..باااشا ..اتفضل تعال لو تحب نوصلك لأي مكان ..احنا ولاد بلد واحدة زي مقلتلك وفي الغربة لازم نساعد بعضينا .."..
..اغمض عينيه ليمنع ما يخيطه عقله من احداث قادمة بالطريق ..
..ركب ابراهيم السيارة دون ان ينطق بعد ان فتح السائق الباب الخلفي ..
..بنفس الوقت الذي فتحت ايمان به الباب الامامي للسيارة لتركب بالمكان المخصص جانب السائق..
..اسرع السائق بقوله ..
.."..اتفضلي ياانسة اقعدي ورا جمب ابراهيم بيه .."..
..اعتدلت ايمان بجلوسها وهي تقول ..
.."..وعلى ايه ياسطى ..اهي كلها كراسي .."..
..نظر السائق لإبراهيم منتظرا منه اي تعليمات بخصوص هذه الفتاة الغريبة الاطوار بالنسبة له ..فأشار له ابراهيم بالموافقة على ما قالته وليرضى هو الاخر ..
..بدا السائق بالقيادة ومن اول دقيقة بدات ايمان بالحديث بقولها ..
.."..الا قولي يااسطى انت تعرف الباشا اللي قاعد ورا دا ...اصلي فهمت بالحداقة كدة انكو تعرفوا بعض .."..
..نظر السائق للمرآة التي تتوسط اعلى سقف السيارة لتنعكس عليها اعين ابراهيم التي اشار له بان لا يتكلم عن اي شي ويلتزم الصمت..
امتعض وجه ايمان واصدرت صوت من بين شفتيها اعتراضا واضحا على صمت السائق..فقالت بنزق ..
.."..على راحتك.."..
..وبعد برهة من الوقت ..توقف السائق امام بوابة حديدية كبيرة تتوسط سور عالي تعلوه اوراق الشجر المكدس بزهور صغيرة ملونة بألوان متنوعة ومتناسقة بجانب بعضها ..ضرب السائق بزامور السيارة ليجد بعدها فتح البوابة على مصراعيها ..عاود السائق قيادة السيارة التي دخل بها فوق طريق مرسوم باحجاره الملونة مطبوع عليها رسومات هندسية .. وعلى جانبيه حديقة واسعة يغلب عليها اللون الاخضر من كثرة اشجارها والعشب المفترش ارضيتها..وبعد ما ان تجاوز السائق هذا الممر الطويل وقف بالسيارة على جانب درجات السلم الرخامية العريضة ..نزل السائق بخفة واضحة ليفتح الباب الخلفي لينزل ابراهيم وهو يربت فوق كتف السائق قائلا ..
.."..شكرا إمام.."....لينتفضا هما الاثنان على صوت ايمان وهي تقول بعد ان مالت براسها تتحدث معهما من خلال النافذة..
.."..يالا ياسطى ..هنتأخر ..انا عايزة ارتاح شوية من تعب السفر ..وانت ياباشا حمد الله ع السلامة."..
..تنهد ابراهيم بإستسلام والتفت ليصعد درجات السلم ..مال السائق بجذعه لينظر لها من خلال نافذة السيارة وقال ..
.."..احنا وصلنا انسة ايمان .."..
..وقبل ان يستدير ليفتح لها باب السيارة ..كانت ايمان تفتح الباب لتنزل مسرعة وتحدق بعينيها هذا البيت الكبير الذي يشبه القصر وقالت بصوت قوي ..
.."..اللهم صلي على النبي ..دا بيت جدي .."..
..ردد إمام وقال..
.."..اتفضلي ياانسة ايمان ..هما منتظرينك ..اتفضلي .."..
..نظرت ايمان للذي يقف امام البيت منتظرا اياها واضعا كفيه داخل بنطال بدلته ..صعدت درجات السلم ووقفت امامه وهي تقول ..
.."..شكلنا كدة ياباشا طلعنا قرايب ..صح ..ولا ايه العبارة..ولا انت جاي زيارة .."..
..فتحت الخادمة الباب قبل ان ينطق ابراهيم بكلمة واحدة ..فأسرع بالدخول متجها لغرفة جده..نظر وراءه ليجد تلك التي دخلت وتكاد رقبتها تلتوي من التفافها حول نفسها وهي تشاهد كل ركن من اركان البيت الواسع وما يحويه من اثاث فاخر..انتفضت بمكانها وكادت ان تتعثر عندما سمعت صوت ابراهيم وهو يصيح بها ..
.."..انتي يااااانسة...جدك في انتظارك.."..
..وضعت يدها فوق صدرها وقالت ..
.."..ايه ياعم خضتني ..طيب جاية .."..
..هرولت ناحيته بخطوات واسعة لتجد نفسها بجانبه امام باب خشبي ابيض اللون ..طرق ابراهيم الباب وبعدها قام بفتحه..دلفا الاثنان داخل الغرفة الواسعة ليقترب ابراهيم بخطوات هادئة ناحية الفراش الواسع القابع بمنتصفه رجل عجوز مغمض العينين تخترق ذراعه الواهن ابرة متصلة بخرطوم بلاستيكي ينتهي بقاروة تحوي محلول غذائي ..
..جثى ابراهيم فوق ركبتيه بعد ان مد كفه يحتضن بداخله كف جده العجوز ..همس بالقرب من وجهه..
.."..جدي ..جدي ..انت صاحي.."..
..فتح العجوز عينيه بصعوبة والتفت براسه ناحية وجه ابراهيم وقال بعد محاولته الصعبة ليرسم ابتسامة فوق شفتيه.. بصوت واهن..
.."..ابراهيم ..انت جيت ..الحمد لله اني شوفتك قبل ما ربنا يسترد امانته.."..
..ردد ابراهيم مسرعا بعد ان غطت عينيه سحابة شفافة من الدموع تكاد ان تنحدر فوق وجنتيه..
.."..حبيبي ياجدي ربنا يخليك لينا ..انت هتخف وهتقوم تاني وهترجع احسن من الاول ..انا اول معرفت حجزت وجيت على طول ..وتخيل بقى ياجدي انا مش جاي لوحدي ..جاي ومعايا هديتك اللي طلبتها .."..
..ارتجف جسد العجوز وقال بلهفة....
.."..وصلت ..حفيدتي ..وصلت ..هي فين يا ابراهيم ..فين.."....
..التفت ابراهيم برأسه لتلك التي تقف بجانب الباب وتمسح دموعها براحة يدها ..ترك ابراهيم يد جده وهب واقفا ثم اشار لإيمان ان تتقدم ناحيته وهو يقول ..
.."..تعالي ..تعالي ياايمان جدك عايز يشوفك .."..
..اقتربت ايمان بخطوات بطيئة ناحية الفراش وهي ماتزال تمسح بدموعها ..افسح ابراهيم لها المجال لتقف مكانه ..وقفت تنظر للعجوز المريض ثم قالت ..
.."..سلامو عليكو ياحج ..الف سلامة عليك..ربنا يشفيك يارب ويزيح عنك.."..
..ولأول مرة منذ ان وقع العجوز مريضا بالفراش يبتسم ابتسامة عريضة وصوت ضحكاته الخافتة لن يسمعها الا القريب جدا منه ..
..فتح راحة يده وقال بعد سكتت ضحكاته..
.."..قربي .."..
..نظرت لراحة يده ثم نظرت للواقف ورائها وكأنه هو من يدعمها بتلك المواقف ..فأشار لها ابراهيم برأسه لتستجيب لطلب العجوز..
..جثت على ركبتها ثم مدت كفها الصغير بتردد لتلتحم بيد العجوز الذي قال..
.."..انتي عارفة انا مين .."..
..لم تنطق سوى بأشارة من راسها من اسفل للأعلى ..
..ردد العجوز وقال بعد اكتسى صوته بعض القوة التي اكتسبها من رؤية حفيدته ..
.."..انا مين .."..
..فرددت مسرعة ..
.."..انت جدي ..ابو ابويا الله يرحمه.."..
..تغضنت ملامح الجد بالحزن ما ان تذكر ولده الغالي الذي لم يره حتى توفاه الله..فقال بصوت حزين ..
.."..فيكي شبه كبير من ابوكي الله يرحمه ..سامحيني يابنتي ..كنت عايز اصالح ابوكي لكن امر الله سبقني..سامحيني.."..
..ابتسمت ايمان وقالت وهي تهز راسها ..
"..مسمحاك ياجدي ..ابويا كان دايما يكلمني ويحكيلي عنك ..وهو مش زعلان منك ..بالعكس والله.."..
..تنحت دمعة للعجوز وجرت لترتكز فوق الوسادة فتمتم قائلا..
.."..الحمد لله ..رحمة الله عليه .."..
..نظر الجد يبحث بعينيه عن حفيده فقال ..
.."..ابراهيم.."..
..اقترب ابراهيم من فراش جده وقال ..
.."..نعم ياجدي.."..
..ابتسم الجد وقال بصوت جاد وهو ينتقل بعينيه بين حفيديه..
.."..انهاردة كتب كتابك انت وايمان ..الف مبروك ياولاد
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثانية 2 كاملة مكتوبة
المشهد 2
.."..مبروك ياولاد.."..
..اتسعت عين ابراهيم وفرغ فاهه ..ازدادت حدة تعجبه وانتفض عندما صاحت ايمان بفرح وهي تنظر اليه وتقول..
.."..الف الف مبروك ياباشا ..شوفت وشي حلو عليك ازاي ..فرحك في نفس اليوم اللي انا جيت فيه ..ربنا يتمملك بخير يا باشا يارب.."..
..مسح ابراهيم وجهه بعصبية وقال بغيظ من بين اسنانه ..
.."..انتي عندك عته في دماغك ..بتباركيلي على ايه.."..
..ارتسم الغضب على ملامح ايمان وقالت بضيق وغيظ ..
.."..وليه الغلط بس ياباشا ..انا غلطانة اني بباركلك على جوازك... حقك عليا ..سحبناااها.."..
..استطردت قولها ولكن هذه المرة وهي تهمس لنفسها بغيظ..
.."..اللهي تكون جوازة سودة على دماغك يابعيد."..
..صاح ابراهيم بغضب وهو يميل ناحيتها دون ان يراعي هذا العجوز الذي ينظر لهما باستمتاع شديد وشعر وكانه يستعيد قواه شيئا فشيئا..
.."..بتقولي ايه في سرك سمعيني كدة .."..
..زفرت بضيق وقالت وهي تضع كفها فوق الاخر ..وتنظر لجدها العجوز ..
.."..مقولتش حاجة .. غير إني بستغفر ربنا ..ايه دا.. هو في ايه.. ماتشوف قريبك ماله ياعم الحاج ..".
..صاح ابراهيم بها قائلا بعد ان تنهد يأسا واستسلاما..
.."..الصبر يااارب..طب انتي عارفة مين هي العروسة ..والسؤال الاهم انتي عارفة انا اقربلك ايه.."..
..رفعت حاجبيها وقالت بنزق بعد ان التوت شفتيها ..
.."..انت.. شكلك كدة تبقى واحد قريبي ..والعروسة بقى ..وانا ايش عرفني هي مين ..هو انا هنجم..وكمان انا مابشمش على ضهر ايدي حضرتك .."..
..تخصر وانزل برأسه لأسفل يحركها يمينا وشمالا.. ثم قال وهو ينظر اليها ويشير لصدره بأصبعه ..
.."..اولا..انا ابن عمك..ثانيا هو جدك مش عم الحج ..ثالثا ودا الاهم إن العروسة... تبقى حضرتك ياانسة ايمان.."..
.. مالت برأسها للأمام ..ثم رمشت عدة مرات بعينيها التي ضاقت ثم قالت بتلعثم ..
.."..بص ياباشا اولا وثانيا مفهومة.. انت جدي والحج يبقى ابن عمي ..اوكيه معنديش مانع...لكن ثالثا دي معلشي مسمعتهاش كويس ..عيدها تاني كدة.."..
..صاح بوجهها بعد ان قام بشد شعر راسه بغيظ..
.."..ايييه اللي انتي بتقوليه دا.. انا اللي ابن عمك والحج ..قصدي جدي يبقى جدك..فهمتي.."..
..اقتربت منه وصاحت بدورها بغضب..
.."..نسيبنا بقى من الموضوع الاساسي عشان نشوف مين قريب مين ..ياسيد يامحترم جاوبني مين العروسة.."..
..اقترب منها ومال برأسه هو الاخر حتى اصبح لا يفصل بين وجهيهما الا انشات قليلة وقال بصوت هادئ حاد..
.."..انتي العروسة ياهانم.."..
..عاودت رمش عينيها عدة مرات وهي تنتقل بنظرها بين الجد وإبن العم..رفعت يدها تلوح لهما ثم قالت وهي تخطو ناحية الباب..
.."..سلامو عليكو.."...
..اسرع ابراهيم وامسك بمرفقها يدفعها ناحيته وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..تعالي هنا رايحة فين .."..
..نظرت ليده وانزلتها ببطئ وهي تقول محذرة اياه ..
.."..لأ ..لأ ..ياباشا ..اوعى تتهور لحسن في الاخر تتعور ..مش الاسطى ايمان اللي حد.. مين كان يكون يمسكها كدة ..اه لموأخذة ..انا هعديهالك المرادي بس عشان صلة الدم اللي بينا ..لكن المرة الجاية ياريت تفكر وتراجع افكارك قبل ماتكررها ..مفهوم ياأمور..."..
..كان ينظر ابراهيم اليها وكأنه بعالم اخر ..يؤكد لنفسه انها المرة الاولى بحياته التي يرى بها امراة بهذه النوعية ..تلجم لسانه امامها ..هو الذي عرف الكثير من الفتيات يقف متسمرا عاجز اللسان امام من ..عروس المستقبل..
..كان الصمت سيد الموقف حتى صاح العجوز بصوت ضعيف ..رافعا ذراعه لأعلى..
.."..ايمان.."..
..التفتت ايمان ..زفرت بخفوت وهي تستغفر ربها..اتجهت الى جدها ..ثم جثت فوق ركبتيها وامسكت بيده وهي تقول بصوت هادئ ولكن بملامح جامدة..
.."..نعم ياجدي..افندم.."..
..ضغط الجد على كفها الصغير وهو يقول بإستسلام ..
.."..عايزة تمشي ياايمان ..عايزة تسيبي جدك اللي خلاص قرب يقابل وجه كريم ..جدك اللي عانى وتعب عشان يلاقيكي ويضمك لحضنه ..يشم ريحة ابنه فيكي ..دا انتي بنت الغالي ياايمان ..هان عليكي جدك بالسرعة دي.."..
..رمشت ايمان محاولة منها لعدم الاستسلام والضعف ..فأسرعت بقولها..
.."..لا طبعا ياجدي..بس ..اصل اللي حضرتك قولته ..يعني ..ماينفعش خالص سعادتك..جواز ايه بس ..ومبروك ايه..انا لقيت نفسي فجاة ومن اول خمس دقايق في البيت دا عروسة ..ولمين ...لده..كتير كدة بصراحة ...لا ..دا كتير اوي.."..
..اقترب ابراهيم وبعينين تطق شرار..اشار اليها بسبابته وصاح غاضبا..
.."..انتي..هذبي من الفاظك هو ايه اللي لده..انتي تطولي ياهانم..تطولي اني من الاساس اوافق اتجوزك.."..
..مالت ايمان بوجهها امام وجه العجوز وهمست ..
.."..شوفت ياجدي ..شوفت ..دا مينفعش ..دا واحد عنده ثقب بشخصيته ..مينفعش ياجدي مينفعش.."..
..ضحك جدها وهو يتمعن بملامح حفيدته ..حفيدته التي ملكت قلبه من اللحظة الاولى ..صاح قائلا بصوت ضعيف..
.."..ابراهيم..قرب يابني.."..
..وعلى مضض اقترب ابراهيم ..فأستطرد العجوز قوله..
.."..اسمعوني كويس انتو الاتنين ..قرار جوازكوا ..قرار نهائي مافيش رجعة فيه..عارف ان القرار صدمة ليكو انتو الاتنين ..لكن بترجاكوا تصبروا وتسمعوا كلامي ..انتو عارفين اصلا يعني ايه اني اترجاكوا..."..
..اسرع ابراهيم بقوله ..
.."..العفو ياجدي..حضرتك تؤمر واحنا ننفذ ..لكن ..لكن ياجدي.."..
..اجابه العجوز بنفس نبرة صوته الخافتة الواهنة..
.."..هتفهم كل حاجة بعدين يابني ..لو مت ..في وصية هتعرفوا منها انا ليه مصمم ان جوازكوا يكون انهاردة قبل بكرة..اما اذا ربنا مد في عمري شوية كمان .انا بنفسي هقول انا ليه امرت بكدة..بس مش دلوقتي بعدين ..ها..وانتي ياايمان هترفضي تنفذي وصية جدك الاخيرة.."..
..وكعادتها ترمش بعينيها عدة مرات فور ان تتعرض لموقف محرج او صعب.. ازدردت ريقها بصعوبة ثم بتردد واضح للعيان ..هزت راسها بالنفي وهمست .."..امرك ياجدي.." ..
..ارتسمت الابتسامة فوق شفتي العجوز الذي شعر براحة كبيرة تفترش قلبه ..شد بقبضته كفها الصغير وقال..
.."..الف مبروك ياولاد ..المحامي جاي انهاردة بالليل لاستكمال الاجراءات..وبكرة ان شاء الله حفلة كتب الكتاب .."..
..نظر العجوز لابراهيم ممتنا وقال..
.."..خد عروستك لأوضتها ..واوعى تسيبها ..هي متعرفش حد غيرك هنا يا ابراهيم ..مفهوم يابني .."..
..حاول ابراهيم رسم ملامح الرضا فوق صفحة وجهه ولكنه فشل وبشق الانفس خرج صوته قائلا..
.."..مفهوم ياجدي ..مفهوم..."..
..نظر ابراهيم لإيمان وقال..
.."..اتفضلي معايا .."..
..بداخلها عرفت بأن دنيتها انقلبت مائة وثمانين درجة ..حاولت ان تستعب مايحدث ..فقررت الاعتراض وليحدث مايحدث ..ولكن قطع عنها ماكادت ان تفعله عند دخول الممرضة للغرفة وهي تقول باللغة التركية ..
.."..Üzgünüm, enjeksiyon zamanı.."..
..( ..عذرا..حان وقت الحقنة..)..
..هز ابراهيم راسه متفهما وقال..
.."..Tabii, devam et.."..
.. ( بالطبع..تفضلي ) .."..
..اشار ابراهيم لإيمان بأن تنهض من مكانها..استجابت له طواعية بعد ان فهمت مايدور حولها ومن الحقنة التي تمسكها الممرضة..
..خرجت ايمان من الغرفة وهي تزفر بضيق قائلة ..
.."..دا ايه الورطة المهببة دي .."..
..سمعت صوت من خلفها يقول ..
.."..هي فعلا مهببة.."..
..استدارت ايمان له قائلة بغيظ ..
.."..بقولك ايه ياحضرت انت..شغل الافلام العربي القديمة دا ماينفعش معايا ..انت لازم تشوف حل للورطة المنيلة دي.."..
..وضع ابراهيم كفيه داخل جيوب بنطاله وقال وهو يتعداها ناظرا امامه..
.."..انا زيك بالظبط ياانسة متورط ..لكن اظن انك وافقتي على كل اللي قاله جدك..واظن ان من الافضل نسمع كلامه لغاية ماتوضح كل الامور.."..
..استدار ووقف بقبالتها وقال..
.."..ودلوقتي اتفضلي معايا .."..
..تنهدت بيأس واضح امامه ..ومشت بجانبه باتجاه السلم الذي رفعت راسها لأعلى بعد ان وصل لأذنيها صوت اقدام تضرب درجات السلم نزولا باتجاههما..
..وجدت فتاة نحيفة شقراء ترتدي شورت جينز وبلوزة تخفي صدرها وتظهر بطنها وكتفيها بوضوح وبشكل سافر..
..رفعت ايمان حاجبها الايمن وامسكت بذراع ابراهيم تهمس من بين اسنانها ..
.."..ومين المزة دي اللي لابسة من غير هدوم لموأخذة.."..
..نفض ابراهيم ذراعه من بين براثن اصابع كف ايمان الصغير ..وهمس بدوره..
.."..ياريت تسمعيني سكاتك.."..
..نزلت نيرمين بسرعة فوق درجات السلم ..ثم رمت بنفسها بحضن ابراهيم وهي تقول باللغة التركية..
.."..Seni çok özledim sevgilim.."..
..( افتقدك كثيرا حبيبي )..
..نزع ابراهيم ذراعي نيرمين عن عنقه بعد ان امتعض وجهه وقال بنزق..
.."..Yüzlerce kez Nermin sana ne yaptığını doğru olmadığını söyledim.."..
..( قلت لك نيرمين للمرة المائة لا يصح ماتفعلينه )..
..صفقت ايمان بكلتا يديها وقالت بغيظ ..
.."..لا معلش ..انا مش قرطاس جوافة في القعدة..ماتتكلموا زي مخاليق ربنا .."..
..رد ابراهيم بتأفف..
.."..وطي صوتك..دي نيرمين بنت عمك سمير ..مامتها اصلي هانم.. تركية .."..
..نظرت نيرمين باستعلاء لإيمان من اسفل لأعلى..وقالت بتساؤل ..
.."..مين دي ابراهيم .."..
..مالت شفتي ايمان جانبا بعد ان تخصرت واسرعت بقولها بنبرة ساخرة وهي تهتز بكتفيها قبل ان ينطق ابراهيم ..
.."..محسوبتك تبقى ايمان..بنت عمك احمد..وخطيبة المعدول اللي اتشلعقتي برقبته من شوية ..عرفتي انا مين ياختي..ولا اعيدلك من الاول..عشان باين كدة الفهم عندك صعب.."..
..اتسعت عين نرمين وفرغ فاهها من الصدمة الكبرى..وقبل ان تحاول جمع شتاتها التي بعثرته تلك الكائنة الغريبة.. علا صوت امراة تقف بمنتصف الصالة تقول..
.."..ايه اللي بيحصل هنا بالظبط.."..
.."..مبروك ياولاد.."..
..اتسعت عين ابراهيم وفرغ فاهه ..ازدادت حدة تعجبه وانتفض عندما صاحت ايمان بفرح وهي تنظر اليه وتقول..
.."..الف الف مبروك ياباشا ..شوفت وشي حلو عليك ازاي ..فرحك في نفس اليوم اللي انا جيت فيه ..ربنا يتمملك بخير يا باشا يارب.."..
..مسح ابراهيم وجهه بعصبية وقال بغيظ من بين اسنانه ..
.."..انتي عندك عته في دماغك ..بتباركيلي على ايه.."..
..ارتسم الغضب على ملامح ايمان وقالت بضيق وغيظ ..
.."..وليه الغلط بس ياباشا ..انا غلطانة اني بباركلك على جوازك... حقك عليا ..سحبناااها.."..
..استطردت قولها ولكن هذه المرة وهي تهمس لنفسها بغيظ..
.."..اللهي تكون جوازة سودة على دماغك يابعيد."..
..صاح ابراهيم بغضب وهو يميل ناحيتها دون ان يراعي هذا العجوز الذي ينظر لهما باستمتاع شديد وشعر وكانه يستعيد قواه شيئا فشيئا..
.."..بتقولي ايه في سرك سمعيني كدة .."..
..زفرت بضيق وقالت وهي تضع كفها فوق الاخر ..وتنظر لجدها العجوز ..
.."..مقولتش حاجة .. غير إني بستغفر ربنا ..ايه دا.. هو في ايه.. ماتشوف قريبك ماله ياعم الحاج ..".
..صاح ابراهيم بها قائلا بعد ان تنهد يأسا واستسلاما..
.."..الصبر يااارب..طب انتي عارفة مين هي العروسة ..والسؤال الاهم انتي عارفة انا اقربلك ايه.."..
..رفعت حاجبيها وقالت بنزق بعد ان التوت شفتيها ..
.."..انت.. شكلك كدة تبقى واحد قريبي ..والعروسة بقى ..وانا ايش عرفني هي مين ..هو انا هنجم..وكمان انا مابشمش على ضهر ايدي حضرتك .."..
..تخصر وانزل برأسه لأسفل يحركها يمينا وشمالا.. ثم قال وهو ينظر اليها ويشير لصدره بأصبعه ..
.."..اولا..انا ابن عمك..ثانيا هو جدك مش عم الحج ..ثالثا ودا الاهم إن العروسة... تبقى حضرتك ياانسة ايمان.."..
.. مالت برأسها للأمام ..ثم رمشت عدة مرات بعينيها التي ضاقت ثم قالت بتلعثم ..
.."..بص ياباشا اولا وثانيا مفهومة.. انت جدي والحج يبقى ابن عمي ..اوكيه معنديش مانع...لكن ثالثا دي معلشي مسمعتهاش كويس ..عيدها تاني كدة.."..
..صاح بوجهها بعد ان قام بشد شعر راسه بغيظ..
.."..ايييه اللي انتي بتقوليه دا.. انا اللي ابن عمك والحج ..قصدي جدي يبقى جدك..فهمتي.."..
..اقتربت منه وصاحت بدورها بغضب..
.."..نسيبنا بقى من الموضوع الاساسي عشان نشوف مين قريب مين ..ياسيد يامحترم جاوبني مين العروسة.."..
..اقترب منها ومال برأسه هو الاخر حتى اصبح لا يفصل بين وجهيهما الا انشات قليلة وقال بصوت هادئ حاد..
.."..انتي العروسة ياهانم.."..
..عاودت رمش عينيها عدة مرات وهي تنتقل بنظرها بين الجد وإبن العم..رفعت يدها تلوح لهما ثم قالت وهي تخطو ناحية الباب..
.."..سلامو عليكو.."...
..اسرع ابراهيم وامسك بمرفقها يدفعها ناحيته وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..تعالي هنا رايحة فين .."..
..نظرت ليده وانزلتها ببطئ وهي تقول محذرة اياه ..
.."..لأ ..لأ ..ياباشا ..اوعى تتهور لحسن في الاخر تتعور ..مش الاسطى ايمان اللي حد.. مين كان يكون يمسكها كدة ..اه لموأخذة ..انا هعديهالك المرادي بس عشان صلة الدم اللي بينا ..لكن المرة الجاية ياريت تفكر وتراجع افكارك قبل ماتكررها ..مفهوم ياأمور..."..
..كان ينظر ابراهيم اليها وكأنه بعالم اخر ..يؤكد لنفسه انها المرة الاولى بحياته التي يرى بها امراة بهذه النوعية ..تلجم لسانه امامها ..هو الذي عرف الكثير من الفتيات يقف متسمرا عاجز اللسان امام من ..عروس المستقبل..
..كان الصمت سيد الموقف حتى صاح العجوز بصوت ضعيف ..رافعا ذراعه لأعلى..
.."..ايمان.."..
..التفتت ايمان ..زفرت بخفوت وهي تستغفر ربها..اتجهت الى جدها ..ثم جثت فوق ركبتيها وامسكت بيده وهي تقول بصوت هادئ ولكن بملامح جامدة..
.."..نعم ياجدي..افندم.."..
..ضغط الجد على كفها الصغير وهو يقول بإستسلام ..
.."..عايزة تمشي ياايمان ..عايزة تسيبي جدك اللي خلاص قرب يقابل وجه كريم ..جدك اللي عانى وتعب عشان يلاقيكي ويضمك لحضنه ..يشم ريحة ابنه فيكي ..دا انتي بنت الغالي ياايمان ..هان عليكي جدك بالسرعة دي.."..
..رمشت ايمان محاولة منها لعدم الاستسلام والضعف ..فأسرعت بقولها..
.."..لا طبعا ياجدي..بس ..اصل اللي حضرتك قولته ..يعني ..ماينفعش خالص سعادتك..جواز ايه بس ..ومبروك ايه..انا لقيت نفسي فجاة ومن اول خمس دقايق في البيت دا عروسة ..ولمين ...لده..كتير كدة بصراحة ...لا ..دا كتير اوي.."..
..اقترب ابراهيم وبعينين تطق شرار..اشار اليها بسبابته وصاح غاضبا..
.."..انتي..هذبي من الفاظك هو ايه اللي لده..انتي تطولي ياهانم..تطولي اني من الاساس اوافق اتجوزك.."..
..مالت ايمان بوجهها امام وجه العجوز وهمست ..
.."..شوفت ياجدي ..شوفت ..دا مينفعش ..دا واحد عنده ثقب بشخصيته ..مينفعش ياجدي مينفعش.."..
..ضحك جدها وهو يتمعن بملامح حفيدته ..حفيدته التي ملكت قلبه من اللحظة الاولى ..صاح قائلا بصوت ضعيف..
.."..ابراهيم..قرب يابني.."..
..وعلى مضض اقترب ابراهيم ..فأستطرد العجوز قوله..
.."..اسمعوني كويس انتو الاتنين ..قرار جوازكوا ..قرار نهائي مافيش رجعة فيه..عارف ان القرار صدمة ليكو انتو الاتنين ..لكن بترجاكوا تصبروا وتسمعوا كلامي ..انتو عارفين اصلا يعني ايه اني اترجاكوا..."..
..اسرع ابراهيم بقوله ..
.."..العفو ياجدي..حضرتك تؤمر واحنا ننفذ ..لكن ..لكن ياجدي.."..
..اجابه العجوز بنفس نبرة صوته الخافتة الواهنة..
.."..هتفهم كل حاجة بعدين يابني ..لو مت ..في وصية هتعرفوا منها انا ليه مصمم ان جوازكوا يكون انهاردة قبل بكرة..اما اذا ربنا مد في عمري شوية كمان .انا بنفسي هقول انا ليه امرت بكدة..بس مش دلوقتي بعدين ..ها..وانتي ياايمان هترفضي تنفذي وصية جدك الاخيرة.."..
..وكعادتها ترمش بعينيها عدة مرات فور ان تتعرض لموقف محرج او صعب.. ازدردت ريقها بصعوبة ثم بتردد واضح للعيان ..هزت راسها بالنفي وهمست .."..امرك ياجدي.." ..
..ارتسمت الابتسامة فوق شفتي العجوز الذي شعر براحة كبيرة تفترش قلبه ..شد بقبضته كفها الصغير وقال..
.."..الف مبروك ياولاد ..المحامي جاي انهاردة بالليل لاستكمال الاجراءات..وبكرة ان شاء الله حفلة كتب الكتاب .."..
..نظر العجوز لابراهيم ممتنا وقال..
.."..خد عروستك لأوضتها ..واوعى تسيبها ..هي متعرفش حد غيرك هنا يا ابراهيم ..مفهوم يابني .."..
..حاول ابراهيم رسم ملامح الرضا فوق صفحة وجهه ولكنه فشل وبشق الانفس خرج صوته قائلا..
.."..مفهوم ياجدي ..مفهوم..."..
..نظر ابراهيم لإيمان وقال..
.."..اتفضلي معايا .."..
..بداخلها عرفت بأن دنيتها انقلبت مائة وثمانين درجة ..حاولت ان تستعب مايحدث ..فقررت الاعتراض وليحدث مايحدث ..ولكن قطع عنها ماكادت ان تفعله عند دخول الممرضة للغرفة وهي تقول باللغة التركية ..
.."..Üzgünüm, enjeksiyon zamanı.."..
..( ..عذرا..حان وقت الحقنة..)..
..هز ابراهيم راسه متفهما وقال..
.."..Tabii, devam et.."..
.. ( بالطبع..تفضلي ) .."..
..اشار ابراهيم لإيمان بأن تنهض من مكانها..استجابت له طواعية بعد ان فهمت مايدور حولها ومن الحقنة التي تمسكها الممرضة..
..خرجت ايمان من الغرفة وهي تزفر بضيق قائلة ..
.."..دا ايه الورطة المهببة دي .."..
..سمعت صوت من خلفها يقول ..
.."..هي فعلا مهببة.."..
..استدارت ايمان له قائلة بغيظ ..
.."..بقولك ايه ياحضرت انت..شغل الافلام العربي القديمة دا ماينفعش معايا ..انت لازم تشوف حل للورطة المنيلة دي.."..
..وضع ابراهيم كفيه داخل جيوب بنطاله وقال وهو يتعداها ناظرا امامه..
.."..انا زيك بالظبط ياانسة متورط ..لكن اظن انك وافقتي على كل اللي قاله جدك..واظن ان من الافضل نسمع كلامه لغاية ماتوضح كل الامور.."..
..استدار ووقف بقبالتها وقال..
.."..ودلوقتي اتفضلي معايا .."..
..تنهدت بيأس واضح امامه ..ومشت بجانبه باتجاه السلم الذي رفعت راسها لأعلى بعد ان وصل لأذنيها صوت اقدام تضرب درجات السلم نزولا باتجاههما..
..وجدت فتاة نحيفة شقراء ترتدي شورت جينز وبلوزة تخفي صدرها وتظهر بطنها وكتفيها بوضوح وبشكل سافر..
..رفعت ايمان حاجبها الايمن وامسكت بذراع ابراهيم تهمس من بين اسنانها ..
.."..ومين المزة دي اللي لابسة من غير هدوم لموأخذة.."..
..نفض ابراهيم ذراعه من بين براثن اصابع كف ايمان الصغير ..وهمس بدوره..
.."..ياريت تسمعيني سكاتك.."..
..نزلت نيرمين بسرعة فوق درجات السلم ..ثم رمت بنفسها بحضن ابراهيم وهي تقول باللغة التركية..
.."..Seni çok özledim sevgilim.."..
..( افتقدك كثيرا حبيبي )..
..نزع ابراهيم ذراعي نيرمين عن عنقه بعد ان امتعض وجهه وقال بنزق..
.."..Yüzlerce kez Nermin sana ne yaptığını doğru olmadığını söyledim.."..
..( قلت لك نيرمين للمرة المائة لا يصح ماتفعلينه )..
..صفقت ايمان بكلتا يديها وقالت بغيظ ..
.."..لا معلش ..انا مش قرطاس جوافة في القعدة..ماتتكلموا زي مخاليق ربنا .."..
..رد ابراهيم بتأفف..
.."..وطي صوتك..دي نيرمين بنت عمك سمير ..مامتها اصلي هانم.. تركية .."..
..نظرت نيرمين باستعلاء لإيمان من اسفل لأعلى..وقالت بتساؤل ..
.."..مين دي ابراهيم .."..
..مالت شفتي ايمان جانبا بعد ان تخصرت واسرعت بقولها بنبرة ساخرة وهي تهتز بكتفيها قبل ان ينطق ابراهيم ..
.."..محسوبتك تبقى ايمان..بنت عمك احمد..وخطيبة المعدول اللي اتشلعقتي برقبته من شوية ..عرفتي انا مين ياختي..ولا اعيدلك من الاول..عشان باين كدة الفهم عندك صعب.."..
..اتسعت عين نرمين وفرغ فاهها من الصدمة الكبرى..وقبل ان تحاول جمع شتاتها التي بعثرته تلك الكائنة الغريبة.. علا صوت امراة تقف بمنتصف الصالة تقول..
.."..ايه اللي بيحصل هنا بالظبط.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثالثة 3 كاملة مكتوبة
المشهد 3
..استدار جميعهم ليجدوا سيدة تقف بمنتصف الصالة الواسعة.. يبدو ان عمرها قد تخطى الاربعون بقليل ..تقف بوقار وهيبة ولكن تبدو الطيبة بملامح وجهها والتي تحاول بشق الانفس ان تستبدلها بملامح الجمود والقوة ..ولكنها فشلت ببراعة ..
..تقدم ابراهيم ناحيتها ..مال بجذعه يقبل ظهر كفها وهو يقول .."..ازيك ياعمتي..انا لسة واصل من شوية ..كنت هغير هدومي واجيلك اوضة حضرتك.."..
..ربتت العمة زهرة فوق كتف ابراهيم ولكن عينيها كانتا لا تحيدان عن تلك الواقفة بعيدا تنظر لها بتوجس وحرص..قالت زهرة..
.."..حمدالله ع السلامة يابني .."..
..رفعت زهرة يدها تشير بها ناحية ايمان وقالت ..
.."..انتي ..تعالي.."..
..التفتت ايمان يمينا وشمالا براسها ثم اشارت لنفسها بااصبعها وهي تقول متسائلة..
.."..انا ياحجة .."..
..نظرت زهرة لإبن اخيها ابراهيم بعد ان رفعت حاجبيها وهي تقول متعجبة ..
.."..حجة.."..
..اخفض ابراهيم رأسه وقال بيأس وبصوت خافت..
.."..البيت كله ياعمتي بقى حجاج.. رجالة وستات .."..
..عاودت زهرة النظر لإيمان وقالت وهي تهز رأسها بالايجاب..
.."..ايوة انتي ..تعالي.."..
..تنهدت إيمان وهمست بداخلها ..
.."..هو يوم باين من اوله ..لما نشوف الحجة راخرة عايزة تجوزني لمين المرادي.."..
..اقتربت ايمان من عمتها زهرة بتوجس واضح وخطوات محسوبة ..حتى وقفت بقبالتها ..ارتسمت الابتسامة فوق شفتي زهرة وهي تقول بحنو ..
.."..انتي ايمان بنت احمد اخويا الله يرحمه ..صح.."..
..وبدون ان تدري ارتسمت فوق شفتي إيمان ابتسامة حزينة وهي تهز راسها بالايجاب .. ثم تفاجئت حين وجدت نفسها مغموسة داخل حضن عمتها وشعرت بوجنتيها مبللة اثر دمعات عمتها التي قالت بصوت باك حزين ..
.."..حبيبتي.. فيكي شبه كبير من احمد ..وكأني بحضنه هو ..حمدالله ع السلامة حبيبتي ..واهلا بيكي وسط اهلك.."..
رفعت ايمان ذراعيها لتحتضن عمتها بقوة ..فقد اشتاقت لمثل هذا الدفء والحنان منذ وفاة والدتها ..
واثناء ذلك كانت اصلي هانم تنزل درجات السلم وهي تنظر لتلك الصغيرة القابعة بحضن زهرة .. زهرة عدوتها اللدودة داخل العائلة والبيت..وقفت بنهاية السلم تحاوط كتف ابنتها المصدومة بذراعها وقالت بالتركية..
Güvenliğiniz için Tanrıya şükürler olsun Ibrahim
..( حمدآ لله على سلامتك ابراهيم )..
..رفعت زهرة رأسها وحاوطت ايمان بذراعها جانبا دون ان تبعدها عنها وقالت بنبرة يملؤها الثقة والقوة..
.."..اتكلمي عربي يااصلي ..العربي اللي بتتكلميه احسن من اي حد بالبيت ..ولا نسيتي تحذير حماكي .."..
..تنحنحت اصلي ورسمت ابتسامة زائفة فوق شفتيها وقالت ..
.."..لا طبعا منسيتش يازهرة ..بس لغة بلدي دايما بتطغى عليا ..اعمل ايه..مش هتعرفيني يازهرة ..مين البنت دي اللي وخداها في حضنك وكانك تعرفيها من زمان.."..
..نظرت زهرة لإيمان بحب وقالت بسعادة ..
.."..انا فعلا اعرفها من زمان ..اعرفها حتى من قبل ماتتولد ..الأنسة الجميلة دي ..تبقى ايمان ..ايمان بنت احمد اخويا الله يرحمه..ااعرفك ياايمان ..اصلي هانم مرات عمك سمير ..سلمي عليها .."..
..ارتسمت ملامح الغضب والحقد فوق صفحة وجه اصلي وهي تهمس بذهول .."..بنت احمد.."..
..اقتربت ايمان من اصلي وهي تعاود الزفر بضيق هامسة لنفسها .."..الاسامي خلصت من البلد مافيش غير عصري دي ..وكمان هو انا هفضل اتمشور بالبيت دا اسلم عالرايح والجاي كدة.."..
..مدت ايمان يدها بالسلام لأصلي وهي تقول بود ..
.."..اهلا ياحجة ازيك كدة وازي صحتك .."..
..اشارت اصلي بنفور لنفسها وهي تقول بغيظ..
.."....ايه ..حجة ..انا حجة .."..
..وضعت ايمان بيدها جانبا وصاحت بصوت عال بعد ان فاض بها الكيل..
.."..طب قولي يارب اكتبهالي..هي كلمة حجة وحشة ..ياستي يارب ابقى انا حجة...دا ايه الهم دا.."..
..فتراجعت اصلي وابنتها خطوتين للوراء بذهول..كتمت زهرة ضحكتها بصعوبة.. فنادت للدادة..
.."..دادة فاطمة.."..
..هرعت دادة فاطمة التي خرجت من المطبخ باتجاه زهرة قائلة..
.."..افندم..زهرة هانم.."..
..اشارت لايمان بيدها وقالت ..
.."..خدي ايمان لأوضتها يادادة وخليكي معاها لو طلبت اي حاجة .."..
..اسرعت فاطمة تحمل حقيبة ايمان وقالت وهي تقف وتشير للسلم امامها ..
.."..اتفضلي ياانسة ايمان .."..
..اسرعت ايمان بحمل الحقيبة بعد ان نزعتها من يد فاطمة وهي تقول ..
.."..عليا النعمة ما ينفع..اتفضلي انتي ياحجة قدامي وانا هطلع وراكي ..دليني انتي بس الاوضة فين.."..
..شهقت فاطمة والتفتت ناحية زهرة تنظر اليها بحيرة واضحة ..صاحت زهرة بصوت عال ..
.."..ايمان ..ادي الشنطة لدادة فاطمة واطلعي قدامها .."..
..عاودت فاطمة لتميل وتأخذ الحقيبة من يد ايمان التي تراجعت بيدها للوراء وصاحت مستنفرة ..
.."..والمصحف ماينفع ..بقى اخلي الست الكبيرة تشيل وانا اطلع قدامها طرزان كدة .."..
..تنهدت زهرة وقالت باستسلام ..
.."..اطلعوا انتو الاتنين وخلصوني.."..
..تقدم ابراهيم اليهما حاملا حقيبته ..وقال بضيق ..
."..هاتي الشنطة ..وانتو الاتنين اطلعوا قدامي ..يالا..".
..مدت ايمان يدها بالحقيبة لإبراهيم وهي تقول بحماس ..
.."..اتفضل ياباشا.."..
..استطردت قولها وهي تنظر لفاطمة..
.."..شوفتي بقى ياقمر مجدعة الرجالة اللي بتبان في الوقت الصح.."..
..ثم التفتت بعينيها للجميع والذي كان متسع الاعين بتعجب وصدمة واضحة.. وقالت وهي تلوح بيدها ..
.."..اقول سلام للحلوين ..نصاية بس اريح وانزل تاني.."..
..استطردت قولها وهي تشير لعمتها قائلة بصوت عال..
.."..ياريت ياعمتي يعني لو اي تصبيرة كدة لغاية الغدا مايجهز ..انشالله حتى شندويتش جبنة بالخيار.. وجمبه كوباية شاي هيبقى ميت فل وسبعاتشر.."..
..صعدتا الاثنتان امام ابراهيم الذي كان بهز رأسه غير مستعب لما يحدث ..وان تلك العروس الميكانيكي ..عروس من ..عروسه هو ..
..كانت فاطمة تصعد السلم بخطوات متعثرة تلتفت حول نفسها..ثم اسرعت بخطواتها بالممر المؤدي لغرفة ايمان ..فتحت الباب ودعت ايمان للدخول وهي تقول ..
.."..اتفضلي ياانسة ايمان .."..
..رمى ابراهيم بالحقيبة امام الغرفة ومشى..وقبل ان يصل لغرفته وصل لاذنيه صوت ايمان وهي تصيح قائلة ..
.."..توشكر ياباشا.."..
..رفع رأسه لأعلى وهو يقول باستسلام ..
.."..الصبر يارب..".
..دلفت ايمان للغرفة ثم وضعت الحقيبة بجانبها ارضا ..وما ان استقامت ..اتسعت عينيها وفرغ فاهها وهي تلتفت حول نفسها تنظر للغرفة الواسعة باثاثها الفاخر قائلة ..
.."..يااا دين النبي..كل دي اوضة...دي اكبر من شقتي والورشة مع بعض.."..
..تنحنحت فاطمة وقالت ..
.."..حضرتك على ماتاخدي حمامك ..اكون رتبت هدوم حضرتك بالدولاب ..او تؤمري بحاجة تانية انسة ايمان.."..
..وقفت ايمان وقالت وهي تربت فوق صدرها..
.."..الامر لله ..متشكرة ياحجة ..ولا بلاش ياحجة ..لحسن ستات البيت بيزعلوا من الكلمة دي.."..
..ابتسمت فاطمة وقالت بهدوء..
.."..قوليلي ..دادة فاطمة .."..
..هزت ايمان رأسها وقالت باسمة..
.."..متشكرين يا حجة فاطمة..معلش اصل كلمة دادة دي تقيلة شوية ..بس وعد مني هحاول...وكمان مالوش لازمة تتعبي نفسك ..انا هوضب الهدوم جوة الدولاب .."..
..تنحنحت فاطمة ..وقالت باسمة الوجه ..
.."..انسة ايمان ..لو سمحتي ..انا بشتغل هنا ..واللي قولته دا طبيعة شغلي ..ان اخلي بالي من حضرتك وطلباتك واساعدك .."..
..ذمت ايمان شفتيها وقالت بعد ان تنهدت ..
.."..بصي ياقمر..عشان نبقى على نور من اولها ..انا غير العالم اللي تحت دول ..انا لا هانم ولا حضرتي ..وانا وانتي ياست فاطمة زي بعض ..بنجري على اكل عيشنا..فخلينا نتعامل عادي مع بعضينا..انا اقولك ياحجة فاطمة وانتي تناديني ياايمان .."..
..رمشت فاطمة وفركت يدها قائلة بتلعثم..
.."..لكن ..ما....ماينفعش......"...
..اقتربت منها ايمان بابتسامة واسعة وقالت وهي تمسك يدها ..
.."..خلاص ..من غير ما تقلقي..بصي من الاخر ..انا لو احتاجت حاجة هقول بصوت عالي ...يااااحجة فاطمة.. الحقيني...حلو كدة..".
..هزت فاطمة رأسها بالايجاب ..و علامات الرضا تظهر بملامح وجهها الباسمة...
..وبعد برهة من الوقت..
..كان ابراهيم يغدو بغرفة عمته ذهابا وايابا بعصبية واضحة وهو يقول مستنكرا..
.."..يعني ياعمتي كنتي عارفة ان ليا بنت عم مش عارفين مكانها ..وانكوا اول مالاقيتوها قررتوا تجيبوها هنا وكماااان تجوزهالي .."..
..كانت زهرة لا تحيد بعينيها عن ابن اخيها الذي كان يفور كبركان غاضب يكاد ان يدمر كل من حوله..وقالت وهي تضع قدمها فوق الاخرى..
.."..طبعا كنت عارفة ..تفتكر بردو ان جدك يخبي عني حاجة زي كدة ..وكمان انت زعلان اننا اخيرا لقينا بنت عمك أحمد الله يرحمه ..".
..وقف ابراهيم متسمرا امام عمته وقال بهدوء مرغما عليه..
.."..ياعمتي انا معنديش مشكلة اننا نلاقيها وتيجي تعيش معانا ..انا مشكلتي الاكبر والاصعب هي ان جدي مصمم يجوزهالي ...ازااااي بس ..انتي مشوفتيهاش عاملة ازاي...دي عبارة عن كارثة متحركة .."..
..اجابته زهرة باقتضاب وبملامح وجه جامدة..
.."..جدك وأكيد عارف مصلحتك .."..
..وقفت واتجهت ناحية مرآة زينتها ترتب خصلات شعرها الذي تخضب بعضا منه باللون الابيض ..وقالت بهدوء أعصاب تحسد عليه..
..".. أهو جدك عندك تحت انزل كلمه ..يمكن تقدر تخليه يغير قراره...ولو اني معتقدش ..بس اهي محاولة ..اتفضل .."..
..صاح ابراهيم غاضبا وهو يتجه للباب ..
.."..طبعا هنزل اكلمه .."..
..همست زهرة لنفسها .."..حبيبي يا ابراهيم ...مافيش مفر ..هتتجوزها يعني هتتجوزها.."..
***
..كانت ايمان تزفر ضيقا وهي تجلس فوق الفراش بعد اغتسالها واستبدال ملابسها ..فقالت وهي تتحدث مع نفسها بحسرة..
.."..محدش عبرني بالقمة عيش حاف حتى ..".
..مدت يدها لهاتفها تحاول مرة اخرى الاتصال بجارتها وصديقتها الوحيدة لوزة..ولكن بدون فائدة ..فقررت الخروج من الغرفة لتجد من يساعدها سواء لملأ معدتها الفارغة ..او لمساعدتها بالاتصال بصديقتها..
..نزلت درجات السلم فوجدت ابراهيم متجها ناحية غرفة جده ..فنادت بصوت عال ..
.."..ياباااشا.."..
..اخفض رأسه بإستسلام وهو يتنهد بيأس واضح ..استدار لها واجابها بضيق ..
.."..نعم..افندم.."..
..اتجهت ناحيته بعد ان ضحكت ضحكة خافتة ثم قالت وهي تحييه بيدها كتحية ضباط الشرطة..
.."..العفو ياباشا ..دا انت اللي افندم وسيد الافندية .."..
..صاح ابراهيم بضيق..
.."..اللهم طولك ياروح ..انجزي ..عايزة ايه.."..
..مدت له يدها وقالت متسائلة ..
.."..الموبايل بتاعي مش عارفة ماله ..بتصل ..بس ابيض ..لا صوت ولا صورة ..ومافيش حد هنا اعرف اكلمه غيرك.."..
..امسك بهاتفها يتفحصه وهو متاففا ..ثم قال..
.."..طبيعي ميشتغلش ..العيب بالخط مش بالموبايل .."..
..اسرعت بقولها وهي تتقدم ناحيته اكثر وتقول وهي تنظر لهاتفها ..
.."..لا ياباشا ..الخط تمام ..دا انا شاحنة بخمسين جنيه قبل ماسافر .."..
..وضع الهاتف بيدها وهو يقول مكفهر الوجه..
.."..مش مشكلة شحن يا ذكية..المشكلة بالخط مش شغال هنا .."..
..مد يده ونزع هاتفه من بنطاله واعطاه اياها وهو يقول ..
.."..خدي تليفوني دلوقتي ..وانا بعدين هجيبلك موبايل وخط جديد .."..
..امسكت بالهاتف والفرحة تكاد تلتهم ملامح وجهها وهي تقول ..
..".. الف شكر ياباشا ..ماشاء الله موبايل اخر حلاوة .."..
..اتسعت عينيها ببلاهة وهي تصيح..
.."..اييييه دا ..دا ماركة التفاحة ..دي اغلى ماركة دي ..صح ياباشا.."..
..قال بنبرة صوت باردة ..
.."..عايزة تتصلي بمين .."..
..اجابته بلهفة ..
.."..البت لوزة ..والواد بلاطة ..عايزة اطمن عليهم.."..
..قطب جبينه وقال مستغربا..
.."..مين ؟؟! ..بلا.... ايه ..ووزة مين ..."..
..صاحت بتعجب ..
.."..البت لوزة صاحبيتي حبيبتي..والواد بلاطة الصبي بتاعي ..استنى ..انا هحيلك حكايتهم .."..
..اسرع بقوله قبل ان يتورط بحديث طويل عريض لا فائدة منه ..
.."..لا ..لا ..مش دلوقتي ..انا هدخل لجدي وانتي كلميهم .."..
..بدأت تضغط باصابعها فوق شاشة الهاتف وهي تقول دون ان تنظر اليه..
.."..تشكر ياباشا ..متقلقش على رصيدك هما دقيقتين بس.."..
..وقبل ان يغلق باب غرفة الجد وراءه قال متأففا ..
.."..اتكلمي براحتك.."..
..وضعت الهاتف فوق اذنها وفور ان سمعت صوت صديقتها صاحت بحماس..
.."..بت يااالوزة ..ازيك يابت ....ايوة انا ايمان ..هو حد بيعبرك غيري ياخايبة ...طب والنعمة ليكي وحشة يابت..
اسكتتتي على اللي حصلي ..هحكيلك كل حاجة بعدين ..طمنيني عليكي وع الواد بلاطة.."..
..ظلت تتحدث وهي تمشي وبدون ان تدري وجدت نفسها تخرج من باب البيت ..تسمرت مكانها بعد ان انهت مكالمتها مع صديقتها ..تنظر للجراج الواسع والذي يضم اكثر من سيارة فارهة..ثم نظرت للسائق ( إمام ) وهو واقفا يزفر بغضب من فشله بإصلاح ما تعطل بالسيارة ..
..صاحت وهي تتجه نحوه ..
.."..مساء الفل يااسطى إمام..ايه مالك متعصب ليه.."..
..اعتدل السائق بوقفته وقال وهو يهندم ملابسه..
.."..مافيش ياأنسة ايمان ..قلت اشوف العربية مالها يمكن اعرف اصلحها ..بس للاسف معرفتش وهاتصل بالميكانيكي ييجي يصلحها .."..
..شهقت ايمان واسرعت بخطواتها ناحيته وصاحت قائلة..
.."..يانهار ابيض ياجدعان ..تتصل بميكانيكي وانا موجودة.. دا حتى يبقى عيب في حقي ياجدع ..امسك التلفون دا ..خلي بالك منه دا بتاع الباشا ..والحلوة دي نص ساعة بس ياسطى أؤمؤم وتستلمها عروسة .."..
..تسمر السائق مكانه بعد ان اتسعت عيناه وفرغ فاهه ..اخفض راسه لأسفل ينظر للهاتف القابع بيده ..ثم رفع راسه وعينيه تبحث عن تلك التي نزعت سترتها الجينز وثنت اكمام قميصها ثم غمست برأسها داخل موتور السيارة..
..اسرع السائق ناحيتها يصيح بخوف ..
.."..لا ياانسة ايمان مايصحش حضرتك.. ماينفعش ..ياانسة ارجوكي .."..
..لم ترفع ايمان راسها عما تفعله وبدات تعمل بكلتا يديها بكل حماس تبحث عن اصل المشكلة بتعطيل السيارة ..ثم قالت بأريحية ..
.."..اللي مايصحش يااسطى اؤمؤم..اني اشوف عربية عطلانة واقف ساكتة ..وكمان ايه انسة وايه حضرتك دي..انا وانت ولاد عم كار واحد ..انت سواق وانا ميكانيكي ..يعني مافيش تكليف مابينا .."..
..خرج ابراهيم من غرفة جده غاضبا بعد مايأس عن ردعه بفكرة زواجه من تلك الميكانيكي..كاد ان يفقد اعصابه وذلك لأن اصرار جده اصبح اكثر من ذي قبل ..
..اخذ يبحث عنها بكل الارجاء بالصالة فلم يجدها.. حتى وقعت عينيه على الباب المفتوح..فأتجه ناحيته ..وخرج يبحث عنها بالحديقة الواسعة الى ان وصل لأذنيه صياحها البعيد وهي تقول ..
.."..ناولني القاضم التاني يااؤمؤم.."..
..كان السائق واقفا يحمل بين يديه حقيبة تمتلا بمعدات صغيرة مخصصة لإصلاح السيارات ..يبلع ريقه بصعوبة خوفا من نتائج مايحدث معه وامام عينيه ..اعتدلت ايمان بوقفتها بعد مااغلقت غطاء مقدمة السيارة ..وقالت وهي تمسح جبهتها التي تلونت بسواد الشحم ..
وقالت باسمة الوجه..
كان في صوت طقطقة في الملفات ..ودا ليه بقى ياسطى عشان الكبالن كانت بايظة لموأخذة ..انا غيرتها..بس بسم الله ما شاء الله الجراج هنا مليان بكل المطلوب..دلوقتي بقى هابص بصة تحت العربية عشان يبقى كله تمام .."..
..اسرع السائق يصيح برجاء واضح ..
.."..لا ..لا ياانسة ايمان ..ارجوكي كفاية كدة .."..
..لم تعره ايمان اي اهتمام وتمددت تحت السيارة بخفة واضحة ثم صاحت بقولها ..
.."..ناولني المفتاح يااؤمؤم.."..
..انتفض السائق ( إمام ) عندما وجد من يضرب كتفه بقوة ..التفت ليجده ابراهيم ينظر له بعيون تملئها الغضب وتتلون بإحمرار الغيظ...لم يستطع السائق ان يتفوه الا بكلمات متبعثرة متلعثمة..
.."..حضرتك يا ابراهيم بيه ..انا ..والله ...قلتلها..بس ..بس.."
..نظر هما الاثنان ارضا عندما تفوهت ايمان قائلة بصوت عال ..
.."..المفتاح يااؤمؤم..انت مش سامعني ولا ايه.."..
..صاح ابراهيم بصوت حاد عال ..
.."..مفتاح يكسر دماغك انتي واؤمؤم بتاعك..اطلعي يابت من تحت العربية ..اطلعيييي.."..
..استدار جميعهم ليجدوا سيدة تقف بمنتصف الصالة الواسعة.. يبدو ان عمرها قد تخطى الاربعون بقليل ..تقف بوقار وهيبة ولكن تبدو الطيبة بملامح وجهها والتي تحاول بشق الانفس ان تستبدلها بملامح الجمود والقوة ..ولكنها فشلت ببراعة ..
..تقدم ابراهيم ناحيتها ..مال بجذعه يقبل ظهر كفها وهو يقول .."..ازيك ياعمتي..انا لسة واصل من شوية ..كنت هغير هدومي واجيلك اوضة حضرتك.."..
..ربتت العمة زهرة فوق كتف ابراهيم ولكن عينيها كانتا لا تحيدان عن تلك الواقفة بعيدا تنظر لها بتوجس وحرص..قالت زهرة..
.."..حمدالله ع السلامة يابني .."..
..رفعت زهرة يدها تشير بها ناحية ايمان وقالت ..
.."..انتي ..تعالي.."..
..التفتت ايمان يمينا وشمالا براسها ثم اشارت لنفسها بااصبعها وهي تقول متسائلة..
.."..انا ياحجة .."..
..نظرت زهرة لإبن اخيها ابراهيم بعد ان رفعت حاجبيها وهي تقول متعجبة ..
.."..حجة.."..
..اخفض ابراهيم رأسه وقال بيأس وبصوت خافت..
.."..البيت كله ياعمتي بقى حجاج.. رجالة وستات .."..
..عاودت زهرة النظر لإيمان وقالت وهي تهز رأسها بالايجاب..
.."..ايوة انتي ..تعالي.."..
..تنهدت إيمان وهمست بداخلها ..
.."..هو يوم باين من اوله ..لما نشوف الحجة راخرة عايزة تجوزني لمين المرادي.."..
..اقتربت ايمان من عمتها زهرة بتوجس واضح وخطوات محسوبة ..حتى وقفت بقبالتها ..ارتسمت الابتسامة فوق شفتي زهرة وهي تقول بحنو ..
.."..انتي ايمان بنت احمد اخويا الله يرحمه ..صح.."..
..وبدون ان تدري ارتسمت فوق شفتي إيمان ابتسامة حزينة وهي تهز راسها بالايجاب .. ثم تفاجئت حين وجدت نفسها مغموسة داخل حضن عمتها وشعرت بوجنتيها مبللة اثر دمعات عمتها التي قالت بصوت باك حزين ..
.."..حبيبتي.. فيكي شبه كبير من احمد ..وكأني بحضنه هو ..حمدالله ع السلامة حبيبتي ..واهلا بيكي وسط اهلك.."..
رفعت ايمان ذراعيها لتحتضن عمتها بقوة ..فقد اشتاقت لمثل هذا الدفء والحنان منذ وفاة والدتها ..
واثناء ذلك كانت اصلي هانم تنزل درجات السلم وهي تنظر لتلك الصغيرة القابعة بحضن زهرة .. زهرة عدوتها اللدودة داخل العائلة والبيت..وقفت بنهاية السلم تحاوط كتف ابنتها المصدومة بذراعها وقالت بالتركية..
Güvenliğiniz için Tanrıya şükürler olsun Ibrahim
..( حمدآ لله على سلامتك ابراهيم )..
..رفعت زهرة رأسها وحاوطت ايمان بذراعها جانبا دون ان تبعدها عنها وقالت بنبرة يملؤها الثقة والقوة..
.."..اتكلمي عربي يااصلي ..العربي اللي بتتكلميه احسن من اي حد بالبيت ..ولا نسيتي تحذير حماكي .."..
..تنحنحت اصلي ورسمت ابتسامة زائفة فوق شفتيها وقالت ..
.."..لا طبعا منسيتش يازهرة ..بس لغة بلدي دايما بتطغى عليا ..اعمل ايه..مش هتعرفيني يازهرة ..مين البنت دي اللي وخداها في حضنك وكانك تعرفيها من زمان.."..
..نظرت زهرة لإيمان بحب وقالت بسعادة ..
.."..انا فعلا اعرفها من زمان ..اعرفها حتى من قبل ماتتولد ..الأنسة الجميلة دي ..تبقى ايمان ..ايمان بنت احمد اخويا الله يرحمه..ااعرفك ياايمان ..اصلي هانم مرات عمك سمير ..سلمي عليها .."..
..ارتسمت ملامح الغضب والحقد فوق صفحة وجه اصلي وهي تهمس بذهول .."..بنت احمد.."..
..اقتربت ايمان من اصلي وهي تعاود الزفر بضيق هامسة لنفسها .."..الاسامي خلصت من البلد مافيش غير عصري دي ..وكمان هو انا هفضل اتمشور بالبيت دا اسلم عالرايح والجاي كدة.."..
..مدت ايمان يدها بالسلام لأصلي وهي تقول بود ..
.."..اهلا ياحجة ازيك كدة وازي صحتك .."..
..اشارت اصلي بنفور لنفسها وهي تقول بغيظ..
.."....ايه ..حجة ..انا حجة .."..
..وضعت ايمان بيدها جانبا وصاحت بصوت عال بعد ان فاض بها الكيل..
.."..طب قولي يارب اكتبهالي..هي كلمة حجة وحشة ..ياستي يارب ابقى انا حجة...دا ايه الهم دا.."..
..فتراجعت اصلي وابنتها خطوتين للوراء بذهول..كتمت زهرة ضحكتها بصعوبة.. فنادت للدادة..
.."..دادة فاطمة.."..
..هرعت دادة فاطمة التي خرجت من المطبخ باتجاه زهرة قائلة..
.."..افندم..زهرة هانم.."..
..اشارت لايمان بيدها وقالت ..
.."..خدي ايمان لأوضتها يادادة وخليكي معاها لو طلبت اي حاجة .."..
..اسرعت فاطمة تحمل حقيبة ايمان وقالت وهي تقف وتشير للسلم امامها ..
.."..اتفضلي ياانسة ايمان .."..
..اسرعت ايمان بحمل الحقيبة بعد ان نزعتها من يد فاطمة وهي تقول ..
.."..عليا النعمة ما ينفع..اتفضلي انتي ياحجة قدامي وانا هطلع وراكي ..دليني انتي بس الاوضة فين.."..
..شهقت فاطمة والتفتت ناحية زهرة تنظر اليها بحيرة واضحة ..صاحت زهرة بصوت عال ..
.."..ايمان ..ادي الشنطة لدادة فاطمة واطلعي قدامها .."..
..عاودت فاطمة لتميل وتأخذ الحقيبة من يد ايمان التي تراجعت بيدها للوراء وصاحت مستنفرة ..
.."..والمصحف ماينفع ..بقى اخلي الست الكبيرة تشيل وانا اطلع قدامها طرزان كدة .."..
..تنهدت زهرة وقالت باستسلام ..
.."..اطلعوا انتو الاتنين وخلصوني.."..
..تقدم ابراهيم اليهما حاملا حقيبته ..وقال بضيق ..
."..هاتي الشنطة ..وانتو الاتنين اطلعوا قدامي ..يالا..".
..مدت ايمان يدها بالحقيبة لإبراهيم وهي تقول بحماس ..
.."..اتفضل ياباشا.."..
..استطردت قولها وهي تنظر لفاطمة..
.."..شوفتي بقى ياقمر مجدعة الرجالة اللي بتبان في الوقت الصح.."..
..ثم التفتت بعينيها للجميع والذي كان متسع الاعين بتعجب وصدمة واضحة.. وقالت وهي تلوح بيدها ..
.."..اقول سلام للحلوين ..نصاية بس اريح وانزل تاني.."..
..استطردت قولها وهي تشير لعمتها قائلة بصوت عال..
.."..ياريت ياعمتي يعني لو اي تصبيرة كدة لغاية الغدا مايجهز ..انشالله حتى شندويتش جبنة بالخيار.. وجمبه كوباية شاي هيبقى ميت فل وسبعاتشر.."..
..صعدتا الاثنتان امام ابراهيم الذي كان بهز رأسه غير مستعب لما يحدث ..وان تلك العروس الميكانيكي ..عروس من ..عروسه هو ..
..كانت فاطمة تصعد السلم بخطوات متعثرة تلتفت حول نفسها..ثم اسرعت بخطواتها بالممر المؤدي لغرفة ايمان ..فتحت الباب ودعت ايمان للدخول وهي تقول ..
.."..اتفضلي ياانسة ايمان .."..
..رمى ابراهيم بالحقيبة امام الغرفة ومشى..وقبل ان يصل لغرفته وصل لاذنيه صوت ايمان وهي تصيح قائلة ..
.."..توشكر ياباشا.."..
..رفع رأسه لأعلى وهو يقول باستسلام ..
.."..الصبر يارب..".
..دلفت ايمان للغرفة ثم وضعت الحقيبة بجانبها ارضا ..وما ان استقامت ..اتسعت عينيها وفرغ فاهها وهي تلتفت حول نفسها تنظر للغرفة الواسعة باثاثها الفاخر قائلة ..
.."..يااا دين النبي..كل دي اوضة...دي اكبر من شقتي والورشة مع بعض.."..
..تنحنحت فاطمة وقالت ..
.."..حضرتك على ماتاخدي حمامك ..اكون رتبت هدوم حضرتك بالدولاب ..او تؤمري بحاجة تانية انسة ايمان.."..
..وقفت ايمان وقالت وهي تربت فوق صدرها..
.."..الامر لله ..متشكرة ياحجة ..ولا بلاش ياحجة ..لحسن ستات البيت بيزعلوا من الكلمة دي.."..
..ابتسمت فاطمة وقالت بهدوء..
.."..قوليلي ..دادة فاطمة .."..
..هزت ايمان رأسها وقالت باسمة..
.."..متشكرين يا حجة فاطمة..معلش اصل كلمة دادة دي تقيلة شوية ..بس وعد مني هحاول...وكمان مالوش لازمة تتعبي نفسك ..انا هوضب الهدوم جوة الدولاب .."..
..تنحنحت فاطمة ..وقالت باسمة الوجه ..
.."..انسة ايمان ..لو سمحتي ..انا بشتغل هنا ..واللي قولته دا طبيعة شغلي ..ان اخلي بالي من حضرتك وطلباتك واساعدك .."..
..ذمت ايمان شفتيها وقالت بعد ان تنهدت ..
.."..بصي ياقمر..عشان نبقى على نور من اولها ..انا غير العالم اللي تحت دول ..انا لا هانم ولا حضرتي ..وانا وانتي ياست فاطمة زي بعض ..بنجري على اكل عيشنا..فخلينا نتعامل عادي مع بعضينا..انا اقولك ياحجة فاطمة وانتي تناديني ياايمان .."..
..رمشت فاطمة وفركت يدها قائلة بتلعثم..
.."..لكن ..ما....ماينفعش......"...
..اقتربت منها ايمان بابتسامة واسعة وقالت وهي تمسك يدها ..
.."..خلاص ..من غير ما تقلقي..بصي من الاخر ..انا لو احتاجت حاجة هقول بصوت عالي ...يااااحجة فاطمة.. الحقيني...حلو كدة..".
..هزت فاطمة رأسها بالايجاب ..و علامات الرضا تظهر بملامح وجهها الباسمة...
..وبعد برهة من الوقت..
..كان ابراهيم يغدو بغرفة عمته ذهابا وايابا بعصبية واضحة وهو يقول مستنكرا..
.."..يعني ياعمتي كنتي عارفة ان ليا بنت عم مش عارفين مكانها ..وانكوا اول مالاقيتوها قررتوا تجيبوها هنا وكماااان تجوزهالي .."..
..كانت زهرة لا تحيد بعينيها عن ابن اخيها الذي كان يفور كبركان غاضب يكاد ان يدمر كل من حوله..وقالت وهي تضع قدمها فوق الاخرى..
.."..طبعا كنت عارفة ..تفتكر بردو ان جدك يخبي عني حاجة زي كدة ..وكمان انت زعلان اننا اخيرا لقينا بنت عمك أحمد الله يرحمه ..".
..وقف ابراهيم متسمرا امام عمته وقال بهدوء مرغما عليه..
.."..ياعمتي انا معنديش مشكلة اننا نلاقيها وتيجي تعيش معانا ..انا مشكلتي الاكبر والاصعب هي ان جدي مصمم يجوزهالي ...ازااااي بس ..انتي مشوفتيهاش عاملة ازاي...دي عبارة عن كارثة متحركة .."..
..اجابته زهرة باقتضاب وبملامح وجه جامدة..
.."..جدك وأكيد عارف مصلحتك .."..
..وقفت واتجهت ناحية مرآة زينتها ترتب خصلات شعرها الذي تخضب بعضا منه باللون الابيض ..وقالت بهدوء أعصاب تحسد عليه..
..".. أهو جدك عندك تحت انزل كلمه ..يمكن تقدر تخليه يغير قراره...ولو اني معتقدش ..بس اهي محاولة ..اتفضل .."..
..صاح ابراهيم غاضبا وهو يتجه للباب ..
.."..طبعا هنزل اكلمه .."..
..همست زهرة لنفسها .."..حبيبي يا ابراهيم ...مافيش مفر ..هتتجوزها يعني هتتجوزها.."..
***
..كانت ايمان تزفر ضيقا وهي تجلس فوق الفراش بعد اغتسالها واستبدال ملابسها ..فقالت وهي تتحدث مع نفسها بحسرة..
.."..محدش عبرني بالقمة عيش حاف حتى ..".
..مدت يدها لهاتفها تحاول مرة اخرى الاتصال بجارتها وصديقتها الوحيدة لوزة..ولكن بدون فائدة ..فقررت الخروج من الغرفة لتجد من يساعدها سواء لملأ معدتها الفارغة ..او لمساعدتها بالاتصال بصديقتها..
..نزلت درجات السلم فوجدت ابراهيم متجها ناحية غرفة جده ..فنادت بصوت عال ..
.."..ياباااشا.."..
..اخفض رأسه بإستسلام وهو يتنهد بيأس واضح ..استدار لها واجابها بضيق ..
.."..نعم..افندم.."..
..اتجهت ناحيته بعد ان ضحكت ضحكة خافتة ثم قالت وهي تحييه بيدها كتحية ضباط الشرطة..
.."..العفو ياباشا ..دا انت اللي افندم وسيد الافندية .."..
..صاح ابراهيم بضيق..
.."..اللهم طولك ياروح ..انجزي ..عايزة ايه.."..
..مدت له يدها وقالت متسائلة ..
.."..الموبايل بتاعي مش عارفة ماله ..بتصل ..بس ابيض ..لا صوت ولا صورة ..ومافيش حد هنا اعرف اكلمه غيرك.."..
..امسك بهاتفها يتفحصه وهو متاففا ..ثم قال..
.."..طبيعي ميشتغلش ..العيب بالخط مش بالموبايل .."..
..اسرعت بقولها وهي تتقدم ناحيته اكثر وتقول وهي تنظر لهاتفها ..
.."..لا ياباشا ..الخط تمام ..دا انا شاحنة بخمسين جنيه قبل ماسافر .."..
..وضع الهاتف بيدها وهو يقول مكفهر الوجه..
.."..مش مشكلة شحن يا ذكية..المشكلة بالخط مش شغال هنا .."..
..مد يده ونزع هاتفه من بنطاله واعطاه اياها وهو يقول ..
.."..خدي تليفوني دلوقتي ..وانا بعدين هجيبلك موبايل وخط جديد .."..
..امسكت بالهاتف والفرحة تكاد تلتهم ملامح وجهها وهي تقول ..
..".. الف شكر ياباشا ..ماشاء الله موبايل اخر حلاوة .."..
..اتسعت عينيها ببلاهة وهي تصيح..
.."..اييييه دا ..دا ماركة التفاحة ..دي اغلى ماركة دي ..صح ياباشا.."..
..قال بنبرة صوت باردة ..
.."..عايزة تتصلي بمين .."..
..اجابته بلهفة ..
.."..البت لوزة ..والواد بلاطة ..عايزة اطمن عليهم.."..
..قطب جبينه وقال مستغربا..
.."..مين ؟؟! ..بلا.... ايه ..ووزة مين ..."..
..صاحت بتعجب ..
.."..البت لوزة صاحبيتي حبيبتي..والواد بلاطة الصبي بتاعي ..استنى ..انا هحيلك حكايتهم .."..
..اسرع بقوله قبل ان يتورط بحديث طويل عريض لا فائدة منه ..
.."..لا ..لا ..مش دلوقتي ..انا هدخل لجدي وانتي كلميهم .."..
..بدأت تضغط باصابعها فوق شاشة الهاتف وهي تقول دون ان تنظر اليه..
.."..تشكر ياباشا ..متقلقش على رصيدك هما دقيقتين بس.."..
..وقبل ان يغلق باب غرفة الجد وراءه قال متأففا ..
.."..اتكلمي براحتك.."..
..وضعت الهاتف فوق اذنها وفور ان سمعت صوت صديقتها صاحت بحماس..
.."..بت يااالوزة ..ازيك يابت ....ايوة انا ايمان ..هو حد بيعبرك غيري ياخايبة ...طب والنعمة ليكي وحشة يابت..
اسكتتتي على اللي حصلي ..هحكيلك كل حاجة بعدين ..طمنيني عليكي وع الواد بلاطة.."..
..ظلت تتحدث وهي تمشي وبدون ان تدري وجدت نفسها تخرج من باب البيت ..تسمرت مكانها بعد ان انهت مكالمتها مع صديقتها ..تنظر للجراج الواسع والذي يضم اكثر من سيارة فارهة..ثم نظرت للسائق ( إمام ) وهو واقفا يزفر بغضب من فشله بإصلاح ما تعطل بالسيارة ..
..صاحت وهي تتجه نحوه ..
.."..مساء الفل يااسطى إمام..ايه مالك متعصب ليه.."..
..اعتدل السائق بوقفته وقال وهو يهندم ملابسه..
.."..مافيش ياأنسة ايمان ..قلت اشوف العربية مالها يمكن اعرف اصلحها ..بس للاسف معرفتش وهاتصل بالميكانيكي ييجي يصلحها .."..
..شهقت ايمان واسرعت بخطواتها ناحيته وصاحت قائلة..
.."..يانهار ابيض ياجدعان ..تتصل بميكانيكي وانا موجودة.. دا حتى يبقى عيب في حقي ياجدع ..امسك التلفون دا ..خلي بالك منه دا بتاع الباشا ..والحلوة دي نص ساعة بس ياسطى أؤمؤم وتستلمها عروسة .."..
..تسمر السائق مكانه بعد ان اتسعت عيناه وفرغ فاهه ..اخفض راسه لأسفل ينظر للهاتف القابع بيده ..ثم رفع راسه وعينيه تبحث عن تلك التي نزعت سترتها الجينز وثنت اكمام قميصها ثم غمست برأسها داخل موتور السيارة..
..اسرع السائق ناحيتها يصيح بخوف ..
.."..لا ياانسة ايمان مايصحش حضرتك.. ماينفعش ..ياانسة ارجوكي .."..
..لم ترفع ايمان راسها عما تفعله وبدات تعمل بكلتا يديها بكل حماس تبحث عن اصل المشكلة بتعطيل السيارة ..ثم قالت بأريحية ..
.."..اللي مايصحش يااسطى اؤمؤم..اني اشوف عربية عطلانة واقف ساكتة ..وكمان ايه انسة وايه حضرتك دي..انا وانت ولاد عم كار واحد ..انت سواق وانا ميكانيكي ..يعني مافيش تكليف مابينا .."..
..خرج ابراهيم من غرفة جده غاضبا بعد مايأس عن ردعه بفكرة زواجه من تلك الميكانيكي..كاد ان يفقد اعصابه وذلك لأن اصرار جده اصبح اكثر من ذي قبل ..
..اخذ يبحث عنها بكل الارجاء بالصالة فلم يجدها.. حتى وقعت عينيه على الباب المفتوح..فأتجه ناحيته ..وخرج يبحث عنها بالحديقة الواسعة الى ان وصل لأذنيه صياحها البعيد وهي تقول ..
.."..ناولني القاضم التاني يااؤمؤم.."..
..كان السائق واقفا يحمل بين يديه حقيبة تمتلا بمعدات صغيرة مخصصة لإصلاح السيارات ..يبلع ريقه بصعوبة خوفا من نتائج مايحدث معه وامام عينيه ..اعتدلت ايمان بوقفتها بعد مااغلقت غطاء مقدمة السيارة ..وقالت وهي تمسح جبهتها التي تلونت بسواد الشحم ..
وقالت باسمة الوجه..
كان في صوت طقطقة في الملفات ..ودا ليه بقى ياسطى عشان الكبالن كانت بايظة لموأخذة ..انا غيرتها..بس بسم الله ما شاء الله الجراج هنا مليان بكل المطلوب..دلوقتي بقى هابص بصة تحت العربية عشان يبقى كله تمام .."..
..اسرع السائق يصيح برجاء واضح ..
.."..لا ..لا ياانسة ايمان ..ارجوكي كفاية كدة .."..
..لم تعره ايمان اي اهتمام وتمددت تحت السيارة بخفة واضحة ثم صاحت بقولها ..
.."..ناولني المفتاح يااؤمؤم.."..
..انتفض السائق ( إمام ) عندما وجد من يضرب كتفه بقوة ..التفت ليجده ابراهيم ينظر له بعيون تملئها الغضب وتتلون بإحمرار الغيظ...لم يستطع السائق ان يتفوه الا بكلمات متبعثرة متلعثمة..
.."..حضرتك يا ابراهيم بيه ..انا ..والله ...قلتلها..بس ..بس.."
..نظر هما الاثنان ارضا عندما تفوهت ايمان قائلة بصوت عال ..
.."..المفتاح يااؤمؤم..انت مش سامعني ولا ايه.."..
..صاح ابراهيم بصوت حاد عال ..
.."..مفتاح يكسر دماغك انتي واؤمؤم بتاعك..اطلعي يابت من تحت العربية ..اطلعيييي.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الرابعة 4 كاملة مكتوبة
المشهد 4
.. كان الطبيب بغرفة الجد العجوز يحاول ان يقنع الجد بأن مايطلبه لا يصح ..فقال الطبيب يستجدي العجوز ان يستعب ..
.."..ياحافظ ماينفعش اللي بتطلبه دا ..الحمد لله انت بدأت تستعيد صحتك وبقيت احسن من الاول ..ليه اكدب واقولهم ان حالتك بتسوء .. ضميري المهني مايسمحليش ابدا باللي بتطلبه مني دا.."..
..اعتدل الجد العجوز بجلسته فوق الفراش وقال بغيظ من بين اسنانه ..
.."..ياغبي انا مش بطلب منك كطبيب انك تكدب ..انا بطلب منك كصديق العمر انك تساعدني..احفادي لو حسوا اني بقيت كويس ..هيرفضوا وبضمير مرتاح اي طلب اطلبه منهم ..لكن لو عرفوا اني خلاص بحتضر ..هيوافقوا على طول باللي انا عايزه ..واللي هو في الاول وفي الاخر لمصلحتهم ..فهمت.."..
..تنهد الطبيب بيأس واستسلام وقال..
.."..حاضر ياحافظ ..هكدب وهعمل اللي انت عايزه..وربنا يسامحني .."..
***
اثناء ذلك بالجراج..
..انتفضت ايمان وهي راقدة تحت السيارة عندما سمعت صراخ ابراهيم بها.. فارتطمت رأسها بخزان زيت الموتور..فهمست لنفسها قائلة بغضب وغيظ..
.."..ااااه...ياولاد ال......."..
..فصاح ابراهيم قائلا...
.."..قلت اطلعيييي.."..
..سحبت نفسها من اسفل السيارة وهبت واقفة تهندم من نفسها ..تنظر لمن ينظر لها شزرا وكأن نظراته كسهام نارية تريد ان تحرقها .. فصاحت وهي تلوح بيدها وتمسد جبهتها بيدها الاخرى ..
.."..ايييييه ..في اييييه...القيامة قامت.."..
..نظر لها ابراهيم بإشمئزاز من اسفل لأعلى ..ثم استقر بعينيه على وجهها الملطخ باللون الاسود ..اقترب منها تاركا ورائه السائق ( إمام ) متسمرا مكانه وخافضا رأسه لأسفل..
..قال ابراهيم بصوت حاد اجش ..وهو يدور حولها ويشير لها بإصبعه من اسفل لأعلى..
.."..ممكن افهم ايه اللي جابك هنا ..وبتعملي ايه تحت العربية ..والاهم من كدا ..ايه شكلك المزري دا.."..
..قطبت جبينها ونظرت بتعجب للسائق إمام الذي رفع رأسه ينظر لها بحسرة ولوم ..فقالت بتساؤل..
.."..ايه مورزي دي ..شتيمة دي ولا ايه .."..
..اتسعت أعين إمام واسرع بخفض رأسه لأسفل مرة اخرى ..فصاح ابراهيم بجانب اذنها ..
.."..هو دا اللي هامك ..مش واخدة بالك انك موجودة في مكان مش مكانك ..مش واخدة بالك انك بتنزلي من نفسك ومن لقب عيلتك من اللي انتي عاملاه في نفسك دا.."..
..وكأنها لم تستعب مغزى كلماته اللاذعة فما كان منها الا صياحها..
.."..الحق عليا ياباشا اني صلحت العربية ..اللي لو كنتو جيبتوا ميكانيكي غريب من برة كان خد منكو الشيء الفولاني..دا بدل ماتقولي شكرا يااسطى ايمان وتعزم عليا بكوباية شاي.."..
..تراجع السائق خطوتين للوراء بعد ما راى ابراهيم يمسح وجهه الذي تلون بإحمرار الغضب بكلتا كفيه ..
..وقف ابراهيم بقبالتها ونظر لها من أعلى وهو يصرخ بوجهها...
.."..اسطى إيمان دي هناك في الحارة...لكن هنا.. انتي ايمان هانم ..يعني تتصرفي زي هوانم البيت دا ..فااهمة ياهااانم.."..
..نظرت له بتحدي واضح وقالت بصوت حاد ..
.."..الهااانم دي ياباشا تبقى........"..
..ظهر الغضب الاسود بوجه ابراهيم واتسعت عيناه واقترب بوجهه من وجهها تحديا منه لها ان كانت تملك الجرأة لتكمل جملتها..
..اغمضت إيمان عينيها وزفرت بضيق وهي تهز برأسها وقالت..
.."..استغفر الله العظيم...بص ياباشا ..هي شكلها مش نافع..انا هروح اجيب شنطة هدومي ..وزي ماجيبتوني هنا ترجعوني ..وخالتي وخالتك واتفرقت الخالات.."..
..وبملامح وجه جامد وصوت حاد قال ابراهيم ..
.."..الكلام دا تقوليه لجدك اللي بعت وجابك هنا ..هو بس اللي يقرر اذا كنتي تقعدي ولا تمشي..اما عني انا ..فياااريت والله..وممكن اوصلك للمطار بنفسي لو حبيتي.."..
..شعرت بغصة مريرة بحلقها وزحف بعض الحزن ليملأ عينيها وهي تسمع كلماته وبوجودها الغير مرغوب به ..شعرت وكانه يطردها بطريقة غير مباشرة..
..فمرت من جانبه تسرع بخطواتها لتخرج من الجراج دون ان تنتبه للسائق الذي كان يرمقها بنظرات تجلى بها الحزن..
..صاح ابراهيم غاضبا بالسائق ..
.."..وانت حسابك معايا هيكون عسير .."..
..وصل لاذان ايمان تهديد ابراهيم لإمام قبل ان تخرج..فرفعت راسها لأعلي بعد ما كانت تمشي بتخاذل واضح ..فالتفتت ترجع اليهما تصيح بوجه ابن عمها وعريسها المنتظر...
.."..اسطى اؤمؤم مالوش دعوة ..انا اللي صممت اصلح العربية..يعني من الاخر كدة مالكش انك تحاسبه.."..
..اخذ لهاث ابراهيم تزداد سرعته ..اقترب منها حتى اصبح لا يفصل بينهما الا انشات قليلة..ثم أشار لباب البيت وهو يقول بصوت حاد غاضب مانعا نفسه بشق الانفس عن كسر رأسها..
.."..امشي ع البيت والا هكسر دماغك ..يالاااا...."..
..انتفضت للوراء خطوتين وبلعت ريقها بصعوبة فالأول مرة تشعر ببعض الخوف ..ولكنها عاندت وتجلدت لتطرد هذا الشعور من داخلها ..فتخصرت وقالت بتحدي ..
.."..ولو مشيتش هتعمل ايه يعني ..اللي في قلعك انفضه ..ياباااشا.."..
..قالت كلمتها الاخيرة بنبرة ساخرة واضحة..فأغمض السائق عينيه ..أما ابراهيم فبركان غضبه كان على حافة الانفجار ..فمال بجزعه يحمل عروسه فوق كتفه ..
..شهقت إيمان بعد ما وجدت نفسها محمولة مثل شوال البطاطا..فأخذت تصرخ قائلة وهي تضرب ظهر ابراهيم بقبضتها.
.."..يانهار اسوح ومنيل ..انت شيلتني..يعني انت دلوقتي شايلني..طب والنعمة ل ..."..
..صرخ بها ابراهيم وهو يضربها بكف يده فوق مؤخرتها..
..".. اخرسي ..مسمعش صوتك.."..
..تأوهت ايمان بصوت عال وعاودت الصراخ مرة اخرى قائلة..
.."..بتتحرش بيا ..طب وربنا ماهسيبك.."..
..اخذت تحاول بقوة النزول من فوق كتف ابراهيم ولكن باءت محاولاتها بالفشل ..فأخذت تصرخ بقولها ..
.."..نزلني ..نزلني لحسن والمصحف هقلب الدنيا عليك ...نزلننننني..."..
..دخل ابراهيم وهو مكفهر الوجه وعلى اثر صراخها العال اجتمع كل من بالبيت ليقفوا امامهما وعلامات الذهول تفترش وجوههم جميعا..
..انزلها امامهم ودفع بها اليهم..تماسكت لتقف معتدلة ثابتة وبوجه يسوده احمرار الغضب صاحت وهي تشير له بأصبعها محذرة اياه..
.."..عليا النعمة من نعمة ربي لو كررتها تاني ..ل.........."..
..اقترب ابراهيم منها والشراسة تفترش ملامح وجهه قائلا بصوت قوي ..
.."..ل..ايه ..انطقي ..انا اللي بحذرك لو شوفتك دخلتي الجراج دا تاني هكسر رجلك .."..
..اتسع فاه ايمان وعيناها سويا فقالت وهي تشير لنفسها بيدها..
.."..انت ..تكسر رجلي انا..دا انت لعبت بعداد عمرك دلوقتي .."..
..صرخت العمة زهرة بعد ان وقفت بينهما ..
.."..بس كفااااية..ايه اتجننتوا خلاص..مش عاملين اي حساب او اعتبار لجدكوا المريض او حتى ليا.."..
..صاحت ايمان..
.."..انا ماشية ياعمتي ..سايباها مخضرة للباشا يبرطع فيها.."..
..كان الطبيب بداخل غرفة الجد رافعا حاجبيه بتعجب لسماعه اصوات الشجار بالخارج..فقال العجوز..
.."..سمعت بودنك ..عرفت انا طلبت منك تكدب ليه ..لأنهم شوية وياكلوا بعض ..والعيلة تتشتت في الاخر .."..
..هز الطبيب رأسه بالايجاب متفهما لما سمعه من الجانبين..
..اثناء ذلك..
..اقترب ابراهيم وقبل ان يصرخ هو الاخر ..خرج الطبيب مسرعا من غرفة الجد وقال بصوت عال...
.."..مش معقول يامدام زهرة اللي بسمعه دا ..زعيق وخناق ..حالة السيد حافظ بتسوء كل يوم عن اليوم اللي قبله ..واللي بيحصل دا اكيد هيعجل بالأسوء لا سمح الله.."..
..صاح ابراهيم وهو ينظر لإيمان ..
.."..عاجبك كدة ..انتي السبب في اللي بيحصل دا كله.."..
..تعجبت ايمان وقالت وهي تحاول ان تتماسك برباطة جأشها..
.."..وبعدين بقى في رمي الجتت وجر الشكل دااا....ابعد عني يابن الحلال احسنلك.."..
..صاحت زهرة وهي تقول ..
.."..قلت بس منك ليها.."..
..جرت زهرة ناحية الطبيب وهي تقول ..
.."..ارجوك طمني يا دكتور ..بابا ماله.."..
..امسك الطبيب بنظارته وحاول تمثيل الدور باتقان ..فأخفض راسه لأسفل وقال بصوت حزين ..
.."..للأسف مع تطور الحالة بهذا الشكل ..هتكون فكرة وجوده بالمستشفى قائمة بنسبة كبيرة نظرا لتدهور حالة المريض.."..
..اقتربت ايمان من الطبيب وقالت ..
.."..يا عم الداكتور ماترد على عمتي وتقولها جدي صابه ايه .."..
..رفع الطبيب رأسه مستعجبا مما سمعه وقال ..
.."..يابنتي مانا قلت كل حاجة .."..
..اسرعت ايمان بقولها غير عابئة بزفرات الضيق من حولها ..
.."..شرحت ايه بس يادكترة..احنا ولا فهمنا اييتوها كلمة من رصيتهم دلوقتي .."..
..نظرت ايمان لعمتها وقالت متسائلة بجدية..
.."..انتي فهمتي حاجة ياعمتي من اللعبكة اللي قالها عم الداكتور دا.."..
..تأففت زهرة بضيق وقالت..
. "..اسكتي ياايمان .."..
..استطردت زهرة قولها وهي تنظر للطبيب ..
.."..انا ممكن ادخل اشوفه واطمن عليه.."..
..ردد الطبيب ..
.."..هو طالب يشوف ابراهيم وعروسته .."..
..صاحت ايمان وهي تضرب كفيها ببعض ..
.."..يادي النيلة على عروسته واليوم اللي جت فيه عروسته ..كانت ساعة مايعلم بيها غير ربنا لما خطيت برجلي عتبة البيت دا ..بص يادكترة ..انا هدخل اسلم على الحج وامشي من هنا ..وربنا يتولانا جميعا برحمته ان شاء الله.. "..
..نكزتها زهرة بكتفها وهي تقول غاضبة ..
.."..بس يابنت ..اسكتي شوية ..اسمعي الكلام وادخلي لجدك انتي وابراهيم..يالا.."..
..اقترب ابراهيم من الطبيب بعد ان رمق ايمان بنظرات غاضبة نارية..وقال..
.."..لو سمحت يا دكتور ..هي فهلا حالة جدي بتسوء ..انا كنت معاه من قبل ماتيجي وكان بيتكلم معايا كويس.."..
..تنحنح الطبيب وزاغ ببصره بعيدا عن اعين ابراهيم وقال ..
.."..ادخل دلوقتي ..وبعدين هشرحلك الحالة بالتفصيل .."..
..دلف كل من ابراهيم وايمان للغرفة ...اقترب ابراهيم مسرعا لفراش جده جاثيا فوق ركبتيه ..وهو يقول ..
.."..مالك بس ياجدي ..دا حضرتك من نص ساعة بس كنت بتتكلم معايا كويس جدا.."..
..أخذ الجد يسعل عدة مرات ثم قال بصوت خافت واهن..
.."..مقدرتش استحمل يابني وانا شايفك وسامعك عايز تخالف اخر طلب ليا في الدنيا ..دا انت اللي هتمسك زمام العيلة بعد ماموت يابني.."..
..اسرع ابراهيم قائلا..
.."..اسف ياجدي ..اسف ..طلباتك اوامر ..وهنفذ كل اللي تطلبه .."..
..نظر الجد بتعجب لإيمان الواقفة على الجانب الاخر من الفراش وقال ..
.."..ايه يابنتي اللي في وشك دا.."..
..مسحت ايمان وجهها بكفها وهي تقول بأريحية تامة..
.."..مافيش ..دا انا كنت بصلح العربية تبعكم اللي في الجراج.."..
..لم يعر الجد اهتمامه لما قالته واستطرد قوله بضعف ووهن..
.."..لسة عايزة تمشي زي ماسمعتك وانتي بتزعقي برة..و تسيبي جدك يموت وهو زعلان منك .."..
..مطت ايمان شفتيها للأمام وقالت من بين اسنانها وهي تنظر شزرا لابراهيم.
.."..بعد الشر عليك ياحج ..قصدي ياجدي..حاضر ..الامر لله..شد حيلك انت بس وكل اللي هتقوله هنفذه .."..
..فرح الجد كثيرا وقال ..
.."..انا كدة فعلا ارتاحت ..كلها ساعة بالظبط وييجي المحامي عشان الاجراءات زي مقولتلكوا..نادي لعمتك زهرة يابنتي .."..
..مشت ايمان وخطواتها تدب الارض من تحتها بقوة ..
شد ابراهيم على كف جده ثم قبله وقال..
.."..اسف ياجدي لو كان كلامي زعلك ..متقلقش ..كل اللي انت عايزه هيحصل .."..
..اتسعت ابتسامة الجد فرحا بنجاح خطته واكثر سعادة بحب حفيده العارم له..
..خرجت ايمان من الغرفة وهي تتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة ..وجدت الجميع يقترب منها مسرعين فاوقفتهم بيدها وهي تصيح ...
.."..اييه حاسبوا هتدوسوني ..اطمنوا اطمنوا ..الحج بخير وطالب يشوفك ياعمتي.."..
..اسرعت زهرة بالدخول لغرفة ابيها..تاركة ايمان تصيح للواجمين امامها ...
.."..ايييه ..خلاص فضيناها ..كله على مكانه.."..
..سمعت باذنيها همهمات اعتراضية بلغة غريبة من زوجة عمها وابنتها ..ولكنها نظرت بأستغراب للشاب الغريب الماثل امامها والذي تراه لأول مرة ..كان الشاب واقفا يتفحصها بدقة..
..اقترب الشاب منها وبوجهه ترتسم ابتسامة عابثة وقال وهو يمد لها يده بالسلام..
.."..اهلا بيكي .."..
..نظرت ايمان ليده الممدودة ثم رفعت عينيها لاعلى تنظر اليه ..تركته على وضعه واقتربت من دادة فاطمة الواقفة بجانبها وقالت متسائلة بجانب اذنها ..
.."..ويبقى مين النحنوح دا.."..
.. كان الطبيب بغرفة الجد العجوز يحاول ان يقنع الجد بأن مايطلبه لا يصح ..فقال الطبيب يستجدي العجوز ان يستعب ..
.."..ياحافظ ماينفعش اللي بتطلبه دا ..الحمد لله انت بدأت تستعيد صحتك وبقيت احسن من الاول ..ليه اكدب واقولهم ان حالتك بتسوء .. ضميري المهني مايسمحليش ابدا باللي بتطلبه مني دا.."..
..اعتدل الجد العجوز بجلسته فوق الفراش وقال بغيظ من بين اسنانه ..
.."..ياغبي انا مش بطلب منك كطبيب انك تكدب ..انا بطلب منك كصديق العمر انك تساعدني..احفادي لو حسوا اني بقيت كويس ..هيرفضوا وبضمير مرتاح اي طلب اطلبه منهم ..لكن لو عرفوا اني خلاص بحتضر ..هيوافقوا على طول باللي انا عايزه ..واللي هو في الاول وفي الاخر لمصلحتهم ..فهمت.."..
..تنهد الطبيب بيأس واستسلام وقال..
.."..حاضر ياحافظ ..هكدب وهعمل اللي انت عايزه..وربنا يسامحني .."..
***
اثناء ذلك بالجراج..
..انتفضت ايمان وهي راقدة تحت السيارة عندما سمعت صراخ ابراهيم بها.. فارتطمت رأسها بخزان زيت الموتور..فهمست لنفسها قائلة بغضب وغيظ..
.."..ااااه...ياولاد ال......."..
..فصاح ابراهيم قائلا...
.."..قلت اطلعيييي.."..
..سحبت نفسها من اسفل السيارة وهبت واقفة تهندم من نفسها ..تنظر لمن ينظر لها شزرا وكأن نظراته كسهام نارية تريد ان تحرقها .. فصاحت وهي تلوح بيدها وتمسد جبهتها بيدها الاخرى ..
.."..ايييييه ..في اييييه...القيامة قامت.."..
..نظر لها ابراهيم بإشمئزاز من اسفل لأعلى ..ثم استقر بعينيه على وجهها الملطخ باللون الاسود ..اقترب منها تاركا ورائه السائق ( إمام ) متسمرا مكانه وخافضا رأسه لأسفل..
..قال ابراهيم بصوت حاد اجش ..وهو يدور حولها ويشير لها بإصبعه من اسفل لأعلى..
.."..ممكن افهم ايه اللي جابك هنا ..وبتعملي ايه تحت العربية ..والاهم من كدا ..ايه شكلك المزري دا.."..
..قطبت جبينها ونظرت بتعجب للسائق إمام الذي رفع رأسه ينظر لها بحسرة ولوم ..فقالت بتساؤل..
.."..ايه مورزي دي ..شتيمة دي ولا ايه .."..
..اتسعت أعين إمام واسرع بخفض رأسه لأسفل مرة اخرى ..فصاح ابراهيم بجانب اذنها ..
.."..هو دا اللي هامك ..مش واخدة بالك انك موجودة في مكان مش مكانك ..مش واخدة بالك انك بتنزلي من نفسك ومن لقب عيلتك من اللي انتي عاملاه في نفسك دا.."..
..وكأنها لم تستعب مغزى كلماته اللاذعة فما كان منها الا صياحها..
.."..الحق عليا ياباشا اني صلحت العربية ..اللي لو كنتو جيبتوا ميكانيكي غريب من برة كان خد منكو الشيء الفولاني..دا بدل ماتقولي شكرا يااسطى ايمان وتعزم عليا بكوباية شاي.."..
..تراجع السائق خطوتين للوراء بعد ما راى ابراهيم يمسح وجهه الذي تلون بإحمرار الغضب بكلتا كفيه ..
..وقف ابراهيم بقبالتها ونظر لها من أعلى وهو يصرخ بوجهها...
.."..اسطى إيمان دي هناك في الحارة...لكن هنا.. انتي ايمان هانم ..يعني تتصرفي زي هوانم البيت دا ..فااهمة ياهااانم.."..
..نظرت له بتحدي واضح وقالت بصوت حاد ..
.."..الهااانم دي ياباشا تبقى........"..
..ظهر الغضب الاسود بوجه ابراهيم واتسعت عيناه واقترب بوجهه من وجهها تحديا منه لها ان كانت تملك الجرأة لتكمل جملتها..
..اغمضت إيمان عينيها وزفرت بضيق وهي تهز برأسها وقالت..
.."..استغفر الله العظيم...بص ياباشا ..هي شكلها مش نافع..انا هروح اجيب شنطة هدومي ..وزي ماجيبتوني هنا ترجعوني ..وخالتي وخالتك واتفرقت الخالات.."..
..وبملامح وجه جامد وصوت حاد قال ابراهيم ..
.."..الكلام دا تقوليه لجدك اللي بعت وجابك هنا ..هو بس اللي يقرر اذا كنتي تقعدي ولا تمشي..اما عني انا ..فياااريت والله..وممكن اوصلك للمطار بنفسي لو حبيتي.."..
..شعرت بغصة مريرة بحلقها وزحف بعض الحزن ليملأ عينيها وهي تسمع كلماته وبوجودها الغير مرغوب به ..شعرت وكانه يطردها بطريقة غير مباشرة..
..فمرت من جانبه تسرع بخطواتها لتخرج من الجراج دون ان تنتبه للسائق الذي كان يرمقها بنظرات تجلى بها الحزن..
..صاح ابراهيم غاضبا بالسائق ..
.."..وانت حسابك معايا هيكون عسير .."..
..وصل لاذان ايمان تهديد ابراهيم لإمام قبل ان تخرج..فرفعت راسها لأعلي بعد ما كانت تمشي بتخاذل واضح ..فالتفتت ترجع اليهما تصيح بوجه ابن عمها وعريسها المنتظر...
.."..اسطى اؤمؤم مالوش دعوة ..انا اللي صممت اصلح العربية..يعني من الاخر كدة مالكش انك تحاسبه.."..
..اخذ لهاث ابراهيم تزداد سرعته ..اقترب منها حتى اصبح لا يفصل بينهما الا انشات قليلة..ثم أشار لباب البيت وهو يقول بصوت حاد غاضب مانعا نفسه بشق الانفس عن كسر رأسها..
.."..امشي ع البيت والا هكسر دماغك ..يالاااا...."..
..انتفضت للوراء خطوتين وبلعت ريقها بصعوبة فالأول مرة تشعر ببعض الخوف ..ولكنها عاندت وتجلدت لتطرد هذا الشعور من داخلها ..فتخصرت وقالت بتحدي ..
.."..ولو مشيتش هتعمل ايه يعني ..اللي في قلعك انفضه ..ياباااشا.."..
..قالت كلمتها الاخيرة بنبرة ساخرة واضحة..فأغمض السائق عينيه ..أما ابراهيم فبركان غضبه كان على حافة الانفجار ..فمال بجزعه يحمل عروسه فوق كتفه ..
..شهقت إيمان بعد ما وجدت نفسها محمولة مثل شوال البطاطا..فأخذت تصرخ قائلة وهي تضرب ظهر ابراهيم بقبضتها.
.."..يانهار اسوح ومنيل ..انت شيلتني..يعني انت دلوقتي شايلني..طب والنعمة ل ..."..
..صرخ بها ابراهيم وهو يضربها بكف يده فوق مؤخرتها..
..".. اخرسي ..مسمعش صوتك.."..
..تأوهت ايمان بصوت عال وعاودت الصراخ مرة اخرى قائلة..
.."..بتتحرش بيا ..طب وربنا ماهسيبك.."..
..اخذت تحاول بقوة النزول من فوق كتف ابراهيم ولكن باءت محاولاتها بالفشل ..فأخذت تصرخ بقولها ..
.."..نزلني ..نزلني لحسن والمصحف هقلب الدنيا عليك ...نزلننننني..."..
..دخل ابراهيم وهو مكفهر الوجه وعلى اثر صراخها العال اجتمع كل من بالبيت ليقفوا امامهما وعلامات الذهول تفترش وجوههم جميعا..
..انزلها امامهم ودفع بها اليهم..تماسكت لتقف معتدلة ثابتة وبوجه يسوده احمرار الغضب صاحت وهي تشير له بأصبعها محذرة اياه..
.."..عليا النعمة من نعمة ربي لو كررتها تاني ..ل.........."..
..اقترب ابراهيم منها والشراسة تفترش ملامح وجهه قائلا بصوت قوي ..
.."..ل..ايه ..انطقي ..انا اللي بحذرك لو شوفتك دخلتي الجراج دا تاني هكسر رجلك .."..
..اتسع فاه ايمان وعيناها سويا فقالت وهي تشير لنفسها بيدها..
.."..انت ..تكسر رجلي انا..دا انت لعبت بعداد عمرك دلوقتي .."..
..صرخت العمة زهرة بعد ان وقفت بينهما ..
.."..بس كفااااية..ايه اتجننتوا خلاص..مش عاملين اي حساب او اعتبار لجدكوا المريض او حتى ليا.."..
..صاحت ايمان..
.."..انا ماشية ياعمتي ..سايباها مخضرة للباشا يبرطع فيها.."..
..كان الطبيب بداخل غرفة الجد رافعا حاجبيه بتعجب لسماعه اصوات الشجار بالخارج..فقال العجوز..
.."..سمعت بودنك ..عرفت انا طلبت منك تكدب ليه ..لأنهم شوية وياكلوا بعض ..والعيلة تتشتت في الاخر .."..
..هز الطبيب رأسه بالايجاب متفهما لما سمعه من الجانبين..
..اثناء ذلك..
..اقترب ابراهيم وقبل ان يصرخ هو الاخر ..خرج الطبيب مسرعا من غرفة الجد وقال بصوت عال...
.."..مش معقول يامدام زهرة اللي بسمعه دا ..زعيق وخناق ..حالة السيد حافظ بتسوء كل يوم عن اليوم اللي قبله ..واللي بيحصل دا اكيد هيعجل بالأسوء لا سمح الله.."..
..صاح ابراهيم وهو ينظر لإيمان ..
.."..عاجبك كدة ..انتي السبب في اللي بيحصل دا كله.."..
..تعجبت ايمان وقالت وهي تحاول ان تتماسك برباطة جأشها..
.."..وبعدين بقى في رمي الجتت وجر الشكل دااا....ابعد عني يابن الحلال احسنلك.."..
..صاحت زهرة وهي تقول ..
.."..قلت بس منك ليها.."..
..جرت زهرة ناحية الطبيب وهي تقول ..
.."..ارجوك طمني يا دكتور ..بابا ماله.."..
..امسك الطبيب بنظارته وحاول تمثيل الدور باتقان ..فأخفض راسه لأسفل وقال بصوت حزين ..
.."..للأسف مع تطور الحالة بهذا الشكل ..هتكون فكرة وجوده بالمستشفى قائمة بنسبة كبيرة نظرا لتدهور حالة المريض.."..
..اقتربت ايمان من الطبيب وقالت ..
.."..يا عم الداكتور ماترد على عمتي وتقولها جدي صابه ايه .."..
..رفع الطبيب رأسه مستعجبا مما سمعه وقال ..
.."..يابنتي مانا قلت كل حاجة .."..
..اسرعت ايمان بقولها غير عابئة بزفرات الضيق من حولها ..
.."..شرحت ايه بس يادكترة..احنا ولا فهمنا اييتوها كلمة من رصيتهم دلوقتي .."..
..نظرت ايمان لعمتها وقالت متسائلة بجدية..
.."..انتي فهمتي حاجة ياعمتي من اللعبكة اللي قالها عم الداكتور دا.."..
..تأففت زهرة بضيق وقالت..
. "..اسكتي ياايمان .."..
..استطردت زهرة قولها وهي تنظر للطبيب ..
.."..انا ممكن ادخل اشوفه واطمن عليه.."..
..ردد الطبيب ..
.."..هو طالب يشوف ابراهيم وعروسته .."..
..صاحت ايمان وهي تضرب كفيها ببعض ..
.."..يادي النيلة على عروسته واليوم اللي جت فيه عروسته ..كانت ساعة مايعلم بيها غير ربنا لما خطيت برجلي عتبة البيت دا ..بص يادكترة ..انا هدخل اسلم على الحج وامشي من هنا ..وربنا يتولانا جميعا برحمته ان شاء الله.. "..
..نكزتها زهرة بكتفها وهي تقول غاضبة ..
.."..بس يابنت ..اسكتي شوية ..اسمعي الكلام وادخلي لجدك انتي وابراهيم..يالا.."..
..اقترب ابراهيم من الطبيب بعد ان رمق ايمان بنظرات غاضبة نارية..وقال..
.."..لو سمحت يا دكتور ..هي فهلا حالة جدي بتسوء ..انا كنت معاه من قبل ماتيجي وكان بيتكلم معايا كويس.."..
..تنحنح الطبيب وزاغ ببصره بعيدا عن اعين ابراهيم وقال ..
.."..ادخل دلوقتي ..وبعدين هشرحلك الحالة بالتفصيل .."..
..دلف كل من ابراهيم وايمان للغرفة ...اقترب ابراهيم مسرعا لفراش جده جاثيا فوق ركبتيه ..وهو يقول ..
.."..مالك بس ياجدي ..دا حضرتك من نص ساعة بس كنت بتتكلم معايا كويس جدا.."..
..أخذ الجد يسعل عدة مرات ثم قال بصوت خافت واهن..
.."..مقدرتش استحمل يابني وانا شايفك وسامعك عايز تخالف اخر طلب ليا في الدنيا ..دا انت اللي هتمسك زمام العيلة بعد ماموت يابني.."..
..اسرع ابراهيم قائلا..
.."..اسف ياجدي ..اسف ..طلباتك اوامر ..وهنفذ كل اللي تطلبه .."..
..نظر الجد بتعجب لإيمان الواقفة على الجانب الاخر من الفراش وقال ..
.."..ايه يابنتي اللي في وشك دا.."..
..مسحت ايمان وجهها بكفها وهي تقول بأريحية تامة..
.."..مافيش ..دا انا كنت بصلح العربية تبعكم اللي في الجراج.."..
..لم يعر الجد اهتمامه لما قالته واستطرد قوله بضعف ووهن..
.."..لسة عايزة تمشي زي ماسمعتك وانتي بتزعقي برة..و تسيبي جدك يموت وهو زعلان منك .."..
..مطت ايمان شفتيها للأمام وقالت من بين اسنانها وهي تنظر شزرا لابراهيم.
.."..بعد الشر عليك ياحج ..قصدي ياجدي..حاضر ..الامر لله..شد حيلك انت بس وكل اللي هتقوله هنفذه .."..
..فرح الجد كثيرا وقال ..
.."..انا كدة فعلا ارتاحت ..كلها ساعة بالظبط وييجي المحامي عشان الاجراءات زي مقولتلكوا..نادي لعمتك زهرة يابنتي .."..
..مشت ايمان وخطواتها تدب الارض من تحتها بقوة ..
شد ابراهيم على كف جده ثم قبله وقال..
.."..اسف ياجدي لو كان كلامي زعلك ..متقلقش ..كل اللي انت عايزه هيحصل .."..
..اتسعت ابتسامة الجد فرحا بنجاح خطته واكثر سعادة بحب حفيده العارم له..
..خرجت ايمان من الغرفة وهي تتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة ..وجدت الجميع يقترب منها مسرعين فاوقفتهم بيدها وهي تصيح ...
.."..اييه حاسبوا هتدوسوني ..اطمنوا اطمنوا ..الحج بخير وطالب يشوفك ياعمتي.."..
..اسرعت زهرة بالدخول لغرفة ابيها..تاركة ايمان تصيح للواجمين امامها ...
.."..ايييه ..خلاص فضيناها ..كله على مكانه.."..
..سمعت باذنيها همهمات اعتراضية بلغة غريبة من زوجة عمها وابنتها ..ولكنها نظرت بأستغراب للشاب الغريب الماثل امامها والذي تراه لأول مرة ..كان الشاب واقفا يتفحصها بدقة..
..اقترب الشاب منها وبوجهه ترتسم ابتسامة عابثة وقال وهو يمد لها يده بالسلام..
.."..اهلا بيكي .."..
..نظرت ايمان ليده الممدودة ثم رفعت عينيها لاعلى تنظر اليه ..تركته على وضعه واقتربت من دادة فاطمة الواقفة بجانبها وقالت متسائلة بجانب اذنها ..
.."..ويبقى مين النحنوح دا.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الخامسة 5 كاملة مكتوبة
المشهد 5
..وضعت دادة فاطمة يدها فوق فمها لتمنع ضحكتها فور سماعها كلمة نحنوح..وقالت وهي تميل ناحية اذن ايمان..
.."..دا يبقى مراد بيه ابن أصلي هانم ..وعمك سمير بيه.."..
..هزت ايمان راسها من اعلى لأسفل وقالت غير مبالية به..
.."..اااه...طيب .."..
..وعندما خطت ناحية السلم وقف مراد امامها يعوقها عن الاستمرار..وقال وهو باسم الوجه وبصوت هادئ..معاودا مد يده لها لمصافحتها مرة ثانية..
.."..مش عايزة تسلمي عليا ليه..انا مراد سمير ..ابن عمك .."..
..نظرت ليده ثم رفعت نظرها لوجهه وقالت وهي تصافحه ..
.."..وماله نسلم ..منسلمش ليه..مرحب ياكابتن.."..
..نظر مراد بانزعاج واشمئزاز ليده التي تلطخت باللون الاسود ..فنظرت إيمان ليده وقالت بأريحية ..
.."..لموأخذة ياكابتن ..بس متقلقش ..بشوية جاز حلوين ..هتنضف وتبقى فلة.." ..
..ارتسمت فوق شفتي مراد ابتسامة سمجة كاذبة وقال بتلعثم ..
.."..ايوة ...طبعا.."..
..استطرد قوله بعد ان اقترب منها ينظر اليها نظرات اعجاب عابثة..
.."..سعيد جدا بالمفأجاة دي ..مكنتش اعرف ان ليا بنت عم حلوة كدة .."..
..ضاق ما بين حاجبي إيمان ومالت شفتيها جانبا وهي تنظر له بغضب وتعجب ..وقبل ان تنطق وجدت مراد ينتفض امامها بعد ان ضرب ابراهيم كتفه بقوة وهو يقول ..
.."..اديك عرفت ..والمفأجاة الاكبر بقى لما تعرف ان بنت عمك الحلوة دي ..خطيبتي ..وبكرة كمان كتب الكتاب..ايه رأيك بالمفأجات دي ..اكيد هتنفجر من السعادة..صح يا ابن عمي.."..
..زاغ بصر مراد وهو ينتقل بعينيه بينهما ..تلكأ بكلماته وهو يقول ..
.."..انهاردة ..يوم المفاجات ..مبروك.."..
..صاحت اصلي بفزع من ورائهم بعد ان تأكدت من الخبر فور سماعها لحديث ابراهيم ..
.."..مستحيييل ابراهيم ..مستحيل اللي سمعته منك دا ..انا مصدقتش لما نيرمين قالتلي ..قلت أكيد البنت العجيبة دي بتكدب او بتخرف .."..
..ظهرت معالم الغضب فوق ملامح وجهها وقالت بصوت حاد وهي تقترب من زوجة عمها ..
.."..هي مين دي اللي عجيبة وبتكدب وبتخرف ..تقصديني انا ياست فصل تالتة تالت انتي ..لاااااا بقولك ايه ...حاسبي ع كلامك ..لحسن انتي متعرفنيش وقت ماتقوم الجنونة .."..
..اتسعت اعين اصلي وتراجعت خطوة للوراء بعد ماشهقت ووضعت كفها فوق فمها..
..امسك ابراهيم بمرفق إيمان ومشى بها باتجاه السلم وهو يقول ..
.."..اطلعي على اوضتك دلوقتي ..وياريت ماسمعش صوتك لغاية ماييجي المحامي.."..
..نفضت ايمان ذراعها بقوة من قبضة ابراهيم وهي تصيح به ..
.."..سيب دراعي ..واخر مرة تمسكني كدة والا وعزة جلال الله ماهعمل حساب حاجة او حد ..هو في ايه ".
..اقترب ابراهيم بوجهه من وجهها الغاضب وقال بصوت قوي جامد..
.."..في انك طايحة في الكل من اول ما وصلتي ..في ان جدك بيموت جوة وانتي مش هامك..في انك لازم تفهمي انك مابقتيش اسطى ايمان..وانك دلوقتي بقيتي إيمان هانم بنت الاصول ..حفيدة حافظ بيه ..رجل الاعمال المعروف..وهتكوني بكرة وللاسف زوجة ابراهيم حافظ بيه..".
..هذه المرة اقتربت إيمان منه اكثر حتى اصبح مايفصل بينهما إنشات بسيطة وقالت وهي ترفع عينها ..تنظر له بتحدي وهي تشير له بسبابتها..
.."..اهو كل الكلام اللي انت قلته دا مايدخلش ولا يكيف دماغي ببصلة حتى..انا هفضل انا ..اسطى ايمان..بنت الاسطى احمد واللي بتاكل لقمتها بعرق جبينها .. وانت وعيلتك وكل الهايلمان دا كله ماييهزش شعرة واحدة مني..ولا عايزة اكون حفيدة ولا مرات حد من البهاوات بتوعكوا.."..
..ترقرقت بعينيها سحابة رقيقة من الدموع واستطردت وهي تحبس بحلقها غصة مريرة ..
.."..انا وافقت اجي هنا عشان ابويا الله يرحمه وصاني ان لو حد منكوا جاني مقفلش الباب في وشه ..وأصل الرحم زي ما ربنا امرنا..ويكون في علمك ياباشا لولا الراجل الكبير اللي جوة دا ماسك فيا واترجاني اقعد واتمم الجوازة المهببة دي ..انا كنت مشيت وسيبتها مطربقة على دماغكوا كلكوا.."..
..صاح بها ابراهيم رافعا يده لأعلى وهو يقول ..
.."..بت انتي.."..
..وقفت زهرة بينهما ووجهها بقبالة وجه ابراهيم الغاضب وقالت ..
.."..ايه يا ابراهيم ..هتضربها..هتضرب بنت عمك .."..
..زفر ابراهيم بضيق وهو يشيح بوجهه للناحية الاخرى متخصرا بكلتا يديه..تنهد بإستسلام وقال بصوت هادئ وهو ينظر لعمته بقوة..
.."..عمتي ..مش انا اللي أمد ايدي على بنت و حضرتك عارفة كدة كويس..لكن الكائن الغريب المستفز اللي واقفة وراكي دي هي السبب.."..
..لم تجبه عمته والتفتت لتواجه ايمان الواقفة بكل تحفز وغضب والتي صاحت بوجهها ..
.."..قالك عني كائن غريب صح .."..
..وقبل ان تخطو خطوتها الاولى ناحية ابراهيم لترد..اسرعت عمتها لتتأبط بذراعها وتدفعها ناحية السلم وهي تقول ..
.."..احمد اخويا الله يرحمه اكيد ربى بنته على احترام الاكبر منها في السن..ما بالك بيا انا عمتك ..اسمعي الكلام وامشي معايا .."..
..وعلى مضض تجاوبت معها ايمان ومشت بجانبها ولكنها كانت تلتفت براسها للوراء تنظر لإبراهيم شزرا ..والذي كان بدوره ينظر لها بغضب وغيظ..
..فتحت زهرة باب غرفة ودلفا الاثنان بداخلها حتي وصلا امام مرآة الزينة ووقفت زهرة وقالت وهي تشير لانعكاس ايمان بالمرآة..
.."..ومستغربة ومضايقة انه بيقول عنك كائن غريب..شايفة نفسك في المراية عاملة ازاي..دا منظر انسة ..دا منظر بنت من الاساس.."..
..ضربت ايمان كفيها بقوة وقالت بتأفف ..
.."..استغفر الله العظيم..ماله بقى منظري ..واحدة اسطى ميكانيكي كانت بتصلح العربية بتاعتكوا ..عايزة منظرها يبقى ازاي ..وكمان ياست هانم مش بالشكل ولا المنظر ..بالاخلاق ياست الكل.."..
..سحبتها عمتها من يدها حتى جلسا سويا فوق الفراش ..قالت العمة زهرة وهي تربت فوق ظهر كفها الصغير..
.."..حبيبتي ..من اول ماشوفتك وانتي دخلتي قلب عمتك ..وانا عارفة كويس انك بنت طيبة وخلوقة ..بس لازم تفهمي ان حياتك اتغيرت تماما..انتي دلوقتي مش الميكانيكي..انتي بقيتي ايمان هانم ..ولازم تتعلمي ازاي تتصرفي وتتكلمي زي الهوانم .."..
..هبت ايمان بعد ان سحبت يدها من بين يدي عمتها وقالت ..
.."..لاااا حضرتك..انا هفضل زي مانا ..واللي مش عاجبه بالسلامة..من الاخر كدة ..هما يومين تلاتة وامشي يكون الراجل الكبير شد حيله..وحضرتك تشرفيني ببيتي في اي وقت ..هشيلك على راسي.."..
..هزت العمة زهرة رأسها يمينا وشمالا بيأس ..وقفت وربتت فوق كتف ايمان وهي تقول ..
.."..انتي للآن مش مدركة انتي بقيتي مين وتملكي ايه ..لكن جدك هيفهمك كل حاجة بعد كتب كتابك انتي وابراهيم..دلوقتي تدخلي تاخدي دش ..ونص ساعة والاقيكي قدامي عشان نتغدى ..يالا حبيبتي.."..
..كانت ايمان تنظر لها ببلاهة بفاه مفتوح واعين متسعة ..وظلت هكذا تتابع عمتها التي مشت ناحية باب الغرفة..شعرت وكانها عادت لوعيها فور انتفاضها من سماع صوت الباب الذي اغلق بقوة..التفتت حول نفسها ثم جلست ارضا واسندت ظهرها فوق جانب الفراش وقالت تهمس لنفسها..
.."..هي قالت شوية كلام جامد ..صحيح مفهمتش حاجة ..بس اكيد الحكاية جامدة وانا اللي معكوكة بالنص.."..
..اسندت وجنتها فوق كفها واستطردت همسها لنفسها بيأس واضح..
.."..وبعددددين بقى في الحوار دا ...اخلع منه ازاااي.."..
..نزلت العمة زهرة لاسفل لتجد الجميع ينتظرها بترقب ولهفة لإجابة كافة الاسئلة التي تؤرقهم فور دخول إيمان تلك البنت الغريبة لهذا البيت..
..اسرعت اصلي لتقف امامها وتصيح قائلة ..
.."..زهرة من فضلك وضحيلي معنى الكلام الفظيع اللي سمعته دا ..صحيح البنت اللوكال دي هتتجوز ابراهيم .."..
..تخطتها زهرة واتجهت ناحية كرسيها ..لتجلس بأريحية تضع ساقها فوق الاخرى وقالت بصوت هادئ وقوي وهي تشبك اصابع كلتا كفيها ببعضهما..
.."..جواز ابراهيم وايمان...امر محسوم لا رجعة فيه بأمر من بابا حافظ بيه..يعني لا انا ولا اي حد فيكو يقدر يعترض ولو بكلمة واحدة ..ودا معناه ان وجود ايمان بينا شئ لازم تتقبلوه وتتعاملوا معاه ..وبحذر اي حد فيكو انه يمسها بكلمة واحدة ..اظن كلامي واضح ومفهوم .."..
..صاحت اصلي .."..وياترى اخوكي سمير عنده علم باللي بيحصل.."
..ابتسمت زهرة وقالت بثقة ..
.."..وياترى انتي عندك شك ان سمير يقدر يعترض على امر من اوامر بابا.."..
..شهقت نيرمين واخدة تبكي وهي تجري صاعدة لغرفتها ..ووالدتها رمت بنفسها فوق كرسيها والحزن والغضب يملأ صدرها الذي ارتفع وانخفض بوضوح تام..
..مراد وضع كفيه بجيبي بنطاله وارتسمت فوق شفتيه ابتسامة ساخرة وجلس فوق ذراع كرسي والدته..أما ابراهيم فزفر بضيق وخرج من باب البيت ليشعل سيجارته بدلا من ان يشعل النار بالبيت وبمن فيه...
..وبعد برهة من الوقت كان الجميع ملتف جالسا حول مائدة الطعام صامتين وينظرون لبعضهم بتوجس وحذر ماعدا نيرمين التي كانت تنظر لإيمان بحقد وكره واضح..
..كانت ايمان تجلس معهم حول المائدة الممتلئة عن اخرها بأشهى المأكولات ..اخذت تتفحص بعينيها كل تلك الاصناف وعند كل صنف تتجلى بملامح وجهها رسومات التعجب والتساؤل فتهمس لنفسها قائلة ..
.."..اه دا اعرفه ..لا دا معرفوش ..اااه دا حاجة غريبة ..ما علينا..اهي كلها نعمة ربنا ..بسم الله الرحمن الرحيم .."..
..وقبل ان تمد يدها لتأكل لفت نظرها هاتان الواقفتان بالقرب من المائدة المرتديان زي واحدا.. ينظران للفراغ امامهما..فمالت ناحية عمتها لتقول بصوت خافت مسموع ..
.."..الا قوليلي ياحجة...قصدي ياعمتي هما البنتين الاتنين دول واقفين كدا ليه .."..
..كان ابراهيم قد بدأ بتناول طعامه بهدوء ..لم ينظر اليها ولكنه سمع ماقالته فاجابها بجمود..
.."..مش محتاجة ذكاء..دول الخدامين..واقفين عشان لو احتجنا حاجة.."..
..رمت ايمان الذي ارتسم بوجهها معالم الغضب بالملعقة امامها فصدر صوت عال لفت اليها اعين الجالسين حولها ..
..قالت ايمان باستنكار وبصوت عال..
.."..ليه ان شاء الله هو احنا اكسحنا .."..
..لفت ابراهيم راسه بحدة ناحيتها وقال بضيق..
.."..وطي صوتك واتكلمي كويس.."..
..صاحت العمة زهرة قائلة ..
.."..وبعدين معاكم انتو الاتنين.."..
..هبت ايمان واقفة بعد ماازاحت كرسيها للوراء وقالت ..
.."..سألتك ممكن اعرف ياعمتي الاتنين دول واقفين ليه كدة واحنا بناكل .."..
..كادت ان تجيبها زهرة وقبل ان تفتح فمها ..استطردت ايمان قولها وهي تلوح لها بيدها..
.."..هتقوليلي بييخدموا علينا ..هرد عليكي نفس الرد اللي معجبش الباشا ...ان احنا مش مكسحين ..وكمان انا معرفش اكل.. وفي حد واقف ومتذنب كدة ..مايقعدوا ياكلوا معانا زي مخاليق ربنا..او اروح انا اكل معاهم جوة.."..
..شهقت اصلي التي تجلس بقبالتها بعد اتسعت عيناها ذعرا مما تسمعه وقالت ..
.."..انتي بتقولي ايه يابنت انتي ..طبعا ما هو اللي زيك ومن بيئتك لازم يقول اكتر من كدة.."..
..مالت ايمان بجذعها للأمام تستند بيدها فوق سطح المائدة وبوجه مكفهر متجهم وعينان يملؤها الغضب قالت بصوت هادئ ولكنه قوي ..
.."..بقولك ايه ياللي اسمك محدش عارف اصله من فصله..انتي ست كبيرة ومرات عمي على راسي ..لكن اسمع منك كلام ميعجبنيش ساعتها مش هعمل حساب حاجة وهقلبها دندرة على دماغ الكل وخصوصا على دماغك اللي شبه الكرنبة المكتومة دي.."..
..وبكل مرة تسمع اصلي كلمات ايمان الساخطة تشهق بصوت عال..بعد ما وضعت كفها الصغير فوق رأسها تمسدها لتطمئن بعد وصفها برأس الكرنب.. تراجعت للوراء والفزع مرتسم بملامح وجهها..
..ضربت زهرة المائدة بقبضتها وهي تصرخ ..
.."..بس انتو الاتنين ..مش عايزة اسمع صوت حد فيكو ... (اصلي) مسمعش منك كلمة تاني عن ايمان بنت اخويا...وانتي ياايمان اظن انك عارفة انه مايصحش وعيب لما بنت زيك تقول كلام زي دا وخصوصا لمرات عمك ..اتفضلي اقعدي وكملي اكلك.."..
..ظلت ايمان واقفة بمكانها وقالت ..
.."..معلش ياعمتي ..انا مش هحط لقمة ببوقي غير لما الاتنين دول ييقعدوا معانا او يدخلوا جوة وميقفوش كدة.."..
..اغمضت زهرة عينيها بيأس من يباسة رأس ابنة اخيها..التفتت ناحية الفتاتان اللتان كانتا ينظران لبعضهما بتوجس وقلق ..فقالت وهي تشير لهما بيدها ..
.."..عائشة ..جانسو...İkinizin içinde.."..
..( للداخل انتما الاثنتان )..
..ارتبكا الفتاتان بوقفتها ثم اشارا برأسيهما بالإيجاب واسرعا باتجاه المطبخ..قالت زهرة وهي تنظر لإيمان ..
.."..اظن دلوقتي تقعدي وتاكلي وياريت من غير ما اسمع صوت حد فيكو تاني.."..
..جلست ايمان وقالت ..
.."..متشكرين ..اهو كدة الواحد ياكل وهو مرتاح..مع اني معرفش ايه الاكل دا ..بس هاكله..انا ميتة من الجوع.."..
..انتهى الجميع من تناول الطعام واتجه كل من ابراهيم وايمان داخل غرفة جدهما ليجدا المحامي جالسا امام منضدة صغيرة يقبع فوقها الكثير من الاوراق..
..ابتسم الجد لهما واشار بيده ناحية المحامي وهو يقول..
.."..يالا عشان تمضوا على الاوراق ..وبكرة ان شاء الله تكون وثيقة الجواز جاهزة.."..
..تسمرا الاثنان بمكانهما ونظرا لبعضهما بترقب ..يتمنيان لو يجريان هربا من تلك الزيجة ..اضطرا الجلوس بجانب المحامي بعد ما وصل لاذانهما صوت جدهما وهو يحثهما بشدة.."..يالا ياولاد مستنين ايه.."..
ترددا وهما يمسكان بالقلم ويقوما بتوقيع الاوراق المطلوبة..لملم المحامي اوراقه داخل حقيبته الجلدية وقام واقفا يقول مبتسما لهما..
.."..Kutsanmış mısın.."..مبارك لكما
..وضعت ايمان كفها الصغير فوق وجنتها وقالت بامتعاض ..
.."..شكلك كدة بتقولنا مبروك...الله يبارك فيك ياخويا ..منجيلكش في حاجة وحشة.."..
..صدح اصوات عالية بالخارج فخرج ابراهيم واتبعه المحامي وايمان فوجدا بصالة البيت فتاة شقراء جميلة تلوح بيدها امام مراد وتصيح بصوت عال وبلغتها التركية تقول ..
.."..Ben derhal İbrahim'i görmek istiyorum.."..
..( اريد رؤية ابراهيم حالا )..
..اتسعت اعين ابراهيم وهمس قائلا ..
.."..التشين.."..
وهرول ناحيتها فوقف بقبالتها يقول ..
.."..Seni buraya getiren ne?.."..
..( ما الذي جاء بك الى هنا ؟ ) ..
..امسك ابراهيم بمرفق التشين ودفع بها ليخرجا من باب البيت..
..لم تحيد ايمان بنظرها عنهما ..وقفت بجانب مراد الباسم الوجه متشفيا بما يحدث..وقالت ..
.."..وتبقى مين ست شين شين دي كمان.."..
..وضعت دادة فاطمة يدها فوق فمها لتمنع ضحكتها فور سماعها كلمة نحنوح..وقالت وهي تميل ناحية اذن ايمان..
.."..دا يبقى مراد بيه ابن أصلي هانم ..وعمك سمير بيه.."..
..هزت ايمان راسها من اعلى لأسفل وقالت غير مبالية به..
.."..اااه...طيب .."..
..وعندما خطت ناحية السلم وقف مراد امامها يعوقها عن الاستمرار..وقال وهو باسم الوجه وبصوت هادئ..معاودا مد يده لها لمصافحتها مرة ثانية..
.."..مش عايزة تسلمي عليا ليه..انا مراد سمير ..ابن عمك .."..
..نظرت ليده ثم رفعت نظرها لوجهه وقالت وهي تصافحه ..
.."..وماله نسلم ..منسلمش ليه..مرحب ياكابتن.."..
..نظر مراد بانزعاج واشمئزاز ليده التي تلطخت باللون الاسود ..فنظرت إيمان ليده وقالت بأريحية ..
.."..لموأخذة ياكابتن ..بس متقلقش ..بشوية جاز حلوين ..هتنضف وتبقى فلة.." ..
..ارتسمت فوق شفتي مراد ابتسامة سمجة كاذبة وقال بتلعثم ..
.."..ايوة ...طبعا.."..
..استطرد قوله بعد ان اقترب منها ينظر اليها نظرات اعجاب عابثة..
.."..سعيد جدا بالمفأجاة دي ..مكنتش اعرف ان ليا بنت عم حلوة كدة .."..
..ضاق ما بين حاجبي إيمان ومالت شفتيها جانبا وهي تنظر له بغضب وتعجب ..وقبل ان تنطق وجدت مراد ينتفض امامها بعد ان ضرب ابراهيم كتفه بقوة وهو يقول ..
.."..اديك عرفت ..والمفأجاة الاكبر بقى لما تعرف ان بنت عمك الحلوة دي ..خطيبتي ..وبكرة كمان كتب الكتاب..ايه رأيك بالمفأجات دي ..اكيد هتنفجر من السعادة..صح يا ابن عمي.."..
..زاغ بصر مراد وهو ينتقل بعينيه بينهما ..تلكأ بكلماته وهو يقول ..
.."..انهاردة ..يوم المفاجات ..مبروك.."..
..صاحت اصلي بفزع من ورائهم بعد ان تأكدت من الخبر فور سماعها لحديث ابراهيم ..
.."..مستحيييل ابراهيم ..مستحيل اللي سمعته منك دا ..انا مصدقتش لما نيرمين قالتلي ..قلت أكيد البنت العجيبة دي بتكدب او بتخرف .."..
..ظهرت معالم الغضب فوق ملامح وجهها وقالت بصوت حاد وهي تقترب من زوجة عمها ..
.."..هي مين دي اللي عجيبة وبتكدب وبتخرف ..تقصديني انا ياست فصل تالتة تالت انتي ..لاااااا بقولك ايه ...حاسبي ع كلامك ..لحسن انتي متعرفنيش وقت ماتقوم الجنونة .."..
..اتسعت اعين اصلي وتراجعت خطوة للوراء بعد ماشهقت ووضعت كفها فوق فمها..
..امسك ابراهيم بمرفق إيمان ومشى بها باتجاه السلم وهو يقول ..
.."..اطلعي على اوضتك دلوقتي ..وياريت ماسمعش صوتك لغاية ماييجي المحامي.."..
..نفضت ايمان ذراعها بقوة من قبضة ابراهيم وهي تصيح به ..
.."..سيب دراعي ..واخر مرة تمسكني كدة والا وعزة جلال الله ماهعمل حساب حاجة او حد ..هو في ايه ".
..اقترب ابراهيم بوجهه من وجهها الغاضب وقال بصوت قوي جامد..
.."..في انك طايحة في الكل من اول ما وصلتي ..في ان جدك بيموت جوة وانتي مش هامك..في انك لازم تفهمي انك مابقتيش اسطى ايمان..وانك دلوقتي بقيتي إيمان هانم بنت الاصول ..حفيدة حافظ بيه ..رجل الاعمال المعروف..وهتكوني بكرة وللاسف زوجة ابراهيم حافظ بيه..".
..هذه المرة اقتربت إيمان منه اكثر حتى اصبح مايفصل بينهما إنشات بسيطة وقالت وهي ترفع عينها ..تنظر له بتحدي وهي تشير له بسبابتها..
.."..اهو كل الكلام اللي انت قلته دا مايدخلش ولا يكيف دماغي ببصلة حتى..انا هفضل انا ..اسطى ايمان..بنت الاسطى احمد واللي بتاكل لقمتها بعرق جبينها .. وانت وعيلتك وكل الهايلمان دا كله ماييهزش شعرة واحدة مني..ولا عايزة اكون حفيدة ولا مرات حد من البهاوات بتوعكوا.."..
..ترقرقت بعينيها سحابة رقيقة من الدموع واستطردت وهي تحبس بحلقها غصة مريرة ..
.."..انا وافقت اجي هنا عشان ابويا الله يرحمه وصاني ان لو حد منكوا جاني مقفلش الباب في وشه ..وأصل الرحم زي ما ربنا امرنا..ويكون في علمك ياباشا لولا الراجل الكبير اللي جوة دا ماسك فيا واترجاني اقعد واتمم الجوازة المهببة دي ..انا كنت مشيت وسيبتها مطربقة على دماغكوا كلكوا.."..
..صاح بها ابراهيم رافعا يده لأعلى وهو يقول ..
.."..بت انتي.."..
..وقفت زهرة بينهما ووجهها بقبالة وجه ابراهيم الغاضب وقالت ..
.."..ايه يا ابراهيم ..هتضربها..هتضرب بنت عمك .."..
..زفر ابراهيم بضيق وهو يشيح بوجهه للناحية الاخرى متخصرا بكلتا يديه..تنهد بإستسلام وقال بصوت هادئ وهو ينظر لعمته بقوة..
.."..عمتي ..مش انا اللي أمد ايدي على بنت و حضرتك عارفة كدة كويس..لكن الكائن الغريب المستفز اللي واقفة وراكي دي هي السبب.."..
..لم تجبه عمته والتفتت لتواجه ايمان الواقفة بكل تحفز وغضب والتي صاحت بوجهها ..
.."..قالك عني كائن غريب صح .."..
..وقبل ان تخطو خطوتها الاولى ناحية ابراهيم لترد..اسرعت عمتها لتتأبط بذراعها وتدفعها ناحية السلم وهي تقول ..
.."..احمد اخويا الله يرحمه اكيد ربى بنته على احترام الاكبر منها في السن..ما بالك بيا انا عمتك ..اسمعي الكلام وامشي معايا .."..
..وعلى مضض تجاوبت معها ايمان ومشت بجانبها ولكنها كانت تلتفت براسها للوراء تنظر لإبراهيم شزرا ..والذي كان بدوره ينظر لها بغضب وغيظ..
..فتحت زهرة باب غرفة ودلفا الاثنان بداخلها حتي وصلا امام مرآة الزينة ووقفت زهرة وقالت وهي تشير لانعكاس ايمان بالمرآة..
.."..ومستغربة ومضايقة انه بيقول عنك كائن غريب..شايفة نفسك في المراية عاملة ازاي..دا منظر انسة ..دا منظر بنت من الاساس.."..
..ضربت ايمان كفيها بقوة وقالت بتأفف ..
.."..استغفر الله العظيم..ماله بقى منظري ..واحدة اسطى ميكانيكي كانت بتصلح العربية بتاعتكوا ..عايزة منظرها يبقى ازاي ..وكمان ياست هانم مش بالشكل ولا المنظر ..بالاخلاق ياست الكل.."..
..سحبتها عمتها من يدها حتى جلسا سويا فوق الفراش ..قالت العمة زهرة وهي تربت فوق ظهر كفها الصغير..
.."..حبيبتي ..من اول ماشوفتك وانتي دخلتي قلب عمتك ..وانا عارفة كويس انك بنت طيبة وخلوقة ..بس لازم تفهمي ان حياتك اتغيرت تماما..انتي دلوقتي مش الميكانيكي..انتي بقيتي ايمان هانم ..ولازم تتعلمي ازاي تتصرفي وتتكلمي زي الهوانم .."..
..هبت ايمان بعد ان سحبت يدها من بين يدي عمتها وقالت ..
.."..لاااا حضرتك..انا هفضل زي مانا ..واللي مش عاجبه بالسلامة..من الاخر كدة ..هما يومين تلاتة وامشي يكون الراجل الكبير شد حيله..وحضرتك تشرفيني ببيتي في اي وقت ..هشيلك على راسي.."..
..هزت العمة زهرة رأسها يمينا وشمالا بيأس ..وقفت وربتت فوق كتف ايمان وهي تقول ..
.."..انتي للآن مش مدركة انتي بقيتي مين وتملكي ايه ..لكن جدك هيفهمك كل حاجة بعد كتب كتابك انتي وابراهيم..دلوقتي تدخلي تاخدي دش ..ونص ساعة والاقيكي قدامي عشان نتغدى ..يالا حبيبتي.."..
..كانت ايمان تنظر لها ببلاهة بفاه مفتوح واعين متسعة ..وظلت هكذا تتابع عمتها التي مشت ناحية باب الغرفة..شعرت وكانها عادت لوعيها فور انتفاضها من سماع صوت الباب الذي اغلق بقوة..التفتت حول نفسها ثم جلست ارضا واسندت ظهرها فوق جانب الفراش وقالت تهمس لنفسها..
.."..هي قالت شوية كلام جامد ..صحيح مفهمتش حاجة ..بس اكيد الحكاية جامدة وانا اللي معكوكة بالنص.."..
..اسندت وجنتها فوق كفها واستطردت همسها لنفسها بيأس واضح..
.."..وبعددددين بقى في الحوار دا ...اخلع منه ازاااي.."..
..نزلت العمة زهرة لاسفل لتجد الجميع ينتظرها بترقب ولهفة لإجابة كافة الاسئلة التي تؤرقهم فور دخول إيمان تلك البنت الغريبة لهذا البيت..
..اسرعت اصلي لتقف امامها وتصيح قائلة ..
.."..زهرة من فضلك وضحيلي معنى الكلام الفظيع اللي سمعته دا ..صحيح البنت اللوكال دي هتتجوز ابراهيم .."..
..تخطتها زهرة واتجهت ناحية كرسيها ..لتجلس بأريحية تضع ساقها فوق الاخرى وقالت بصوت هادئ وقوي وهي تشبك اصابع كلتا كفيها ببعضهما..
.."..جواز ابراهيم وايمان...امر محسوم لا رجعة فيه بأمر من بابا حافظ بيه..يعني لا انا ولا اي حد فيكو يقدر يعترض ولو بكلمة واحدة ..ودا معناه ان وجود ايمان بينا شئ لازم تتقبلوه وتتعاملوا معاه ..وبحذر اي حد فيكو انه يمسها بكلمة واحدة ..اظن كلامي واضح ومفهوم .."..
..صاحت اصلي .."..وياترى اخوكي سمير عنده علم باللي بيحصل.."
..ابتسمت زهرة وقالت بثقة ..
.."..وياترى انتي عندك شك ان سمير يقدر يعترض على امر من اوامر بابا.."..
..شهقت نيرمين واخدة تبكي وهي تجري صاعدة لغرفتها ..ووالدتها رمت بنفسها فوق كرسيها والحزن والغضب يملأ صدرها الذي ارتفع وانخفض بوضوح تام..
..مراد وضع كفيه بجيبي بنطاله وارتسمت فوق شفتيه ابتسامة ساخرة وجلس فوق ذراع كرسي والدته..أما ابراهيم فزفر بضيق وخرج من باب البيت ليشعل سيجارته بدلا من ان يشعل النار بالبيت وبمن فيه...
..وبعد برهة من الوقت كان الجميع ملتف جالسا حول مائدة الطعام صامتين وينظرون لبعضهم بتوجس وحذر ماعدا نيرمين التي كانت تنظر لإيمان بحقد وكره واضح..
..كانت ايمان تجلس معهم حول المائدة الممتلئة عن اخرها بأشهى المأكولات ..اخذت تتفحص بعينيها كل تلك الاصناف وعند كل صنف تتجلى بملامح وجهها رسومات التعجب والتساؤل فتهمس لنفسها قائلة ..
.."..اه دا اعرفه ..لا دا معرفوش ..اااه دا حاجة غريبة ..ما علينا..اهي كلها نعمة ربنا ..بسم الله الرحمن الرحيم .."..
..وقبل ان تمد يدها لتأكل لفت نظرها هاتان الواقفتان بالقرب من المائدة المرتديان زي واحدا.. ينظران للفراغ امامهما..فمالت ناحية عمتها لتقول بصوت خافت مسموع ..
.."..الا قوليلي ياحجة...قصدي ياعمتي هما البنتين الاتنين دول واقفين كدا ليه .."..
..كان ابراهيم قد بدأ بتناول طعامه بهدوء ..لم ينظر اليها ولكنه سمع ماقالته فاجابها بجمود..
.."..مش محتاجة ذكاء..دول الخدامين..واقفين عشان لو احتجنا حاجة.."..
..رمت ايمان الذي ارتسم بوجهها معالم الغضب بالملعقة امامها فصدر صوت عال لفت اليها اعين الجالسين حولها ..
..قالت ايمان باستنكار وبصوت عال..
.."..ليه ان شاء الله هو احنا اكسحنا .."..
..لفت ابراهيم راسه بحدة ناحيتها وقال بضيق..
.."..وطي صوتك واتكلمي كويس.."..
..صاحت العمة زهرة قائلة ..
.."..وبعدين معاكم انتو الاتنين.."..
..هبت ايمان واقفة بعد ماازاحت كرسيها للوراء وقالت ..
.."..سألتك ممكن اعرف ياعمتي الاتنين دول واقفين ليه كدة واحنا بناكل .."..
..كادت ان تجيبها زهرة وقبل ان تفتح فمها ..استطردت ايمان قولها وهي تلوح لها بيدها..
.."..هتقوليلي بييخدموا علينا ..هرد عليكي نفس الرد اللي معجبش الباشا ...ان احنا مش مكسحين ..وكمان انا معرفش اكل.. وفي حد واقف ومتذنب كدة ..مايقعدوا ياكلوا معانا زي مخاليق ربنا..او اروح انا اكل معاهم جوة.."..
..شهقت اصلي التي تجلس بقبالتها بعد اتسعت عيناها ذعرا مما تسمعه وقالت ..
.."..انتي بتقولي ايه يابنت انتي ..طبعا ما هو اللي زيك ومن بيئتك لازم يقول اكتر من كدة.."..
..مالت ايمان بجذعها للأمام تستند بيدها فوق سطح المائدة وبوجه مكفهر متجهم وعينان يملؤها الغضب قالت بصوت هادئ ولكنه قوي ..
.."..بقولك ايه ياللي اسمك محدش عارف اصله من فصله..انتي ست كبيرة ومرات عمي على راسي ..لكن اسمع منك كلام ميعجبنيش ساعتها مش هعمل حساب حاجة وهقلبها دندرة على دماغ الكل وخصوصا على دماغك اللي شبه الكرنبة المكتومة دي.."..
..وبكل مرة تسمع اصلي كلمات ايمان الساخطة تشهق بصوت عال..بعد ما وضعت كفها الصغير فوق رأسها تمسدها لتطمئن بعد وصفها برأس الكرنب.. تراجعت للوراء والفزع مرتسم بملامح وجهها..
..ضربت زهرة المائدة بقبضتها وهي تصرخ ..
.."..بس انتو الاتنين ..مش عايزة اسمع صوت حد فيكو ... (اصلي) مسمعش منك كلمة تاني عن ايمان بنت اخويا...وانتي ياايمان اظن انك عارفة انه مايصحش وعيب لما بنت زيك تقول كلام زي دا وخصوصا لمرات عمك ..اتفضلي اقعدي وكملي اكلك.."..
..ظلت ايمان واقفة بمكانها وقالت ..
.."..معلش ياعمتي ..انا مش هحط لقمة ببوقي غير لما الاتنين دول ييقعدوا معانا او يدخلوا جوة وميقفوش كدة.."..
..اغمضت زهرة عينيها بيأس من يباسة رأس ابنة اخيها..التفتت ناحية الفتاتان اللتان كانتا ينظران لبعضهما بتوجس وقلق ..فقالت وهي تشير لهما بيدها ..
.."..عائشة ..جانسو...İkinizin içinde.."..
..( للداخل انتما الاثنتان )..
..ارتبكا الفتاتان بوقفتها ثم اشارا برأسيهما بالإيجاب واسرعا باتجاه المطبخ..قالت زهرة وهي تنظر لإيمان ..
.."..اظن دلوقتي تقعدي وتاكلي وياريت من غير ما اسمع صوت حد فيكو تاني.."..
..جلست ايمان وقالت ..
.."..متشكرين ..اهو كدة الواحد ياكل وهو مرتاح..مع اني معرفش ايه الاكل دا ..بس هاكله..انا ميتة من الجوع.."..
..انتهى الجميع من تناول الطعام واتجه كل من ابراهيم وايمان داخل غرفة جدهما ليجدا المحامي جالسا امام منضدة صغيرة يقبع فوقها الكثير من الاوراق..
..ابتسم الجد لهما واشار بيده ناحية المحامي وهو يقول..
.."..يالا عشان تمضوا على الاوراق ..وبكرة ان شاء الله تكون وثيقة الجواز جاهزة.."..
..تسمرا الاثنان بمكانهما ونظرا لبعضهما بترقب ..يتمنيان لو يجريان هربا من تلك الزيجة ..اضطرا الجلوس بجانب المحامي بعد ما وصل لاذانهما صوت جدهما وهو يحثهما بشدة.."..يالا ياولاد مستنين ايه.."..
ترددا وهما يمسكان بالقلم ويقوما بتوقيع الاوراق المطلوبة..لملم المحامي اوراقه داخل حقيبته الجلدية وقام واقفا يقول مبتسما لهما..
.."..Kutsanmış mısın.."..مبارك لكما
..وضعت ايمان كفها الصغير فوق وجنتها وقالت بامتعاض ..
.."..شكلك كدة بتقولنا مبروك...الله يبارك فيك ياخويا ..منجيلكش في حاجة وحشة.."..
..صدح اصوات عالية بالخارج فخرج ابراهيم واتبعه المحامي وايمان فوجدا بصالة البيت فتاة شقراء جميلة تلوح بيدها امام مراد وتصيح بصوت عال وبلغتها التركية تقول ..
.."..Ben derhal İbrahim'i görmek istiyorum.."..
..( اريد رؤية ابراهيم حالا )..
..اتسعت اعين ابراهيم وهمس قائلا ..
.."..التشين.."..
وهرول ناحيتها فوقف بقبالتها يقول ..
.."..Seni buraya getiren ne?.."..
..( ما الذي جاء بك الى هنا ؟ ) ..
..امسك ابراهيم بمرفق التشين ودفع بها ليخرجا من باب البيت..
..لم تحيد ايمان بنظرها عنهما ..وقفت بجانب مراد الباسم الوجه متشفيا بما يحدث..وقالت ..
.."..وتبقى مين ست شين شين دي كمان.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة السادسة 6 كاملة مكتوبة
المشهد 6
..وقف مراد بجانب ايمان واضعا كلتا كفيه بجيبي بنطاله ..مال ناحية اذنها وقال هامسا..
.."..دي تبقى..التشين..صاحبة وحبيبة ابراهيم..زوج المستقبل.."..
..مطت ايمان شفتيها بعد رفع حاجبها الايمن ثم قالت..
.."..ياحلاوة المولد ..صاحبته وحبيبته الاتنين مع بعض..طب دا احنا لازم نرحب بيها ..المزة في بيتنا بردو..الواجب والاصول بتقول كدة.."..
..تفاجأ مراد بقبضة ايمان تمسك بكتف قميصه ودفعت به ليمشي بجانبها وهي تقول بصوت مسموع قوي..
.."..لموأخذة ياكابتن عايزاك في خدمة كدة.."..
..ردد مراد مذهولا..يتبعها منصاعا فاردا ذراعه ..
.."..حاضر..معاكي..اتفضلي.. "..
..خرجا الاثنان من باب البيت ..فأتسعت عيني إيمان فور رؤيتها لتلك الالتشين تغمس بنفسها داخل حضن ابراهيم وهي تبكي وتتحدث من بين شهقاتها بكلمات تركية غير مفهومة ..
..ضربت ايمان بكوعها معدة مراد الواقف بجانبها مبتسم الوجه..فقالت بغضب ..
.."..ترجم ياكابتن ..البت المتشحتفة دي بتقوله ايه.."..
شهق مراد بألم وهو يمسد فوق معدته وقال بصوت يشوبه الالم..
.."..طيب من غير ضرب..بتقوله..لا ابراهيم حبيبي لا..مستحيل اصدق اللي سمعته..حبيبي ارجوك قول انه كدب.."..
..امسكت ايمان بمقدمة قميص مراد وسحبته معها لتكون بالقرب منهما..ثم مدت يدها تشد التشين من مرفقها ..تنزعها من داخل حضن ابراهيم الذي يقف متأففا من بكائها والتصاقها به وقالت بصوت عال..
.."..لا ياابلة مش كدب دا حقيقي ..حقيقي ونص كمان..معلش بقى.. تبقى في حضنك وتقسم لغيرك.."..
..نزعت التشين مرفقها من يد إيمان بقوة بعد ما ارتسم الغضب بملامح وجهها..نظرت لإيمان من اعلى لاسفل بازدراء واضح وقالت ..
.."..ne ?!.."..
.( ماذا؟ ) .
..قالت ايمان وهي لاتحيد بنظرها عنها وبنفس الوقت وهي تهز بمرفق مراد بقوة..
.."..بلا نيه ..بلا تيه...ترجم اللي قولته يا عم الامور.."..
..صاح ابراهيم غاضبا بوجه مراد وهو يشير له بسبابته..
.."..انت اللي بلغتها مش كدة ..اوك..الحساب يجمع.."..
..رفع مراد كتفيه وقال ساخرا..
.."..هي اتصلت بيا تسأل عنك..قلتلها قاعد جوة بيمضي ورق جوازه..يعني مكدبتش ..هي اللي جت بسرعة الصاروخ.."..
..التصقت التشين للمرة الثانية بذراع ابراهيم وهي تقول بصوت خافت ضعيف ونبرة باكية..
.."...Lütfen Ibrahim benimle gel.."..
( من فضلك ابراهيم تعال معي )
..تأففت إيمان ثم وبكل قوتها نزعت ذراع ابراهيم من براثن يد التشين ..وعن قصد واضح وضعت اصابعها بين اصابع يد ابراهيم ليتشابكا سويا وقالت وهي تشد يده ليمشي معها ..
.."..بعد اذنك ياباشا ..عايزاك بكلمة على جنب.."..
..ووسط ذهول من حولها حتى ابراهيم الذي نظر لكفها الصغير المندس داخل كفه الكبير مشى معها ليتجها سويا للشجرة الكبيرة المزروعة بمنتصف حديقة الفيلا ..حاولت التشين اللحاق بهما ..فإستدارت لها ايمان وقالت بغضب وبصوت عال وهي تلوح بيدها امامها..واليد الاخرى مازالت بيد ابراهيم..
.."..وعزة جلال الله لو جيتي ورانا لااجيبك من شعرك..اقصري الشر احسنلك.."..
..اشارت ايمان بيدها لمراد الواقف مشاهدا ومستمتعا بما يراه وقالت..
.."..ترجملها ياسمك ايه انت.."..
..دفع ابراهيم بإيمان لتقف خلفه ووقف بقبالة التشين وقال ..
.."..التشين Biraz bekle, sonra konuşuruz.."..
( التشين ..انتظري قليلا ..سنتحدث سويا فيما بعد )
..التفت ابراهيم لإيمان وقال وهو يمشي بجانبها دون ان يدع يدها..
.."..وانتي تعالي معايا.."..
..توقفا الاثنان بجانب الشجرة الكبيرة القابعة
.. فقال ابراهيم ..
.."..نعم ياانسة ايمان ..عايزة تقولي ايه.."..
..رمت ايمان بيده ورفعت سبابتها امام وجه ابراهيم المتعجب وقالت بتحذير واضح..
.."..بقولك ايه ياباشا ..عشان نبقى على مية بيضا من اولها..موضوع جوازنا دا..انا وافقت عليه ..لأجل خاطر الراجل الكبير..ولغاية مايقوم بالسلامة...انا وانت قدام الناس راجل ومراته..يعني زي ماهحافظ على كرامتك ..سيادتك ياباشا تحافظ على كرامتي ..وبالقوي كمان..والبت المايعة بتاعتك دي لازم تفهم كدة وتفكها منك ..انا مش هسمح لمن كان يكون يدوس على طرف كرامتي ويقولي الحقي جوزك ماشي مع مين و انك مش مالية عينه ..اامين ياباشا.."..
..تكتف ابراهيم بذراعيه امام صدره وقال بهدوء جملته لإثارة غضبها بعد ما تعجب مما قالته..
.."..واذا ماوافقتش على الكلام دا.."..
..تكتفت ايمان بدورها وقالت وهي تهز كتفيها بعصبية..
.."..يبقى كل واحد يروح لحاله ..واهو الأخ المحامي لسة موجود ..نقطع الورق ونفضها سيرة..ماهو انا مش هفضل اشرح لكل مزة ماسكة فيك انا ابقى ايه..مرة بنت عمك المايصة و دلوقتي شين شين هانم .."..
..زفر ابراهيم بضيق وانزل بذراعيه جانبا يقول ..
.."..خلاص ..اوك..متقلقيش ..جوازنا قدام الناس هيكون بالشكل اللائق ليا قبل مايكون ليكي..والتشين انا هفهمها الوضع بشكل لا يسئ ليكي .."..
..فردت إيمان ذراعها لتسمح له بأن يتجاوزها ويتجه لالتشين وهي تقول رافعة انفها لأعلى..
.."..اتفضل روح فهمها ..معاك نصاية ..وبعد كدة يبقى مات الكلام ومش هنعيده تاني.."..
..ضاقت عيني ابراهيم وهو يميل بوجهه ناحية وجهها وقالت مستغربا..
.."..ايه..نصاية..يعني ايه.."..
..ضربت ايمان بكفيها وقالت ساخرة ..
.."..نصاية ياباشا..يعني نص ساعة ..مش محتاجة فكاكة يعني.."..
..مسح ابراهيم وجهه بغيظ وقال وهو يمشي بعيدا عنها..
.."..اللهم الصبر ..ياارب.."..
...وقفت ايمان تراقب الموقف من بعيد لتجد بالنهاية التشين تهرول ناحية بوابة الحديقة وهي تدب الارض من تحتها وصوت بكائها العال يملأ المكان ..وابراهيم ينظر للارض متخصرا ويهز رأسه بيأس واضح ..
..مرت عدة ساعات وحل الليل والسكون المكان..كان الكل ملتزنا بمكانه..ماعدا إيمان التي شعرت بالضجر من غرفتها وكذلك بالغيظ لعدم استطاعتها النوم بعيدا عن غرفتها القديمة ببيتها بالحارة..أما ابراهيم فقد خرج بسيارته لمكان غير معلوم..
..نزلت ايمان درجات السلم بهدوء..حتى خرجت من الباب متجهة ناحية الارجوحة التي تواجه حوض سباحة كبير ..
..جلست تتأرجح ببطأ وتفكر كيف مر عليها هذا اليوم
بكل احداثه..انتفضت بمكانها ووضعت يدها فوق صدرها فور سماعها صوت ابراهيم وهو يقول..
.."..قاعدة عندك بتعملي ايه.."..
..قالت ايمان بعد ان ارتجف صوتها..
.."..بسم الله الرحمن الرحيم ..خضتني..ياباشا بعد كدة إبقى اتنحنح قبل ماتتكلم.."..
..جلس بجانبها وهو يقول ساخرا..
.."..هبقى اتنحنح المرة الجاية .."..
..رمى فوق فخذيها حقيبة صغيرة وهو يستطرد قائلا ..
.."..اتفضلي.."..
..امسكت ايمان بالحقيبة لتفتحتها بلهفة واضحة تنظر بداخلها ..اتسع فاهها فور رؤيتها للهاتف الجديد ..هتفت بسعادة ..
.."..موبيل جديد ..والله انت ابن حلال ياباشا ..انا كنت هطق عشان عايزة اكلم البت لوزة ..ودا تمنه كام بقى.."..
..رجع ابراهيم بظهره للوراء وقال ساخرا بعد ان كتف ذراعيه..
.."..دا هدية من جدك ..الموبايل فيه الخط ..وجاهز للاستعمال ..يعني مش هتتعبي في استخدامه.."..
..تنهدت ايمان باربحية وهي تحتضن الهاتف وقالت ..
.."..ابو الزوق والله ..وربنا يشفيك ياجدي..بس يكون في علمك ياباشا انا مكنتش هاخده الا وانا دافعة حقه..ابويا الله يرحمه كان دايما يقولي..اوعي تاخدي حاجة مش من حقك ..واوعي تسيبي حقك حد ياخده منك.."..
..وبكل مرة يستمع لها ابراهيم تثير بداخله مشاعر غريبة وكلما تثير غضبه ..تثير اعجابه ببعض الاحيان..التفت لها برأسه وهو يسالها..
.."..انتي ليه مكملتيش تعليمك .."..
..جلست ايمان كالقرفصاء فوق الارجوحة وقالت وهي تصيح ..
.."..مكملتش تعليمي دا ايه ياباشا ..انا معايا دبلوم صنايع قسم كهربا.."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال متسائلا ..
.."..دبلوم صنايع...واشمعنا يعني قسم كهربا.."..
..بدأت ايمان تتحدث بحماس واريحية وقالت..
.."..اصل انت مش واخد بالك ..انا ليا نظرية في موضوع التعليم دا .."..
..اعتدل ابراهيم بجلسته ليكون بقبالتها وقال متعجبا ساخرا بعد ما استند بذراعه فوق ظهر الارجوحة..
.."..والله ..بقى حضرتك ليكي نظرية في التعليم ..وياترى ايه هي النظرية اللي انجبتها العقلية الفذة.."..
..اجابته مسرعة..
.."..اقولك...بص يا سيدي..كل واحد لازم يتعلم الحاجة اللي شاطر فيها ..عشان يقدر يفيد نفسه ويفيد اللي حواليه ..الجامعة بيخرج منها الفات من الشباب كل سنة وتلات ارباعهم متلقحين ع القهاوي او بيشتغلوا حاجة تانية غير اللي اتعلموه في الجامعة..دا غير اللي بيطفش من البلد وهو فاكر نفسه هيحقق اللي محصلش ومابيفلحش منهم الا اتنين تلاتة والباقي بيتمرمط .."..
..رفع ابراهيم حاجبه وهز رأسه تجاوبا مع ماقالته ..وقال..
.."..ها...كملي.."..
.."..انا زي ماقولتلك قبل كدة إني اتعلمت صنعة ابويا من وانا لسة صغيرة واللي هي الميكانيكا..ايه بقى اللي هيساعدني في صنعتي دي..اني اتعلم جمبها كهربا السيارات..وفعلا اتعلمت وساعدتني كتير اوي في شغلي بصراحة.."..
..نظر لها ابراهيم وكأنه يراها لأول مرة ..وقال بعد ان مط شفتيه للامام ..
..".. احترم وجهة نظرك .."..
..ربتت ايمان بيدها فوق صدرها وقالت وهي تهز رأسها والابتسامة تزين شفتيها..
.."..توشكر ياذوق.."..
..رفعت سبابتها امام وجهه وهي تقول بثقة ...
.."..لعلمك انا كنت شاطرة جدا في المدرسة وانا صغيرة وخصوصا في الحساب..بس هو العربي اللي كنت بجيب فيه كحك...اصل كنت بكره النحو اوي ..مالي انا بكان وجيرانها ...وإن وقرايبها..وجرار يجر مجرجر وراه.. ."..
..ضاقت عين ابراهيم ومسح وجهه بكلتا كفيه غيظا.. وقبل ان ينطق ...اسرعت بقولها متسائلة بلهفة..
.."..الا قولي يا باشا ..هو انت بتمسح وشك وانا بكلمك كل مرة ليه ..هو انا بتفتف في وشك لموأخذة.."..
..ارتسمت علامات التقزز بملامح وجهه وهو يقول..
.."..كاتك القرف.."..
..اعتدل بجلسته واستطرد قوله محاولة منه لافهامها ..
.."...ياهانم ..اسمها كان واخوتها ..وإن واخواتها.."..
..صاحت بنبرة صوت واثقة..
.."..شوفت ياباشا ..اهم طلعوا عيلة في بعضيهم ..ها ..مالي انا بقى بيهم..وهما قرايب في ذات شخصايتهم كدة .. نتدخل ليييه..وقال ايه.. نكسر ونرفع اللي يجي وراهم ..مالي انا بمين هيرفع مين ..ومين هيكسر ايه..مش ليا حق بذمتك منجحش فيه.."..
..هز ابراهيم راسه باستسلام وقال...
.."..عندك حق طبعا ..مشاكل عائلية ملناش دعوة بيها..وطبعا نجحتي بالغش.."..
..رفعت ايمان يدها معترضة وقالت بكل ثقة..
.."..لا ياباشا مش بالغش ..كله بالحب.."..
..ضحك ابراهيم بصوت عال ..فضحكت ايمان معه عندما تذكرت مافعلته وقت اختبار مادة اللغة العربية ..كانت العمة زهرة تشاهدهم عبر زجاج نافذة غرفتها والابتسامة ترتسم فوق شفتيها لرؤية ابناء اخوتها المقربين لقلبها يضحكون سويا ..على غرار من ينظر لهم بحقد وكره وهو يقف وراء ستار النافذة ويهمس لنفسه.."..على جثتي انكو تكونوا لبعض .."..
..وقف مراد بجانب ايمان واضعا كلتا كفيه بجيبي بنطاله ..مال ناحية اذنها وقال هامسا..
.."..دي تبقى..التشين..صاحبة وحبيبة ابراهيم..زوج المستقبل.."..
..مطت ايمان شفتيها بعد رفع حاجبها الايمن ثم قالت..
.."..ياحلاوة المولد ..صاحبته وحبيبته الاتنين مع بعض..طب دا احنا لازم نرحب بيها ..المزة في بيتنا بردو..الواجب والاصول بتقول كدة.."..
..تفاجأ مراد بقبضة ايمان تمسك بكتف قميصه ودفعت به ليمشي بجانبها وهي تقول بصوت مسموع قوي..
.."..لموأخذة ياكابتن عايزاك في خدمة كدة.."..
..ردد مراد مذهولا..يتبعها منصاعا فاردا ذراعه ..
.."..حاضر..معاكي..اتفضلي..
..خرجا الاثنان من باب البيت ..فأتسعت عيني إيمان فور رؤيتها لتلك الالتشين تغمس بنفسها داخل حضن ابراهيم وهي تبكي وتتحدث من بين شهقاتها بكلمات تركية غير مفهومة ..
..ضربت ايمان بكوعها معدة مراد الواقف بجانبها مبتسم الوجه..فقالت بغضب ..
.."..ترجم ياكابتن ..البت المتشحتفة دي بتقوله ايه.."..
شهق مراد بألم وهو يمسد فوق معدته وقال بصوت يشوبه الالم..
.."..طيب من غير ضرب..بتقوله..لا ابراهيم حبيبي لا..مستحيل اصدق اللي سمعته..حبيبي ارجوك قول انه كدب.."..
..امسكت ايمان بمقدمة قميص مراد وسحبته معها لتكون بالقرب منهما..ثم مدت يدها تشد التشين من مرفقها ..تنزعها من داخل حضن ابراهيم الذي يقف متأففا من بكائها والتصاقها به وقالت بصوت عال..
.."..لا ياابلة مش كدب دا حقيقي ..حقيقي ونص كمان..معلش بقى.. تبقى في حضنك وتقسم لغيرك.."..
..نزعت التشين مرفقها من يد إيمان بقوة بعد ما ارتسم الغضب بملامح وجهها..نظرت لإيمان من اعلى لاسفل بازدراء واضح وقالت ..
.."..ne ?!.."..
.( ماذا؟ ) .
..قالت ايمان وهي لاتحيد بنظرها عنها وبنفس الوقت وهي تهز بمرفق مراد بقوة..
.."..بلا نيه ..بلا تيه...ترجم اللي قولته يا عم الامور.."..
..صاح ابراهيم غاضبا بوجه مراد وهو يشير له بسبابته..
.."..انت اللي بلغتها مش كدة ..اوك..الحساب يجمع.."..
..رفع مراد كتفيه وقال ساخرا..
.."..هي اتصلت بيا تسأل عنك..قلتلها قاعد جوة بيمضي ورق جوازه..يعني مكدبتش ..هي اللي جت بسرعة الصاروخ.."..
..التصقت التشين للمرة الثانية بذراع ابراهيم وهي تقول بصوت خافت ضعيف ونبرة باكية..
.."...Lütfen Ibrahim benimle gel.."..
( من فضلك ابراهيم تعال معي )
..تأففت إيمان ثم وبكل قوتها نزعت ذراع ابراهيم من براثن يد التشين ..وعن قصد واضح وضعت اصابعها بين اصابع يد ابراهيم ليتشابكا سويا وقالت وهي تشد يده ليمشي معها ..
.."..بعد اذنك ياباشا ..عايزاك بكلمة على جنب.."..
..ووسط ذهول من حولها حتى ابراهيم الذي نظر لكفها الصغير المندس داخل كفه الكبير مشى معها ليتجها سويا للشجرة الكبيرة المزروعة بمنتصف حديقة الفيلا ..حاولت التشين اللحاق بهما ..فإستدارت لها ايمان وقالت بغضب وبصوت عال وهي تلوح بيدها امامها..واليد الاخرى مازالت بيد ابراهيم..
.."..وعزة جلال الله لو جيتي ورانا لااجيبك من شعرك..اقصري الشر احسنلك.."..
..اشارت ايمان بيدها لمراد الواقف مشاهدا ومستمتعا بما يراه وقالت..
.."..ترجملها ياسمك ايه انت.."..
..دفع ابراهيم بإيمان لتقف خلفه ووقف بقبالة التشين وقال ..
.."..التشين Biraz bekle, sonra konuşuruz.."..
( التشين ..انتظري قليلا ..سنتحدث سويا فيما بعد )
..التفت ابراهيم لإيمان وقال وهو يمشي بجانبها دون ان يدع يدها..
.."..وانتي تعالي معايا.."..
..توقفا الاثنان بجانب الشجرة الكبيرة القابعة
.. فقال ابراهيم ..
.."..نعم ياانسة ايمان ..عايزة تقولي ايه.."..
..رمت ايمان بيده ورفعت سبابتها امام وجه ابراهيم المتعجب وقالت بتحذير واضح..
.."..بقولك ايه ياباشا ..عشان نبقى على مية بيضا من اولها..موضوع جوازنا دا..انا وافقت عليه ..لأجل خاطر الراجل الكبير..ولغاية مايقوم بالسلامة...انا وانت قدام الناس راجل ومراته..يعني زي ماهحافظ على كرامتك ..سيادتك ياباشا تحافظ على كرامتي ..وبالقوي كمان..والبت المايعة بتاعتك دي لازم تفهم كدة وتفكها منك ..انا مش هسمح لمن كان يكون يدوس على طرف كرامتي ويقولي الحقي جوزك ماشي مع مين و انك مش مالية عينه ..اامين ياباشا.."..
..تكتف ابراهيم بذراعيه امام صدره وقال بهدوء جملته لإثارة غضبها بعد ما تعجب مما قالته..
.."..واذا ماوافقتش على الكلام دا.."..
..تكتفت ايمان بدورها وقالت وهي تهز كتفيها بعصبية..
.."..يبقى كل واحد يروح لحاله ..واهو الأخ المحامي لسة موجود ..نقطع الورق ونفضها سيرة..ماهو انا مش هفضل اشرح لكل مزة ماسكة فيك انا ابقى ايه..مرة بنت عمك المايصة و دلوقتي شين شين هانم .."..
..زفر ابراهيم بضيق وانزل بذراعيه جانبا يقول ..
.."..خلاص ..اوك..متقلقيش ..جوازنا قدام الناس هيكون بالشكل اللائق ليا قبل مايكون ليكي..والتشين انا هفهمها الوضع بشكل لا يسئ ليكي .."..
..فردت إيمان ذراعها لتسمح له بأن يتجاوزها ويتجه لالتشين وهي تقول رافعة انفها لأعلى..
.."..اتفضل روح فهمها ..معاك نصاية ..وبعد كدة يبقى مات الكلام ومش هنعيده تاني.."..
..ضاقت عيني ابراهيم وهو يميل بوجهه ناحية وجهها وقالت مستغربا..
.."..ايه..نصاية..يعني ايه.."..
..ضربت ايمان بكفيها وقالت ساخرة ..
.."..نصاية ياباشا..يعني نص ساعة ..مش محتاجة فكاكة يعني.."..
..مسح ابراهيم وجهه بغيظ وقال وهو يمشي بعيدا عنها..
.."..اللهم الصبر ..ياارب.."..
...وقفت ايمان تراقب الموقف من بعيد لتجد بالنهاية التشين تهرول ناحية بوابة الحديقة وهي تدب الارض من تحتها وصوت بكائها العال يملأ المكان ..وابراهيم ينظر للارض متخصرا ويهز رأسه بيأس واضح ..
..مرت عدة ساعات وحل الليل والسكون المكان..كان الكل ملتزنا بمكانه..ماعدا إيمان التي شعرت بالضجر من غرفتها وكذلك بالغيظ لعدم استطاعتها النوم بعيدا عن غرفتها القديمة ببيتها بالحارة..أما ابراهيم فقد خرج بسيارته لمكان غير معلوم..
..نزلت ايمان درجات السلم بهدوء..حتى خرجت من الباب متجهة ناحية الارجوحة التي تواجه حوض سباحة كبير ..
..جلست تتأرجح ببطأ وتفكر كيف مر عليها هذا اليوم
بكل احداثه..انتفضت بمكانها ووضعت يدها فوق صدرها فور سماعها صوت ابراهيم وهو يقول..
.."..قاعدة عندك بتعملي ايه.."..
..قالت ايمان بعد ان ارتجف صوتها..
.."..بسم الله الرحمن الرحيم ..خضتني..ياباشا بعد كدة إبقى اتنحنح قبل ماتتكلم.."..
..جلس بجانبها وهو يقول ساخرا..
.."..هبقى اتنحنح المرة الجاية .."..
..رمى فوق فخذيها حقيبة صغيرة وهو يستطرد قائلا ..
.."..اتفضلي.."..
..امسكت ايمان بالحقيبة لتفتحتها بلهفة واضحة تنظر بداخلها ..اتسع فاهها فور رؤيتها للهاتف الجديد ..هتفت بسعادة ..
.."..موبيل جديد ..والله انت ابن حلال ياباشا ..انا كنت هطق عشان عايزة اكلم البت لوزة ..ودا تمنه كام بقى.."..
..رجع ابراهيم بظهره للوراء وقال ساخرا بعد ان كتف ذراعيه..
.."..دا هدية من جدك ..الموبايل فيه الخط ..وجاهز للاستعمال ..يعني مش هتتعبي في استخدامه.."..
..تنهدت ايمان باربحية وهي تحتضن الهاتف وقالت ..
.."..ابو الزوق والله ..وربنا يشفيك ياجدي..بس يكون في علمك ياباشا انا مكنتش هاخده الا وانا دافعة حقه..ابويا الله يرحمه كان دايما يقولي..اوعي تاخدي حاجة مش من حقك ..واوعي تسيبي حقك حد ياخده منك.."..
..وبكل مرة يستمع لها ابراهيم تثير بداخله مشاعر غريبة وكلما تثير غضبه ..تثير اعجابه ببعض الاحيان..التفت لها برأسه وهو يسالها..
.."..انتي ليه مكملتيش تعليمك .."..
..جلست ايمان كالقرفصاء فوق الارجوحة وقالت وهي تصيح ..
.."..مكملتش تعليمي دا ايه ياباشا ..انا معايا دبلوم صنايع قسم كهربا.."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال متسائلا ..
.."..دبلوم صنايع...واشمعنا يعني قسم كهربا.."..
..بدأت ايمان تتحدث بحماس واريحية وقالت..
.."..اصل انت مش واخد بالك ..انا ليا نظرية في موضوع التعليم دا .."..
..اعتدل ابراهيم بجلسته ليكون بقبالتها وقال متعجبا ساخرا بعد ما استند بذراعه فوق ظهر الارجوحة..
.."..والله ..بقى حضرتك ليكي نظرية في التعليم ..وياترى ايه هي النظرية اللي انجبتها العقلية الفذة.."..
..اجابته مسرعة..
.."..اقولك...بص يا سيدي..كل واحد لازم يتعلم الحاجة اللي شاطر فيها ..عشان يقدر يفيد نفسه ويفيد اللي حواليه ..الجامعة بيخرج منها الفات من الشباب كل سنة وتلات ارباعهم متلقحين ع القهاوي او بيشتغلوا حاجة تانية غير اللي اتعلموه في الجامعة..دا غير اللي بيطفش من البلد وهو فاكر نفسه هيحقق اللي محصلش ومابيفلحش منهم الا اتنين تلاتة والباقي بيتمرمط .."..
..رفع ابراهيم حاجبه وهز رأسه تجاوبا مع ماقالته ..وقال..
.."..ها...كملي.."..
.."..انا زي ماقولتلك قبل كدة إني اتعلمت صنعة ابويا من وانا لسة صغيرة واللي هي الميكانيكا..ايه بقى اللي هيساعدني في صنعتي دي..اني اتعلم جمبها كهربا السيارات..وفعلا اتعلمت وساعدتني كتير اوي في شغلي بصراحة.."..
..نظر لها ابراهيم وكأنه يراها لأول مرة ..وقال بعد ان مط شفتيه للامام ..
..".. احترم وجهة نظرك .."..
..ربتت ايمان بيدها فوق صدرها وقالت وهي تهز رأسها والابتسامة تزين شفتيها..
.."..توشكر ياذوق.."..
..رفعت سبابتها امام وجهه وهي تقول بثقة ...
.."..لعلمك انا كنت شاطرة جدا في المدرسة وانا صغيرة وخصوصا في الحساب..بس هو العربي اللي كنت بجيب فيه كحك...اصل كنت بكره النحو اوي ..مالي انا بكان وجيرانها ...وإن وقرايبها..وجرار يجر مجرجر وراه.. ."..
..ضاقت عين ابراهيم ومسح وجهه بكلتا كفيه غيظا.. وقبل ان ينطق ...اسرعت بقولها متسائلة بلهفة..
.."..الا قولي يا باشا ..هو انت بتمسح وشك وانا بكلمك كل مرة ليه ..هو انا بتفتف في وشك لموأخذة.."..
..ارتسمت علامات التقزز بملامح وجهه وهو يقول..
.."..كاتك القرف.."..
..اعتدل بجلسته واستطرد قوله محاولة منه لافهامها ..
.."...ياهانم ..اسمها كان واخوتها ..وإن واخواتها.."..
..صاحت بنبرة صوت واثقة..
.."..شوفت ياباشا ..اهم طلعوا عيلة في بعضيهم ..ها ..مالي انا بقى بيهم..وهما قرايب في ذات شخصايتهم كدة .. نتدخل ليييه..وقال ايه.. نكسر ونرفع اللي يجي وراهم ..مالي انا بمين هيرفع مين ..ومين هيكسر ايه..مش ليا حق بذمتك منجحش فيه.."..
..هز ابراهيم راسه باستسلام وقال...
.."..عندك حق طبعا ..مشاكل عائلية ملناش دعوة بيها..وطبعا نجحتي بالغش.."..
..رفعت ايمان يدها معترضة وقالت بكل ثقة..
.."..لا ياباشا مش بالغش ..كله بالحب.."..
..ضحك ابراهيم بصوت عال ..فضحكت ايمان معه عندما تذكرت مافعلته وقت اختبار مادة اللغة العربية ..كانت العمة زهرة تشاهدهم عبر زجاج نافذة غرفتها والابتسامة ترتسم فوق شفتيها لرؤية ابناء اخوتها المقربين لقلبها يضحكون سويا ..على غرار من ينظر لهم بحقد وكره وهو يقف وراء ستار النافذة ويهمس لنفسه.."..على جثتي انكو تكونوا لبعض .."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة السابعة 7 كاملة مكتوبة
المشهد 7
..وضعت ايمان الهاتف بحجرها وقالت بصوت هادئ ..
.."..بقولك ايه ياباشا ..انا عايزة افهم .."..
..نظر ابراهيم اليها وقال ..
.."..عايزة تفهمي ايه .."..
..لوحت بيدها وهي تشير للبيت وتقول متسائلة..
.."..عايزة افهم البيت دا والناس اللي عايشة فيه..عايزة افهم انتو ليه عايشين هنا بتركيا وسايبين مصر ..وحضرتك ياباشا فين ابوك وامك ..وعمتي مالها ..لوحدها ليه..وعمي اللي اسمه سمير فين .."..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت هادئ..
.."..اولا البيت دا يبقى بيتك والناس اللي عايشة فيه يبقوا اهلك ..
..ثانيا احنا مش سايبين مصر وعايشين هنا ..احنا اقامتنا دايما في مصر وبنيجي هنا تلات شهور كل سنة بس نظرا لان في جزء من شغلنا هنا بتركيا..انا وعمي اللي بنفضل طول السنة مابين مصر وتركيا عشان الشغل ..دا غير ان لينا اقارب هنا بتركيا زي اهل مرات عمك اصلي هانم و واصدقاء حميمين لجدك...كل الموضوع ان لما جدك تعب اقامتنا طالت شوية..
..ثالثا ياستي عمتك ارملة من زمان ومرضيتش تتجوز تاني لانها كانت بتعشق جوزها ..انا بقى والدي ووالدتي ماتوا بحادثة وانا كنت ساعتها طفل ماكملش الخمس سنين.. وعمتك زهرة هي اللي ربتني..أما بخصوص عمك سمير فهو مسافر المانيا في شغل ..بس ياستي ..دي حكاية البيت والناس اللي فيه.."..
..اعتدلت اكثر بجلستها وقالت بصوت يشوبه بعض الحزن..
.."..معلش يعني لو كنت قلبت عليك المواجع بخصوص ابوك وامك الله يرحمهم...ومعلش تاني اذا كنت هسألك..طالما البيت وناسه زي الفل اهو ..ليه بقى جدنا راسه والف ج......"..
..اطبقت كلتا شفتيها عندما اتسعت عيناه لها غضبا..قبل ان تنطق بكلمتها الاخيرة..فتلكأت وهي تقول ..
.."..قصدي.. اقول..ليه جدي راسه والف سيف يجوزنا لبعض .."..
..عاود ابراهيم استناد ظهره فوق ظهر الارجوحة وهو يقول..
.."..اكيد عنده اسبابه اللي هنعرفها منه قريب..المهم دلوقتي اننا نسمع كلامه ومنزعلهوش لغاية مايخف ويقوم بالسلامة.."..
..مالت ايمان بشفتيها جانبا وهي تقول باستسلام..
.."..طيب..اصل انا كنت فاكرة اني هاجي هنا يومين تلاتة نتعرف على بعضينا وارجع تاني لبيتي وشغلي ..لكن شكل الحكاية هتطول ..وكدة مش هينفع بصراحة.."..
..ذم ابراهيم شفتيه بدوره وهو يقول ..
.."..ليه مش هينفع ..سعادة الهانم وراها ايه هناك .."..
..لوحت ايمان بيدها امام وجه ابراهيم وهي تقول ..
.."..وحياة رحمة والديك ماتتريقش عليا..انا ورايا عيلة مسئولين مني ومتعلقين برقبتي..ماينفعش اغيب عنهم كتير..فعشان يكون عندك علم انا اخري بالبلد دي هما عشر ايام بالكتير .."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال وهو ينظر لها متسائلا ..
.."..برقبتك عيلة..اللي اعرفه ان عمي ومراته الله يرحمهم ..وانتي مالكيش اخوات..يبقى عيلة مين .."..
..اجابته بقولها..
.."..الواد محمود بلاطة ياباشا.. الصبي بتاعي واخته لوزة وامه الست تهاني ..جيراني الباب في الباب..مسئولين مني بعد ما مات عم عبدالله وسابهم على الحميد المجيد.."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يقول مستغربا..
.."..بردو مش فاهم ..ازاي جيرانك وبردو مسئولين منك .."..
..اشارت له بيدها وهي تقول ..
.."..ياباشا افهم..عم عبدالله كان راجل ارزقي على باب الله..قوته كان يوم بيوم ..ولما مات الله يرحمه مكانش ينفع اسيبهم كدة يتلطموا ..اخدت الواد بلاطة يشتغل عندي صبي ميكانيكي ..اهو يتعلم صنعة تنفعه لما يكبر ..وكمان منها اساعدهم من غير مايكون فيها احراج .."..
..ضاقت عيناه وهو ينظر لها نظرات حيرة وكان امامه علامة استفهام كبيرة لا يعرف كيف يجيب عن ماقبلها..انتبه لشروده عندما لاحت بكفها امامه وهي تقول متسائلة..
.."..ايه ياباشا روحت فين ..اللي واخد عقلك.."..
..اجابها بقوله..
.."..لو تحبي انا ممكن ابعتلهم فلوس مع موظف عندي.."..
..رفعت ايمان حاجبيها مسرعة ورمشت بعينيها عدة مرات ..تحاول ان تستعب ماقاله ..فأسرعت بقولها..
.."..لا ياباشا ماينفعش..الست تهاني مش هتقبل بحاجة زي كدة ..احنا عندنا عزة نفس ومانقبلش صدقة من حد.."..
..قطب جبينه وهو يقول ..
.."..انتي ليه بتجمعي نفسك معاهم .."..
..رفعت ايمان راسها لأعلى وهي تقول بثقة..
.."..عشان الناس دول اهلي ..الست تهاني في مقام امي الله يرحمها..ولوزة وبلاطة اكتر من اخواتي.."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يقول ..
..".. على العموم ..ماظنش اننا هنقعد هنا اكتر من عشر ايام ..ولما نرجع يبقى ساعتها لينا كلام تاني بخصوص الموضوع ده.."..
..اعتدلت ايمان بجلستها وهي تستند بظهرها فوق ظهر الارجوحة ونظرت لمياه الحوض الواسع وقالت..
.."..ولا تاني ولا تالت ..الكلام في الموضوع دا يخصني انا ومايخصش حد تاني.."..
..ذم ابراهيم شفتيه وقبل ان يهدر بها بقوله ..تفاجئ عندما سمع صوتها الساخر وهي تقول..
.."..وياترى بقى لما حضرتك خرجت ..روحت على طول لشين شين هانم ..تطيب خاطرها وتستسمحها انها تصبر عليك شوية لغاية ما نفض موضوع الجواز دا.."..
..قال ابراهيم من بين اسنانه بغيظ ..
.."..اولا اسمها التشين ..ثانيا مش انا اللي استسمح حد ..ثالثا مالكيش دعوة بالموضوع دا نهائي.."..
..هبت ايمان واقفة وهي تقول بصوت قوي..
.."..خلاص يا عم الواثق..ملناش دعوة بالكونتسة شين شين هانم.."..
..هدر بها بقوة قائلا..
.."..اسمها التشين.."..
..اشارت ايمان لفمها وهي تقول ..
.."..بذمتك دا اسم ..شين شين اسهل ..وكمان انا لو نطقت بإسمها الحقيقي بحس ان لساني هيلزق في سقف حلقي ومش هيرجع تاني.."..
..اشار ابراهيم متعجبا لاذنه وهو يقترب بوجهه منها ..
.."..لسانك هيحصله ايه.."..
..اجابته مسرعة..
.."..هيلزق في سقف حلقي..ايه كلامي غريب ..ايه معندكش سقف حلق زي كل الناس ما عندها سقوف حلقان.."..
..وقف ابراهيم بقبالتها وقال بيأس وهو يسد كلتا اذنيه بكفيه..
.."..ارجوكي اسكتي ..سقوف ايه وحلقان ايه بس.."..
..تخصرت ايمان وهي تقول بكل ثقة ..
.."..سقوف حلقان ..الجمع الدكر عبد السلام لسقف حلق..
..ايه ياباشا مخدتهوش في العربي زمان.."..
..رفع ابراهيم رأسه للسماء وهو يقول مستغيثا ..
.."..يارب ارحمني.."..
نزل براسه واستطرد قوله وهو ينظر لها ..
.."..اتوسل اليكي تسكتي..العربي منك بريئ بعد اللي عملتيه فيه ..انتي دمرتي اللغة ..قضيتي عليها تماما...المفروض عليا اني اكتب اعتذار رسمي بالجريدة الرسمية للمجمع اللغوي .."..
..رفعت ايمان حاجبا واخفضت الاخر ومطت شفتيها للامام تعبيرا منها على عدم فهمها ولكي تخفي هذا الشعور ..قالت بغضب وهي تضع بهاتفها الجديد داخل الحقيبة الورقية استعداد للذهاب من امامه..
.."..تصدق بالله ..انا غلطانة اني قعدت ادردش معاك ..بلا جمعية.. بلا رسمي نظمي فهمي ..تصبح على خير.."..
..ثخطته مسرعة بخطوات قوية ..تتمتم بكلمات غير مفهومة..اخذ ينظر اليها ولغضبها الواضح بحركات جسدها العصبية ..لم يجد بديلا غير رسم البسمة فوق شفتيه وهو يهز رأسه استسلاما ويأسا..
..دلفت ايمان لغرفتها بعد ان اغلقت بابه بقوة وهي تتحدث مع نفسها بصوت غاضب ومسموع..
.."..تستاهلي ياإيمان ..ايه اللي خلاكي تاخدي وتدي معاه في الكلام..اهو اتريق عليكي ..مبسوطة دلوقتي ..ياريت تتخمدي بقى عشان بكرة المعمعة كلها..".
..رمت بالحقيبة الورقية ثم بنفسها فوق الفراش ..ولكنها هبت لتقف تنظر امامها وهي تشير لنفسها قائلة..
.."..يالهوي ..انا فرحي بكرة......ايمان انتي هتتجوزي بكرة..ياترى ايه اللي هيحصل بكرة بعد كتب الكتاب.."..
..ضربت جبهتها بقوة وهي تقول بصوت غاضب..
.."..المفروض كنت استنيت معاه اكلمه في ايه اللي هيحصل بعد كتب الكتاب..والله العظيم لو استهبل معايا لأشلوحه..بس اصلا هو مش طايقني .. صحيح معرفش ليه..بس وايه يعني ..هو انا يعني اللي طايقاه ..بس دا طلع راجل طيب وجابلي موبايل...ومش أي موبايل...دا ابو تفاحة .."..
..استدارت لتمسك بهاتفها الجديد وقالت ..
.."..اااه صحيح التليفون الجديد ..اما اتصل بالبت لوزة احكيلها ...بس الساعة كام دلوقتي ..زمانها في سابع نومة ..ومدفع رمضان بذات نفسه لو ضرب جمب ودنها بردو مش هتصحى..اوووف بقى..انا هنام وبكرة يحلها الحلال.."..
.. استبدلت ملابسها بملابس النوم.. رمت بنفسها مرة اخرى فوق الفراش ..ثم تدثرت بالغطاء جيدا..اغمضت عينيها لتتلو بهمس بعض الايات القرأنية الصغيرة حتى ذهبت بسبات تام..
..مرت ساعات الليل بهدوء حتى طلعت الشمس تفترش اشعتها الارض بكل ارجائها الواسعة ..
..استيقظت ايمان كما اعتادت بنفس الوقت من الصباح ...اعتدلت بجلستها فوق الفراش وهي تتجبد بجسدها..وبعد برهة من الوقت وخروجها من غرفتها لم تجد احدا من سكان البيت فأتجهت تبحث بنفسها عن المطبخ والذي ما ان دلفت اليه وجدت بضعة اشخاص يلتفون حول مائدة صغيرة لتناول الافطار..فرفعت ايمان يدها بالتحية وهي تقول بصوت عال..
.."..يا صباح الخير بالتركي.."..
..انتفض الجميع وحاولوا النهوض من فوق كراسيهم..فصاحت ايمان واشارت اليهم بكلتا يديها وهي تصيح..
.."..والله ماحد منكم يقوم ..كملوا اكل يا جماعة ..لا سلام على طعام زي مابيقولوا.."..
..جلس الجميع بتردد بعد الاشارة لهم بمعاودة الجلوس مرة اخرى..ماعدا دادة فاطمة التي وقفت واتجهت الى ايمان بوجه باسم وهي تقول..
.."..صباح الخير يابنتي ..حبيبتي لو عايزة اي حاجة اتفضلي في الصالة وانا هجيبها لغاية عندك.."..
..ابتسمت ايمان بدورها وهي تقول ..
.."..صباح النور ياحجة فاطمة ..والله يعني لو عزمتي عليا افطر معاكو ..انا مش هكسفك ..اصل جعانة بصراحة.."..
..تلكئت دادة فاطمة بكلماتها وهي تنتفل بعينيها بين ايمان والمائدة ومن حولها فقالت..
.."..طبعا طبعا اتفضلي حبيبتي ..بس ..احنا بنفطر الاول وبعدها على طول بنحضر الفطار لحضراتكم ..فا ايه رايك تستني شوية صغيرة وتفطري معاهم.."..
..تخطتها ايمان متجهة للمائدة وجلست وسط الجالسين حولها وهي تقول..
.."..انا ماليش دعوة بحضراتهم ..انا عزمت نفسي خلاص وهافطر معاكو.."..
..بحثت بعينيها عن الخبز فلم تجده ..فقالت لدادة فاطمة التي جلست بجانبها ..
.."..اومال العيش فين ..والفول كمان مختفي يعني مش شايفاه.."..
..نظرت ايمان لمن حولها بعد ماتوقفوا عن تناول الطعام وقالت متسائلة..
.."..ايه يا جماعة بطلتوا اكل ليه ..يالا بسم الله .."..
..مدت لها فاطمة بالخبز التركي وهي تقول ..
.."..مافيش هنا العيش المصري ..ومعلش بردو مافيش فول .."..
..غمست ايمان قطعة خبز صغيرة بطبق البيض المقلي بالنقانق وقالت وهي ترميها داخل فمها..
.."..ولا يهمك ياست فاطمة ..بصراحة منظر المطبخ الفخامة دا ..والاكل و الناس الحلوة دي يفتح النفس..ولا ايه ياحلوين..ياختي ماشاء الله مزز جوة المطبخ ..ومزز برة المطبخ..صحيح بلد المزز.."..
..كانت الفتيات والطباخ ينظرون لبعضهم ويكتمون ضحكاتهم بشق الانفس ..ومع انهم لا يفهمون لغة ايمان ولكنهم تعجبوا واعجبوا بها بنفس الوقت لبساطتها ووجهها البشوش..عاود الجميع بتناول الطعام بأريحية وهم يستمعون لتلك الثرثارة التي لا تكف عن الكلام او تناول الطعام..وضعت دادة فاطمة كوب صغير من الشاي امام ايمان ..فنظرت لها ايمان بتعجب وقالت وهي تمضع لقمتها ..
.."..ايه بقى دا ياست فاطمة..انا عايزة كوباااية شاي ..مش بوق شاي.."..
.. ضحكت فاطمة وهي تقول ..
.."..هنا بيشربوا الشاي كدة ..لم تخلصيها هاصبلك تاني ..كملي اكلك يالا.."..
..دلف للمطبخ السائق إمام وهو يحمل بيده كيس بلاستيكي بداخله بضعة من المخبوزات الساخنة ..فقال وهو يبحث بعينيه عن عائشته..
.."..صباح الخير دادة فاطمة .."..
..التفتت ايمان للوراء برأسها ..رفعت يدها عاليا وهي تصيح بفم مملوء بالطعام ..
.."..صباح النور ياسطى اؤمؤم ..تعال تعال حماتك بتحبك..الفطار هنا اخر حلاوة ..هو ناقصه بس كام قرص طعمية على طبق فول بالزيت الحار وكان هيبقى حاجة ملوكي.."..
..تسمر السائق مكانه واتسعت عيناه وفاهه معا عندما رأي ايمان تشير وتصيح به..
..استدارت ايمان لتكمل طعامها فلفت نظرها عائشة التي تخضبت وجنتيها باللون الاحمر ..تفرك كلتا كفيها ببعضهما وتنظر بطرف عينيها لإمام المتسمر بمكانه ..فإبتسمت ايمان وهي تقول بصوت خافت..
.."..الله الله.. دا في ناس بتتلخبط وتتكسف منك ياأؤمؤم.."..
..انتفض الجميع ماعدا ايمان على صوت اصلي هانم وهي تصيح بلغتها التركية بصوت عال فور دخولها للمطبخ ورؤية ايمان تجلس بجانبهم..
..وقف الجميع بعد ان توقفوا عن تناول الطعام وارتسمت علامات القلق بملامحهم..
..وقبل ان ينطق احدهم كلمة قالت ايمان بصوت واضح ..
.."..اقعدوا كملوا اكلكوا وسيبكوا منها .."..
..صاحت اصلي بغضب وهي تقول ..
.."..بتقولي ايه يابتاعة انتي.."..
..تنهدت ايمان وهي تقول لنفسها وبصوت مسموع ..
.."..وبعدين بقى في الولية اللي شبه شكمان العربية دي.."..
..مدت ايمان يدها لقطعة صغيرة من البصل الاخضر وامسكت بها ..ثم وقفت واتجهت لأصلي تقف بقبالتها لا يفرق بينهما الا انشات صغيرة ..رمت ايمان بقطعة البصل داخل فاهها..نظرت لها اصلي بإشمئزاز واضح ..فقالت ايمان وهي تفتح فمها تلوك بقطعة البصل..
.."..بقول صباح الخيرررر يامرات عمي.."..
..ملا الرذاذ المحمل بعطر البصل الفواح وجه اصلي التي صرخت بكلمات تركية وخرجت مسرعة من المطبخ ..ضحكت ايمان بصوت عال ورجعت للمائدة لتمسك بكوب الشاي الصغير تجترعه كاملا ..ثم قالت وهي تشير بيدها تحية للواقفين والذهول يفترش ملامحهم جميعا ..
.."..احلى فطار والله يا جماعة ..يجعله عامر دايما..واقول للحلوين سلام وربنا يسهل ونتقابل ع الغدا ان شاء الله.."..
..وقبل ان تخرج من المطبخ انتقلت بعينيها بين عائشة وإمام السائق التي غمزت له قائلة ..
.."..سلام يانمس.."..
..خرجت ايمان لتجد عمتها واقفة متخصرة تنظر لها بوجه جامد ..فأسرعت اليها ايمان وهي تقول ..
.."..صباح الجمال لأحلى زهرة فيكي ياجمهورية مصر العالمية والتركية مع بعضيهم.."..
..وضعت ايمان الهاتف بحجرها وقالت بصوت هادئ ..
.."..بقولك ايه ياباشا ..انا عايزة افهم .."..
..نظر ابراهيم اليها وقال ..
.."..عايزة تفهمي ايه .."..
..لوحت بيدها وهي تشير للبيت وتقول متسائلة..
.."..عايزة افهم البيت دا والناس اللي عايشة فيه..عايزة افهم انتو ليه عايشين هنا بتركيا وسايبين مصر ..وحضرتك ياباشا فين ابوك وامك ..وعمتي مالها ..لوحدها ليه..وعمي اللي اسمه سمير فين .."..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت هادئ..
.."..اولا البيت دا يبقى بيتك والناس اللي عايشة فيه يبقوا اهلك ..
..ثانيا احنا مش سايبين مصر وعايشين هنا ..احنا اقامتنا دايما في مصر وبنيجي هنا تلات شهور كل سنة بس نظرا لان في جزء من شغلنا هنا بتركيا..انا وعمي اللي بنفضل طول السنة مابين مصر وتركيا عشان الشغل ..دا غير ان لينا اقارب هنا بتركيا زي اهل مرات عمك اصلي هانم و واصدقاء حميمين لجدك...كل الموضوع ان لما جدك تعب اقامتنا طالت شوية..
..ثالثا ياستي عمتك ارملة من زمان ومرضيتش تتجوز تاني لانها كانت بتعشق جوزها ..انا بقى والدي ووالدتي ماتوا بحادثة وانا كنت ساعتها طفل ماكملش الخمس سنين.. وعمتك زهرة هي اللي ربتني..أما بخصوص عمك سمير فهو مسافر المانيا في شغل ..بس ياستي ..دي حكاية البيت والناس اللي فيه.."..
..اعتدلت اكثر بجلستها وقالت بصوت يشوبه بعض الحزن..
.."..معلش يعني لو كنت قلبت عليك المواجع بخصوص ابوك وامك الله يرحمهم...ومعلش تاني اذا كنت هسألك..طالما البيت وناسه زي الفل اهو ..ليه بقى جدنا راسه والف ج......"..
..اطبقت كلتا شفتيها عندما اتسعت عيناه لها غضبا..قبل ان تنطق بكلمتها الاخيرة..فتلكأت وهي تقول ..
.."..قصدي.. اقول..ليه جدي راسه والف سيف يجوزنا لبعض .."..
..عاود ابراهيم استناد ظهره فوق ظهر الارجوحة وهو يقول..
.."..اكيد عنده اسبابه اللي هنعرفها منه قريب..المهم دلوقتي اننا نسمع كلامه ومنزعلهوش لغاية مايخف ويقوم بالسلامة.."..
..مالت ايمان بشفتيها جانبا وهي تقول باستسلام..
.."..طيب..اصل انا كنت فاكرة اني هاجي هنا يومين تلاتة نتعرف على بعضينا وارجع تاني لبيتي وشغلي ..لكن شكل الحكاية هتطول ..وكدة مش هينفع بصراحة.."..
..ذم ابراهيم شفتيه بدوره وهو يقول ..
.."..ليه مش هينفع ..سعادة الهانم وراها ايه هناك .."..
..لوحت ايمان بيدها امام وجه ابراهيم وهي تقول ..
.."..وحياة رحمة والديك ماتتريقش عليا..انا ورايا عيلة مسئولين مني ومتعلقين برقبتي..ماينفعش اغيب عنهم كتير..فعشان يكون عندك علم انا اخري بالبلد دي هما عشر ايام بالكتير .."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال وهو ينظر لها متسائلا ..
.."..برقبتك عيلة..اللي اعرفه ان عمي ومراته الله يرحمهم ..وانتي مالكيش اخوات..يبقى عيلة مين .."..
..اجابته بقولها..
.."..الواد محمود بلاطة ياباشا.. الصبي بتاعي واخته لوزة وامه الست تهاني ..جيراني الباب في الباب..مسئولين مني بعد ما مات عم عبدالله وسابهم على الحميد المجيد.."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يقول مستغربا..
.."..بردو مش فاهم ..ازاي جيرانك وبردو مسئولين منك .."..
..اشارت له بيدها وهي تقول ..
.."..ياباشا افهم..عم عبدالله كان راجل ارزقي على باب الله..قوته كان يوم بيوم ..ولما مات الله يرحمه مكانش ينفع اسيبهم كدة يتلطموا ..اخدت الواد بلاطة يشتغل عندي صبي ميكانيكي ..اهو يتعلم صنعة تنفعه لما يكبر ..وكمان منها اساعدهم من غير مايكون فيها احراج .."..
..ضاقت عيناه وهو ينظر لها نظرات حيرة وكان امامه علامة استفهام كبيرة لا يعرف كيف يجيب عن ماقبلها..انتبه لشروده عندما لاحت بكفها امامه وهي تقول متسائلة..
.."..ايه ياباشا روحت فين ..اللي واخد عقلك.."..
..اجابها بقوله..
.."..لو تحبي انا ممكن ابعتلهم فلوس مع موظف عندي.."..
..رفعت ايمان حاجبيها مسرعة ورمشت بعينيها عدة مرات ..تحاول ان تستعب ماقاله ..فأسرعت بقولها..
.."..لا ياباشا ماينفعش..الست تهاني مش هتقبل بحاجة زي كدة ..احنا عندنا عزة نفس ومانقبلش صدقة من حد.."..
..قطب جبينه وهو يقول ..
.."..انتي ليه بتجمعي نفسك معاهم .."..
..رفعت ايمان راسها لأعلى وهي تقول بثقة..
.."..عشان الناس دول اهلي ..الست تهاني في مقام امي الله يرحمها..ولوزة وبلاطة اكتر من اخواتي.."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يقول ..
..".. على العموم ..ماظنش اننا هنقعد هنا اكتر من عشر ايام ..ولما نرجع يبقى ساعتها لينا كلام تاني بخصوص الموضوع ده.."..
..اعتدلت ايمان بجلستها وهي تستند بظهرها فوق ظهر الارجوحة ونظرت لمياه الحوض الواسع وقالت..
.."..ولا تاني ولا تالت ..الكلام في الموضوع دا يخصني انا ومايخصش حد تاني.."..
..ذم ابراهيم شفتيه وقبل ان يهدر بها بقوله ..تفاجئ عندما سمع صوتها الساخر وهي تقول..
.."..وياترى بقى لما حضرتك خرجت ..روحت على طول لشين شين هانم ..تطيب خاطرها وتستسمحها انها تصبر عليك شوية لغاية ما نفض موضوع الجواز دا.."..
..قال ابراهيم من بين اسنانه بغيظ ..
.."..اولا اسمها التشين ..ثانيا مش انا اللي استسمح حد ..ثالثا مالكيش دعوة بالموضوع دا نهائي.."..
..هبت ايمان واقفة وهي تقول بصوت قوي..
.."..خلاص يا عم الواثق..ملناش دعوة بالكونتسة شين شين هانم.."..
..هدر بها بقوة قائلا..
.."..اسمها التشين.."..
..اشارت ايمان لفمها وهي تقول ..
.."..بذمتك دا اسم ..شين شين اسهل ..وكمان انا لو نطقت بإسمها الحقيقي بحس ان لساني هيلزق في سقف حلقي ومش هيرجع تاني.."..
..اشار ابراهيم متعجبا لاذنه وهو يقترب بوجهه منها ..
.."..لسانك هيحصله ايه.."..
..اجابته مسرعة..
.."..هيلزق في سقف حلقي..ايه كلامي غريب ..ايه معندكش سقف حلق زي كل الناس ما عندها سقوف حلقان.."..
..وقف ابراهيم بقبالتها وقال بيأس وهو يسد كلتا اذنيه بكفيه..
.."..ارجوكي اسكتي ..سقوف ايه وحلقان ايه بس.."..
..تخصرت ايمان وهي تقول بكل ثقة ..
.."..سقوف حلقان ..الجمع الدكر عبد السلام لسقف حلق..
..ايه ياباشا مخدتهوش في العربي زمان.."..
..رفع ابراهيم رأسه للسماء وهو يقول مستغيثا ..
.."..يارب ارحمني.."..
نزل براسه واستطرد قوله وهو ينظر لها ..
.."..اتوسل اليكي تسكتي..العربي منك بريئ بعد اللي عملتيه فيه ..انتي دمرتي اللغة ..قضيتي عليها تماما...المفروض عليا اني اكتب اعتذار رسمي بالجريدة الرسمية للمجمع اللغوي .."..
..رفعت ايمان حاجبا واخفضت الاخر ومطت شفتيها للامام تعبيرا منها على عدم فهمها ولكي تخفي هذا الشعور ..قالت بغضب وهي تضع بهاتفها الجديد داخل الحقيبة الورقية استعداد للذهاب من امامه..
.."..تصدق بالله ..انا غلطانة اني قعدت ادردش معاك ..بلا جمعية.. بلا رسمي نظمي فهمي ..تصبح على خير.."..
..ثخطته مسرعة بخطوات قوية ..تتمتم بكلمات غير مفهومة..اخذ ينظر اليها ولغضبها الواضح بحركات جسدها العصبية ..لم يجد بديلا غير رسم البسمة فوق شفتيه وهو يهز رأسه استسلاما ويأسا..
..دلفت ايمان لغرفتها بعد ان اغلقت بابه بقوة وهي تتحدث مع نفسها بصوت غاضب ومسموع..
.."..تستاهلي ياإيمان ..ايه اللي خلاكي تاخدي وتدي معاه في الكلام..اهو اتريق عليكي ..مبسوطة دلوقتي ..ياريت تتخمدي بقى عشان بكرة المعمعة كلها..".
..رمت بالحقيبة الورقية ثم بنفسها فوق الفراش ..ولكنها هبت لتقف تنظر امامها وهي تشير لنفسها قائلة..
.."..يالهوي ..انا فرحي بكرة......ايمان انتي هتتجوزي بكرة..ياترى ايه اللي هيحصل بكرة بعد كتب الكتاب.."..
..ضربت جبهتها بقوة وهي تقول بصوت غاضب..
.."..المفروض كنت استنيت معاه اكلمه في ايه اللي هيحصل بعد كتب الكتاب..والله العظيم لو استهبل معايا لأشلوحه..بس اصلا هو مش طايقني .. صحيح معرفش ليه..بس وايه يعني ..هو انا يعني اللي طايقاه ..بس دا طلع راجل طيب وجابلي موبايل...ومش أي موبايل...دا ابو تفاحة .."..
..استدارت لتمسك بهاتفها الجديد وقالت ..
.."..اااه صحيح التليفون الجديد ..اما اتصل بالبت لوزة احكيلها ...بس الساعة كام دلوقتي ..زمانها في سابع نومة ..ومدفع رمضان بذات نفسه لو ضرب جمب ودنها بردو مش هتصحى..اوووف بقى..انا هنام وبكرة يحلها الحلال.."..
.. استبدلت ملابسها بملابس النوم.. رمت بنفسها مرة اخرى فوق الفراش ..ثم تدثرت بالغطاء جيدا..اغمضت عينيها لتتلو بهمس بعض الايات القرأنية الصغيرة حتى ذهبت بسبات تام..
..مرت ساعات الليل بهدوء حتى طلعت الشمس تفترش اشعتها الارض بكل ارجائها الواسعة ..
..استيقظت ايمان كما اعتادت بنفس الوقت من الصباح ...اعتدلت بجلستها فوق الفراش وهي تتجبد بجسدها..وبعد برهة من الوقت وخروجها من غرفتها لم تجد احدا من سكان البيت فأتجهت تبحث بنفسها عن المطبخ والذي ما ان دلفت اليه وجدت بضعة اشخاص يلتفون حول مائدة صغيرة لتناول الافطار..فرفعت ايمان يدها بالتحية وهي تقول بصوت عال..
.."..يا صباح الخير بالتركي.."..
..انتفض الجميع وحاولوا النهوض من فوق كراسيهم..فصاحت ايمان واشارت اليهم بكلتا يديها وهي تصيح..
.."..والله ماحد منكم يقوم ..كملوا اكل يا جماعة ..لا سلام على طعام زي مابيقولوا.."..
..جلس الجميع بتردد بعد الاشارة لهم بمعاودة الجلوس مرة اخرى..ماعدا دادة فاطمة التي وقفت واتجهت الى ايمان بوجه باسم وهي تقول..
.."..صباح الخير يابنتي ..حبيبتي لو عايزة اي حاجة اتفضلي في الصالة وانا هجيبها لغاية عندك.."..
..ابتسمت ايمان بدورها وهي تقول ..
.."..صباح النور ياحجة فاطمة ..والله يعني لو عزمتي عليا افطر معاكو ..انا مش هكسفك ..اصل جعانة بصراحة.."..
..تلكئت دادة فاطمة بكلماتها وهي تنتفل بعينيها بين ايمان والمائدة ومن حولها فقالت..
.."..طبعا طبعا اتفضلي حبيبتي ..بس ..احنا بنفطر الاول وبعدها على طول بنحضر الفطار لحضراتكم ..فا ايه رايك تستني شوية صغيرة وتفطري معاهم.."..
..تخطتها ايمان متجهة للمائدة وجلست وسط الجالسين حولها وهي تقول..
.."..انا ماليش دعوة بحضراتهم ..انا عزمت نفسي خلاص وهافطر معاكو.."..
..بحثت بعينيها عن الخبز فلم تجده ..فقالت لدادة فاطمة التي جلست بجانبها ..
.."..اومال العيش فين ..والفول كمان مختفي يعني مش شايفاه.."..
..نظرت ايمان لمن حولها بعد ماتوقفوا عن تناول الطعام وقالت متسائلة..
.."..ايه يا جماعة بطلتوا اكل ليه ..يالا بسم الله .."..
..مدت لها فاطمة بالخبز التركي وهي تقول ..
.."..مافيش هنا العيش المصري ..ومعلش بردو مافيش فول .."..
..غمست ايمان قطعة خبز صغيرة بطبق البيض المقلي بالنقانق وقالت وهي ترميها داخل فمها..
.."..ولا يهمك ياست فاطمة ..بصراحة منظر المطبخ الفخامة دا ..والاكل و الناس الحلوة دي يفتح النفس..ولا ايه ياحلوين..ياختي ماشاء الله مزز جوة المطبخ ..ومزز برة المطبخ..صحيح بلد المزز.."..
..كانت الفتيات والطباخ ينظرون لبعضهم ويكتمون ضحكاتهم بشق الانفس ..ومع انهم لا يفهمون لغة ايمان ولكنهم تعجبوا واعجبوا بها بنفس الوقت لبساطتها ووجهها البشوش..عاود الجميع بتناول الطعام بأريحية وهم يستمعون لتلك الثرثارة التي لا تكف عن الكلام او تناول الطعام..وضعت دادة فاطمة كوب صغير من الشاي امام ايمان ..فنظرت لها ايمان بتعجب وقالت وهي تمضع لقمتها ..
.."..ايه بقى دا ياست فاطمة..انا عايزة كوباااية شاي ..مش بوق شاي.."..
.. ضحكت فاطمة وهي تقول ..
.."..هنا بيشربوا الشاي كدة ..لم تخلصيها هاصبلك تاني ..كملي اكلك يالا.."..
..دلف للمطبخ السائق إمام وهو يحمل بيده كيس بلاستيكي بداخله بضعة من المخبوزات الساخنة ..فقال وهو يبحث بعينيه عن عائشته..
.."..صباح الخير دادة فاطمة .."..
..التفتت ايمان للوراء برأسها ..رفعت يدها عاليا وهي تصيح بفم مملوء بالطعام ..
.."..صباح النور ياسطى اؤمؤم ..تعال تعال حماتك بتحبك..الفطار هنا اخر حلاوة ..هو ناقصه بس كام قرص طعمية على طبق فول بالزيت الحار وكان هيبقى حاجة ملوكي.."..
..تسمر السائق مكانه واتسعت عيناه وفاهه معا عندما رأي ايمان تشير وتصيح به..
..استدارت ايمان لتكمل طعامها فلفت نظرها عائشة التي تخضبت وجنتيها باللون الاحمر ..تفرك كلتا كفيها ببعضهما وتنظر بطرف عينيها لإمام المتسمر بمكانه ..فإبتسمت ايمان وهي تقول بصوت خافت..
.."..الله الله.. دا في ناس بتتلخبط وتتكسف منك ياأؤمؤم.."..
..انتفض الجميع ماعدا ايمان على صوت اصلي هانم وهي تصيح بلغتها التركية بصوت عال فور دخولها للمطبخ ورؤية ايمان تجلس بجانبهم..
..وقف الجميع بعد ان توقفوا عن تناول الطعام وارتسمت علامات القلق بملامحهم..
..وقبل ان ينطق احدهم كلمة قالت ايمان بصوت واضح ..
.."..اقعدوا كملوا اكلكوا وسيبكوا منها .."..
..صاحت اصلي بغضب وهي تقول ..
.."..بتقولي ايه يابتاعة انتي.."..
..تنهدت ايمان وهي تقول لنفسها وبصوت مسموع ..
.."..وبعدين بقى في الولية اللي شبه شكمان العربية دي.."..
..مدت ايمان يدها لقطعة صغيرة من البصل الاخضر وامسكت بها ..ثم وقفت واتجهت لأصلي تقف بقبالتها لا يفرق بينهما الا انشات صغيرة ..رمت ايمان بقطعة البصل داخل فاهها..نظرت لها اصلي بإشمئزاز واضح ..فقالت ايمان وهي تفتح فمها تلوك بقطعة البصل..
.."..بقول صباح الخيرررر يامرات عمي.."..
..ملا الرذاذ المحمل بعطر البصل الفواح وجه اصلي التي صرخت بكلمات تركية وخرجت مسرعة من المطبخ ..ضحكت ايمان بصوت عال ورجعت للمائدة لتمسك بكوب الشاي الصغير تجترعه كاملا ..ثم قالت وهي تشير بيدها تحية للواقفين والذهول يفترش ملامحهم جميعا ..
.."..احلى فطار والله يا جماعة ..يجعله عامر دايما..واقول للحلوين سلام وربنا يسهل ونتقابل ع الغدا ان شاء الله.."..
..وقبل ان تخرج من المطبخ انتقلت بعينيها بين عائشة وإمام السائق التي غمزت له قائلة ..
.."..سلام يانمس.."..
..خرجت ايمان لتجد عمتها واقفة متخصرة تنظر لها بوجه جامد ..فأسرعت اليها ايمان وهي تقول ..
.."..صباح الجمال لأحلى زهرة فيكي ياجمهورية مصر العالمية والتركية مع بعضيهم.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثامنة 8 كاملة مكتوبة
المشهد 8
..اقتربت إيمان من عمتها وقبلتها من وجنتيها وهي تقول ..
.."..الجميل واقف زعلان ليه.."..
..تقطب جبين زهرة وهي تسألها بصوت هادئ ..
.."..كنتي عندك بالمطبخ بتعملي ايه.."..
..ردت بكل هدوء وهي تمسد فوق بطنها..
.."..كنت بملى التانك.."..
..زفرت عمتها بيأس ونظرت لها بريبة وهي تسالها..
.."..وعملتي ايه في مرات عمك خلتيها تجري ع الحمام زي المجانين وبتمسح في وشها وعمالة تشتم بالتركي والعربي.."..
..اشارت ايمان لنفسها ..وبراءة الاطفال بعينيها وهي تقول بصوت خافت ناعم..
. "..وغلاوتها الكبيرة عندي ولا انشالله يارب يجيلها شلل رعاش في رموش عينيها معملتلها حاجة..دا انا حتى صبحت عليها وهي اللي مشيت من غير ماترد الصباح.. بعد مابصتلي بقرف..يرضيكي ..يرضيكي كدة ياعمتي.."..
..مطت زهرة شفتيها..وأمسكت بأذن ايمان وقالت وهي تمشي بها ناحية السلم..
.."..انهاردة حفلة كتب الكتاب وورايا مليون حاجة..وطول مانتي في المكان انا عارفة انه هيتقلب رأسا على عقب..فتطلعي فوق وتدخلي اوضتك ومتخرجيش منها ..لغاية مانا اجيلك واقولك تعملي ايه.."..
..حاولت ايمان ان تنقذ اذنها من براثن اصابع عمتها دون فائدة وقالت وهي تتأوه غاضبة..
.."..اااه..ودني..ودني هتطلع في ايدك ياعمتي ..خلاص طيب ..هطلع..من غير ما حد.. راسه ولا ركبه توجعه..مع اني معرفش انا مالي انا.."..
..اغمضت زهرة عينيها محاولة كبت غيظها بعد ما تركت اذن ايمان التي ظلت تفرك بها بتأوه ..تنهدت زهرة بإستسلام وهي تقول..
.."..كلها ساعة والميكاب ارتست توصل..وكل الحاجات اللي وصيت عليها كمان جاية في الطريق..يالا حبيبتي اطلعي اوضتك .."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان واقتربت من عمتها وهي تقول ..
.."..معلشي هي مين اللي جاية بعد ساعة دي...واحدة قريبتنا بردو .."..
..صاحت زهرة بصوت حاد وقوي وهي تشير بذراعها لأعلى...
.."..اطلعي على فوق ياايمان ومتخرجيش من اوضتك زي مقولتلك يالا.."..
..رضخت ايمان لأمر عمتها وصعدت وقدميها تدب درجات السلم بقوة.. تهمس لنفسها بصوت مسموع..
.."..اديني طالعة ..انا مش عارفة كل ما اكلم حد بالبيت دا يزنجر ليه..استغفر الله العظيم يارب .."..
..ضحكت زهرة وهي تهز راسها بأستسلام من عفوية ابنة اخيها وبساطتها..ثم ذهبت لغرفة ابيها لتطمئن عليه وتبلغه ان الامور على مايرام وتسير كما أمر وطلب..
..اعتدل العجوز فوق فراشه ..نظر للفراغ امامه وشرد بأفكاره بعيدا ..ربتت زهرة فوق ركبته وهي تقول متسائلة..
.."..مالك يابابا ..سرحان في ايه..كل اللي طلبته اتنفذ واهو كلها ساعتين تلاتة وكتب كتاب الولاد يتم زي ماحضرتك عايز بالظبط.."..
..نظر لها الجد العجوز وقال ..
.."..خايف اكون ظلمت ابراهيم لما غصبت عليه يتجوز بنت عمه..ولو ان الجوازة دي في مصلحة ايمان ..فابراهيم مالوش ذنب..صح يابنتي ولا انا غلطان.."..
..ارتسمت فوق شفتي زهرة ابتسامة هادئة وقالت ..
.."..حبيبي يابابا..متحملش نفسك فوق طاقتها ..ولو حضرتك قلقان ..اتكلم مع ابراهيم وهو يختار..ولو اني عارفة كويس ان ابراهيم مستحيل يتخلى عن مسئوليته تجاه ايمان.."..
..التفتا الاثنان فور دخول ابراهيم للغرفة ..وهو يلقي بتحية الصباح ..نظر الجد له وقال ..
.."..تعال يابني عايز اتكلم معاك في موضوع مهم قبل حفلة كتب الكتاب.."..
..جلس ابراهيم فوق الفراش بقبالة الجد العجوز وقال بعد ماشعر بتوتر الاجواء من حوله..
.."..اتكلم ياجدي انا سامع حضرتك.."..
..اجابه جده ..
.."..هقولك على كل حاجة ..وبالنهاية يابني ليك حرية الاختيار ..تقبل او لا ..انا مش هغصبك على حاجة.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وبعينيه لهفة لسماع كل ما بجعبة العجوز..
..بدا الجد بالحديث دون توقف وابراهيم يستمع له بكل حواسه ..
..واثناء ذلك كانت تغدو ايمان بالغرفة ذهابا وايابا وهي تزفر بضيق ..امسكت بهاتفها لتتصل بصديقتها عزة ..التي ما انا قالت ..
.."..الو ..مين معايا.."..
..اجابتها ايمان مسرعة..
.."..انا يابت يالوزة ..برن عليكي من بدري كنتي فين يابت.."..
جلست عزة القرفصاء فوق اريكتها القديمة وهي تقول بحماس..
.."..ايمااان ..وحشاني يابنت الايه..معلش كنت سايبة الموبايل على الشاحن وبجيب عيش من الفرن وانتي عارفة الفرن وزحمته ..المهم قوليلي عاملة ايه ..واهل ابوكي استقبلوكي ازاي ..وهتيجي امتى.."..
..جلست ايمان بدورها القرفصاء فوق الفراش وهي تقول بصوت ضاحك..
.."..يابت اسكتي شوية ..اديني فرصة ارد عليكي..ااه يالوزة لو عرفتي اللي حصلي من اول ماحطيت رجلي جوة البيت..مهرجااناات ..اتاري الناس الاغنيا عيشتهم غيرنا خالص ..دا حتى العربي بتاعهم غير بتاعنا.."..
امسكت ايمان بالهاتف لتضعه فوق اذنها الثانية وهي تقول..
.."..بت ياعزة استعدي للي هقولهولك..تفتكري انهاردة هيحصلي ايه.."..
..رمشت عزة عدة مرات وهي تقول بحماس اكبر من ذي قبل..
.."..ايه ياايمان ..هياخدوكي يفسحوكي ويجيبولك لبس كتير ..زي مابيحصل في الافلام .."..
..ضحكت ايمان بصوت عال وقالت..
.."..يااريت ياختي...انقح من كل دا ..انهاردة فرحي يابت ...كتب كتابي على باشا كبير اوي ..اللي هو في الاصل ابن عمي .."..
..ابعدت عزة الهاتف عن اذنها ونظرت اليه بعد مااتسعت عيناها وفرغ فاهها ..عاودت وضع الهاتف فوق اذنها واسرعت بقولها ..
.."..هو مين اللي هيتجوز مين يابت ..قولي تاني كدة.."..
..فردت ايمان ارجلها وتمددت فوق الفراش نائمة ..تنظر للسقف وهي تقول..
.."..ايوة ياعزة ..انا اللي هيتكتب كتابها انهاردة ..هبقى احكيلك اصل الحكاية ايه لما ارجع واشوفك..بس تصدقي حسيت كدة اني لوحدي ..كان نفسي تبقي معايا ياعزة.."..
..هبت عزة لتقف تخطو خطوتين للامام ثم ترجع ثانيا للوراء كما كانت من شدة توترها وصدمة خبر زواج ايمان..صاحت قائلة بعد ما شعرت بالتوتر والقلق..
.."..اوعي ياايمان يكونوا غصبوكي على الجوازة دي..طيحي فيهم ضرب يابت ..واجري على السفارة بتاعتنا هناك وقوليلهم عايزين يموتوني ويبيعوا اعضائي .."..
..سمعت ايمان بعض الطرقات على بابها ..فأعتدلت بجلوسها فوق الفراش وقالت لصديقتها..
.."..متخافيش عليا يالوزة ..انا الاسطى ايمان على سن ورمح ..وعيلة المهابيش اللي انا في وسطيهم دول محدش فيهم يقدر عليا ولا يعملي حاجة..سلام دلوقتي وهكلمك بعدين ..سلام سلام.."..
..عاود الطرق فوق الباب للمرة الثانية ..فصاحت ايمان بصوت عال بعد ما اغلقت هاتفها.
.."..خش ياللي بتخبط.."..
..فتح الباب فدلفت اليها دادة فاطمة وورائها فتاتان غريبتان كل واحدة منهما تحمل بيديها شيء ما ..الاولى تحمل بيدها حقيبة خاصة بأدوات الزينة والمكياج..والثانية تحمل فوق ذراعها كيس بلاستيكي كبير يغطي ماوراءه وكأنه فستان..ثم دخلت خادمتان تحملان حقائب كثيرة ..امتلئت الغرفة بالفتيات والحقائب المتعددة الالوان والاحجام..وبالنهاية دخلت العمة زهرة لتقف امام ايمان وقالت وهي تشير للفتاتان الغريبتان..
.."..حبيبتي الميكاب ارتست هي اللي هتعملك المكياج..والانسة التانية هي اللي هتلبسك الفستان وتشوف لو محتاج اي تعديل .. كل المستلزمات انا جيبتها وجاهزة..انا هسيب معاكي دادة فاطمة عشان تفهمك البنات هيقولولك ايه وكذلك انتي لو حابة تقوليلهم حاجة ..اوك حبيبتي ..اسيبك تستعدي .."..
..رمشت ايمان كعادتها عندما تتوتر من امر ما ..ادركت انها ستتزوج بالفعل ..شعرت ببعض الخوف فصاحت بعمتها قبل ان تخرج وقالت..
.."..عمتي استني ..عايزة اقولك على حاجة ضروري.."..
..اقتربت ايمان من عمتها وقالت وهي تشير لها بسبابتها..
.."..بقولك ايه ياعمتي..قولي لإبن اخوكي انه كتب كتاب وبس ..يعني مايحطش في دماغه حاجة كدة ولا كدة.."..
..قطبت العمة زهرة جبينها وقالت بتعجب..
.."..يعني ايه كدة ولا كدة.."..
..تنهدت ايمان بيأس وقالت وهي تهمس امام وجه عمتها..
.."..يعني مافيش سيكو سيكو..ينسى خالص ..انا بقولك اهو.."..
..رجعت العمة برأسها للوراء وهي تقول بصوت حاد..
.."..ايه يابنت الكلام العجيب اللي بتقوليه دا ..مش فاهمة منك حاجة .."..
..صاحت ايمان بضيق وهي تقول..
.."..يالهوي ياعمتي وانا اللي فاكراكي بتفهميها وهي طايرة..من الاخر كدة واقسم بالله..لو لقيته عايز قلة ادب ..لافتح دماغه بالمفتاح الانجليزي..امين ياعمتي..."..
..ضحكت العمة وقالت وهي تتجه لباب الغرفة لتخرج..
.."..متقلقيش من الناحية دي ..هو اصلا بيقول عنك ..انك ارجل من مراد ابن عمه..وان اللي ناقصك بس هو الشنب..."..
..اتسعت اعين ايمان وقالت بغيظ وهي تشير لنفسها ..
.."..انا..انا بشنب..طب وديني لأوريه.."..
..اسرعت ايمان ناحية فتاة المكياج وقالت بصوت قوي وهي تنظر لدادة فاطمة ..
.."..ست فاطمة قوليلها انا عايزة اخرج من هنا فشر هيفا وهبي ..عشان يبقى الباشا يقول عليا ساعتها بشنب.."..
..كتمت فاطمة ضحكتها وامسكت ايمان من مرفقها لتمشي بها ناحية الكرسي الخاص بمنضدة الزينة وهي تقول...
.."..حبيبتي انتي زي القمر ومش محتاجة تكوني شبه حد ..اقعدي دلوقتي واهدي ..وخلي البنات تشوف شغلها.."..
..رمت ايمان بنفسها فوق الكرسي وهي تتنهد باستسلام قائلة ..
.."..حاضر ياست فاطمة ..بس قولي للكوافيرة اني عايزة اعرف نفسي بعد ماتخلص...لحسن بشوف الواحدة لما تدخل الكوفير شكل تخرج واحدة تانية ..عريسها ذات نفسه مابيعرفهاش .."..
..هزت فاطمة رأسها بالايجاب وهي تربت فوق كتفيها بحنو لتطمئنها..
..واثناء ذلك بعد ماسمع ابراهيم نهاية حديث جده ..قام واقفا ينظر لجده بعمق ..التفت ومشى ناحية النافذة ..ثم استدار بمكانه وقال ..
.."..عمي سمير لما يعرف هيكون رد فعله قوي جدا ..انا متأكد.."..
..اسرع الجد بقوله وعيناه لا تحيد عن وجه ابراهيم ..
.."..انا وانت هنخليه يقف عند حدوده مايتخطهاش ..بس دا لو قبلت بجوازك من ايمان..وعلى فكرة انا مش هزعل منك لو رفضت ..انا ممكن الغي كل الترتيبات متقلقش ..انا مش عايز اظلمك يابني.."..
..ارتسمت فوق شفتي ابراهيم ابتسامة باهتة وقال وهو يخطو ناحية فراش جده ..
.."..انا مستحيل اهرب من المسئولية دي ياجدي..بنت عمي بقت امانة برقبتي ولا يمكن اتخلى عنها او اسيبها تواجه لوحدها ...هي صحيح مصيبة وكارثة متنقلة ..بس هعمل ايه ..مجبر اخاك لا بطل..ربنا يكون في عوني بقى.."..
..ارتسمت الفرحة والطمأنينة بوجه العجوز وقال ساخرا..
.."..احمد ربنا انت ..ان هي رضيت بيك..دي بتقول عليك عندك ثقب بشخصيتك.."..
..تسمر ابراهيم مكانه واخفض رأسه لينظر لصدره يبحث بيده فوق قميصه عن الثقب المزعوم ..رفع رأسه وهو يقول من بين اسنانه..
.."..ثقب بشخصيتي انا ..اصبري عليا محدش هيعدلك غيري.."..
..وبعد عدة ساعات وبغرفة ايمان التي اتسعت عيناها المزينة بالكحل الاسود الذي ابرز جمال عينيها بوضوح امام المرآة .
عندما رأت انعكاس لصورتها ..اخذت تلتف حول نفسها وفستانها الطويل يدور معها ..قالت بعد ان توقفت..
.."..يااه ..انا مكنتش اعرف اني هطلع مزة كدة ..تسلم ايديكوا بجد..بس لولا الكعب العالي دا اللي هيخليني انكفي على وشي.. كانت هتبقى الليلة حلوة مافيش كلام.."..
..دلفت العمة لغرفة ايمان لتقف امامها تنظر اليها من اسفل لأعلى باعجاب شديد ..اقتربت منها واحتضنتها بقوة وقالت بهمس بالقرب من اذنها...
.."..زي القمر ياحبيبتي..الف مبروك.."..
..احتضنتها ايمان بقوة ورددت قائلة بهمس ايضا..
.."..ولو انها جوازة اونطة ..بس الله يبارك فيكي..."..
..ضحكت عمتها ونزعتها من حضنها وهي تقول معاتبة اياها..
.."..بس يابنت ..اوعي تقولي الكلام دا قصاد حد ..لحسن الكلام يوصل لجدك ويتعب تاني.."..
..مالت شفتي ايمان جانبا بابتسامة صغيرة وقالت ..
.."..عيييب ..دا انا اسطى ايمان ..بس قوليلي ..ايه الحلاوة دي كلها ..دا انتي هتخطفي الليلة مني ولا ايه.."..
..تأبطت زهرة ذراع ايمان التي تمشي بهوادة خوفا من وقوعها وقالت وهي تخرج بها من الغرفة..
.."..يالا وبلاش بكش ..كلهم تحت بالجنينة ..الشيخ والمحامي وشوية ناس قرايبنا.."..
..امسكت ايمان بذراع عمتها بقوة وهي تقول ..
.."..امسكيني جامد بقى ..لحسن تلاقيني اتكعورت على الارض والليلة تبوظ.."..
..كان ابراهيم واقفا امام المنضدة الكبيرة يظهر عليه بعض التوتر فأخذ يعيد ربط رابطة عنقه مرة اخرى..اقترب منه مراد وهو يقول بصوت يشوبه التهكم والخبث ..
.."..على فكرة ..انا ممكن اشيل عنك المسئولية دي واتجوزها انا ..انا متأكد ان جدك غصبك على الجوازة دي..واهو المحامي موجود لو حبيت تغير رأيك.."....
..نظر اليه ابراهيم بطرف عينيه وقال بصوت قوي ..
.."..احترم نفسك يامراد وروح اقف مكانك ..مش انا اللي حد يغصبني على حاجة..يالا امشي.."..
..وكانت اجابه مراد عبارة عن صوت صفير اعجاب واسرع بقوله..
.."..بجد انا على اتم الاستعداد ..ارجوك وافق.."..
..فنظر ابراهيم لما ينظر اليه مراد ..فوجد ايمان تنزل درجات السلم الرخامي تتأبط ذراع عمتها بقوة..كانت مثل العروس حقا بالليلة عرسها..فستانها وشعرها المنسدل فوق كتفيها يتأرجح بنعومة واضحة ..وجهها المزين ببساطة ليبدو ان جمالها الطبيعي قد غمر الزينة بحلاوة فائضة..شعر وكأن نغزة ما عاودت اللكز مرة اخرى بصدره ..
..نزعت العمة ذراعها من قبضتي ايمان وقالت ..
.."..امسكي نفسك كويس وانزلي براحة متخافيش ..خليكي واثقة في نفسك.."..
..همست اليها ايمان بصوت ضعيف ..
.."..لا ..لا ياعمتي ماتسيبنيش ..والنعمة هقع.."..
..هزت العمة رأسها بالنفي واسرعت بالنزول وحدها..رفعت ايمان رأسها عاليا وامسكت بدرابزين السلم لتعتدل بنزولها خطوة خطوة..ادرك ابراهيم خوف ايمان من ملامح وجهها فأسرع اليها وصعد ليقف بجانبها واضعا يدا واحدة فوق خصره ..اشارة منه لإيمان لتتأبط ذراعه ..وبالفعل فهمت ايمان الاشارة وتأبطت ذراع ابراهيم الذي نزل بها درجات السلم باتجاه المنضدة وبمن يجلس حولها ..
..قال ابراهيم من بين اسنانه بغيظ ..
.."..بقى انا عندي ثقب بشخصيتي.."..
..التفتت ايمان برأسها لتنظر الى جانب وجهه وتقول من بين اسنانها ايضا ..
.."..يعني انا اللي ارجل من مراد ابن عمك وناقصني بس الشنب..". .
..التوت شفتي ابراهيم بضحكة خافتة وقال بعد ان التفت اليها ينظر اليها بعمق ولأول مرة..
.."..قبل كدة جايز ..لكن دلوقتي اكيد لأ.."..
..شعرت ايمان ولأول مرة بحياتها بالخجل ..اكتست وجنتيها باللون الاحمر وقالت وهي تهرب بعينيها من اسر نظراته الثاقبة ..
.."..اللهي تنستر..".
..اقتربت إيمان من عمتها وقبلتها من وجنتيها وهي تقول ..
.."..الجميل واقف زعلان ليه.."..
..تقطب جبين زهرة وهي تسألها بصوت هادئ ..
.."..كنتي عندك بالمطبخ بتعملي ايه.."..
..ردت بكل هدوء وهي تمسد فوق بطنها..
.."..كنت بملى التانك.."..
..زفرت عمتها بيأس ونظرت لها بريبة وهي تسالها..
.."..وعملتي ايه في مرات عمك خلتيها تجري ع الحمام زي المجانين وبتمسح في وشها وعمالة تشتم بالتركي والعربي.."..
..اشارت ايمان لنفسها ..وبراءة الاطفال بعينيها وهي تقول بصوت خافت ناعم..
. "..وغلاوتها الكبيرة عندي ولا انشالله يارب يجيلها شلل رعاش في رموش عينيها معملتلها حاجة..دا انا حتى صبحت عليها وهي اللي مشيت من غير ماترد الصباح.. بعد مابصتلي بقرف..يرضيكي ..يرضيكي كدة ياعمتي.."..
..مطت زهرة شفتيها..وأمسكت بأذن ايمان وقالت وهي تمشي بها ناحية السلم..
.."..انهاردة حفلة كتب الكتاب وورايا مليون حاجة..وطول مانتي في المكان انا عارفة انه هيتقلب رأسا على عقب..فتطلعي فوق وتدخلي اوضتك ومتخرجيش منها ..لغاية مانا اجيلك واقولك تعملي ايه.."..
..حاولت ايمان ان تنقذ اذنها من براثن اصابع عمتها دون فائدة وقالت وهي تتأوه غاضبة..
.."..اااه..ودني..ودني هتطلع في ايدك ياعمتي ..خلاص طيب ..هطلع..من غير ما حد.. راسه ولا ركبه توجعه..مع اني معرفش انا مالي انا.."..
..اغمضت زهرة عينيها محاولة كبت غيظها بعد ما تركت اذن ايمان التي ظلت تفرك بها بتأوه ..تنهدت زهرة بإستسلام وهي تقول..
.."..كلها ساعة والميكاب ارتست توصل..وكل الحاجات اللي وصيت عليها كمان جاية في الطريق..يالا حبيبتي اطلعي اوضتك .."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان واقتربت من عمتها وهي تقول ..
.."..معلشي هي مين اللي جاية بعد ساعة دي...واحدة قريبتنا بردو .."..
..صاحت زهرة بصوت حاد وقوي وهي تشير بذراعها لأعلى...
.."..اطلعي على فوق ياايمان ومتخرجيش من اوضتك زي مقولتلك يالا.."..
..رضخت ايمان لأمر عمتها وصعدت وقدميها تدب درجات السلم بقوة.. تهمس لنفسها بصوت مسموع..
.."..اديني طالعة ..انا مش عارفة كل ما اكلم حد بالبيت دا يزنجر ليه..استغفر الله العظيم يارب .."..
..ضحكت زهرة وهي تهز راسها بأستسلام من عفوية ابنة اخيها وبساطتها..ثم ذهبت لغرفة ابيها لتطمئن عليه وتبلغه ان الامور على مايرام وتسير كما أمر وطلب..
..اعتدل العجوز فوق فراشه ..نظر للفراغ امامه وشرد بأفكاره بعيدا ..ربتت زهرة فوق ركبته وهي تقول متسائلة..
.."..مالك يابابا ..سرحان في ايه..كل اللي طلبته اتنفذ واهو كلها ساعتين تلاتة وكتب كتاب الولاد يتم زي ماحضرتك عايز بالظبط.."..
..نظر لها الجد العجوز وقال ..
.."..خايف اكون ظلمت ابراهيم لما غصبت عليه يتجوز بنت عمه..ولو ان الجوازة دي في مصلحة ايمان ..فابراهيم مالوش ذنب..صح يابنتي ولا انا غلطان.."..
..ارتسمت فوق شفتي زهرة ابتسامة هادئة وقالت ..
.."..حبيبي يابابا..متحملش نفسك فوق طاقتها ..ولو حضرتك قلقان ..اتكلم مع ابراهيم وهو يختار..ولو اني عارفة كويس ان ابراهيم مستحيل يتخلى عن مسئوليته تجاه ايمان.."..
..التفتا الاثنان فور دخول ابراهيم للغرفة ..وهو يلقي بتحية الصباح ..نظر الجد له وقال ..
.."..تعال يابني عايز اتكلم معاك في موضوع مهم قبل حفلة كتب الكتاب.."..
..جلس ابراهيم فوق الفراش بقبالة الجد العجوز وقال بعد ماشعر بتوتر الاجواء من حوله..
.."..اتكلم ياجدي انا سامع حضرتك.."..
..اجابه جده ..
.."..هقولك على كل حاجة ..وبالنهاية يابني ليك حرية الاختيار ..تقبل او لا ..انا مش هغصبك على حاجة.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وبعينيه لهفة لسماع كل ما بجعبة العجوز..
..بدا الجد بالحديث دون توقف وابراهيم يستمع له بكل حواسه ..
..واثناء ذلك كانت تغدو ايمان بالغرفة ذهابا وايابا وهي تزفر بضيق ..امسكت بهاتفها لتتصل بصديقتها عزة ..التي ما انا قالت ..
.."..الو ..مين معايا.."..
..اجابتها ايمان مسرعة..
.."..انا يابت يالوزة ..برن عليكي من بدري كنتي فين يابت.."..
جلست عزة القرفصاء فوق اريكتها القديمة وهي تقول بحماس..
.."..ايمااان ..وحشاني يابنت الايه..معلش كنت سايبة الموبايل على الشاحن وبجيب عيش من الفرن وانتي عارفة الفرن وزحمته ..المهم قوليلي عاملة ايه ..واهل ابوكي استقبلوكي ازاي ..وهتيجي امتى.."..
..جلست ايمان بدورها القرفصاء فوق الفراش وهي تقول بصوت ضاحك..
.."..يابت اسكتي شوية ..اديني فرصة ارد عليكي..ااه يالوزة لو عرفتي اللي حصلي من اول ماحطيت رجلي جوة البيت..مهرجااناات ..اتاري الناس الاغنيا عيشتهم غيرنا خالص ..دا حتى العربي بتاعهم غير بتاعنا.."..
امسكت ايمان بالهاتف لتضعه فوق اذنها الثانية وهي تقول..
.."..بت ياعزة استعدي للي هقولهولك..تفتكري انهاردة هيحصلي ايه.."..
..رمشت عزة عدة مرات وهي تقول بحماس اكبر من ذي قبل..
.."..ايه ياايمان ..هياخدوكي يفسحوكي ويجيبولك لبس كتير ..زي مابيحصل في الافلام .."..
..ضحكت ايمان بصوت عال وقالت..
.."..يااريت ياختي...انقح من كل دا ..انهاردة فرحي يابت ...كتب كتابي على باشا كبير اوي ..اللي هو في الاصل ابن عمي .."..
..ابعدت عزة الهاتف عن اذنها ونظرت اليه بعد مااتسعت عيناها وفرغ فاهها ..عاودت وضع الهاتف فوق اذنها واسرعت بقولها ..
.."..هو مين اللي هيتجوز مين يابت ..قولي تاني كدة.."..
..فردت ايمان ارجلها وتمددت فوق الفراش نائمة ..تنظر للسقف وهي تقول..
.."..ايوة ياعزة ..انا اللي هيتكتب كتابها انهاردة ..هبقى احكيلك اصل الحكاية ايه لما ارجع واشوفك..بس تصدقي حسيت كدة اني لوحدي ..كان نفسي تبقي معايا ياعزة.."..
..هبت عزة لتقف تخطو خطوتين للامام ثم ترجع ثانيا للوراء كما كانت من شدة توترها وصدمة خبر زواج ايمان..صاحت قائلة بعد ما شعرت بالتوتر والقلق..
.."..اوعي ياايمان يكونوا غصبوكي على الجوازة دي..طيحي فيهم ضرب يابت ..واجري على السفارة بتاعتنا هناك وقوليلهم عايزين يموتوني ويبيعوا اعضائي .."..
..سمعت ايمان بعض الطرقات على بابها ..فأعتدلت بجلوسها فوق الفراش وقالت لصديقتها..
.."..متخافيش عليا يالوزة ..انا الاسطى ايمان على سن ورمح ..وعيلة المهابيش اللي انا في وسطيهم دول محدش فيهم يقدر عليا ولا يعملي حاجة..سلام دلوقتي وهكلمك بعدين ..سلام سلام.."..
..عاود الطرق فوق الباب للمرة الثانية ..فصاحت ايمان بصوت عال بعد ما اغلقت هاتفها.
.."..خش ياللي بتخبط.."..
..فتح الباب فدلفت اليها دادة فاطمة وورائها فتاتان غريبتان كل واحدة منهما تحمل بيديها شيء ما ..الاولى تحمل بيدها حقيبة خاصة بأدوات الزينة والمكياج..والثانية تحمل فوق ذراعها كيس بلاستيكي كبير يغطي ماوراءه وكأنه فستان..ثم دخلت خادمتان تحملان حقائب كثيرة ..امتلئت الغرفة بالفتيات والحقائب المتعددة الالوان والاحجام..وبالنهاية دخلت العمة زهرة لتقف امام ايمان وقالت وهي تشير للفتاتان الغريبتان..
.."..حبيبتي الميكاب ارتست هي اللي هتعملك المكياج..والانسة التانية هي اللي هتلبسك الفستان وتشوف لو محتاج اي تعديل .. كل المستلزمات انا جيبتها وجاهزة..انا هسيب معاكي دادة فاطمة عشان تفهمك البنات هيقولولك ايه وكذلك انتي لو حابة تقوليلهم حاجة ..اوك حبيبتي ..اسيبك تستعدي .."..
..رمشت ايمان كعادتها عندما تتوتر من امر ما ..ادركت انها ستتزوج بالفعل ..شعرت ببعض الخوف فصاحت بعمتها قبل ان تخرج وقالت..
.."..عمتي استني ..عايزة اقولك على حاجة ضروري.."..
..اقتربت ايمان من عمتها وقالت وهي تشير لها بسبابتها..
.."..بقولك ايه ياعمتي..قولي لإبن اخوكي انه كتب كتاب وبس ..يعني مايحطش في دماغه حاجة كدة ولا كدة.."..
..قطبت العمة زهرة جبينها وقالت بتعجب..
.."..يعني ايه كدة ولا كدة.."..
..تنهدت ايمان بيأس وقالت وهي تهمس امام وجه عمتها..
.."..يعني مافيش سيكو سيكو..ينسى خالص ..انا بقولك اهو.."..
..رجعت العمة برأسها للوراء وهي تقول بصوت حاد..
.."..ايه يابنت الكلام العجيب اللي بتقوليه دا ..مش فاهمة منك حاجة .."..
..صاحت ايمان بضيق وهي تقول..
.."..يالهوي ياعمتي وانا اللي فاكراكي بتفهميها وهي طايرة..من الاخر كدة واقسم بالله..لو لقيته عايز قلة ادب ..لافتح دماغه بالمفتاح الانجليزي..امين ياعمتي..."..
..ضحكت العمة وقالت وهي تتجه لباب الغرفة لتخرج..
.."..متقلقيش من الناحية دي ..هو اصلا بيقول عنك ..انك ارجل من مراد ابن عمه..وان اللي ناقصك بس هو الشنب..."..
..اتسعت اعين ايمان وقالت بغيظ وهي تشير لنفسها ..
.."..انا..انا بشنب..طب وديني لأوريه.."..
..اسرعت ايمان ناحية فتاة المكياج وقالت بصوت قوي وهي تنظر لدادة فاطمة ..
.."..ست فاطمة قوليلها انا عايزة اخرج من هنا فشر هيفا وهبي ..عشان يبقى الباشا يقول عليا ساعتها بشنب.."..
..كتمت فاطمة ضحكتها وامسكت ايمان من مرفقها لتمشي بها ناحية الكرسي الخاص بمنضدة الزينة وهي تقول...
.."..حبيبتي انتي زي القمر ومش محتاجة تكوني شبه حد ..اقعدي دلوقتي واهدي ..وخلي البنات تشوف شغلها.."..
..رمت ايمان بنفسها فوق الكرسي وهي تتنهد باستسلام قائلة ..
.."..حاضر ياست فاطمة ..بس قولي للكوافيرة اني عايزة اعرف نفسي بعد ماتخلص...لحسن بشوف الواحدة لما تدخل الكوفير شكل تخرج واحدة تانية ..عريسها ذات نفسه مابيعرفهاش .."..
..هزت فاطمة رأسها بالايجاب وهي تربت فوق كتفيها بحنو لتطمئنها..
..واثناء ذلك بعد ماسمع ابراهيم نهاية حديث جده ..قام واقفا ينظر لجده بعمق ..التفت ومشى ناحية النافذة ..ثم استدار بمكانه وقال ..
.."..عمي سمير لما يعرف هيكون رد فعله قوي جدا ..انا متأكد.."..
..اسرع الجد بقوله وعيناه لا تحيد عن وجه ابراهيم ..
.."..انا وانت هنخليه يقف عند حدوده مايتخطهاش ..بس دا لو قبلت بجوازك من ايمان..وعلى فكرة انا مش هزعل منك لو رفضت ..انا ممكن الغي كل الترتيبات متقلقش ..انا مش عايز اظلمك يابني.."..
..ارتسمت فوق شفتي ابراهيم ابتسامة باهتة وقال وهو يخطو ناحية فراش جده ..
.."..انا مستحيل اهرب من المسئولية دي ياجدي..بنت عمي بقت امانة برقبتي ولا يمكن اتخلى عنها او اسيبها تواجه لوحدها ...هي صحيح مصيبة وكارثة متنقلة ..بس هعمل ايه ..مجبر اخاك لا بطل..ربنا يكون في عوني بقى.."..
..ارتسمت الفرحة والطمأنينة بوجه العجوز وقال ساخرا..
.."..احمد ربنا انت ..ان هي رضيت بيك..دي بتقول عليك عندك ثقب بشخصيتك.."..
..تسمر ابراهيم مكانه واخفض رأسه لينظر لصدره يبحث بيده فوق قميصه عن الثقب المزعوم ..رفع رأسه وهو يقول من بين اسنانه..
.."..ثقب بشخصيتي انا ..اصبري عليا محدش هيعدلك غيري.."..
..وبعد عدة ساعات وبغرفة ايمان التي اتسعت عيناها المزينة بالكحل الاسود الذي ابرز جمال عينيها بوضوح امام المرآة .
عندما رأت انعكاس لصورتها ..اخذت تلتف حول نفسها وفستانها الطويل يدور معها ..قالت بعد ان توقفت..
.."..يااه ..انا مكنتش اعرف اني هطلع مزة كدة ..تسلم ايديكوا بجد..بس لولا الكعب العالي دا اللي هيخليني انكفي على وشي.. كانت هتبقى الليلة حلوة مافيش كلام.."..
..دلفت العمة لغرفة ايمان لتقف امامها تنظر اليها من اسفل لأعلى باعجاب شديد ..اقتربت منها واحتضنتها بقوة وقالت بهمس بالقرب من اذنها...
.."..زي القمر ياحبيبتي..الف مبروك.."..
..احتضنتها ايمان بقوة ورددت قائلة بهمس ايضا..
.."..ولو انها جوازة اونطة ..بس الله يبارك فيكي..."..
..ضحكت عمتها ونزعتها من حضنها وهي تقول معاتبة اياها..
.."..بس يابنت ..اوعي تقولي الكلام دا قصاد حد ..لحسن الكلام يوصل لجدك ويتعب تاني.."..
..مالت شفتي ايمان جانبا بابتسامة صغيرة وقالت ..
.."..عيييب ..دا انا اسطى ايمان ..بس قوليلي ..ايه الحلاوة دي كلها ..دا انتي هتخطفي الليلة مني ولا ايه.."..
..تأبطت زهرة ذراع ايمان التي تمشي بهوادة خوفا من وقوعها وقالت وهي تخرج بها من الغرفة..
.."..يالا وبلاش بكش ..كلهم تحت بالجنينة ..الشيخ والمحامي وشوية ناس قرايبنا.."..
..امسكت ايمان بذراع عمتها بقوة وهي تقول ..
.."..امسكيني جامد بقى ..لحسن تلاقيني اتكعورت على الارض والليلة تبوظ.."..
..كان ابراهيم واقفا امام المنضدة الكبيرة يظهر عليه بعض التوتر فأخذ يعيد ربط رابطة عنقه مرة اخرى..اقترب منه مراد وهو يقول بصوت يشوبه التهكم والخبث ..
.."..على فكرة ..انا ممكن اشيل عنك المسئولية دي واتجوزها انا ..انا متأكد ان جدك غصبك على الجوازة دي..واهو المحامي موجود لو حبيت تغير رأيك.."....
..نظر اليه ابراهيم بطرف عينيه وقال بصوت قوي ..
.."..احترم نفسك يامراد وروح اقف مكانك ..مش انا اللي حد يغصبني على حاجة..يالا امشي.."..
..وكانت اجابه مراد عبارة عن صوت صفير اعجاب واسرع بقوله..
.."..بجد انا على اتم الاستعداد ..ارجوك وافق.."..
..فنظر ابراهيم لما ينظر اليه مراد ..فوجد ايمان تنزل درجات السلم الرخامي تتأبط ذراع عمتها بقوة..كانت مثل العروس حقا بالليلة عرسها..فستانها وشعرها المنسدل فوق كتفيها يتأرجح بنعومة واضحة ..وجهها المزين ببساطة ليبدو ان جمالها الطبيعي قد غمر الزينة بحلاوة فائضة..شعر وكأن نغزة ما عاودت اللكز مرة اخرى بصدره ..
..نزعت العمة ذراعها من قبضتي ايمان وقالت ..
.."..امسكي نفسك كويس وانزلي براحة متخافيش ..خليكي واثقة في نفسك.."..
..همست اليها ايمان بصوت ضعيف ..
.."..لا ..لا ياعمتي ماتسيبنيش ..والنعمة هقع.."..
..هزت العمة رأسها بالنفي واسرعت بالنزول وحدها..رفعت ايمان رأسها عاليا وامسكت بدرابزين السلم لتعتدل بنزولها خطوة خطوة..ادرك ابراهيم خوف ايمان من ملامح وجهها فأسرع اليها وصعد ليقف بجانبها واضعا يدا واحدة فوق خصره ..اشارة منه لإيمان لتتأبط ذراعه ..وبالفعل فهمت ايمان الاشارة وتأبطت ذراع ابراهيم الذي نزل بها درجات السلم باتجاه المنضدة وبمن يجلس حولها ..
..قال ابراهيم من بين اسنانه بغيظ ..
.."..بقى انا عندي ثقب بشخصيتي.."..
..التفتت ايمان برأسها لتنظر الى جانب وجهه وتقول من بين اسنانها ايضا ..
.."..يعني انا اللي ارجل من مراد ابن عمك وناقصني بس الشنب..". .
..التوت شفتي ابراهيم بضحكة خافتة وقال بعد ان التفت اليها ينظر اليها بعمق ولأول مرة..
.."..قبل كدة جايز ..لكن دلوقتي اكيد لأ.."..
..شعرت ايمان ولأول مرة بحياتها بالخجل ..اكتست وجنتيها باللون الاحمر وقالت وهي تهرب بعينيها من اسر نظراته الثاقبة ..
.."..اللهي تنستر..".
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة التاسعة 9 كاملة مكتوبة
المشهد 9
..ارتفع حاجبي ابراهيم وهز راسه بيأس عندما سمع ماقالته..
..فقال يقلد نبرة صوتها بصوت ساخر وتهكم واضح ..
.."..ربنا يخليكي ياحجة ايمان.."..
..همست ايمان لنفسها بعد ما ضحكت ضحكة خافتة ..
.."..والله دمك خفيف ياباشا.."..
..جلسا الاثنان فوق كرسيهما امام الطاولة الكبيرة.. وحولهم الجميع حتى الجد كان جالسا فوق كرسيه المدولب ينظر لهما نظرات حب وامل ..
..أما المدعون فكانوا يقفون حول طاولات صغيرة عالية متفرقة بأنحاء الحديقة التي زينت جذوع اشجارها بالقماش الابيض الشفاف والذي يلتف حوله عناقيد من اللمبات الصغيرة جدا الملونة .. ونادلات يحملن صواني ..البعض منها مملوء بالكثير من المقبلات والاخر يحمل كؤوس العصير البارد...
..كانت اصلى تهز ارجلها بعصبية واضحة ولا تحيد بعينيها عن البوابة ..تترقب وصول زوجها ..عله يمنع تلك الزيجة او يتسبب بتخريب الحفل كما تتمنى..ولكن خاب ظنها بتاخر موعد وصوله..
..وبمرور نصف الساعة انتهت مراسم عقد الزواج ..بقول الشيخ الذي يتحدث باللغة العربية الفصحى والذي اصر الجد على احضاره..
.."..بارك الله لكما وبارك عليكما.."..
..استلم كل من ابراهيم وايمان عقدي زواجهما الموثق بالسفارة المصرية بتركيا..واقترب ابراهيم من ايمان ليمسك برأسها تمهيدا ليقبلها من جبهتها...
..فشهقت ايمان وتراجعت للوراء خطوتين وقالت بذعر ..
.."..يالهوي ..انت عايز ايه.."..
..ارتسم الغيظ بملامح وجه ابراهيم وامسك براسها بكلتا كفيه وقال من بين اسنانه قبل ان يطبع قبلة خفيفة باهتة فوق جبهتها..
.."..اثبتي قدام الناس... متخافيش ..هقولك مبروك.."..
..التوت شفتي ايمان ورجعت براسها للوراء وهي تقول ..
.."..الله يباركلك..هي مبروك دلوقتي بالبوس..اخر مرة حضرتك.."..
..توافد المدعوين من الجيران وبعض اصدقاء العائلة لتقديم واجب المباركة بعقد القران..
..مالت ايمان ناحية عمتها التي كانت تقف بجانبها ..وقالت بنزق ..
.."..ايه ياعمتى مافيش واحدة من المعازيم ترقع زغروطة تصهلل القعدة.. كل الستات والبنات دول اتخرسوا خالص كدة.. ولا مافيهمش لسان .."..
..لكزتها عمتها بجانبها وهي تقول من بين اسنانها دون ان تنظر اليها ..فقط ابتسامة مصطنعة ترتسم فوق شفتيها امام الحاضرين..
.."..اسكتي ياايمان ..وابتسمي قدام الناس.."..
..رسمت ايمان البسمة فوق وجهها فبدت كالبلهاء تماما وهي تصافح الجميع دون ان تفهم كلمات مباركتهم.. وبعد برهة من الوقت تركت ايمان عمتها وجلست بجانب ابراهيم الذي كان يتحدث بامر هام مع المحامي ..امسكت بمرفقه لتهزه وتقول ..
.."..باشا..مش هنروح القاعة بقى ..انا رجلي ورمت من الوقفة ومن الجزمة.."..
..التفت اليها ابراهيم وقال متعجبا ..
.."..قاعة ايه .."..
..هزت راسها وهي تقول بثقة..
.. "..قاعة الافراح..هو مش انهاردة فرح كتب الكتاب زي ماعمتي مقالت.."..
..تنهد ابراهيم وهو يقول..
.."..اومال اللي قدامك دا ايه ..هي دي حفلة كتب الكتاب.."..
..ضمت ايمان شفتيها وقامت بتحريكهما يمينا وشمالا..وقالت ..
.."..هو كدة عندكو يبقى اسمه فرح وهيصة ...احيييه بالكركديه..بلا خيييبة.."..
..نظر ابراهيم حوله ليضمن عدم سماع أي احد لكلماتها السوقية ..وقام بلكزها وهو يقول بصوت خافت..
.."..انتي هتندبي ..اسكتي خالص ..وياريت متتكلميش لغاية الحفلة ماتخلص.."..
..هبت ايمان لتقف ولوحت بيدها تشير حولها بعد مافاض بها وقالت..
.."..ياخسارة الفستان والكوافير..طب بس حياة رحمة والديك ياشيخ ..دا يتسمى فرح..ناس منشية واقفة على رجليها ..والبنات رايحة جاية بصواني عليها فتافيت اكل ..يا عم روح كدة ..."..
..هب ابراهيم بدوره ليقف بقبالتها وهزها بقوة من مرفقها وهو يقول ..
.."..هذبي الفاظك بقولك..أو اسكتي يكون احسن .."..
..نزعت مرفقها من قبضته واسرعت بقولها ..
.."..ماشي هانظبط الكلام..بس الاول قولي ..طالما الفرح انضرب ..مش هنتفسح بالعربية طيب ونروح نتصور عند اي كوبري او جمب النافورة.."..
..رفع ابراهيم رأسه للسماء وهو يقول ..
.."..اللهم الصبر ..امشي من وشي ياايمان احسنلك واحسنلي .."..
هرولت ايمان ناحية عمتها التي كانت ترحب ببعض الاصدقاء..فامسكت بذراعها لتسحبها بعيدا عنهم وهي تقول ..
.."..لموأخذة ياحضرات.."..
..تنحنحت عمتها بحرج وهي تهز برأسها وتعتذر لهم بلغتها التركية ..وما ان ابتعدت بضعة خطوات لتقول بصوت خافت ولكنه قوي..
.."..بنت ..ايه اللي بتعمليه دا .."..
..وقفت ايمان امام عمتها وقالت ..
.."..انا عايزة اعرف دلوقتي ..في فرح ولا مافيش في الليلة دي.."..
..ضاقت عيني عمتها بعدم فهم ..لتستطرد ايمان قولها ..
.."..بصي ياعمتي ..الفرح عندنا لو في الشارع ..بيبقى صوان كبير وزينه وتعاليق وكهارب ومسرح عليه كوشة.. وسماعات الدي جي منتشرة بالمكان ..واغاني المهرجانات توصل لأخر الشارع..ودربكة للفجر ..ياإما ياعمتي الفرح بقاعة ونقضيها رقص واغاني.. فقوليلي في حاجة من دول ولا مافيش واطلع اوضتي واقلع ام الجزمة ..ومتقوليليش زي ماقال الباشا ان اللي بيحصل حوالينا دا واللي شبه عيد الربيع يبقى هو الفرح.."..
..وقبل ان تنطق عمتها جاء ابراهيم خلفها وهو يقول بصوت غاضب..
.."..خدي العروسة ياعمتي واطلعي بيها لاوضتها.."..
..التفتت زهرة لابراهيم الذي مشت به بعيدا عن ايمان لتهدئته...
..وقف مراد بجانب ايمان التي تخصرت وهي تنظر لابراهيم وعمتها بتحفز..فقال مراد..
.."..تسمحلي العروسة بالرقصة دي .."..
..التفتت ايمان له تنظر له من اعلى لأسفل وقالت..
.."..عايز ايه ياخويا.."..
..ضحك مراد وهو يقول .."..بقولك تعالي نرقص سوا ..".
..نظرت ايمان حولها لتجد البعض يرقص رقصة الفالس على انغام ناعمة ..وقالت ..
.."..انت عايزني انا..ارقص معاك انت.. رقصة النحنحة دي..يالا يالا...طريقك اخضر ..امشي قبل ما تطلع عليك.."..
..تسائل مراد مستغربا ..
.."..هي ايه اللي هاتطلع.."..
..اقتربت منه ايمان بتحفز تشير ناحية رأسها وهي تلف اصابع يدها..
.."..الجنونة ياحيلتها .."..
..رجع مراد خطوة واحدة ..فاستطردت ايمان قولها بقوة وهي تشير لنرمين بيد ..ويدها الثانية ضربت بها كتف مراد..
.."..تعال هنا قولي ..هو انتو عيلة ايزمي ميزي خالص كدة ..مش المحروسة اللي بترقص هناك دي ولابسة فستان مفتح من كل حتة تبقى اختك بردو ..ولا انا غلطانة.."..
..هز مراد راسه وهو يقول..
.."..بردو مش فاهم.."..
..تحركت ايمان بكلتا كفيها وهي تقول بحسرة..
.."..ولا عمرك هتفهم.."..
..صدح صوت بوق سيارة امام البوابة الحديدية للفيلا ..تركت اصلي هانم من كانت تتحدث معهم وهرعت بخطواتها الواسعة ناحية البوابة لإستقبال زوجها...
..انتبهت ايمان لصوت مراد وهو يقول ..
.."..ايه دا ...بابا جيه ..مع انه المفروض يوصل بعد تلات ايام.."..
..ترك مراد ايمان وذهب لاستقبال والده..
..قالت ايمان لنفسها ..
.."..ودا ماله كدة داخل بزعابيه.."..
***
..ارتفع حاجبي ابراهيم وهز راسه بيأس عندما سمع ماقالته..
..فقال يقلد نبرة صوتها بصوت ساخر وتهكم واضح ..
.."..ربنا يخليكي ياحجة ايمان.."..
..همست ايمان لنفسها بعد ما ضحكت ضحكة خافتة ..
.."..والله دمك خفيف ياباشا.."..
..جلسا الاثنان فوق كرسيهما امام الطاولة الكبيرة.. وحولهم الجميع حتى الجد كان جالسا فوق كرسيه المدولب ينظر لهما نظرات حب وامل ..
..أما المدعون فكانوا يقفون حول طاولات صغيرة عالية متفرقة بأنحاء الحديقة التي زينت جذوع اشجارها بالقماش الابيض الشفاف والذي يلتف حوله عناقيد من اللمبات الصغيرة جدا الملونة .. ونادلات يحملن صواني ..البعض منها مملوء بالكثير من المقبلات والاخر يحمل كؤوس العصير البارد...
..كانت اصلى تهز ارجلها بعصبية واضحة ولا تحيد بعينيها عن البوابة ..تترقب وصول زوجها ..عله يمنع تلك الزيجة او يتسبب بتخريب الحفل كما تتمنى..ولكن خاب ظنها بتاخر موعد وصوله..
..وبمرور نصف الساعة انتهت مراسم عقد الزواج ..بقول الشيخ الذي يتحدث باللغة العربية الفصحى والذي اصر الجد على احضاره..
.."..بارك الله لكما وبارك عليكما.."..
..استلم كل من ابراهيم وايمان عقدي زواجهما الموثق بالسفارة المصرية بتركيا..واقترب ابراهيم من ايمان ليمسك برأسها تمهيدا ليقبلها من جبهتها...
..فشهقت ايمان وتراجعت للوراء خطوتين وقالت بذعر ..
.."..يالهوي ..انت عايز ايه.."..
..ارتسم الغيظ بملامح وجه ابراهيم وامسك براسها بكلتا كفيه وقال من بين اسنانه قبل ان يطبع قبلة خفيفة باهتة فوق جبهتها..
.."..اثبتي قدام الناس... متخافيش ..هقولك مبروك.."..
..التوت شفتي ايمان ورجعت براسها للوراء وهي تقول ..
.."..الله يباركلك..هي مبروك دلوقتي بالبوس..اخر مرة حضرتك.."..
..توافد المدعوين من الجيران وبعض اصدقاء العائلة لتقديم واجب المباركة بعقد القران..
..مالت ايمان ناحية عمتها التي كانت تقف بجانبها ..وقالت بنزق ..
.."..ايه ياعمتى مافيش واحدة من المعازيم ترقع زغروطة تصهلل القعدة.. كل الستات والبنات دول اتخرسوا خالص كدة.. ولا مافيهمش لسان .."..
..لكزتها عمتها بجانبها وهي تقول من بين اسنانها دون ان تنظر اليها ..فقط ابتسامة مصطنعة ترتسم فوق شفتيها امام الحاضرين..
.."..اسكتي ياايمان ..وابتسمي قدام الناس.."..
..رسمت ايمان البسمة فوق وجهها فبدت كالبلهاء تماما وهي تصافح الجميع دون ان تفهم كلمات مباركتهم.. وبعد برهة من الوقت تركت ايمان عمتها وجلست بجانب ابراهيم الذي كان يتحدث بامر هام مع المحامي ..امسكت بمرفقه لتهزه وتقول ..
.."..باشا..مش هنروح القاعة بقى ..انا رجلي ورمت من الوقفة ومن الجزمة.."..
..التفت اليها ابراهيم وقال متعجبا ..
.."..قاعة ايه .."..
..هزت راسها وهي تقول بثقة..
.. "..قاعة الافراح..هو مش انهاردة فرح كتب الكتاب زي ماعمتي مقالت.."..
..تنهد ابراهيم وهو يقول..
.."..اومال اللي قدامك دا ايه ..هي دي حفلة كتب الكتاب.."..
..ضمت ايمان شفتيها وقامت بتحريكهما يمينا وشمالا..وقالت ..
.."..هو كدة عندكو يبقى اسمه فرح وهيصة ...احيييه بالكركديه..بلا خيييبة.."..
..نظر ابراهيم حوله ليضمن عدم سماع أي احد لكلماتها السوقية ..وقام بلكزها وهو يقول بصوت خافت..
.."..انتي هتندبي ..اسكتي خالص ..وياريت متتكلميش لغاية الحفلة ماتخلص.."..
..هبت ايمان لتقف ولوحت بيدها تشير حولها بعد مافاض بها وقالت..
.."..ياخسارة الفستان والكوافير..طب بس حياة رحمة والديك ياشيخ ..دا يتسمى فرح..ناس منشية واقفة على رجليها ..والبنات رايحة جاية بصواني عليها فتافيت اكل ..يا عم روح كدة ..."..
..هب ابراهيم بدوره ليقف بقبالتها وهزها بقوة من مرفقها وهو يقول ..
.."..هذبي الفاظك بقولك..أو اسكتي يكون احسن .."..
..نزعت مرفقها من قبضته واسرعت بقولها ..
.."..ماشي هانظبط الكلام..بس الاول قولي ..طالما الفرح انضرب ..مش هنتفسح بالعربية طيب ونروح نتصور عند اي كوبري او جمب النافورة.."..
..رفع ابراهيم رأسه للسماء وهو يقول ..
.."..اللهم الصبر ..امشي من وشي ياايمان احسنلك واحسنلي .."..
هرولت ايمان ناحية عمتها التي كانت ترحب ببعض الاصدقاء..فامسكت بذراعها لتسحبها بعيدا عنهم وهي تقول ..
.."..لموأخذة ياحضرات.."..
..تنحنحت عمتها بحرج وهي تهز برأسها وتعتذر لهم بلغتها التركية ..وما ان ابتعدت بضعة خطوات لتقول بصوت خافت ولكنه قوي..
.."..بنت ..ايه اللي بتعمليه دا .."..
..وقفت ايمان امام عمتها وقالت ..
.."..انا عايزة اعرف دلوقتي ..في فرح ولا مافيش في الليلة دي.."..
..ضاقت عيني عمتها بعدم فهم ..لتستطرد ايمان قولها ..
.."..بصي ياعمتي ..الفرح عندنا لو في الشارع ..بيبقى صوان كبير وزينه وتعاليق وكهارب ومسرح عليه كوشة.. وسماعات الدي جي منتشرة بالمكان ..واغاني المهرجانات توصل لأخر الشارع..ودربكة للفجر ..ياإما ياعمتي الفرح بقاعة ونقضيها رقص واغاني.. فقوليلي في حاجة من دول ولا مافيش واطلع اوضتي واقلع ام الجزمة ..ومتقوليليش زي ماقال الباشا ان اللي بيحصل حوالينا دا واللي شبه عيد الربيع يبقى هو الفرح.."..
..وقبل ان تنطق عمتها جاء ابراهيم خلفها وهو يقول بصوت غاضب..
.."..خدي العروسة ياعمتي واطلعي بيها لاوضتها.."..
..التفتت زهرة لابراهيم الذي مشت به بعيدا عن ايمان لتهدئته...
..وقف مراد بجانب ايمان التي تخصرت وهي تنظر لابراهيم وعمتها بتحفز..فقال مراد..
.."..تسمحلي العروسة بالرقصة دي .."..
..التفتت ايمان له تنظر له من اعلى لأسفل وقالت..
.."..عايز ايه ياخويا.."..
..ضحك مراد وهو يقول .."..بقولك تعالي نرقص سوا ..".
..نظرت ايمان حولها لتجد البعض يرقص رقصة الفالس على انغام ناعمة ..وقالت ..
.."..انت عايزني انا..ارقص معاك انت.. رقصة النحنحة دي..يالا يالا...طريقك اخضر ..امشي قبل ما تطلع عليك.."..
..تسائل مراد مستغربا ..
.."..هي ايه اللي هاتطلع.."..
..اقتربت منه ايمان بتحفز تشير ناحية رأسها وهي تلف اصابع يدها..
.."..الجنونة ياحيلتها .."..
..رجع مراد خطوة واحدة ..فاستطردت ايمان قولها بقوة وهي تشير لنرمين بيد ..ويدها الثانية ضربت بها كتف مراد..
.."..تعال هنا قولي ..هو انتو عيلة ايزمي ميزي خالص كدة ..مش المحروسة اللي بترقص هناك دي ولابسة فستان مفتح من كل حتة تبقى اختك بردو ..ولا انا غلطانة.."..
..هز مراد راسه وهو يقول..
.."..بردو مش فاهم.."..
..تحركت ايمان بكلتا كفيها وهي تقول بحسرة..
.."..ولا عمرك هتفهم.."..
..صدح صوت بوق سيارة امام البوابة الحديدية للفيلا ..تركت اصلي هانم من كانت تتحدث معهم وهرعت بخطواتها الواسعة ناحية البوابة لإستقبال زوجها...
..انتبهت ايمان لصوت مراد وهو يقول ..
.."..ايه دا ...بابا جيه ..مع انه المفروض يوصل بعد تلات ايام.."..
..ترك مراد ايمان وذهب لاستقبال والده..
..قالت ايمان لنفسها ..
.."..ودا ماله كدة داخل بزعابيه.."..
***
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة العاشرة 10 كاملة مكتوبة
المشهد 10
..استقبلت اصلي زوجها عند البوابة وهي تصيح به ..
.."..اتأخرت ليه..خلاص كتبوا الكتاب وبقت البتاعة دي مراته.."..
..اسرعا كل من مراد واخته نيرمين للحاق بوالدتهم التي وقفا خلفها وهي تشكو لسمير تأخره وتحكي له عما جرى من تلك الفتاة التي اقتحمت حياتهم..
.. تركت زهرة ابراهيم ليهدا قليلا ثم اتجهت ناحية ايمان التي امسكت بمرفقها وقالت وهي تمشي بجانبها ناحية عمها..
.."..تعالي سلمي على عمك سمير ..تقوليله ازيك ياعمي وحمدالله على السلامة وبس ..متقوليش حاجة تاني. "..
..التفتت ايمان براسها ناحية عمتها وقالت متسائلة..
.."..ليه ياعمتي هو مابيفهمش من العربي غير الكلمتين دول بس.."..
..وقفت زهرة وايمان امام سمير الذي توقف امامهما ينظر الى ايمان من اسفل لأعلي بكل ازدراء..
..مدت ايمان يدها لتصافحه وهي تقول والابتسامة تزين شفتيها..
.."..حمدالله على السلامة ياعمي .."..
..وقفت اصلي ونيرمين بجانب سمير الذي وضع كلتا كفيه بجيبي بنطاله وقال بنبرة ساخرة..
.."..عمك..عمك مين ياشاطرة ..انتي مين يابت انتي وبتعملي هنا ايه.."..
..صاحت به زهرة بصوت قوي خافت وهي تنظر حولها خوفا من ان يسمع احدهم ما يجري..
.."..سمير ..وطي صوتك ..ايه اللي بتقوله دا.."..
..اخفضت ايمان يدها بجانبها وهي تقول بنبرة صوت واثقة قوية ..
.."..عارف يا...عمي ..لولا انك عمي انا كنت رديت عليك رد يلوحك ويزعلك..بس انا مش هعمل كدة ..مش عشانك ..لا.. عشان خاطر الراجل الكبير التعبان دا.."..
..رفع سمير يده لكي يضربها بعد ان ارتسمت بملامحه علامات الغضب الشديد ولكنه وجد من يوقفها بالهواء عاليا ..كان ابراهيم يقف بقبالته وهو يقول بعد ما انزل بيد عمه لأسفل ..
.."..مش هسمحلك ياعمي تمد ايدك على مراتي..واللي هي في الاصل بنت اخوك الله يرحمه ..يعني في مقام بنتك.."..
..كذلك مراد الذي قال وهو يتلفت حوله..
.."..بابا من فضلك الناس بتبص علينا ..وجدي بيشاور من بعيد .."..
..ضربت ايمان كتف ابراهيم باصبعها وقالت غاضبة ..
.."..لا ياشا بعد اذنك ..انا اقدر ادافع عن نفسي تمام اوي..سيبه سيبه ..خليه يوريني هيمد ايده عليا ازاي.."..
..استدار ابراهيم لزوجته وقال امرا اياها..
.."..ايمان ..اطلعي اوضتك دلوقتي ..وهنتفاهم كلنا بعدين.."..
..حاوطتها عمتها بذراعيها وقالت وهي تحاول ان تسير بها ..
.."..يالا حبيبتي ..يالا .."..
..زمجرت ايمان وهي تحاول ان تتسمر مكانها فقالت..
.."..سيبيني ياعمتي الله يخليكي ..هو عشان شايفني بالفستان فاكرني اكسلانس ..لا ياعمتي ..دا انا الاسطى ايمان .."..
..جمعت زهرة كل قوتها لكي لا تدعها تفلت منها ويحدث مالا يحمد عقباه..
..دلفا الاثنتان لغرفة ايمان التي زفرت بصوت عال وضيق ملحوظ فقالت..
.."..انا عايزة امشي من هنا ياعمتي ..عايزة ارجع بلدي وبيتي.."..
..صاحت بها عمتها وهي تهز كتفيها بقوة ..
.."..مافيش حاجة اسمها عايزة امشي من هنا ..لان هنا بيتك زي ماهو بيتهم بالظبط ويمكن اكتر.."..
..تهدلت كتفي ايمان واتجهت للفراش لتجلس فوقه وهي تقول بصوت حزين..
.."..انا معرفش ليه قال كدة ..مع اني اول ماشوفته لقيته فيه شبه من ابويا الله يرحمه..اتصدمت فيه ..الله يسامحه..مع اني كنت ممكن اعملها معاه..بس كويس انك حوشتيني..عشان خاطر جدي ..بس بردو انا عايزة امشي..حلو اوي اللي حصل لغاية كدة.."..
..جلست عمتها بجانبها تمسد فوق ظهرها بحنو وهي تقول..
.."..وتسيبيني وتسيبي جدك بعد مااتعلقنا بيكي..وجوزك ابراهيم .."..
..التفتت ايمان برأسها بسرعة وحدة وهي تقول ..
.."..جوزي ..جوز مين ياعمتي ..انتي عارفة كويس انها جوازة حلواني..يعني شوية كدة ...و بخ .."..
..ضاق مابين حاجبي زهرة وقالت متعجبة ..
.."..حلواني ..و بخ..انتي بتقولي ايه يابنت.."..
..مطت ايمان شفتيها وهبت لتقف امامها ..مالت بجذعها وصفقت بكلتا كفيها وقالت..
.."..يعني جوازة اونطة ..حبة وقت وفينش finish ..وكل واحد يروح لحاله.."..
..صدح صوت ابراهيم عاليا وهو يقول..
.."..ومين اللي هسيبك تروحي لحالك بعد مابقيتي خلاص مراتي ..يعني انا بس اللي اقول واحكم ..فهمتي.."..
..تخصرت ايمان وهي تقف بقبالته وتقول بنبرة صوت قوية.
.."..لاااااا...الكلام دا ياباشا عندها ...لكن عندي انا.. تدوس فرامل وتقف انتباه..انا محدش يتحكم فيا لموأخذة.."..
..اقترب ابراهيم منها وينظر لها بقوة قائلا..
.."..اتأدبي وانتي بتتكلمي معايا ..انتي خلاص بقيتي مراتي ..يعني تحترمي نفسك .."..
..رفعت سبابتها امام وجه ابراهيم وهي تقول..
.."..انا محترمة غصبن عن اي حد هنا ..وانسى خالص كلمة مراتي دي .."..
..كانت العمة زهرة تريد ان تقف حائلا بينهما وهي تردد قائلة..
.."..اتفاهموا بالراحة ياولاد.."..
.. لكن ابراهيم لم يدع لها فرصة بذلك عندما امسك بكتفي ايمان ودفع بها ناحية الحائط وهو يقول..
.."..انتي اللي غصبن عنك لازم تفهمي ان بقيتي واحدة تانية غير اللي ساكنة بالحارة هناك..انتي هنا ايمان حرم ابراهيم بيه..واللي على هذا الاساس هتتصرفي وهتكون حياتك الجديدة.."..
..حاولت ايمان ان تتملص من بين يديه ولكن دون فائدة ..وقبل ان تصيح بوجهه ..دلفت دادة فاطمة وهي تقول ..
.."..ابراهيم بيه الحقنا..جدك تعب وبينادي عليك.."..
..هرع ابراهيم مسرعا ووراءه زهرة تارك ورائه ايمان التي تنظر للفراغ بأعين زائغة ..افترشت الارض وهي تقول لنفسها ..
.."..انا بحلم ..انا اكيد بحلم..يمكن لما اقلع الجزمة اصحى وافوق من الكابوس دا.."..
..نزعت الحذاء وهي تتأوه بشدة وتفرك اصابع قدميها وتقول ..
.."..ملعون ابو الكعب العالي.."..
..كانت دادة فاطمة تنظر لها بتعجب حتى قالت..
.."..حبيبتي مش هتنزلي تشوفي جدك.."..
..رفعت ايمان راسها وهبت لتقف وتقول وهي تهرول بعيدا عن غرفتها بهد ان استعادت وعيها كاملا..
.."..كان حقيقة..وبكل مرة يمسك فيا ويزعق في وشي..ماشي حاضر ..لما نشوف اخرتها ايه مع الناس دي.."..
..دلفت ايمان لغرفة جدها وهي حافية القدمين لتجدها مكتظة بالجميع..والطبيب يقوم بفحص جدها النائم بفراشه..اقتربت من فراش جدها لتجد من يصيح بها غاضبا..
.."..انتي السبب في كل اللي بيحصل.."..
..اشارت لنفسها وهي تردد قوله بصوت ضعيف..
.."..انا.."..
.. فصاح ابراهيم بقوة وهو يقول..
.."..عمي ..من فضلك..كلامك معايا انا.."..
..رفع الجد يده وهو يقول بصوت ضعيف..
.."..مش عايز حد في الاوضة غير ايمان وابراهيم وسمير بس ..الكل يطلع برة ..يالا.."..
..خرج الجميع من الغرفة وقبل ان تخطو زهرة خارجها ..قال الجد..
.."..استني يازهرة.."..
..هزت زهرة رأسها واغلقت الباب ..قال الجد وهو يشير لهم ..
.."..اقعدوا واسمعوني كويس..انا كنت ناوي اكتب نص ثروتي بيع وشرا لابني احمد الله يرحمه ..لكن بما ان قضاء الله كان اسرع مني ..انا كتبتها باسم ايمان ..لأن هي الأحق بثروة ابوها كاملة .."..
..هب سمير ليقف ويصيح ..
.."..بتقول ايه يابابا..كتبت نص ثروتك لبنت جاية من الشارع..منعرفش اصلها ايه .."..
..وقف ابراهيم ليقول بصوت قوي وهو يلوح بيده..
.."..اصلها تبقى بنت اخوك ياعمي ..ومش هسمح بأي كلمة تمسها او تمس كرامتها ..لان كرامة مراتي من كرامتي .."..
..صاح به سمير وهو يضحك ضحكة ساخرة وقال..
.."..لا ياابن اخويا ..المسألة مش مسألة كرامة ..المسألة انك وافقت تتجوز واحدة زي دي عشان الثروة اللي بقت ملكها ..بس صدقني انت اخدت اكبر مقلب في حياتك ..لاني مش هسمحلها تاخد قرش واحد منها.."..
..ظهرت الصدمة بملامح ابراهيم والذي انقبض صدره خوفا من ان تصدق ايمان قول عمها ..فقبل ان ينطق قال الجد بصوت هادئ مخيف..
.."..ايه ياسمير هتعملها ايه..هتهددها بالقتل وتطردها زي ما عملت مع ابوها من تلات سنين لما جيه يزورني بالمستشفى وانت منعته حتى يشوفني ..لولا انك ابني انا كنت اتصرفت معاك تصرف يخليك تندم ندم عمرك على تهديدك لأخوك .."..
..ازدرد سمير ريقه بصعوبة وقال متلعثما بكلماته...
.."..ايه.. يابابا.. اللي بتقوله دا تهديد ايه ..انا ..انا ...."..
..كانت ايمان تنتقل بعينيها بينهم بنظرات زائغة وفاه مفتوح..لم تشعر بنفسها الا وهي تقف وتتجه ناحية الباب ..ليصيح بها جدها قائلا ..
.."..ايمان .."..
..وقفت ايمان مكانها وقالت بصوت قوي وظهرها لهم جميعا ..
.."..انا همشي من هنا ..انا عايزة اروح بيتنا..واللي خايف على عمره مايقربش ناحيتي.."..
..استقبلت اصلي زوجها عند البوابة وهي تصيح به ..
.."..اتأخرت ليه..خلاص كتبوا الكتاب وبقت البتاعة دي مراته.."..
..اسرعا كل من مراد واخته نيرمين للحاق بوالدتهم التي وقفا خلفها وهي تشكو لسمير تأخره وتحكي له عما جرى من تلك الفتاة التي اقتحمت حياتهم..
.. تركت زهرة ابراهيم ليهدا قليلا ثم اتجهت ناحية ايمان التي امسكت بمرفقها وقالت وهي تمشي بجانبها ناحية عمها..
.."..تعالي سلمي على عمك سمير ..تقوليله ازيك ياعمي وحمدالله على السلامة وبس ..متقوليش حاجة تاني. "..
..التفتت ايمان براسها ناحية عمتها وقالت متسائلة..
.."..ليه ياعمتي هو مابيفهمش من العربي غير الكلمتين دول بس.."..
..وقفت زهرة وايمان امام سمير الذي توقف امامهما ينظر الى ايمان من اسفل لأعلي بكل ازدراء..
..مدت ايمان يدها لتصافحه وهي تقول والابتسامة تزين شفتيها..
.."..حمدالله على السلامة ياعمي .."..
..وقفت اصلي ونيرمين بجانب سمير الذي وضع كلتا كفيه بجيبي بنطاله وقال بنبرة ساخرة..
.."..عمك..عمك مين ياشاطرة ..انتي مين يابت انتي وبتعملي هنا ايه.."..
..صاحت به زهرة بصوت قوي خافت وهي تنظر حولها خوفا من ان يسمع احدهم ما يجري..
.."..سمير ..وطي صوتك ..ايه اللي بتقوله دا.."..
..اخفضت ايمان يدها بجانبها وهي تقول بنبرة صوت واثقة قوية ..
.."..عارف يا...عمي ..لولا انك عمي انا كنت رديت عليك رد يلوحك ويزعلك..بس انا مش هعمل كدة ..مش عشانك ..لا.. عشان خاطر الراجل الكبير التعبان دا.."..
..رفع سمير يده لكي يضربها بعد ان ارتسمت بملامحه علامات الغضب الشديد ولكنه وجد من يوقفها بالهواء عاليا ..كان ابراهيم يقف بقبالته وهو يقول بعد ما انزل بيد عمه لأسفل ..
.."..مش هسمحلك ياعمي تمد ايدك على مراتي..واللي هي في الاصل بنت اخوك الله يرحمه ..يعني في مقام بنتك.."..
..كذلك مراد الذي قال وهو يتلفت حوله..
.."..بابا من فضلك الناس بتبص علينا ..وجدي بيشاور من بعيد .."..
..ضربت ايمان كتف ابراهيم باصبعها وقالت غاضبة ..
.."..لا ياشا بعد اذنك ..انا اقدر ادافع عن نفسي تمام اوي..سيبه سيبه ..خليه يوريني هيمد ايده عليا ازاي.."..
..استدار ابراهيم لزوجته وقال امرا اياها..
.."..ايمان ..اطلعي اوضتك دلوقتي ..وهنتفاهم كلنا بعدين.."..
..حاوطتها عمتها بذراعيها وقالت وهي تحاول ان تسير بها ..
.."..يالا حبيبتي ..يالا .."..
..زمجرت ايمان وهي تحاول ان تتسمر مكانها فقالت..
.."..سيبيني ياعمتي الله يخليكي ..هو عشان شايفني بالفستان فاكرني اكسلانس ..لا ياعمتي ..دا انا الاسطى ايمان .."..
..جمعت زهرة كل قوتها لكي لا تدعها تفلت منها ويحدث مالا يحمد عقباه..
..دلفا الاثنتان لغرفة ايمان التي زفرت بصوت عال وضيق ملحوظ فقالت..
.."..انا عايزة امشي من هنا ياعمتي ..عايزة ارجع بلدي وبيتي.."..
..صاحت بها عمتها وهي تهز كتفيها بقوة ..
.."..مافيش حاجة اسمها عايزة امشي من هنا ..لان هنا بيتك زي ماهو بيتهم بالظبط ويمكن اكتر.."..
..تهدلت كتفي ايمان واتجهت للفراش لتجلس فوقه وهي تقول بصوت حزين..
.."..انا معرفش ليه قال كدة ..مع اني اول ماشوفته لقيته فيه شبه من ابويا الله يرحمه..اتصدمت فيه ..الله يسامحه..مع اني كنت ممكن اعملها معاه..بس كويس انك حوشتيني..عشان خاطر جدي ..بس بردو انا عايزة امشي..حلو اوي اللي حصل لغاية كدة.."..
..جلست عمتها بجانبها تمسد فوق ظهرها بحنو وهي تقول..
.."..وتسيبيني وتسيبي جدك بعد مااتعلقنا بيكي..وجوزك ابراهيم .."..
..التفتت ايمان برأسها بسرعة وحدة وهي تقول ..
.."..جوزي ..جوز مين ياعمتي ..انتي عارفة كويس انها جوازة حلواني..يعني شوية كدة ...و بخ .."..
..ضاق مابين حاجبي زهرة وقالت متعجبة ..
.."..حلواني ..و بخ..انتي بتقولي ايه يابنت.."..
..مطت ايمان شفتيها وهبت لتقف امامها ..مالت بجذعها وصفقت بكلتا كفيها وقالت..
.."..يعني جوازة اونطة ..حبة وقت وفينش finish ..وكل واحد يروح لحاله.."..
..صدح صوت ابراهيم عاليا وهو يقول..
.."..ومين اللي هسيبك تروحي لحالك بعد مابقيتي خلاص مراتي ..يعني انا بس اللي اقول واحكم ..فهمتي.."..
..تخصرت ايمان وهي تقف بقبالته وتقول بنبرة صوت قوية.
.."..لاااااا...الكلام دا ياباشا عندها ...لكن عندي انا.. تدوس فرامل وتقف انتباه..انا محدش يتحكم فيا لموأخذة.."..
..اقترب ابراهيم منها وينظر لها بقوة قائلا..
.."..اتأدبي وانتي بتتكلمي معايا ..انتي خلاص بقيتي مراتي ..يعني تحترمي نفسك .."..
..رفعت سبابتها امام وجه ابراهيم وهي تقول..
.."..انا محترمة غصبن عن اي حد هنا ..وانسى خالص كلمة مراتي دي .."..
..كانت العمة زهرة تريد ان تقف حائلا بينهما وهي تردد قائلة..
.."..اتفاهموا بالراحة ياولاد.."..
.. لكن ابراهيم لم يدع لها فرصة بذلك عندما امسك بكتفي ايمان ودفع بها ناحية الحائط وهو يقول..
.."..انتي اللي غصبن عنك لازم تفهمي ان بقيتي واحدة تانية غير اللي ساكنة بالحارة هناك..انتي هنا ايمان حرم ابراهيم بيه..واللي على هذا الاساس هتتصرفي وهتكون حياتك الجديدة.."..
..حاولت ايمان ان تتملص من بين يديه ولكن دون فائدة ..وقبل ان تصيح بوجهه ..دلفت دادة فاطمة وهي تقول ..
.."..ابراهيم بيه الحقنا..جدك تعب وبينادي عليك.."..
..هرع ابراهيم مسرعا ووراءه زهرة تارك ورائه ايمان التي تنظر للفراغ بأعين زائغة ..افترشت الارض وهي تقول لنفسها ..
.."..انا بحلم ..انا اكيد بحلم..يمكن لما اقلع الجزمة اصحى وافوق من الكابوس دا.."..
..نزعت الحذاء وهي تتأوه بشدة وتفرك اصابع قدميها وتقول ..
.."..ملعون ابو الكعب العالي.."..
..كانت دادة فاطمة تنظر لها بتعجب حتى قالت..
.."..حبيبتي مش هتنزلي تشوفي جدك.."..
..رفعت ايمان راسها وهبت لتقف وتقول وهي تهرول بعيدا عن غرفتها بهد ان استعادت وعيها كاملا..
.."..كان حقيقة..وبكل مرة يمسك فيا ويزعق في وشي..ماشي حاضر ..لما نشوف اخرتها ايه مع الناس دي.."..
..دلفت ايمان لغرفة جدها وهي حافية القدمين لتجدها مكتظة بالجميع..والطبيب يقوم بفحص جدها النائم بفراشه..اقتربت من فراش جدها لتجد من يصيح بها غاضبا..
.."..انتي السبب في كل اللي بيحصل.."..
..اشارت لنفسها وهي تردد قوله بصوت ضعيف..
.."..انا.."..
.. فصاح ابراهيم بقوة وهو يقول..
.."..عمي ..من فضلك..كلامك معايا انا.."..
..رفع الجد يده وهو يقول بصوت ضعيف..
.."..مش عايز حد في الاوضة غير ايمان وابراهيم وسمير بس ..الكل يطلع برة ..يالا.."..
..خرج الجميع من الغرفة وقبل ان تخطو زهرة خارجها ..قال الجد..
.."..استني يازهرة.."..
..هزت زهرة رأسها واغلقت الباب ..قال الجد وهو يشير لهم ..
.."..اقعدوا واسمعوني كويس..انا كنت ناوي اكتب نص ثروتي بيع وشرا لابني احمد الله يرحمه ..لكن بما ان قضاء الله كان اسرع مني ..انا كتبتها باسم ايمان ..لأن هي الأحق بثروة ابوها كاملة .."..
..هب سمير ليقف ويصيح ..
.."..بتقول ايه يابابا..كتبت نص ثروتك لبنت جاية من الشارع..منعرفش اصلها ايه .."..
..وقف ابراهيم ليقول بصوت قوي وهو يلوح بيده..
.."..اصلها تبقى بنت اخوك ياعمي ..ومش هسمح بأي كلمة تمسها او تمس كرامتها ..لان كرامة مراتي من كرامتي .."..
..صاح به سمير وهو يضحك ضحكة ساخرة وقال..
.."..لا ياابن اخويا ..المسألة مش مسألة كرامة ..المسألة انك وافقت تتجوز واحدة زي دي عشان الثروة اللي بقت ملكها ..بس صدقني انت اخدت اكبر مقلب في حياتك ..لاني مش هسمحلها تاخد قرش واحد منها.."..
..ظهرت الصدمة بملامح ابراهيم والذي انقبض صدره خوفا من ان تصدق ايمان قول عمها ..فقبل ان ينطق قال الجد بصوت هادئ مخيف..
.."..ايه ياسمير هتعملها ايه..هتهددها بالقتل وتطردها زي ما عملت مع ابوها من تلات سنين لما جيه يزورني بالمستشفى وانت منعته حتى يشوفني ..لولا انك ابني انا كنت اتصرفت معاك تصرف يخليك تندم ندم عمرك على تهديدك لأخوك .."..
..ازدرد سمير ريقه بصعوبة وقال متلعثما بكلماته...
.."..ايه.. يابابا.. اللي بتقوله دا تهديد ايه ..انا ..انا ...."..
..كانت ايمان تنتقل بعينيها بينهم بنظرات زائغة وفاه مفتوح..لم تشعر بنفسها الا وهي تقف وتتجه ناحية الباب ..ليصيح بها جدها قائلا ..
.."..ايمان .."..
..وقفت ايمان مكانها وقالت بصوت قوي وظهرها لهم جميعا ..
.."..انا همشي من هنا ..انا عايزة اروح بيتنا..واللي خايف على عمره مايقربش ناحيتي.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الحادية عشر 11 كاملة مكتوبة
المشهد 11
..صاح ابراهيم بصوت عال وهو يتجه اليها قبل ان تخرج من الباب..
.."..استني عندك.."..
..توقفت ايمان بمكانها ..كان صدرها يعلو وينخفض وصوت لهاثها وصل لاذان ابراهيم الذي وقف بقبالتها بوجه جامد ليستطرد قوله بصوت حاد..
.."..على فين ..ولما جدك يكلمك تقفي وتسمعي .."..
..كانت عينيها متسمرة لصدره وهي تسمعه ..رفعت عينيها الدامعة لتنظر اليه نظرة اتهام واضحة فقالت بصوت خافت قوي..
.."..اسمع..انا ماسكة اعصابي بالعافية ...جدك ونفذتله اللي هو عايزه ..وبقيت مراتك ..ودي اكبر غلطة انا غلطتها بكل غباء..لكن انت..انت نفذتها بكل ذكاء عشان نص الثروة مضعيش من بين ايديكوا.."..
..ظهرت معالم الغضب بوجه ابراهيم الذي امسك بمرفقها وهزها بقوة وهو يقول..
.."..اخرسي..انا مضيت عقد الجواز قبل ما عرف اي حاجة عن الثروة ..مضينا انا وانت لو تفتكري بس عشان خاطر جدنا اللي كان بيموت قدامنا ودا كان طلبه الوحيد ولا نسيتي..انا معرفتش بموضوع الثروة غير انهاردة الصبح ..وجدك خيرني اقبل ولا لا ..وقبلت اكمل عشان احميك مش عشان الثروة ..فهمتي.."..
..اهتزت حدقتيها قليلا لشعروها بصدق قوله ولكنها نزعت مرفقها من قبضته وهي تقول بصوت عال ..
.."..حتى لو كان كلامك صح ..انا بردو عايزة امشي من هنا ..مش عايزة اكون وسط عيلة هتحارب بعض عشان خاطر الفلوس ..عايزة اروح بيتي وورشتي وتنسوا خالص انكوا شوفتوني او عرفتوني زي ما انا هنسى بالظبط.."..
..اقترب بوجهه من وجهها وهو يقول بصوت عال..
.."..دا كان ممكن يحصل قبل ما تكوني مراتي ومسئولة مني .."..
..وقبل ان ترد صاح عمهما سمير وهو يقول بثقة..
.."..الجوازة دي لازم تنتهي وفورا ..والبنت اللي محدش عارف اصلها دي.. تمشي من هنا..وكل الورق هيتقطع وبطلان الاجراءات انا هتكفل بيه .."..
..صاح به الجد بصوت قوي غاضب وهو يعتدل بجلوسه فوق الفراش..
.."..انا هنا بس اللي اقول مين يقعد ومين يمشي..فاهم ..ايمان حفيدتي ووريثة نص ثروتي اللي بقت من حقها دلوقتي ..ومحدش يقدر يقرب منها طول ما انا عايش فاهم.."..
..توقف سمير امام الفراش وهو يشير لايمان ويقول ..
.."..بابا ..انا لاخر لحظة بخيرك يا انا وعيلتي يا البنت دي .."..
..وبملامح وجه جامدة قال الجد ..
.."..حفيدتي مش هتبعد عني تاني ..ياريت ترجع لعقلك وتاخد بنت اخوك في حضنك وتعاملها زي بنتك ..يمكن تكفر على اللي عملته مع ابوها زمان.."..
..اقترب سمير من ايمان التي تفاجئت بابراهيم الذي شبك اصابع كفها الصغير بأصابع يده ودفع بها لتكون وراءه ويقف هو بمجابهة عمهما الذي قال مهددا الجميع..
.."..انا قلت اللي عندي ..والثروة دي انا هعرف ارجعها ازاي ..انا حذرتكوا ..عشان بعد كدة محدش يلومني على اللي هعمله.."..
..خرج من الغرفة تاركا وراءه الجميع ينظر له بجمود وغضب
..استطرد سمير قوله بصوت قوي عال عندما التفت لزوجته التي جرت لوسط الصالة الكبيرة بعد وقوفها خلف الباب لتسمع مايجري خلفه تكتم فاهها فور سماعها بصياع نصف الثروة من يد زوجها ويدها..
.."..حضري الشنط عشان هنمشي كلنا من هنا ..يالا يانيرمين انتي ومراد.."..
..وقف مراد امام ابيه وهو يقول ..
.."..اسف يابابا انا مش همشي من هنا الا لما افهم.."..
..اقترب منه سمير وقال ..
.."..عايز تفهم ايه ..عايز تفهم ان جدك كتب نص ثروته لواحدة من الشارع..عايز تفهم انه فضلها عليا انا ابنه ..يالا اطلع حضر شنطتك .."..
..تراجع مراد خطوتين للوراء وقال وهو يهز راسه بالنفي..
.."..اسف يابابا ..انا مش هسيب جدي ولا هسيب البيت.."..
..زفر سمير بضيق وضرب كتف مراد وهو يقول ..
.."..اتفلق ..بكرة ترجعلي وساعتها هيكون حسابك معايا عسير.."..
.. وبداخل غرفة الجد اخفضت ايمان رأسها وحاولت ان تنزع يدها من براثن كف ابراهيم لتخرج من الغرفة ..ولكنه تشبث بها اكثر ..فرفعت عينيها لتنظر له بتعجب..فقال لها..
..".. لازم تسمعي جدك عايز يقولك ايه.."..
..ترقرقت الدموع بعينيها وهي تنظر لجدها الذي حاول ان يشير لها بتردد ..تركها ابراهيم لتتقدم ناحية فراش جدها لتفاجئه بقولها ..
.."..ليه ياجدي عملت كدة..عمي كرهني اكتر من الاول لما عرف بموضوع الورث دا..وبصراحة عنده حق ..انا مش عايزة فلوس ياجدي..انا يكفيني عيلة تسال عليا من وقت للتاني وبس ..ابوس ايدك فركش موضوع الثروة دي وياريت معاها موضوع الجواز بالمرة.."..
..نظر لها ابراهيم شزرا وتنحنح بصوت عال وقال..
.."..استريح ياجدي دلوقتي ..حضرتك تعبان ..والكلام الكتير غلط عليك.."..
..ربت الجد فوق الفراش وهو ينظر لايمان حتى تجلس بجانبه ..استجابت لمطلبه وجلست فوضع كفه فوق كفها وهو يهمس لها بوجه باسم..
.."..لسة عنده ثقب بشخصيته ولا اتعالج خلاص.."..
..وغصبن عنها ارتسمت شبح ابتسامة فوق شفتيها وانتقلت بعينيها بينهما ..فاقتربت بوجهها من وجه العجوز لتقول..
.."..الثقب بقى اتنين ياجدي.."..
..ضحك الجد بصوت عال ليضيق مابين حاجبي ابراهيم وهو يتسائل ..
.."..بتقولوا ايه .."..
..قال الجد وهو يشير له هو الاخر بالجلوس بجانبه ..
.."..ولا حاجة ..تعال اقعد عشان عايزة اقول لايمان حاجة مهمة ..و بما انها بقت مراتك يبقى لازم تعرف انت كمان انا ليه كتبت نص ثروتي بإسم ايمان.."..
..جلس ابراهيم على الجانب الاخر من الفراش ووجهه بقبالة جده..ليستمع له وهو يقول..
.."..زمان دخلت صفقة كبيرة وللأسف خسرت بسببها تقريبا كل ثروتي وكدت اني اعلن افلاسي..ساعتها كان ابوكي ياايمان بالجامعة بالسنة الاخيرة..ساب دراسته ووقف جمبي ومسك الشركة المفلسة المديونة ..وبناها من اول وجديد ..كان بيشتغل ليل ونهار ..وبمجهوده وذكائه الشركة قامت وقويت وسددنا كل الديون..وهي سنة واحدة ورجع للشركة اسمها وسمعتها ..وكل دا بفضل ربنا ثم ابوكي يابنتي...وبدل مااكافئه طردته لما لقيته مصمم يتجوز والدتك ..سيبته للشارع من غير فلوس ولا سند..لكن اول ما عرفت غلطتي وندمت ورجعت ادور عليه ..كان خلاص ضاع مني ..انا السبب يابنتي ان ابني حبيبي عاش فقير ومات فقير..مع ان معظم الثروة دي هو السبب فيها.."..
..اسرعت ايمان بقولها وهي تمسك كف العجوز بكلتا يديها..
.."..لا ياجدي ..انا ابويا عاش راضي ومات سعيد ..ولو اننا كنا فقرا بجد لكن عمرنا ماحسينا بكدة ياجدي..الحاجة اللي كانت غالية علينا كنا بنستغنها عنها و احنا مبسوطين وراضيين .."..
..هز الجد رأسه وقال بصوت حزين ..
.."..الله يرحمه يابنتي...الثروة دي من حقك انتي واوعي تقولي مش عايزاها ..فاهمة.."..
..هتفت ايمان بصوت قوي جاد..
.."..انا فعلا مش عايزاها ..الله الغني عنها وعن المشاكل اللي هتيجي من وراها.."..
..تفاجئت بقول ابراهيم بصوت ساخر..
.."..في واحدة امبارح قالتلي ان ابوها رباها على انها متسيبش حقها ابدا ..باين كدة ياجدي ان وقت الجد هتطلع جبانة وتهرب وتسيب حقها .."..
..تنهدت ايمان بغيظ وهي تنظر له وقالت..
.."..اللهم طولك ياروح..وبعدين بقى في جر الشكل دا ..غلطة كمان والثقب هيبقى تلاتة.."..
..وقبل ان يرد ابراهيم قال الجد..
.."..استعدوا كلكم ..اسبوع واحد ونرجع مصر.."..
..هبت ايمان لتقف وهي تصفق قائلة..
.."..قول والمصحف ياجدي...اخيرا...بس اسبوع دا كتير اوي
.مينفعش نسافر بكرة اخر النهار مثلا.."..
..التوت شفتي ابراهيم وقال...
.."..بكرة اخر النهار ايه هو احنا هنسافر بالاتوبيس.."..
..نظر ابراهيم لجده واستطرد قوله ..
.."..حاضر ياجدي ..هخلص الشغل الباقي وابتدي باجراءات السفر..في حاجة تانية تؤمر بيها يا حبيبي .."..
..ربت الجد على وجنته وهو يقول..
.."..لا حبيبي مش عايز حاجة تانية غير انك تاخد بالك من بنت عمك.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وخرج هو وايمان من غرفة الجد ..ليجدا عمهما وزوجته و ابنتهما بالقرب من باب البيت ..اسرع ابراهيم لعمه لردعه عما يفعله ولكنه وجده يرفض متابعة حديثه ويكمل تهديده عما سيفعله قريبا..اسرعت ايمان لغرفتها هربا من نظراتهم المليئة بالكره والغضب..
..مر يومان وايمان بهما تحاول الهرب من ابراهيم كلما حاول ان يتحدث معها ..كانت دائما تجلس بالمطبخ توطد علاقتها بدادة فاطمة وبقية الفتيات التي احبوها كثيرا لعفويتها معهم..
..حتى السائق امام الذي كان يتوسل لها ان تخرج من الجراج بدون فائدة حتى اصبحا مثل زملاء مهنة واحدة كما قالت ايمان من قبل يتحدثان بأمور عدة منها السيارات ومنها امنية ( إمام ) بارتباطه بعائشة فوعدته ان تجد طريقة يتحدث بها معها ..
..واحيانا كانت تجلس بجوار عمتها تشاكسها لتسمع صوت ضحكاتها عاليا.. او بغرفة جدها تسمع عن حياة ابيها القديمة وتحكي بدورها لجدها عن حياة ابيها معها و مع والدتها ..
..وباليوم الثالث شعرت بالملل فقررت الذهاب للجراج لعلها تجد ما يشغلها وعند وقوفها بالقرب من باب الجراج سمعت السائق امام يتحدث عبر الهاتف عن لهفته للاشتراك بسباق السيارات الذي سيقام بينه وبين اصدقائه..فاشتعل الحماس بداخلها ..دلفت مسرعة للداخل ..وقفت وراء السائق الذي اغلق هاتفه واستدار ليجد من تقف مسبكة ذراعيها امام صدرها وابتسامة بلهاء تعلو وجهها ..فقال متعجبا..
.."..في حاجة ياانسة ايمان .."..
..هزت رأسها بالنفي ..حاول ان يتخطاها ليخرج فوقفت امامه بتحفز تخطو مثله جانبا تارة يمينا وتارة شمالا لتمنعه من المرور..فقال بنبرة يشوبها الضيق ..
.."..لو سمحتي ياانسة ايمان عديني .."..
..رفعت سبابتها وهي تقول مسرعة..
.."..هاجي معاك يااسطي اؤمؤم.."..
..اتسعت عينيه وهو يقول..
.."..تيجي معايا فين بس ياانسة.."..
..تأففت بضيق وقالت..
.."..في ايه ياسطى اؤمؤم بس ..كل شوية انسة انسة ..انا مش قلتلك ان احنا زمايل كار واحد ..قولي ياسطى ايمان ..وكمان انا سمعتك وانت بتكلم صاحبك وبتقوله انك مستعد لسباق السيارات وانك هتكحسهم كلهم انهاردة ..فخدني معاك اللهي تنستر.."..
..رفع إمام كلتا كفيه وبنبرة استجداء قال..
.."..ياانسة ايمان اتوسل اليك ..ابراهيم بيه لو عرف ..صدقيني المرادي هيقطع عيشي ..المرة اللي فاتت عدت على خير ..لكن المرادي فيها قطع رقابينا..فلو سمحتي ياريت متدخليش الجراح تاني .."..
..عاودت التأفف وصاحت بقولها الغاضب ..
.."..انت هتهددني يااسطى اؤمؤم بالباشا بتاعك دا ..يكون في علمك انا مبخافش من حد..ياسطى اؤمؤم المفروض تكون معايا انا ..تكون حنيفي.."..
..حك إمام رأسه وضاق مابين حاجبيه وقال ببلاهة..
.."..حنيفي.."..
..رفعت ايمان سبابتيها وضمتهما سويا وقالت بثقة عارمة..
.."..ايوة ياسطى اؤمؤم ..حنيفي ..يعني نبقى حونفا مع بعضينا .."..
..اقترب بوجهه منها وهو يقول متسائلا بتعجب ..
.."..هو حضرتك لدغة في حرف اللام ياانسة ايمان ...اسمها حليفي...من حلفاء.."..
..صفقت ايمان وهي تصيح بصوت عال ..
.."..الله ينورررر عليك ياسطى اؤمؤووم ...حلفااااا..هي دي.."..
..عاودت استطراد قولها ..
..".. انت دلوقتي رايح سباق يعني محتاج ميكانيكي معاك يشوفلك العربية ويكشفلك عليها قبل ما تركبها..بالله عليك تاخدني ..انا خلاص قربت أطق من القعدة في متحف الشمع دا...ها.. هاتخدني معاك ..صح.."..
..مر بجانبها وهو يقول بإصرار ..
.."..اسف ياانسة ايمان مقدرش ..سلام.."..
..صاحت ايمان من وراء ظهره قبل ان يبتعد بضعة خطوات ..
.."..على فكرة انا اتكلمت مع عيشة عليك ..شكل الموضوع كبير ..بس انت مش واخد بالك..انسى بقى اني ادبرلك اي معاد معاها.."..
..تسمر امام مكانه ..تجهم وجهه واستدار اليها وقال بصوت خافت ..
.."..على فكرة حضرتك ..دا يبقى اسمه ابتزاز..مايصحش ياأنسة.."..
..وضعت ايمان ذراعيها وراء ظهرها بعد ما اخفضت راسها لاسفل ترسم بقدمها دوائر فوق الارض وقالت بنبرة تهكمية ساخرة ..
.."..والله يعني ياسطى اؤمؤم ..بسبس ايز بسبس..والدنيا زي مابيقولوا ..شايلني واشييلك.."..
..تقدم إمام خطوتين وقال مستسلما..
..".. اتفضلي حضرتك ..هاخدك معايا .."..
..كادت ان تقفز بمكانها ولكنها ارادت ان تنتقم ولو قليلا منه ..فرفعت اصابع كفها بجانب اذنها وقالت وهي تمثل دور البلاهة ..
.."..معلش مش واخدة بالي ..قلت ايه .."..
...زفر إمام بغيظ وتقدم خطوة واحدة اخرى وهو يقول من بين اسنانه ..
.."..بقول لحضرتك ..اتفضلي تعالي معايا ياانسة ايمان.."..
..نظرت لأعلى وكأنها تفكر بأمر جلل ثم قالت..
.."..طب اتحايل عليا شوية ..اصل ماليش مزاج اخرج.."..
..ضرب (إمام ) جانبي ارجله بكلتا يديه وصاح قائلا..
.."..والله حرام اللي بتعمليه فيا دا ياانسة ايمان .."..
..هزت ايمان راسها وهي تضحك قائلة..
.."..طب خلاص خلاص ..يالا بينا .."..
..كادا ان يقتربا من البوابة الكبيرة وقبل ان يجتازاها..صاح صوت عال قوي ..
.."..على فييين ان شاء الله.."..
..تسمرا الاثنان مكانهما بعد ان اغلقا اعينهما بنفس الوقت ..قالت ايمان من بين اسنانها بغيظ..
.."..نبرت فيها ياعم المنحوس ..اهو لا انا ولا انت خارجين منها..كاتنا نيلة في حظنا الهباب.."..
..اقترب ابراهيم منهما بخطوات واسعة تدب الارض من تحته واستطرد قوله بقوة ..
.."..قلت على فين ياانسة انتي واسطى اؤمؤم بتاعك .."..
..صاح ابراهيم بصوت عال وهو يتجه اليها قبل ان تخرج من الباب..
.."..استني عندك.."..
..توقفت ايمان بمكانها ..كان صدرها يعلو وينخفض وصوت لهاثها وصل لاذان ابراهيم الذي وقف بقبالتها بوجه جامد ليستطرد قوله بصوت حاد..
.."..على فين ..ولما جدك يكلمك تقفي وتسمعي .."..
..كانت عينيها متسمرة لصدره وهي تسمعه ..رفعت عينيها الدامعة لتنظر اليه نظرة اتهام واضحة فقالت بصوت خافت قوي..
.."..اسمع..انا ماسكة اعصابي بالعافية ...جدك ونفذتله اللي هو عايزه ..وبقيت مراتك ..ودي اكبر غلطة انا غلطتها بكل غباء..لكن انت..انت نفذتها بكل ذكاء عشان نص الثروة مضعيش من بين ايديكوا.."..
..ظهرت معالم الغضب بوجه ابراهيم الذي امسك بمرفقها وهزها بقوة وهو يقول..
.."..اخرسي..انا مضيت عقد الجواز قبل ما عرف اي حاجة عن الثروة ..مضينا انا وانت لو تفتكري بس عشان خاطر جدنا اللي كان بيموت قدامنا ودا كان طلبه الوحيد ولا نسيتي..انا معرفتش بموضوع الثروة غير انهاردة الصبح ..وجدك خيرني اقبل ولا لا ..وقبلت اكمل عشان احميك مش عشان الثروة ..فهمتي.."..
..اهتزت حدقتيها قليلا لشعروها بصدق قوله ولكنها نزعت مرفقها من قبضته وهي تقول بصوت عال ..
.."..حتى لو كان كلامك صح ..انا بردو عايزة امشي من هنا ..مش عايزة اكون وسط عيلة هتحارب بعض عشان خاطر الفلوس ..عايزة اروح بيتي وورشتي وتنسوا خالص انكوا شوفتوني او عرفتوني زي ما انا هنسى بالظبط.."..
..اقترب بوجهه من وجهها وهو يقول بصوت عال..
.."..دا كان ممكن يحصل قبل ما تكوني مراتي ومسئولة مني .."..
..وقبل ان ترد صاح عمهما سمير وهو يقول بثقة..
.."..الجوازة دي لازم تنتهي وفورا ..والبنت اللي محدش عارف اصلها دي.. تمشي من هنا..وكل الورق هيتقطع وبطلان الاجراءات انا هتكفل بيه .."..
..صاح به الجد بصوت قوي غاضب وهو يعتدل بجلوسه فوق الفراش..
.."..انا هنا بس اللي اقول مين يقعد ومين يمشي..فاهم ..ايمان حفيدتي ووريثة نص ثروتي اللي بقت من حقها دلوقتي ..ومحدش يقدر يقرب منها طول ما انا عايش فاهم.."..
..توقف سمير امام الفراش وهو يشير لايمان ويقول ..
.."..بابا ..انا لاخر لحظة بخيرك يا انا وعيلتي يا البنت دي .."..
..وبملامح وجه جامدة قال الجد ..
.."..حفيدتي مش هتبعد عني تاني ..ياريت ترجع لعقلك وتاخد بنت اخوك في حضنك وتعاملها زي بنتك ..يمكن تكفر على اللي عملته مع ابوها زمان.."..
..اقترب سمير من ايمان التي تفاجئت بابراهيم الذي شبك اصابع كفها الصغير بأصابع يده ودفع بها لتكون وراءه ويقف هو بمجابهة عمهما الذي قال مهددا الجميع..
.."..انا قلت اللي عندي ..والثروة دي انا هعرف ارجعها ازاي ..انا حذرتكوا ..عشان بعد كدة محدش يلومني على اللي هعمله.."..
..خرج من الغرفة تاركا وراءه الجميع ينظر له بجمود وغضب
..استطرد سمير قوله بصوت قوي عال عندما التفت لزوجته التي جرت لوسط الصالة الكبيرة بعد وقوفها خلف الباب لتسمع مايجري خلفه تكتم فاهها فور سماعها بصياع نصف الثروة من يد زوجها ويدها..
.."..حضري الشنط عشان هنمشي كلنا من هنا ..يالا يانيرمين انتي ومراد.."..
..وقف مراد امام ابيه وهو يقول ..
.."..اسف يابابا انا مش همشي من هنا الا لما افهم.."..
..اقترب منه سمير وقال ..
.."..عايز تفهم ايه ..عايز تفهم ان جدك كتب نص ثروته لواحدة من الشارع..عايز تفهم انه فضلها عليا انا ابنه ..يالا اطلع حضر شنطتك .."..
..تراجع مراد خطوتين للوراء وقال وهو يهز راسه بالنفي..
.."..اسف يابابا ..انا مش هسيب جدي ولا هسيب البيت.."..
..زفر سمير بضيق وضرب كتف مراد وهو يقول ..
.."..اتفلق ..بكرة ترجعلي وساعتها هيكون حسابك معايا عسير.."..
.. وبداخل غرفة الجد اخفضت ايمان رأسها وحاولت ان تنزع يدها من براثن كف ابراهيم لتخرج من الغرفة ..ولكنه تشبث بها اكثر ..فرفعت عينيها لتنظر له بتعجب..فقال لها..
..".. لازم تسمعي جدك عايز يقولك ايه.."..
..ترقرقت الدموع بعينيها وهي تنظر لجدها الذي حاول ان يشير لها بتردد ..تركها ابراهيم لتتقدم ناحية فراش جدها لتفاجئه بقولها ..
.."..ليه ياجدي عملت كدة..عمي كرهني اكتر من الاول لما عرف بموضوع الورث دا..وبصراحة عنده حق ..انا مش عايزة فلوس ياجدي..انا يكفيني عيلة تسال عليا من وقت للتاني وبس ..ابوس ايدك فركش موضوع الثروة دي وياريت معاها موضوع الجواز بالمرة.."..
..نظر لها ابراهيم شزرا وتنحنح بصوت عال وقال..
.."..استريح ياجدي دلوقتي ..حضرتك تعبان ..والكلام الكتير غلط عليك.."..
..ربت الجد فوق الفراش وهو ينظر لايمان حتى تجلس بجانبه ..استجابت لمطلبه وجلست فوضع كفه فوق كفها وهو يهمس لها بوجه باسم..
.."..لسة عنده ثقب بشخصيته ولا اتعالج خلاص.."..
..وغصبن عنها ارتسمت شبح ابتسامة فوق شفتيها وانتقلت بعينيها بينهما ..فاقتربت بوجهها من وجه العجوز لتقول..
.."..الثقب بقى اتنين ياجدي.."..
..ضحك الجد بصوت عال ليضيق مابين حاجبي ابراهيم وهو يتسائل ..
.."..بتقولوا ايه .."..
..قال الجد وهو يشير له هو الاخر بالجلوس بجانبه ..
.."..ولا حاجة ..تعال اقعد عشان عايزة اقول لايمان حاجة مهمة ..و بما انها بقت مراتك يبقى لازم تعرف انت كمان انا ليه كتبت نص ثروتي بإسم ايمان.."..
..جلس ابراهيم على الجانب الاخر من الفراش ووجهه بقبالة جده..ليستمع له وهو يقول..
.."..زمان دخلت صفقة كبيرة وللأسف خسرت بسببها تقريبا كل ثروتي وكدت اني اعلن افلاسي..ساعتها كان ابوكي ياايمان بالجامعة بالسنة الاخيرة..ساب دراسته ووقف جمبي ومسك الشركة المفلسة المديونة ..وبناها من اول وجديد ..كان بيشتغل ليل ونهار ..وبمجهوده وذكائه الشركة قامت وقويت وسددنا كل الديون..وهي سنة واحدة ورجع للشركة اسمها وسمعتها ..وكل دا بفضل ربنا ثم ابوكي يابنتي...وبدل مااكافئه طردته لما لقيته مصمم يتجوز والدتك ..سيبته للشارع من غير فلوس ولا سند..لكن اول ما عرفت غلطتي وندمت ورجعت ادور عليه ..كان خلاص ضاع مني ..انا السبب يابنتي ان ابني حبيبي عاش فقير ومات فقير..مع ان معظم الثروة دي هو السبب فيها.."..
..اسرعت ايمان بقولها وهي تمسك كف العجوز بكلتا يديها..
.."..لا ياجدي ..انا ابويا عاش راضي ومات سعيد ..ولو اننا كنا فقرا بجد لكن عمرنا ماحسينا بكدة ياجدي..الحاجة اللي كانت غالية علينا كنا بنستغنها عنها و احنا مبسوطين وراضيين .."..
..هز الجد رأسه وقال بصوت حزين ..
.."..الله يرحمه يابنتي...الثروة دي من حقك انتي واوعي تقولي مش عايزاها ..فاهمة.."..
..هتفت ايمان بصوت قوي جاد..
.."..انا فعلا مش عايزاها ..الله الغني عنها وعن المشاكل اللي هتيجي من وراها.."..
..تفاجئت بقول ابراهيم بصوت ساخر..
.."..في واحدة امبارح قالتلي ان ابوها رباها على انها متسيبش حقها ابدا ..باين كدة ياجدي ان وقت الجد هتطلع جبانة وتهرب وتسيب حقها .."..
..تنهدت ايمان بغيظ وهي تنظر له وقالت..
.."..اللهم طولك ياروح..وبعدين بقى في جر الشكل دا ..غلطة كمان والثقب هيبقى تلاتة.."..
..وقبل ان يرد ابراهيم قال الجد..
.."..استعدوا كلكم ..اسبوع واحد ونرجع مصر.."..
..هبت ايمان لتقف وهي تصفق قائلة..
.."..قول والمصحف ياجدي...اخيرا...بس اسبوع دا كتير اوي
.مينفعش نسافر بكرة اخر النهار مثلا.."..
..التوت شفتي ابراهيم وقال...
.."..بكرة اخر النهار ايه هو احنا هنسافر بالاتوبيس.."..
..نظر ابراهيم لجده واستطرد قوله ..
.."..حاضر ياجدي ..هخلص الشغل الباقي وابتدي باجراءات السفر..في حاجة تانية تؤمر بيها يا حبيبي .."..
..ربت الجد على وجنته وهو يقول..
.."..لا حبيبي مش عايز حاجة تانية غير انك تاخد بالك من بنت عمك.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وخرج هو وايمان من غرفة الجد ..ليجدا عمهما وزوجته و ابنتهما بالقرب من باب البيت ..اسرع ابراهيم لعمه لردعه عما يفعله ولكنه وجده يرفض متابعة حديثه ويكمل تهديده عما سيفعله قريبا..اسرعت ايمان لغرفتها هربا من نظراتهم المليئة بالكره والغضب..
..مر يومان وايمان بهما تحاول الهرب من ابراهيم كلما حاول ان يتحدث معها ..كانت دائما تجلس بالمطبخ توطد علاقتها بدادة فاطمة وبقية الفتيات التي احبوها كثيرا لعفويتها معهم..
..حتى السائق امام الذي كان يتوسل لها ان تخرج من الجراج بدون فائدة حتى اصبحا مثل زملاء مهنة واحدة كما قالت ايمان من قبل يتحدثان بأمور عدة منها السيارات ومنها امنية ( إمام ) بارتباطه بعائشة فوعدته ان تجد طريقة يتحدث بها معها ..
..واحيانا كانت تجلس بجوار عمتها تشاكسها لتسمع صوت ضحكاتها عاليا.. او بغرفة جدها تسمع عن حياة ابيها القديمة وتحكي بدورها لجدها عن حياة ابيها معها و مع والدتها ..
..وباليوم الثالث شعرت بالملل فقررت الذهاب للجراج لعلها تجد ما يشغلها وعند وقوفها بالقرب من باب الجراج سمعت السائق امام يتحدث عبر الهاتف عن لهفته للاشتراك بسباق السيارات الذي سيقام بينه وبين اصدقائه..فاشتعل الحماس بداخلها ..دلفت مسرعة للداخل ..وقفت وراء السائق الذي اغلق هاتفه واستدار ليجد من تقف مسبكة ذراعيها امام صدرها وابتسامة بلهاء تعلو وجهها ..فقال متعجبا..
.."..في حاجة ياانسة ايمان .."..
..هزت رأسها بالنفي ..حاول ان يتخطاها ليخرج فوقفت امامه بتحفز تخطو مثله جانبا تارة يمينا وتارة شمالا لتمنعه من المرور..فقال بنبرة يشوبها الضيق ..
.."..لو سمحتي ياانسة ايمان عديني .."..
..رفعت سبابتها وهي تقول مسرعة..
.."..هاجي معاك يااسطي اؤمؤم.."..
..اتسعت عينيه وهو يقول..
.."..تيجي معايا فين بس ياانسة.."..
..تأففت بضيق وقالت..
.."..في ايه ياسطى اؤمؤم بس ..كل شوية انسة انسة ..انا مش قلتلك ان احنا زمايل كار واحد ..قولي ياسطى ايمان ..وكمان انا سمعتك وانت بتكلم صاحبك وبتقوله انك مستعد لسباق السيارات وانك هتكحسهم كلهم انهاردة ..فخدني معاك اللهي تنستر.."..
..رفع إمام كلتا كفيه وبنبرة استجداء قال..
.."..ياانسة ايمان اتوسل اليك ..ابراهيم بيه لو عرف ..صدقيني المرادي هيقطع عيشي ..المرة اللي فاتت عدت على خير ..لكن المرادي فيها قطع رقابينا..فلو سمحتي ياريت متدخليش الجراح تاني .."..
..عاودت التأفف وصاحت بقولها الغاضب ..
.."..انت هتهددني يااسطى اؤمؤم بالباشا بتاعك دا ..يكون في علمك انا مبخافش من حد..ياسطى اؤمؤم المفروض تكون معايا انا ..تكون حنيفي.."..
..حك إمام رأسه وضاق مابين حاجبيه وقال ببلاهة..
.."..حنيفي.."..
..رفعت ايمان سبابتيها وضمتهما سويا وقالت بثقة عارمة..
.."..ايوة ياسطى اؤمؤم ..حنيفي ..يعني نبقى حونفا مع بعضينا .."..
..اقترب بوجهه منها وهو يقول متسائلا بتعجب ..
.."..هو حضرتك لدغة في حرف اللام ياانسة ايمان ...اسمها حليفي...من حلفاء.."..
..صفقت ايمان وهي تصيح بصوت عال ..
.."..الله ينورررر عليك ياسطى اؤمؤووم ...حلفااااا..هي دي.."..
..عاودت استطراد قولها ..
..".. انت دلوقتي رايح سباق يعني محتاج ميكانيكي معاك يشوفلك العربية ويكشفلك عليها قبل ما تركبها..بالله عليك تاخدني ..انا خلاص قربت أطق من القعدة في متحف الشمع دا...ها.. هاتخدني معاك ..صح.."..
..مر بجانبها وهو يقول بإصرار ..
.."..اسف ياانسة ايمان مقدرش ..سلام.."..
..صاحت ايمان من وراء ظهره قبل ان يبتعد بضعة خطوات ..
.."..على فكرة انا اتكلمت مع عيشة عليك ..شكل الموضوع كبير ..بس انت مش واخد بالك..انسى بقى اني ادبرلك اي معاد معاها.."..
..تسمر امام مكانه ..تجهم وجهه واستدار اليها وقال بصوت خافت ..
.."..على فكرة حضرتك ..دا يبقى اسمه ابتزاز..مايصحش ياأنسة.."..
..وضعت ايمان ذراعيها وراء ظهرها بعد ما اخفضت راسها لاسفل ترسم بقدمها دوائر فوق الارض وقالت بنبرة تهكمية ساخرة ..
.."..والله يعني ياسطى اؤمؤم ..بسبس ايز بسبس..والدنيا زي مابيقولوا ..شايلني واشييلك.."..
..تقدم إمام خطوتين وقال مستسلما..
..".. اتفضلي حضرتك ..هاخدك معايا .."..
..كادت ان تقفز بمكانها ولكنها ارادت ان تنتقم ولو قليلا منه ..فرفعت اصابع كفها بجانب اذنها وقالت وهي تمثل دور البلاهة ..
.."..معلش مش واخدة بالي ..قلت ايه .."..
...زفر إمام بغيظ وتقدم خطوة واحدة اخرى وهو يقول من بين اسنانه ..
.."..بقول لحضرتك ..اتفضلي تعالي معايا ياانسة ايمان.."..
..نظرت لأعلى وكأنها تفكر بأمر جلل ثم قالت..
.."..طب اتحايل عليا شوية ..اصل ماليش مزاج اخرج.."..
..ضرب (إمام ) جانبي ارجله بكلتا يديه وصاح قائلا..
.."..والله حرام اللي بتعمليه فيا دا ياانسة ايمان .."..
..هزت ايمان راسها وهي تضحك قائلة..
.."..طب خلاص خلاص ..يالا بينا .."..
..كادا ان يقتربا من البوابة الكبيرة وقبل ان يجتازاها..صاح صوت عال قوي ..
.."..على فييين ان شاء الله.."..
..تسمرا الاثنان مكانهما بعد ان اغلقا اعينهما بنفس الوقت ..قالت ايمان من بين اسنانها بغيظ..
.."..نبرت فيها ياعم المنحوس ..اهو لا انا ولا انت خارجين منها..كاتنا نيلة في حظنا الهباب.."..
..اقترب ابراهيم منهما بخطوات واسعة تدب الارض من تحته واستطرد قوله بقوة ..
.."..قلت على فين ياانسة انتي واسطى اؤمؤم بتاعك .."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثانية عشر 12 كاملة مكتوبة
المشهد 12
..استدارا الاثنان ليجدا ابراهيم واقفا امامهما مشبكا ذراعيه وعلامات التجهم ترتسم فوق صفحة وجهه منتظرا اجابة سؤاله..
..انتقلت ايمان بعينيها بين السائق إمام المطأطأ رأسه لأسفل ..وبين ابراهيم الواقف بتحفز فقالت بتلعثم واضح..
.."..احنا ..احنا كنا ..رايحين...فييين ..اللهم صلي على النبي.."..
..مسدت بإصبعها فوق جبهتها وفاجئتهما بصياحها..
.."..اااه ..كنا رايحين نشتري حاجة من البقال اللي جمب الفيلا ..ماتقولوا ياسطى اؤمؤم كنا هنشتري ايه.."..
..اغمض السائق عينيه بحسرة ..أما ابراهيم فأنزل ذراعيه واقترب منها بعد ان رفع حاجبه متعجبا وقال بنبرة ساخرة ..
.."..والله ..هو في بقال جمب الفيلا وأنا معرفش.."..
..استطرد قوله عندما نظر للسائق وقال..
.."..وكنتو هتشتروا ايه بقى يااسطى اؤمؤم.."..
..رفع إمام رأسه ورمش عدة مرات بعينيه وقال ..
.."..ابراهيم بيه ..انا يعني ....والله انا......."..
..ضحكت ايمان ضحكة خافتة ساخرة ممتزجة بالخوف والقلق وهي تنظر لهما ..
.."..ايه ياسطى إمام مالك ..انت نسيت ولا ايه..مش كنا هنشتري........."..
..توقفت عن استطرادها بالقول عندما مال ابراهيم بوجهه ليقترب من وجهها ينظر لها بقوة ثم قال..
.."..لما تحبي تكدبي ..ابقي فكري الاول عشان الكدبة تطلع محبوكة ..مش اي كلام وخلاص.."..
..تخصرت وهي تقول بنزق رافعة انفها لأعلى..
.."..انا مبكدبش ..كنا هنشتري حاجات من البقال ..ايه فيها ايه ..عمرك ماشترتش حاجة من البقال اللي جمب بيتكو.."..
..صفق ابراهيم بكلتا كفيه وهو ينظر للسماء وملامح الغيظ ترتسم فوق وجهه وقال وهو يحاول بشق الانفس ضبط اعصابه..
.."..كنت هتشتري ايه ياهانم من البقال اللي هو اصلا مالوش وجود في أي مكان حوالينا .."..
..رفعت ايمان حاجبيها وهي تقول بتعجب..
.."..ايه دا ..بجد مافيش بقال جمبكو ..اومال بتشتروا حاجتكو منين لموأخذة.."..
..كز ابراهيم اسنانه بقوة حتي وصل صوت اصطكاكها لأذان ايمان وقبل ان يصرخ بوجهها ..التفت الى السائق الذي لمحه متسمرا مكانه يتابعهما بدقة ..فاعتدله بوقفته وقال بصوت حاد ..
.."..امشي انت ياإمام ..انا عارف ان انهاردة يوم اجازتك..اتفضل انت.."..
..هز السائق راسه بالايجاب وحمد ربه بسره ..استدار ليكمل طريقه ولكنه تسمر مكانه مرة اخرى عندما صاحت ايمان..
.."..إستنى انا جاية معاك.."..
..امسك ابراهيم مرفقها وقال بصوت غاضب..
.."..ايه اللي انتي بتقوليه دا..تروحي معاه فين.."..
..حاولت ان تنزع مرفقها من قبضة يده بدون جدوى..فاقتربت منه وهي تقول من بين اسنانها..
.."..سيب دراعي ..هو انت كل مرة تكلمني فيها هتلزق ايدك بدراعي ..سيييب.."..
..اسرع إمام بخطوات واسعة ليخرج من البوابة الكبيرة بعد ان توجس خيفة مما قد يحدث..
..ترك ابراهيم ذراعها وأشار لعقله بيده هو يقول غاضبا..
.."..انتي خلاص مبقاش في عقل ..بكل مرة افهمك انتي بقيتي مين ووضعك الجديد بقى ايه.. وبردو مافيش فايدة.."..
..اخذت تمسد مرفقها لشعورها بالالم من امساكه به..فقالت غاضبة ..
.."..انت متظرظر ليه.. ايه اللي حصل لكل دا ..انا كنت هخرج اشم هوا..من ساعة ما جيت البيت دا مشوفتش الشارع ..انا اول مرة اتحبس الحبسة الهباب دي.."..
..هدر بوجهها قائلا..
.."..وليه مجيتيش تقوليلي انك عايزة تخرجي ..اصلا بقالك يومين بتتهربي مني ..ممكن اعرف ليه.."..
..تلكأت بكلماتها وهي تقول..
.."..وانا ..وانا ههرب منك ليه ..انت ماسك عليا شيكات ..انا تمام .."..
..التفتت حولها لتجد ان السائق قد رحل ..فهمست بقولها..
.."..الندل سابني ..اللهي تخسر السباق وتتعطل العربية ماتلاقي حد يصلحها.."..
..صاح بها ابراهيم ..
.."..انتي عايزة تجننيني ..سباق ايه وتصليح ايه..".
..فصاحت به بدورها بعد فاض بها الكيل..
.."..يووووه...وكنت بتسأل ليه مش بكلمك..عشان كل مرة بنتكلم فيها الاقيك بتتعصب وتفرك في وشك وتشوح بايدك ..انت واحد مش طايقني ..اكلمك لييبه.."..
..ظل يحدق بها وصوت لهاثها يصم اذانه ..و لأول مرة يشعر بأحقيتها في عدم مواجهته والابتعاد عنه بقدر المستطاع ..
..تنهد ورفع كلتا ذراعيه وهو يقول بصوت هادئ..
.."..معاكي حق ..انا اسف..اللخبطة اللي حصلت في حياتنا ..هي اللي خلتني عصبي ..بعتذر.."..
..ارتسم الحزن بوجهها وهي تقول بصوت خافت..
.."..انا بقى اللخبطة اللي قلبت البيت كله ..صح .."..
..سب ابراهيم نفسه بداخله على اختياره السيء للكلمات ..فزفر وهو يمسد شعره بقوة وقال ..
.."..ايمان ..من فضلك متبقيش حساسة كدة ..انا مقصدش المعنى اللي فهمتيه ..وانا اسف ياستي للمرة التانية.."..
..حاولت ان تتخطاه وهي تقول بصوت حزين ..
.."..محصلش حاجة ..انا داخلة جوة .."..
..اسرع بالامساك بمعصمها لتقف وتنظر اليه بتعجب ..فقال وهو يرسم ابتسامة فوق شفتيه..
.."..استني ..انتي فعلا من يوم ماجيتي هنا مخرجتيش ..ايه رايك تيجي معايا وافرجك على البلد ..لان بعد بكرة خلاص هنسافر ونرجع مصر.."..
..رمشت بعينيها التي ظهر بها الصدمة من دعوته لها..فقالت وهي تشير لنفسها ..
.."..انا وانت ياباشا هنخرج مع بعض .."..
..هز ابراهيم راسه بالايجاب وقال بصوت هادئ ..
.."..ايوة..وعازمك على الغدا كمان..تحبي تاكلي ايه.."..
..هزت كتفيها وهي تنظر حولها تهرب من عينيه..فأسرعت تقول بحماس..
.."..ياسلام ياباشا لو طاجن عكاوي تبقى بجد عملت معايا أحلى واجب.."..
..زفر ابراهيم بيأس وهو ينظر للفراغ امامه وقال بإستسلام ..
.."..يالا..يالا ياايمان امشي قدامي ..وياريت متقترحيش اي اقتراحات عشان اليوم يعدي على خير.....قال عكاوي قال.."..
..قالت وهي تسير بجانبه ناحية الجراج..
.."..وهي العكاوي وحشة ..دا خالتي تهاني بتعمله ..حاجة بقى مقولكش....لوووووز....الا قولي ياباشا هو انت هتوديني فين.."..
فأجابها ..
.."..هتشوفي بنفسك.."..
..دلفا للجراج سويا وركبا السيارة ..وما ان خرج بها لشوارع مدينة اسطنبول حتى اتسعت عينيها انبهارا وهي تنظر لمعالم المدينة عبر زجاج نافذة السيارة ..
..وقف ابراهيم بالسيارة على جانب الطريق ثم نظر اليها بوجه باسم وقال..
.."..انزلي ..انا هكون المرشد السياحي ليكي انهاردة ..واول حاجة هنروحها ..تل العرائس..هتشوفي اجمل منظر لمدينة اسطنبول من فوق.. يالا.."..
..ولاول مرة ترتسم السعادة بوجهها فقالت بعد ما اغلقت باب السيارة ..
.."..خايفة اقولك اللهي تنستر لحسن تتريق عليا زي كل مرة.."..
..شعر بغصة بحلقه فتأنيبها الغير مباشر له جعله يشعر بتأنيب لنفسه على عدم مراعاة شعورها ..فاسرع بقوله..
.."..ايه رايك بفسحة انهاردة تنسي اي حاجة ضايقتك مني .."..
..هزت ايمان راسها بالايجاب وقالت بصدق..
.."..انا نسيت كل حاجة ياباشا من اول مقلتلي حقك عليا ..وكمان انت ابن عمي يعني نستحمل بعضينا.."..
..اقترب منها ليقف بقبالتها وهو يقول بصوت هادئ ..
.."..وجوزك كمان ..ولا نسيتي.."..
..تنحنحت وقالت بعد ان زاغت بعينيها بعيدا عن عينيه..
.."..مش يالا بقى تطلعني تل العرايس دا.."..
..مد كف يده ليمسك بكفها الصغير وقال وهو يسير بجانبها..
.."..يالا بينا...وبعد التل هوديكي البوسفور.."..
..ظلت تحدق بكف يدها المنغمس داخل راحة يده وقالت وهي تبلع ريقها بصعوبة بعد ما نظرت امامها ..
.."..هو احنا هنقضيها تل وجبل ..مالها الارض بس..".
..استدارا الاثنان ليجدا ابراهيم واقفا امامهما مشبكا ذراعيه وعلامات التجهم ترتسم فوق صفحة وجهه منتظرا اجابة سؤاله..
..انتقلت ايمان بعينيها بين السائق إمام المطأطأ رأسه لأسفل ..وبين ابراهيم الواقف بتحفز فقالت بتلعثم واضح..
.."..احنا ..احنا كنا ..رايحين...فييين ..اللهم صلي على النبي.."..
..مسدت بإصبعها فوق جبهتها وفاجئتهما بصياحها..
.."..اااه ..كنا رايحين نشتري حاجة من البقال اللي جمب الفيلا ..ماتقولوا ياسطى اؤمؤم كنا هنشتري ايه.."..
..اغمض السائق عينيه بحسرة ..أما ابراهيم فأنزل ذراعيه واقترب منها بعد ان رفع حاجبه متعجبا وقال بنبرة ساخرة ..
.."..والله ..هو في بقال جمب الفيلا وأنا معرفش.."..
..استطرد قوله عندما نظر للسائق وقال..
.."..وكنتو هتشتروا ايه بقى يااسطى اؤمؤم.."..
..رفع إمام رأسه ورمش عدة مرات بعينيه وقال ..
.."..ابراهيم بيه ..انا يعني ....والله انا......."..
..ضحكت ايمان ضحكة خافتة ساخرة ممتزجة بالخوف والقلق وهي تنظر لهما ..
.."..ايه ياسطى إمام مالك ..انت نسيت ولا ايه..مش كنا هنشتري........."..
..توقفت عن استطرادها بالقول عندما مال ابراهيم بوجهه ليقترب من وجهها ينظر لها بقوة ثم قال..
.."..لما تحبي تكدبي ..ابقي فكري الاول عشان الكدبة تطلع محبوكة ..مش اي كلام وخلاص.."..
..تخصرت وهي تقول بنزق رافعة انفها لأعلى..
.."..انا مبكدبش ..كنا هنشتري حاجات من البقال ..ايه فيها ايه ..عمرك ماشترتش حاجة من البقال اللي جمب بيتكو.."..
..صفق ابراهيم بكلتا كفيه وهو ينظر للسماء وملامح الغيظ ترتسم فوق وجهه وقال وهو يحاول بشق الانفس ضبط اعصابه..
.."..كنت هتشتري ايه ياهانم من البقال اللي هو اصلا مالوش وجود في أي مكان حوالينا .."..
..رفعت ايمان حاجبيها وهي تقول بتعجب..
.."..ايه دا ..بجد مافيش بقال جمبكو ..اومال بتشتروا حاجتكو منين لموأخذة.."..
..كز ابراهيم اسنانه بقوة حتي وصل صوت اصطكاكها لأذان ايمان وقبل ان يصرخ بوجهها ..التفت الى السائق الذي لمحه متسمرا مكانه يتابعهما بدقة ..فاعتدله بوقفته وقال بصوت حاد ..
.."..امشي انت ياإمام ..انا عارف ان انهاردة يوم اجازتك..اتفضل انت.."..
..هز السائق راسه بالايجاب وحمد ربه بسره ..استدار ليكمل طريقه ولكنه تسمر مكانه مرة اخرى عندما صاحت ايمان..
.."..إستنى انا جاية معاك.."..
..امسك ابراهيم مرفقها وقال بصوت غاضب..
.."..ايه اللي انتي بتقوليه دا..تروحي معاه فين.."..
..حاولت ان تنزع مرفقها من قبضة يده بدون جدوى..فاقتربت منه وهي تقول من بين اسنانها..
.."..سيب دراعي ..هو انت كل مرة تكلمني فيها هتلزق ايدك بدراعي ..سيييب.."..
..اسرع إمام بخطوات واسعة ليخرج من البوابة الكبيرة بعد ان توجس خيفة مما قد يحدث..
..ترك ابراهيم ذراعها وأشار لعقله بيده هو يقول غاضبا..
.."..انتي خلاص مبقاش في عقل ..بكل مرة افهمك انتي بقيتي مين ووضعك الجديد بقى ايه.. وبردو مافيش فايدة.."..
..اخذت تمسد مرفقها لشعورها بالالم من امساكه به..فقالت غاضبة ..
.."..انت متظرظر ليه.. ايه اللي حصل لكل دا ..انا كنت هخرج اشم هوا..من ساعة ما جيت البيت دا مشوفتش الشارع ..انا اول مرة اتحبس الحبسة الهباب دي.."..
..هدر بوجهها قائلا..
.."..وليه مجيتيش تقوليلي انك عايزة تخرجي ..اصلا بقالك يومين بتتهربي مني ..ممكن اعرف ليه.."..
..تلكأت بكلماتها وهي تقول..
.."..وانا ..وانا ههرب منك ليه ..انت ماسك عليا شيكات ..انا تمام .."..
..التفتت حولها لتجد ان السائق قد رحل ..فهمست بقولها..
.."..الندل سابني ..اللهي تخسر السباق وتتعطل العربية ماتلاقي حد يصلحها.."..
..صاح بها ابراهيم ..
.."..انتي عايزة تجننيني ..سباق ايه وتصليح ايه..".
..فصاحت به بدورها بعد فاض بها الكيل..
.."..يووووه...وكنت بتسأل ليه مش بكلمك..عشان كل مرة بنتكلم فيها الاقيك بتتعصب وتفرك في وشك وتشوح بايدك ..انت واحد مش طايقني ..اكلمك لييبه.."..
..ظل يحدق بها وصوت لهاثها يصم اذانه ..و لأول مرة يشعر بأحقيتها في عدم مواجهته والابتعاد عنه بقدر المستطاع ..
..تنهد ورفع كلتا ذراعيه وهو يقول بصوت هادئ..
.."..معاكي حق ..انا اسف..اللخبطة اللي حصلت في حياتنا ..هي اللي خلتني عصبي ..بعتذر.."..
..ارتسم الحزن بوجهها وهي تقول بصوت خافت..
.."..انا بقى اللخبطة اللي قلبت البيت كله ..صح .."..
..سب ابراهيم نفسه بداخله على اختياره السيء للكلمات ..فزفر وهو يمسد شعره بقوة وقال ..
.."..ايمان ..من فضلك متبقيش حساسة كدة ..انا مقصدش المعنى اللي فهمتيه ..وانا اسف ياستي للمرة التانية.."..
..حاولت ان تتخطاه وهي تقول بصوت حزين ..
.."..محصلش حاجة ..انا داخلة جوة .."..
..اسرع بالامساك بمعصمها لتقف وتنظر اليه بتعجب ..فقال وهو يرسم ابتسامة فوق شفتيه..
.."..استني ..انتي فعلا من يوم ماجيتي هنا مخرجتيش ..ايه رايك تيجي معايا وافرجك على البلد ..لان بعد بكرة خلاص هنسافر ونرجع مصر.."..
..رمشت بعينيها التي ظهر بها الصدمة من دعوته لها..فقالت وهي تشير لنفسها ..
.."..انا وانت ياباشا هنخرج مع بعض .."..
..هز ابراهيم راسه بالايجاب وقال بصوت هادئ ..
.."..ايوة..وعازمك على الغدا كمان..تحبي تاكلي ايه.."..
..هزت كتفيها وهي تنظر حولها تهرب من عينيه..فأسرعت تقول بحماس..
.."..ياسلام ياباشا لو طاجن عكاوي تبقى بجد عملت معايا أحلى واجب.."..
..زفر ابراهيم بيأس وهو ينظر للفراغ امامه وقال بإستسلام ..
.."..يالا..يالا ياايمان امشي قدامي ..وياريت متقترحيش اي اقتراحات عشان اليوم يعدي على خير.....قال عكاوي قال.."..
..قالت وهي تسير بجانبه ناحية الجراج..
.."..وهي العكاوي وحشة ..دا خالتي تهاني بتعمله ..حاجة بقى مقولكش....لوووووز....الا قولي ياباشا هو انت هتوديني فين.."..
فأجابها ..
.."..هتشوفي بنفسك.."..
..دلفا للجراج سويا وركبا السيارة ..وما ان خرج بها لشوارع مدينة اسطنبول حتى اتسعت عينيها انبهارا وهي تنظر لمعالم المدينة عبر زجاج نافذة السيارة ..
..وقف ابراهيم بالسيارة على جانب الطريق ثم نظر اليها بوجه باسم وقال..
.."..انزلي ..انا هكون المرشد السياحي ليكي انهاردة ..واول حاجة هنروحها ..تل العرائس..هتشوفي اجمل منظر لمدينة اسطنبول من فوق.. يالا.."..
..ولاول مرة ترتسم السعادة بوجهها فقالت بعد ما اغلقت باب السيارة ..
.."..خايفة اقولك اللهي تنستر لحسن تتريق عليا زي كل مرة.."..
..شعر بغصة بحلقه فتأنيبها الغير مباشر له جعله يشعر بتأنيب لنفسه على عدم مراعاة شعورها ..فاسرع بقوله..
.."..ايه رايك بفسحة انهاردة تنسي اي حاجة ضايقتك مني .."..
..هزت ايمان راسها بالايجاب وقالت بصدق..
.."..انا نسيت كل حاجة ياباشا من اول مقلتلي حقك عليا ..وكمان انت ابن عمي يعني نستحمل بعضينا.."..
..اقترب منها ليقف بقبالتها وهو يقول بصوت هادئ ..
.."..وجوزك كمان ..ولا نسيتي.."..
..تنحنحت وقالت بعد ان زاغت بعينيها بعيدا عن عينيه..
.."..مش يالا بقى تطلعني تل العرايس دا.."..
..مد كف يده ليمسك بكفها الصغير وقال وهو يسير بجانبها..
.."..يالا بينا...وبعد التل هوديكي البوسفور.."..
..ظلت تحدق بكف يدها المنغمس داخل راحة يده وقالت وهي تبلع ريقها بصعوبة بعد ما نظرت امامها ..
.."..هو احنا هنقضيها تل وجبل ..مالها الارض بس..".
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثالثة عشر 13 كاملة مكتوبة
المشهد 13
..وقفت فوق التل تنظر حولها ..لتلك المساحات الواسعة الخضراء المزينة بالازهار الملونة والاشجار ..والمياه الزرقاء المحصورة بمضيق البوسفور واسطح البنايات الملونة باللون البرتقالي على جانبي المضيق ..وبدون ان تدري نطق لسانها بكلمة ..."..سبحان الله .."..
..ثم اشارت للمضيق واستطردت قولها متسائلة ..
.."..دا بقى النيل بتاعهم.."..
..كان ابراهيم يقف بجانبها فأبتسم اثر سؤالها واجاب ..
.."..لا ..دا اسمه مضيق ..المية بتاعته مية مالحة زي مية البحر ..لانه بيربط بين بحرين ..البحر الاسود وبحر مرمرة.."..
..رفعت ايمان حاجبيها وهزت رأسها قائلة بصوت يشوبه بعض الذهول..
.."..ياصلاة النبي ..دا النيل بتاعهم حكايته كبيرة اوي......ولا الكوبري اللي هناك دا ..حاجة اخر فخامة يعني ..شبه الكوبري اللي اتبنى جديد عندنا في مصر ..وياترى اللي بيعدي بيدفع عشرين جنيه بردو زي عندنا.."..
..مط ابراهيم شفتيه وتنهد وهو يقول ..
.."..ايمان افهمي ..دا مش نيل ..دا اسمه مضيق ..مية مالحة.."..
..صاحت ايمان ..
.."..خلاص ياباشا فهمنا...دا ماااضيق ..والمية بتاعته مالحة ...بس بكدة يبقى النيل بتاعنا اجدع ..على الاقل المية بتاعته حلوة وتنشرب ..صح.."..
وبنبرة يأس قال ابراهيم..
.."..صح..المهم دلوقتي ايه رايك .."..
..ابتسمت قائلة وهي تلوح بيدها..
.."..بصراحة منظر مالوش حل ..بس ياباشا هما سموه تل العرايس ليه .."..
..شبك ذراعيه وقال ..
.."..عشان معظم اللي بييجي ويزور المكان العرسان الجداد .."..
..اجابته متعجبة ..
.."..بس دا اللي هيبجي هنا هيتقطع نفسه ..دا احنا ركبنا مركب وبعدها ركبنا اتوبيس وبعدين فضلنا ماشيين لغاية هنا ..دا العروسة هتتفرهد فرهدة هي وعريسها .. دا اخر الليل هيناموا مقتولين.."..
..ضحك ابراهيم وهو يؤكد على وجهة نظرها ..
.."..فعلا ..عندك حق.."..
..اخرجت هاتفها من جيب بنطالها واعطته لابراهيم وهي تقول بحماس..
.."..صورني بقى وانا ورايا المناظر الحلوة دي ..عشان ابعتها للبت لوزة وأغيظها شوية.."..
..فتح ابراهيم هاتفها ولكنه وجده مغلق لنفاذ بطاريته ..فقال وهو يعيده اليها..
.."..تليفونك مقفول ياهانم..هصورك بتليفوني وبعدين ابقى ابعتهملك.."..
..بدأت ايمان تقف بأوضاع مختلفة للتصوير ..تارة ترفع اصبعيها كعلامة النصر ..وتارة تتخصر وهي تقف بجانبها ..كل ذلك ولم تفارق الابتسامة شفتيها..كان ابراهيم ينظر لها عبر شاشة هاتفه وبدون ان يعي يجد نفسه يبتسم هو الاخر..حتى قفزت امامه وهي تقول..
.."..صورني فيديو بقى عشان اشرحلهم انا فين ..لحسن لما ارجع هتلاقيني بلح نسيت كل اللي اتقال..يالا يالا.."..
..اسرع بالضغط فوق تصوير الفيديو لينصاع لها هو هذه المرة ..ليسمعها تقول بصوت حماسي وهي تستدير حول نفسها وشعرها الاسود الناعم يطير معها وحولها ..تلوح بكلتا يديها..
.."..اتفرجي ياعزة انا فين ..هنا تل العرايس ..هو صحيح مشوفتش فيه عروسة واحدة توحد ربنا ..بس مش مشكلة ..المكان اخر جمال يابت يالوزة ..ياريتك انتي وبلاطة وخالتي معانا ..كانت هتبقى احلى فسحة..وحزري بعد شوية هروح فين ..هطلع جبل الفوسفور ..هينقطع نفسنا انا عارفة ..ومعرفش هنشوف ايه فوق ..بس هو الواحد هيتفسح في تركيا كام مرة ..هبقي اتصور هناك بردو ..سلام يالوزة.."..
..هز ابراهيم راسه بأستسلام كاتما ضحكته بصعوبة ..
..وبعد ان انتهيا من التصوير ومشاهدة ما تم تصويره..تجولا قليلا بالمكان الى ان نطقت ايمان بقولها ..
.."..كنت سامعة ان في عزومة غدا ..ياترى دي اشاعة ولا ايه.."..
..امسك ابراهيم بكفها الصغير وقال وهو يشير ناحية المطعم القريب منهما ..
.."..لا مش اشاعة ياستي ..المطعم قدامك اهو ..يالا بينا.."..
..كانت ايمان تنظر حولها وعينيها تتسع انبهارا لما تراه ..دلفا داخل المطعم وعند طاولة قريبة من النافذة الزجاجية للمطعم ..سحب ابراهيم كرسيا لتجلس ايمان فتسمرت مكانها ..اعتدل ابراهيم بوقفته وقال متعجبا ..
.. "..ايه مالك واقفة ليه ماتقعدي.."..
..حدقت به وقالت ساخرة ..
.."..اصل ..اصل الحركة دي كنت بشوفها في الافلام واتريق عليها ..مكنتش اعرف انها هتتعمل فيا..بس ع العموم ..توشكر كلك زوق .."..
..التوت شفتي ابراهيم جانبا ثم اشار لها براسه ان تجلس ..فانصاعت له على الفور ..وجلست بأريحية تستند بذراعيها فوق الطاولة ..وفاجئته بقولها..
.."..تفتكر عندهم طاجن العكاوي اللي قلتلك عليه.."..
..اشار ابراهيم للنادل وهو يقول بنزق..
.."..لا مفتكرش ..انا عازمك على كباب تركي .."..
..افترشت الابتسامة بكامل وجهها وقالت بحماس ..
.."..كباب ..اهو دا الكلام ..زوقك في الجون ياباشا.."..
وبعد برهة من الوقت ..امتلئ سطح الطاولة الصغيرة بوجبة الكباب التركي وانواع مختلفة من السلطات ..امسك ابراهيم بالسكين والشوكة وقبل ان ياكل نظر لايمان الذي وجدها صامتة تنظر للطعام دون ان تمسه ..فقال متسائلا..
.."..ايه تاني ..مابتكليش ليه.."..
..ذمت شفتيها وهي تقول ..
.."..هو الكباب بيتاكل بالشوكة والسكينة هو راخر..لو كدة يبقى بلاش خليني جعانة احسن..وكمان لو كلت بايدي هتزنجر وتقولي الناس ومش الناس وانتي بقيتي هانم والكلام الفافي اللي يضايق دا.."..
..وضع ابراهيم السكين والشوكة بمكانهما وبدأ يأكل بيديه وهو ينظر لها بقوة ..ابتسمت ايمان ومدت يدها للطبق المملوء بأصابع الكفتة واللحم المشوي .فأخذت قطعة من اللحم المشوي ودفعت بها داخل فاهها تلوكها بحماس وسعادة ..واثناء تناولهما للطعام قالت بأريحية وهي تغمس باصبع الكفتة داخل سلطة الطحينة..
.."..الفسحة دي فكرتني بفسحة يوم الحد ..يوم اجازة الورشة..كنت باخد لوزة وبلاطة وخالتي تهاني ..ونروح مرة جنينة الازهر..ياااه ياباشا ..جنينة واسعة اوي كلها خضرة ومناظر حلوة زي اللي شوفناها هنا ..ومرة نروح حي سيدنا الحسين ..نصلي في الجامع وبعدها ننطلق بقى.. ناكل كشري وبليلة ..نقعد على قهوة الفيشاوي وناكل فخفخينا.. نمشي في خان الخليلي ونتفرج على المحلات الفخيمة هناك زي محلات الذهب والفضة والاثارات واجمل حاجة بقى محلات الازاز الملون جميلة اوي .."..
..تركت ما بيدها من طعام وتراجعت للوراء تستند بظهرها فوق ظهر الكرسي ..وقالت وهي تتنهد ..
.."..عارف ياباشا انا فرحانة اننا هنرجع مصر بعد بكرة ان شاء الله..انا بلدي واهل حارتي والقعدة في الورشة وحشوني اوي.."..
..رجع ابراهيم هو الاخر بظهره للوراء وقال بثبات نفس واضحة ..
.."..ايمان ..انتي لما ترجعي مصر ..مش هترجعي لا للحارة ولا للورشة .."..
..هبت ايمان لتقف وهي تقول بصوت حاد عال وبملامح وجه جامدة ..
.."..يعني ايه ..اومال هرجع فين .."..
..نظر ابراهيم حوله بعد ان التفتت لهما الانظار وقال بصوت خافت ولكنه قوي...وكلتا عينيه تقذف بنظرات نارية غاضبة..
.."..اقعدي ..الناس بتبص علينا.."..
..لم تحد بعينيها عن عينيه وقالت غاضبة مغتاظة وهي تضرب سطح الطاولة بيدها ..
.."..اللي يبص يبص..قولي دلوقتي معناه ايه الكلام دا .."..
..هب ابراهيم واقفا وقال بعد ان رمى ببضعة ورقات مالية فوق الطاولة ..
.."..امشي قدامي ..في البيت هنتفاهم ..وبالمرة اعلمك ازاي متسمعيش كلامي.."..
..امسك بمرفقها ليمشي بها ..حاولت ان تنزع ذراعها ولكن محاولتها كانت بدون فائدة..وعند باب المطعم تفاجأ عندما وجد امامه التشين تحتضنه وتقبله من وجنتيه وهي تقول ..
.."..مرحبا.."..
..حررت ايمان ذراعها اخيرا وهي تزفر بضيق وتقول وهي تنظر باذدراء لتلك التي تحتضن زوجها..
.."..مرحبا ياختي...اهلا وسهلا بيكي ست شين شين ..اصلها كانت نقصاكي.."..
..استطردت ايمان قولها وهي تنظر هذه المرة لابراهيم ..
.."..بقولك ايه ياباشا ..خلي ست المتشحتفة دي تمشي من وشي السعادي لحسن بدل ماهانطلع الجبل هنطلع القرافة نقرا الفاتحة على روحها..انا بقولك أهو .."..
..كتم ابراهيم انفاسه بعد ان تجلى الغضب بوضوح على وجهه فربت فوق كتف التشين وهو يعتذر لها انه مضطر للذهاب الان وانه سوف يتحدث اليها فيما بعد..
..لم يعطها فرصة لتجيبه ..تخطاها بعد الامساك بكف ايمان الصغير ليجرها ورائه قبل حدوث اي مشكلة هو في غنى عنها..
..وبعد برهة من الوقت..كانا الاثنان داخل السيارة بطريق عودتهم للفيلا ..كان الاثنان صامتان يتناوبا النظر لبعضهما عبر نظرات مختلسة بطرف اعينهما..تنحنحت ايمان لتخرق ذلك الصمت بقولها..
.."..انا عايزة افهم .."..
..دار ابراهيم بمقود السيارة لتقف جانب الطريق بعد ان ضغط بقدميه فوق دواسة الفرامل ..كادت ان ترتطم جبهة ايمان بالتابلوه الامامي ..شهقت بصوت عال ..وهي تلتفت براسها الي ابراهيم الذي ظل ينظر امامه واصابعه تشتد بقوة فوق مقود السيارة حتى اببضت سلامياته..فصاحت به..
.."..هو في ايه ..كل دا عشان قلت عايزة افهم.."..
..استدار لها بجذعه وبقبضته القوية امسك بمرفقها لتجد نفسها لا يفصل بين صدريهما الا انشات بسيطة ..يهزها بعنف وهو يقول ..
.."..اوعي تاني مرة تقللي مني قدام الناس زي ما حصل في المطعم ..واوعي تاني مرة تعلي صوتك عليا ..هو دا اللي لازم تفهميه كويس جدا..مفهوووم.."..
..ضربت صدره بقبضتها وهي تصيح بوجهه..
.."..سيب دراعي هاتكسره.."..
..التمعت حدة الغضب بعيني ابراهيم وهو ينظر ليدها التي ضربت صدره فأمسك بمرفقها الثاني.. لتجد نفسها هذه المرة وكأنها داخل حضنه ..تكاد شفتيه تلامس شفتيها وهو يصيح بقوله..
.."..اقسم بالله ياايمان ..ايدك تترفع عليا تاني هتلاقيها مكسورة جمب منك..انا حذرتك المرادي بس بالساني عشان اول مرة .."..
..شعورها بالخوف جعل ضربات قلبها تزداد بسرعة ..حاربت ذلك الشعور وهي لا تحيد بعينيها عن عينيه وتقول متحدية اياه..
.."..تكونش فاكرني هخاف منك ..تبقى بتحلم ياباشا . انا مبخافش من حد.."..
..ظلا علي وضعهما وهو يرد بصوت قوي غاضب..
.."..طالما مابتحترمنيش يبقى مافيش غير انك تخافي مني بجد ..انا حذرتك وانتي الجانية على نفسك لو اتحدتيني تاني .."..
..دفع بها لترتطم بباب السيارة لتتأوه بصوت مكتوم ..تحارب بضراوة نزول دمعاتها..وعندما فشلت التفتت براسها ناحية النافذة لتمنعه من مشاهدتها وهي تبكي بصمت..
..نظر ابراهيم للطريق امامه وعاود قيادة السيارة ..شعر بنكزة تضرب قلبه لما فعله معها وشعور بالندم يحاوط عقله لقسوته عليها فزفر بضيق ليجد نفسه يضرب المقود بقوة تكاد ان تكسره..مسحت دمعاتها والتفتت تقول ..
.."..الدريكسيون لو اتكسر...العربية هتنقلب بينا.. فلو عايز تموت ..نزلني انا ..واتفضل موت براحتك لوحدك.."..
..التفت اليها فوجدها شبكت ذراعيها امام صدرها والتفتت للناحية الاخرى ..هدأ قليلا وحاول ان يجمع بعض كلمات ليراضيها ولكنه فضل الصمت والنظر للطريق دون اختلاس حتى ولو نظرة جانبية لها..وصلا للفيلا وما ان دلفا للداخل لبجدا عمتهما زهرة تسرع ناحيتهما وتقول ..
.."..الحقني ياابراهيم جدك تعب اوي بعد ماسمع اللي حصل .."..
..اسرع ابراهيم وايمان ناحية غرفة جدهما ليطمئنا عليه..وجدوه نائما واثار التعب والحزن ترتسم فوق ملامح وجهه..التفت ابراهيم لعمته وهو يتسائل بلهفة و بصوت خافت..
.."..ايه اللي حصل ياعمتي.."..
..نظرت اليهما بوجه حزين وقالت ..
..المحامي بتاعنا في مصر اتصل بينا وقالنا ان عمك سمير رفع قضية حجر على جدك ..."..
..وقفت فوق التل تنظر حولها ..لتلك المساحات الواسعة الخضراء المزينة بالازهار الملونة والاشجار ..والمياه الزرقاء المحصورة بمضيق البوسفور واسطح البنايات الملونة باللون البرتقالي على جانبي المضيق ..وبدون ان تدري نطق لسانها بكلمة ..."..سبحان الله .."..
..ثم اشارت للمضيق واستطردت قولها متسائلة ..
.."..دا بقى النيل بتاعهم.."..
..كان ابراهيم يقف بجانبها فأبتسم اثر سؤالها واجاب ..
.."..لا ..دا اسمه مضيق ..المية بتاعته مية مالحة زي مية البحر ..لانه بيربط بين بحرين ..البحر الاسود وبحر مرمرة.."..
..رفعت ايمان حاجبيها وهزت رأسها قائلة بصوت يشوبه بعض الذهول..
.."..ياصلاة النبي ..دا النيل بتاعهم حكايته كبيرة اوي......ولا الكوبري اللي هناك دا ..حاجة اخر فخامة يعني ..شبه الكوبري اللي اتبنى جديد عندنا في مصر ..وياترى اللي بيعدي بيدفع عشرين جنيه بردو زي عندنا.."..
..مط ابراهيم شفتيه وتنهد وهو يقول ..
.."..ايمان افهمي ..دا مش نيل ..دا اسمه مضيق ..مية مالحة.."..
..صاحت ايمان ..
.."..خلاص ياباشا فهمنا...دا ماااضيق ..والمية بتاعته مالحة ...بس بكدة يبقى النيل بتاعنا اجدع ..على الاقل المية بتاعته حلوة وتنشرب ..صح.."..
وبنبرة يأس قال ابراهيم..
.."..صح..المهم دلوقتي ايه رايك .."..
..ابتسمت قائلة وهي تلوح بيدها..
.."..بصراحة منظر مالوش حل ..بس ياباشا هما سموه تل العرايس ليه .."..
..شبك ذراعيه وقال ..
.."..عشان معظم اللي بييجي ويزور المكان العرسان الجداد .."..
..اجابته متعجبة ..
.."..بس دا اللي هيبجي هنا هيتقطع نفسه ..دا احنا ركبنا مركب وبعدها ركبنا اتوبيس وبعدين فضلنا ماشيين لغاية هنا ..دا العروسة هتتفرهد فرهدة هي وعريسها .. دا اخر الليل هيناموا مقتولين.."..
..ضحك ابراهيم وهو يؤكد على وجهة نظرها ..
.."..فعلا ..عندك حق.."..
..اخرجت هاتفها من جيب بنطالها واعطته لابراهيم وهي تقول بحماس..
.."..صورني بقى وانا ورايا المناظر الحلوة دي ..عشان ابعتها للبت لوزة وأغيظها شوية.."..
..فتح ابراهيم هاتفها ولكنه وجده مغلق لنفاذ بطاريته ..فقال وهو يعيده اليها..
.."..تليفونك مقفول ياهانم..هصورك بتليفوني وبعدين ابقى ابعتهملك.."..
..بدأت ايمان تقف بأوضاع مختلفة للتصوير ..تارة ترفع اصبعيها كعلامة النصر ..وتارة تتخصر وهي تقف بجانبها ..كل ذلك ولم تفارق الابتسامة شفتيها..كان ابراهيم ينظر لها عبر شاشة هاتفه وبدون ان يعي يجد نفسه يبتسم هو الاخر..حتى قفزت امامه وهي تقول..
.."..صورني فيديو بقى عشان اشرحلهم انا فين ..لحسن لما ارجع هتلاقيني بلح نسيت كل اللي اتقال..يالا يالا.."..
..اسرع بالضغط فوق تصوير الفيديو لينصاع لها هو هذه المرة ..ليسمعها تقول بصوت حماسي وهي تستدير حول نفسها وشعرها الاسود الناعم يطير معها وحولها ..تلوح بكلتا يديها..
.."..اتفرجي ياعزة انا فين ..هنا تل العرايس ..هو صحيح مشوفتش فيه عروسة واحدة توحد ربنا ..بس مش مشكلة ..المكان اخر جمال يابت يالوزة ..ياريتك انتي وبلاطة وخالتي معانا ..كانت هتبقى احلى فسحة..وحزري بعد شوية هروح فين ..هطلع جبل الفوسفور ..هينقطع نفسنا انا عارفة ..ومعرفش هنشوف ايه فوق ..بس هو الواحد هيتفسح في تركيا كام مرة ..هبقي اتصور هناك بردو ..سلام يالوزة.."..
..هز ابراهيم راسه بأستسلام كاتما ضحكته بصعوبة ..
..وبعد ان انتهيا من التصوير ومشاهدة ما تم تصويره..تجولا قليلا بالمكان الى ان نطقت ايمان بقولها ..
.."..كنت سامعة ان في عزومة غدا ..ياترى دي اشاعة ولا ايه.."..
..امسك ابراهيم بكفها الصغير وقال وهو يشير ناحية المطعم القريب منهما ..
.."..لا مش اشاعة ياستي ..المطعم قدامك اهو ..يالا بينا.."..
..كانت ايمان تنظر حولها وعينيها تتسع انبهارا لما تراه ..دلفا داخل المطعم وعند طاولة قريبة من النافذة الزجاجية للمطعم ..سحب ابراهيم كرسيا لتجلس ايمان فتسمرت مكانها ..اعتدل ابراهيم بوقفته وقال متعجبا ..
.. "..ايه مالك واقفة ليه ماتقعدي.."..
..حدقت به وقالت ساخرة ..
.."..اصل ..اصل الحركة دي كنت بشوفها في الافلام واتريق عليها ..مكنتش اعرف انها هتتعمل فيا..بس ع العموم ..توشكر كلك زوق .."..
..التوت شفتي ابراهيم جانبا ثم اشار لها براسه ان تجلس ..فانصاعت له على الفور ..وجلست بأريحية تستند بذراعيها فوق الطاولة ..وفاجئته بقولها..
.."..تفتكر عندهم طاجن العكاوي اللي قلتلك عليه.."..
..اشار ابراهيم للنادل وهو يقول بنزق..
.."..لا مفتكرش ..انا عازمك على كباب تركي .."..
..افترشت الابتسامة بكامل وجهها وقالت بحماس ..
.."..كباب ..اهو دا الكلام ..زوقك في الجون ياباشا.."..
وبعد برهة من الوقت ..امتلئ سطح الطاولة الصغيرة بوجبة الكباب التركي وانواع مختلفة من السلطات ..امسك ابراهيم بالسكين والشوكة وقبل ان ياكل نظر لايمان الذي وجدها صامتة تنظر للطعام دون ان تمسه ..فقال متسائلا..
.."..ايه تاني ..مابتكليش ليه.."..
..ذمت شفتيها وهي تقول ..
.."..هو الكباب بيتاكل بالشوكة والسكينة هو راخر..لو كدة يبقى بلاش خليني جعانة احسن..وكمان لو كلت بايدي هتزنجر وتقولي الناس ومش الناس وانتي بقيتي هانم والكلام الفافي اللي يضايق دا.."..
..وضع ابراهيم السكين والشوكة بمكانهما وبدأ يأكل بيديه وهو ينظر لها بقوة ..ابتسمت ايمان ومدت يدها للطبق المملوء بأصابع الكفتة واللحم المشوي .فأخذت قطعة من اللحم المشوي ودفعت بها داخل فاهها تلوكها بحماس وسعادة ..واثناء تناولهما للطعام قالت بأريحية وهي تغمس باصبع الكفتة داخل سلطة الطحينة..
.."..الفسحة دي فكرتني بفسحة يوم الحد ..يوم اجازة الورشة..كنت باخد لوزة وبلاطة وخالتي تهاني ..ونروح مرة جنينة الازهر..ياااه ياباشا ..جنينة واسعة اوي كلها خضرة ومناظر حلوة زي اللي شوفناها هنا ..ومرة نروح حي سيدنا الحسين ..نصلي في الجامع وبعدها ننطلق بقى.. ناكل كشري وبليلة ..نقعد على قهوة الفيشاوي وناكل فخفخينا.. نمشي في خان الخليلي ونتفرج على المحلات الفخيمة هناك زي محلات الذهب والفضة والاثارات واجمل حاجة بقى محلات الازاز الملون جميلة اوي .."..
..تركت ما بيدها من طعام وتراجعت للوراء تستند بظهرها فوق ظهر الكرسي ..وقالت وهي تتنهد ..
.."..عارف ياباشا انا فرحانة اننا هنرجع مصر بعد بكرة ان شاء الله..انا بلدي واهل حارتي والقعدة في الورشة وحشوني اوي.."..
..رجع ابراهيم هو الاخر بظهره للوراء وقال بثبات نفس واضحة ..
.."..ايمان ..انتي لما ترجعي مصر ..مش هترجعي لا للحارة ولا للورشة .."..
..هبت ايمان لتقف وهي تقول بصوت حاد عال وبملامح وجه جامدة ..
.."..يعني ايه ..اومال هرجع فين .."..
..نظر ابراهيم حوله بعد ان التفتت لهما الانظار وقال بصوت خافت ولكنه قوي...وكلتا عينيه تقذف بنظرات نارية غاضبة..
.."..اقعدي ..الناس بتبص علينا.."..
..لم تحد بعينيها عن عينيه وقالت غاضبة مغتاظة وهي تضرب سطح الطاولة بيدها ..
.."..اللي يبص يبص..قولي دلوقتي معناه ايه الكلام دا .."..
..هب ابراهيم واقفا وقال بعد ان رمى ببضعة ورقات مالية فوق الطاولة ..
.."..امشي قدامي ..في البيت هنتفاهم ..وبالمرة اعلمك ازاي متسمعيش كلامي.."..
..امسك بمرفقها ليمشي بها ..حاولت ان تنزع ذراعها ولكن محاولتها كانت بدون فائدة..وعند باب المطعم تفاجأ عندما وجد امامه التشين تحتضنه وتقبله من وجنتيه وهي تقول ..
.."..مرحبا.."..
..حررت ايمان ذراعها اخيرا وهي تزفر بضيق وتقول وهي تنظر باذدراء لتلك التي تحتضن زوجها..
.."..مرحبا ياختي...اهلا وسهلا بيكي ست شين شين ..اصلها كانت نقصاكي.."..
..استطردت ايمان قولها وهي تنظر هذه المرة لابراهيم ..
.."..بقولك ايه ياباشا ..خلي ست المتشحتفة دي تمشي من وشي السعادي لحسن بدل ماهانطلع الجبل هنطلع القرافة نقرا الفاتحة على روحها..انا بقولك أهو .."..
..كتم ابراهيم انفاسه بعد ان تجلى الغضب بوضوح على وجهه فربت فوق كتف التشين وهو يعتذر لها انه مضطر للذهاب الان وانه سوف يتحدث اليها فيما بعد..
..لم يعطها فرصة لتجيبه ..تخطاها بعد الامساك بكف ايمان الصغير ليجرها ورائه قبل حدوث اي مشكلة هو في غنى عنها..
..وبعد برهة من الوقت..كانا الاثنان داخل السيارة بطريق عودتهم للفيلا ..كان الاثنان صامتان يتناوبا النظر لبعضهما عبر نظرات مختلسة بطرف اعينهما..تنحنحت ايمان لتخرق ذلك الصمت بقولها..
.."..انا عايزة افهم .."..
..دار ابراهيم بمقود السيارة لتقف جانب الطريق بعد ان ضغط بقدميه فوق دواسة الفرامل ..كادت ان ترتطم جبهة ايمان بالتابلوه الامامي ..شهقت بصوت عال ..وهي تلتفت براسها الي ابراهيم الذي ظل ينظر امامه واصابعه تشتد بقوة فوق مقود السيارة حتى اببضت سلامياته..فصاحت به..
.."..هو في ايه ..كل دا عشان قلت عايزة افهم.."..
..استدار لها بجذعه وبقبضته القوية امسك بمرفقها لتجد نفسها لا يفصل بين صدريهما الا انشات بسيطة ..يهزها بعنف وهو يقول ..
.."..اوعي تاني مرة تقللي مني قدام الناس زي ما حصل في المطعم ..واوعي تاني مرة تعلي صوتك عليا ..هو دا اللي لازم تفهميه كويس جدا..مفهوووم.."..
..ضربت صدره بقبضتها وهي تصيح بوجهه..
.."..سيب دراعي هاتكسره.."..
..التمعت حدة الغضب بعيني ابراهيم وهو ينظر ليدها التي ضربت صدره فأمسك بمرفقها الثاني.. لتجد نفسها هذه المرة وكأنها داخل حضنه ..تكاد شفتيه تلامس شفتيها وهو يصيح بقوله..
.."..اقسم بالله ياايمان ..ايدك تترفع عليا تاني هتلاقيها مكسورة جمب منك..انا حذرتك المرادي بس بالساني عشان اول مرة .."..
..شعورها بالخوف جعل ضربات قلبها تزداد بسرعة ..حاربت ذلك الشعور وهي لا تحيد بعينيها عن عينيه وتقول متحدية اياه..
.."..تكونش فاكرني هخاف منك ..تبقى بتحلم ياباشا . انا مبخافش من حد.."..
..ظلا علي وضعهما وهو يرد بصوت قوي غاضب..
.."..طالما مابتحترمنيش يبقى مافيش غير انك تخافي مني بجد ..انا حذرتك وانتي الجانية على نفسك لو اتحدتيني تاني .."..
..دفع بها لترتطم بباب السيارة لتتأوه بصوت مكتوم ..تحارب بضراوة نزول دمعاتها..وعندما فشلت التفتت براسها ناحية النافذة لتمنعه من مشاهدتها وهي تبكي بصمت..
..نظر ابراهيم للطريق امامه وعاود قيادة السيارة ..شعر بنكزة تضرب قلبه لما فعله معها وشعور بالندم يحاوط عقله لقسوته عليها فزفر بضيق ليجد نفسه يضرب المقود بقوة تكاد ان تكسره..مسحت دمعاتها والتفتت تقول ..
.."..الدريكسيون لو اتكسر...العربية هتنقلب بينا.. فلو عايز تموت ..نزلني انا ..واتفضل موت براحتك لوحدك.."..
..التفت اليها فوجدها شبكت ذراعيها امام صدرها والتفتت للناحية الاخرى ..هدأ قليلا وحاول ان يجمع بعض كلمات ليراضيها ولكنه فضل الصمت والنظر للطريق دون اختلاس حتى ولو نظرة جانبية لها..وصلا للفيلا وما ان دلفا للداخل لبجدا عمتهما زهرة تسرع ناحيتهما وتقول ..
.."..الحقني ياابراهيم جدك تعب اوي بعد ماسمع اللي حصل .."..
..اسرع ابراهيم وايمان ناحية غرفة جدهما ليطمئنا عليه..وجدوه نائما واثار التعب والحزن ترتسم فوق ملامح وجهه..التفت ابراهيم لعمته وهو يتسائل بلهفة و بصوت خافت..
.."..ايه اللي حصل ياعمتي.."..
..نظرت اليهما بوجه حزين وقالت ..
..المحامي بتاعنا في مصر اتصل بينا وقالنا ان عمك سمير رفع قضية حجر على جدك ..."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الرابعة عشر 14 كاملة مكتوبة
المشهد 14
..اغمضت ايمان عينيها حزنا على جدها وعلى مآلت اليه الظروف لذلك ..مؤكدة لنفسها انها السبب فيما جرى ..نظرت لعمتها وهي تقول بصوت باكي خافت..
.."..طب هو كويس ..الدكتور قال حاجة طيب.."..
..فتح الجد عيناه وقال بصوت واهن ..يرفع ذراعه بضعف واضح ..
.."..انا كويس ياايمان..تعالي ..تعالي اقعدي جمبي.."..
.. جلست بجانبه ووضعت كفها الصغير فوق كفه وقالت..
.."..انت كويس.."..
..هز الجد رأسه بالايجاب بعد ان التمعت عينيه بغشاوة رقيقة من الدموع..
..استطردت ايمان قولها وهي تربت فوق كفه ..
.."..شوفت ياجدي ..قلتلك بلاش ..لكن انت دماغك ناشفة طالع لبنت ابنك ..اسمع كلامي ياجدي ..رجع كل حاجة لأصلها..انا عايزة اكون حفيدتك وبس ..لا عايزة ورث ولا فلوس.."..
..مالت شفتي الجد بابتسامة جانبية وقال ..
.."..انا فعلا رجعت كل حاجة لأصلها ..واصلها انك انتي احق واحدة بفلوس ابوكي .. اوعي تتنازلي عن قرش واحد من حقك...ولو على عمك سمير ..انا هاعرف اتصرف معاه..وانتي مالكيش دعوة خالص.."..
..شدت قبضة يدها بكف جدها وهي تقول ..
.."..ياجدي عشان خاطري ..الحوار وصل للمحاكم وهنقف قصاد بعض والناس تتفرج علينا ..وعشان ايه دا كله..الدنيا مش مستاهلة ياجدي ..انا مش محتاجة ..انا بصرف على نفسي من عرق جبيني ..ورشتي مكفياني والحمد لله.."..
..تجهم وجه الجد بالغضب وقال بصوت حاد ..
.."..وووبعدين معاكي ..كلامك دا هو اللي بيتعبني زيادة ..يالا يالا ..سيبوني عايز ارتاح.."..
..كتم ابراهيم غضبه بشق الانفس ولكنه حاول ان يكون ثابتا أمام جده فقال بصوت قوي..
.."..ارتاح انتي ياجدي ومتقلقش ...انا هتصرف .."..
..استطرد قوله وهو يمد يده لإيمان ..
.."..يالا يا إيمان .."..
..نظرت ليده الممدودة فأشاحت بوجهها بعيدا عنه ..هبت لتقف وقالت لجدها..
.."..لما نرجع مصر ان شاء الله ساعتها هيحلها اللي لا يغفل ولا ينام.."..
..استدارت وتخطت ابراهيم الذي اصطكت اسنانه غيظا من تلك العنيدة ..وقبل ان يلحق بها سمع صوت جده وهو يقول ..
.."..ابراهيم ..حفيدتي امانة في رقبتك ..دي وصيتي ليك ..ايمان بنت معدنها اصيل ..حافظ عليها ومتزعلهاش ..واول ماتتاكد انها تقدر تقف على رجليها لوحدها في الدنيا دي..ساعتها بس تقدر تتجوز اللي تختارها ..اوعدني يابني .."..
..مال ابراهيم بجذعه ليقبل يد جده وقال بوجه تعلوه ملامح هادئة مطمئنة..
.."..اوعدك ياجدي ..متقلقش حبيبي ..اهم حاجة دلوقتي هي صحتك .."..
..هز الجد راسه وربت فوق وجنة ابراهيم وكانت عينيه تنطق بإمتنان وحب لحفيده الذي سيكون هو كبير العائلة القادم..
..خرج ابراهيم من الغرفة ليجد عمته تقف بقبالته وتقول بوجه جامد الملامح ..
.."..هنعمل ايه ياابراهيم في الكارثة دي.."..
..كان يبحث بعينيه عنها ولكنه لم يجدها ..ربت فوق كتف عمته وقال ..
.."..ننزل مصر ياعمتي ونقعد مع المحامي عشان نفهم ..وعلى الاساس دا هنتصرف ..متقلقيش بس انتي وخلي بالك من جدي..هي ..هي ايمان فين.."..
..اشارت زهرة برأسها ناحية السلم وقالت ..
.."..جريت على اوضتها ..بس حبيبتي كانت بتعيط ..حتى متدنيش فرصة اتكلم معاها .."..
..شعر ابراهيم بضيق يغلف صدره ..سب نفسه بعدما شعر انه السبب في حزنها بعد قسوته عليها..صعد لغرفته ولكنه توقف امام غرفتها ونقر بأصابعه فوق بابها طرقات خفيفة ليسمع صوتها الباكي وهي تقول ..
.."..مين.."..
..اجابها .."..انا ياايمان ..افتحي الباب عايز اتكلم معاكي .."..
..رجع برأسه للوراء وهو ينظر للباب فور سماع صراخها وهي تقول..
.."..مش فاتحة ..ومات الكلام مابينا .."..
..زفر بضيق وقال ..
.."..ايمان افتحي نتفاهم .."..
..اسرعت ايمان لتقف امام بابها وهي تقول بصوت غاضب ..
.."..هو انت في عنكبوت معشش في ودانك ..قلت مات الكلام ..ومافيش تفاهم ..واتفضل بقى شوف كنت رايح فين.."..
..ضرب ابراهيم الباب بقبضته وقال..
.."..لولا حالة جدك والظرف اللي بنمر بيه انا كنت ...كنت ....."..
..ضرب الباب مرة اخرى ثم اسرع ناحية غرفته قبل ان يكسر الباب فوق رأسها ..فقد تذكر وعده لجده بأنها أمانة لديه ويجب ان يكتم غيظه حفاظا عليها وعلى وعده ..
..ظلت ايمان بغرفتها ترفض اي محاولة من عمتها للخروج او حتى لتناول الطعام.. الى أن حل الظلام فضاق صدرها فقررت الخروج ولكنها كانت تدعو الآ تلنقي بهذا الابراهيم..فتحت الباب وطلت برأسها فقط لترى ان كان احدا بالجوار ..وعندما لم تجد احدا اسرعت بالخروج من الغرفة وعلى اطراف اصابع قدميها سارت بخفة حتى نزلت السلم وبالنهاية زفرت بأريحية عندما خطت خطوتها الاولى داخل حديقة الفيلا ..وعندما اتجهت للارجوحة التي اصبحت مكانها المفضل لتجد من يجلس متهدل الاكتاف وعندما اقتربت اكثر وبتمعن اكبر همست بصوت مسموع..
.."..اسطى إمام.."..
..هب السائق مفزوعا واستدار وهو يقول ..
.."..اهلا انسة إيمان ..اسف اني قاعد هنا ..بعتذر .."..
..رفعت إيمان ذراعها وهي تقول معترضة بضيق..
.."..بس ..بس ..في ايه ياسطى إمام..هو انا قفشتك قاعد في اوضتي..انت قاعد في الجنينة ..وانا أهو جاية اقعد معاك .."..
..جلست ايمان ونظرت للذي يقف امامها مطأطأ الراس ..
..تأففت بصوت عال وقالت بصوت غاضب..
.."..اسطى إمام وحد الله كدة واقعد ..انا انهاردة عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي ومش عايزة مناهدة لأني اصلا مفرهدة ..اقعد واحكيلي .."..
..رفع رأسه وقال بتساؤل ..
.."..احكيلك عن ايه.."..
..اشارت له بيدها بأن يجلس وهي تنظر له شزرا بأعين متسعة ..
..انصاع على الفور لأمرها وجلس فوق الارجوحة ولكن بنهايتها لتكون هناك مساحة كبيرة متسعة بينهما ..
..صفقت إيمان بكلتا كفيها وهي تقول بنبرة صوت ساخرة ..
.."..استغفر الله العظيم..هو انا هاكلك يابني ..انت ليه محسسني اني هتحرش بيك .."..
..ارتسمت على وجه إمام البلاهة ولم يجبها ..استطردت قولها بعد جلست القرفصاء فوق فراش الارجوحة وقالت ..
.."..شكلك زعلان وقاعد كدة زي اللي جيه يزرعها فراولة طلعت قلقاس ..بس هو اكيد عشان خسرت السباق ..صح .."..
..التوت زواية فم السائق بابتسامة باهتة وهو يراها ترفع ذراعيها لأعلى وتقول ..
.."..الحمد لله يارب انه خسر السباق ..ماهو انا اللي ييجي عليا مايكسبش ..شوفت ..احسن ..عشان بعد كدة تسيبني وتخلع ..طب كنت استنيت حبة ..كنت خدتني معاك اساعدك واشوفلك العربية..بس نقول ايه ..وعلى رأي المثل..اللي يحفر حفرة لاخوه هاييجي عليه يوم ومياخدهوش ابوه.."..
..ضاق مابين حاجبي السائق وضاقت عينيه وهو يقول ..
.."..ايه ..ايه المثل دا ..مافيش مثل كدة .."..
..رددت ايمان وهي تقول بثقة ..
.."..عشان انت واحد جاهل بالامثلة القديمة اللي كلها فول وكلور ..بس مش مهم انا هبقى اعلمك..اهو حاجة تنفعك ..
..ها ..قولي بقى مالك .."..
..تنهد إمام وهو يقول ..
.."..بغض النظر عن اللي قولتيه.. بس انا كسبت سباق السيارات ..لكن خسرت اهم مسابقة في حياتي ..مسابقة الحصول على عيشة .."..
..ظهر الاهتمام جليا على ملامح ايمان وقالت بلهفة ..
.."..ليه بس ..اللي حصل ..اتقدمت وهي رفضتك ..بس لأ مش معقول ..عيشة شكلها مايل ليك ..يبقى اكيد امها..بس بردو لا ..دادة فاطمة ست طيبة و اكيد مترفضكش ..يوووه ايه الحيرة دي ..انجز ياسطى اؤمؤم وقول ليه.."..
..رجع للوراء بظهره بعد ان شبك ذراعيه امام صدره..وقال بنبرة صوت حزينة وهو ينظر امامه..
.."..لأن دادة فاطمة مستحيل تجوز بنتها الوحيدة لإبن مرات جوزها الله يرحمه.."..
..ظلت ايمان تحدق به لكي تفهم وعندما فشلت بذلك ..هزت رأسها اكثر من مرة ثم قالت ..
.."..معلش هو مين اللي اتجوز ابو مين ..قول تاني بس واحدة واحدة عشان افهم.."..
..نظر اليها وقال وهو يشير لها بيده ..
.."..ياأنسة ايمان بقول لحضرتك..ان أبو عيشة كان يبقى جوز امي.. الله يرحمهم جميعا بقى.."..
..اتسع فاه ايمان وهي تقول ..
.."..اااه..قولتلي بقى ..جوز امك يبقى جوز ام دادة فاطمة .."..
..ارتسمت الخيبة بملامح وجه السائق وقال بصوت يشوبه اليأس..
.."..ياااا أنسة ايمان لو سمحتي ركزي ...جوز دادة فاطمة كان جوز امي ...يعني ابو عيشة كان متجوز اتنين ..فهمتي حضرتك.."..
..عاودت ايمان اتساع فاهها مرة اخرى وهي تقول ..
.."..اااه ..فهمت فهمت ..جوز دادة فاطمة اتجوز امك ..احيييه ..دا انت فعلا حكايتك معقدة ..بس ولا يهمك يازميلي انا هساعدك .."..
..اسرع السائق بقوله ..
.."..بجد ياانسة ايمان هتساعديني ..بس ازاي ..دادة فاطمة دماغها ناشفة ..ومستحيل توافق .."..
..مطت ايمان شفتيها وهي تقول ..
.."..انت هتعقدها ليه ..وكمان عيب عليك دا انا الاسطى ايمان ..محدش هيلين دماغها غيري ..امين ياسطى.."..
..ردد إمام بصوت خافت ..
.."..أمين.."..
..اعتدلت ايمان بجلستها وهي تقول ..
.."..عارف القعدة دي كانت عايزة ايه.. شوية لب وكوبايتين شاي..بس ياخسارة قعدة ناشفة "..
..صاح بغضب من ورائهما ابراهيم الذي اشتاط غضبا فور رؤيتهما سويا من شرفة غرفته ليسرع اليهما وهو يتوعدهما ..
.."..وليه ناشفة ..نطلب حالا شاي وقهوة ولب ...وتبقى سهرة للصبح كمان.."..
..انتفض السائق ليهب واقفا ..أما ايمان فقد وضعت يدها فوق صدرها بعد ان شهقت بفزع وهي تقول .."..بسم الله الرحمن الرحيم.."..
..استدار ابراهيم حول الارجوحة وامسك بمقدمة قميص إمام واقترب بوجهه منه وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..قسما بالله لولا ان عم عبد الله موصيني عليك لكنت دلوقتي مرمي برة الفيلا .."..
..اسرعت ايمان تحاول ان تقف حائلا بينهما وهي تصيح ..
.."..سيبه ياباشا ..سيبه "..
..دفع ابراهيم بالسائق بيده ..ليتراجع إمام عدة خطوات متعثرة للوراء حتى كاد ان يقع ارضا ..لتقف ايمان متخصرة وهي تصيح امامه ..
.."..هو في ايه ..حصل ايه لدا كله .."..
..لم يجبها ابراهيم بل اشار للسائق وهو يصيح به..
.."..انت لسة واقف .."..
..اسرع السائق ناحية الجراج هربا من غضب صاحب العمل ..أما ابراهيم فمال بوجهه ناحية وجه زوجته وقال..
.."..عايزة تعرفي حصل ايه ..حصل ان مراتي قاعدة مع السواق بتاعها في نص الليل ومقضياها .."..
..رفعت ايمان سبابتها أمام وجهه وهي تقول محذرة اياه ..
.."..حاسب على كلامك ..ايه مقضياها دي ..و ايه مراتي دي كمان ..احنا هنكدب الكدبة ونصدقها .."..
..قال ابراهيم وهو ينظر لها بقوة ..
.."..لا ياهانم مش كدبة ..دا حقيقة ..انتي مراتي.. شرعا وقانونا مراتي ..يعني تاخدي بالك كويس اوي من تصرفاتك..فاهمة ولا لا.."..
..وبنظرة تحدي قالت ..
.."..لأ مش فاهمة ..واللي لازم تفهمه انت..ان مالكش حاجة عندي ..وان العقد اللي اتكتب ..دي حتة ورقة وهتتقطع قريب اوي ..فاهم انت ولا لا.."..
..امسك ابراهيم بمرفقها وهو يقول بغضب..
.."..متعصبنيش ياايمان وفي الاخر انتي اللي بتزعلي .."..
..دفعت بيده عن مرفقها وهي تقول ..
.."..اللي تقدر عليه اعمله انا مبخافش ..ويكون في علمك مشكلة عمي تخلص ..وبعدها كل واحد فينا هيروح لحاله ..حط انت بقى الكلام دا في دماغك.."..
..التفتت لتتخطاه فعاود ليمسك مرفقها مرة اخرى وهو يقول ..
.."..هنشوف كلام مين اللي هيمشي يابنت عمي .."..
..دفعت بيده وهي تقول ..
.."..هنشوف ياباشا .."..
..ظل يحدق بها بعد ان تخطته متجهة لباب الفيلا ..ليزفر بضيق يأسا منه على استقطاب تلك الفتاة العنيدة ..
..وبعد مرور يومان قضتهما ايمان مابين غرفتها وغرفة جدها متحاشية تماما ان تجتمع بابراهيم بأي مكان حتى لا يحدث مالا يحمد عقباه ..لتجد نفسها بالنهاية تجلس فوق كرسيها بالطائرة بجانب عمتها زهرة ..التي ربتت فوق كفها وهي تقول ..
.."..حبيبتي ..على فكرة ابراهيم قلبه ابيض وطيب زيك تمام ..بس انتو عايزين تلاقو طريقة تتفاهموا بيها مع بعض .."..
..لتسرع ايمان بقولها ..
.."..لا ياستي مش عايزة اتفاهم معاه ..هو في حاله وانا في حالي ..والله يخليكي بلاها السيرة اللي تضايق دي.. سيبيني مبسوطة كدة ..يااه اخيرا راجعة بيتي..."..
..قالت عمتها بحزم ..
.."..ايمان احنا كلنا هنروح الفيلا بتاعتنا في مصر .."..
..وقبل ان تصيح بها ايمان استطردت العمة قولها بعد ماامسكت بيدها ..
.."..ايمان مش وقت عناد..احنا بنمر بأكبر مشكلة ..قضية وفضيحة وممكن كمان نخسر كل حاجة في الاخر ..ومحدش هيخرجنا من الازمة دي غيرك انتي.."..
..اشارت ايمان لنفسها وهي تقول بتساؤل..
.."..انا ياعمتي ..ازاي يعني ..انا لا القاضي ولا المحامي .."..
..اجابتها عمتها بوجه باسم وقالت..
.."..المحامي مستنينا في الفيلا وهيفهمنا على كل حاجة ..اوكي يا حبيبتي .."..
..ضربت ايمان ظهرها بظهر الكرسي وهي تقول بغيظ ..
.."..عشان خاطرك بس ياعمتي انتي وجدي ..اهم حاجة ان أبو ثقب دا ملوش دعوة بيا.."..
..ضحكت العمة وهي تهز براسها بالايجاب ..
..وبعد برهة من الوقت كانت ايمان تجلس بغرفة المكتب بفيلا جدها وحولها عمتها ومراد وابراهيم و المحامي الذي يجلس بكرسي المكتب يشرح لهم جوانب القضية..الى ان انتفضت عندما نطق المحامي بإسمها قائلا..
.."..واضح كلامي ياايمان هانم.."..
..انتقلت بعينيها بينهم جميعا ثم قالت وهي تنظر للمحامي ..
.."..تصدق بالله ياحج ..واللي خلق الخلق انا مافاهمة ولا كلمة من اللي اتهبدوا من شوية دول..".
..سمعت همهمات اعتراضية مكتومة حولها والجميع يهز رأسه بيأس واضح ..لتجد المحامي يبتسم لها وهو يقول ..
.."..هافهمك يابنتي ..اسمعيني كويس.."..
..اغمضت ايمان عينيها حزنا على جدها وعلى مآلت اليه الظروف لذلك ..مؤكدة لنفسها انها السبب فيما جرى ..نظرت لعمتها وهي تقول بصوت باكي خافت..
.."..طب هو كويس ..الدكتور قال حاجة طيب.."..
..فتح الجد عيناه وقال بصوت واهن ..يرفع ذراعه بضعف واضح ..
.."..انا كويس ياايمان..تعالي ..تعالي اقعدي جمبي.."..
.. جلست بجانبه ووضعت كفها الصغير فوق كفه وقالت..
.."..انت كويس.."..
..هز الجد رأسه بالايجاب بعد ان التمعت عينيه بغشاوة رقيقة من الدموع..
..استطردت ايمان قولها وهي تربت فوق كفه ..
.."..شوفت ياجدي ..قلتلك بلاش ..لكن انت دماغك ناشفة طالع لبنت ابنك ..اسمع كلامي ياجدي ..رجع كل حاجة لأصلها..انا عايزة اكون حفيدتك وبس ..لا عايزة ورث ولا فلوس.."..
..مالت شفتي الجد بابتسامة جانبية وقال ..
.."..انا فعلا رجعت كل حاجة لأصلها ..واصلها انك انتي احق واحدة بفلوس ابوكي .. اوعي تتنازلي عن قرش واحد من حقك...ولو على عمك سمير ..انا هاعرف اتصرف معاه..وانتي مالكيش دعوة خالص.."..
..شدت قبضة يدها بكف جدها وهي تقول ..
.."..ياجدي عشان خاطري ..الحوار وصل للمحاكم وهنقف قصاد بعض والناس تتفرج علينا ..وعشان ايه دا كله..الدنيا مش مستاهلة ياجدي ..انا مش محتاجة ..انا بصرف على نفسي من عرق جبيني ..ورشتي مكفياني والحمد لله.."..
..تجهم وجه الجد بالغضب وقال بصوت حاد ..
.."..وووبعدين معاكي ..كلامك دا هو اللي بيتعبني زيادة ..يالا يالا ..سيبوني عايز ارتاح.."..
..كتم ابراهيم غضبه بشق الانفس ولكنه حاول ان يكون ثابتا أمام جده فقال بصوت قوي..
.."..ارتاح انتي ياجدي ومتقلقش ...انا هتصرف .."..
..استطرد قوله وهو يمد يده لإيمان ..
.."..يالا يا إيمان .."..
..نظرت ليده الممدودة فأشاحت بوجهها بعيدا عنه ..هبت لتقف وقالت لجدها..
.."..لما نرجع مصر ان شاء الله ساعتها هيحلها اللي لا يغفل ولا ينام.."..
..استدارت وتخطت ابراهيم الذي اصطكت اسنانه غيظا من تلك العنيدة ..وقبل ان يلحق بها سمع صوت جده وهو يقول ..
.."..ابراهيم ..حفيدتي امانة في رقبتك ..دي وصيتي ليك ..ايمان بنت معدنها اصيل ..حافظ عليها ومتزعلهاش ..واول ماتتاكد انها تقدر تقف على رجليها لوحدها في الدنيا دي..ساعتها بس تقدر تتجوز اللي تختارها ..اوعدني يابني .."..
..مال ابراهيم بجذعه ليقبل يد جده وقال بوجه تعلوه ملامح هادئة مطمئنة..
.."..اوعدك ياجدي ..متقلقش حبيبي ..اهم حاجة دلوقتي هي صحتك .."..
..هز الجد راسه وربت فوق وجنة ابراهيم وكانت عينيه تنطق بإمتنان وحب لحفيده الذي سيكون هو كبير العائلة القادم..
..خرج ابراهيم من الغرفة ليجد عمته تقف بقبالته وتقول بوجه جامد الملامح ..
.."..هنعمل ايه ياابراهيم في الكارثة دي.."..
..كان يبحث بعينيه عنها ولكنه لم يجدها ..ربت فوق كتف عمته وقال ..
.."..ننزل مصر ياعمتي ونقعد مع المحامي عشان نفهم ..وعلى الاساس دا هنتصرف ..متقلقيش بس انتي وخلي بالك من جدي..هي ..هي ايمان فين.."..
..اشارت زهرة برأسها ناحية السلم وقالت ..
.."..جريت على اوضتها ..بس حبيبتي كانت بتعيط ..حتى متدنيش فرصة اتكلم معاها .."..
..شعر ابراهيم بضيق يغلف صدره ..سب نفسه بعدما شعر انه السبب في حزنها بعد قسوته عليها..صعد لغرفته ولكنه توقف امام غرفتها ونقر بأصابعه فوق بابها طرقات خفيفة ليسمع صوتها الباكي وهي تقول ..
.."..مين.."..
..اجابها .."..انا ياايمان ..افتحي الباب عايز اتكلم معاكي .."..
..رجع برأسه للوراء وهو ينظر للباب فور سماع صراخها وهي تقول..
.."..مش فاتحة ..ومات الكلام مابينا .."..
..زفر بضيق وقال ..
.."..ايمان افتحي نتفاهم .."..
..اسرعت ايمان لتقف امام بابها وهي تقول بصوت غاضب ..
.."..هو انت في عنكبوت معشش في ودانك ..قلت مات الكلام ..ومافيش تفاهم ..واتفضل بقى شوف كنت رايح فين.."..
..ضرب ابراهيم الباب بقبضته وقال..
.."..لولا حالة جدك والظرف اللي بنمر بيه انا كنت ...كنت ....."..
..ضرب الباب مرة اخرى ثم اسرع ناحية غرفته قبل ان يكسر الباب فوق رأسها ..فقد تذكر وعده لجده بأنها أمانة لديه ويجب ان يكتم غيظه حفاظا عليها وعلى وعده ..
..ظلت ايمان بغرفتها ترفض اي محاولة من عمتها للخروج او حتى لتناول الطعام.. الى أن حل الظلام فضاق صدرها فقررت الخروج ولكنها كانت تدعو الآ تلنقي بهذا الابراهيم..فتحت الباب وطلت برأسها فقط لترى ان كان احدا بالجوار ..وعندما لم تجد احدا اسرعت بالخروج من الغرفة وعلى اطراف اصابع قدميها سارت بخفة حتى نزلت السلم وبالنهاية زفرت بأريحية عندما خطت خطوتها الاولى داخل حديقة الفيلا ..وعندما اتجهت للارجوحة التي اصبحت مكانها المفضل لتجد من يجلس متهدل الاكتاف وعندما اقتربت اكثر وبتمعن اكبر همست بصوت مسموع..
.."..اسطى إمام.."..
..هب السائق مفزوعا واستدار وهو يقول ..
.."..اهلا انسة إيمان ..اسف اني قاعد هنا ..بعتذر .."..
..رفعت إيمان ذراعها وهي تقول معترضة بضيق..
.."..بس ..بس ..في ايه ياسطى إمام..هو انا قفشتك قاعد في اوضتي..انت قاعد في الجنينة ..وانا أهو جاية اقعد معاك .."..
..جلست ايمان ونظرت للذي يقف امامها مطأطأ الراس ..
..تأففت بصوت عال وقالت بصوت غاضب..
.."..اسطى إمام وحد الله كدة واقعد ..انا انهاردة عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي ومش عايزة مناهدة لأني اصلا مفرهدة ..اقعد واحكيلي .."..
..رفع رأسه وقال بتساؤل ..
.."..احكيلك عن ايه.."..
..اشارت له بيدها بأن يجلس وهي تنظر له شزرا بأعين متسعة ..
..انصاع على الفور لأمرها وجلس فوق الارجوحة ولكن بنهايتها لتكون هناك مساحة كبيرة متسعة بينهما ..
..صفقت إيمان بكلتا كفيها وهي تقول بنبرة صوت ساخرة ..
.."..استغفر الله العظيم..هو انا هاكلك يابني ..انت ليه محسسني اني هتحرش بيك .."..
..ارتسمت على وجه إمام البلاهة ولم يجبها ..استطردت قولها بعد جلست القرفصاء فوق فراش الارجوحة وقالت ..
.."..شكلك زعلان وقاعد كدة زي اللي جيه يزرعها فراولة طلعت قلقاس ..بس هو اكيد عشان خسرت السباق ..صح .."..
..التوت زواية فم السائق بابتسامة باهتة وهو يراها ترفع ذراعيها لأعلى وتقول ..
.."..الحمد لله يارب انه خسر السباق ..ماهو انا اللي ييجي عليا مايكسبش ..شوفت ..احسن ..عشان بعد كدة تسيبني وتخلع ..طب كنت استنيت حبة ..كنت خدتني معاك اساعدك واشوفلك العربية..بس نقول ايه ..وعلى رأي المثل..اللي يحفر حفرة لاخوه هاييجي عليه يوم ومياخدهوش ابوه.."..
..ضاق مابين حاجبي السائق وضاقت عينيه وهو يقول ..
.."..ايه ..ايه المثل دا ..مافيش مثل كدة .."..
..رددت ايمان وهي تقول بثقة ..
.."..عشان انت واحد جاهل بالامثلة القديمة اللي كلها فول وكلور ..بس مش مهم انا هبقى اعلمك..اهو حاجة تنفعك ..
..ها ..قولي بقى مالك .."..
..تنهد إمام وهو يقول ..
.."..بغض النظر عن اللي قولتيه.. بس انا كسبت سباق السيارات ..لكن خسرت اهم مسابقة في حياتي ..مسابقة الحصول على عيشة .."..
..ظهر الاهتمام جليا على ملامح ايمان وقالت بلهفة ..
.."..ليه بس ..اللي حصل ..اتقدمت وهي رفضتك ..بس لأ مش معقول ..عيشة شكلها مايل ليك ..يبقى اكيد امها..بس بردو لا ..دادة فاطمة ست طيبة و اكيد مترفضكش ..يوووه ايه الحيرة دي ..انجز ياسطى اؤمؤم وقول ليه.."..
..رجع للوراء بظهره بعد ان شبك ذراعيه امام صدره..وقال بنبرة صوت حزينة وهو ينظر امامه..
.."..لأن دادة فاطمة مستحيل تجوز بنتها الوحيدة لإبن مرات جوزها الله يرحمه.."..
..ظلت ايمان تحدق به لكي تفهم وعندما فشلت بذلك ..هزت رأسها اكثر من مرة ثم قالت ..
.."..معلش هو مين اللي اتجوز ابو مين ..قول تاني بس واحدة واحدة عشان افهم.."..
..نظر اليها وقال وهو يشير لها بيده ..
.."..ياأنسة ايمان بقول لحضرتك..ان أبو عيشة كان يبقى جوز امي.. الله يرحمهم جميعا بقى.."..
..اتسع فاه ايمان وهي تقول ..
.."..اااه..قولتلي بقى ..جوز امك يبقى جوز ام دادة فاطمة .."..
..ارتسمت الخيبة بملامح وجه السائق وقال بصوت يشوبه اليأس..
.."..ياااا أنسة ايمان لو سمحتي ركزي ...جوز دادة فاطمة كان جوز امي ...يعني ابو عيشة كان متجوز اتنين ..فهمتي حضرتك.."..
..عاودت ايمان اتساع فاهها مرة اخرى وهي تقول ..
.."..اااه ..فهمت فهمت ..جوز دادة فاطمة اتجوز امك ..احيييه ..دا انت فعلا حكايتك معقدة ..بس ولا يهمك يازميلي انا هساعدك .."..
..اسرع السائق بقوله ..
.."..بجد ياانسة ايمان هتساعديني ..بس ازاي ..دادة فاطمة دماغها ناشفة ..ومستحيل توافق .."..
..مطت ايمان شفتيها وهي تقول ..
.."..انت هتعقدها ليه ..وكمان عيب عليك دا انا الاسطى ايمان ..محدش هيلين دماغها غيري ..امين ياسطى.."..
..ردد إمام بصوت خافت ..
.."..أمين.."..
..اعتدلت ايمان بجلستها وهي تقول ..
.."..عارف القعدة دي كانت عايزة ايه.. شوية لب وكوبايتين شاي..بس ياخسارة قعدة ناشفة "..
..صاح بغضب من ورائهما ابراهيم الذي اشتاط غضبا فور رؤيتهما سويا من شرفة غرفته ليسرع اليهما وهو يتوعدهما ..
.."..وليه ناشفة ..نطلب حالا شاي وقهوة ولب ...وتبقى سهرة للصبح كمان.."..
..انتفض السائق ليهب واقفا ..أما ايمان فقد وضعت يدها فوق صدرها بعد ان شهقت بفزع وهي تقول .."..بسم الله الرحمن الرحيم.."..
..استدار ابراهيم حول الارجوحة وامسك بمقدمة قميص إمام واقترب بوجهه منه وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..قسما بالله لولا ان عم عبد الله موصيني عليك لكنت دلوقتي مرمي برة الفيلا .."..
..اسرعت ايمان تحاول ان تقف حائلا بينهما وهي تصيح ..
.."..سيبه ياباشا ..سيبه "..
..دفع ابراهيم بالسائق بيده ..ليتراجع إمام عدة خطوات متعثرة للوراء حتى كاد ان يقع ارضا ..لتقف ايمان متخصرة وهي تصيح امامه ..
.."..هو في ايه ..حصل ايه لدا كله .."..
..لم يجبها ابراهيم بل اشار للسائق وهو يصيح به..
.."..انت لسة واقف .."..
..اسرع السائق ناحية الجراج هربا من غضب صاحب العمل ..أما ابراهيم فمال بوجهه ناحية وجه زوجته وقال..
.."..عايزة تعرفي حصل ايه ..حصل ان مراتي قاعدة مع السواق بتاعها في نص الليل ومقضياها .."..
..رفعت ايمان سبابتها أمام وجهه وهي تقول محذرة اياه ..
.."..حاسب على كلامك ..ايه مقضياها دي ..و ايه مراتي دي كمان ..احنا هنكدب الكدبة ونصدقها .."..
..قال ابراهيم وهو ينظر لها بقوة ..
.."..لا ياهانم مش كدبة ..دا حقيقة ..انتي مراتي.. شرعا وقانونا مراتي ..يعني تاخدي بالك كويس اوي من تصرفاتك..فاهمة ولا لا.."..
..وبنظرة تحدي قالت ..
.."..لأ مش فاهمة ..واللي لازم تفهمه انت..ان مالكش حاجة عندي ..وان العقد اللي اتكتب ..دي حتة ورقة وهتتقطع قريب اوي ..فاهم انت ولا لا.."..
..امسك ابراهيم بمرفقها وهو يقول بغضب..
.."..متعصبنيش ياايمان وفي الاخر انتي اللي بتزعلي .."..
..دفعت بيده عن مرفقها وهي تقول ..
.."..اللي تقدر عليه اعمله انا مبخافش ..ويكون في علمك مشكلة عمي تخلص ..وبعدها كل واحد فينا هيروح لحاله ..حط انت بقى الكلام دا في دماغك.."..
..التفتت لتتخطاه فعاود ليمسك مرفقها مرة اخرى وهو يقول ..
.."..هنشوف كلام مين اللي هيمشي يابنت عمي .."..
..دفعت بيده وهي تقول ..
.."..هنشوف ياباشا .."..
..ظل يحدق بها بعد ان تخطته متجهة لباب الفيلا ..ليزفر بضيق يأسا منه على استقطاب تلك الفتاة العنيدة ..
..وبعد مرور يومان قضتهما ايمان مابين غرفتها وغرفة جدها متحاشية تماما ان تجتمع بابراهيم بأي مكان حتى لا يحدث مالا يحمد عقباه ..لتجد نفسها بالنهاية تجلس فوق كرسيها بالطائرة بجانب عمتها زهرة ..التي ربتت فوق كفها وهي تقول ..
.."..حبيبتي ..على فكرة ابراهيم قلبه ابيض وطيب زيك تمام ..بس انتو عايزين تلاقو طريقة تتفاهموا بيها مع بعض .."..
..لتسرع ايمان بقولها ..
.."..لا ياستي مش عايزة اتفاهم معاه ..هو في حاله وانا في حالي ..والله يخليكي بلاها السيرة اللي تضايق دي.. سيبيني مبسوطة كدة ..يااه اخيرا راجعة بيتي..."..
..قالت عمتها بحزم ..
.."..ايمان احنا كلنا هنروح الفيلا بتاعتنا في مصر .."..
..وقبل ان تصيح بها ايمان استطردت العمة قولها بعد ماامسكت بيدها ..
.."..ايمان مش وقت عناد..احنا بنمر بأكبر مشكلة ..قضية وفضيحة وممكن كمان نخسر كل حاجة في الاخر ..ومحدش هيخرجنا من الازمة دي غيرك انتي.."..
..اشارت ايمان لنفسها وهي تقول بتساؤل..
.."..انا ياعمتي ..ازاي يعني ..انا لا القاضي ولا المحامي .."..
..اجابتها عمتها بوجه باسم وقالت..
.."..المحامي مستنينا في الفيلا وهيفهمنا على كل حاجة ..اوكي يا حبيبتي .."..
..ضربت ايمان ظهرها بظهر الكرسي وهي تقول بغيظ ..
.."..عشان خاطرك بس ياعمتي انتي وجدي ..اهم حاجة ان أبو ثقب دا ملوش دعوة بيا.."..
..ضحكت العمة وهي تهز براسها بالايجاب ..
..وبعد برهة من الوقت كانت ايمان تجلس بغرفة المكتب بفيلا جدها وحولها عمتها ومراد وابراهيم و المحامي الذي يجلس بكرسي المكتب يشرح لهم جوانب القضية..الى ان انتفضت عندما نطق المحامي بإسمها قائلا..
.."..واضح كلامي ياايمان هانم.."..
..انتقلت بعينيها بينهم جميعا ثم قالت وهي تنظر للمحامي ..
.."..تصدق بالله ياحج ..واللي خلق الخلق انا مافاهمة ولا كلمة من اللي اتهبدوا من شوية دول..".
..سمعت همهمات اعتراضية مكتومة حولها والجميع يهز رأسه بيأس واضح ..لتجد المحامي يبتسم لها وهو يقول ..
.."..هافهمك يابنتي ..اسمعيني كويس.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الخامسة عشر 15 كاملة مكتوبة
المشهد 15
..استطرد المحامي قوله وهو ينظر لإيمان التي تجلس بالكرسي المقابل لمكتبه بصوت هادئ ..
.."..بس قبل ماتسمعيني لازم متزعليش من اللي هقوله .."..
..هزت ايمان رأسها بنعم ثم قالت ..
.."..ربنا مايجيب زعل ياحج ..قول كل اللي عندك بس واحدة واحدة ..انا سمعاك.."..
..ارتسمت ابتسامة فوق شفتي المحامي نظرا لما رأي من بساطة وعفوية ولكنه شعر ببعض القلق من تأثير تلك الصفتين على سير القضية..تنهد ثم قال بصوت هادئ..
.."..القضية اللي رفعها عمك ..قايمة على انه بيتهمك انتي ياايمان هانم.."..
..اشارت ايمان لنفسها وهي تقول بصوت حزين ..
.."..انا ..بيتهمني بايه ..وليه...دا انا حتى مشوفتوش غير مرة واحدة ..وكمان هو اللي بداها معايا بالخناق والكلام اللي مش اد كدة ..دا حتى كان هيمد ايده عليا ..وانا اللي مسكت نفسي بس عشان في الاخر ومهما كان.. هو يبقى عمي اخو ابويا الله يرحمه.."..
..وبوجه بشوش هز المحامي رأسه وهو يقول ..
.."..عارف يابنتي ..بس اللي حصل انه بيتهمك ..اولا انك مش بنت اخوه من الاساس ..ثانيا انك واحدة نصابة ولعبتي على عقل جدك لغاية ماكتبلك نص ثروته وكمان ارغم حفيده بجوازه منك..و عشان كدة عايز يثبت ان جدك ..."..
..صمت المحامي عن الاسترسال بحديثه مما دفع ايمان لتقول متسائلة ..
.."..ان جدي ماله ياحج..كمل كلامك.."..
..زفر المحامي وهو يجيبها ..
.."..ان جدك ليس بكامل قواه العقلية .."..
..ضاقت عيني ايمان وهي تقرب وجهها ناحية المحامي وتقول بهمس ..
.."..دا اللي هو ازاي يعني..لموأخذة ياحج.."..
..اقترب المحامي بوجهه هو ايضا وهو يهمس بدوره ..
.."..يعني بيقول ان جدك عقله بقى عامل زي عقل العيال الصغيرة ..وانه لما كتبلك نص ثروته مكانش بوعيه ..يعني زي مابيقولوا اتجنن في عقله..فهمتي ياايمان هانم.."..
..هزت ايمان رأسها بنعم وهي ترجع بظهرها للوراء ثم هبت لتقف فجأة وتصيح بصوت عال..
.."..اما راجل مش تمام صحيح..حد يعمل في ابوه كدة ..يطلعه مجنون قصاد الناس ..اخص اخص ..ملعون ابو الفلوس اللي تعمل بين الاب وابنه كدة.."..
..وقف مراد متذمرا مما سمعه وقال بضيق ..
.."..ايمان خلي بالك من كلامك ..دا مهما كان عمك ..وانا عارف ان بابا مستحيل يستمر في رفع القضية ..واكيد في النهاية هيسحبها وييجي لغاية هنا يعتذر لجدي ويطلب منه انه يسامحه.."..
..اتسعت عيناها وصاحت وهي تشير له ..
.."..انت يانحنوح بتقولي انا اخلي بالي من كلامي..شكلك كدة مش عارف ابوك كويس ..وكمان انت اصلا ايه اللي مقعدك وسطينا .."..
..شهقت بصوت عال واتسعت عينيها عن اخرها وهي تستطرد صياحها..
.."..انت جاااسوس .. "..
..اشارت للمحامي وقالت بصوت عال ..
.."..اقبض عليه يا عم الحج .."..
..وقف الجميع وقالت عمتها ..
.."..بس ياايمان عيب اللي بتقوليه دا...مراد ابن اخويا وانا عارفاه كويس لاني انا اللي مربياه زي ابراهيم بالظبط ومستحيل يعمل اي حاجة تخلي جده يزعل منه.."..
..وقف المحامي وقال ..
.."..اهدي ياايمان هانم واقعدي علشان نكمل كلامنا ..اتفضلي لو سمحتي .."..
..امسك ابراهيم بمرفق مراد وقال وهو يحثه على الجلوس ..
.."..اهدا انت كمان يامراد ..ايمان متقصدش .. اقعد .."..
..جلس مراد على مضض وردد بصوت حزين ..
.."..انا عارف ان بابا غلطان ياابراهيم وخجلان من اللي عمله في جدي ..بس بردو مقدرتش استحمل اسمع اهانته واسكت.."..
..ربت ابراهيم فوق كتف مراد وهو يقول ..
.."..مفهوم ..مفهوم.."..
..قال المحامي بصوت قوي ..
.."..القضية دلوقتي معتمدة عليكي ياايمان هانم .."..
..تنهدت ايمان وقالت ..
.."..بص حضرتك ..وانت بتكلمني تقولي ياايمان وبلاش هانم دي عشان تقيلة على قلبي ..وبعدين تفهمني واحدة واحدة ايه المطلوب مني بالظبط ..وبعون الله انا هانفذه .. "..
..هز المحامي رأسه وقال ..
.."..اتفقنا ياايمان..اولا المحكمة هتطلب تحليل D.N.A ودا عشان يعرفوا منه اذا كنتي حفيدة حافظ بيه ولا لا ..ودا عبارة عن حاجة زي تحليل الدم ..فاهمة .."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بنزق ..
.."..يعني كمان هتبرع بدمي ..يالا.. كله فداك ياجدي .."..
..صاح ابراهيم وهو يقول ..
.."..تتبرعي بدمك دا ايه ..دا عبارة عن نقطة دم واحدة .. "..
..نظرت ايمان للمحامي وقالت وهي تشير لابراهيم ..
.."..دلوقتي ايه اللي اخشش الاستاذ في الكلام بتاعنا ..لو سمحت قوله مالكش دعوة .."..
..هب ابراهيم واقفا وهو يصيح بغضب ..
.."..اتأدبي ياايمان وانتي بتتكلمي معايا .."..
..فهبت ايمان بدروها وهي تصيح..
.."..انا مؤدبة غصبن عنك ..وانا اتكلم براحتي.."..
..وقف مراد امام ابراهيم ليمنعه من التقدم ناحيتها بعد ان سمع صياح ابراهيم وهو يقول..
.."..دا انتي مش عايزة تتادبي بس ..دا انتي عايزة تتربي من اول وجديد.."..
..وقفت العمة زهرة امام ايمان لتمنعها هي الاخرى من التقدم ناحية ابراهيم بعد ان ردت ايمان بصوت عال..
.."..انا متربية احسن تربية ..روح انت ربي شنبك الاول .."..
..قالت عمتها وهي تحاول ان تمنعها من التقدم ناحية ابراهيم..
.."..بس ياايمان ..اسكتي ..عيب ..عيب اللي بتقوليه دا..". .
اصبح الجميع يتكلم في وقت واحد وتعالت الاصوات حتى عم الصمت المكان فور سماع صوت ضرب سطح المكتب بقبضتي المحامي وهو يصيح بصوت عال قوي ..
.."..بسسس...مسمعش صوت حد فيكم .."..
..نظر الجميع للمحامي الغاضب الذي استطرد قوله بصوت حاد وهو يشير بسبابته ناحيتهم ..
.."..قسما بالله لولا مكانة حافظ بيه اللي زي والدي بالظبط..انا كنت سيبت القضية دي ..بس بجد برافو عليكو..بمنظركم دا ..احب اقولكم انكم هتخسروا القضية ومن اول جلسة ..كل واحد فيكم يقعد مطرحه.."..
..جلس الجميع ماعدا زهرة التي كانت تنظر له شزرا ..فقال المحامي وهو ينظر لها نظرات حب واضحة ..
.."..اتفضلي يازهرة هانم اقعدي ..حضرتك عارفة كويس اوي انك خارج الموضوع ..وان الكلام موجه للعيال دول بس .."..
..رفعت زهرة انفها لأعلي ثم جلست بكل اريحية لتضع ساقها فوق الاخرى ..بعد اشاحت بوجهها عن انظار هذا العاشق المسكين ..
..همهم الشباب بصوت خافت وهم يرددوا كلمة .."..عيال.."..
..ظل المحامي يحدق بزهرة الى ان تنحنحت ايمان وهي تقول ..بعد ان اشاحت بنظرها عن زوجها الذي يتوعدها بعينيه ..لتنظر للمحامي الذي ظل هائما بعمتها..
.."..مساء الفل ياحج.."..
..سعل المحامي لتنجلي حنجرته وقال ..
.."..نرجع لموضوعنا ..لازم تفهمي ياايمان انك هتقفي قدام القاضي ..هيسالك وهيتكلم معاكي..و عشان كدة لازم تستعدي كويس قوي ..انتي ياايمان بما انك ورقة الضغط اللي بيستعملها عمك ضدنا ..لكن في نفس الوقت انتي بالنسبالنا الورقة الرابحة الوحيدة اللي هدافع بيها عن جدك في القضية الصعبة دي..يعني لازم تساعديني.."..
..تنهدت ايمان بيأس وقالت..
.."..الامر لله ...مع ان كل كلامك عن الورق اللي معرفش ايه دخله بموضوعنا ..بس مش إشكال ...ماشي ..حاضر..اللي هتقولوا عليه هعمله ..بس ..."..
..وبتساؤل قال المحامي..
.."..بس ايه.."..
..نظرت ايمان حولها لتجد الكل ينتظر اجابتها فقالت ..
.."..انا عندي شرطين .."..
..هذه المرة سأل ابراهيم بتحفز واضح..
.."..شرطين ايه بالظبط يابنت عمي.."..
..وقفت وهي تشير له و بصوت غاضب قالت...
.."..اهو الشرط الاول انك انت مالكش دعوة بيا خااالص..وانا بحلف اهو قدام الجميع.. انك لو استقويت عليا تاني بايدك ولو طولت لسانك ..ورحمة أمي وابويا لأحدفك بأي حاجة في دماغك افتحهالك.."..
..هب ابراهيم ليتقدم ناحيتها وللمرة الثانية يقوم مراد بإيقافه ..وتقف العمة بقبالة ايمان وهي تعاتبها على ماقالته ..وتتعالى الاصوات مرة اخري ..ليصرخ المحامي بصوت عال وهو يضرب سطح المكتب ..
.."..وبعدين معااااكو..كله يقعد مطرحه .."..
..انصاع الجميع لأمره ..ماعدا زهرة ..
..وضع المحامي يده فوق صدره وأشار لزهرة بيده الثانية.. وبصوت يشوبه اليأس ..
.."..زهرة من فضلك اقعدي ..انا حاسس ان العيال دي نهايتي هتكون على ايديهم .."..
..اسرعت زهرة لتقف أمام المكتب بعد ما ارتسم القلق فوق صفحة وجهها وقالت بلهفة ..
.."..كمال مالك ..حاسس بإيه.."..
.. ابتسم كمال وهو يهمس لها
.."..خايفة عليا يازهرتي .."..تخضب وجه زهرة بالاحمرار وقبل ان تنطق..اسرع ابراهيم بدوره وهو يقف بجانب عمته وقال..
.."..عمي كمال ..لو تعبان ..نأجل الاجتماع دا لبعدين .."..
..هز المحامي رأسه بالنفي وقال وهو يجلس فوق كرسيه ..
.."..أنا كويس ..اتفضلوا اقعدوا عشان نكمل اجتماعنا ..يالا اتفضلوا .."..
..تراجع ابراهيم للوراء بتردد ثم نظر شزرا لإيمان التي كان فاهها مفتوح والبلاهة ترتسم بملامح وجهها..
..قالت زهرة والتي ظلت واقفة بمكانها..
.."..بلاش تعاند ياكمال ..خلي ابراهيم يوصلك للبيت ويجبلك دكتور يشوفك .."..
..نظر لها كمال بقوة وهو يقول بنبرة صوت يشوبها العتاب ..
.."..أنا بردو اللي بعاند يازهرة هانم .."..
..ذمت زهرة شفتيها ورجعت تجلس فوق كرسيها دون معاودة النظر لكمال ..
..تنهد كمال وقال وهو ينظر لإيمان ..
.."..ها يابنتي ..والشرط التاني.."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان وهي تقول ..
.."..شرط ايه حضرتك ..لموأخذة مش واخدة بالي.."..
..اجابها المحامي كمال ..
.."..يابنتي انتي مش قلتي عندك شرطين ..الاول وعرفناه ..التاني بقى عبارة عن ايه.."..
..فتحت ايمان فاهها وهي تصيح ..
.."..اااه افتكرت ..معلش اصل اللي حصل قدامي دا كان حاجة كدة يعني هزت قلبي حبتين..قلتلي بقى ايه هو الشرط التاني ..ايوة ايوة ..اللهم صلي على النبي ..الشرط هو ان اول ما تخلص القضية ورقة الطلاق تكون في ايدي..امين كدة ياحج.."..
هب ابراهيم ليقف بعصبية ..فأشار له المحامي وقال..
.."..من فضلك ياابراهيم اقعد مكانك و سيبني اتفاهم مع مراتك .."..
..وقبل ان تعترض ايمان على تلك الكلمة الاخيرة ..قال المحامي وهو ينظر اليها..
.."..اوعدك يابنتي ان الكل هنا هيحترمك ومايمسش احساسك بكلمة واحدة ..و خلي بالك ان دا مش كلامي دا وصية جدك ..واما بخصوص الشرط التاني اوعدك ان ساعتها لو طلبت الانفصال عن اقتناع ..انا اول واحد هقف جمبك واساعدك وورقة طلاقك هتكون في ايدك ..اتفقنا كدة.."..
..قال ابراهيم بصوت غاضب..
.."..عمي حضرتك بتقول ايه .."..
..اجابه كمال ..
.."..اهدا ياابراهيم ..دا حقها يابني في انها تستمر او لا في موضوع الجواز ..اهدا وساعتها نتكلم ونتفاهم .."..
..استطرد كمال قوله وهو ينظر لايمان..
.."..بس زي يابنتي ماوعدتك ..انتي كمان لازم توعديني ..اولا عشان جدك ..ثانيا عشان اضمن ان شاء الله اننا نكسب القضية.."..
..هزت ايمان راسها وهي تقول ..
.."..بص انت راجل زي العسل ..اؤمر وانا تحت امرك.."..
..ضحك المحامي وهو يقول ..
.."..الامر لله يابنتي ..انا كل اللي عايزه انك توعديني انك توافقي على اللي هيطلبوه منك ابراهيم وعمتك زهرة هانم ..واللي زي مقولتلك ان بمساعدتك دي هنضمن اننا نكسب القضية..اتفقنا..."..
..تنهدت ايمان وهزت راسها وهبت لتقف ثم مدت يدها لتصافح المحامي وهي تقول..
.."..اتفقنا ياحج ..ووعد مني ..انا الاسطى ايمان اللي كلمتها زي السيف ..اني هساعد لغاية مانخلص من أم القضية المنيلة دي على خير .."..
..مد المحامي يده ليصافحها مانعا نفسه بشق الانفس من الضحك..وقال وهو ينظر للجميع ..
.."..انا هستأذن دلوقتي بس هطمن على حافظ بيه قبل ماامشي ..واي تطور بسير القضية هكلمك ياابراهيم .."..
..اشارت له زهرة بيدها وهي تتجه ناحية الباب وقالت ..
.."..اتفضل معايا ياكمال بيه ..اصلا بابا مستنيك بأوضته.."..
..خرجا الاثنان ..وقبل ان يخرج مراد امسكت ايمان بمرفقه لتقول ..
.."..متزعلش مني يابن عمي ..بس عملة ابوك السودا هي خلتني اقول كدة .."..
..مط مراد شفتيه وهز رأسه دون ان يجيبها وخرج من الغرفة لتجد ايمان نفسها مع ابراهيم وحدهما..
..تنحنحت وقالت بصوت هادئ..
.."..انا بكدة عداني العيب ..اروح بيتي بقى .."..
..تنهد ابراهيم بعمق وهو مغمض العينين ..يحاول ان يكبح لجام غضبه حتى قال بعد ان استعاد ثباته..
.."..ايمان لو سمحتي ..لازم تفهمي ان عمي هيكون مراقب كل تحركاتنا ..واننا لازم نثبت قدام الناس قبل المحكمة انك فعلا مراتي ..يعني مينفعش تروحي بيتك القديم ..والاهم من كدة انك بكرة هتيجي معايا الشركة.."..
..رمت ايمان نفسها فوق كرسيها وهي تنظر للفراغ ..تهدلت أكتافها وقالت ..
.."..يعني ايه..هفضل هنا ..بس ..بس انا لازم اروح البيت عشان اشوف خالتي تهاني ولوزة وبلاطة ..ولازم كمان اشوف حد يمسك الورشة لغاية ما ارجع .."..
..جلس ابراهيم بالكرسي الذي بقبالتها وقال ..
.."..طب ايه رايك تروحي تسلمي عليهم وبعدين ترجعي تاني .."..
..هبت واقفة وهي تقول ..
.."..اول مرة تقول كلمة كويسة من ساعة ماشوفنا بعض..اروح واسلم عليهم واشوف الدنيا فيها ايه وارجع تاني.."..
..مط ابراهيم شفتيه وقال وهو يشير لها بالتقدم أمامه ..
.."..اتفضلي معايا وانا هوصلك .."..
..تمتمت ببعض الكلمات الغير مفهومة وهي تسير بجانبه ..خرجا من باب الفيلا ليصلا الى الجراج ..و ما ان توجه ابراهيم لسيارته حتى اتسع فاه ايمان وهي ترى السيارة الفارهة لتدور حولها وعينيها تنظر بتمعن وقوة وانبهار واضح ..
..تنهد ابراهيم وصاح بصوت عال ..
.."..هتفضلي تدوري حواليا كدة كتير ..ماتركبي .."..
..ليجدها تقف امام مقدمة السيارة وتقول ..
.."..افتح الكابوت ياباشا.."..
..خرج ابراهيم من السيارة واغلق بابها بحركة عصبية وقال ..
.."..ممكن افهم في ايه ..عايزاني افتح الكابوت ليه .."..
..كان الانبهار يشع من عينيها وهي تقول ..
.."..العروسة دي تبقى بتاعتك ياباشا ..دي ..دي عربية مرسيدس 180 بنز موديل السنة الجاية..1332 سي سي ..انت عارف ياباشا يعني ايه ..يعني عربية 136حصان ..يعني سبع سرعات ياباشا ..يالهوي بالي ياجدعان .."..
..رفع ابراهيم حاجبيه تعجبا من كم المعلومات التي تعرفها عن سيارته الجديدة والذي هو نفسه يجهل الكثير عنها ..فقال متعجبا ..
.."..انتي عرفتي كل دا ازاي .."..
..صاحت به وهي تقول بثقة..
.."..عيب عليك ..دي شغلتي ..بس بصراحة اللهم صلي على النبي ..عربية عربية ..مبروك عليك ..ربنا يحميها.."..
..ابتسم ابراهيم ورفع امام وجهها مفتاح السيارة وقال ..
.."..ايه رايك تسوقيها انتي .."..
..اتسع فاهها وعينيها التي انتقلت بين وجه ابراهيم ومفتاح السيارة لتصيح بقولها ..
.."..قول وحياة امك.."..
..استطرد المحامي قوله وهو ينظر لإيمان التي تجلس بالكرسي المقابل لمكتبه بصوت هادئ ..
.."..بس قبل ماتسمعيني لازم متزعليش من اللي هقوله .."..
..هزت ايمان رأسها بنعم ثم قالت ..
.."..ربنا مايجيب زعل ياحج ..قول كل اللي عندك بس واحدة واحدة ..انا سمعاك.."..
..ارتسمت ابتسامة فوق شفتي المحامي نظرا لما رأي من بساطة وعفوية ولكنه شعر ببعض القلق من تأثير تلك الصفتين على سير القضية..تنهد ثم قال بصوت هادئ..
.."..القضية اللي رفعها عمك ..قايمة على انه بيتهمك انتي ياايمان هانم.."..
..اشارت ايمان لنفسها وهي تقول بصوت حزين ..
.."..انا ..بيتهمني بايه ..وليه...دا انا حتى مشوفتوش غير مرة واحدة ..وكمان هو اللي بداها معايا بالخناق والكلام اللي مش اد كدة ..دا حتى كان هيمد ايده عليا ..وانا اللي مسكت نفسي بس عشان في الاخر ومهما كان.. هو يبقى عمي اخو ابويا الله يرحمه.."..
..وبوجه بشوش هز المحامي رأسه وهو يقول ..
.."..عارف يابنتي ..بس اللي حصل انه بيتهمك ..اولا انك مش بنت اخوه من الاساس ..ثانيا انك واحدة نصابة ولعبتي على عقل جدك لغاية ماكتبلك نص ثروته وكمان ارغم حفيده بجوازه منك..و عشان كدة عايز يثبت ان جدك ..."..
..صمت المحامي عن الاسترسال بحديثه مما دفع ايمان لتقول متسائلة ..
.."..ان جدي ماله ياحج..كمل كلامك.."..
..زفر المحامي وهو يجيبها ..
.."..ان جدك ليس بكامل قواه العقلية .."..
..ضاقت عيني ايمان وهي تقرب وجهها ناحية المحامي وتقول بهمس ..
.."..دا اللي هو ازاي يعني..لموأخذة ياحج.."..
..اقترب المحامي بوجهه هو ايضا وهو يهمس بدوره ..
.."..يعني بيقول ان جدك عقله بقى عامل زي عقل العيال الصغيرة ..وانه لما كتبلك نص ثروته مكانش بوعيه ..يعني زي مابيقولوا اتجنن في عقله..فهمتي ياايمان هانم.."..
..هزت ايمان رأسها بنعم وهي ترجع بظهرها للوراء ثم هبت لتقف فجأة وتصيح بصوت عال..
.."..اما راجل مش تمام صحيح..حد يعمل في ابوه كدة ..يطلعه مجنون قصاد الناس ..اخص اخص ..ملعون ابو الفلوس اللي تعمل بين الاب وابنه كدة.."..
..وقف مراد متذمرا مما سمعه وقال بضيق ..
.."..ايمان خلي بالك من كلامك ..دا مهما كان عمك ..وانا عارف ان بابا مستحيل يستمر في رفع القضية ..واكيد في النهاية هيسحبها وييجي لغاية هنا يعتذر لجدي ويطلب منه انه يسامحه.."..
..اتسعت عيناها وصاحت وهي تشير له ..
.."..انت يانحنوح بتقولي انا اخلي بالي من كلامي..شكلك كدة مش عارف ابوك كويس ..وكمان انت اصلا ايه اللي مقعدك وسطينا .."..
..شهقت بصوت عال واتسعت عينيها عن اخرها وهي تستطرد صياحها..
.."..انت جاااسوس .. "..
..اشارت للمحامي وقالت بصوت عال ..
.."..اقبض عليه يا عم الحج .."..
..وقف الجميع وقالت عمتها ..
.."..بس ياايمان عيب اللي بتقوليه دا...مراد ابن اخويا وانا عارفاه كويس لاني انا اللي مربياه زي ابراهيم بالظبط ومستحيل يعمل اي حاجة تخلي جده يزعل منه.."..
..وقف المحامي وقال ..
.."..اهدي ياايمان هانم واقعدي علشان نكمل كلامنا ..اتفضلي لو سمحتي .."..
..امسك ابراهيم بمرفق مراد وقال وهو يحثه على الجلوس ..
.."..اهدا انت كمان يامراد ..ايمان متقصدش .. اقعد .."..
..جلس مراد على مضض وردد بصوت حزين ..
.."..انا عارف ان بابا غلطان ياابراهيم وخجلان من اللي عمله في جدي ..بس بردو مقدرتش استحمل اسمع اهانته واسكت.."..
..ربت ابراهيم فوق كتف مراد وهو يقول ..
.."..مفهوم ..مفهوم.."..
..قال المحامي بصوت قوي ..
.."..القضية دلوقتي معتمدة عليكي ياايمان هانم .."..
..تنهدت ايمان وقالت ..
.."..بص حضرتك ..وانت بتكلمني تقولي ياايمان وبلاش هانم دي عشان تقيلة على قلبي ..وبعدين تفهمني واحدة واحدة ايه المطلوب مني بالظبط ..وبعون الله انا هانفذه .. "..
..هز المحامي رأسه وقال ..
.."..اتفقنا ياايمان..اولا المحكمة هتطلب تحليل D.N.A ودا عشان يعرفوا منه اذا كنتي حفيدة حافظ بيه ولا لا ..ودا عبارة عن حاجة زي تحليل الدم ..فاهمة .."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بنزق ..
.."..يعني كمان هتبرع بدمي ..يالا.. كله فداك ياجدي .."..
..صاح ابراهيم وهو يقول ..
.."..تتبرعي بدمك دا ايه ..دا عبارة عن نقطة دم واحدة .. "..
..نظرت ايمان للمحامي وقالت وهي تشير لابراهيم ..
.."..دلوقتي ايه اللي اخشش الاستاذ في الكلام بتاعنا ..لو سمحت قوله مالكش دعوة .."..
..هب ابراهيم واقفا وهو يصيح بغضب ..
.."..اتأدبي ياايمان وانتي بتتكلمي معايا .."..
..فهبت ايمان بدروها وهي تصيح..
.."..انا مؤدبة غصبن عنك ..وانا اتكلم براحتي.."..
..وقف مراد امام ابراهيم ليمنعه من التقدم ناحيتها بعد ان سمع صياح ابراهيم وهو يقول..
.."..دا انتي مش عايزة تتادبي بس ..دا انتي عايزة تتربي من اول وجديد.."..
..وقفت العمة زهرة امام ايمان لتمنعها هي الاخرى من التقدم ناحية ابراهيم بعد ان ردت ايمان بصوت عال..
.."..انا متربية احسن تربية ..روح انت ربي شنبك الاول .."..
..قالت عمتها وهي تحاول ان تمنعها من التقدم ناحية ابراهيم..
.."..بس ياايمان ..اسكتي ..عيب ..عيب اللي بتقوليه دا..". .
اصبح الجميع يتكلم في وقت واحد وتعالت الاصوات حتى عم الصمت المكان فور سماع صوت ضرب سطح المكتب بقبضتي المحامي وهو يصيح بصوت عال قوي ..
.."..بسسس...مسمعش صوت حد فيكم .."..
..نظر الجميع للمحامي الغاضب الذي استطرد قوله بصوت حاد وهو يشير بسبابته ناحيتهم ..
.."..قسما بالله لولا مكانة حافظ بيه اللي زي والدي بالظبط..انا كنت سيبت القضية دي ..بس بجد برافو عليكو..بمنظركم دا ..احب اقولكم انكم هتخسروا القضية ومن اول جلسة ..كل واحد فيكم يقعد مطرحه.."..
..جلس الجميع ماعدا زهرة التي كانت تنظر له شزرا ..فقال المحامي وهو ينظر لها نظرات حب واضحة ..
.."..اتفضلي يازهرة هانم اقعدي ..حضرتك عارفة كويس اوي انك خارج الموضوع ..وان الكلام موجه للعيال دول بس .."..
..رفعت زهرة انفها لأعلي ثم جلست بكل اريحية لتضع ساقها فوق الاخرى ..بعد اشاحت بوجهها عن انظار هذا العاشق المسكين ..
..همهم الشباب بصوت خافت وهم يرددوا كلمة .."..عيال.."..
..ظل المحامي يحدق بزهرة الى ان تنحنحت ايمان وهي تقول ..بعد ان اشاحت بنظرها عن زوجها الذي يتوعدها بعينيه ..لتنظر للمحامي الذي ظل هائما بعمتها..
.."..مساء الفل ياحج.."..
..سعل المحامي لتنجلي حنجرته وقال ..
.."..نرجع لموضوعنا ..لازم تفهمي ياايمان انك هتقفي قدام القاضي ..هيسالك وهيتكلم معاكي..و عشان كدة لازم تستعدي كويس قوي ..انتي ياايمان بما انك ورقة الضغط اللي بيستعملها عمك ضدنا ..لكن في نفس الوقت انتي بالنسبالنا الورقة الرابحة الوحيدة اللي هدافع بيها عن جدك في القضية الصعبة دي..يعني لازم تساعديني.."..
..تنهدت ايمان بيأس وقالت..
.."..الامر لله ...مع ان كل كلامك عن الورق اللي معرفش ايه دخله بموضوعنا ..بس مش إشكال ...ماشي ..حاضر..اللي هتقولوا عليه هعمله ..بس ..."..
..وبتساؤل قال المحامي..
.."..بس ايه.."..
..نظرت ايمان حولها لتجد الكل ينتظر اجابتها فقالت ..
.."..انا عندي شرطين .."..
..هذه المرة سأل ابراهيم بتحفز واضح..
.."..شرطين ايه بالظبط يابنت عمي.."..
..وقفت وهي تشير له و بصوت غاضب قالت...
.."..اهو الشرط الاول انك انت مالكش دعوة بيا خااالص..وانا بحلف اهو قدام الجميع.. انك لو استقويت عليا تاني بايدك ولو طولت لسانك ..ورحمة أمي وابويا لأحدفك بأي حاجة في دماغك افتحهالك.."..
..هب ابراهيم ليتقدم ناحيتها وللمرة الثانية يقوم مراد بإيقافه ..وتقف العمة بقبالة ايمان وهي تعاتبها على ماقالته ..وتتعالى الاصوات مرة اخري ..ليصرخ المحامي بصوت عال وهو يضرب سطح المكتب ..
.."..وبعدين معااااكو..كله يقعد مطرحه .."..
..انصاع الجميع لأمره ..ماعدا زهرة ..
..وضع المحامي يده فوق صدره وأشار لزهرة بيده الثانية.. وبصوت يشوبه اليأس ..
.."..زهرة من فضلك اقعدي ..انا حاسس ان العيال دي نهايتي هتكون على ايديهم .."..
..اسرعت زهرة لتقف أمام المكتب بعد ما ارتسم القلق فوق صفحة وجهها وقالت بلهفة ..
.."..كمال مالك ..حاسس بإيه.."..
.. ابتسم كمال وهو يهمس لها
.."..خايفة عليا يازهرتي .."..تخضب وجه زهرة بالاحمرار وقبل ان تنطق..اسرع ابراهيم بدوره وهو يقف بجانب عمته وقال..
.."..عمي كمال ..لو تعبان ..نأجل الاجتماع دا لبعدين .."..
..هز المحامي رأسه بالنفي وقال وهو يجلس فوق كرسيه ..
.."..أنا كويس ..اتفضلوا اقعدوا عشان نكمل اجتماعنا ..يالا اتفضلوا .."..
..تراجع ابراهيم للوراء بتردد ثم نظر شزرا لإيمان التي كان فاهها مفتوح والبلاهة ترتسم بملامح وجهها..
..قالت زهرة والتي ظلت واقفة بمكانها..
.."..بلاش تعاند ياكمال ..خلي ابراهيم يوصلك للبيت ويجبلك دكتور يشوفك .."..
..نظر لها كمال بقوة وهو يقول بنبرة صوت يشوبها العتاب ..
.."..أنا بردو اللي بعاند يازهرة هانم .."..
..ذمت زهرة شفتيها ورجعت تجلس فوق كرسيها دون معاودة النظر لكمال ..
..تنهد كمال وقال وهو ينظر لإيمان ..
.."..ها يابنتي ..والشرط التاني.."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان وهي تقول ..
.."..شرط ايه حضرتك ..لموأخذة مش واخدة بالي.."..
..اجابها المحامي كمال ..
.."..يابنتي انتي مش قلتي عندك شرطين ..الاول وعرفناه ..التاني بقى عبارة عن ايه.."..
..فتحت ايمان فاهها وهي تصيح ..
.."..اااه افتكرت ..معلش اصل اللي حصل قدامي دا كان حاجة كدة يعني هزت قلبي حبتين..قلتلي بقى ايه هو الشرط التاني ..ايوة ايوة ..اللهم صلي على النبي ..الشرط هو ان اول ما تخلص القضية ورقة الطلاق تكون في ايدي..امين كدة ياحج.."..
هب ابراهيم ليقف بعصبية ..فأشار له المحامي وقال..
.."..من فضلك ياابراهيم اقعد مكانك و سيبني اتفاهم مع مراتك .."..
..وقبل ان تعترض ايمان على تلك الكلمة الاخيرة ..قال المحامي وهو ينظر اليها..
.."..اوعدك يابنتي ان الكل هنا هيحترمك ومايمسش احساسك بكلمة واحدة ..و خلي بالك ان دا مش كلامي دا وصية جدك ..واما بخصوص الشرط التاني اوعدك ان ساعتها لو طلبت الانفصال عن اقتناع ..انا اول واحد هقف جمبك واساعدك وورقة طلاقك هتكون في ايدك ..اتفقنا كدة.."..
..قال ابراهيم بصوت غاضب..
.."..عمي حضرتك بتقول ايه .."..
..اجابه كمال ..
.."..اهدا ياابراهيم ..دا حقها يابني في انها تستمر او لا في موضوع الجواز ..اهدا وساعتها نتكلم ونتفاهم .."..
..استطرد كمال قوله وهو ينظر لايمان..
.."..بس زي يابنتي ماوعدتك ..انتي كمان لازم توعديني ..اولا عشان جدك ..ثانيا عشان اضمن ان شاء الله اننا نكسب القضية.."..
..هزت ايمان راسها وهي تقول ..
.."..بص انت راجل زي العسل ..اؤمر وانا تحت امرك.."..
..ضحك المحامي وهو يقول ..
.."..الامر لله يابنتي ..انا كل اللي عايزه انك توعديني انك توافقي على اللي هيطلبوه منك ابراهيم وعمتك زهرة هانم ..واللي زي مقولتلك ان بمساعدتك دي هنضمن اننا نكسب القضية..اتفقنا..."..
..تنهدت ايمان وهزت راسها وهبت لتقف ثم مدت يدها لتصافح المحامي وهي تقول..
.."..اتفقنا ياحج ..ووعد مني ..انا الاسطى ايمان اللي كلمتها زي السيف ..اني هساعد لغاية مانخلص من أم القضية المنيلة دي على خير .."..
..مد المحامي يده ليصافحها مانعا نفسه بشق الانفس من الضحك..وقال وهو ينظر للجميع ..
.."..انا هستأذن دلوقتي بس هطمن على حافظ بيه قبل ماامشي ..واي تطور بسير القضية هكلمك ياابراهيم .."..
..اشارت له زهرة بيدها وهي تتجه ناحية الباب وقالت ..
.."..اتفضل معايا ياكمال بيه ..اصلا بابا مستنيك بأوضته.."..
..خرجا الاثنان ..وقبل ان يخرج مراد امسكت ايمان بمرفقه لتقول ..
.."..متزعلش مني يابن عمي ..بس عملة ابوك السودا هي خلتني اقول كدة .."..
..مط مراد شفتيه وهز رأسه دون ان يجيبها وخرج من الغرفة لتجد ايمان نفسها مع ابراهيم وحدهما..
..تنحنحت وقالت بصوت هادئ..
.."..انا بكدة عداني العيب ..اروح بيتي بقى .."..
..تنهد ابراهيم بعمق وهو مغمض العينين ..يحاول ان يكبح لجام غضبه حتى قال بعد ان استعاد ثباته..
.."..ايمان لو سمحتي ..لازم تفهمي ان عمي هيكون مراقب كل تحركاتنا ..واننا لازم نثبت قدام الناس قبل المحكمة انك فعلا مراتي ..يعني مينفعش تروحي بيتك القديم ..والاهم من كدة انك بكرة هتيجي معايا الشركة.."..
..رمت ايمان نفسها فوق كرسيها وهي تنظر للفراغ ..تهدلت أكتافها وقالت ..
.."..يعني ايه..هفضل هنا ..بس ..بس انا لازم اروح البيت عشان اشوف خالتي تهاني ولوزة وبلاطة ..ولازم كمان اشوف حد يمسك الورشة لغاية ما ارجع .."..
..جلس ابراهيم بالكرسي الذي بقبالتها وقال ..
.."..طب ايه رايك تروحي تسلمي عليهم وبعدين ترجعي تاني .."..
..هبت واقفة وهي تقول ..
.."..اول مرة تقول كلمة كويسة من ساعة ماشوفنا بعض..اروح واسلم عليهم واشوف الدنيا فيها ايه وارجع تاني.."..
..مط ابراهيم شفتيه وقال وهو يشير لها بالتقدم أمامه ..
.."..اتفضلي معايا وانا هوصلك .."..
..تمتمت ببعض الكلمات الغير مفهومة وهي تسير بجانبه ..خرجا من باب الفيلا ليصلا الى الجراج ..و ما ان توجه ابراهيم لسيارته حتى اتسع فاه ايمان وهي ترى السيارة الفارهة لتدور حولها وعينيها تنظر بتمعن وقوة وانبهار واضح ..
..تنهد ابراهيم وصاح بصوت عال ..
.."..هتفضلي تدوري حواليا كدة كتير ..ماتركبي .."..
..ليجدها تقف امام مقدمة السيارة وتقول ..
.."..افتح الكابوت ياباشا.."..
..خرج ابراهيم من السيارة واغلق بابها بحركة عصبية وقال ..
.."..ممكن افهم في ايه ..عايزاني افتح الكابوت ليه .."..
..كان الانبهار يشع من عينيها وهي تقول ..
.."..العروسة دي تبقى بتاعتك ياباشا ..دي ..دي عربية مرسيدس 180 بنز موديل السنة الجاية..1332 سي سي ..انت عارف ياباشا يعني ايه ..يعني عربية 136حصان ..يعني سبع سرعات ياباشا ..يالهوي بالي ياجدعان .."..
..رفع ابراهيم حاجبيه تعجبا من كم المعلومات التي تعرفها عن سيارته الجديدة والذي هو نفسه يجهل الكثير عنها ..فقال متعجبا ..
.."..انتي عرفتي كل دا ازاي .."..
..صاحت به وهي تقول بثقة..
.."..عيب عليك ..دي شغلتي ..بس بصراحة اللهم صلي على النبي ..عربية عربية ..مبروك عليك ..ربنا يحميها.."..
..ابتسم ابراهيم ورفع امام وجهها مفتاح السيارة وقال ..
.."..ايه رايك تسوقيها انتي .."..
..اتسع فاهها وعينيها التي انتقلت بين وجه ابراهيم ومفتاح السيارة لتصيح بقولها ..
.."..قول وحياة امك.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة السادسة عشر 16 كاملة مكتوبة
المشهد 16
..صعق ابراهيم فور سماعه لكلمتها و صاح بها..
.."..ايه ..اقول وحياة مين.."..
..ادركت ماقالته فضحكت ببلاهة ولوحت بيدها وهي تقول بتلعثم..
.."..لا لا ماتاخدش في بالك..مش وحياة حد..ايدك ع المفاتيح.."..
..اعطاها المفاتيح وهو ممتعض الوجه ..وقال بنزق ..
.."..اتفضلي ياهانم ..مش عارف ليه حاسس اني هاندم ..اصل سواقة الستات حاجة متطمنش .."..
..اخذت ترمي بالمفاتيح عاليا وتلتقطها بيدها عدة مرات وتهز برأسها بكل فخر وهي تقول بكل ثقة..
.."..عيب عليك ..اتفضل معايا ... بص وشوف وركز واتعلم.."..
..التوت شفتيه جانبا وهو يشير لها بذراعه وقال ساخرا ..
.."..اتفضلي لما نشوف.. وانا عارف ان اخرتنا هندخل في شجرة او عمود.."..
..وقفت امام باب السيارة لتنظر له وهو واقف امام باب السيارة من الناحية المقابلة لها وقالت ..
.."..عارف ياباشا انا مش هحاسبك ع الكلام دا دلوقتي ..لكن هيكون ليا عندك حق عرب ..امين ...."..
..وجد ابراهيم نفسه بهز برأسه ايجابا وقال دون ان يدري ..
.."..امين.."..
اتسعت عيني ابراهيم بعد ان وعى لنفسه وهو يجيبها بنفس لغتها ..انتفض على اثر سماعه لصوتها العال ..
.."..هتفضل واقف مكانك كدة كتير ..ياباشا متخافش ..روحك في ايد امينة ..دا انا الاسطى ايمان والاجر ع الله.."..
..جلس بمكانه وربط حزام الامان حول جذعه ونظر اليها فوجدها تنظر بحماس لتلك الشاشات الصغيرة الدائرية المضيئة وراء مقود السيارة ثم التفتت اليه وهي تقول غامزة بعينيها..
.."..مش بقولك ..عربية عربية ..سمي بالرحمن.."..
..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وهو ينظر لجانب وجهها ليتفاجأ بتحريك السيارة بسرعة..اسرع بالتفاتة من رأسه لينظر امامه ..وما ان خرجت ايمان بالسيارة من بوابة الفيلا حتى ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة عابثة وبكفها الصغير وبحركة صغيرة لمحرك السرعات الالكتروني انطلقت السيارة باقصى سرعة ...كان الطريق غير مزدحما مما ساعد تلك المتحمسة للقيادة السريعة والتحرك من بين السيارات بحرفية عالية ..ومع أن بعض القلق تسلل لابراهيم الا انه اخذ ينتقل بعينيه بين الطريق ووجه تلك الشغوفة بما تفعله..ليجدها بعد برهة من الوقت تتوقف على جانب الطريق ..وتلتفت بجذعها وابتسامة النصر والفخر تفترش صفحة وجهها وتقول بنبرة ساخرة..
.."..ها ..سمعني كدة تاني كنت بتقول ايه على سواقة الستات.."..
..التفت هو الاخر وقال بعد ان ضحك ضحكة خافتة..
.."..لكل قاعدة استثناء ..وانتي بكل تاكيد اكبر استثناء.."..
..رفعت حاجبها ومطت شفتيها وقالت بنزق ..
.."..انا اسمي ايمان ياباشا مش سناء.."..
..ضحك بقوة وقال ..
.."..عارف انك ايمان ..ايمان بنت عمي و...مراتي..بس ممكن اسالك احنا ليه وقفنا هنا.."..
..زاغت عينيها وتلكئت بقولها بعد ما سمعت لأول مرة نبرة صوته الهادئة ..
.."..عشان ماينفعش نروح الحارة وندخل عليهم كدة ..".
..ظهر التعجب بوجه ابراهيم وقال متسائلا..
.."..كدة يعني ايه ..مش فاهم.."..
اشارت له ثم لنفسها وهي تقول ..
.."..كدة يعني هندخل على الناس طرزانات بإيدينا فاضية.."..
..ضاقت عيني ابراهيم نتيجة عدم فهمه لما قالت..
..فتنهدت بيأس وقالت ..
.."..يعني مش احنا لسة راجعين من سفر..ومش من اي بلد..دي تركيا ..نقوم ندخل عليهم من غير هدية ولا حتى طبق هريسة وقرصين مشبك .."..
..هز ابراهيم رأسه بالنفي وهتف بها ..
.."..وهو اللي بيرجع من تركيا بيكون جايب معاه هريسة والبتاع التاني اللي معرفش اسمه ايه .."..
..التوت شفتها العلوية وهي تقول .."..اسمه مشبك ..اومال ندخل عليهم بإيه ان شاء الله .."..
..صاح بها ولكن بصوت هادئ..
.."..مش لازم ياايمان ..انتي رايحة تسلمي عليهم ..ربع ساعة ونمشي ..بعدين بعدين ..يالا بينا عشان مانتأخرش .."..
..لاحت بيدها امامه وهي تهتف بصوت عال ..
.."..لا طبعااا...مينفعش ..عيب.. يقولوا عليا ايه .."..
..زفر ابراهيم بغيظ وقال من بين اسنانه ..
.."..طيب اتفضلي سوقي ..في مول قريب من هنا ..نروح و تشتري اللي انتي عايزاه..".
..هزت رأسها وعينيها تتسائل ..
.."..ايه ..مون ايه اللي نروحه...لأ لأ.. احنا مش هنروح ولا مون ولا تون .."..
..اعتدلت بجلستها فوق كرسيها وقالت وهي تمسك بالمقود..
.."..احنا بالصلاة على النبي كدة هنروح الحسين ..هنجيب ارواح وملبس لعيال الحارة من اكبر عطار هناك وبعد كدة نلف على المحلات اللي جمبه نشتري كام هدية حلوين كدة للبت لوزة واخوها وخالتي تهاني ...".
..التفتت برأسها له وهي تشير له باصبعها واستطردت قولها بعد ان بدأت بقيادة السيارة..
.."..وأه صحيح ابقى فكرني نشتري هدية حلوة كدة وعليها القيمة لشيخ الجامع عندنا ..اوعى تنسى ياباشا "..
..ولاؤل مرة يفتح ابراهيم فاهه تعجبا مما سمعه ولما هو ذاهب اليه..
..كانا الاثنان يتجولان داخل اروقة منطقة الحسين العتيقة يحملان بإيديهما بعضا من الحقائب البلاستيكة المحملة بالكثير من الحلوى والهدايا بعد مجادلات ومشاجرات حول من سيدفع ثمن هذه الهدايا لتنتهي المناقشة بحسم ابراهيم للموضوع بأنه هو الرجل وزوجها وهو المسئول عنها لتصمت بالنهاية مع وعد منها بسد هذا الدين ..كانت لا تنتهي من ثرثرتها حول اهل الحارة.. وكان ابراهيم ينظر حوله متعجبا ومعجبا بذات الوقت.. لأنه وللمرة الاولى طوال حياته يذهب لهذا المكان والتي تتميز جدرانه بالاحجار الكبيرة والنوافذ الارابيسك الخشبية المزينة بنقوش اسلامية ..يسمع صوت خطواته عندما يضرب بكعب حذائه تلك البلاطات الصلبة سوداء اللون التي تفترش الارض والمتراصة بشكل هندسي سليم..التفت اليها وهي تقول بحماس وسعادة..
.."..كدة مايبقاش فاضلنا غير هدية شيخ الجامع ..الشيخ سعيد ..كان صاحب ابويا الله يرحمه..كان دايما ييجي ويقعد معايا في الورشة عشان يسالني عن حالي ويطمن عليا ويساعدني لو كنت محتاجة حاجة .. ها ..فكر معايا ..نجبله ايه.."..
..لم تعطه فرصة للرد عندما توقفت مكانها وهي تنظر للواجهة الزجاجية وقالت بسعادة ..
.."..بسسس ..لقيتها ..ايه رايك في العباية دي ..شبه اللي بيلبسوها الرجالة في الخليج..انا هجبها واقوله يلبسها في صلاة العيد.."..
..مر اكثر من ساعتين من التجوال والتسوق وقبل ان يصلا للسيارة قالت ايمان وهي تلعق بلسانها مخروط المثلجات المتنوع مكوناته بين الشيكولاتة والمانجو ..
.."..طبعا زمانك بتقول لنفسك دلوقتي.. انا ايه اللي ضربني في دماغي وخلاني اجي معاها..صح .."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يضحك وقال ..
.."..لا ياستي مش ندمان ولا حاجة ..بالعكس ..بس اتمنى ان اليوم يمر بسلام من غير ماتحدفيني بحاجة تفتحي بيها دماغي زي مقولتي قدام المحامي.."..
..توقفت ايمان عن مواصلة السير بعد انتهت من أكل حلوتها المثلجة لتنظر له دون ان تنطق بكلمة ..فتوقف هو الاخر ليستدير ويقول لها ..
.."..ايه وقفتي ليه .."..
..تقدمت ناحيته وقالت وهي ترفع رأسها لتقابل بعينيها الدامعة عينيه المتسائلة ..
.."..انت السبب اللي خلاني اقول كدة ..لما قسيت واستقويت عليا بالجامد ...وانا معرفتش ارد عليك ساعتها .."..
..تمعن بكامل ملامح وجهها حتى نظر داخل عينيها بقوة ..وقال بصوت هادئ كلمة واحدة اربكتها..
.."..اسف .."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت وهي تتخطاه ..
.."..آ آ آ..محصلش حاجة والمسامح كريم ..يالا بينا.."..
..اسرع بوقوفه امامها مرة اخرى وقال وهو باسم الوجه..
.."..اوعدك اني هحاول امسك اعصابي قصاد اللي بتعمليه معايا ..ومقساش او استقوى عليكي تاني .."..
..ابتلعت ريقها بصعوبة بعد سماعها لنبرة صوته الجنون وصوته الهادئ فتخطته مسرعة وهي تهز رأسها بالايجاب..
..اتبعها بخطواته الواسعة لتجده بجانبها ينظر اليها ويبتسم لتبادله دون ان تعي نفس الابتسامة الهادئة ولاؤل مرة يمر الأمر بينهما بسلام ..
..قاد ابراهيم السيارة هذه المرة ليتوقف جانب الطريق كما اشارت له ايمان وهي تقول...
.."..باسسس هنا ياباشا ..والله كان نفسي اقولك اتفضل معايا..بس زي مانت شايف ..عربية زي دي مش هتنفع تدخل الحارة ..وياسيدي توشكر على تعبك معايا والف شكر كمان على التوصيلة..سلام ياباشا .."..
..وقبل ما تمد يدها لمقبض باب السيارة امسك ابراهيم بمرفقها وهو يقول .
.."..هو ايه اللي شكرا وسلام ..احنا مش اتفقنا نروح ونرجع سوا .."..
..نظرت ايمان ليده ثم لوجهه ..فتركها بعد ان مط شفتيه وقال ..
.."..ايمان انا هاجي معاكي ..تسلمي عليهم ونمشي ..ماهو انا مش هسيبك.."..
..تنهدت بيأس وهي تقول ..
.."..هو انا مقبوض عليا ..مجراش حاجة يعني لو نمت انهاردة في بيتي ..وتاني يوم الصبح ياسيدي هتلاقيني بفطر معاكو في الفيلا.."..
..وبصوت قوي حسم ابراهيم الامر بقوله..
.."..ايمان متحاوليش ..مافيش حاجة اسمها تباتي برة بيت جدك اللي اكيد هيسأل عنك هو وعمتك..انا هسيبك تقضي الوقت اللي انتي عايزاه معاهم وبعدها تكلميني ونتقابل هنا في نفس المكان عشان نروح.."..
..رفع حاجبه ومال برأسه واستطرد قوله يقلدها..
.."..امين.."..
..رفعت حاجبيها وانفرجت شفتيها تعجبا وقالت وهي تهز رأسها...
.."..أمين.."..
..ردد قائلا..
.."..هاتمشي ازاي بالأكياس دي كلها لوحدك...انا جاي معاكي.."..
..لم يعطها فرصة للقبول او الرفض وخرح من السيارة متجها لحقيبة السيارة الخلفية الممتلئة بالحقائب ..زفرت بيأس وهي تهمس لنفسها ..
.."..وبعدين بقى في الراجل دا ..".
..حملت معه الحقائب وقالت بنزق وهي تنظر حولها ..
.."..مش هينفع نسيب العربية دي كدة .."..
..صاحت بعلو صوتها بعد ان وجدت غايتها ..
.."..واد يااا طيارة تعاال ياض.."..
..جرى الشاب الصغير ناحيتها وهو يهتف سعيدا .
.."..حمدالله يااسطى ايمان ..الحارة وحشة من غيرك يااسطى..هاتي عنك .."..
..اجابته وهي تقول ..
.."..لا متشيلش حاجة ..انا عايزاك تاخد العروسة دي وتوديها جراج عم اسماعيل وتقوله اسطى ايمان بتقولك خلي الامانة دي عندك لغاية ماتستلمها منك..أمين ياض.."..
..نظر الشاب للسيارة مذهولا واخذ يلف حولها وهو يقول ..
.."..دي عربيتك يااسطى ..انا سمعت ان عيلتك الغنية ظهرت وهتاخدك تعيشي معاهم ..والباشا الاوبهة دا يبقى قريبك صح يااسطى.."..
..مدت يدها لابراهيم الذي كان يقف صامتا ومتعجبا لتأخذ منه مفاتيح السيارة وترميها بالهواء ليلتقطها الشاب وهو يسمع قولها..
.."..مش وقته ياطيارة ..وزي مقولتلك ..هما ساعتين زمن ..يالا طير .."..
..مشت خطوتين وتوقفت تنظر ورائها لابراهيم الذي كان يرى سيارته تبتعد وتختفي عن انظاره ..هتفت به ايمان..
.."..باااشا يالا بينا .."..
..التفت ناحيتها ومشى بجانبها وهو يقول متسائلا..
.."..ممكن اعرف مين طيارة دا اللي ساق عربيتي وطار بيها.."..
..وقبل ان يدخلا الحارة اجابته بأريحية..
.."..متقلقش ياباشا ..دا الواد طيارة ..حرامي سيارات.."..
..صعق ابراهيم فور سماعه لكلمتها و صاح بها..
.."..ايه ..اقول وحياة مين.."..
..ادركت ماقالته فضحكت ببلاهة ولوحت بيدها وهي تقول بتلعثم..
.."..لا لا ماتاخدش في بالك..مش وحياة حد..ايدك ع المفاتيح.."..
..اعطاها المفاتيح وهو ممتعض الوجه ..وقال بنزق ..
.."..اتفضلي ياهانم ..مش عارف ليه حاسس اني هاندم ..اصل سواقة الستات حاجة متطمنش .."..
..اخذت ترمي بالمفاتيح عاليا وتلتقطها بيدها عدة مرات وتهز برأسها بكل فخر وهي تقول بكل ثقة..
.."..عيب عليك ..اتفضل معايا ... بص وشوف وركز واتعلم.."..
..التوت شفتيه جانبا وهو يشير لها بذراعه وقال ساخرا ..
.."..اتفضلي لما نشوف.. وانا عارف ان اخرتنا هندخل في شجرة او عمود.."..
..وقفت امام باب السيارة لتنظر له وهو واقف امام باب السيارة من الناحية المقابلة لها وقالت ..
.."..عارف ياباشا انا مش هحاسبك ع الكلام دا دلوقتي ..لكن هيكون ليا عندك حق عرب ..امين ...."..
..وجد ابراهيم نفسه بهز برأسه ايجابا وقال دون ان يدري ..
.."..امين.."..
اتسعت عيني ابراهيم بعد ان وعى لنفسه وهو يجيبها بنفس لغتها ..انتفض على اثر سماعه لصوتها العال ..
.."..هتفضل واقف مكانك كدة كتير ..ياباشا متخافش ..روحك في ايد امينة ..دا انا الاسطى ايمان والاجر ع الله.."..
..جلس بمكانه وربط حزام الامان حول جذعه ونظر اليها فوجدها تنظر بحماس لتلك الشاشات الصغيرة الدائرية المضيئة وراء مقود السيارة ثم التفتت اليه وهي تقول غامزة بعينيها..
.."..مش بقولك ..عربية عربية ..سمي بالرحمن.."..
..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وهو ينظر لجانب وجهها ليتفاجأ بتحريك السيارة بسرعة..اسرع بالتفاتة من رأسه لينظر امامه ..وما ان خرجت ايمان بالسيارة من بوابة الفيلا حتى ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة عابثة وبكفها الصغير وبحركة صغيرة لمحرك السرعات الالكتروني انطلقت السيارة باقصى سرعة ...كان الطريق غير مزدحما مما ساعد تلك المتحمسة للقيادة السريعة والتحرك من بين السيارات بحرفية عالية ..ومع أن بعض القلق تسلل لابراهيم الا انه اخذ ينتقل بعينيه بين الطريق ووجه تلك الشغوفة بما تفعله..ليجدها بعد برهة من الوقت تتوقف على جانب الطريق ..وتلتفت بجذعها وابتسامة النصر والفخر تفترش صفحة وجهها وتقول بنبرة ساخرة..
.."..ها ..سمعني كدة تاني كنت بتقول ايه على سواقة الستات.."..
..التفت هو الاخر وقال بعد ان ضحك ضحكة خافتة..
.."..لكل قاعدة استثناء ..وانتي بكل تاكيد اكبر استثناء.."..
..رفعت حاجبها ومطت شفتيها وقالت بنزق ..
.."..انا اسمي ايمان ياباشا مش سناء.."..
..ضحك بقوة وقال ..
.."..عارف انك ايمان ..ايمان بنت عمي و...مراتي..بس ممكن اسالك احنا ليه وقفنا هنا.."..
..زاغت عينيها وتلكئت بقولها بعد ما سمعت لأول مرة نبرة صوته الهادئة ..
.."..عشان ماينفعش نروح الحارة وندخل عليهم كدة ..".
..ظهر التعجب بوجه ابراهيم وقال متسائلا..
.."..كدة يعني ايه ..مش فاهم.."..
اشارت له ثم لنفسها وهي تقول ..
.."..كدة يعني هندخل على الناس طرزانات بإيدينا فاضية.."..
..ضاقت عيني ابراهيم نتيجة عدم فهمه لما قالت..
..فتنهدت بيأس وقالت ..
.."..يعني مش احنا لسة راجعين من سفر..ومش من اي بلد..دي تركيا ..نقوم ندخل عليهم من غير هدية ولا حتى طبق هريسة وقرصين مشبك .."..
..هز ابراهيم رأسه بالنفي وهتف بها ..
.."..وهو اللي بيرجع من تركيا بيكون جايب معاه هريسة والبتاع التاني اللي معرفش اسمه ايه .."..
..التوت شفتها العلوية وهي تقول .."..اسمه مشبك ..اومال ندخل عليهم بإيه ان شاء الله .."..
..صاح بها ولكن بصوت هادئ..
.."..مش لازم ياايمان ..انتي رايحة تسلمي عليهم ..ربع ساعة ونمشي ..بعدين بعدين ..يالا بينا عشان مانتأخرش .."..
..لاحت بيدها امامه وهي تهتف بصوت عال ..
.."..لا طبعااا...مينفعش ..عيب.. يقولوا عليا ايه .."..
..زفر ابراهيم بغيظ وقال من بين اسنانه ..
.."..طيب اتفضلي سوقي ..في مول قريب من هنا ..نروح و تشتري اللي انتي عايزاه..".
..هزت رأسها وعينيها تتسائل ..
.."..ايه ..مون ايه اللي نروحه...لأ لأ.. احنا مش هنروح ولا مون ولا تون .."..
..اعتدلت بجلستها فوق كرسيها وقالت وهي تمسك بالمقود..
.."..احنا بالصلاة على النبي كدة هنروح الحسين ..هنجيب ارواح وملبس لعيال الحارة من اكبر عطار هناك وبعد كدة نلف على المحلات اللي جمبه نشتري كام هدية حلوين كدة للبت لوزة واخوها وخالتي تهاني ...".
..التفتت برأسها له وهي تشير له باصبعها واستطردت قولها بعد ان بدأت بقيادة السيارة..
.."..وأه صحيح ابقى فكرني نشتري هدية حلوة كدة وعليها القيمة لشيخ الجامع عندنا ..اوعى تنسى ياباشا "..
..ولاؤل مرة يفتح ابراهيم فاهه تعجبا مما سمعه ولما هو ذاهب اليه..
..كانا الاثنان يتجولان داخل اروقة منطقة الحسين العتيقة يحملان بإيديهما بعضا من الحقائب البلاستيكة المحملة بالكثير من الحلوى والهدايا بعد مجادلات ومشاجرات حول من سيدفع ثمن هذه الهدايا لتنتهي المناقشة بحسم ابراهيم للموضوع بأنه هو الرجل وزوجها وهو المسئول عنها لتصمت بالنهاية مع وعد منها بسد هذا الدين ..كانت لا تنتهي من ثرثرتها حول اهل الحارة.. وكان ابراهيم ينظر حوله متعجبا ومعجبا بذات الوقت.. لأنه وللمرة الاولى طوال حياته يذهب لهذا المكان والتي تتميز جدرانه بالاحجار الكبيرة والنوافذ الارابيسك الخشبية المزينة بنقوش اسلامية ..يسمع صوت خطواته عندما يضرب بكعب حذائه تلك البلاطات الصلبة سوداء اللون التي تفترش الارض والمتراصة بشكل هندسي سليم..التفت اليها وهي تقول بحماس وسعادة..
.."..كدة مايبقاش فاضلنا غير هدية شيخ الجامع ..الشيخ سعيد ..كان صاحب ابويا الله يرحمه..كان دايما ييجي ويقعد معايا في الورشة عشان يسالني عن حالي ويطمن عليا ويساعدني لو كنت محتاجة حاجة .. ها ..فكر معايا ..نجبله ايه.."..
..لم تعطه فرصة للرد عندما توقفت مكانها وهي تنظر للواجهة الزجاجية وقالت بسعادة ..
.."..بسسس ..لقيتها ..ايه رايك في العباية دي ..شبه اللي بيلبسوها الرجالة في الخليج..انا هجبها واقوله يلبسها في صلاة العيد.."..
..مر اكثر من ساعتين من التجوال والتسوق وقبل ان يصلا للسيارة قالت ايمان وهي تلعق بلسانها مخروط المثلجات المتنوع مكوناته بين الشيكولاتة والمانجو ..
.."..طبعا زمانك بتقول لنفسك دلوقتي.. انا ايه اللي ضربني في دماغي وخلاني اجي معاها..صح .."..
..هز ابراهيم رأسه وهو يضحك وقال ..
.."..لا ياستي مش ندمان ولا حاجة ..بالعكس ..بس اتمنى ان اليوم يمر بسلام من غير ماتحدفيني بحاجة تفتحي بيها دماغي زي مقولتي قدام المحامي.."..
..توقفت ايمان عن مواصلة السير بعد انتهت من أكل حلوتها المثلجة لتنظر له دون ان تنطق بكلمة ..فتوقف هو الاخر ليستدير ويقول لها ..
.."..ايه وقفتي ليه .."..
..تقدمت ناحيته وقالت وهي ترفع رأسها لتقابل بعينيها الدامعة عينيه المتسائلة ..
.."..انت السبب اللي خلاني اقول كدة ..لما قسيت واستقويت عليا بالجامد ...وانا معرفتش ارد عليك ساعتها .."..
..تمعن بكامل ملامح وجهها حتى نظر داخل عينيها بقوة ..وقال بصوت هادئ كلمة واحدة اربكتها..
.."..اسف .."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت وهي تتخطاه ..
.."..آ آ آ..محصلش حاجة والمسامح كريم ..يالا بينا.."..
..اسرع بوقوفه امامها مرة اخرى وقال وهو باسم الوجه..
.."..اوعدك اني هحاول امسك اعصابي قصاد اللي بتعمليه معايا ..ومقساش او استقوى عليكي تاني .."..
..ابتلعت ريقها بصعوبة بعد سماعها لنبرة صوته الجنون وصوته الهادئ فتخطته مسرعة وهي تهز رأسها بالايجاب..
..اتبعها بخطواته الواسعة لتجده بجانبها ينظر اليها ويبتسم لتبادله دون ان تعي نفس الابتسامة الهادئة ولاؤل مرة يمر الأمر بينهما بسلام ..
..قاد ابراهيم السيارة هذه المرة ليتوقف جانب الطريق كما اشارت له ايمان وهي تقول...
.."..باسسس هنا ياباشا ..والله كان نفسي اقولك اتفضل معايا..بس زي مانت شايف ..عربية زي دي مش هتنفع تدخل الحارة ..وياسيدي توشكر على تعبك معايا والف شكر كمان على التوصيلة..سلام ياباشا .."..
..وقبل ما تمد يدها لمقبض باب السيارة امسك ابراهيم بمرفقها وهو يقول .
.."..هو ايه اللي شكرا وسلام ..احنا مش اتفقنا نروح ونرجع سوا .."..
..نظرت ايمان ليده ثم لوجهه ..فتركها بعد ان مط شفتيه وقال ..
.."..ايمان انا هاجي معاكي ..تسلمي عليهم ونمشي ..ماهو انا مش هسيبك.."..
..تنهدت بيأس وهي تقول ..
.."..هو انا مقبوض عليا ..مجراش حاجة يعني لو نمت انهاردة في بيتي ..وتاني يوم الصبح ياسيدي هتلاقيني بفطر معاكو في الفيلا.."..
..وبصوت قوي حسم ابراهيم الامر بقوله..
.."..ايمان متحاوليش ..مافيش حاجة اسمها تباتي برة بيت جدك اللي اكيد هيسأل عنك هو وعمتك..انا هسيبك تقضي الوقت اللي انتي عايزاه معاهم وبعدها تكلميني ونتقابل هنا في نفس المكان عشان نروح.."..
..رفع حاجبه ومال برأسه واستطرد قوله يقلدها..
.."..امين.."..
..رفعت حاجبيها وانفرجت شفتيها تعجبا وقالت وهي تهز رأسها...
.."..أمين.."..
..ردد قائلا..
.."..هاتمشي ازاي بالأكياس دي كلها لوحدك...انا جاي معاكي.."..
..لم يعطها فرصة للقبول او الرفض وخرح من السيارة متجها لحقيبة السيارة الخلفية الممتلئة بالحقائب ..زفرت بيأس وهي تهمس لنفسها ..
.."..وبعدين بقى في الراجل دا ..".
..حملت معه الحقائب وقالت بنزق وهي تنظر حولها ..
.."..مش هينفع نسيب العربية دي كدة .."..
..صاحت بعلو صوتها بعد ان وجدت غايتها ..
.."..واد يااا طيارة تعاال ياض.."..
..جرى الشاب الصغير ناحيتها وهو يهتف سعيدا .
.."..حمدالله يااسطى ايمان ..الحارة وحشة من غيرك يااسطى..هاتي عنك .."..
..اجابته وهي تقول ..
.."..لا متشيلش حاجة ..انا عايزاك تاخد العروسة دي وتوديها جراج عم اسماعيل وتقوله اسطى ايمان بتقولك خلي الامانة دي عندك لغاية ماتستلمها منك..أمين ياض.."..
..نظر الشاب للسيارة مذهولا واخذ يلف حولها وهو يقول ..
.."..دي عربيتك يااسطى ..انا سمعت ان عيلتك الغنية ظهرت وهتاخدك تعيشي معاهم ..والباشا الاوبهة دا يبقى قريبك صح يااسطى.."..
..مدت يدها لابراهيم الذي كان يقف صامتا ومتعجبا لتأخذ منه مفاتيح السيارة وترميها بالهواء ليلتقطها الشاب وهو يسمع قولها..
.."..مش وقته ياطيارة ..وزي مقولتلك ..هما ساعتين زمن ..يالا طير .."..
..مشت خطوتين وتوقفت تنظر ورائها لابراهيم الذي كان يرى سيارته تبتعد وتختفي عن انظاره ..هتفت به ايمان..
.."..باااشا يالا بينا .."..
..التفت ناحيتها ومشى بجانبها وهو يقول متسائلا..
.."..ممكن اعرف مين طيارة دا اللي ساق عربيتي وطار بيها.."..
..وقبل ان يدخلا الحارة اجابته بأريحية..
.."..متقلقش ياباشا ..دا الواد طيارة ..حرامي سيارات.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة السابعة عشر 17 كاملة مكتوبة
المشهد 17
..ما ان سمع بما قالته حتى تسمر ابراهيم مكانه ووقعت منه الحقائب ارضا ..توقفت ايمان عندما سمعت صوت ارتطام الحقائب بالارض فالتفتت ناحيته تنتقل بعينيها بين الحقائب وهذا الشاحب الواقف مكانه ينظر لها بأعين متسعة وفاه مفتوح ..
..تقدمت ناحيته وهي تنظر له بتعجب فتسائلت وهي تلوح بيدها امام عينيه..
.."..بسم الله الرحمن الرحيم ..باشا ...جرى ايه مالك.."..
..وعندما لم يجبها وظل على حاله....صرخت بوجه مرة ثانية ..
.."..باااشا.."..
..رمش بعينيه عدة مرات ثم نظر لها بغضب وغيظ ..وقال بصوت عال حاد وهو يشير بيده ناحية الطريق ..
.."..اديتي عربيتي لواحد حرامي سيارات ..وبتسأليني مااالك .."..
..رفعت حاجبيها عاليا وفتحت فمها على اتساعه وهي تقول بأريحية ...
.."..ااااه..هو دا اللي خلاك مش شايف قدامك ومزرزر كدة..اطمن ياباشا ..الواد طيارة ابن حتتي ولا يمكن ابدا يعلم عليا ولا يعض حد من اهل حارته..دا حرامي شريف..وكمان هو والحمد لله.. ربنا تاب عليه وبقى ماشي في السليم..دا انت تسلمه عربيتك وانت مطمن وتروح بيتك وتتعشى وتنام وتشخر كمان.."..
..كز ابراهيم على اسنانه من الغيظ والغضب حتى وصل صوت اصطاك اسنانه لأذني ايمان فقالت وهي تضرب جانب رقبتها بيدها وهي تقول ..
.."..متقلقش ياباشا عربيتك في الامان ... انا اضمنهالك برقبتي ..يالا بينا بقى .."..
..نظر لها نظرات غيظ قاتلة ثم مال بجذعه ليحمل تلك الحقائب مرة اخرى..
..اسرعت ايمان بقولها ..
.."..بص ياباشا لو حد سألني أو سألك انت تبقالي ايه ..هنقول انك ابن عمي وبس..امين .."..
..ردد ابراهيم بغضب ..
.."..هو ايه اللي أمين ..انتي بنت عمي ومراتي وانا ابقى جوزك .."..
..زفرت بضيق وقالت وهي تشير له بيدها ..
.."..ياعمنا إفهمني ..مالوش لازمة نقول..عشان حدوتة جوازنا فترة وهتخلص ..يبقى ليه نفتح علينا فاتوحة جواز وطلاق وليه وعشان ايه ..خلينا كدة خفيف خفيف ..ماشي.."..
..لم يجبها بأي كلمة او حتى بإشارة من رأسه ..ظل صامتا ًلتقول وهي تنظر له بتوجس ..
.."..يالا بينا.."..
..مشى بجانبها وما ان دلفت الحارة وشاهدها الصبية والبنات الصغيرة التي تلعب بالحارة حتى صرخوا بإسمها وهجموا عليها فرحين مهللين ..رجع ابراهيم للوراء ليفسح المجال للاطفال الملتفين حول زوجته فرحين بعودتها..
..صاحت بهم إيمان والابتسامة تفترش صفحة وجهها ..
.."..ازيكوا ياعياال وحشتوني يا ولاد اللذينة ..استنوا ..استنوا ..اقفوا كدة تمام وافتحوا ايديكوا.."..
..وبلحظة واحدة انصاع الاطفال لأمرها ووقفوا بانتباه وفتحوا كفوفهم الصغيرة باتجاهها ..
..التفتت حولها لتجد ابراهيم ينظر لها بترقب انتظارا لما سيحدث..اشارت له بيدها ليجلب لها الحقيبة الممتلئة بالحلوى..اعطاها اياها ليجدها توزع الحلوى على كل الاطفال الملتفين حولها ..وما ان انتهت حتى هرعوا الاطفال لمواصلة اللعب وتبادل الحلوى بينهم والسعادة الغامرة مرسومة بوجوههم الصغيرة ..
..كانت تسير بجانبه بالحارة الضيقة..تلوح بيدها توزع التحيات والسلامات لكل من يمروا بجانبها من نساء ورجال ..لتقف فجأة عندما وجدت صبي صغير يحتضن ساقيها وهو يقول ..
.."..ازيك يااسطى ..حمدالله ع السلامة .."..
..اخفضا كل من ايمان وابراهيم رأسيهما ليجدا صبي صغير يحتضن ساقيها بحميمية واضحة لتصيح ايمان ..
.."..بلاطة ..ازيك ياض ..وحشتني يالا .."..
..ويتفاجأ ابراهيم بمن يلتف حولها من رجال ونساء يلقون التحية وقول الحمد لله على رجوعها بالسلامة ..وكانت الكلمة المتداولة فيما بينهم هي ..
.."..حمدالله ع السلامة ياسطى ايمان ..الحارة كانت مضلمة من غيرك والله.."..
..ردت ايمان التحيات ..لتبدأ بتلقي الاسئلة المعتادة ..عن حالها وعن عائلتها الثرية ..لينتبها الاثنان لسؤال من شاب يقف بوجه جامد ونظرات كارهة وهو يقول ..
.."..مش تعرفينا يااسطى ايمان على الباشا.."..
..وقبل ان تجيب مد ابراهيم يده ناحية هذا الشاب المتحفز وهو يقول متحديا اياه..
.."..ابراهيم سالم.. ابن عم ايمان وجوزها .."..
..ظهرت الصدمة بوضوح على وجوه الجميع حتى ايمان التي التفتت الى ابراهيم بغضب .. ثم تعالت اصوات الزغاريط وانهالت عليها المباركات ..تراجع الشاب المتسائل للوراء دون كلمة واحدة ولم يصدر عنه سوى نظرات خيبة وملامح الهزيمة تكسو وجهه ..عاتبتها بعض النساء لعدم ابلاغ اهل حارتها او دعوتهم للزفاف ..تلكئت ايمان بقولها وهي تحاول ان تخرج من ذاك المأزق فقالت..
.."..يا جماعة متزعلوش ..دا كتب كتاب بس ..لكن ان شاء الله كلكم معزومين على الفرح .."..
..وبصعوبة بالغة تخلصت ممن حولها لتجد من يتشبث بيدها وما كان الا الصبي بلاطة ..الذي اصطحبهما هما الاثنان للبيت الذي امتلأ بالصياح والتهليل بقدوم ايمان ...
..وبعد برهة من الوقت وجد ابراهيم نفسه جالسا فوق اريكة قديمة قابعة داخل صالة ضيقة صغيرة ولكنها كانت تتسع بقلوب ساكنيها ..لقى ترحيبا حارا من الخالة تهاني وابنتها التي اتسعت عينيها وفاهها فور لقائه ومعرفتها بأنه زوج ايمان..وبعد توزيع الهدايا جلست ايمان بجانبه وهمست له ..
.."..انا هغيب عنك نصاية وراجعة تاني .."..
..نظر لها وهو يقول من بين اسنانه..
.."..نصاية ايه ..وتروحي فين ..سلمي عليهم ويالا نمشي .."..
..رفعت حاجبيها وقالت وهي تشد ذراعه ..
.."..نمشي ايه ..انت مش شامم الريحة .."..
..تعجب ابراهيم وهو يقول..
.."..ريحة ايه "..
..اجابته مسرعة وبحماس ..
.."..ريحة المحشي المسقي بشوربة الفراخ البلدي ..عليا النعمة ماهمشي غير لما ناكل ..دا محشي خالتي تهاني ..يعني صعب نلاقيه ..وبص متقلقش هي ربعاية ..هروح للشيخ سعيد أسلم عليه واديه الهدية واجي جري ..امين ..سلام.."..
..هربت من جانبه قبل ان يجيبها او يمسك بها ..ليجد نفسه وحيدا أمام هذا الصبي واخته اللذان يتمعنان بملامحه وهيئته وكانه تمثال بالمتحف ..
..خرجت الخالة من المطبخ وهي تقول والابتسامة تعلو وجهها..
.."..منور يابني ..عشر دقايق والاكل يكون جاهز .."..
..وبإبتسامة هادئة وصوت قوي قال ابراهيم..
.."..البيت منور بأهله ..وياريت متتعبيش نفسك ..احنا شوية وماشيين.."..
..شهقت الخالة وهي تضرب صدرها وتقول
.."..والله لا يمكن ..معقول تمشوا قبل ماتتعشوا ..دا حضرتك من طرف اغلى الناس .."..
..رق صوتها وقالت وكأنها تتوسله بعد ناجلست بجانبه..
.."..بالله عليك يابني تخلي بالك من ايمان وتحطها في عينيك..دي بنت طيبة وجدعة و مافيش في حنيتها..هي اللي وقفت جمبنا بعد ما جوزي اتوفى ومخلتناش نتحوج لحد ..ربنا يعلم انك دخلت قلبي من ساعة ماشوفتك وحمدت ربنا ان ايمان وقعت في واحد زيك ..اصلك يابني متعرفش ايمان دي غالية عندي اد ايه ..في غلاوة ولادي وربنا الشاهد .."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب بعدما شعر بنبضات قلبه تتسارع وقال ..
.."..اطمني ياست تهاني ..ايمان في عينيا زي مقولتي .."..
..صاح صوت الصبي وهو يقول بغضب ..
.."..لو زعلتها انا اللي هقفلك ..ايمان وراها رجالة عشان تبقى عارف.."..
..ضربته اخته ضربة خفيفة خلف رأسه وقالت بتلعثم وهي تبتسم ببلاهة..
.."..لموأخذة ياباشا ..متاخدش على كلامه دا عيل اهبل.."..
..ضحك ابراهيم وقال وهو ينظر للصبي الذي يحاول ان يتملص من بين ذراعي اخته ..
.."..لا مافيش حاجة .."..
..استطرد قوله وهو ينظر للصبي الغيور الغاضب ..
.."..متقلقش حضرتك مش هزعلها .."..
*****
..حاول ابراهيم اقناع ايمان بالرحيل ليجد نفسه بالنهاية جالسا ارضا وامامه اطباق المحشو الساخن والدجاج المشوي ..ووسط جو عائلي بسيط مرت الساعتان بسرعة ..وهرع بلاطة للشاب الذي يدعى طيارة لكي يبلغه بأن يأتي بالسيارة عند المكان المحدد...وبعد الاستئذان بالرحيل ووعد بزيارة قادمة قريبا ..كانت ايمان تمسك بمرفق صديقتها عزة وتسحبها لغرفتها وهي تقول بعد ان اخرجت من جيب بنطالها ظرف ابيض ..
.."..عاملة ايه في العيادة اللي بتشتغلي فيها بت يالوزة..استني خدي امسكي الظرف دا فيه فلوس الشهر ..تديه لخالتي ..عا بال مااشوف حد يمسك الورشة لغاية ماارجع .."..
..حاولت عزة ان تدفع بيد ايمان الممسكة بالظرف وقالت بخجل..
.."..مافيش داعي ياايمان خلاص والنبي.. "..
..امسكت ايمان بكف عزة ودست بداخله الظرف وهي تقول بصوت جاد ..
.."..انتي تسكتي خالص فاهمة ..اول حاجة تجيبيها علاج الشهر لخالتي والباقي لمصروف البيت ولو الواد بلاطة احتاج حاجة تجيبهالوا ..وانتي ربنا يسهل واجبلك شغلانة حلوة ..امين ياهبلة.."..
..ابتسمت عزة لها وهزت رأسها بالايجاب ثم تجهمت مرة اخرى وهي تقول متعجبة ..
.."..انتي قلتي ترجعي تاني... ترجعي فين ..انتي مش خلاص اتجوزتي..والباشا المز دا عمره ماهيخليكي ترجعي تشتغلي بالورشة تاني ..معروفة يعني.."..
..نكزتها ايمان بصدرها وهي تقول بضيق..
.."..اسكتي يابت ياهبلة انتي ..انتي مش عارفة حاجة ..ابقى افهمك بعدين .."..
..قالت عزة بنزق..
.."..والله انتي اللي هبلة ..حد يبقى معاه راجل حلو كدة ويرجع تاني ..بدل ماتمسكي فيه بايديكي وسنانك ..يابت الرجالة الحلوة دي محدش بيشوفها غير في التليفزيون بس ..تقومي تقولي ارجع..رجعت المية من زورك ياشيخة.."..
..وقبل ان تجيبها ايمان بقبضة تضرب صدرها صدح صوت ابراهيم عاليا بإسمها ..
فجرت مسرعة خارج الغرفة وبعد المصافحة خرحا الاثنان من البيت ..ليمسك ابراهيم بكف أيمان وكأنه يعلن للجميع وخاصة لذاك الشاب الذي يقف خارج محله وينظر له شزرا..حاولت ان تخلص كفها الصغير من بين راحة يده ..وهي تقول بصوت خافت..
.."..ماتسيب ايدي ونمشي عادي ..انت كدة بتكسفني قدام الخلق.."..
..لم ينصاع لكلامها وظل على حاله ناظرا امامه غير عابئ بنظرات اهل الحارة والتي منها سعيدا ومنها الحاقد..
..وقفا الاثنان عند مدخل الشارع الرئيسي ليجدا سيارة ابراهيم اتية من بعيد وبداخلها الشاب طيارة والصبي الصغير بلاطة ..وقف طيارة بالسيارة على جانب الطريق وخرج منها وهو رافعا كلتا ذراعيه وهو يقول بصوت عال..
.."..العروسة اهي ياسطى مش ناقصة فتفوتة .."..
..لوحت ايمان بذراعيها وهي تقول ..
.."..اهو انت كدة كفاءة .."..
..اخذت منه المفاتيح واعطتها لابراهيم وقالت له بصوت خافت ..
.."..اركب انت ياباشا خمسة وراجعة .."..
..قطب ابراهيم جبينه وهو يراها تتحدث مع طيارة جانبا ..تنهد وركب سيارته ليجد الصبي بلاطة جالسا بجانبه وينظر له نظرات كارهة ..
..مط ابراهيم شفتيه والتفت له وهو يقول ..
.."..ممكن افهم انت بتكرهني ليه.."..
..تخصر الصبي وصاح به ..
.."..عشان اخدتها مننا ومابقيتش تعيش معانا.."..
..ضرب ابراهيم كفيه وهو يضحك ثم قال..
.."..ماهو طبيعي اني اخدها ..مش مراتي ولازم تعيش معايا انا ..بس متزعلش ..هي هتيجي تزورك كل فترة .."..
..خرج الصبي غاضبا من السيارة بعد غلق بابها بقوة..نظر ابراهيم بمرآة السيارة ليرى الشاب طيارة يقفز عاليا ويصيح بقوله ..
.."..ربنا يخليكي يااسطى .."..
..مالت ايمان بجذعها وهي تحتضن بلاطة وتقول ..
.."..خلي بالك من امك واختك يا محمد ..انا عارفة اني سايبة راجل في البيت ..امين .."..
..التمعت عيني الصبي بغلالة شفافة من الدموع وهو يهز رأسه بنعم ..
..تركته على مضض وهي تلتفت ورائها للشاب طيارة وهي تقول ..
.."..زي ماوصيتك ياطيارة .."..
..ليشير طيارة لرقبته وهو يقول..
.."..رقبتي يااسطى..سلام ياست الكل ..سلام.."..
..ركبت إيمان السيارة ..وهي تنظر للفراغ وبعض الحزن يفترش صفحة وجهها ..نظر لها ابراهيم وهو يقول متسائلا ..
.."..مالك زعلانة ليه ..واللي اسمه طيارة ماله كان هيطير قدامك من الفرحة .."..
..تنهدت ايمان والتفتت ناحيته وقالت ..
.."..سلمته مفاتيح الورشة يمسكها بدالي لغاية ما ارجع..واتفقت معاه انه ياخد نص الايراد والنص التاني يسلمه يدا بيد لخالتي تهاني .."..
..اتسعت عيناه وهتف بها ..
.."..سلمتي ورشتك لحرامي سيارات.."..
..زفرت بضيق وشبكت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول ..
.."..قلنا الواد تاب ..والحج اسماعيل صاحب الجراج اخده وشغله معاه سايس .."...
..قال ابراهيم بنبرة ساخرة..
.."..وهو السايس هيفهم في شغل الميكانيكا..ياعبقرية زمانك.."..
..نظرت اليه وقالت بنزق ..
.."..اللي حضرتك متعرفهوش ان الواد طيارة ومن هو صغير شغال ميكانيكي في ورشة الحاج سلامة اللي في الشارع اللي ورانا ..لغاية ما ولاد الحرام اتلموا عليه وكانوا هيضيعوه ..بس الواد طيب وفيه عرق اصيل ورجع عن اللي هو فيه قبل ما يضيع نهائي ..نقوم بدل مانشجعه ونشغله شغلانة شريفة نحاسبه ونطرده .."..
..كان الذهول يرتسم بملامح وجه ابراهيم وهو ينظر اليها وهي تتحدث حتى قال ..
.."..انتي ايه بالظبط انا مش فاهم..انا اول مرة في حياتي تعدي عليا شخصية كدة .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا ثم قالت بثقة ..
.."..احنا شخصية اوي ونسد في اي مكان ..امين .."..
..ضحك ابراهيم بصوت عال وهو يردد ..
.."..امين.."..
..فتحت ايمان النافذة الزجاجية لتستقبل نسمة الليل المنعشة بوجهها ..استندت برأسها التي ثقلت على ظهر كرسيها واغمضت عينيها وراحت بسبات تام ..
..صدح صوت شخيرها عاليا ..لتتسع اعين ابراهيم وهو ينظر اليها وبعدها تلازمت صوت ضحكاته مع صوت انغامها المزعجة ..
..تحدث مع نفسه قائلا ..
.."..طلعتيلي منين بس يابنت عمي..وياترى ايه اخرة حكايتنا دي انا مش عارف.."..
..وصل بسيارته داخل جراج الفيلا و بعد ان نزل منها حمل ايمان بين ذراعيه ودلف للفيلا ليجد عمته تهرول ناحيتهما وهي تقول بصوت خافت..
.."..ايه ياابراهيم ..ايمان مالها.."..
..تململت ايمان وتعلقت برقبة ابراهيم بكلتا ذراعيها لتهمس بعدها قائلة ..
.."..الله ..ريحتك حلوة اوووي ياهيما..ماتجيب بوسة.."..
..ما ان سمع بما قالته حتى تسمر ابراهيم مكانه ووقعت منه الحقائب ارضا ..توقفت ايمان عندما سمعت صوت ارتطام الحقائب بالارض فالتفتت ناحيته تنتقل بعينيها بين الحقائب وهذا الشاحب الواقف مكانه ينظر لها بأعين متسعة وفاه مفتوح ..
..تقدمت ناحيته وهي تنظر له بتعجب فتسائلت وهي تلوح بيدها امام عينيه..
.."..بسم الله الرحمن الرحيم ..باشا ...جرى ايه مالك.."..
..وعندما لم يجبها وظل على حاله....صرخت بوجه مرة ثانية ..
.."..باااشا.."..
..رمش بعينيه عدة مرات ثم نظر لها بغضب وغيظ ..وقال بصوت عال حاد وهو يشير بيده ناحية الطريق ..
.."..اديتي عربيتي لواحد حرامي سيارات ..وبتسأليني مااالك .."..
..رفعت حاجبيها عاليا وفتحت فمها على اتساعه وهي تقول بأريحية ...
.."..ااااه..هو دا اللي خلاك مش شايف قدامك ومزرزر كدة..اطمن ياباشا ..الواد طيارة ابن حتتي ولا يمكن ابدا يعلم عليا ولا يعض حد من اهل حارته..دا حرامي شريف..وكمان هو والحمد لله.. ربنا تاب عليه وبقى ماشي في السليم..دا انت تسلمه عربيتك وانت مطمن وتروح بيتك وتتعشى وتنام وتشخر كمان.."..
..كز ابراهيم على اسنانه من الغيظ والغضب حتى وصل صوت اصطاك اسنانه لأذني ايمان فقالت وهي تضرب جانب رقبتها بيدها وهي تقول ..
.."..متقلقش ياباشا عربيتك في الامان ... انا اضمنهالك برقبتي ..يالا بينا بقى .."..
..نظر لها نظرات غيظ قاتلة ثم مال بجذعه ليحمل تلك الحقائب مرة اخرى..
..اسرعت ايمان بقولها ..
.."..بص ياباشا لو حد سألني أو سألك انت تبقالي ايه ..هنقول انك ابن عمي وبس..امين .."..
..ردد ابراهيم بغضب ..
.."..هو ايه اللي أمين ..انتي بنت عمي ومراتي وانا ابقى جوزك .."..
..زفرت بضيق وقالت وهي تشير له بيدها ..
.."..ياعمنا إفهمني ..مالوش لازمة نقول..عشان حدوتة جوازنا فترة وهتخلص ..يبقى ليه نفتح علينا فاتوحة جواز وطلاق وليه وعشان ايه ..خلينا كدة خفيف خفيف ..ماشي.."..
..لم يجبها بأي كلمة او حتى بإشارة من رأسه ..ظل صامتا ًلتقول وهي تنظر له بتوجس ..
.."..يالا بينا.."..
..مشى بجانبها وما ان دلفت الحارة وشاهدها الصبية والبنات الصغيرة التي تلعب بالحارة حتى صرخوا بإسمها وهجموا عليها فرحين مهللين ..رجع ابراهيم للوراء ليفسح المجال للاطفال الملتفين حول زوجته فرحين بعودتها..
..صاحت بهم إيمان والابتسامة تفترش صفحة وجهها ..
.."..ازيكوا ياعياال وحشتوني يا ولاد اللذينة ..استنوا ..استنوا ..اقفوا كدة تمام وافتحوا ايديكوا.."..
..وبلحظة واحدة انصاع الاطفال لأمرها ووقفوا بانتباه وفتحوا كفوفهم الصغيرة باتجاهها ..
..التفتت حولها لتجد ابراهيم ينظر لها بترقب انتظارا لما سيحدث..اشارت له بيدها ليجلب لها الحقيبة الممتلئة بالحلوى..اعطاها اياها ليجدها توزع الحلوى على كل الاطفال الملتفين حولها ..وما ان انتهت حتى هرعوا الاطفال لمواصلة اللعب وتبادل الحلوى بينهم والسعادة الغامرة مرسومة بوجوههم الصغيرة ..
..كانت تسير بجانبه بالحارة الضيقة..تلوح بيدها توزع التحيات والسلامات لكل من يمروا بجانبها من نساء ورجال ..لتقف فجأة عندما وجدت صبي صغير يحتضن ساقيها وهو يقول ..
.."..ازيك يااسطى ..حمدالله ع السلامة .."..
..اخفضا كل من ايمان وابراهيم رأسيهما ليجدا صبي صغير يحتضن ساقيها بحميمية واضحة لتصيح ايمان ..
.."..بلاطة ..ازيك ياض ..وحشتني يالا .."..
..ويتفاجأ ابراهيم بمن يلتف حولها من رجال ونساء يلقون التحية وقول الحمد لله على رجوعها بالسلامة ..وكانت الكلمة المتداولة فيما بينهم هي ..
.."..حمدالله ع السلامة ياسطى ايمان ..الحارة كانت مضلمة من غيرك والله.."..
..ردت ايمان التحيات ..لتبدأ بتلقي الاسئلة المعتادة ..عن حالها وعن عائلتها الثرية ..لينتبها الاثنان لسؤال من شاب يقف بوجه جامد ونظرات كارهة وهو يقول ..
.."..مش تعرفينا يااسطى ايمان على الباشا.."..
..وقبل ان تجيب مد ابراهيم يده ناحية هذا الشاب المتحفز وهو يقول متحديا اياه..
.."..ابراهيم سالم.. ابن عم ايمان وجوزها .."..
..ظهرت الصدمة بوضوح على وجوه الجميع حتى ايمان التي التفتت الى ابراهيم بغضب .. ثم تعالت اصوات الزغاريط وانهالت عليها المباركات ..تراجع الشاب المتسائل للوراء دون كلمة واحدة ولم يصدر عنه سوى نظرات خيبة وملامح الهزيمة تكسو وجهه ..عاتبتها بعض النساء لعدم ابلاغ اهل حارتها او دعوتهم للزفاف ..تلكئت ايمان بقولها وهي تحاول ان تخرج من ذاك المأزق فقالت..
.."..يا جماعة متزعلوش ..دا كتب كتاب بس ..لكن ان شاء الله كلكم معزومين على الفرح .."..
..وبصعوبة بالغة تخلصت ممن حولها لتجد من يتشبث بيدها وما كان الا الصبي بلاطة ..الذي اصطحبهما هما الاثنان للبيت الذي امتلأ بالصياح والتهليل بقدوم ايمان ...
..وبعد برهة من الوقت وجد ابراهيم نفسه جالسا فوق اريكة قديمة قابعة داخل صالة ضيقة صغيرة ولكنها كانت تتسع بقلوب ساكنيها ..لقى ترحيبا حارا من الخالة تهاني وابنتها التي اتسعت عينيها وفاهها فور لقائه ومعرفتها بأنه زوج ايمان..وبعد توزيع الهدايا جلست ايمان بجانبه وهمست له ..
.."..انا هغيب عنك نصاية وراجعة تاني .."..
..نظر لها وهو يقول من بين اسنانه..
.."..نصاية ايه ..وتروحي فين ..سلمي عليهم ويالا نمشي .."..
..رفعت حاجبيها وقالت وهي تشد ذراعه ..
.."..نمشي ايه ..انت مش شامم الريحة .."..
..تعجب ابراهيم وهو يقول..
.."..ريحة ايه "..
..اجابته مسرعة وبحماس ..
.."..ريحة المحشي المسقي بشوربة الفراخ البلدي ..عليا النعمة ماهمشي غير لما ناكل ..دا محشي خالتي تهاني ..يعني صعب نلاقيه ..وبص متقلقش هي ربعاية ..هروح للشيخ سعيد أسلم عليه واديه الهدية واجي جري ..امين ..سلام.."..
..هربت من جانبه قبل ان يجيبها او يمسك بها ..ليجد نفسه وحيدا أمام هذا الصبي واخته اللذان يتمعنان بملامحه وهيئته وكانه تمثال بالمتحف ..
..خرجت الخالة من المطبخ وهي تقول والابتسامة تعلو وجهها..
.."..منور يابني ..عشر دقايق والاكل يكون جاهز .."..
..وبإبتسامة هادئة وصوت قوي قال ابراهيم..
.."..البيت منور بأهله ..وياريت متتعبيش نفسك ..احنا شوية وماشيين.."..
..شهقت الخالة وهي تضرب صدرها وتقول
.."..والله لا يمكن ..معقول تمشوا قبل ماتتعشوا ..دا حضرتك من طرف اغلى الناس .."..
..رق صوتها وقالت وكأنها تتوسله بعد ناجلست بجانبه..
.."..بالله عليك يابني تخلي بالك من ايمان وتحطها في عينيك..دي بنت طيبة وجدعة و مافيش في حنيتها..هي اللي وقفت جمبنا بعد ما جوزي اتوفى ومخلتناش نتحوج لحد ..ربنا يعلم انك دخلت قلبي من ساعة ماشوفتك وحمدت ربنا ان ايمان وقعت في واحد زيك ..اصلك يابني متعرفش ايمان دي غالية عندي اد ايه ..في غلاوة ولادي وربنا الشاهد .."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب بعدما شعر بنبضات قلبه تتسارع وقال ..
.."..اطمني ياست تهاني ..ايمان في عينيا زي مقولتي .."..
..صاح صوت الصبي وهو يقول بغضب ..
.."..لو زعلتها انا اللي هقفلك ..ايمان وراها رجالة عشان تبقى عارف.."..
..ضربته اخته ضربة خفيفة خلف رأسه وقالت بتلعثم وهي تبتسم ببلاهة..
.."..لموأخذة ياباشا ..متاخدش على كلامه دا عيل اهبل.."..
..ضحك ابراهيم وقال وهو ينظر للصبي الذي يحاول ان يتملص من بين ذراعي اخته ..
.."..لا مافيش حاجة .."..
..استطرد قوله وهو ينظر للصبي الغيور الغاضب ..
.."..متقلقش حضرتك مش هزعلها .."..
*****
..حاول ابراهيم اقناع ايمان بالرحيل ليجد نفسه بالنهاية جالسا ارضا وامامه اطباق المحشو الساخن والدجاج المشوي ..ووسط جو عائلي بسيط مرت الساعتان بسرعة ..وهرع بلاطة للشاب الذي يدعى طيارة لكي يبلغه بأن يأتي بالسيارة عند المكان المحدد...وبعد الاستئذان بالرحيل ووعد بزيارة قادمة قريبا ..كانت ايمان تمسك بمرفق صديقتها عزة وتسحبها لغرفتها وهي تقول بعد ان اخرجت من جيب بنطالها ظرف ابيض ..
.."..عاملة ايه في العيادة اللي بتشتغلي فيها بت يالوزة..استني خدي امسكي الظرف دا فيه فلوس الشهر ..تديه لخالتي ..عا بال مااشوف حد يمسك الورشة لغاية ماارجع .."..
..حاولت عزة ان تدفع بيد ايمان الممسكة بالظرف وقالت بخجل..
.."..مافيش داعي ياايمان خلاص والنبي.. "..
..امسكت ايمان بكف عزة ودست بداخله الظرف وهي تقول بصوت جاد ..
.."..انتي تسكتي خالص فاهمة ..اول حاجة تجيبيها علاج الشهر لخالتي والباقي لمصروف البيت ولو الواد بلاطة احتاج حاجة تجيبهالوا ..وانتي ربنا يسهل واجبلك شغلانة حلوة ..امين ياهبلة.."..
..ابتسمت عزة لها وهزت رأسها بالايجاب ثم تجهمت مرة اخرى وهي تقول متعجبة ..
.."..انتي قلتي ترجعي تاني... ترجعي فين ..انتي مش خلاص اتجوزتي..والباشا المز دا عمره ماهيخليكي ترجعي تشتغلي بالورشة تاني ..معروفة يعني.."..
..نكزتها ايمان بصدرها وهي تقول بضيق..
.."..اسكتي يابت ياهبلة انتي ..انتي مش عارفة حاجة ..ابقى افهمك بعدين .."..
..قالت عزة بنزق..
.."..والله انتي اللي هبلة ..حد يبقى معاه راجل حلو كدة ويرجع تاني ..بدل ماتمسكي فيه بايديكي وسنانك ..يابت الرجالة الحلوة دي محدش بيشوفها غير في التليفزيون بس ..تقومي تقولي ارجع..رجعت المية من زورك ياشيخة.."..
..وقبل ان تجيبها ايمان بقبضة تضرب صدرها صدح صوت ابراهيم عاليا بإسمها ..
فجرت مسرعة خارج الغرفة وبعد المصافحة خرحا الاثنان من البيت ..ليمسك ابراهيم بكف أيمان وكأنه يعلن للجميع وخاصة لذاك الشاب الذي يقف خارج محله وينظر له شزرا..حاولت ان تخلص كفها الصغير من بين راحة يده ..وهي تقول بصوت خافت..
.."..ماتسيب ايدي ونمشي عادي ..انت كدة بتكسفني قدام الخلق.."..
..لم ينصاع لكلامها وظل على حاله ناظرا امامه غير عابئ بنظرات اهل الحارة والتي منها سعيدا ومنها الحاقد..
..وقفا الاثنان عند مدخل الشارع الرئيسي ليجدا سيارة ابراهيم اتية من بعيد وبداخلها الشاب طيارة والصبي الصغير بلاطة ..وقف طيارة بالسيارة على جانب الطريق وخرج منها وهو رافعا كلتا ذراعيه وهو يقول بصوت عال..
.."..العروسة اهي ياسطى مش ناقصة فتفوتة .."..
..لوحت ايمان بذراعيها وهي تقول ..
.."..اهو انت كدة كفاءة .."..
..اخذت منه المفاتيح واعطتها لابراهيم وقالت له بصوت خافت ..
.."..اركب انت ياباشا خمسة وراجعة .."..
..قطب ابراهيم جبينه وهو يراها تتحدث مع طيارة جانبا ..تنهد وركب سيارته ليجد الصبي بلاطة جالسا بجانبه وينظر له نظرات كارهة ..
..مط ابراهيم شفتيه والتفت له وهو يقول ..
.."..ممكن افهم انت بتكرهني ليه.."..
..تخصر الصبي وصاح به ..
.."..عشان اخدتها مننا ومابقيتش تعيش معانا.."..
..ضرب ابراهيم كفيه وهو يضحك ثم قال..
.."..ماهو طبيعي اني اخدها ..مش مراتي ولازم تعيش معايا انا ..بس متزعلش ..هي هتيجي تزورك كل فترة .."..
..خرج الصبي غاضبا من السيارة بعد غلق بابها بقوة..نظر ابراهيم بمرآة السيارة ليرى الشاب طيارة يقفز عاليا ويصيح بقوله ..
.."..ربنا يخليكي يااسطى .."..
..مالت ايمان بجذعها وهي تحتضن بلاطة وتقول ..
.."..خلي بالك من امك واختك يا محمد ..انا عارفة اني سايبة راجل في البيت ..امين .."..
..التمعت عيني الصبي بغلالة شفافة من الدموع وهو يهز رأسه بنعم ..
..تركته على مضض وهي تلتفت ورائها للشاب طيارة وهي تقول ..
.."..زي ماوصيتك ياطيارة .."..
..ليشير طيارة لرقبته وهو يقول..
.."..رقبتي يااسطى..سلام ياست الكل ..سلام.."..
..ركبت إيمان السيارة ..وهي تنظر للفراغ وبعض الحزن يفترش صفحة وجهها ..نظر لها ابراهيم وهو يقول متسائلا ..
.."..مالك زعلانة ليه ..واللي اسمه طيارة ماله كان هيطير قدامك من الفرحة .."..
..تنهدت ايمان والتفتت ناحيته وقالت ..
.."..سلمته مفاتيح الورشة يمسكها بدالي لغاية ما ارجع..واتفقت معاه انه ياخد نص الايراد والنص التاني يسلمه يدا بيد لخالتي تهاني .."..
..اتسعت عيناه وهتف بها ..
.."..سلمتي ورشتك لحرامي سيارات.."..
..زفرت بضيق وشبكت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول ..
.."..قلنا الواد تاب ..والحج اسماعيل صاحب الجراج اخده وشغله معاه سايس .."...
..قال ابراهيم بنبرة ساخرة..
.."..وهو السايس هيفهم في شغل الميكانيكا..ياعبقرية زمانك.."..
..نظرت اليه وقالت بنزق ..
.."..اللي حضرتك متعرفهوش ان الواد طيارة ومن هو صغير شغال ميكانيكي في ورشة الحاج سلامة اللي في الشارع اللي ورانا ..لغاية ما ولاد الحرام اتلموا عليه وكانوا هيضيعوه ..بس الواد طيب وفيه عرق اصيل ورجع عن اللي هو فيه قبل ما يضيع نهائي ..نقوم بدل مانشجعه ونشغله شغلانة شريفة نحاسبه ونطرده .."..
..كان الذهول يرتسم بملامح وجه ابراهيم وهو ينظر اليها وهي تتحدث حتى قال ..
.."..انتي ايه بالظبط انا مش فاهم..انا اول مرة في حياتي تعدي عليا شخصية كدة .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا ثم قالت بثقة ..
.."..احنا شخصية اوي ونسد في اي مكان ..امين .."..
..ضحك ابراهيم بصوت عال وهو يردد ..
.."..امين.."..
..فتحت ايمان النافذة الزجاجية لتستقبل نسمة الليل المنعشة بوجهها ..استندت برأسها التي ثقلت على ظهر كرسيها واغمضت عينيها وراحت بسبات تام ..
..صدح صوت شخيرها عاليا ..لتتسع اعين ابراهيم وهو ينظر اليها وبعدها تلازمت صوت ضحكاته مع صوت انغامها المزعجة ..
..تحدث مع نفسه قائلا ..
.."..طلعتيلي منين بس يابنت عمي..وياترى ايه اخرة حكايتنا دي انا مش عارف.."..
..وصل بسيارته داخل جراج الفيلا و بعد ان نزل منها حمل ايمان بين ذراعيه ودلف للفيلا ليجد عمته تهرول ناحيتهما وهي تقول بصوت خافت..
.."..ايه ياابراهيم ..ايمان مالها.."..
..تململت ايمان وتعلقت برقبة ابراهيم بكلتا ذراعيها لتهمس بعدها قائلة ..
.."..الله ..ريحتك حلوة اوووي ياهيما..ماتجيب بوسة.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثامنة عشر 18 كاملة مكتوبة
..تسمر ابراهيم بمكانه بعد ان اتسعت عيناه فور سماعه لكلمات تلك التي تتململ بجسدها النحيف فوق ذراعيه..كتمت العمة ضحكتها بصعوبة فأشارت له بيدها ثم قالت بصوت خافت..
.."..تعال ورايا على اوضتها .."..
..كانت انفاسها الساخنة تلفح رقبته التي تعلقت بها بكلتا ذراعيها ..شعر بحرارة جسده ترتفع وبذراعيه تشتد قوتها حول جسدها ليقربها منه اكثر واكثر ..التفت بوجهه لينظر الى وجهها المغموس داخل تجويف رقبته ليجد نفسه يتعثر بخطواته حتى كاد ان يقع بها ..فتماسك وتنحنح وهو ينظر امامه ليتبع عمته ..وضعها بهوادة فوق فراشها ليجد عمتها تضع فوقها الغطاء بعد ان نزعت عنها حذائها ..وقف الاثنان ينظران اليها ..مالت شفتي ابراهيم بابتسامة تزين وجهه ثم مال بجذعه واقترب من وجهها فأمسكت العمة بمرفقه وهي تقول بصوت حاد خافت ..
.."..إنت هتعمل ايه .."..
..زفر ابراهيم بضيق وإعتدل بوقفته ثم همس لعمته ..
.."..في ايه ياعمتي..هابوس مراتي ..هي مش قالت هات بوسة ..."..
..ضربته فوق كتفه وقالت وهي تمسك بذراعه وتجره ناحية باب الغرفة ..
.."..البنت من تعبها طول اليوم بتتكلم أي كلام وهي نايمة ..يالا اتفضل انت كمان على اوضتك.."..
..وقبل ان يلتفت برأسه لينظر لتلك النائمة ..امسكت عمته بذقنه لتمنعه من ذلك وهي تنظر له بتجهم وتقول بنبرة صوت حادة ..
.."..ابراااهيم .."..
..رفع كلتا ذراعيه وهو يقول بإستسلام ..
.."..خلاص ياعمتي خلاص ..خارج اهو .."..
..خرجا الاثنان من الغرفة واغلقت العمة الباب برفق وهي تقول بصوت صارم لذلك الواقف مكانه ..
.."..على اوضتك ..واياك تقرب من هنا ..وياريت تنام عشان بكرة يوم حافل ..اتفضل .."..
..اقترب ابراهيم من عمته وامسك برأسها ليطبع قبلة فوق جبينها وهو يقول بصوت يشوب نبرته الكثير من السعادة ..
.."..تصبحي على خير يازوزو .."..
..وضع كلتا كفيه داخل جيبي بنطاله ومشى ناحية غرفته وبدأت شفتيه تصدر صوت انغام ناعمة على هيئة صفير هادئ..هزت العمة رأسها وهي تتبعه بنظراتها ووجهها ترتسم الابتسامة فوق صفحته..وهي تقول ..
.."..معقولة بالسرعة دي ..جايز .."..
..مضى الليل واشرقت شمس الصباح ..ليتجهم وجه ايمان من تلك اللكزة التي تضرب وجنتها وصوت لحوح يقول ..
.."..ايمان ..ايمان ...اصحي ياحبيبتي ..اصحي بقى يالا هتتاخري .."..
..وبشق الانفس فتحت ايمان اجفانها لتسرع بوضع كفيها فوق عينيها لتمنع عنهما هذا الضوء المزعج فتقول متأففة ..
.."..حد يقفل الشباااك ..مش عارفة افتح عيني ..واللي عمال يوزغودني دا ..انا هفرتكه.."..
..وجدت من يصفع ظهر يدها ويقول بصوت جاد وقوي ..
.."..إتأدبي يابنت ..و يالا قومي ..تعبتيني.."..
..ضاقت عيني ايمان وقالت بصوت اجش بعد ما وضحت الرؤية ..
.."..عمتي ..هو انتي يا حبيبتي.. واللي معرفش بتصحيني ليه ..هي الساعة كام ياوزتي.."..
..جلست عمتها بجانبها وهي تقول بعصبية واهية..
.."..بنت.. وبعدين ...ايه وزتك دي ..يالا قومي الساعة بقت ستة ونص .."..
..فتحت ايمان عينيها واسرعت لتقم وتجلس قائلة بصوت عال..
.."..يانهار ياجدعان..بتصحيني ستة ونص ..ليييييه ..هو انا سواق اتوبيس نقل عام....دا انا بذات شخصيتي بفتح ورشتي الساعة عشرة .."..
..تنهدت زهرة ووضعت ساقها فوق الاخرى وهي تقول بثقة ..
.."..من هنا ورايح هتصحي بدري عشان تاخدي حمامك وتفطري وتروحي مع ابراهيم على الشركة ..يالا .."..
..استعادت ايمان ثباتها الكامل وتسائلت ..
.."..كل دا مطلوب مني انا ..اصحى بدري.. واخد الحمام اللي معرفش هاخده على فين.. وكمااان هاروح الشركة مع الباشا و اللي بردو معرفش هروح معاه ليييه ولا شركة ايه دي من اصله..انتي حد مسلطك عليا ياعمتي.."..
..وقفت العمة بحركة عصبية وقالت آمرة اياها ..
.. "..من غير ما اسمع ولا كلمة يالا قومي قدامي ..يالا على الحمام.."..
..نفضت ايمان الغطاء عن نفسها وتركت فراشها وهي تتمتم بكلمات اعتراضية غير مسموعة أو مفهومة لتقف فجأة أمام باب الحمام ..استدارت وهي تحك اصابعها برأسها وتقول..
.."..لموأخذة هو انا جيت هنا ازاي ..انا اخر حاجة فاكراها اني كنت في العربية .."..
..تقدمت عمتها ناحيتها وهي تقول والابتسامة تعلو شفتيها ..
.."..انتي نمتي في العربية ..وابراهيم شالك وجابك لغاية هنا .."..
..اتسعت اعين ايمان وقالت بغضب ..
.. ".. شالني..يعني ايه شالني دي ..هو هياخدها حلوانة في سلوانة ولا ايه ..لو سمحتي ياعمتي تفهميه انه حسه عينه يشيلني تاني .."..
..تخصرت العمة ورفعت احدى حاجبيها وقالت بصوت ساخر ..
.."..غريبة ..الكلام اللي قولتيه وهو شايلك زي البيبي ..لا يدل خالص على انك كنتي مضايقة ..بالعكس انا شايفة انك كنتي مبسوطة خالص .."..
..رمشت ايمان عدة مرات وقالت بتلعثم وهي تشير لنفسها ..
.."..آ آ آ ..انا ..انا اتكلمت وانا نايمة ..احييه..اتكلمت قولت ايه ياعمتي .."
..لامست العمة شفتيها بأصابع كفها الصغير وظهرت الابتسامة بعينيها وهي تقول ..
.."..ابقي إسألي ابراهيم وهو هيقولك..يالا يالا عشان منتأخرش على جدك .."..
..ظلت ايمان بمكانها تلح على عمتها ان تفصح عن ماقالته وهي نائمة ولكن بدون فائدة..امسكت العمة بكتفيها لتستدير ثم لتدفع بها ناحية الحمام ..لتهمس ايمان لنفسها وكأنها تطمئن نفسها..
.."..اكيد قلت كلام كويس..ماهو لو كان وحش كانت عمتي بهدلتني ..هو اكيد اكيد كلام كويس.."..
..وبعد برهة من الوقت كانت العمة وايمان يقفان أمام خزانة الملابس الممتلئة عن اخرها ..لتصيح ايمان بغضب..
.."..فين هدومي ياعمتي.."..
..اجابتها العمة وهي تمد يدها لفستان معلق بالخزانة ..
.."..هي دي هدومك من هنا ورايح ..ولا عايزة تروحي الشركة بالبنطلون والبلوزة ..يالا البسي الفستان دا .."..
..اخذت ايمان الفستان ورمت به فوق الفراش وقالت وهي تحاول بصعوبة ان تكون هادئة ..
.."..عمتي حبيبتي...استهدي بالله كدة وقوليلي هدومي فين..انا مابلبسش فساتين ..تاني حاجة ياست الكل انتي عايزاني اروح الشركة اهبب فيها اااايه.."..
..تنهدت العمة وامسكت بيدها واتجها هما الاثنان ناحية الاريكة ليجلسا سويا..قالت العمة زهرة وهي تحاوط يد ايمان بكفيها..
.."..حبيبتي...مش احنا اتفقنا امبارح انك هتنفذي كل اللي هنقول عليه لمصلحة القضية..ووعدتي كمال بيه المحامي بكدة .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وهي تقول..
.."..حصل ياعمتي حصل...بس انا وعدته اني اسمع الكلام ..في إني اقعد مع جدي هنا معاكم ..واعمل تحليل الدم ..و ايه تاني يابت ياايمان ..و ايه تاني ...بس هو كدة ...متفقناش بقى إني البس فساتين واروح شركات لموأخذة.."..
..شدت العمة بيدها على كف ايمان وقالت بصوت هادئ..
.."..ايمان اسمعيني كويس ..عشان نكسب القضية وجدك يطمن عليكي.. لازم تسمعي وتنفذي كلامي انا وابراهيم..
عشان تكوني مستعدة لما تقفي قدام القاضي وهو بيتكلم معاكي..فهمتي حبيبتي.."..
..مطت ايمان شفتيها واستندت بوجنتها فوق كفها وهي تتمتم بإستسلام وضيق..
.."..الأمر لله ..لما نشوف اخرتها.."..
..وقبل ان تمر الساعة كانت العمة كانت قد انتهت من تصفيف شعر ايمان ووضع زينة خفيفة تزين بها وجهها..
..وقفت ايمان أمام المرآة تتطلع لهيئتها الجديدة تلتف يمينا وشمالا تنظر لفستانها لتقول بتأفف..
.."..انتي متأكدة ياعمتي ان الفستان دا بتاع الشغل ..دا انا ممكن بالهيئة دي كلها اروح بيه اجدعها فرح ..وكمان دا ضيق وواصل لحد الركبة ..مايصحش ياعمتي .."..
..امسكت العمة بزجاجة العطر وزخت برذاذها حول عنق ايمان ثم وضعتها فوق منضدة الزينة وهي تقول ..
.."..الفستان شيك جدا ومحتشم وانتي فيه زي القمر ..يالا بقى عشان احنا اتأخرنا عليهم ...يالا يالا.."..
..كان الجد وحفيديه ابراهيم ومراد يتناولون الافطار ويتناقشون حول الصفقة الاخيرة التي تمت بنجاح وانهم الان على استعداد للصفقة الجديدة واثناء حديثهم اصدر مراد بصوته صفيرا عاليا عندما لمح إيمان وهي تنزل درجات السلم..التفت ابراهيم ناحية ماينظر اليه مراد ليجد زوجته تظهر شيئا فشيئا بفستان اسود وبها خطوط بيضاء يعلوه سترة سوداء تصل حوافها لخصرها النحيل ويربط بين طرفيها دبوس من المعدن ..اظهر جسدها المتناسق ملامحه بشكل يجذب اعين الناظرين بقوة وسيقانها البيضاء التي يظهر جزء لا بأس منها ..ثم رفع عينيه لينظر لوجهها الذي ظهر بكامله نظرا لشعرها المرفوع اعلى رأسها على هيئة كعكة صغيرة وعلى جانبي وجهها تنزل خصلات ناعمة تهتز بالقرب من اذنيها الصغيرتين ..
..تنحنح ثم التفت لمراد بوجه غاضب وقال ..
.."..ماتحترم نفسك ..بتصفر على ايه .."..
..ضحك مراد وهو ينظر لتلك الجميلة التي اتجهت لجدها تقبل رأسه وقال..
.."..في ايه ياابراهيم ..بنت عمي وبشجعها .."..
..وقبل ان يرمي ابراهيم بالشوكة بوجه مراد ..قالت ايمان بصوت هادئ..
.."..صباح الخير عليكو.."..
..وكان اول من نطق هو مراد بقوله..
.."..صباح الجمال .."..
..زمجر ابراهيم وقال بصوت غاضب عال من بين اسنانه ..
.."..مرااااد .."..
..رفع مراد يديه عاليا وردد بصوت ضاحك ..
.."..اوكى اوكى .. man ..يا..peace.."
..ابتسم الجد لايمان وقال ..
.."..صباح الخير يا بنتي ..يالا اقعدي جمب جوزك وافطري عشان تروحوا الشركة سوا ..وهناك ابراهيم هيفهك على كل حاجة.."..
..جلست ايمان بجانب ابراهيم وهي تردد بمضض..
.."..حاضر ياجدي اللي تؤمر بيه.."..
..نظر ابراهيم لتلك التي جلست بجانبه فأراد ان يشاكسها قليلا ..مال ناحيتها وهمس لها بقوله ..
.."..ايه رأيك في البرفان .."..
..مالت ايمان بعيدا عنه وضاق مابين حاجبيها وهي تقول ..
.."..براڤان ايه دا ان شاء الله .."..
..ضحك ابراهيم ضحكة خافتة ثم قال بتهكم ..
.."..انتي امبارح طلبتي مني طلب ..وانا ناوي انفذهولك .."..
..رددت بنزق ..
.."..طلب ايه وبرافان ايه ..ايه الكلام اللي مش راكب على بعضه دا.."..
..غمز لها وهو يهمس ..
.."..هبقى اقولك في العربية.."..
..قطبت ايمان جبينها بقوة وهي تهمس لنفسها ..
.."..دا عبيط دا ولا ايه.."..
..قال الجد بصوت جاد ..
.."..كلم كمال المحامي ياابراهيم ..بكرة بعد الضهر في اجتماع مجلس ادارة ..والبيه ابني المبجل هيحضر ..وعايز نكون مستعدين لأني هحضر الاجتماع .."..
..ظهرت الجدية بملامح ابراهيم وقال..
.."..ما بلاش ياجدي حضرتك تحضر ..وانا ومراد وعمي كمال هنحضر الاجتماع وهنبلغ حضرتك بالنتيجة .."..
..ردد الجد بصوت صارم ..
.."..انا قلت هحضر الاجتماع ياابراهيم ..ويالا اتفضلوا .."..
..انصاع الاحفاد لأمر الجد واتجهوا جميعا ناحية الباب ليصدح صوت الجد مرة اخرى قائلا..
.."..ابراهيم..مراد ..خلوا بالكوا من بنت عمكو.."..
..التفتا لجدهما وهزا رأسيهما بنعم ..امسك ابراهيم بكف ايمان وسار بها ..فحاولت ان تنزع يدها من راحة يده دون فائدة فقالت بتأفف..
.."..ماتسيب ايدي اللي كل ماتشوفها تلزقها في ايدك ..هو انت واخد بنتك وساحبها وراك ع المدرسة ياجدع انت.."..
..لم يعرها أي انتباه ولم يجبها الا بجملة واحدة ..
.."..هوشششش....امشي وانتي ساكتة.."..
..زفرت وهي تستغفر ربها ..ومشت بجانبه للجراج لتجد السائق إمام واقفا مطأطأ راسه بجانب السيارة ..صاحت به بوجه باسم ..
.."..صباح الخير ياسطى اؤمؤم.."..
....رفع إمام رأسه واسرع بفتح باب السيارة لإيمان وردد بصوت هادئ
.."..صباح النور ياايمان هانم..صباح الخير ياابراهيم بيه .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا وهي تقول بنزق ..
.."..يادي النيلة على الهانم واللي مش هانم والبيه معاهم .."..
..شد ابراهيم بقبضته على كفها فتأوهت بصوت مكتوم وهي تنظر لجانب وجه ابراهيم المتجهم والذي قال بصوت حاد..
.."..انا اللي هسوق العربية ..وانت خليك هنا لو عمتي او جدي احتاجوا حاجة.."..
..وقف إمام جانبا وقال بصوت يشوبه بعض الحزن..
.."..أمرك ياابراهيم بيه.."..
..تجلى الحزن والغضب معا بوجه ايمان ولكنها لم تستطع ان تفعل شيئا غير ركوب السيارة ..وعند بدء تشغيل السيارة فتحت ايمان نافذتها وهتفت للسائق إمام قائلة..
.."..سلام ياسطى اؤمؤم..ومتقلقش موضوعك منسيتهوش ..وقريب اوي هتسمع اخبار حلوة..امين.."..
..لم تحن له الفرصة لإجابتها نظرا لمرور السيارة امامه بسرعة ..
..ضرب ابراهيم المقود بيده ..لتلتفت له ايمان قائلة بعصبية..
.."..اسطى إمام معملش حاجة عشان تعامله كدة ..مهما كان دا راجل وعنده عزة نفس.."..
..ارتسمت ملامح الغضب فوق صفحة وجه ابراهيم وقال..
.."..انا حذرته لو لقيته واقف معاكي تاني هيكون دا اخر يوم له بالفيلا .."..
..رددت بصوت غاضب..
.."..انا اللي بقعد معاه وانا اللي بتكلم معاه...هو مالوش ذنب..اسطى إمام زميلي وانا بعتبره زي اخويا..ولو زعلته ياباشا انا اللي هقفلك ..امين.."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال غاضبا..
.."..ايمان ..متعصبنيش ..الموضوع دا منتهي.."..
..تأففت ونظرت للطريق وبعد برهة من الوقت والصمت ..وضعت يدها فوق معدتها وأخذت تلتفت برأسها يمينا وشمالا وكأنها تبحث عن شيء ما على جانبي الطريق ..نظر لها ابراهيم لها بتعجب وسألها..
.."..في ايه تاني بتدوري على ايه في الشارع.."..
..ظلت تبحث بعينيها عن غايتها دون فائدة.. فزفرت بيأس قائلة..
.."..ايه النحس دا ...الشوارع دي مافيهاش عربية فول واحدة .."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال ..
.."..عربية فول ..ليه .."..
..التوت شفتي ايمان وهي تقول ..
.."..لا ابدا ..عايزة اتصور جمبها تصويرة..هيكون ليه يعني ..عايزة افطر ..جعانة .."..
..تعجب ابراهيم واجابها..
.."..ممكن تبطلي لماضة وانتي بتتكلمي معايا ..وكمان ماحنا لسة مخلصين فطار من شوية .."..
..شبكت ايمان ذراعيها امام صدرها وهي تقول بغضب..
.."..وهو دا كان اسمه فطار ..بتاكلوا الجبنة بالشوكة والسكينة..وتقولي بتفطروا ..انا عارفة بتشبعوا ازاي من الفتافيت اللي بتاكلوها دي .."..
..ابتسم ابراهيم وقال وهو ينظر للطريق أمامه..
.."..لما نوصل الشركة هبعتلك العامل بالكافتيريا .."..
..استطرد قوله بتهكم واضح وهو يميل بجذعه ناحيتها..
.."..هو انتي دايما بتتكلمي وانتي نايمة .."..
..اتسعت عينيها والتفتت برأسها ناحيته وهتفت به..
.."..هو في ايه بالظبط ..انت وعمتي لوكلوك لوكلوك كتير في الموضوع دا ...عادي على فكرة ..ناس كتير بتتكلم وهي نايمة ..وكمان امبارح كان يوم صعب ..سفر وخروج ولف في الحسين ومشوار الحارة ...فطبيعي يعني انام زي الفسيخة واقول أي كلام فاضي .."..
..استطردت قولها وهي تشير له بأصبعها ..
.."..ااه صحيح افتكرت...اخر مرة تشيلني ..ابقى إنغوزني بأي حاجة وصحيني ..أو سيبني مكاني لغاية الصبح .."..
..حك ابراهيم ذقنه بأصبعيه وقال بصوت هادئ..
.."..مقدرش اوعدك ..خصوصا بعد اللي قولتيه وانتي متعلقة في رقبتي .."..
..لوحت بكلتا يديها وهي تصيح به..
.."..استغفر الله العظيم يارب...متقولي يابن الحلال انا قلت ايه .."..
..هز رأسه بالنفي وقال وهو يتأتأ بلسانه ..
.."..لازم تفتكري لوحدك ...وساعتها وعد مني انفذ اللي طلبتيه بالحرف الواحد .."..
..ضاقت كلتا عينيها وهي تنظر له شزرا وتأففت بكلمات غير مفهومة ثم اشاحت برأسها عنه لتنظر للطريق عبر زجاج نافذتها..
..بعد ان وصل أمام الشركة نزل من السيارة هو وايمان ..تسمرت ايمان أمام مكتب الأمن الصغير ..تحرك انفها بطريقة غريبة ..توقف ابراهيم ونظر وراءه ليجد تلك التي تبحث بعينيها عن شيء ما ..نظر حوله ثم تقدم ناحيتها وهو يقول ..
.."..انتي وقفتي ليه .."..
..وجدت غايتها بعينيها والذي كان عبارة عن كيس بلاستيكي مملوء بشطائر الفول والفلافل ..قابع فوق مكتب صغير بحجرة الامن ..تلعثمت بقولها ..
.."..لا ..لا مافيش حاجة ..يالا بينا.."..
..مشت بجانبه وعينيها تتسع باتساع ما حولها حتى كادت ان تتعثر ..اسرع ابراهيم بمحاوطة خصرها وهو يقول متلهفا ..
.."..حاسبي .."..
..اعتدلت بوقفتها وهي تهندم سترتها قائلة بإرتباك ..
.."..توشكر ..خلاص..خلاص انا تمام ..بس خليك جمبي لنتوه في المعمعة دي ..يالهوتي كل دي شركة ..شركة ايه دي .."..
..امسك بكفها الصغير وهو يقول ..
.."..هتعرفي كل حاجة بعدين .."..
..كانت انظار جميع من حولهم لا تحيد عنهم وازدادت الهمسات دون التفوه بكلمة واحدة ..دلفا الاثنان للمصعد لتصيح بصوت عال ...
.."..ياختااااي انا مبحبش اركب البتاع دا ..بحس براسي بتنزل وبتطلع لوحدها .."..
..هز ابراهيم رأسه بتعجب وقال وهو يمط شفتيه..
.."..بتطلع وبتنزل لوحدها ..دا ازاي دا..معلش ياستي استحملي ..ماهو مش معقول هتطلعي تسع ادوار .."..
..امسكت بذراعه وهي مغمضة العينين وقالت..
.."..كويس اني مفطرتش كان زماني رجعت في وشك.."..
..ظهر الاشمئزاز بوجه ابراهيم وهو يقول ..
.."..الله يخربيت قرفك ..خلاص وصلنا اهو .."..
..تنفست الصعداء فور خروجها من المصعد وهي تتمتم بالشهادة..سارا الاثنان بالممر الطويل والذي يتخلله عدة غرف لمكاتب الموظفين ذات الدرجة العالية ..عاودت ايمان النظر حولها بعيون متسعة يملؤها الانبهار ..وكانها خرجت من عالم لعالم اخر مغاير تماما لكل ما راته او سمعت به ..نسمة باردة جعلت جسدها يقشعر ورائحة عطرة تتنفسها لأول مرة..وبالنهاية وجدت نفسها داخل مكتب صغير تجلس بداخله شابة صغيرة ترتدي بنطال ضيق من القماش وبلوزة تحدد معالم جسدها بكل دقة تكاد حوافها ان تلامس خصرها ..ارتسمت الابتسامة فوق ملامح تلك الشابة وتقدمت مسرعة ناحية ابراهيم حاملة بيدها دفتر صغير تحتضنه وكأنه صغيرها ..وقالت بصوت قوي ..
.."..حمدالله ع السلامة ياابراهيم بيه.. المكتب وكل شيء جاهز زي ماامرت حضرتك بالظبط .."..
..تقدم ابراهيم وبيده كف ايمان وهو يقول بصوت جاد..
.."..الله يسلمك يا ليلى .."..
..كانت ايمان تسير بجانبه دون اعتراض ..دلفا للمكتب الكبير ليقف ابراهيم أمام السكرتيرة ليلى وهو يشير لإيمان ويقول..
.."..ايمان هانم مراتي وعضوة مجلس ادارة ...ومن اول انهاردة هتكوني انتي السكرتيرة الخاصة لمدام ايمان .."..
..زاغت عيني ليلى بينهما وقالت بتلكؤ..
..".. تحت امرك ياافندم ...مبروك ياافندم ..الف مبروك ياايمان هانم..أي...أي أوامر تانية حضرتك .."..
..اجابها ..
.."..لا اتفضلي انتي دلوقتي .."..
..وقبل ان تخرج أشارت لها ايمان قائلة بنبرة صوت ممتنة..
.."..متشكرين ياابلة.."..
..انتقلت ليلى بعينيها بينهما وهي تحاول ان ترسم فوق وجهها ابتسامة شاحبة فهزت رأسها بالايجاب وقالت ..
.."..بعد اذنكو.."..
..لوحت ايمان لها بيدها وكأنها تودعها وهي تقول ..
.."..اذنك معاكي ياقطة .."..
..نظرت ايمان لابراهيم لتجده متخصرا وينظر لها شزرا ..فقالت بقلق..
.."..ايه ..انت بتبصلي كدة ليه..غلط اني شكرت العروسة على تعبها معانا .."..
..تنهد بإستسلام وامسك بيدها برفق وتقدم بها ناحية الاريكة...جلسا الاثنان فوق الاريكة القابعة بجانب جدار المكتب الزجاجي ..
..بدأ ابراهيم حديثه بقوله..
.."..ايمان انا وعدتك اني مش هستقوى عليكي تاني ومش هقولك أي كلمة تجرحك ..بس لو سمحتى انا عايز منك في المقابل انك تسمعي كلامي ...لأن دا في مصلحة القضية ومصلحتنا كلنا ..اتفقنا .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وقالت بصوت هادئ..
.."..حاضر..اتفقنا.."..
..قال ابراهيم ..
.."..جميل ...بعد حوالي نص ساعة في مدرسين هييجوا يقعدوا معاكي ..فعايزك تكوني متعاونة معاهم ..اتفقنا ياايمان. "..
..هبت لتقف وتقول بعصبية..
.."..مدرسين ..مدرسين ليه ان شاء الله ..شايفني جاهلة ..انا معايا دبلوم ياباشا ..ولا نسيت.."..
..امسك ابراهيم بذراعها لتجلس بجانبه عنوة وقال بصوت يشوبه الغيظ..
.."..انا عارف انك متعلمة ومعاكي دبلوم ..بس المدرسين اللي هيقعدوا معاكي دول عشان حاجة تانية ..هيقعدوا معاكي لمدة شهر عشان في النهاية لما تقفي قدام القاضي وتتكلمي ..يلاقي قدامه واحدة متحضرة ومثقفة.."..
..ضربت ايمان ظهر يدها براحة يدها الثانية فوق خصرها وهي تقول ...
.."..ميتحضرة وموثقفة ...متقلقش من الناحية دي حضرتك ..
لو على ميتحضرة فأنا هحضر الجلسة في معادها بالمظبوط ومش هتأخر ثانية واحدة ..ولو ع الثئافة ...فااحنا متثئفين اوي لموأخذة ..حتى إمتحني كدة.."..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت صارم..
.."..من غير ماامتحنك ..انتي وعدتينا انك هتنفذي اللي هنقولك عليه .."..
..زفرت بضيق وهي تقول بصوت غاضب..
.."..الأمر لله..صبرنا يارب.."..
وقف ابراهيم وقال ..
.."..اوكي ..هسيبك دلوقتي وهمر عليكي بعد نص ساعة ..لو احتاجتي حاجة ..السكرتيرة برة قوليلها على اللي انتي عايزاه وهي هتجبهولك لحد عندك.."..
..ظلت جالسة فوق الاريكة تنظر لذاك الذي خرج لتوه من مكتبها ..فهرولت ناحية الباب وفتحته ببطئ ثم أخرجت رأسها فقط لتنظر لتلك الشابة التي تنظر بتمعن لشاشة الحاسب ..
..وبصوت خافت قالت ايمان..
.."..بسبس بسبس...انتي ياحلوة.."..
..اخذت السكرتيرة تلتفت براسها وتبحث بعينيها عن مصدر هذا الصوت ..لتجد تلك التي تنظر اليها وتشير لها بيدها ..
..اسرعت ليلى ناحيتها وهي تتسائل بتعجب ..
.."..في حاجة ياايمان هانم ..اؤمري .."..
..اعتدلت ايمان بوقفتها وهي تقول بوجه باسم..
.."..الامر لله ياعسل ..بقولك ..عارفة الشباب اللي واقفين حراسة تحت عند كشك الامن اللي قدام الشركة.."..
..رمشت ليلى بعينيها عدة مرات وهي تستعب سؤالها فقالت ..
.."..السيكيورتي ..ايوة ياافندم ..مالهم.."..
..ضربتها ايمان بكتفها وهي تقول بصوت قوي ..
.."..الله ينور عليكي هما الكومسرية دول ..اندهيلي بقى واحد منهم دلوقتي ..عايزاه في حاجة كدة..بس بسرعة اللهي يسترك.."..
.."..تعال ورايا على اوضتها .."..
..كانت انفاسها الساخنة تلفح رقبته التي تعلقت بها بكلتا ذراعيها ..شعر بحرارة جسده ترتفع وبذراعيه تشتد قوتها حول جسدها ليقربها منه اكثر واكثر ..التفت بوجهه لينظر الى وجهها المغموس داخل تجويف رقبته ليجد نفسه يتعثر بخطواته حتى كاد ان يقع بها ..فتماسك وتنحنح وهو ينظر امامه ليتبع عمته ..وضعها بهوادة فوق فراشها ليجد عمتها تضع فوقها الغطاء بعد ان نزعت عنها حذائها ..وقف الاثنان ينظران اليها ..مالت شفتي ابراهيم بابتسامة تزين وجهه ثم مال بجذعه واقترب من وجهها فأمسكت العمة بمرفقه وهي تقول بصوت حاد خافت ..
.."..إنت هتعمل ايه .."..
..زفر ابراهيم بضيق وإعتدل بوقفته ثم همس لعمته ..
.."..في ايه ياعمتي..هابوس مراتي ..هي مش قالت هات بوسة ..."..
..ضربته فوق كتفه وقالت وهي تمسك بذراعه وتجره ناحية باب الغرفة ..
.."..البنت من تعبها طول اليوم بتتكلم أي كلام وهي نايمة ..يالا اتفضل انت كمان على اوضتك.."..
..وقبل ان يلتفت برأسه لينظر لتلك النائمة ..امسكت عمته بذقنه لتمنعه من ذلك وهي تنظر له بتجهم وتقول بنبرة صوت حادة ..
.."..ابراااهيم .."..
..رفع كلتا ذراعيه وهو يقول بإستسلام ..
.."..خلاص ياعمتي خلاص ..خارج اهو .."..
..خرجا الاثنان من الغرفة واغلقت العمة الباب برفق وهي تقول بصوت صارم لذلك الواقف مكانه ..
.."..على اوضتك ..واياك تقرب من هنا ..وياريت تنام عشان بكرة يوم حافل ..اتفضل .."..
..اقترب ابراهيم من عمته وامسك برأسها ليطبع قبلة فوق جبينها وهو يقول بصوت يشوب نبرته الكثير من السعادة ..
.."..تصبحي على خير يازوزو .."..
..وضع كلتا كفيه داخل جيبي بنطاله ومشى ناحية غرفته وبدأت شفتيه تصدر صوت انغام ناعمة على هيئة صفير هادئ..هزت العمة رأسها وهي تتبعه بنظراتها ووجهها ترتسم الابتسامة فوق صفحته..وهي تقول ..
.."..معقولة بالسرعة دي ..جايز .."..
..مضى الليل واشرقت شمس الصباح ..ليتجهم وجه ايمان من تلك اللكزة التي تضرب وجنتها وصوت لحوح يقول ..
.."..ايمان ..ايمان ...اصحي ياحبيبتي ..اصحي بقى يالا هتتاخري .."..
..وبشق الانفس فتحت ايمان اجفانها لتسرع بوضع كفيها فوق عينيها لتمنع عنهما هذا الضوء المزعج فتقول متأففة ..
.."..حد يقفل الشباااك ..مش عارفة افتح عيني ..واللي عمال يوزغودني دا ..انا هفرتكه.."..
..وجدت من يصفع ظهر يدها ويقول بصوت جاد وقوي ..
.."..إتأدبي يابنت ..و يالا قومي ..تعبتيني.."..
..ضاقت عيني ايمان وقالت بصوت اجش بعد ما وضحت الرؤية ..
.."..عمتي ..هو انتي يا حبيبتي.. واللي معرفش بتصحيني ليه ..هي الساعة كام ياوزتي.."..
..جلست عمتها بجانبها وهي تقول بعصبية واهية..
.."..بنت.. وبعدين ...ايه وزتك دي ..يالا قومي الساعة بقت ستة ونص .."..
..فتحت ايمان عينيها واسرعت لتقم وتجلس قائلة بصوت عال..
.."..يانهار ياجدعان..بتصحيني ستة ونص ..ليييييه ..هو انا سواق اتوبيس نقل عام....دا انا بذات شخصيتي بفتح ورشتي الساعة عشرة .."..
..تنهدت زهرة ووضعت ساقها فوق الاخرى وهي تقول بثقة ..
.."..من هنا ورايح هتصحي بدري عشان تاخدي حمامك وتفطري وتروحي مع ابراهيم على الشركة ..يالا .."..
..استعادت ايمان ثباتها الكامل وتسائلت ..
.."..كل دا مطلوب مني انا ..اصحى بدري.. واخد الحمام اللي معرفش هاخده على فين.. وكمااان هاروح الشركة مع الباشا و اللي بردو معرفش هروح معاه ليييه ولا شركة ايه دي من اصله..انتي حد مسلطك عليا ياعمتي.."..
..وقفت العمة بحركة عصبية وقالت آمرة اياها ..
.. "..من غير ما اسمع ولا كلمة يالا قومي قدامي ..يالا على الحمام.."..
..نفضت ايمان الغطاء عن نفسها وتركت فراشها وهي تتمتم بكلمات اعتراضية غير مسموعة أو مفهومة لتقف فجأة أمام باب الحمام ..استدارت وهي تحك اصابعها برأسها وتقول..
.."..لموأخذة هو انا جيت هنا ازاي ..انا اخر حاجة فاكراها اني كنت في العربية .."..
..تقدمت عمتها ناحيتها وهي تقول والابتسامة تعلو شفتيها ..
.."..انتي نمتي في العربية ..وابراهيم شالك وجابك لغاية هنا .."..
..اتسعت اعين ايمان وقالت بغضب ..
.. ".. شالني..يعني ايه شالني دي ..هو هياخدها حلوانة في سلوانة ولا ايه ..لو سمحتي ياعمتي تفهميه انه حسه عينه يشيلني تاني .."..
..تخصرت العمة ورفعت احدى حاجبيها وقالت بصوت ساخر ..
.."..غريبة ..الكلام اللي قولتيه وهو شايلك زي البيبي ..لا يدل خالص على انك كنتي مضايقة ..بالعكس انا شايفة انك كنتي مبسوطة خالص .."..
..رمشت ايمان عدة مرات وقالت بتلعثم وهي تشير لنفسها ..
.."..آ آ آ ..انا ..انا اتكلمت وانا نايمة ..احييه..اتكلمت قولت ايه ياعمتي .."
..لامست العمة شفتيها بأصابع كفها الصغير وظهرت الابتسامة بعينيها وهي تقول ..
.."..ابقي إسألي ابراهيم وهو هيقولك..يالا يالا عشان منتأخرش على جدك .."..
..ظلت ايمان بمكانها تلح على عمتها ان تفصح عن ماقالته وهي نائمة ولكن بدون فائدة..امسكت العمة بكتفيها لتستدير ثم لتدفع بها ناحية الحمام ..لتهمس ايمان لنفسها وكأنها تطمئن نفسها..
.."..اكيد قلت كلام كويس..ماهو لو كان وحش كانت عمتي بهدلتني ..هو اكيد اكيد كلام كويس.."..
..وبعد برهة من الوقت كانت العمة وايمان يقفان أمام خزانة الملابس الممتلئة عن اخرها ..لتصيح ايمان بغضب..
.."..فين هدومي ياعمتي.."..
..اجابتها العمة وهي تمد يدها لفستان معلق بالخزانة ..
.."..هي دي هدومك من هنا ورايح ..ولا عايزة تروحي الشركة بالبنطلون والبلوزة ..يالا البسي الفستان دا .."..
..اخذت ايمان الفستان ورمت به فوق الفراش وقالت وهي تحاول بصعوبة ان تكون هادئة ..
.."..عمتي حبيبتي...استهدي بالله كدة وقوليلي هدومي فين..انا مابلبسش فساتين ..تاني حاجة ياست الكل انتي عايزاني اروح الشركة اهبب فيها اااايه.."..
..تنهدت العمة وامسكت بيدها واتجها هما الاثنان ناحية الاريكة ليجلسا سويا..قالت العمة زهرة وهي تحاوط يد ايمان بكفيها..
.."..حبيبتي...مش احنا اتفقنا امبارح انك هتنفذي كل اللي هنقول عليه لمصلحة القضية..ووعدتي كمال بيه المحامي بكدة .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وهي تقول..
.."..حصل ياعمتي حصل...بس انا وعدته اني اسمع الكلام ..في إني اقعد مع جدي هنا معاكم ..واعمل تحليل الدم ..و ايه تاني يابت ياايمان ..و ايه تاني ...بس هو كدة ...متفقناش بقى إني البس فساتين واروح شركات لموأخذة.."..
..شدت العمة بيدها على كف ايمان وقالت بصوت هادئ..
.."..ايمان اسمعيني كويس ..عشان نكسب القضية وجدك يطمن عليكي.. لازم تسمعي وتنفذي كلامي انا وابراهيم..
عشان تكوني مستعدة لما تقفي قدام القاضي وهو بيتكلم معاكي..فهمتي حبيبتي.."..
..مطت ايمان شفتيها واستندت بوجنتها فوق كفها وهي تتمتم بإستسلام وضيق..
.."..الأمر لله ..لما نشوف اخرتها.."..
..وقبل ان تمر الساعة كانت العمة كانت قد انتهت من تصفيف شعر ايمان ووضع زينة خفيفة تزين بها وجهها..
..وقفت ايمان أمام المرآة تتطلع لهيئتها الجديدة تلتف يمينا وشمالا تنظر لفستانها لتقول بتأفف..
.."..انتي متأكدة ياعمتي ان الفستان دا بتاع الشغل ..دا انا ممكن بالهيئة دي كلها اروح بيه اجدعها فرح ..وكمان دا ضيق وواصل لحد الركبة ..مايصحش ياعمتي .."..
..امسكت العمة بزجاجة العطر وزخت برذاذها حول عنق ايمان ثم وضعتها فوق منضدة الزينة وهي تقول ..
.."..الفستان شيك جدا ومحتشم وانتي فيه زي القمر ..يالا بقى عشان احنا اتأخرنا عليهم ...يالا يالا.."..
..كان الجد وحفيديه ابراهيم ومراد يتناولون الافطار ويتناقشون حول الصفقة الاخيرة التي تمت بنجاح وانهم الان على استعداد للصفقة الجديدة واثناء حديثهم اصدر مراد بصوته صفيرا عاليا عندما لمح إيمان وهي تنزل درجات السلم..التفت ابراهيم ناحية ماينظر اليه مراد ليجد زوجته تظهر شيئا فشيئا بفستان اسود وبها خطوط بيضاء يعلوه سترة سوداء تصل حوافها لخصرها النحيل ويربط بين طرفيها دبوس من المعدن ..اظهر جسدها المتناسق ملامحه بشكل يجذب اعين الناظرين بقوة وسيقانها البيضاء التي يظهر جزء لا بأس منها ..ثم رفع عينيه لينظر لوجهها الذي ظهر بكامله نظرا لشعرها المرفوع اعلى رأسها على هيئة كعكة صغيرة وعلى جانبي وجهها تنزل خصلات ناعمة تهتز بالقرب من اذنيها الصغيرتين ..
..تنحنح ثم التفت لمراد بوجه غاضب وقال ..
.."..ماتحترم نفسك ..بتصفر على ايه .."..
..ضحك مراد وهو ينظر لتلك الجميلة التي اتجهت لجدها تقبل رأسه وقال..
.."..في ايه ياابراهيم ..بنت عمي وبشجعها .."..
..وقبل ان يرمي ابراهيم بالشوكة بوجه مراد ..قالت ايمان بصوت هادئ..
.."..صباح الخير عليكو.."..
..وكان اول من نطق هو مراد بقوله..
.."..صباح الجمال .."..
..زمجر ابراهيم وقال بصوت غاضب عال من بين اسنانه ..
.."..مرااااد .."..
..رفع مراد يديه عاليا وردد بصوت ضاحك ..
.."..اوكى اوكى .. man ..يا..peace.."
..ابتسم الجد لايمان وقال ..
.."..صباح الخير يا بنتي ..يالا اقعدي جمب جوزك وافطري عشان تروحوا الشركة سوا ..وهناك ابراهيم هيفهك على كل حاجة.."..
..جلست ايمان بجانب ابراهيم وهي تردد بمضض..
.."..حاضر ياجدي اللي تؤمر بيه.."..
..نظر ابراهيم لتلك التي جلست بجانبه فأراد ان يشاكسها قليلا ..مال ناحيتها وهمس لها بقوله ..
.."..ايه رأيك في البرفان .."..
..مالت ايمان بعيدا عنه وضاق مابين حاجبيها وهي تقول ..
.."..براڤان ايه دا ان شاء الله .."..
..ضحك ابراهيم ضحكة خافتة ثم قال بتهكم ..
.."..انتي امبارح طلبتي مني طلب ..وانا ناوي انفذهولك .."..
..رددت بنزق ..
.."..طلب ايه وبرافان ايه ..ايه الكلام اللي مش راكب على بعضه دا.."..
..غمز لها وهو يهمس ..
.."..هبقى اقولك في العربية.."..
..قطبت ايمان جبينها بقوة وهي تهمس لنفسها ..
.."..دا عبيط دا ولا ايه.."..
..قال الجد بصوت جاد ..
.."..كلم كمال المحامي ياابراهيم ..بكرة بعد الضهر في اجتماع مجلس ادارة ..والبيه ابني المبجل هيحضر ..وعايز نكون مستعدين لأني هحضر الاجتماع .."..
..ظهرت الجدية بملامح ابراهيم وقال..
.."..ما بلاش ياجدي حضرتك تحضر ..وانا ومراد وعمي كمال هنحضر الاجتماع وهنبلغ حضرتك بالنتيجة .."..
..ردد الجد بصوت صارم ..
.."..انا قلت هحضر الاجتماع ياابراهيم ..ويالا اتفضلوا .."..
..انصاع الاحفاد لأمر الجد واتجهوا جميعا ناحية الباب ليصدح صوت الجد مرة اخرى قائلا..
.."..ابراهيم..مراد ..خلوا بالكوا من بنت عمكو.."..
..التفتا لجدهما وهزا رأسيهما بنعم ..امسك ابراهيم بكف ايمان وسار بها ..فحاولت ان تنزع يدها من راحة يده دون فائدة فقالت بتأفف..
.."..ماتسيب ايدي اللي كل ماتشوفها تلزقها في ايدك ..هو انت واخد بنتك وساحبها وراك ع المدرسة ياجدع انت.."..
..لم يعرها أي انتباه ولم يجبها الا بجملة واحدة ..
.."..هوشششش....امشي وانتي ساكتة.."..
..زفرت وهي تستغفر ربها ..ومشت بجانبه للجراج لتجد السائق إمام واقفا مطأطأ راسه بجانب السيارة ..صاحت به بوجه باسم ..
.."..صباح الخير ياسطى اؤمؤم.."..
....رفع إمام رأسه واسرع بفتح باب السيارة لإيمان وردد بصوت هادئ
.."..صباح النور ياايمان هانم..صباح الخير ياابراهيم بيه .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا وهي تقول بنزق ..
.."..يادي النيلة على الهانم واللي مش هانم والبيه معاهم .."..
..شد ابراهيم بقبضته على كفها فتأوهت بصوت مكتوم وهي تنظر لجانب وجه ابراهيم المتجهم والذي قال بصوت حاد..
.."..انا اللي هسوق العربية ..وانت خليك هنا لو عمتي او جدي احتاجوا حاجة.."..
..وقف إمام جانبا وقال بصوت يشوبه بعض الحزن..
.."..أمرك ياابراهيم بيه.."..
..تجلى الحزن والغضب معا بوجه ايمان ولكنها لم تستطع ان تفعل شيئا غير ركوب السيارة ..وعند بدء تشغيل السيارة فتحت ايمان نافذتها وهتفت للسائق إمام قائلة..
.."..سلام ياسطى اؤمؤم..ومتقلقش موضوعك منسيتهوش ..وقريب اوي هتسمع اخبار حلوة..امين.."..
..لم تحن له الفرصة لإجابتها نظرا لمرور السيارة امامه بسرعة ..
..ضرب ابراهيم المقود بيده ..لتلتفت له ايمان قائلة بعصبية..
.."..اسطى إمام معملش حاجة عشان تعامله كدة ..مهما كان دا راجل وعنده عزة نفس.."..
..ارتسمت ملامح الغضب فوق صفحة وجه ابراهيم وقال..
.."..انا حذرته لو لقيته واقف معاكي تاني هيكون دا اخر يوم له بالفيلا .."..
..رددت بصوت غاضب..
.."..انا اللي بقعد معاه وانا اللي بتكلم معاه...هو مالوش ذنب..اسطى إمام زميلي وانا بعتبره زي اخويا..ولو زعلته ياباشا انا اللي هقفلك ..امين.."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال غاضبا..
.."..ايمان ..متعصبنيش ..الموضوع دا منتهي.."..
..تأففت ونظرت للطريق وبعد برهة من الوقت والصمت ..وضعت يدها فوق معدتها وأخذت تلتفت برأسها يمينا وشمالا وكأنها تبحث عن شيء ما على جانبي الطريق ..نظر لها ابراهيم لها بتعجب وسألها..
.."..في ايه تاني بتدوري على ايه في الشارع.."..
..ظلت تبحث بعينيها عن غايتها دون فائدة.. فزفرت بيأس قائلة..
.."..ايه النحس دا ...الشوارع دي مافيهاش عربية فول واحدة .."..
..قطب ابراهيم جبينه وقال ..
.."..عربية فول ..ليه .."..
..التوت شفتي ايمان وهي تقول ..
.."..لا ابدا ..عايزة اتصور جمبها تصويرة..هيكون ليه يعني ..عايزة افطر ..جعانة .."..
..تعجب ابراهيم واجابها..
.."..ممكن تبطلي لماضة وانتي بتتكلمي معايا ..وكمان ماحنا لسة مخلصين فطار من شوية .."..
..شبكت ايمان ذراعيها امام صدرها وهي تقول بغضب..
.."..وهو دا كان اسمه فطار ..بتاكلوا الجبنة بالشوكة والسكينة..وتقولي بتفطروا ..انا عارفة بتشبعوا ازاي من الفتافيت اللي بتاكلوها دي .."..
..ابتسم ابراهيم وقال وهو ينظر للطريق أمامه..
.."..لما نوصل الشركة هبعتلك العامل بالكافتيريا .."..
..استطرد قوله بتهكم واضح وهو يميل بجذعه ناحيتها..
.."..هو انتي دايما بتتكلمي وانتي نايمة .."..
..اتسعت عينيها والتفتت برأسها ناحيته وهتفت به..
.."..هو في ايه بالظبط ..انت وعمتي لوكلوك لوكلوك كتير في الموضوع دا ...عادي على فكرة ..ناس كتير بتتكلم وهي نايمة ..وكمان امبارح كان يوم صعب ..سفر وخروج ولف في الحسين ومشوار الحارة ...فطبيعي يعني انام زي الفسيخة واقول أي كلام فاضي .."..
..استطردت قولها وهي تشير له بأصبعها ..
.."..ااه صحيح افتكرت...اخر مرة تشيلني ..ابقى إنغوزني بأي حاجة وصحيني ..أو سيبني مكاني لغاية الصبح .."..
..حك ابراهيم ذقنه بأصبعيه وقال بصوت هادئ..
.."..مقدرش اوعدك ..خصوصا بعد اللي قولتيه وانتي متعلقة في رقبتي .."..
..لوحت بكلتا يديها وهي تصيح به..
.."..استغفر الله العظيم يارب...متقولي يابن الحلال انا قلت ايه .."..
..هز رأسه بالنفي وقال وهو يتأتأ بلسانه ..
.."..لازم تفتكري لوحدك ...وساعتها وعد مني انفذ اللي طلبتيه بالحرف الواحد .."..
..ضاقت كلتا عينيها وهي تنظر له شزرا وتأففت بكلمات غير مفهومة ثم اشاحت برأسها عنه لتنظر للطريق عبر زجاج نافذتها..
..بعد ان وصل أمام الشركة نزل من السيارة هو وايمان ..تسمرت ايمان أمام مكتب الأمن الصغير ..تحرك انفها بطريقة غريبة ..توقف ابراهيم ونظر وراءه ليجد تلك التي تبحث بعينيها عن شيء ما ..نظر حوله ثم تقدم ناحيتها وهو يقول ..
.."..انتي وقفتي ليه .."..
..وجدت غايتها بعينيها والذي كان عبارة عن كيس بلاستيكي مملوء بشطائر الفول والفلافل ..قابع فوق مكتب صغير بحجرة الامن ..تلعثمت بقولها ..
.."..لا ..لا مافيش حاجة ..يالا بينا.."..
..مشت بجانبه وعينيها تتسع باتساع ما حولها حتى كادت ان تتعثر ..اسرع ابراهيم بمحاوطة خصرها وهو يقول متلهفا ..
.."..حاسبي .."..
..اعتدلت بوقفتها وهي تهندم سترتها قائلة بإرتباك ..
.."..توشكر ..خلاص..خلاص انا تمام ..بس خليك جمبي لنتوه في المعمعة دي ..يالهوتي كل دي شركة ..شركة ايه دي .."..
..امسك بكفها الصغير وهو يقول ..
.."..هتعرفي كل حاجة بعدين .."..
..كانت انظار جميع من حولهم لا تحيد عنهم وازدادت الهمسات دون التفوه بكلمة واحدة ..دلفا الاثنان للمصعد لتصيح بصوت عال ...
.."..ياختااااي انا مبحبش اركب البتاع دا ..بحس براسي بتنزل وبتطلع لوحدها .."..
..هز ابراهيم رأسه بتعجب وقال وهو يمط شفتيه..
.."..بتطلع وبتنزل لوحدها ..دا ازاي دا..معلش ياستي استحملي ..ماهو مش معقول هتطلعي تسع ادوار .."..
..امسكت بذراعه وهي مغمضة العينين وقالت..
.."..كويس اني مفطرتش كان زماني رجعت في وشك.."..
..ظهر الاشمئزاز بوجه ابراهيم وهو يقول ..
.."..الله يخربيت قرفك ..خلاص وصلنا اهو .."..
..تنفست الصعداء فور خروجها من المصعد وهي تتمتم بالشهادة..سارا الاثنان بالممر الطويل والذي يتخلله عدة غرف لمكاتب الموظفين ذات الدرجة العالية ..عاودت ايمان النظر حولها بعيون متسعة يملؤها الانبهار ..وكانها خرجت من عالم لعالم اخر مغاير تماما لكل ما راته او سمعت به ..نسمة باردة جعلت جسدها يقشعر ورائحة عطرة تتنفسها لأول مرة..وبالنهاية وجدت نفسها داخل مكتب صغير تجلس بداخله شابة صغيرة ترتدي بنطال ضيق من القماش وبلوزة تحدد معالم جسدها بكل دقة تكاد حوافها ان تلامس خصرها ..ارتسمت الابتسامة فوق ملامح تلك الشابة وتقدمت مسرعة ناحية ابراهيم حاملة بيدها دفتر صغير تحتضنه وكأنه صغيرها ..وقالت بصوت قوي ..
.."..حمدالله ع السلامة ياابراهيم بيه.. المكتب وكل شيء جاهز زي ماامرت حضرتك بالظبط .."..
..تقدم ابراهيم وبيده كف ايمان وهو يقول بصوت جاد..
.."..الله يسلمك يا ليلى .."..
..كانت ايمان تسير بجانبه دون اعتراض ..دلفا للمكتب الكبير ليقف ابراهيم أمام السكرتيرة ليلى وهو يشير لإيمان ويقول..
.."..ايمان هانم مراتي وعضوة مجلس ادارة ...ومن اول انهاردة هتكوني انتي السكرتيرة الخاصة لمدام ايمان .."..
..زاغت عيني ليلى بينهما وقالت بتلكؤ..
..".. تحت امرك ياافندم ...مبروك ياافندم ..الف مبروك ياايمان هانم..أي...أي أوامر تانية حضرتك .."..
..اجابها ..
.."..لا اتفضلي انتي دلوقتي .."..
..وقبل ان تخرج أشارت لها ايمان قائلة بنبرة صوت ممتنة..
.."..متشكرين ياابلة.."..
..انتقلت ليلى بعينيها بينهما وهي تحاول ان ترسم فوق وجهها ابتسامة شاحبة فهزت رأسها بالايجاب وقالت ..
.."..بعد اذنكو.."..
..لوحت ايمان لها بيدها وكأنها تودعها وهي تقول ..
.."..اذنك معاكي ياقطة .."..
..نظرت ايمان لابراهيم لتجده متخصرا وينظر لها شزرا ..فقالت بقلق..
.."..ايه ..انت بتبصلي كدة ليه..غلط اني شكرت العروسة على تعبها معانا .."..
..تنهد بإستسلام وامسك بيدها برفق وتقدم بها ناحية الاريكة...جلسا الاثنان فوق الاريكة القابعة بجانب جدار المكتب الزجاجي ..
..بدأ ابراهيم حديثه بقوله..
.."..ايمان انا وعدتك اني مش هستقوى عليكي تاني ومش هقولك أي كلمة تجرحك ..بس لو سمحتى انا عايز منك في المقابل انك تسمعي كلامي ...لأن دا في مصلحة القضية ومصلحتنا كلنا ..اتفقنا .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وقالت بصوت هادئ..
.."..حاضر..اتفقنا.."..
..قال ابراهيم ..
.."..جميل ...بعد حوالي نص ساعة في مدرسين هييجوا يقعدوا معاكي ..فعايزك تكوني متعاونة معاهم ..اتفقنا ياايمان. "..
..هبت لتقف وتقول بعصبية..
.."..مدرسين ..مدرسين ليه ان شاء الله ..شايفني جاهلة ..انا معايا دبلوم ياباشا ..ولا نسيت.."..
..امسك ابراهيم بذراعها لتجلس بجانبه عنوة وقال بصوت يشوبه الغيظ..
.."..انا عارف انك متعلمة ومعاكي دبلوم ..بس المدرسين اللي هيقعدوا معاكي دول عشان حاجة تانية ..هيقعدوا معاكي لمدة شهر عشان في النهاية لما تقفي قدام القاضي وتتكلمي ..يلاقي قدامه واحدة متحضرة ومثقفة.."..
..ضربت ايمان ظهر يدها براحة يدها الثانية فوق خصرها وهي تقول ...
.."..ميتحضرة وموثقفة ...متقلقش من الناحية دي حضرتك ..
لو على ميتحضرة فأنا هحضر الجلسة في معادها بالمظبوط ومش هتأخر ثانية واحدة ..ولو ع الثئافة ...فااحنا متثئفين اوي لموأخذة ..حتى إمتحني كدة.."..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت صارم..
.."..من غير ماامتحنك ..انتي وعدتينا انك هتنفذي اللي هنقولك عليه .."..
..زفرت بضيق وهي تقول بصوت غاضب..
.."..الأمر لله..صبرنا يارب.."..
وقف ابراهيم وقال ..
.."..اوكي ..هسيبك دلوقتي وهمر عليكي بعد نص ساعة ..لو احتاجتي حاجة ..السكرتيرة برة قوليلها على اللي انتي عايزاه وهي هتجبهولك لحد عندك.."..
..ظلت جالسة فوق الاريكة تنظر لذاك الذي خرج لتوه من مكتبها ..فهرولت ناحية الباب وفتحته ببطئ ثم أخرجت رأسها فقط لتنظر لتلك الشابة التي تنظر بتمعن لشاشة الحاسب ..
..وبصوت خافت قالت ايمان..
.."..بسبس بسبس...انتي ياحلوة.."..
..اخذت السكرتيرة تلتفت براسها وتبحث بعينيها عن مصدر هذا الصوت ..لتجد تلك التي تنظر اليها وتشير لها بيدها ..
..اسرعت ليلى ناحيتها وهي تتسائل بتعجب ..
.."..في حاجة ياايمان هانم ..اؤمري .."..
..اعتدلت ايمان بوقفتها وهي تقول بوجه باسم..
.."..الامر لله ياعسل ..بقولك ..عارفة الشباب اللي واقفين حراسة تحت عند كشك الامن اللي قدام الشركة.."..
..رمشت ليلى بعينيها عدة مرات وهي تستعب سؤالها فقالت ..
.."..السيكيورتي ..ايوة ياافندم ..مالهم.."..
..ضربتها ايمان بكتفها وهي تقول بصوت قوي ..
.."..الله ينور عليكي هما الكومسرية دول ..اندهيلي بقى واحد منهم دلوقتي ..عايزاه في حاجة كدة..بس بسرعة اللهي يسترك.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة التاسعة عشر 19 كاملة مكتوبة
المشهد 19
..ظلت ليلى تحدق بإيمان تحاول ان تستعب طريقتها في الحديث وكذلك طلبها الغريب في استدعاء رجل الامن..
..لوحت ايمان بيدها امام وجه ليلى وهي تهتف بها..
.."..إيييه ياابلة ..مالك مابتتحركيش ليه..بقولك بسرعة.."..
..رمشت ليلى عدة مرات وهزت رأسها وهي تتلفت حول نفسها وقالت ..
.."..امرك ياافندم ..بعد اذنك.."..
..اغلقت ايمان باب مكتبها وهي تردد بأريحية ..
.."..اذنك معاكي .."..
..اتجهت ايمان لتجلس امام مكتبها ثم مدت يدها داخل حقيبتها الصغيرة لتمسك بهاتفها ..ضغطت فوق شاشته عدة مرات ثم وضعته على اذنها لتقول بعد مرور عدة ثواني..
.."..الوو..ايوة يابت يالوزة..بقولك.. البسي انتي والواد بلاطة...هبعتلك السواق عند اول الشارع تركبوا معاه وهو هايجبكوا لغاية عندي هنا في الشركة..سلمي على خالتي تهاني وقوليلها...يالا سلام مستنياكوا..."..
..عاودت الضغط على شاشة الهاتف لترفعه على اذنها مرة اخرى وتقول ..
.."..ايوة يااسطى اؤمؤم ..ركز معايا ..هقولك على عنوان تروحه ..هتلاقي هناك انسة ومعاها اخوها الصغير حلو كدة ..مستنينك عند اول الشارع...تركبهم معاك وتجيبهم على هنا..خد رقم تليفونها اهو عشان اول ما توصل المكان .........واكتب عندك العنوان ..........."..
..اغلقت ايمان هاتفها ووضعته على سطح مكتبها ..ثم مسدت فوق بطنها وهي تقول لنفسها..
.."..ياريتني كنت قلت للبت لوزة تجيب معاها علبتين كشري ..بس يالا مش مشكلة ..دلوقتي نضرب الشندويتشات التمام ..والكشري نجيبه على الغدا ان شاء الله.."..
..واثناء ذلك اسرعت ليلى السكرتيرة بخطواتها نحو مكتبها وامسكت بالهاتف الارضي وبدلا من ان تهاتف حجرة الامن ..هاتفت مكتب ابراهيم بيه عبر الهاتف الارضي للشركة...وقالت ما ان أجابها..
.."..ايمان هانم طلبت مني استدعي واحد من السيكيورتي من اللي واقفين قدام الشركة.."..
..وقف ابراهيم وتعجب فور سماعه لذلك وقال ..
.."..طلبت الامن.. ليه ..حصل حاجة.."..
..اسرعت ليلى بجوابها ..
.."..لا ياافندم محصلش حاجة ..هي طلبته بعد ما حضرتك خرجت من عندها.."..
..اغلق ابراهيم الهاتف وقال لنفسه وهو يتجه ناحية باب مكتبه..
.."..انا عارف ان الايام الجاية دي مش هتعدي على خير .."..
..انفرجت اسارير ايمان وهي ترى الباب يفتح ظنا منها ان غايتها قاربت على التحقيق ..وبنفس اللحظة تجهمت ملامحها وهي ترى ابراهيم بوجهه الجامد يتقدم ناحيتها ويشير بيده ويقول متسائلا بصوت عال..
.."..طلبتي السيكيورتي ليه .."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان وهمست لنفسها تسب السكرتيرة..
.."..اه يابنت اللذينا يافتانة.."..
..هبت واقفة وضربت سطح المكتب بقبضتها وهي تقول غاضبة ..
.."..هي الحلوة اللي برة دي.. انت مشغلها مخبر لحسابك ولا حاجة.."..
..استدار ابراهيم حول المكتب ووقف بقبالتها وهو يقول من بين اسنانه بغيظ ..
.."..طالبة السيكيورتي ليييه ياايمان .."..
وقبل ان تجب سمعا الاثنان طرقا خفيفا فوق سطح الباب ..فنظر الاثنان ناحية الباب ونطقا معا..
.."..خش..".. "..ادخل.."..
..لينظر الاثنان لبعضهما ويتبادلا بينهما نظرات غضب قاتلة ..
..دلف للمكتب عامل الكافتيريا الخاصة بالشركة حاملا بين يديه صينية مملوءة ببعض الشطائر وكوب من الشاي..
..وقف العامل يتأملهما هما الاثنان فأشار له ابراهيم بأن يضع مايحمله فوق المنضدة الصغيرة التي تقع أمام الاريكة..انصاع العامل لإشارة صاحب العمل واسرع بخروجه ..ليلتفت ابراهيم برأسه نحو ايمان التي اسرعت بقولها وهي تنظر للشطائر ..
.."..ايه دا .."..
..اجابها ابراهيم ..
.."..مش قلتي جعانة وعايزة تفطري .."..
..حاولت ايمان ان تتخطاه وهي تقول..
.."..طب وسع كدة قبل الشاي مايبرد .."..
..امسك بمرفقها يمنعها من المرور وهو يردد بإصرار..
.."..طلبتي السيكيورتي ليه ياايمان.."..
..نفضت ذراعها عن يده وهي تنظر له بتحدي وتقول ..
.."..طلبته عشان يجيبلي سندويتشات فول وطعمية زي اللي شوفتها معاهم ..ارتحت حضرتك دلوقتي .."..
..رفع ابراهيم رأسه لأعلى ينظر للفراغ أمامه ليستعب ماقالته ..فأستغلت ايمان تلك الفرصة وتخطته مسرعة نحو الاريكة لتجلس فوقها وتمد يدها نحو الشطائر تتفحص عما بداخلها ..التوت جانبي شفتيها وقالت بنزق ..
.."..ماشي الحال ..كل نعمة ربنا حلوة .."..
..اعتدلت بجلستها فوق الاريكة وقالت بحسرة وهي تصدر صوتا بشفتيها...
.."..كان زماني دلوقتي قاعدين انا والواد بلاطة قدام الورشة بنضرب اجدعها سندويتشات فول وطعمية وكوبيتين شاي سخنين..يااااه كانت ايام .."..
..التفت ابراهيم ناحيتها ممتعض الوجه وأخذ يلوح بيده ويقول بصوت حاد ..
.."..انتي مش عاجبك هنا ..ووحشتك القعدة هناك في الحارة.."..
..كانت تأكل غير ابهة بحديثه ثم ترتشف الشاي بأريحية وتقول ..
.."..والله كل واحد وكيفه..انا القعدة وسط ورشتي في الحارة بالدنيا كلها.."..
..تنهد بإستسلام وهز رأسه يمينا وشمالا ثم اتجه اليها ليجلس بجانبها وهو يقول ..
.."..ما علينا ..المهم دلوقتي إن مستر نبيل استاذ اللغة العربية هيوصل بعد شوية ...واتمنى تكوني أد المسئولية ياأيمان هانم.."..
..التهمت الشطيرة الاخيرة بكاملها ثم قالت بنزق وبملامح وجه متجهم..
.."..والله انا ما عارفة ايه لازمة عم المستر اللي جاي دا ..مانا بتكلم عربي زي الفل اهو ..ولا اكونش بتكلم هندي وأنا مش واخدة بالي.."..
..منع ابراهيم نفسه بشق الانفس من أن يخنقها فضرب فخذيه بكلتا كفيه وهب واقفا يقول بصوت حاد وهو يلتفت اليها واضعا كفيه بجيبي بنطاله..
.."..أظن انك فعلا مش واخدة بالك ..بس من حجم المشكلة اللي بتواجهنا يا بنت عمي..لكن اللي متاكد منه انك عند كلمتك ..صح ولا انا غلطان.."..
..رفعت عينيها لأعلى كي تقابل عينيه وتقول ..
.."..ها....لا ..لا طبعا مش غلطان ..وان شاء الله نخلص من المشكلة دي على خير..."..
..سمعا الاثنان طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة بعدها موجهة حديثها لابراهيم قائلة..
.."..مستر نبيل برة وطالب مقابلة حضرتك حسب المعاد ياابراهيم بيه.."..
..وقبل ان يجيبها ابراهيم ..صاحت ايمان بصوت قوي وهي تنظر شزرا للسكرتيرة ..
.."..إلا قوليلي ياابلة ..وانتي في المدرسة مخدتيش في حصة الدين ..إن الفتان بيروح النار..."..
..هزت السكرتيرة رأسها بعدم فهم وهي تنتقل بعينيها بين ايمان وابراهيم الذي أسرع بقوله ..
.."..اتفضلي انتي يا ليلى وخلي مستر نبيل يتفضل.."..
..خرجت ليلى مسرعة ..فأمسك ابراهيم بمرفق ايمان لتقف بقبالته وهو يقول بحزم..
.."..ليلى بتكون سكرتيرتك ..يعني هي هنا لمساعدتك وتنفيذ طلباتك وفي نفس الوقت لو شافت ان الامر يحتاج اني اتدخل بتتصل بيا..فهمتي.."..
..اجابته وهي تنفض مرفقها ...
.."..فهمت .."..
..دلف رجل يبلغ من العمر حوالي خمسون عاما داخل المكتب ..ليتجه ابراهيم اليه ماددا له يده لمصافحته وهو يقول..
.."..اهلا مستر نبيل .."..
..ليجيبه الرجل بحماس ..
.."..اهلا بحضرتك ابراهيم بيه..انا جيت حسب الموعد .."..
..اشار ابراهيم لايمان لتتقدم ناحيتهما وقال..
.."..اعرفك بتلميذتك النجيبة ..ايمان ..مراتي .."..
..استطرد ابراهيم قوله وهو ينظر لايمان..
.."..اعرفك..مستر نبيل ياايمان ..استاذ اللغة العربية.."..
..انتقل نبيل بعينيه لإيمان ومد يده بالمصافحة وهو يقول ..
.."..اهلا ايمان هانم..اتشرفت بحضرتك.."..
..صافحته ايمان بقوة وقالت وهي تهز يده بحماس..
.."..يا الف اهلا وسهلا بأستاذ الأساتيذ كلهم..نورتنا ياحج والله.."..
..اختفت الابتسامة من وجه نبيل وتم استبدالها بعلامات التعجب الشديد..ولم يجبها الا بهز رأسه ببلاهة كبيرة..
..تنحنح ابراهيم بصوت عال بعد أن شعر ببعض الحرج وقال وهو يتجه للمنضدة دعوة منه للجلوس حولها..
.."..اتفضلوا هنا .."..
..جلس كل منهما بقبالة بعضهما ..واستأذنهما ابراهيم وخرج من الغرفة داعيا الله في سره ان يتم الامر على خير دون مصائب ..
..رسم الرجل ابتسامة باهتة فوق شفتيه ثم قال ..
.."..قوليلي يابنتي..انتي معاك شهادة ايه.."..
..ابتسمت ايمان وهزت راسها ورفعت يدها لأعلى لتفتخر بما ستقوله ..
.."..دبلوم صنايع قسم كهربا أد الدنيا .."..
..اقتربت منه بعد التفتت براسها يمينا وشمالا بترقب وتوجس..وهمست قائلة بصوت خافت..
.."..الا قولي ياأستاذ مستر نبيل ..هو الواحد امتى يعرف انه بقى بريمو في العربي وعشرة على عشرة ومحدش أده .."..
..امسك بنظارته لتعتدل فوق عينيه وقال بصوت هادئ قوي وبنبرة صوت يملؤها الثقة..
.."..شوفي يابنتي هتعرفي انك كويسة في اللغة العربية اول ما تلاقي نفسك بتعرفي تقري وتفهمي كلمات القصيدة الجاهلية للشاعر ..الليث بن فاز الغضنفري.."..
..كانت تنظر له بأعين متسعة وفاه مفتوح ..تهز رأسها من اعلى الى اسفل ببلاهة وهي تقول..
.."..يا صلاة النبي ..والحج ابن فايزة الغفير.. كان بيقول ايه لموأخذة.."..
..ابتسم وقال وهو يمط شفتيه..
.."..يالسخرية القدر ..بقى الليث بن فاز الغضنفري ..في الزمن دا بقى اسمه الحج ابن فايزة الغفير ....ما علينا يابنتي .. اسمعي وركزي معايا اول بيت بالقصيدة بيقول ايه ..
.."..-- ومدركل بالشنصلين تجوقلت --
..-- عفص له بالفيلطوز العقصل --.."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت..
.."..يادين النبي ..تصدق بالله يا استاذ مستر نبيل انا اول مرة اعرف ان الشعرا ايام الفراعنة كانوا بيقولوا كلام كبير كدة عن البرباطوز ..."..
..اقترب منها هو هذه المرة وهو يقول بصوت جاد ..
.."..تصدقي انتي بالله اني ماشوفتش ولا هشوف واحدة عبقرية في اللغة زيك يابنتي .."..
..رجعت بظهرها للوراء وهي تربت فوق صدرها والابتسامة تفترش وجهها ..فقالت بإمتنان..
.."..توشكر يا ذوق ياستاذ الاساتيذ ..والنبي إبقى بلغ الباشا لحسن دا فاقد الامل فيا خالص.."..
..اجابها المدرس وهو يقول بجدية..
.."..لا ازاي ..مالوش حق.."..
..استندت بذراعيها فوق سطح المنضدة الكبيرة ومالت برأسها للأمام وهي تقول متسائلة..
.."..الا قولي يا عم الحج..قصدي يااستاذ مستر نبيل ..هي عربية حضرتك ماركتها ايه.."..
..رمش الرجل بعينيه عدة مرات وقال مستغربا ..
.."..عربيتي انا .."..
..ضحكت ايمان ضحكة خافتة وقالت وهي تلتفت برايها يمينا وشمالا وقالت..
.."..هو في حد تاني هنا غيرك لموأخذة..ايوة ياحج عربيتك انت.."..
..مط الرجل شفتيه للامام وقال وهو يهرب بعينيه بعيدا عن نظراتها اليه..
.."..عربية صغيرة كدة على اد الحال ..128.."..
..رفعت ايمان حاجبها وقالت ..
.."..هي صغيرة اه ..بس جامدة وبتستحمل ..انت بس تغيرلها كل فترة زيت ..بس يكون زيت من النوع النضيف وهي هتعيش معاك من غير ما تشتكي كتير ...وع العموم لو اشتكت .."..
..اشارت لنفسها بيدها وقالت بصوت قوي..
.."..محسوبتك موجودة في اي وقت ترجعهالك وأكنك مستلمها جديدة نوڤي.."..
..ازدادت علامات التعجب بملامح الرجل وقال ..
.."..أفندم.."..
..قطع الحديث بينهما هاتف الرجل الذي صدح رنينه عاليا ..لتقف ايمان وتقول ..
.."..على ما ترد حضرتك اكون وصيتلك على كوباية شاي .."..
..فغر الرجل فاهه وهو يتبعها بنظراته وهي تتجه ناحية الباب..ليعود لوعيه بمعاودة صياح رنين الهاتف..
..فتحت ايمان الباب وقالت وهي تشير للسكرتيرة بيدها ..
.."..ليلى.."..
..هبت ليلى لتقف ثم اسرعت بخطواتها نحو ايمان التي قالت..
.."..مش اسمك ليلى بردو .."..
..هزت ليلى رأسها وقالت ..
.."..ايوة ياايمان هانم ..اؤمري حضرتك..".
..ردت ايمان ..
.."..ياختي الامر لله..هو انا كنت زعلانة منك عشان فتنتي عليا ..بس خلاص المسامح كريم ..اوعي تعمليها مرة تانية ..المهم..ابعتي هاتيلنا كوبايتين شاي .."..
..كادت ايمان ان تلتفت ولكنها اسرعت لتنظر لليلى التي تحدق بها ..وقالت..
.."..بعد شوية في انسة هتيجي ومعاها ولد صغير..هي اسمها عزة ..اول ماتيجي تدخليها على طول ..بلغيهم تحت عشان يدخلوهم..اوعي تنسي ..واوعي تفتني تاني ..انا بقولك اهو.."..
..استدارت ايمان واغلقت الباب بوجه تلك التي تقف واجمة..رفعت ليلى رأسها لأعلى وكانها تستنجد قائلة..
.."..أعمل ايه بس يا ربي.."..
..جلست بمكتبها وعملت بما يلزم ولكن هذه المرة دون ابلاغ ابراهيم بشيء ..
..اتجهت ايمان ناحية المنضدة فسمعت الرجل يقول عبر هاتفه...
.."..معلش ياحبيبتي استحملي شوية..اهم حاجة أخدتي العلاج في معاده.....هانت اهو..انا غصبن عني اني مش معاكي ..بس اهو بحاول اجمع الفلوس اللازمة ..ادعيلي ياأم العيال ..ادعيلي.."..
..نظر أمامه ليجد ايمان تجلس بقبالته بتوجس..فأستطرد قوله بصوت خافت..
.."..طب سلام دلوقتي .....لا ..لا..مش هتاخر عليكي ..في رعاية الله.."..
..ابتسمت ايمان وهي تقول ..
.."..الف سلامة على المدام ..معلش انا سمعت حضرتك بتقول انها اخدت العلاج..مالها الف سلامة عليها.."..
..وضع الرجل الهاتف بجيب سترته وقال بنبرة صوت حزينة..
.."..اصلها حامل...وحملها المرادي صعب اوي..مكانش في الحسبان خالص موضوع الحمل دا..احنا عندنا تلات اولاد في مدارس وجامعات..بس أمر الله نفذ ..هي المفروض تكون بالمستشفى اللي بتاابع فيها دلوقتي مع الدكتورة بتاعتها ..لكن الظروف يعني صعبة شوية ..الاولاد ودروسهم ..والله المستعان.."..
..توقف الرجل عن حديثه وحاول ان يكون ثابتا وهو يقول ..
.."..انا اسف يابنتي شيلتك همي ..يالا نبتدي الدرس.."..
..هبت واقفة واتجهت لمكتبها لتمسك بحقيبتها ..اخرجت منها مبلغا من المال ..واقتربت من الرجل الذي كان ينظر لها بتعجب ..
..امسكت ايمان بكف الرجل ووضعت به بضعة ورقات مطوية من المال وقالت بتصميم ونبرة صوت قوية..
.."..وعزة جلال الله..لتاخد الفلوس دي وتروح تاخد المدام على المستشفى على طول متستناش.."..
..نظر الرجل لكف يده التي اطبقت عليه يد ايمان ..ثم رفع نظره اليها ليجدها امسكت بالقلم واعطته اياه وهي تقول..
.."..اكتب هنا حضرتك ..اسم المستشفى ..واسم المدام ..وان شاء الله هتقوم بالسلامة هي واللي في بطنها....اكتب يااستاذ .."..
..ظل الرجل محدقا بها الى ان رفع يده اليها وقال..
.."..انا مستحيل يابنتي اقبل بحاجة زي دي ..اتفضلي فلوسك.."..
..اقتربت منه ايمان وقالت بعد أن انزلت بيد الرجل جانبه ..
.."..يااستاذ لو حضرتك معتبرتنيش زي بنتك ..فانا اعتبرتك زي ابويا ..الناس لبعضها يااستاذ ..واوعي تفتكر ان الفلوس دي صدقة ولا حاجة ..لا يا عم الحج ..دا عربون للدروس الجاية ان شاء الله..ومش دروس ليا بس ..لا ..دا حضرتك هتدرسلي انا والبت لوزة والواد بلاطة...وخصوصا الواد بلاطة دا ..عشان حمار في العربي ..يعني هتتعب معاه اوي ..وهتستحق اكتر من الفلوس دي عشر مرات .."..
..ابتسم الرجل بإمتنان لها وقال وهو يهز رأسه ..
.."..انا ...انا ..مش عارف......"..
..اسرعت ايمان بقولها ..
.."..يالا يااستاذ اكتب اسم المدام والمستشفى.."..
..اجابها الرجل بعد ان كتب بالورقة ماطلبته منه..
.."..ربنا يبارك فيكي يا بنتي.."..
..ظلت ليلى تحدق بإيمان تحاول ان تستعب طريقتها في الحديث وكذلك طلبها الغريب في استدعاء رجل الامن..
..لوحت ايمان بيدها امام وجه ليلى وهي تهتف بها..
.."..إيييه ياابلة ..مالك مابتتحركيش ليه..بقولك بسرعة.."..
..رمشت ليلى عدة مرات وهزت رأسها وهي تتلفت حول نفسها وقالت ..
.."..امرك ياافندم ..بعد اذنك.."..
..اغلقت ايمان باب مكتبها وهي تردد بأريحية ..
.."..اذنك معاكي .."..
..اتجهت ايمان لتجلس امام مكتبها ثم مدت يدها داخل حقيبتها الصغيرة لتمسك بهاتفها ..ضغطت فوق شاشته عدة مرات ثم وضعته على اذنها لتقول بعد مرور عدة ثواني..
.."..الوو..ايوة يابت يالوزة..بقولك.. البسي انتي والواد بلاطة...هبعتلك السواق عند اول الشارع تركبوا معاه وهو هايجبكوا لغاية عندي هنا في الشركة..سلمي على خالتي تهاني وقوليلها...يالا سلام مستنياكوا..."..
..عاودت الضغط على شاشة الهاتف لترفعه على اذنها مرة اخرى وتقول ..
.."..ايوة يااسطى اؤمؤم ..ركز معايا ..هقولك على عنوان تروحه ..هتلاقي هناك انسة ومعاها اخوها الصغير حلو كدة ..مستنينك عند اول الشارع...تركبهم معاك وتجيبهم على هنا..خد رقم تليفونها اهو عشان اول ما توصل المكان .........واكتب عندك العنوان ..........."..
..اغلقت ايمان هاتفها ووضعته على سطح مكتبها ..ثم مسدت فوق بطنها وهي تقول لنفسها..
.."..ياريتني كنت قلت للبت لوزة تجيب معاها علبتين كشري ..بس يالا مش مشكلة ..دلوقتي نضرب الشندويتشات التمام ..والكشري نجيبه على الغدا ان شاء الله.."..
..واثناء ذلك اسرعت ليلى السكرتيرة بخطواتها نحو مكتبها وامسكت بالهاتف الارضي وبدلا من ان تهاتف حجرة الامن ..هاتفت مكتب ابراهيم بيه عبر الهاتف الارضي للشركة...وقالت ما ان أجابها..
.."..ايمان هانم طلبت مني استدعي واحد من السيكيورتي من اللي واقفين قدام الشركة.."..
..وقف ابراهيم وتعجب فور سماعه لذلك وقال ..
.."..طلبت الامن.. ليه ..حصل حاجة.."..
..اسرعت ليلى بجوابها ..
.."..لا ياافندم محصلش حاجة ..هي طلبته بعد ما حضرتك خرجت من عندها.."..
..اغلق ابراهيم الهاتف وقال لنفسه وهو يتجه ناحية باب مكتبه..
.."..انا عارف ان الايام الجاية دي مش هتعدي على خير .."..
..انفرجت اسارير ايمان وهي ترى الباب يفتح ظنا منها ان غايتها قاربت على التحقيق ..وبنفس اللحظة تجهمت ملامحها وهي ترى ابراهيم بوجهه الجامد يتقدم ناحيتها ويشير بيده ويقول متسائلا بصوت عال..
.."..طلبتي السيكيورتي ليه .."..
..ضاق مابين حاجبي ايمان وهمست لنفسها تسب السكرتيرة..
.."..اه يابنت اللذينا يافتانة.."..
..هبت واقفة وضربت سطح المكتب بقبضتها وهي تقول غاضبة ..
.."..هي الحلوة اللي برة دي.. انت مشغلها مخبر لحسابك ولا حاجة.."..
..استدار ابراهيم حول المكتب ووقف بقبالتها وهو يقول من بين اسنانه بغيظ ..
.."..طالبة السيكيورتي ليييه ياايمان .."..
وقبل ان تجب سمعا الاثنان طرقا خفيفا فوق سطح الباب ..فنظر الاثنان ناحية الباب ونطقا معا..
.."..خش..".. "..ادخل.."..
..لينظر الاثنان لبعضهما ويتبادلا بينهما نظرات غضب قاتلة ..
..دلف للمكتب عامل الكافتيريا الخاصة بالشركة حاملا بين يديه صينية مملوءة ببعض الشطائر وكوب من الشاي..
..وقف العامل يتأملهما هما الاثنان فأشار له ابراهيم بأن يضع مايحمله فوق المنضدة الصغيرة التي تقع أمام الاريكة..انصاع العامل لإشارة صاحب العمل واسرع بخروجه ..ليلتفت ابراهيم برأسه نحو ايمان التي اسرعت بقولها وهي تنظر للشطائر ..
.."..ايه دا .."..
..اجابها ابراهيم ..
.."..مش قلتي جعانة وعايزة تفطري .."..
..حاولت ايمان ان تتخطاه وهي تقول..
.."..طب وسع كدة قبل الشاي مايبرد .."..
..امسك بمرفقها يمنعها من المرور وهو يردد بإصرار..
.."..طلبتي السيكيورتي ليه ياايمان.."..
..نفضت ذراعها عن يده وهي تنظر له بتحدي وتقول ..
.."..طلبته عشان يجيبلي سندويتشات فول وطعمية زي اللي شوفتها معاهم ..ارتحت حضرتك دلوقتي .."..
..رفع ابراهيم رأسه لأعلى ينظر للفراغ أمامه ليستعب ماقالته ..فأستغلت ايمان تلك الفرصة وتخطته مسرعة نحو الاريكة لتجلس فوقها وتمد يدها نحو الشطائر تتفحص عما بداخلها ..التوت جانبي شفتيها وقالت بنزق ..
.."..ماشي الحال ..كل نعمة ربنا حلوة .."..
..اعتدلت بجلستها فوق الاريكة وقالت بحسرة وهي تصدر صوتا بشفتيها...
.."..كان زماني دلوقتي قاعدين انا والواد بلاطة قدام الورشة بنضرب اجدعها سندويتشات فول وطعمية وكوبيتين شاي سخنين..يااااه كانت ايام .."..
..التفت ابراهيم ناحيتها ممتعض الوجه وأخذ يلوح بيده ويقول بصوت حاد ..
.."..انتي مش عاجبك هنا ..ووحشتك القعدة هناك في الحارة.."..
..كانت تأكل غير ابهة بحديثه ثم ترتشف الشاي بأريحية وتقول ..
.."..والله كل واحد وكيفه..انا القعدة وسط ورشتي في الحارة بالدنيا كلها.."..
..تنهد بإستسلام وهز رأسه يمينا وشمالا ثم اتجه اليها ليجلس بجانبها وهو يقول ..
.."..ما علينا ..المهم دلوقتي إن مستر نبيل استاذ اللغة العربية هيوصل بعد شوية ...واتمنى تكوني أد المسئولية ياأيمان هانم.."..
..التهمت الشطيرة الاخيرة بكاملها ثم قالت بنزق وبملامح وجه متجهم..
.."..والله انا ما عارفة ايه لازمة عم المستر اللي جاي دا ..مانا بتكلم عربي زي الفل اهو ..ولا اكونش بتكلم هندي وأنا مش واخدة بالي.."..
..منع ابراهيم نفسه بشق الانفس من أن يخنقها فضرب فخذيه بكلتا كفيه وهب واقفا يقول بصوت حاد وهو يلتفت اليها واضعا كفيه بجيبي بنطاله..
.."..أظن انك فعلا مش واخدة بالك ..بس من حجم المشكلة اللي بتواجهنا يا بنت عمي..لكن اللي متاكد منه انك عند كلمتك ..صح ولا انا غلطان.."..
..رفعت عينيها لأعلى كي تقابل عينيه وتقول ..
.."..ها....لا ..لا طبعا مش غلطان ..وان شاء الله نخلص من المشكلة دي على خير..."..
..سمعا الاثنان طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة بعدها موجهة حديثها لابراهيم قائلة..
.."..مستر نبيل برة وطالب مقابلة حضرتك حسب المعاد ياابراهيم بيه.."..
..وقبل ان يجيبها ابراهيم ..صاحت ايمان بصوت قوي وهي تنظر شزرا للسكرتيرة ..
.."..إلا قوليلي ياابلة ..وانتي في المدرسة مخدتيش في حصة الدين ..إن الفتان بيروح النار..."..
..هزت السكرتيرة رأسها بعدم فهم وهي تنتقل بعينيها بين ايمان وابراهيم الذي أسرع بقوله ..
.."..اتفضلي انتي يا ليلى وخلي مستر نبيل يتفضل.."..
..خرجت ليلى مسرعة ..فأمسك ابراهيم بمرفق ايمان لتقف بقبالته وهو يقول بحزم..
.."..ليلى بتكون سكرتيرتك ..يعني هي هنا لمساعدتك وتنفيذ طلباتك وفي نفس الوقت لو شافت ان الامر يحتاج اني اتدخل بتتصل بيا..فهمتي.."..
..اجابته وهي تنفض مرفقها ...
.."..فهمت .."..
..دلف رجل يبلغ من العمر حوالي خمسون عاما داخل المكتب ..ليتجه ابراهيم اليه ماددا له يده لمصافحته وهو يقول..
.."..اهلا مستر نبيل .."..
..ليجيبه الرجل بحماس ..
.."..اهلا بحضرتك ابراهيم بيه..انا جيت حسب الموعد .."..
..اشار ابراهيم لايمان لتتقدم ناحيتهما وقال..
.."..اعرفك بتلميذتك النجيبة ..ايمان ..مراتي .."..
..استطرد ابراهيم قوله وهو ينظر لايمان..
.."..اعرفك..مستر نبيل ياايمان ..استاذ اللغة العربية.."..
..انتقل نبيل بعينيه لإيمان ومد يده بالمصافحة وهو يقول ..
.."..اهلا ايمان هانم..اتشرفت بحضرتك.."..
..صافحته ايمان بقوة وقالت وهي تهز يده بحماس..
.."..يا الف اهلا وسهلا بأستاذ الأساتيذ كلهم..نورتنا ياحج والله.."..
..اختفت الابتسامة من وجه نبيل وتم استبدالها بعلامات التعجب الشديد..ولم يجبها الا بهز رأسه ببلاهة كبيرة..
..تنحنح ابراهيم بصوت عال بعد أن شعر ببعض الحرج وقال وهو يتجه للمنضدة دعوة منه للجلوس حولها..
.."..اتفضلوا هنا .."..
..جلس كل منهما بقبالة بعضهما ..واستأذنهما ابراهيم وخرج من الغرفة داعيا الله في سره ان يتم الامر على خير دون مصائب ..
..رسم الرجل ابتسامة باهتة فوق شفتيه ثم قال ..
.."..قوليلي يابنتي..انتي معاك شهادة ايه.."..
..ابتسمت ايمان وهزت راسها ورفعت يدها لأعلى لتفتخر بما ستقوله ..
.."..دبلوم صنايع قسم كهربا أد الدنيا .."..
..اقتربت منه بعد التفتت براسها يمينا وشمالا بترقب وتوجس..وهمست قائلة بصوت خافت..
.."..الا قولي ياأستاذ مستر نبيل ..هو الواحد امتى يعرف انه بقى بريمو في العربي وعشرة على عشرة ومحدش أده .."..
..امسك بنظارته لتعتدل فوق عينيه وقال بصوت هادئ قوي وبنبرة صوت يملؤها الثقة..
.."..شوفي يابنتي هتعرفي انك كويسة في اللغة العربية اول ما تلاقي نفسك بتعرفي تقري وتفهمي كلمات القصيدة الجاهلية للشاعر ..الليث بن فاز الغضنفري.."..
..كانت تنظر له بأعين متسعة وفاه مفتوح ..تهز رأسها من اعلى الى اسفل ببلاهة وهي تقول..
.."..يا صلاة النبي ..والحج ابن فايزة الغفير.. كان بيقول ايه لموأخذة.."..
..ابتسم وقال وهو يمط شفتيه..
.."..يالسخرية القدر ..بقى الليث بن فاز الغضنفري ..في الزمن دا بقى اسمه الحج ابن فايزة الغفير ....ما علينا يابنتي .. اسمعي وركزي معايا اول بيت بالقصيدة بيقول ايه ..
.."..-- ومدركل بالشنصلين تجوقلت --
..-- عفص له بالفيلطوز العقصل --.."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت..
.."..يادين النبي ..تصدق بالله يا استاذ مستر نبيل انا اول مرة اعرف ان الشعرا ايام الفراعنة كانوا بيقولوا كلام كبير كدة عن البرباطوز ..."..
..اقترب منها هو هذه المرة وهو يقول بصوت جاد ..
.."..تصدقي انتي بالله اني ماشوفتش ولا هشوف واحدة عبقرية في اللغة زيك يابنتي .."..
..رجعت بظهرها للوراء وهي تربت فوق صدرها والابتسامة تفترش وجهها ..فقالت بإمتنان..
.."..توشكر يا ذوق ياستاذ الاساتيذ ..والنبي إبقى بلغ الباشا لحسن دا فاقد الامل فيا خالص.."..
..اجابها المدرس وهو يقول بجدية..
.."..لا ازاي ..مالوش حق.."..
..استندت بذراعيها فوق سطح المنضدة الكبيرة ومالت برأسها للأمام وهي تقول متسائلة..
.."..الا قولي يا عم الحج..قصدي يااستاذ مستر نبيل ..هي عربية حضرتك ماركتها ايه.."..
..رمش الرجل بعينيه عدة مرات وقال مستغربا ..
.."..عربيتي انا .."..
..ضحكت ايمان ضحكة خافتة وقالت وهي تلتفت برايها يمينا وشمالا وقالت..
.."..هو في حد تاني هنا غيرك لموأخذة..ايوة ياحج عربيتك انت.."..
..مط الرجل شفتيه للامام وقال وهو يهرب بعينيه بعيدا عن نظراتها اليه..
.."..عربية صغيرة كدة على اد الحال ..128.."..
..رفعت ايمان حاجبها وقالت ..
.."..هي صغيرة اه ..بس جامدة وبتستحمل ..انت بس تغيرلها كل فترة زيت ..بس يكون زيت من النوع النضيف وهي هتعيش معاك من غير ما تشتكي كتير ...وع العموم لو اشتكت .."..
..اشارت لنفسها بيدها وقالت بصوت قوي..
.."..محسوبتك موجودة في اي وقت ترجعهالك وأكنك مستلمها جديدة نوڤي.."..
..ازدادت علامات التعجب بملامح الرجل وقال ..
.."..أفندم.."..
..قطع الحديث بينهما هاتف الرجل الذي صدح رنينه عاليا ..لتقف ايمان وتقول ..
.."..على ما ترد حضرتك اكون وصيتلك على كوباية شاي .."..
..فغر الرجل فاهه وهو يتبعها بنظراته وهي تتجه ناحية الباب..ليعود لوعيه بمعاودة صياح رنين الهاتف..
..فتحت ايمان الباب وقالت وهي تشير للسكرتيرة بيدها ..
.."..ليلى.."..
..هبت ليلى لتقف ثم اسرعت بخطواتها نحو ايمان التي قالت..
.."..مش اسمك ليلى بردو .."..
..هزت ليلى رأسها وقالت ..
.."..ايوة ياايمان هانم ..اؤمري حضرتك..".
..ردت ايمان ..
.."..ياختي الامر لله..هو انا كنت زعلانة منك عشان فتنتي عليا ..بس خلاص المسامح كريم ..اوعي تعمليها مرة تانية ..المهم..ابعتي هاتيلنا كوبايتين شاي .."..
..كادت ايمان ان تلتفت ولكنها اسرعت لتنظر لليلى التي تحدق بها ..وقالت..
.."..بعد شوية في انسة هتيجي ومعاها ولد صغير..هي اسمها عزة ..اول ماتيجي تدخليها على طول ..بلغيهم تحت عشان يدخلوهم..اوعي تنسي ..واوعي تفتني تاني ..انا بقولك اهو.."..
..استدارت ايمان واغلقت الباب بوجه تلك التي تقف واجمة..رفعت ليلى رأسها لأعلى وكانها تستنجد قائلة..
.."..أعمل ايه بس يا ربي.."..
..جلست بمكتبها وعملت بما يلزم ولكن هذه المرة دون ابلاغ ابراهيم بشيء ..
..اتجهت ايمان ناحية المنضدة فسمعت الرجل يقول عبر هاتفه...
.."..معلش ياحبيبتي استحملي شوية..اهم حاجة أخدتي العلاج في معاده.....هانت اهو..انا غصبن عني اني مش معاكي ..بس اهو بحاول اجمع الفلوس اللازمة ..ادعيلي ياأم العيال ..ادعيلي.."..
..نظر أمامه ليجد ايمان تجلس بقبالته بتوجس..فأستطرد قوله بصوت خافت..
.."..طب سلام دلوقتي .....لا ..لا..مش هتاخر عليكي ..في رعاية الله.."..
..ابتسمت ايمان وهي تقول ..
.."..الف سلامة على المدام ..معلش انا سمعت حضرتك بتقول انها اخدت العلاج..مالها الف سلامة عليها.."..
..وضع الرجل الهاتف بجيب سترته وقال بنبرة صوت حزينة..
.."..اصلها حامل...وحملها المرادي صعب اوي..مكانش في الحسبان خالص موضوع الحمل دا..احنا عندنا تلات اولاد في مدارس وجامعات..بس أمر الله نفذ ..هي المفروض تكون بالمستشفى اللي بتاابع فيها دلوقتي مع الدكتورة بتاعتها ..لكن الظروف يعني صعبة شوية ..الاولاد ودروسهم ..والله المستعان.."..
..توقف الرجل عن حديثه وحاول ان يكون ثابتا وهو يقول ..
.."..انا اسف يابنتي شيلتك همي ..يالا نبتدي الدرس.."..
..هبت واقفة واتجهت لمكتبها لتمسك بحقيبتها ..اخرجت منها مبلغا من المال ..واقتربت من الرجل الذي كان ينظر لها بتعجب ..
..امسكت ايمان بكف الرجل ووضعت به بضعة ورقات مطوية من المال وقالت بتصميم ونبرة صوت قوية..
.."..وعزة جلال الله..لتاخد الفلوس دي وتروح تاخد المدام على المستشفى على طول متستناش.."..
..نظر الرجل لكف يده التي اطبقت عليه يد ايمان ..ثم رفع نظره اليها ليجدها امسكت بالقلم واعطته اياه وهي تقول..
.."..اكتب هنا حضرتك ..اسم المستشفى ..واسم المدام ..وان شاء الله هتقوم بالسلامة هي واللي في بطنها....اكتب يااستاذ .."..
..ظل الرجل محدقا بها الى ان رفع يده اليها وقال..
.."..انا مستحيل يابنتي اقبل بحاجة زي دي ..اتفضلي فلوسك.."..
..اقتربت منه ايمان وقالت بعد أن انزلت بيد الرجل جانبه ..
.."..يااستاذ لو حضرتك معتبرتنيش زي بنتك ..فانا اعتبرتك زي ابويا ..الناس لبعضها يااستاذ ..واوعي تفتكر ان الفلوس دي صدقة ولا حاجة ..لا يا عم الحج ..دا عربون للدروس الجاية ان شاء الله..ومش دروس ليا بس ..لا ..دا حضرتك هتدرسلي انا والبت لوزة والواد بلاطة...وخصوصا الواد بلاطة دا ..عشان حمار في العربي ..يعني هتتعب معاه اوي ..وهتستحق اكتر من الفلوس دي عشر مرات .."..
..ابتسم الرجل بإمتنان لها وقال وهو يهز رأسه ..
.."..انا ...انا ..مش عارف......"..
..اسرعت ايمان بقولها ..
.."..يالا يااستاذ اكتب اسم المدام والمستشفى.."..
..اجابها الرجل بعد ان كتب بالورقة ماطلبته منه..
.."..ربنا يبارك فيكي يا بنتي.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة العشرون 20 كاملة مكتوبة
المشهد 20
..كتب الرجل بالورقة اسم المستشفى واسم زوجته واعطاها لإيمان التي قالت وهي تطويها..
.."..ان شاء الله اول ما توصل للمستشفى بالمدام نكون عملنا اللازم وماتحملش هم حاجة ...أمين يااستاذ مستر نبيل .."..
..ارتسمت فوق شفتي الرجل ابتسامة امتنان وهو يقول..
.."..أنا لساني عاجز عن الشكر يابنتي.."..
..امسكت ايمان بمرفق الرجل ومشت بجانبه ناحية باب مكتبها وقالت مسرعة..
.."..بعد الشر عليك ياحج من العجز ..اتفضل معايا ..عشان تلحق تعمل اللازم .."..
..خرجا من المكتب ومشيا سويا بضعة خطوات وعند مكتب السكرتيرة التي هبت واقفة تناظرهم بتوجس..صافح الرجل ايمان بحرارة وغادر مودعا اياها بكل امتنان ..
..مدت ايمان يدها بالورقة للسكرتيرة ليلى وهي تقول بصوت قوي ..
.."..بصي يالولة.."..
..رفعت السكرتيرة حاجبها وهي تردد بتعجب ..
.."..لولة.."..
..اجابتها ايمان بقولها..
.."..انتي مش اسمك ليلى.."..
..هزت السكرتيرة راسها بنعم ..
..فرددت ايمان وهي تدس الورقة بكفها ..
.."..يبقى دلعك لولة..المهم ..الورقة اللي في ايدك دي مكتوب فيها اسم واحدة ست هتنزل في المستشفى اللي اسمها مكتوب هنا بردو...فا انتي بقى هتعملي اييييه..هتبعتي واحد من هنا لهناك يدفع كل المصاريف اللي هتطلبها المستشفى ..وطبعا هتقوليلي ازاي ومنين.."..
..هزت السكرتيرة رأسها بالنفي وقالت ..
.."..لا ياافندم مكنتش هقول حاجة ..انا كالعادة هودي الورقة الحسابات وابعت حد من هناك زي ماقلتي وكله من تحت حساب حضرتك.."..
..رفعت ايمان حاجبيها عاليا وهي تهز رأسها بحماس وقالت..
.."..اللهم صلي على النبي ..شاطرة يالولة ..عفارم عليكي..انا كنت هقولك يحاسبوا الباشا الكبير ..بس طلع ليا حساب اهو وانا مش واخدة بالي ..تصدقي يالولة ..انا حبيتك خلاص ..يالا بقى اعملي زي ماقلتي كدة بالظبط ..ولما تخلص المهمة دي تبلغيني .."..
..استدارت ايمان متجهة الى مكتبها تاركة ورائها تلك التي تحدق بظهرها بوجه ترتسم عليه البلاهة بوضوح..
..وبعد مرور ربع ساعة سمعت ايمان طرقا على باب مكتبها جعلها تنتفض من نومتها فوق الاريكة ..فاستقامت بجلستها وقالت بصوت عال...
..". خش.."..
..فتحت السكرتيرة الباب ليتخطاها صبي صغير مسرعا ناحية ايمان التي فتحت ذراعيها تحتضنه قائلة بتهليل..
.."..بلاطة ..وحشتني ياض من امبارح..".
..وقفت السكرتيرة متسمرة مكانها لتنتفض فور سماعها لصوت عزة بجانب اذنها قبل ان تتخطاها..
.."..مش قلتلك سيبينا ندخل على طول ومالوش لازمة الاستئذان ..اديكي وقفتي وتنحتي على الفاضي ..."..
..هرولت عزة باتجاه ايمان فاتحة ذراعيها وهي تقول ..
..وحشتيني ياااصاحبتي..".
..وبعد التهليل والترحيب الحار ..نظرت ايمان للسكرتيرة التي ظلت بمكانها وقالت وهي تلوح لها بيدها..
.."..واجب الضيافة واللاذي منه يالولة..حاجة ساقعة وعصير وشوية حلويات ..حبشيهم على ذوقك انتي ..بس بسرعة .."..
..اغلقت ليلى الباب وهي تردد ببلاهة ..
.."..احبشهم.."..
..وبداخل المكتب كانت عزة تنظر حولها بانبهار شديد لتقول ..
.."..الله اكبر..ومن شر حاسد اذا حسد...ايه الابهة دي كلها ياايمو...ولا العربية اللي وصلتنا لغاية هنا...انا كان هيغمي عليا اول ما دخلنا الشركة بتاعتكو دي ..حاجة عظمة خالص ياسطي ايمان.."..
..وقبل ان ترد ايمان كان الولد بلاطة يلوح لايمان بهاتفها وهو يقول بلهفة..
.."..تليفونك دا ياسطى .."..
..فهزت ايمان رأسها بنعم ..ليسرع بلاطة بسؤاله..
.."..فيه نت .."..
..فهزت ايمان راسها للمرة الثانية وهي تمسك بمرفق عزة لتجلس بجانبها فوق الاريكة وهي تقول..
.."..ايوة يابلاطة فيه نت ..اتفرج على اللي انت عايزه .."..
..قالت عزة لايمان التي تجلس بجانبها ..
.."..حالك اتشقلب من تحت لفوق في يوم وليلة ياصاحبتي ..مين كان يصدق ان في مسافة اسبوعين ..تسافري لاهلك الاغنيا ..فترجعي زيهم وكمان متجوزة.."..
..استندت ايمان بوجنتها فوق كفها وهي تقول بنزق..
.."..اه ياختي حالي اتشقلب بجد..ولا كان ع البال ولا كان ع الخاطر.."..
..رفعت ايمان راسها وقالت لعزة..
.."..المهم قوليلي..الواد طيارة فتح الورشة وابتدا شغل ولا لا.."..
..اجابتها عزة بحماس..
.."..ايوة..ايوة ..من الساعة تسعة الصبح سمعنا طيارة بينده على اخويا وبيقوله يحصله على الورشة..وبعدين وانا خارجة لقيته بينضف الورشة ويروقها ..ومافيش ساعتين الا ولقينا واحد ومعاه عربيته وبيسال عليكي..بس الشهادة لله ..طيارة قام بالواجب والزيادة .. "..
..وضعت ايمان مرففيها على ركبتيها واستندت بوجنتيها على كفيها وقالت وهي تتنهد بحزن ..
.."..طب الحمد لله ..طمنتيني.."..
..اقتربت عزة منها وربتت فوق كتفها وهي تقول ..
.."..مالك ياايمو ..شكلك مش مبسوط .."..
..ظلت ايمان مائلة بجذعها للأمام .فردت ذراعيها امامها وقالت وهي تنظر للفراغ ..
.."..دخلت دنيا مش دنيتي يالوزة..وواقعين في مشكلة مع عمي وانا السبب ..وهنقف قصاد بعض في المحاكم..وعشان خاطر جدي مطلوب مني اكون ايمان هانم بدل من الاسطى ايمان ..والحكاية كلها مش قادرة ابلعها ومش عارفة اعمل ايه.."..
..اجابتها صديقتها بصوت هادئ..
.."..لو مكانش الموضوع فيه جدك كنت قلتلك خليكي زي مانتي ومتتغيريش عشان خاطر حد ..بس معلش استحملي شوية لغاية ما الريح تعدي بزعابيبها ..."..
..صدح صوت أغنية عال قام الصبي الصغير بتشغيلها عبر الهاتف المحمول فبدأ يهز كلتا يديه مثلما يفعل شباب المناطق الشعبية ..فأنتبها كل من ايمان وعزة ونظرا لبعضهما ليبتسمان ..فهزت عزة رأسها ناحية اخيها إشارة منها لصديقتها للقيام والرقص على انغام تلك الاغنية الصاخبة..استجابت ايمان على الفور وقاما الاثنتان ليرقصا سويا ...
..وبالخارج رفعت السكرتيرة ليلى رأسها فجاة تحدق بباب مكتب ايمان فور سماعها لتلك الاصوات العالية ..سمعت همهمات بجانبها فوجدت اثنان من الموظفين بالشركة يقفان عند باب مكتبها ينظران لها ثم لبعضهما وهما يكتمان الضحك بكفيهما ..
..واثناء ذلك كان يسير ابراهيم برواق الشركة هو ومراد يتناقشان حول الصفقة الجديدة التي تنتوي شركتهما الفوز بها ..ولكن مما اثار انتباهه نظرات موظفي الشركة وهما يمرون بجانبه والابتسامة التهكمية بملامح وجوههم ومنهم من كتم ضحكته بشق الانفس..وصل لأذنه صوت موسيقى عال ..وكلما يقترب تزداد قوة الصوت والتي كان مصدرها ..مكتب زوجته العزيزة ..دلف للداخل ليجد السكرتيرة تهب واقفة وتهز يديها بعصبية ..تحاول ان تنطق بأي كلمة ولكنها لم تستطع وهي تنتقل بناظريها بينه وبين باب مكتب ايمان..وما ان فتح باب المكتب ..وجد ثلاثة من المجانين يرقصون حول المكتب ..زوجته وصديقتها وصبي صغير يلوح بذراعيه لأعلى ولأسفل وكانه يمسك بسيف الابطال..وأغنية ..عايم ببحر الغدر ..شط الندالة مليان..تصدح بالارجاء..
..كاد ان يقع مراد ارضا من نوبة الضحك التي انتابته ....صرخ ابراهيم بصوت عال وهو يلوح بذراعه عاليا..
.."..اقفلي الزفت دااااا..."..
..انتفضا الفتاتان وتسمر الصبي بمكانه ..استدارت ايمان حول نفسها تبحث عن هاتفها لتغلقه ..هرعت لسطح مكتبها لتمسك بهاتفها وتغلقه.. اقترب ابراهيم منها بخطوات بطيئة وكانه اسد يستعد لالتهام فريسته..هربت عزة وهي تمسك بأخيها وجرت به ساحبة اياه ناحية باب المكتب لتقف به وراء مراد الذي وقف مكتفا ذراعيه امام صدره مستمتعا لما يشاهده..
..تلعثمت ايمان بقولها وهي تدور حول المكتب ..
.."..ايه ياباشا بس ..في ايه..هو حصل حاجة لموأخذة.."..
..قال ابراهيم بصوت عال حاد وهو يدور ورائها حول المكتب يتمنى لو امسك بها..
.."..انتي عايزاني اتجن عليكي ..انا سايبك مع مدرس اللغة العربية ..ارجع الاقيكي قالباها حفلة وعايمة في بحر الزفت.."..
..رفعت اصبعها وقالت لتنبهه..
.."..الغدر حضرتك.."..
..صاح بها بقوة..
.."..اسكتي خالص مسمعش صوتك.."..
ثم وقف ليلتفت حوله يبحث بعينيه عن المدرس ..فاستطرد قوله..
.."..وديتي المدرس فين ..انطقي.."..
..صرخ بكلمته الاخيرة..لتنتفض ايمان وهي تقول..
.."..مشي..اديته اللي فيه القسمة ومشيته.."..
..ضاقت عيني ابراهيم ومال براسه للامام وهو يقول مغتاظا منها..
.."..اديتيه ايه.."..
..وقفت ايمان وهي تقول وتلوح بيديها ..
.."..الراجل مراته هتولد كمان يومين وتعبانة ..اديته حقه وزيادة وقلتله يروح ياخد مراته على المستشفى ويقعد جمبها اليومين دول ..غلطتش انا ولا كونش غلطت.."..
..وكالعادة مسح وجهه وهو يزفر بغضب مكتوم ..ثم اشار لعزة والصبي الصغير وقال ..
.."..ومين بقى اللي جاب دول هنا..و ايه اللي كان بيحصل من شوية وقلبهالي استعراضات.."..
..استقامت ايمان وقالت بعد مااستعادت بعضا من قوتها ..
.."..دي لوزة ..قصدي عزة صاحبتي و حبيبتي واخوها بلاطة ..مانت شوفتهم قبل كدة ياباشا..اه ويكون في علمك ..عزة هتبقى مديرة عملياتي.."..
..اغمض ابراهيم عينيه ..فاستغلت ايمان الفرصة ظنا منها ان الاوضاع ستهدأ بقولها..
.."..ياباشا انت زعلان ليه دلوقتي ..صدقني انت بس لو سمعت الاغنية هتلاقيني بذاكر بردو ..اسمعها كدة وركز في كلام الاغنية وهي بتقول..
..دنيا فيها الفاعل مبني على المفعول...الفرح فيها ماضي بابه صبح مقفول..شوفت ياباشا.."..
..وضع ابراهيم يده هذه المرة فوق صدره وشعر وكأن بوادر ذبحة صدرية ستصيبه لا محالة..فزفر بعصبية وهو يهتف بها ..
.."..هو مافيش فايدة فيكي ..مهما اتكلم واعيد وازيد .مافيش عندك ادنى شعور بالمسئولية.."..
..مالت عزة لمراد الواقف بجانبها وقالت بصوت خافت ..
.."..الا قولي ياكابتن...هو الشبح ماله زعلان ليه.."..
..التفت اليها مراد ينظر لها من اسفلها لأعلاها وهو يقول بصوت هادئ..
.."..شبح ...شبح مين.."..
..ضربت راحة كفها بظاهر كفها الثاني فوق خصرها وقالت بعد ان مصمصت شفتيها..
.."..الباشا الكبير اللي متظرظر على البنية قصادك دا ..روح اللهي يسترك هادييه..وخليه يخف ع البت شوية .."..
..نظر لها مراد بعدم مبالاة والتفت برأسه ليعاود مشاهدة مايحدث ..اغتاظت منه عزة فتمتمت ببعض كلمات سباب غير مسموعة.. ونظرت هي الاخرى لصديقتها التي تدور حول المكتب وزوجها يدور روائها..وفجاة اندفع الصبي ناحية ابراهيم ليقف امامه مهددا اياه برفعه لكلتا ذراعيه عاليا وهو يصيح ..
.."..مالكش دعوة بالاسطى وكلمني انا ..راجل لراجل.."..
..اقترب ابراهيم من الصبي امسك بياقة قميصه ليرفعه عاليا فوق الارض ومشى به ناحية الاريكة واجلسه فوقها عنوة وهو يقول بصوت قوي..
.."..انا هكسر دماغ الاسطى بتاعك ..اقعد هنا وماسمعش صوتك .."..
..اندفعت عزة ناحية اخيها لتجلس بجانبه وتضمه لحضنها وقالت وهي تنظر شزرا لابراهيم ..
.."..بس يامحمد مالكش دعوة بيه ..واحد ومراته مالناش فيه.."..
..ضربت ايمان الارض بقدميها وهتفت بابراهيم..
.."..مايصحش كدة ..دول ضيوف عندنا ..مش من التكاتيك خالص كدة ياباشا على راي عمتي.."..
..تخصر ابراهيم والتفت اليها وهو يقول بعد ماضاقت عينيه ..
.."..تكاتيك.. ايه التكاتيك دي اللي قالتها عمتي .."..
..اقتربت منه وهي تقول شامخة بأنفها لأعلى ..
.."..عمتي قالتلي انها هتعملني التكاتيك ..اللي هي ازاي نتصرف مع الناس ..ازاي نتعامل مع الضيوف ..واللي حضرتك بتعمله دا ياباشا مش من التكاتيك خالص حضرتك ..فا إهدى كدة وصلي على النبي .."..
..صدحت ضحكات مراد عاليا وهو يضرب كفيه ببعضهما وهو يقول .."..انتي مشكلة بجد يا بنت عمي.."..
..تنهد ابراهيم بيأس ..وفرك وجهه بيده بقوة وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة محاولة منه لنفسه كي يهدأ قليلا..
..أشار لايمان بان تجلس بجانب عزة ..فاستجابت له بعد ان رأت وجهه يتلون بالاحمرار الشديد ..وما ان جلست ايمان.. اخذ ابراهيم يغدو الغرفة ذهابا وايابا يدعو الله بسره الصبر والتحمل..فقال بصوت حاول بشق الانفس ان يكون هادئا..
.."..ايمان والانسة وزة اسمعوني كويس......"..
..قاطعته عزة وهي تشير له بيدها قائلة..
.."..ياباشا محسوبتك عزة..ولو هنشيل التكليف يبقى تقولي لوزة .."..
..علا صدره وانخفض مع اصدار صوت تنهيدة قوية وقال من بين اسنانه..
.."..انسة عزة ..لو سمحتي متقاطعنيش خالص لغاية مااخلص كلامي ..لانه كلام مهم ليكو انتو الاتنين وبالاخص ليكي انتي يازوجتي العزيزة .."..
..ربتت ايمان فوق صدرها بيدها وابتسامة امتنان لما قاله تملا وجهها..
..هز رأسه يأسا واستطرد قوله ..
.."..المرحلة دي مهمة جدا ياايمان ..لاننا بحاول نبني شخصية جديدة تناسب الوضع الصعب الحالي..و عشان كدة لازم تساعديني ..الاساتذة اللي بيقعدوا معاكوا هما اللي هيكونوا حجر الاساس لبناء الشخصية الجديدة ..شخصية مثقفة متحضرة ..فهمتوا.."..
..كانت الاثنتان تنظران له وهو يتحدث والبلاهة تظهر بوضوح بملامح وجههما ..ظل فاههما مفتوح دون رد ..فصاح بهما ابراهيم ..
.."..ما تردوا فمهمتوا قصدي ايه.."..
..انتفضا الاثنتان ونظرا لبعضهما وهما يتلعثمان بقولهما ..
.."..اه ..اه ..طبعا فهمنا.."..
..ضاقت عيني ابراهيم وقال وهو يقترب منهما ..
.."..طب فهمتوا ايه ..فسروا الكلام اللي قولته.."..
..لكزت ايمان ذراع عزة وهي تقول وعينيها تنتقل بينهما ..
.."..قوليله يالوزة ان احنا فهمنا كل الكلام اللي رصه ولا رصة حجر الشيشة المظبوط دا .."..
..نظرت عزة لها شزرا وقالت بثقة ..
.."..عن نفسي فهمت طبعا ..المهم انتي ..قوليله بقى انتي فهمتي ايه.."..
..ردت ايمان وبنظرة قاتلة ..قالت من بين اسنانها..
.."..ماتتكلمي يابت وتقولي.."
..لكزتها عزة بقوة قائلة.."..وانا مالي هو الشبح جوزي انا ..دا جوزك انتي.."..
..صرخ بهما ابراهيم ..
.."..بس انتو الاتنين..بتتعازموا على ايه.."..
..مال بجذعه واشار بسبابته ناحية ايمان التي تراجعت برأسها للوراء قليلا تنظر لاصبعه فاصاب عينيها الحول..فقال ابراهيم بنبرة صوت قوية ..
.."..انتي هتتعلمي يعني هتتعلمي ..مافيش وقت ..المدة المحددة شهر واحد بس ..لازم تساعديني ..مفهوم.."..
..هزت ايمان رأسها وهي تقول ..
.."..مفهوم..بص ياباشا انا كل اللي لقطته من الكلام الجامد دا ..انك عايزني ابقى مثقفة..صح.."..
..اعتدل ابراهيم بوقفته وهو يقول بنزق..
.."..حاجة زي كدة.."..
..اعتدلت ايمان وقالت باسمة ..
.."..يبقى مافيش داعي لكل الاساتيذ اللي بتحدفهم عليا دول..مافيش غير زوعرب افندي المثقف..هو اللي هايدينا دروس في الثقافة.."..
..ضربت عزة ذراع ايمان وهي تصيح بحماس ..
.."..الله ينور عليكي يابت ياايمان ..مافيش غير زوعرب المثقف.."..
..تجهم وجه ابراهيم وهو يقول ..
.."..زو ..زوعرب ..ايه زوعرب دا ..استاذ في ايه بالظبط .."..
..وقفت عزة وهي تقول بفخر ..
.."..ياباشا ..دا استاذ في البوسطة ..شغال موظف هناك ..دا عليه ماسكة جورنان ..استااااذ..دا انا هخليه يحكيلك حكاية القنبلة اللي نزلت على دماغ نجيةوذكية ...حاجة اخر فخااامة ياباشا.."..
..نظرت ايمان لوجه زوجها الجامد الملامح وهي تقول ..
.."..ايه مالك ..شكلك مش عارفها ..اومال ثقافة ايه ومدرك ايه بس ..حد في الدنيا ميعرفش قصة قنبلة نجيةوذكية ..البلد اللي اهلها كلهم قصيرين وعينيهم ضيقة.."..
..ضرب ابراهيم جبهته وقال وهو يدور حول نفسه.
.."..يارب... بدل المصيبة بقوا اتنين .."..
..كتب الرجل بالورقة اسم المستشفى واسم زوجته واعطاها لإيمان التي قالت وهي تطويها..
.."..ان شاء الله اول ما توصل للمستشفى بالمدام نكون عملنا اللازم وماتحملش هم حاجة ...أمين يااستاذ مستر نبيل .."..
..ارتسمت فوق شفتي الرجل ابتسامة امتنان وهو يقول..
.."..أنا لساني عاجز عن الشكر يابنتي.."..
..امسكت ايمان بمرفق الرجل ومشت بجانبه ناحية باب مكتبها وقالت مسرعة..
.."..بعد الشر عليك ياحج من العجز ..اتفضل معايا ..عشان تلحق تعمل اللازم .."..
..خرجا من المكتب ومشيا سويا بضعة خطوات وعند مكتب السكرتيرة التي هبت واقفة تناظرهم بتوجس..صافح الرجل ايمان بحرارة وغادر مودعا اياها بكل امتنان ..
..مدت ايمان يدها بالورقة للسكرتيرة ليلى وهي تقول بصوت قوي ..
.."..بصي يالولة.."..
..رفعت السكرتيرة حاجبها وهي تردد بتعجب ..
.."..لولة.."..
..اجابتها ايمان بقولها..
.."..انتي مش اسمك ليلى.."..
..هزت السكرتيرة راسها بنعم ..
..فرددت ايمان وهي تدس الورقة بكفها ..
.."..يبقى دلعك لولة..المهم ..الورقة اللي في ايدك دي مكتوب فيها اسم واحدة ست هتنزل في المستشفى اللي اسمها مكتوب هنا بردو...فا انتي بقى هتعملي اييييه..هتبعتي واحد من هنا لهناك يدفع كل المصاريف اللي هتطلبها المستشفى ..وطبعا هتقوليلي ازاي ومنين.."..
..هزت السكرتيرة رأسها بالنفي وقالت ..
.."..لا ياافندم مكنتش هقول حاجة ..انا كالعادة هودي الورقة الحسابات وابعت حد من هناك زي ماقلتي وكله من تحت حساب حضرتك.."..
..رفعت ايمان حاجبيها عاليا وهي تهز رأسها بحماس وقالت..
.."..اللهم صلي على النبي ..شاطرة يالولة ..عفارم عليكي..انا كنت هقولك يحاسبوا الباشا الكبير ..بس طلع ليا حساب اهو وانا مش واخدة بالي ..تصدقي يالولة ..انا حبيتك خلاص ..يالا بقى اعملي زي ماقلتي كدة بالظبط ..ولما تخلص المهمة دي تبلغيني .."..
..استدارت ايمان متجهة الى مكتبها تاركة ورائها تلك التي تحدق بظهرها بوجه ترتسم عليه البلاهة بوضوح..
..وبعد مرور ربع ساعة سمعت ايمان طرقا على باب مكتبها جعلها تنتفض من نومتها فوق الاريكة ..فاستقامت بجلستها وقالت بصوت عال...
..". خش.."..
..فتحت السكرتيرة الباب ليتخطاها صبي صغير مسرعا ناحية ايمان التي فتحت ذراعيها تحتضنه قائلة بتهليل..
.."..بلاطة ..وحشتني ياض من امبارح..".
..وقفت السكرتيرة متسمرة مكانها لتنتفض فور سماعها لصوت عزة بجانب اذنها قبل ان تتخطاها..
.."..مش قلتلك سيبينا ندخل على طول ومالوش لازمة الاستئذان ..اديكي وقفتي وتنحتي على الفاضي ..."..
..هرولت عزة باتجاه ايمان فاتحة ذراعيها وهي تقول ..
..وحشتيني ياااصاحبتي..".
..وبعد التهليل والترحيب الحار ..نظرت ايمان للسكرتيرة التي ظلت بمكانها وقالت وهي تلوح لها بيدها..
.."..واجب الضيافة واللاذي منه يالولة..حاجة ساقعة وعصير وشوية حلويات ..حبشيهم على ذوقك انتي ..بس بسرعة .."..
..اغلقت ليلى الباب وهي تردد ببلاهة ..
.."..احبشهم.."..
..وبداخل المكتب كانت عزة تنظر حولها بانبهار شديد لتقول ..
.."..الله اكبر..ومن شر حاسد اذا حسد...ايه الابهة دي كلها ياايمو...ولا العربية اللي وصلتنا لغاية هنا...انا كان هيغمي عليا اول ما دخلنا الشركة بتاعتكو دي ..حاجة عظمة خالص ياسطي ايمان.."..
..وقبل ان ترد ايمان كان الولد بلاطة يلوح لايمان بهاتفها وهو يقول بلهفة..
.."..تليفونك دا ياسطى .."..
..فهزت ايمان رأسها بنعم ..ليسرع بلاطة بسؤاله..
.."..فيه نت .."..
..فهزت ايمان راسها للمرة الثانية وهي تمسك بمرفق عزة لتجلس بجانبها فوق الاريكة وهي تقول..
.."..ايوة يابلاطة فيه نت ..اتفرج على اللي انت عايزه .."..
..قالت عزة لايمان التي تجلس بجانبها ..
.."..حالك اتشقلب من تحت لفوق في يوم وليلة ياصاحبتي ..مين كان يصدق ان في مسافة اسبوعين ..تسافري لاهلك الاغنيا ..فترجعي زيهم وكمان متجوزة.."..
..استندت ايمان بوجنتها فوق كفها وهي تقول بنزق..
.."..اه ياختي حالي اتشقلب بجد..ولا كان ع البال ولا كان ع الخاطر.."..
..رفعت ايمان راسها وقالت لعزة..
.."..المهم قوليلي..الواد طيارة فتح الورشة وابتدا شغل ولا لا.."..
..اجابتها عزة بحماس..
.."..ايوة..ايوة ..من الساعة تسعة الصبح سمعنا طيارة بينده على اخويا وبيقوله يحصله على الورشة..وبعدين وانا خارجة لقيته بينضف الورشة ويروقها ..ومافيش ساعتين الا ولقينا واحد ومعاه عربيته وبيسال عليكي..بس الشهادة لله ..طيارة قام بالواجب والزيادة .. "..
..وضعت ايمان مرففيها على ركبتيها واستندت بوجنتيها على كفيها وقالت وهي تتنهد بحزن ..
.."..طب الحمد لله ..طمنتيني.."..
..اقتربت عزة منها وربتت فوق كتفها وهي تقول ..
.."..مالك ياايمو ..شكلك مش مبسوط .."..
..ظلت ايمان مائلة بجذعها للأمام .فردت ذراعيها امامها وقالت وهي تنظر للفراغ ..
.."..دخلت دنيا مش دنيتي يالوزة..وواقعين في مشكلة مع عمي وانا السبب ..وهنقف قصاد بعض في المحاكم..وعشان خاطر جدي مطلوب مني اكون ايمان هانم بدل من الاسطى ايمان ..والحكاية كلها مش قادرة ابلعها ومش عارفة اعمل ايه.."..
..اجابتها صديقتها بصوت هادئ..
.."..لو مكانش الموضوع فيه جدك كنت قلتلك خليكي زي مانتي ومتتغيريش عشان خاطر حد ..بس معلش استحملي شوية لغاية ما الريح تعدي بزعابيبها ..."..
..صدح صوت أغنية عال قام الصبي الصغير بتشغيلها عبر الهاتف المحمول فبدأ يهز كلتا يديه مثلما يفعل شباب المناطق الشعبية ..فأنتبها كل من ايمان وعزة ونظرا لبعضهما ليبتسمان ..فهزت عزة رأسها ناحية اخيها إشارة منها لصديقتها للقيام والرقص على انغام تلك الاغنية الصاخبة..استجابت ايمان على الفور وقاما الاثنتان ليرقصا سويا ...
..وبالخارج رفعت السكرتيرة ليلى رأسها فجاة تحدق بباب مكتب ايمان فور سماعها لتلك الاصوات العالية ..سمعت همهمات بجانبها فوجدت اثنان من الموظفين بالشركة يقفان عند باب مكتبها ينظران لها ثم لبعضهما وهما يكتمان الضحك بكفيهما ..
..واثناء ذلك كان يسير ابراهيم برواق الشركة هو ومراد يتناقشان حول الصفقة الجديدة التي تنتوي شركتهما الفوز بها ..ولكن مما اثار انتباهه نظرات موظفي الشركة وهما يمرون بجانبه والابتسامة التهكمية بملامح وجوههم ومنهم من كتم ضحكته بشق الانفس..وصل لأذنه صوت موسيقى عال ..وكلما يقترب تزداد قوة الصوت والتي كان مصدرها ..مكتب زوجته العزيزة ..دلف للداخل ليجد السكرتيرة تهب واقفة وتهز يديها بعصبية ..تحاول ان تنطق بأي كلمة ولكنها لم تستطع وهي تنتقل بناظريها بينه وبين باب مكتب ايمان..وما ان فتح باب المكتب ..وجد ثلاثة من المجانين يرقصون حول المكتب ..زوجته وصديقتها وصبي صغير يلوح بذراعيه لأعلى ولأسفل وكانه يمسك بسيف الابطال..وأغنية ..عايم ببحر الغدر ..شط الندالة مليان..تصدح بالارجاء..
..كاد ان يقع مراد ارضا من نوبة الضحك التي انتابته ....صرخ ابراهيم بصوت عال وهو يلوح بذراعه عاليا..
.."..اقفلي الزفت دااااا..."..
..انتفضا الفتاتان وتسمر الصبي بمكانه ..استدارت ايمان حول نفسها تبحث عن هاتفها لتغلقه ..هرعت لسطح مكتبها لتمسك بهاتفها وتغلقه.. اقترب ابراهيم منها بخطوات بطيئة وكانه اسد يستعد لالتهام فريسته..هربت عزة وهي تمسك بأخيها وجرت به ساحبة اياه ناحية باب المكتب لتقف به وراء مراد الذي وقف مكتفا ذراعيه امام صدره مستمتعا لما يشاهده..
..تلعثمت ايمان بقولها وهي تدور حول المكتب ..
.."..ايه ياباشا بس ..في ايه..هو حصل حاجة لموأخذة.."..
..قال ابراهيم بصوت عال حاد وهو يدور ورائها حول المكتب يتمنى لو امسك بها..
.."..انتي عايزاني اتجن عليكي ..انا سايبك مع مدرس اللغة العربية ..ارجع الاقيكي قالباها حفلة وعايمة في بحر الزفت.."..
..رفعت اصبعها وقالت لتنبهه..
.."..الغدر حضرتك.."..
..صاح بها بقوة..
.."..اسكتي خالص مسمعش صوتك.."..
ثم وقف ليلتفت حوله يبحث بعينيه عن المدرس ..فاستطرد قوله..
.."..وديتي المدرس فين ..انطقي.."..
..صرخ بكلمته الاخيرة..لتنتفض ايمان وهي تقول..
.."..مشي..اديته اللي فيه القسمة ومشيته.."..
..ضاقت عيني ابراهيم ومال براسه للامام وهو يقول مغتاظا منها..
.."..اديتيه ايه.."..
..وقفت ايمان وهي تقول وتلوح بيديها ..
.."..الراجل مراته هتولد كمان يومين وتعبانة ..اديته حقه وزيادة وقلتله يروح ياخد مراته على المستشفى ويقعد جمبها اليومين دول ..غلطتش انا ولا كونش غلطت.."..
..وكالعادة مسح وجهه وهو يزفر بغضب مكتوم ..ثم اشار لعزة والصبي الصغير وقال ..
.."..ومين بقى اللي جاب دول هنا..و ايه اللي كان بيحصل من شوية وقلبهالي استعراضات.."..
..استقامت ايمان وقالت بعد مااستعادت بعضا من قوتها ..
.."..دي لوزة ..قصدي عزة صاحبتي و حبيبتي واخوها بلاطة ..مانت شوفتهم قبل كدة ياباشا..اه ويكون في علمك ..عزة هتبقى مديرة عملياتي.."..
..اغمض ابراهيم عينيه ..فاستغلت ايمان الفرصة ظنا منها ان الاوضاع ستهدأ بقولها..
.."..ياباشا انت زعلان ليه دلوقتي ..صدقني انت بس لو سمعت الاغنية هتلاقيني بذاكر بردو ..اسمعها كدة وركز في كلام الاغنية وهي بتقول..
..دنيا فيها الفاعل مبني على المفعول...الفرح فيها ماضي بابه صبح مقفول..شوفت ياباشا.."..
..وضع ابراهيم يده هذه المرة فوق صدره وشعر وكأن بوادر ذبحة صدرية ستصيبه لا محالة..فزفر بعصبية وهو يهتف بها ..
.."..هو مافيش فايدة فيكي ..مهما اتكلم واعيد وازيد .مافيش عندك ادنى شعور بالمسئولية.."..
..مالت عزة لمراد الواقف بجانبها وقالت بصوت خافت ..
.."..الا قولي ياكابتن...هو الشبح ماله زعلان ليه.."..
..التفت اليها مراد ينظر لها من اسفلها لأعلاها وهو يقول بصوت هادئ..
.."..شبح ...شبح مين.."..
..ضربت راحة كفها بظاهر كفها الثاني فوق خصرها وقالت بعد ان مصمصت شفتيها..
.."..الباشا الكبير اللي متظرظر على البنية قصادك دا ..روح اللهي يسترك هادييه..وخليه يخف ع البت شوية .."..
..نظر لها مراد بعدم مبالاة والتفت برأسه ليعاود مشاهدة مايحدث ..اغتاظت منه عزة فتمتمت ببعض كلمات سباب غير مسموعة.. ونظرت هي الاخرى لصديقتها التي تدور حول المكتب وزوجها يدور روائها..وفجاة اندفع الصبي ناحية ابراهيم ليقف امامه مهددا اياه برفعه لكلتا ذراعيه عاليا وهو يصيح ..
.."..مالكش دعوة بالاسطى وكلمني انا ..راجل لراجل.."..
..اقترب ابراهيم من الصبي امسك بياقة قميصه ليرفعه عاليا فوق الارض ومشى به ناحية الاريكة واجلسه فوقها عنوة وهو يقول بصوت قوي..
.."..انا هكسر دماغ الاسطى بتاعك ..اقعد هنا وماسمعش صوتك .."..
..اندفعت عزة ناحية اخيها لتجلس بجانبه وتضمه لحضنها وقالت وهي تنظر شزرا لابراهيم ..
.."..بس يامحمد مالكش دعوة بيه ..واحد ومراته مالناش فيه.."..
..ضربت ايمان الارض بقدميها وهتفت بابراهيم..
.."..مايصحش كدة ..دول ضيوف عندنا ..مش من التكاتيك خالص كدة ياباشا على راي عمتي.."..
..تخصر ابراهيم والتفت اليها وهو يقول بعد ماضاقت عينيه ..
.."..تكاتيك.. ايه التكاتيك دي اللي قالتها عمتي .."..
..اقتربت منه وهي تقول شامخة بأنفها لأعلى ..
.."..عمتي قالتلي انها هتعملني التكاتيك ..اللي هي ازاي نتصرف مع الناس ..ازاي نتعامل مع الضيوف ..واللي حضرتك بتعمله دا ياباشا مش من التكاتيك خالص حضرتك ..فا إهدى كدة وصلي على النبي .."..
..صدحت ضحكات مراد عاليا وهو يضرب كفيه ببعضهما وهو يقول .."..انتي مشكلة بجد يا بنت عمي.."..
..تنهد ابراهيم بيأس ..وفرك وجهه بيده بقوة وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة محاولة منه لنفسه كي يهدأ قليلا..
..أشار لايمان بان تجلس بجانب عزة ..فاستجابت له بعد ان رأت وجهه يتلون بالاحمرار الشديد ..وما ان جلست ايمان.. اخذ ابراهيم يغدو الغرفة ذهابا وايابا يدعو الله بسره الصبر والتحمل..فقال بصوت حاول بشق الانفس ان يكون هادئا..
.."..ايمان والانسة وزة اسمعوني كويس......"..
..قاطعته عزة وهي تشير له بيدها قائلة..
.."..ياباشا محسوبتك عزة..ولو هنشيل التكليف يبقى تقولي لوزة .."..
..علا صدره وانخفض مع اصدار صوت تنهيدة قوية وقال من بين اسنانه..
.."..انسة عزة ..لو سمحتي متقاطعنيش خالص لغاية مااخلص كلامي ..لانه كلام مهم ليكو انتو الاتنين وبالاخص ليكي انتي يازوجتي العزيزة .."..
..ربتت ايمان فوق صدرها بيدها وابتسامة امتنان لما قاله تملا وجهها..
..هز رأسه يأسا واستطرد قوله ..
.."..المرحلة دي مهمة جدا ياايمان ..لاننا بحاول نبني شخصية جديدة تناسب الوضع الصعب الحالي..و عشان كدة لازم تساعديني ..الاساتذة اللي بيقعدوا معاكوا هما اللي هيكونوا حجر الاساس لبناء الشخصية الجديدة ..شخصية مثقفة متحضرة ..فهمتوا.."..
..كانت الاثنتان تنظران له وهو يتحدث والبلاهة تظهر بوضوح بملامح وجههما ..ظل فاههما مفتوح دون رد ..فصاح بهما ابراهيم ..
.."..ما تردوا فمهمتوا قصدي ايه.."..
..انتفضا الاثنتان ونظرا لبعضهما وهما يتلعثمان بقولهما ..
.."..اه ..اه ..طبعا فهمنا.."..
..ضاقت عيني ابراهيم وقال وهو يقترب منهما ..
.."..طب فهمتوا ايه ..فسروا الكلام اللي قولته.."..
..لكزت ايمان ذراع عزة وهي تقول وعينيها تنتقل بينهما ..
.."..قوليله يالوزة ان احنا فهمنا كل الكلام اللي رصه ولا رصة حجر الشيشة المظبوط دا .."..
..نظرت عزة لها شزرا وقالت بثقة ..
.."..عن نفسي فهمت طبعا ..المهم انتي ..قوليله بقى انتي فهمتي ايه.."..
..ردت ايمان وبنظرة قاتلة ..قالت من بين اسنانها..
.."..ماتتكلمي يابت وتقولي.."
..لكزتها عزة بقوة قائلة.."..وانا مالي هو الشبح جوزي انا ..دا جوزك انتي.."..
..صرخ بهما ابراهيم ..
.."..بس انتو الاتنين..بتتعازموا على ايه.."..
..مال بجذعه واشار بسبابته ناحية ايمان التي تراجعت برأسها للوراء قليلا تنظر لاصبعه فاصاب عينيها الحول..فقال ابراهيم بنبرة صوت قوية ..
.."..انتي هتتعلمي يعني هتتعلمي ..مافيش وقت ..المدة المحددة شهر واحد بس ..لازم تساعديني ..مفهوم.."..
..هزت ايمان رأسها وهي تقول ..
.."..مفهوم..بص ياباشا انا كل اللي لقطته من الكلام الجامد دا ..انك عايزني ابقى مثقفة..صح.."..
..اعتدل ابراهيم بوقفته وهو يقول بنزق..
.."..حاجة زي كدة.."..
..اعتدلت ايمان وقالت باسمة ..
.."..يبقى مافيش داعي لكل الاساتيذ اللي بتحدفهم عليا دول..مافيش غير زوعرب افندي المثقف..هو اللي هايدينا دروس في الثقافة.."..
..ضربت عزة ذراع ايمان وهي تصيح بحماس ..
.."..الله ينور عليكي يابت ياايمان ..مافيش غير زوعرب المثقف.."..
..تجهم وجه ابراهيم وهو يقول ..
.."..زو ..زوعرب ..ايه زوعرب دا ..استاذ في ايه بالظبط .."..
..وقفت عزة وهي تقول بفخر ..
.."..ياباشا ..دا استاذ في البوسطة ..شغال موظف هناك ..دا عليه ماسكة جورنان ..استااااذ..دا انا هخليه يحكيلك حكاية القنبلة اللي نزلت على دماغ نجيةوذكية ...حاجة اخر فخااامة ياباشا.."..
..نظرت ايمان لوجه زوجها الجامد الملامح وهي تقول ..
.."..ايه مالك ..شكلك مش عارفها ..اومال ثقافة ايه ومدرك ايه بس ..حد في الدنيا ميعرفش قصة قنبلة نجيةوذكية ..البلد اللي اهلها كلهم قصيرين وعينيهم ضيقة.."..
..ضرب ابراهيم جبهته وقال وهو يدور حول نفسه.
.."..يارب... بدل المصيبة بقوا اتنين .."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الواحدة والعشرون 21 كاملة مكتوبة
المشهد 21
..اغمض ابراهيم عينيه واخذ يفرك وجهه بقوة ثم همس لنفسه ..
.."..تماسك ياابراهيم واهدى ..."..
..نظرا كل من ايمان وعزة لابراهيم ثم لبعضهما لتهمس عزة لصاحبتها..
.."..هو ماله ياختي ..دا بيكلم نفسه ..هو تعبان ولا حاجة..."..
..مالت ايمان برأسها وقالت بصوت خافت من بين اسنانها..
.."..تقريبا كدة ..من ساعة ماشوفته وكلمته وانا بلاقيه بيكلم نفسه..ويفرك في وشه ..الله اعلم يمكن تعبان ...الله يشفيه.."..
..نطقت عزة بصوت حزين .."..يارب ..".
..انتبها الاثنتان لإشارة ابراهيم لهما بمعاودة الجلوس مرة اخرى..فانصاعا له بصمت تام ..
..قال ابراهيم بعد أن استعاد بعضا من ثباته ..
.."..مافيش أي داعي للاستعانة بزوعبر افندي بتاعكو دا......"..
..توقف ابراهيم عن استرسال حديثه وتخصر ثم نظر اليهما شزرا عندما وجدهما يكتمان فاهما حتى لا تصدح اصوات ضحكاتهما عاليا..فقال..
.."..ممكن افهم بتضحكوا على ايه .."..
..لم تستطع ايمان ان تصمت أكثر من ذلك فقالت من بين ضحكاتها ..
.."..ياباشا اسمه زوعرب افندي مش زوعبر .."..
..فأجابها ابراهيم باستنكار واضح..
.."..على اساس ان في فرق ..والاسمين اصلا مالهمش أي معنى ..ما علينا ..محدش هييجي هنا غير الاساتذة اللي انا استعنت بيهم وبس ..مفهوم..
..زفرت ايمان بضيق وقالت على مضض ..
.."..مفهوم.."..
..سمع الجميع طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة ليلى وتقول ..
.."..مستر نادر برة يافندم وطالب مقابلة حضرتك.."..
..اجابها ابراهيم بقوله ..
.."..خمس دقايق بالظبط وخليه يدخل .."..
..امسكت ليلى بمقبض الباب وقالت وهي تهم بغلقه..
.."..امرك ياافندم.."..
..نظر ابراهيم لعزة وقال بصوت هادئ..
.."..بعد اذنك ياانسة عزة ..مدرس اللغة الانجليزية وصل ولازم بعد شوية يقعد مع ايمان عشان الدرس.."..
..شعرت عزة ببعض الحرج فهبت لتقف وقالت وهي تمسك بيد اخيها الصغير وبحقيبتها باليد الاخرى تناظر ايمان..
.."..اه ..طبعا ..طب انا همشي دلوقتي ياايمو ..سلام ياحبيبتي وابقى اجيلك في وقت تاني "..
..هبت ايمان واقفة لتمسك بمرفق عزة وهي تقول بغضب وعينيها لا تحيد عن عيني ابراهيم..
.."..انا ملحقتش اقعد معاها ..وكمان انا مش عايزة اخد دروس تاني ..وقلتلك ان عزة هتكون مديرة عملياتي..يعني خلاص هتشتغل هنا معايا "..
..اقترب ابراهيم منها وقال بصوت قوي ..
.."..عايز افكرك ياايمان هانم باتفاقك معايا ومع الاستاذ كمال المحامي ..ولو على شغل للانسة هنا ..حاااضر ياستي ..من بكرة هايتم تعينها في الشركة .."..
..صاحت عزة بفرح وهي تقول ..
.."..والنبي صحيح ياسعادة البيه.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وقال ..
.."..ايوة ..تعالي بكرة الصبح و معاكي ال C.V بتاعك .."..
..قالت ايمان بنزق ..
.."..سي سي ايه..قلتلك معاها دبلوم تجارة.."..
..سحب ابراهيم نفسا طويلا وقال من بين اسنانه بغيظ ..
.."..ماهو ال C.V دا هو الورق بتاعها ..شهادتها وشهادة ميلادها .."..
..امسكت عزة بوجه ايمان وقبلتها بقوة فوق وجنتها وهي تقول بسعادة..
.."..تسلميلي ياصاحبتي...امشي انا بقى ..يالا ياواد يامحمد.."..
..قام مراد من فوق كرسيه وقال وهو متجها للباب ..
.."..هستناك في مكتبك ياابراهيم .."..
..هز ابراهيم رأسه وقال ..
.."..اوك ..خد الانسة معاك ووصلهم للأسانسير لو سمحت يامراد.."..
..صاحت ايمان بدورها قائلة..
.."..وخلي اسطى اؤمؤم يوصلهم وحياة والدك.."..
..ضيق مراد عينيه وردد مستغربا ..
.."..اؤمؤم.."..
..نظر ابراهيم شزرا لايمان ثم قال لمراد ..
.."..تقصد ..اسطى إمام.."..
..اتجهت عزة واخيها ناحية الباب وهي تلوح بيدها عاليا قائلة ..
.."..توشكر ياذوق ..سلام ياايمو ..سلام ياباشا .."..
..ارتسم الحزن على وجه ايمان وقالت وهي تلوح لها بيدها عاليا ..
.."..سلام يالوزة ..سلام يابلاطة .."..
..خرج الجميع من الغرفة..ليعاود ابراهيم النظر لايمان بتحفز لتقول الاخيرة بتلعثم..
.."..ايه في ايه ..بتبصلي كدة ليه .."..
..اجابها ابراهيم بصوت حاد ..
.."..التهريج اللي حصل من شوية دا مايتكررش تاني ..احنا في شركة محترمة ليها اسمها وسمعتها ..وماينفعش الشريكة صاحبة الجزء الاكبر فيها تقلبها قاعة افراح.."..
..اعوج فمها وقالت ..
.."..يعني هو احنا لحقنا نفرح ولا لحقنا نعمل حاجة ..ما حضرتك طبيت علينا زي القضا المستعجل.."..
..وقبل ان يجيبها ابراهيم بنوبة غضب جديدة ..سمعا طرقا على الباب ليفتح بعدها ويدخل كل من السكرتيرة وشاب اخر ..فقالت ليلى وهي تشير للشاب الذي يقف بجانبها..
.."..مستر نادر ..يافندم.."..
..تقدم الشاب ناحية ابراهيم ليصافحه بحرارة وهو يقول ..
.."..أنا أسف جدا ياابراهيم بيه للتأخير ..انا معروف عني التزامي بمواعيدي بس للأسف عربيتي عطلت في الطريق..واضطريت استعين ببعض الشباب عشان يجروها معايا لغاية جراج الشركة .."..
..تنبهت حواس ايمان مكتملة ..فاتسعت عيناها وقالت بصوت قوي وهي تتقدم ناحيته..
.."..عربيتك مالها ياهندسة .."..
..اسرع ابراهيم بمسك مرفق زوجته وضغط عليه بقوة.. ليمنعها عن التقدم ناحية الشاب وكذلك عن استطراد حديثها ..كتمت ايمان تأوهها ونظرت بغضب لابراهيم الذي اكمل قوله وهو يرسم ابتسامة باهتة فوق شفتيه..
.."..محصلش حاجة يامستر نادر ..اعرفك بمدام ايمان ..مراتي وتلميذتك الجديدة .."..
..رفع نادر حاجبه وابتسم ببهجة وقال وهو يمد لها يده لمصافحتها..
.."..اهلا مدام ايمان .."..
..صافحته وهي تشعر بوخز بلسانها ..فمنعت نفسها بالقوة عن سؤاله حول عطل سيارته وقالت ..
.."..اهلا بيك.. يامستر.."..
..أشار ابراهيم للشاب لكي يجلس أمام المكتب وهو مازال ممسكا بمرفق زوجته ومشى بها ناحية النافذة الكبيرة ليقف بقبالتها وقال هامسا ولكن بوجه جامد وصوت حاد..
.."..ايمان ..اياكي ..فاهمة ..اياكي تسأليه على عربيته..تقعدي معاه وتركزي لغاية ما الدرس يخلص ..".
..نفضت ايمان ذراعها من بين قبضته وهي تقول بصوت خافت غاضب..
.."..بطل تمسكني كدة تاني ..وجعتني ياأخي ..وكمان الراجل جاي يعملنا خدمة ..تقوم لما عربيته تعطل ..نسكت مانساعدوش.."..
..كاد ان يصيح بوجهها بصوت عال ..ولكنه تماسك باللحظة الاخيرة وقال من بين اسنانه بغيظ واضح..
.."..وانتي مالك تعطل ولا تولع ..انتي قصاده دلوقتي ايمان هانم ..مش ايمان الميكانيكي..فاهمة ولا لا"..
..تكتفت ايمان بغضب واشاحت بوجهها عنه لتنظر للشاب الذي كان يراقبهما بتوجس وهرب بعينيه فور ما أن ايمان نظرت اليه..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت هادئ ..
.."..ايمان ارجوكي ..ساعديني ..بصي اول ما تلاقي نفسك هتسأليه عن عربيته ..عدي في سرك من واحد لعشرة ..وافتكري كلامي وكلام المحامي والقضية ..أمين .."..
..مطت ايمان شفتيها وقالت وهي تنزل بذراعيها ..
.."..أمين..."..
..وضع ابراهيم يده فوق ظهرها ليحثها على التقدم ناحية الشاب الذي يجلس منتظرا كلاهما ..فشعرت بقشعريرة تسري بعمودها الفقري لتتنحنح بصوت عال وهي تهز كتفيها محاولة منها لكي يبعد يده عن ظهرها المتشنج بفعل لمسته..
..وقف الشاب عندما ليقول ابراهيم ..
.."..أسيبكم عشان الدرس .."..
..حاوط ابراهيم بذراعه خصر ايمان وقال هامسا بجانب اذنها بعد ان طبع قبلة فوق وجنتها..
.."..لو احتاجتي حاجة كلميني ..وزي ما اتفقنا يابنت عمي .."..
..خرج ابراهيم من المكتب قبل ان يرى اتساع عيني ايمان فور ملامسة شفتيه وجنتها فأصابتها الحازوقة دون توقف ....
..أسرع الشاب نادر بمسك كوب الماء القابع فوق المنضدة الصغيرة ..ليعطيها اياه وهو يقول ..
.."..اتفضلي ياايمان هانم .."..
..امسكت ايمان بالكوب وتجرعته عن اخره ..لتجلس حتى تستعيد بعضا من ثباتها الذي بعثره زوجها بقبلته المفاجئة..
..فتوعدته في سرها لتنتبه لقول الشاب الذي جلس بقبالتها ..
.."..أنا عرفت من ابراهيم بيه انك ضعيفة شوية في الانجليزي وعايزة تقوي لغتك التانية .."..
..هزت ايمان رأسها بدون فهم وقالت..
.."..أيوة هو كدة بالظبط ..زي ماقالك ابراهيم بيه .."..
..اعتدل نادر بجلسته فوق كرسيه بأريحية وقال مبتسما ..
.."..ياريت اعرف مستوى حضرتك باللغة وصل لفين .."..
..واصلت ايمان هز رأسها بدون فهم لتقول ..
.."..هو بصراحة يعني.. وصل لحتة كويسة الحمد لله.."..
..تفاجأ الشاب بكلماتها ليحدق بها ثم انفجر ضاحكا وهو يقول ..
.."..دم حضرتك خفيف ياايمان هانم .."..
..ربتت ايمان بيدها فوق صدرها امتنانا منها لقوله ..
..فاستطرد الشاب قوله بعد ان توقف عن الضحك ..
.."..احنا هنتكلم شوية الاول قبل الدرس ..عشان احدد مستواكي باللغة وعلى هذا الاساس نشوف هنبدأ ازاي ..ممكن اعرف ايه اللي تعرفيه عن اللغة الانجليزية .."..
..قالت ايمان بعفوية ..
.."..والله انا كل اللي اعرفه وفاكراه من المدرسة ..هما كلمتين بس.."..
..قطب الشاب جبينه وقال ..
.."..كلمتين ايه.."..
..فأجابته ..
.."..اوكي ..وبي بي.."..
..رمش الشاب عدة مرات ومال بجذعه للأمام وهو يقول ..
.."..بي بي..يعني ايه.."..
..رفعت ايمان حاجبها متعجبة وقالت ساخرة..
.."..مدرس انجليزي أد الدنيا ومتعرفش بي بي يعني ايه..على راي المثل صحيح ..باب النجار مخلع..بي بي يامستر ..هو انت لما بتبقى مزنوق و عايز تخش الحمام مش بتقول ..يا جماعة لموأخذة هاخش اعمل بي بي.."..
..اتسعت اعين الشاب عن أخرها ليرجع بظهره للوراء وقبل ان ينطق أثار انتباهه سماعه لها وهي تهمس خافتة بقولها ..
..واحد ..اتنين...تلاتة ..اربعة.."..
..كانت ايمان تضم قبضتها بقوة لمنع نفسها عن سؤاله عن سيارته المعطلة..فتذكرت نصيحة ابراهيم لها بالعد من واحد لعشرة ..فقامت بذلك حتى فاض بها الكيل فلم يعد بمقدورها ان تتحمل اكثر من ذلك فصاحت بقولها..
.."..لاااا بجد مش قادرة ..الا قولي يامستر هي عربيتك عطلت ازاي .."..
أعاد الشاب نظرته لتلك الفتاة التي تجلس امامه و تسأل عن سيارته بهذه اللهفة الغريبة ..فسألها متعجبا وهو يشير لنفسه..
.."..عربيتي أنا .."..
..ذمت ايمان شفتيها وهي تقول بنزق ..
.."..أيوة يامستر عربيتك انت ..اومال عربية الجيران..ها قولي مالها عربيتك..عطلت ليه ..عارف ولا لسة هتجيب ميكانيكي يكشف عليها.."..
..هز الشاب رأسه وهو يقول غير مستعبا لهذا الحديث ..
.."..انا كلمت الميكانيكي ..بس للاسف مردش عليا..فا هاكلمه تاني لما الحصة تخلص .."..
..اسرعت ايمان بقولها ...
.."..يعني عارف العيب ايه ولا لسة هتعرف.."..
..اجابها مسرعا بدوره ..
.."..لا هي كانت ماشية وفجاة وقفت ..ولما دورتها تاني ماشتغلتش..حاولت اكتر من مرة ..مافيش فايدة.."..
..هزت ايمان رأسها وهي تقول..
.."..البطارية ضعفت..او مشكلة في الكابلات ...بص انا هاكشفلك على السلندر يمكن جيه عليه مية ..ونشوف كمان يمكن حصل حشر في المكابس .."..
..فغر الشاب فاهه وهو يستمع اليها..
..فهبت ايمان واقفة وهي تشير له بيدها وقالت ..
.."..قوم معايا حضرتك نشوف العربية فيها ايه ..طالما الميكانيكي بتاعك مردش عليك ..يبقى في ايده حتة شغل ..يعني مش هيجيلك دلوقتي ..اتفضل معايا وانا هشوفهالك..اتفضل .."..
..وقف الشاب مذهولا يلتفت حوله وكأنه يريد ان يسأل اين انا ومن هذه ..ليتلعثم بكلماته...
.."..ماهو ...انا ...انا مش فاهم حاجة ..اتفضل معاكي على فين يا هانم بس.."..
..اتجهت ايمان ناحية الباب وهي تحث الشاب ان يسير بجانبها وقالت بحماس..
.."..اتفضل معايا بس ع الجراج وانت هتفهم كل حاجة .."..
..انصاع الشاب لرغبتها ومشى بجانبها وخرجا الاثنان من المكتب ..لم تكن السكرتيرة بمكانها فخرجا الاثنان وعبرا الرواق الطويل يتحدثان عن السيارة دون ان ينتبها لليلى التي مرت بجانبهما وهي تسمع كلمة ايمان ..
.."..ننزل الجراج وان شاء الله مش هتمشي من هنا الا وانت طاير بعربيتك ع الاسفلت.."..
..تسمرت ليلى بمكانها وهي تتابع بنظرها هذان الاثنان وهما يدخلان المصعد ..ترددت بينها وبين نفسها هل تذهب لابلاغ ابراهيم بما سمعته ..ام تصمت تماما وكأنها لم تسمع شيئا من الاساس حرصا على ان لا تغضب منها ايمان مثل المرة السابقة..
..واثناء ذلك دلف العم سمير داخل مكتب ابراهيم دون استئذان ليصيح بوجهه...
.."..بتتحداني ياابراهيم ..جايب البنت اللي لموتوها من الشارع لغاية هنا ..وكمان قعدتها في مكتب وعينتلها سكرتيرة.."..
..هب كل من ابراهيم ومراد ليقفا فور دخول سمير بثورته عليهما..
..قال ابراهيم بصوت هادئ لعمه وهو يشير له بيده..
.."..اتفضل ياعمي اقعد..خلينا نتفاهم بهدوء.."..
..لم يعره سمير أي اهتمام وتقدم ناحية ابنه مراد وامسكه من تلابيب قميصه يهزه بقوة ويهدر أمام وجهه قائلا..
.."..هتقف معاهم ضدي ياكلب.."..
..وبوجه جامد الملامح انزل مراد بكفي ابيه جانبا وقال بصوت حاد خافت..
.."..ماشابه اباه يابابا..زي ما حضرتك وقفت قصاد جدي ورفعت عليه قضية وهتفضحنا في المحاكم.."..
..رفع سمير يده عاليا وقبل ان تنزل على وجنة مراد كان ابراهيم يمنع حدوث ذلك ..وقال وهو يحاول ان يدفع لعمه للوراء ..
.."..ياعمي ارجوك اهدى ..اقعد ونتفاهم ..كل اللي حضرتك بتعمله دا هايضر بسمعة العيلة وسمعة شركتنا .."..
..نفض العم سمير بيد ابراهيم ..وقال بغضب وهو يرفع سبابته مهددا له..
.."..القضية هكسبها يابن اخويا..وساعتها انتو كلكو واولهم البت الشوارعية دي برة العيلة والبيت والشركة .."..
..خرج سمير من غرفة المكتب بعد ان صفق الباب ورائه بقوة ..جلس كل من ابراهيم ومراد وهما ينظران لبعضهما بحزن وغضب لما آلت اليه الامور...
..وقبل ان ينطق مراد سمعا طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة ليلى وهي تفرك كلتا يديها بتوتر واضح لتتلكأ بكلماتها وهي تقول ..
.."..ابراهيم بيه ..انا....."..
..وقف ابراهيم يتطلع لها بتوجس وسألها مسرعا..
.."..في ايه ياليلى ..شكلك بيقول في مصيبة ..بسرعة اتكلمي.."..
..ولتزيح عن كاهلها عبأ هذا الخبر اسرعت ليلى بقولها ..
.."..ايمان هانم نزلت تحت في الجراج مع مستر نادر.."..
..نطق كل من ابراهيم ومراد بنفس اللحظة بصوت مرتعب..
.."..نزلت فيييين.."..
..اغمض ابراهيم عينيه واخذ يفرك وجهه بقوة ثم همس لنفسه ..
.."..تماسك ياابراهيم واهدى ..."..
..نظرا كل من ايمان وعزة لابراهيم ثم لبعضهما لتهمس عزة لصاحبتها..
.."..هو ماله ياختي ..دا بيكلم نفسه ..هو تعبان ولا حاجة..."..
..مالت ايمان برأسها وقالت بصوت خافت من بين اسنانها..
.."..تقريبا كدة ..من ساعة ماشوفته وكلمته وانا بلاقيه بيكلم نفسه..ويفرك في وشه ..الله اعلم يمكن تعبان ...الله يشفيه.."..
..نطقت عزة بصوت حزين .."..يارب ..".
..انتبها الاثنتان لإشارة ابراهيم لهما بمعاودة الجلوس مرة اخرى..فانصاعا له بصمت تام ..
..قال ابراهيم بعد أن استعاد بعضا من ثباته ..
.."..مافيش أي داعي للاستعانة بزوعبر افندي بتاعكو دا......"..
..توقف ابراهيم عن استرسال حديثه وتخصر ثم نظر اليهما شزرا عندما وجدهما يكتمان فاهما حتى لا تصدح اصوات ضحكاتهما عاليا..فقال..
.."..ممكن افهم بتضحكوا على ايه .."..
..لم تستطع ايمان ان تصمت أكثر من ذلك فقالت من بين ضحكاتها ..
.."..ياباشا اسمه زوعرب افندي مش زوعبر .."..
..فأجابها ابراهيم باستنكار واضح..
.."..على اساس ان في فرق ..والاسمين اصلا مالهمش أي معنى ..ما علينا ..محدش هييجي هنا غير الاساتذة اللي انا استعنت بيهم وبس ..مفهوم..
..زفرت ايمان بضيق وقالت على مضض ..
.."..مفهوم.."..
..سمع الجميع طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة ليلى وتقول ..
.."..مستر نادر برة يافندم وطالب مقابلة حضرتك.."..
..اجابها ابراهيم بقوله ..
.."..خمس دقايق بالظبط وخليه يدخل .."..
..امسكت ليلى بمقبض الباب وقالت وهي تهم بغلقه..
.."..امرك ياافندم.."..
..نظر ابراهيم لعزة وقال بصوت هادئ..
.."..بعد اذنك ياانسة عزة ..مدرس اللغة الانجليزية وصل ولازم بعد شوية يقعد مع ايمان عشان الدرس.."..
..شعرت عزة ببعض الحرج فهبت لتقف وقالت وهي تمسك بيد اخيها الصغير وبحقيبتها باليد الاخرى تناظر ايمان..
.."..اه ..طبعا ..طب انا همشي دلوقتي ياايمو ..سلام ياحبيبتي وابقى اجيلك في وقت تاني "..
..هبت ايمان واقفة لتمسك بمرفق عزة وهي تقول بغضب وعينيها لا تحيد عن عيني ابراهيم..
.."..انا ملحقتش اقعد معاها ..وكمان انا مش عايزة اخد دروس تاني ..وقلتلك ان عزة هتكون مديرة عملياتي..يعني خلاص هتشتغل هنا معايا "..
..اقترب ابراهيم منها وقال بصوت قوي ..
.."..عايز افكرك ياايمان هانم باتفاقك معايا ومع الاستاذ كمال المحامي ..ولو على شغل للانسة هنا ..حاااضر ياستي ..من بكرة هايتم تعينها في الشركة .."..
..صاحت عزة بفرح وهي تقول ..
.."..والنبي صحيح ياسعادة البيه.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وقال ..
.."..ايوة ..تعالي بكرة الصبح و معاكي ال C.V بتاعك .."..
..قالت ايمان بنزق ..
.."..سي سي ايه..قلتلك معاها دبلوم تجارة.."..
..سحب ابراهيم نفسا طويلا وقال من بين اسنانه بغيظ ..
.."..ماهو ال C.V دا هو الورق بتاعها ..شهادتها وشهادة ميلادها .."..
..امسكت عزة بوجه ايمان وقبلتها بقوة فوق وجنتها وهي تقول بسعادة..
.."..تسلميلي ياصاحبتي...امشي انا بقى ..يالا ياواد يامحمد.."..
..قام مراد من فوق كرسيه وقال وهو متجها للباب ..
.."..هستناك في مكتبك ياابراهيم .."..
..هز ابراهيم رأسه وقال ..
.."..اوك ..خد الانسة معاك ووصلهم للأسانسير لو سمحت يامراد.."..
..صاحت ايمان بدورها قائلة..
.."..وخلي اسطى اؤمؤم يوصلهم وحياة والدك.."..
..ضيق مراد عينيه وردد مستغربا ..
.."..اؤمؤم.."..
..نظر ابراهيم شزرا لايمان ثم قال لمراد ..
.."..تقصد ..اسطى إمام.."..
..اتجهت عزة واخيها ناحية الباب وهي تلوح بيدها عاليا قائلة ..
.."..توشكر ياذوق ..سلام ياايمو ..سلام ياباشا .."..
..ارتسم الحزن على وجه ايمان وقالت وهي تلوح لها بيدها عاليا ..
.."..سلام يالوزة ..سلام يابلاطة .."..
..خرج الجميع من الغرفة..ليعاود ابراهيم النظر لايمان بتحفز لتقول الاخيرة بتلعثم..
.."..ايه في ايه ..بتبصلي كدة ليه .."..
..اجابها ابراهيم بصوت حاد ..
.."..التهريج اللي حصل من شوية دا مايتكررش تاني ..احنا في شركة محترمة ليها اسمها وسمعتها ..وماينفعش الشريكة صاحبة الجزء الاكبر فيها تقلبها قاعة افراح.."..
..اعوج فمها وقالت ..
.."..يعني هو احنا لحقنا نفرح ولا لحقنا نعمل حاجة ..ما حضرتك طبيت علينا زي القضا المستعجل.."..
..وقبل ان يجيبها ابراهيم بنوبة غضب جديدة ..سمعا طرقا على الباب ليفتح بعدها ويدخل كل من السكرتيرة وشاب اخر ..فقالت ليلى وهي تشير للشاب الذي يقف بجانبها..
.."..مستر نادر ..يافندم.."..
..تقدم الشاب ناحية ابراهيم ليصافحه بحرارة وهو يقول ..
.."..أنا أسف جدا ياابراهيم بيه للتأخير ..انا معروف عني التزامي بمواعيدي بس للأسف عربيتي عطلت في الطريق..واضطريت استعين ببعض الشباب عشان يجروها معايا لغاية جراج الشركة .."..
..تنبهت حواس ايمان مكتملة ..فاتسعت عيناها وقالت بصوت قوي وهي تتقدم ناحيته..
.."..عربيتك مالها ياهندسة .."..
..اسرع ابراهيم بمسك مرفق زوجته وضغط عليه بقوة.. ليمنعها عن التقدم ناحية الشاب وكذلك عن استطراد حديثها ..كتمت ايمان تأوهها ونظرت بغضب لابراهيم الذي اكمل قوله وهو يرسم ابتسامة باهتة فوق شفتيه..
.."..محصلش حاجة يامستر نادر ..اعرفك بمدام ايمان ..مراتي وتلميذتك الجديدة .."..
..رفع نادر حاجبه وابتسم ببهجة وقال وهو يمد لها يده لمصافحتها..
.."..اهلا مدام ايمان .."..
..صافحته وهي تشعر بوخز بلسانها ..فمنعت نفسها بالقوة عن سؤاله حول عطل سيارته وقالت ..
.."..اهلا بيك.. يامستر.."..
..أشار ابراهيم للشاب لكي يجلس أمام المكتب وهو مازال ممسكا بمرفق زوجته ومشى بها ناحية النافذة الكبيرة ليقف بقبالتها وقال هامسا ولكن بوجه جامد وصوت حاد..
.."..ايمان ..اياكي ..فاهمة ..اياكي تسأليه على عربيته..تقعدي معاه وتركزي لغاية ما الدرس يخلص ..".
..نفضت ايمان ذراعها من بين قبضته وهي تقول بصوت خافت غاضب..
.."..بطل تمسكني كدة تاني ..وجعتني ياأخي ..وكمان الراجل جاي يعملنا خدمة ..تقوم لما عربيته تعطل ..نسكت مانساعدوش.."..
..كاد ان يصيح بوجهها بصوت عال ..ولكنه تماسك باللحظة الاخيرة وقال من بين اسنانه بغيظ واضح..
.."..وانتي مالك تعطل ولا تولع ..انتي قصاده دلوقتي ايمان هانم ..مش ايمان الميكانيكي..فاهمة ولا لا"..
..تكتفت ايمان بغضب واشاحت بوجهها عنه لتنظر للشاب الذي كان يراقبهما بتوجس وهرب بعينيه فور ما أن ايمان نظرت اليه..
..تنهد ابراهيم وقال بصوت هادئ ..
.."..ايمان ارجوكي ..ساعديني ..بصي اول ما تلاقي نفسك هتسأليه عن عربيته ..عدي في سرك من واحد لعشرة ..وافتكري كلامي وكلام المحامي والقضية ..أمين .."..
..مطت ايمان شفتيها وقالت وهي تنزل بذراعيها ..
.."..أمين..."..
..وضع ابراهيم يده فوق ظهرها ليحثها على التقدم ناحية الشاب الذي يجلس منتظرا كلاهما ..فشعرت بقشعريرة تسري بعمودها الفقري لتتنحنح بصوت عال وهي تهز كتفيها محاولة منها لكي يبعد يده عن ظهرها المتشنج بفعل لمسته..
..وقف الشاب عندما ليقول ابراهيم ..
.."..أسيبكم عشان الدرس .."..
..حاوط ابراهيم بذراعه خصر ايمان وقال هامسا بجانب اذنها بعد ان طبع قبلة فوق وجنتها..
.."..لو احتاجتي حاجة كلميني ..وزي ما اتفقنا يابنت عمي .."..
..خرج ابراهيم من المكتب قبل ان يرى اتساع عيني ايمان فور ملامسة شفتيه وجنتها فأصابتها الحازوقة دون توقف ....
..أسرع الشاب نادر بمسك كوب الماء القابع فوق المنضدة الصغيرة ..ليعطيها اياه وهو يقول ..
.."..اتفضلي ياايمان هانم .."..
..امسكت ايمان بالكوب وتجرعته عن اخره ..لتجلس حتى تستعيد بعضا من ثباتها الذي بعثره زوجها بقبلته المفاجئة..
..فتوعدته في سرها لتنتبه لقول الشاب الذي جلس بقبالتها ..
.."..أنا عرفت من ابراهيم بيه انك ضعيفة شوية في الانجليزي وعايزة تقوي لغتك التانية .."..
..هزت ايمان رأسها بدون فهم وقالت..
.."..أيوة هو كدة بالظبط ..زي ماقالك ابراهيم بيه .."..
..اعتدل نادر بجلسته فوق كرسيه بأريحية وقال مبتسما ..
.."..ياريت اعرف مستوى حضرتك باللغة وصل لفين .."..
..واصلت ايمان هز رأسها بدون فهم لتقول ..
.."..هو بصراحة يعني.. وصل لحتة كويسة الحمد لله.."..
..تفاجأ الشاب بكلماتها ليحدق بها ثم انفجر ضاحكا وهو يقول ..
.."..دم حضرتك خفيف ياايمان هانم .."..
..ربتت ايمان بيدها فوق صدرها امتنانا منها لقوله ..
..فاستطرد الشاب قوله بعد ان توقف عن الضحك ..
.."..احنا هنتكلم شوية الاول قبل الدرس ..عشان احدد مستواكي باللغة وعلى هذا الاساس نشوف هنبدأ ازاي ..ممكن اعرف ايه اللي تعرفيه عن اللغة الانجليزية .."..
..قالت ايمان بعفوية ..
.."..والله انا كل اللي اعرفه وفاكراه من المدرسة ..هما كلمتين بس.."..
..قطب الشاب جبينه وقال ..
.."..كلمتين ايه.."..
..فأجابته ..
.."..اوكي ..وبي بي.."..
..رمش الشاب عدة مرات ومال بجذعه للأمام وهو يقول ..
.."..بي بي..يعني ايه.."..
..رفعت ايمان حاجبها متعجبة وقالت ساخرة..
.."..مدرس انجليزي أد الدنيا ومتعرفش بي بي يعني ايه..على راي المثل صحيح ..باب النجار مخلع..بي بي يامستر ..هو انت لما بتبقى مزنوق و عايز تخش الحمام مش بتقول ..يا جماعة لموأخذة هاخش اعمل بي بي.."..
..اتسعت اعين الشاب عن أخرها ليرجع بظهره للوراء وقبل ان ينطق أثار انتباهه سماعه لها وهي تهمس خافتة بقولها ..
..واحد ..اتنين...تلاتة ..اربعة.."..
..كانت ايمان تضم قبضتها بقوة لمنع نفسها عن سؤاله عن سيارته المعطلة..فتذكرت نصيحة ابراهيم لها بالعد من واحد لعشرة ..فقامت بذلك حتى فاض بها الكيل فلم يعد بمقدورها ان تتحمل اكثر من ذلك فصاحت بقولها..
.."..لاااا بجد مش قادرة ..الا قولي يامستر هي عربيتك عطلت ازاي .."..
أعاد الشاب نظرته لتلك الفتاة التي تجلس امامه و تسأل عن سيارته بهذه اللهفة الغريبة ..فسألها متعجبا وهو يشير لنفسه..
.."..عربيتي أنا .."..
..ذمت ايمان شفتيها وهي تقول بنزق ..
.."..أيوة يامستر عربيتك انت ..اومال عربية الجيران..ها قولي مالها عربيتك..عطلت ليه ..عارف ولا لسة هتجيب ميكانيكي يكشف عليها.."..
..هز الشاب رأسه وهو يقول غير مستعبا لهذا الحديث ..
.."..انا كلمت الميكانيكي ..بس للاسف مردش عليا..فا هاكلمه تاني لما الحصة تخلص .."..
..اسرعت ايمان بقولها ...
.."..يعني عارف العيب ايه ولا لسة هتعرف.."..
..اجابها مسرعا بدوره ..
.."..لا هي كانت ماشية وفجاة وقفت ..ولما دورتها تاني ماشتغلتش..حاولت اكتر من مرة ..مافيش فايدة.."..
..هزت ايمان رأسها وهي تقول..
.."..البطارية ضعفت..او مشكلة في الكابلات ...بص انا هاكشفلك على السلندر يمكن جيه عليه مية ..ونشوف كمان يمكن حصل حشر في المكابس .."..
..فغر الشاب فاهه وهو يستمع اليها..
..فهبت ايمان واقفة وهي تشير له بيدها وقالت ..
.."..قوم معايا حضرتك نشوف العربية فيها ايه ..طالما الميكانيكي بتاعك مردش عليك ..يبقى في ايده حتة شغل ..يعني مش هيجيلك دلوقتي ..اتفضل معايا وانا هشوفهالك..اتفضل .."..
..وقف الشاب مذهولا يلتفت حوله وكأنه يريد ان يسأل اين انا ومن هذه ..ليتلعثم بكلماته...
.."..ماهو ...انا ...انا مش فاهم حاجة ..اتفضل معاكي على فين يا هانم بس.."..
..اتجهت ايمان ناحية الباب وهي تحث الشاب ان يسير بجانبها وقالت بحماس..
.."..اتفضل معايا بس ع الجراج وانت هتفهم كل حاجة .."..
..انصاع الشاب لرغبتها ومشى بجانبها وخرجا الاثنان من المكتب ..لم تكن السكرتيرة بمكانها فخرجا الاثنان وعبرا الرواق الطويل يتحدثان عن السيارة دون ان ينتبها لليلى التي مرت بجانبهما وهي تسمع كلمة ايمان ..
.."..ننزل الجراج وان شاء الله مش هتمشي من هنا الا وانت طاير بعربيتك ع الاسفلت.."..
..تسمرت ليلى بمكانها وهي تتابع بنظرها هذان الاثنان وهما يدخلان المصعد ..ترددت بينها وبين نفسها هل تذهب لابلاغ ابراهيم بما سمعته ..ام تصمت تماما وكأنها لم تسمع شيئا من الاساس حرصا على ان لا تغضب منها ايمان مثل المرة السابقة..
..واثناء ذلك دلف العم سمير داخل مكتب ابراهيم دون استئذان ليصيح بوجهه...
.."..بتتحداني ياابراهيم ..جايب البنت اللي لموتوها من الشارع لغاية هنا ..وكمان قعدتها في مكتب وعينتلها سكرتيرة.."..
..هب كل من ابراهيم ومراد ليقفا فور دخول سمير بثورته عليهما..
..قال ابراهيم بصوت هادئ لعمه وهو يشير له بيده..
.."..اتفضل ياعمي اقعد..خلينا نتفاهم بهدوء.."..
..لم يعره سمير أي اهتمام وتقدم ناحية ابنه مراد وامسكه من تلابيب قميصه يهزه بقوة ويهدر أمام وجهه قائلا..
.."..هتقف معاهم ضدي ياكلب.."..
..وبوجه جامد الملامح انزل مراد بكفي ابيه جانبا وقال بصوت حاد خافت..
.."..ماشابه اباه يابابا..زي ما حضرتك وقفت قصاد جدي ورفعت عليه قضية وهتفضحنا في المحاكم.."..
..رفع سمير يده عاليا وقبل ان تنزل على وجنة مراد كان ابراهيم يمنع حدوث ذلك ..وقال وهو يحاول ان يدفع لعمه للوراء ..
.."..ياعمي ارجوك اهدى ..اقعد ونتفاهم ..كل اللي حضرتك بتعمله دا هايضر بسمعة العيلة وسمعة شركتنا .."..
..نفض العم سمير بيد ابراهيم ..وقال بغضب وهو يرفع سبابته مهددا له..
.."..القضية هكسبها يابن اخويا..وساعتها انتو كلكو واولهم البت الشوارعية دي برة العيلة والبيت والشركة .."..
..خرج سمير من غرفة المكتب بعد ان صفق الباب ورائه بقوة ..جلس كل من ابراهيم ومراد وهما ينظران لبعضهما بحزن وغضب لما آلت اليه الامور...
..وقبل ان ينطق مراد سمعا طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة ليلى وهي تفرك كلتا يديها بتوتر واضح لتتلكأ بكلماتها وهي تقول ..
.."..ابراهيم بيه ..انا....."..
..وقف ابراهيم يتطلع لها بتوجس وسألها مسرعا..
.."..في ايه ياليلى ..شكلك بيقول في مصيبة ..بسرعة اتكلمي.."..
..ولتزيح عن كاهلها عبأ هذا الخبر اسرعت ليلى بقولها ..
.."..ايمان هانم نزلت تحت في الجراج مع مستر نادر.."..
..نطق كل من ابراهيم ومراد بنفس اللحظة بصوت مرتعب..
.."..نزلت فيييين.."..
رواية عروستي ميكانيكي الحلقة الثانية والعشرون 22 كاملة مكتوبة
المشهد 22
..اجابتهما ليلى مؤكدة لهما..
.."..الجراااج ياافندم.."..
..اكتسى الغضب وجه ابراهيم فاستدار حول مكتبه..واتجه مسرعا ناحية الباب وقال وهو يشير لمراد ..
.."..الحق انت عطل ابوك قبل ماينزل الجراج ويشوف المصيبة اللي تحت.."..
..لوح مراد بذراعيه وتقدم ناحيته يصيح متسائلا بصوت عال ..
.."..اعطله ازاي يعني ..اعمل ايه.."..
..صرخ به ابراهيم قبل ان يخرج..
.."..اتصررف يامراد..يالاااا.."..
..اسرعت ليلى بالتنحي جانبا ..فمر كلاهما بجانبها بسرعة البرق ..
..زفر ابراهيم بأريحية عندما خرج بالرواق ليجد عمه سمير يتحدث مع احد موظفي الشركة ..فضرب ظهر مراد لكي ينفذ مااتفق معه عليه..زفر مراد وهو ينظر له شزرا..رفع ذراعه ونادى بصوت عال..
.."..بابا ..لو سمحت ..لحظة.."..
..وقف مراد بقبالة والده بالناحية المعاكسة حتى لا يلفت نظر ابيه لابراهيم الذي اسرع بخطواته ناحية المصعد ..امسك مراد بذراع والده وهو يقول ..
.."..ممكن اتكلم معاك لوحدنا ..من فضلك يابابا.."..
..استأذنهما ذاك الموظف بعد أن شعر بالحرج وانصرف من امامهما ..زفر الاب بغضب ونفض بذراعه بعيدا عن قبضة مراد وقال بصوت اجش حاد..
.."..الامر محسوم يامراد بيه وانسى تماما اني اتراجع عنه .."..
..ليرد مراد مسرعا ..
.."..بابا..حضرتك عارف كويس ان لو موضوع القضية دا اتعرف ..ممكن يحصل ايه..اسهمنا هتنزل الارض ..والشركة اللي حضرتك بتحارب عشانها دلوقتي هتضيع في النهاية..تعال ارجوك نتفاهم في مكتبي .."..
..استدار سمير متجها للمصعد وهو يقول ..
.."..الامر عندي منتهي..نتقابل في المحكمة.."..
..اسرع مراد ليثنيه عن دخول المصعد وتعطيله اكثر من ذلك ولكن لم يرضخ سمير للامر ودخل المصعد بالفعل..
..اثناء ذلك كان ابراهيم يضغط بإصبعه فوق زر لوحة الارقام بالمصعد ..يهز قدمه بحركة عصبية.. يفكر كيف يكسر رأس تلك المجنونة التي اصبحت زوجته ..
..خرج من المصعد واتجه مسرعا ناحية الممر المؤدي لباب الجراج وما ان دلف اليه اخذ يبحث بعينيه بين كل تلك السيارات المرصاة بجانب بعضها ..ليجد عند السيارة الاخيرة بالصف زوجته تميل بجذعها فوق مقدمة السيارة تغمس برأسها فوق المحرك وتشير بيدها وتصيح بقولها ..
.."..دور العربية يامستر.."..
..هرول ابراهيم ناحيتها.. يصطك بأسنانه فوق بعضها حتى كاد ان يحطمهم ..
..وما ان سمع الرجل صوت محرك سيارته يدور حتى ارتسمت على شفتيه ابتسامة اعجاب واضحة وهو ينظر لها مذهولا وقبل ان تنزل قدمه على الارض وجد من يقفل باب سيارته بقوة ويقول ..
.."..تاخد عرببتك وتمشي حالا وشكرا لخدماتك مدفوعة الاجر .."..
..نظر نادر لوجه ابراهيم المتجهم والذي يناظره من اعلى وبعينيه نظرات قاتمة تشع غضبا فقال بتلكؤ..
.."ابراهيم بيه انا ......"..
..لم يعره ابراهيم اي اهتمام واسرع ناحية زوجته التي تسمرت بمكانها ..امسك بمقدمة السيارة واغلقها وضرب بقوة فوق سطحها وهتف بنادر قائلا ..
.."..امشي حالا وبدون اي نقاش..واعتبرها اول واخر حصة ..اتفضل.."..
..ابتلع الرجل ريقه بصعوبة وهو يشير برأسه له بالايجاب..
..لم تستطع ايمان النطق بكلمة واحدة عندما رات ابراهيم يكاد ان ينفجر كالبركان ..فأثرت الصمت تفاديا لأي صدام..شعرت بألم عندما امسك ابراهيم بمرفقها ليفسحا المجال لنادر كي يقود سيارته متخطيا جانبهما ..وما ان ابتعدت السيارة ..سحب ابراهيم ايمان من مرفقها يجرها بجانبه ناحية العمود الخرساني ..فصاحت به ايمان وهي تحاول ان تفك أسر ذراعها من قبضة زوجها دون جدوى..
.."..سيب دراعي ..انت اتجننت ولا ايه..بقولك سيبني .."..
..رأى ابراهيم عمه يفتح الباب متجها لسيارته وورائه مراد يدور برأسه بحثا عنه..وتحدث معه بصوت عال كإنذار له..فهم ابراهيم إشارات مراد فدفع بإيمان ليرتطم ظهرها بحائط العامود وحاصرها بكامل جسده واضعا كفه على فمها هامسا بصوت قوي حاد ..
.."..اخرسي.."..
..حاولت مقاومته والدفع بجسده عنها ولكنها فشلت بذلك ..استسلمت لما يحدث فسحبت نفسا عميقا مشبعا برائحته لتتسع كلتا عينيها وقالت لنفسها..
.."..انا شميت الريحة الحلوة دي فين قبل كدة .."..
..مال ابراهيم برأسه لينظر بعين واحدة لعمه الذي ركب سيارته واسرع بقيادتها هربا من الحاح مراد الذي وقف بجانب النافذة ولسانه لا يكف عن الكلام ولو للحظة..
..خرج سمير من الجراج ..تنهد مراد بأريحية وأخذ يبحث بعينيه عن ابراهيم وايمان..
..بعد أن اطمئن ابراهيم بخروج عمه دون ان يرى ماكان يحدث ..ليعاود النظر لتلك المتسعة عيناها وتشع منهما شررا واضحا وتغمغم بهمهمات غير مفهومة ..رفع كفه عن فمها وتراجع خطوة للوراء ليجد من تضرب صدره بقبضتها صارخة بوجهه قائلة..
.."..انت فاكر نفسك مين عشان تعمل معايا كدة ..ورحمة امي وابويا لو اتكررت تاني ........."..
..توقفت عن الكلام عندما اعتصر ابراهيم ذقنها بأصابع كفه وهو يصرخ بوجهها...
.."..قلت اخرسي..ايه مابتفهميش..ايوة صح انتي مابتفهميش ..حذرتك كذا مرة وكلمتك بكل هدوء..وبردو مافيش فايدة ..استنفذت معاكي كل الطرق..وانتي محلك سر لا عايزة تتعلمي ولا حتى تحاولي ..انتي عارفة لو عمك كان شافك في الموقف دا كان حصل ايه...طبعا ولا في بالك عارفة ليه.. لانك واحدة فاشلة وعن جدارة .........."..
..وقف مراد حائلا بينهما بعد ما امسك بيد ابراهيم ليترك ذقن ايمان التي قد تلونت بالاحمرار كما تلون بياض عينيها التي امتلئت بالدموع الحارقة تأبي النزول حتى لا تفضح ضعفها أمامه ..
..وضع مراد كفيه فوق صدر ابراهيم الذي يعلو ويهبط بقوة من شدة الغضب وقال بصوت خفيض حاد..
.."..ابراهيم ...اهدى ..مينفعش الكلام هنا..خدها وروحوا البيت ..يالا...."..
..دفعت ايمان بمراد جانبا لتقف بقبالة ابراهيم رافعة رأسها لأعلى بكل إباء لتقول بنبرة صوت قوية متحدية اياه..
.."..الفاشل هو اللي فاكر نفسه انه بأمر منه ممكن يغير اللي قدامه ..من غير مايفهم او حتى يحاول انه يعرف هو مين الاول ..انا بقى هقولك انا مين...انا ايمان ..البت اللي اتولدت جوة حارة ضيقة واتعجنت بترابها ..لا كنت احب اروح مدرسة ولا كنت احب اذاكر ومتعلمتش غير الحاجة اللي بحبها وبس..مكنتش بعمل غير اللي بيسعدني وبس ..اشتغل واساعد ابويا وفي اخر النهار اقعد وسط الناس اللي بتحبني ..وطلعت زي مانت شايف..واحدة راضية ومبسوطة وبتاكل من عرق جبينها .."..
..استطردت كلماتها بعد ان نظرت اليه من اسفله لاعلاه..
.."..مش زيك ..واحد........"..
..تفصد جبينه ببعض حبات من العرق ..تحركت تفاحة عنقه ببطأ ثم قال وهو يتمعن بحدقتي عينيها المتلئلة..
.."..كملي يابنت عمي ..واحد ايه ..كملي .."..
..عاود مراد الوقوف بينهما وقال وهو يحاول ابعادهما عن بعض ..
.."..لو سمحتوا كفاية كدة .. اهدوا واعرفوا انتو فين .."..
..تراجعت ايمان للوراء خطوتين غير عابئة بنظرات زوجها وقالت وهي تنظر لمراد ..
.."..انا ماشية يامراد... ومعلش يعني ياريت لو تسلفني مفتاحك عربيتك .."..
..انتقل مراد بعينيه بينهما وعندما لم يجد اعتراض من ابراهيم ..نزع مفتاح سيارته من جيب بنطاله واعطاه لايمان التي استدارت وضغطت بمفتاح التحكم لتسمع صوت انذار السيارة يعلن عن فتحها ...اتجهت ناحية السيارة دون النطق بكلمة واحدة لأي منهما ..وما ان ركبت السيارة وبدأت بتشغيلها حتى وجدت من يقف امامها متخصرا وهو يقول بصوت عال اجش..
.."..انزلي .."..
..زفرت ايمان بضيق فضربت مقود السيارة وهي تقول ..
.."..هو يوم منيل من اوله انا عارفة .."..
..خرجت برأسها من النافذة وهي تصيح ..
.."..ابعد ياباشا من قدام العربية وخلي اليوم دا يعدي على خير احسنلك.."..
..اقترب مراد من ابراهيم وربت فوق كتفه وهو يقول مترجيا اياه..
.."..سيبها ياابراهيم تروح وابقوا اتفاهموا في البيت.."..
..قال له ابراهيم وهو يستدير حول السيارة..
.."..خليك واقف مكانك .."..
..تسمر مراد بمكانه وهو يشاهد ابراهيم يفتح باب السيارة ويدخل عنوة ليلتصق بجانبها محاولة منه لكي يجلس أمام مقود السيارة ..اضطرت ايمان ان تتزحزح بجسدها وهي تتمتم بكلمات اعتراضية غير متناسقة ..وما ان اعتدلت بجلستها فوق كرسيها حتى صاحت قائلة..
.."..ممكن افهم بتعمل ايه .."..
..اغلق ابراهيم باب السيارة وبدأ بقيادتها واشار لمراد لكي يبتعد ..ثم وقف بجانبه وقال له ..
.."..تابع انت هنا وهكلمك.. وبعد كدة ارجع بعربيتي.."..
..هز مراد رأسه بالايجاب وهو ينتقل بناظريه بينهما ..قاد ابراهيم السيارة بسرعة مخلفا ورائه صوت احتكاك شديد ليتمتم مراد مع نفسه..
.."..انا مش متفائل.."..
..ظلت ايمان تنتقل بعينيها بين الطريق امامه وبين وجه زوجها الجامد الملامح ..فضربت ذراعه باصبعها وهي تقول ..
.."..رد عليا ..بقولك مش هروح الفيلا ..هرجع بيتي ..نزلني على أي جمب.."..
..التفت اليها ينظر لأصابعها التي ترتكز فوق ذراعه ..فأسرعت بانزال يدها فوق حجرها لتجده ينظر اليها ويقول بصوت هادئ ولكنه بث بداخلها ببعض الخوف..
.."..عشان اليوم يعدي على خير زي مقولتي ..مسمعش صوتك لغاية مانوصل البيت ..فاااهمة.."..
..صرخ بكلمته الاخيرة لينتفض قلبها بخوف ..لم تستطع النطق بكلمة واحدة ..فتكتفت ونظرت امامها ..
..عم الصمت بينهما بعيدا عن اصوات السيارات المارة بجانبهما...تفاجئا الاثنان بمرور سيارة نصف نقل مسرعة امامهما لكي تعبر للطريق الجانبي ..اسرع ابراهيم بكبح فرامل السيارة ولكنه لم يستطع ان يتفادى الاصطدام بمؤخرة السيارة الاخرى ليتهشم مصباح الاضاءة الخلفي..شهقت ايمان بفزع وهي تستند بيدها فوق التابلوه ..كما سب ابراهيم سبة مقيتة وهو يضرب المقود بيده ..
..خرج سائق السيارة يلوح بيده ويصرخ بالسبات واللعنات..وقبل ان يخرج ابراهيم من سيارته تفاجئ بزوجته التي ارتسمت علامات الغيظ بوجهها لتخرج من السيارة بعد ان اغلقت بابها بقوة واتجهت ناحية السائق تلوح بيدها وتصيح بدورها هي الاخرى قائلة..
.."..يعني انتي اللي غلطان وكمان نازل تبرطم ..اما انك معندكش دم صحيح.."..
..خرج ابراهيم مسرعا ليقف حائلا بين زوجته والسائق الذي نظر لايمان متفحصا اياها من اسفلها لأعلاها وهو يقول ساخرا..
.."..يالا ياابلة من هنا ماليش كلام معاكي..انا كلامي مع الرجالة.."..
..امسك ابراهيم بذراع ايمان وقال لها ..
.."..اسكتي انتي متتدخليش.."..
..ثم التفت للسائق وقال بصوت هادئ..
.."..من غير كلام كتير ..شوف عايز تمن الفانوس اللي اتكسر دا كام وانتهينا.."..
..وبابتسامة خبيثة قال السائق وهو يفرك كلتا يديه فرحا ..
.."..والله ياباشا يعني ...الفانوس دا مكلفني فوق ال 500 جنيه .."..
..نفضت ايمان ذراعها من يد زوجها لتصيح بوجه السائق بعد ان ضربت صدره بقبضتها لتدفعه للوراء ..
.."..اه ياحرامي يانصاب ..فانوس خلفي مايجيش تمنه خمسة وسبعين جنيه ..عايز فيه خمسمية ياضلالي..ورحمة امي ماهتاخد حاجة ويالا بينا ع القسم .."..
..اتسعت عيني السائق من تلك المتوحشة التي ضربته وصرخت بوجهه فلم يجد ما يقوله ..غير ان ينظر لزوجها الذي ضم قبضتيه حتى ابيضت سلامياته واغمض عينيه كاتما غيظه وانفجار غضبه بشق الانفس..
..صدحت اصوات ابواق السيارات عاليا حولهما وتوقف الطريق ..ونظرا لحيوية هذا الشارع الرئيسي اتجهت ناحيتهم سيارة الشرطة لفك هذا الشجار وعودة سير السيارات..
..تمنى ابراهيم ان يصرخ عاليا ولكنه امسك بمرفق زوجته بقوة ليجعلها تقف بقبالته ويقول من بين اسنانه...
.."..اخرسي خالص وارجعي اقعدي في العربية ومالكيش دعوة بحاجة ..امشي يالا.."..
..وقبل ان تجيبه معترضة ..سمعا الضابط وهو يتجه ناحيتهما ولمن التف حولهم قال بصوت عال..
.."..مش عايز حد هنا غير اصحاب العربيتين وبس .."..
..انفض الجمع من حولهما وبقيا ابراهيم وايمان والسائق الذي اسرع بقوله بصوت تمثيلي ..
.."..الحقني ياباشا ..البيه كسر عربيتي والهانم مراته بتشتمني ..هو انا عشان غلبان ياباشا يبقى ماليش حق في البلد دي.."....
..نظر له الضابط نظرة قاتمة واشار لفمه بأصبعه علامة منه لكي يصمت ..انصاع الرجل على الفور ورسم بوجهه علامات الانكسار بعد ان تهدلت كلتا كتفيه..
..نظر الضابط للسيارتين ليقيم حجم الخسائر والضرر الذي الحق بالسيارتين ..ثم اتجه ناحية ابراهيم ..وقال له بعد ان صافحه ..
.."..ايه راي حضرتك لو حلناها ودي كدة بسرعة..خصوصا ان عربيتك مجرلهاش حاجة ..وانت اكيد فاهم هتعمل ايه.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وكاد ان يضع يده بجيب سترته ليخرج حافظته ولكن يده تسمرت على وضعها عندما سمع صوت زوجته العال يصيح...
.."..الراجل دا نصاب وحرامي وهو اللي غلطان عشان كسر علينا من غير اشارة ولا حتى كلكس ..يعني هو اللي يتأسفلنا ..مش احنا اللي نحلها ياباشا زي ماتفضلت وقلت.."..
..تقطب جبين الضابط وهو ينظر بتعجب لتلك الفتاة الثائرة والتي لا يوجد ابدا تجانس بين هيئتها وملابسها وبين طريقة حديثها وثورتها ..ضاقت عيني الضابط وهو يتسائل ..
.."..افندم يامدام ..ياهانم انتو اللي خابطينه وعربيته هو اللي اتضررت.."..
..لم تعر ايمان اهتمام لنظرات زوجها الغاضبة وقالت بثقة..
.."..شارع كبير ومهم زي دا ياباشا ..يعني مليان كاميرات تصور اللي رايح واللي جاي ..راجع كاميراتك وانت تعرف مين اللي غلطان ..متتكلمش كدة عيمياني لموأخذة.."..
..ضغط ابراهيم بقبضته فوق معصمها ليهزها بقوة وهو يقول ..
.."..قلت مالكيش دعوة انتي.. "..
..صاحت به ايمان قائلة..
.."..هو ايه اللي ماليش دعوة.."..
..استطردت قولها وهي تنظر للضابط..
.."..انا عايزة اعمل محضر في الراجل النصاب دا.."..
..ابتلع السائق ريقه بصعوبة وقبل ان يكمل تمثيليته صاح الضابط بالجميع ..
.."..اتفضلوا كلكم ورايا ع القسم.."..
..اجابتهما ليلى مؤكدة لهما..
.."..الجراااج ياافندم.."..
..اكتسى الغضب وجه ابراهيم فاستدار حول مكتبه..واتجه مسرعا ناحية الباب وقال وهو يشير لمراد ..
.."..الحق انت عطل ابوك قبل ماينزل الجراج ويشوف المصيبة اللي تحت.."..
..لوح مراد بذراعيه وتقدم ناحيته يصيح متسائلا بصوت عال ..
.."..اعطله ازاي يعني ..اعمل ايه.."..
..صرخ به ابراهيم قبل ان يخرج..
.."..اتصررف يامراد..يالاااا.."..
..اسرعت ليلى بالتنحي جانبا ..فمر كلاهما بجانبها بسرعة البرق ..
..زفر ابراهيم بأريحية عندما خرج بالرواق ليجد عمه سمير يتحدث مع احد موظفي الشركة ..فضرب ظهر مراد لكي ينفذ مااتفق معه عليه..زفر مراد وهو ينظر له شزرا..رفع ذراعه ونادى بصوت عال..
.."..بابا ..لو سمحت ..لحظة.."..
..وقف مراد بقبالة والده بالناحية المعاكسة حتى لا يلفت نظر ابيه لابراهيم الذي اسرع بخطواته ناحية المصعد ..امسك مراد بذراع والده وهو يقول ..
.."..ممكن اتكلم معاك لوحدنا ..من فضلك يابابا.."..
..استأذنهما ذاك الموظف بعد أن شعر بالحرج وانصرف من امامهما ..زفر الاب بغضب ونفض بذراعه بعيدا عن قبضة مراد وقال بصوت اجش حاد..
.."..الامر محسوم يامراد بيه وانسى تماما اني اتراجع عنه .."..
..ليرد مراد مسرعا ..
.."..بابا..حضرتك عارف كويس ان لو موضوع القضية دا اتعرف ..ممكن يحصل ايه..اسهمنا هتنزل الارض ..والشركة اللي حضرتك بتحارب عشانها دلوقتي هتضيع في النهاية..تعال ارجوك نتفاهم في مكتبي .."..
..استدار سمير متجها للمصعد وهو يقول ..
.."..الامر عندي منتهي..نتقابل في المحكمة.."..
..اسرع مراد ليثنيه عن دخول المصعد وتعطيله اكثر من ذلك ولكن لم يرضخ سمير للامر ودخل المصعد بالفعل..
..اثناء ذلك كان ابراهيم يضغط بإصبعه فوق زر لوحة الارقام بالمصعد ..يهز قدمه بحركة عصبية.. يفكر كيف يكسر رأس تلك المجنونة التي اصبحت زوجته ..
..خرج من المصعد واتجه مسرعا ناحية الممر المؤدي لباب الجراج وما ان دلف اليه اخذ يبحث بعينيه بين كل تلك السيارات المرصاة بجانب بعضها ..ليجد عند السيارة الاخيرة بالصف زوجته تميل بجذعها فوق مقدمة السيارة تغمس برأسها فوق المحرك وتشير بيدها وتصيح بقولها ..
.."..دور العربية يامستر.."..
..هرول ابراهيم ناحيتها.. يصطك بأسنانه فوق بعضها حتى كاد ان يحطمهم ..
..وما ان سمع الرجل صوت محرك سيارته يدور حتى ارتسمت على شفتيه ابتسامة اعجاب واضحة وهو ينظر لها مذهولا وقبل ان تنزل قدمه على الارض وجد من يقفل باب سيارته بقوة ويقول ..
.."..تاخد عرببتك وتمشي حالا وشكرا لخدماتك مدفوعة الاجر .."..
..نظر نادر لوجه ابراهيم المتجهم والذي يناظره من اعلى وبعينيه نظرات قاتمة تشع غضبا فقال بتلكؤ..
.."ابراهيم بيه انا ......"..
..لم يعره ابراهيم اي اهتمام واسرع ناحية زوجته التي تسمرت بمكانها ..امسك بمقدمة السيارة واغلقها وضرب بقوة فوق سطحها وهتف بنادر قائلا ..
.."..امشي حالا وبدون اي نقاش..واعتبرها اول واخر حصة ..اتفضل.."..
..ابتلع الرجل ريقه بصعوبة وهو يشير برأسه له بالايجاب..
..لم تستطع ايمان النطق بكلمة واحدة عندما رات ابراهيم يكاد ان ينفجر كالبركان ..فأثرت الصمت تفاديا لأي صدام..شعرت بألم عندما امسك ابراهيم بمرفقها ليفسحا المجال لنادر كي يقود سيارته متخطيا جانبهما ..وما ان ابتعدت السيارة ..سحب ابراهيم ايمان من مرفقها يجرها بجانبه ناحية العمود الخرساني ..فصاحت به ايمان وهي تحاول ان تفك أسر ذراعها من قبضة زوجها دون جدوى..
.."..سيب دراعي ..انت اتجننت ولا ايه..بقولك سيبني .."..
..رأى ابراهيم عمه يفتح الباب متجها لسيارته وورائه مراد يدور برأسه بحثا عنه..وتحدث معه بصوت عال كإنذار له..فهم ابراهيم إشارات مراد فدفع بإيمان ليرتطم ظهرها بحائط العامود وحاصرها بكامل جسده واضعا كفه على فمها هامسا بصوت قوي حاد ..
.."..اخرسي.."..
..حاولت مقاومته والدفع بجسده عنها ولكنها فشلت بذلك ..استسلمت لما يحدث فسحبت نفسا عميقا مشبعا برائحته لتتسع كلتا عينيها وقالت لنفسها..
.."..انا شميت الريحة الحلوة دي فين قبل كدة .."..
..مال ابراهيم برأسه لينظر بعين واحدة لعمه الذي ركب سيارته واسرع بقيادتها هربا من الحاح مراد الذي وقف بجانب النافذة ولسانه لا يكف عن الكلام ولو للحظة..
..خرج سمير من الجراج ..تنهد مراد بأريحية وأخذ يبحث بعينيه عن ابراهيم وايمان..
..بعد أن اطمئن ابراهيم بخروج عمه دون ان يرى ماكان يحدث ..ليعاود النظر لتلك المتسعة عيناها وتشع منهما شررا واضحا وتغمغم بهمهمات غير مفهومة ..رفع كفه عن فمها وتراجع خطوة للوراء ليجد من تضرب صدره بقبضتها صارخة بوجهه قائلة..
.."..انت فاكر نفسك مين عشان تعمل معايا كدة ..ورحمة امي وابويا لو اتكررت تاني ........."..
..توقفت عن الكلام عندما اعتصر ابراهيم ذقنها بأصابع كفه وهو يصرخ بوجهها...
.."..قلت اخرسي..ايه مابتفهميش..ايوة صح انتي مابتفهميش ..حذرتك كذا مرة وكلمتك بكل هدوء..وبردو مافيش فايدة ..استنفذت معاكي كل الطرق..وانتي محلك سر لا عايزة تتعلمي ولا حتى تحاولي ..انتي عارفة لو عمك كان شافك في الموقف دا كان حصل ايه...طبعا ولا في بالك عارفة ليه.. لانك واحدة فاشلة وعن جدارة .........."..
..وقف مراد حائلا بينهما بعد ما امسك بيد ابراهيم ليترك ذقن ايمان التي قد تلونت بالاحمرار كما تلون بياض عينيها التي امتلئت بالدموع الحارقة تأبي النزول حتى لا تفضح ضعفها أمامه ..
..وضع مراد كفيه فوق صدر ابراهيم الذي يعلو ويهبط بقوة من شدة الغضب وقال بصوت خفيض حاد..
.."..ابراهيم ...اهدى ..مينفعش الكلام هنا..خدها وروحوا البيت ..يالا...."..
..دفعت ايمان بمراد جانبا لتقف بقبالة ابراهيم رافعة رأسها لأعلى بكل إباء لتقول بنبرة صوت قوية متحدية اياه..
.."..الفاشل هو اللي فاكر نفسه انه بأمر منه ممكن يغير اللي قدامه ..من غير مايفهم او حتى يحاول انه يعرف هو مين الاول ..انا بقى هقولك انا مين...انا ايمان ..البت اللي اتولدت جوة حارة ضيقة واتعجنت بترابها ..لا كنت احب اروح مدرسة ولا كنت احب اذاكر ومتعلمتش غير الحاجة اللي بحبها وبس..مكنتش بعمل غير اللي بيسعدني وبس ..اشتغل واساعد ابويا وفي اخر النهار اقعد وسط الناس اللي بتحبني ..وطلعت زي مانت شايف..واحدة راضية ومبسوطة وبتاكل من عرق جبينها .."..
..استطردت كلماتها بعد ان نظرت اليه من اسفله لاعلاه..
.."..مش زيك ..واحد........"..
..تفصد جبينه ببعض حبات من العرق ..تحركت تفاحة عنقه ببطأ ثم قال وهو يتمعن بحدقتي عينيها المتلئلة..
.."..كملي يابنت عمي ..واحد ايه ..كملي .."..
..عاود مراد الوقوف بينهما وقال وهو يحاول ابعادهما عن بعض ..
.."..لو سمحتوا كفاية كدة .. اهدوا واعرفوا انتو فين .."..
..تراجعت ايمان للوراء خطوتين غير عابئة بنظرات زوجها وقالت وهي تنظر لمراد ..
.."..انا ماشية يامراد... ومعلش يعني ياريت لو تسلفني مفتاحك عربيتك .."..
..انتقل مراد بعينيه بينهما وعندما لم يجد اعتراض من ابراهيم ..نزع مفتاح سيارته من جيب بنطاله واعطاه لايمان التي استدارت وضغطت بمفتاح التحكم لتسمع صوت انذار السيارة يعلن عن فتحها ...اتجهت ناحية السيارة دون النطق بكلمة واحدة لأي منهما ..وما ان ركبت السيارة وبدأت بتشغيلها حتى وجدت من يقف امامها متخصرا وهو يقول بصوت عال اجش..
.."..انزلي .."..
..زفرت ايمان بضيق فضربت مقود السيارة وهي تقول ..
.."..هو يوم منيل من اوله انا عارفة .."..
..خرجت برأسها من النافذة وهي تصيح ..
.."..ابعد ياباشا من قدام العربية وخلي اليوم دا يعدي على خير احسنلك.."..
..اقترب مراد من ابراهيم وربت فوق كتفه وهو يقول مترجيا اياه..
.."..سيبها ياابراهيم تروح وابقوا اتفاهموا في البيت.."..
..قال له ابراهيم وهو يستدير حول السيارة..
.."..خليك واقف مكانك .."..
..تسمر مراد بمكانه وهو يشاهد ابراهيم يفتح باب السيارة ويدخل عنوة ليلتصق بجانبها محاولة منه لكي يجلس أمام مقود السيارة ..اضطرت ايمان ان تتزحزح بجسدها وهي تتمتم بكلمات اعتراضية غير متناسقة ..وما ان اعتدلت بجلستها فوق كرسيها حتى صاحت قائلة..
.."..ممكن افهم بتعمل ايه .."..
..اغلق ابراهيم باب السيارة وبدأ بقيادتها واشار لمراد لكي يبتعد ..ثم وقف بجانبه وقال له ..
.."..تابع انت هنا وهكلمك.. وبعد كدة ارجع بعربيتي.."..
..هز مراد رأسه بالايجاب وهو ينتقل بناظريه بينهما ..قاد ابراهيم السيارة بسرعة مخلفا ورائه صوت احتكاك شديد ليتمتم مراد مع نفسه..
.."..انا مش متفائل.."..
..ظلت ايمان تنتقل بعينيها بين الطريق امامه وبين وجه زوجها الجامد الملامح ..فضربت ذراعه باصبعها وهي تقول ..
.."..رد عليا ..بقولك مش هروح الفيلا ..هرجع بيتي ..نزلني على أي جمب.."..
..التفت اليها ينظر لأصابعها التي ترتكز فوق ذراعه ..فأسرعت بانزال يدها فوق حجرها لتجده ينظر اليها ويقول بصوت هادئ ولكنه بث بداخلها ببعض الخوف..
.."..عشان اليوم يعدي على خير زي مقولتي ..مسمعش صوتك لغاية مانوصل البيت ..فاااهمة.."..
..صرخ بكلمته الاخيرة لينتفض قلبها بخوف ..لم تستطع النطق بكلمة واحدة ..فتكتفت ونظرت امامها ..
..عم الصمت بينهما بعيدا عن اصوات السيارات المارة بجانبهما...تفاجئا الاثنان بمرور سيارة نصف نقل مسرعة امامهما لكي تعبر للطريق الجانبي ..اسرع ابراهيم بكبح فرامل السيارة ولكنه لم يستطع ان يتفادى الاصطدام بمؤخرة السيارة الاخرى ليتهشم مصباح الاضاءة الخلفي..شهقت ايمان بفزع وهي تستند بيدها فوق التابلوه ..كما سب ابراهيم سبة مقيتة وهو يضرب المقود بيده ..
..خرج سائق السيارة يلوح بيده ويصرخ بالسبات واللعنات..وقبل ان يخرج ابراهيم من سيارته تفاجئ بزوجته التي ارتسمت علامات الغيظ بوجهها لتخرج من السيارة بعد ان اغلقت بابها بقوة واتجهت ناحية السائق تلوح بيدها وتصيح بدورها هي الاخرى قائلة..
.."..يعني انتي اللي غلطان وكمان نازل تبرطم ..اما انك معندكش دم صحيح.."..
..خرج ابراهيم مسرعا ليقف حائلا بين زوجته والسائق الذي نظر لايمان متفحصا اياها من اسفلها لأعلاها وهو يقول ساخرا..
.."..يالا ياابلة من هنا ماليش كلام معاكي..انا كلامي مع الرجالة.."..
..امسك ابراهيم بذراع ايمان وقال لها ..
.."..اسكتي انتي متتدخليش.."..
..ثم التفت للسائق وقال بصوت هادئ..
.."..من غير كلام كتير ..شوف عايز تمن الفانوس اللي اتكسر دا كام وانتهينا.."..
..وبابتسامة خبيثة قال السائق وهو يفرك كلتا يديه فرحا ..
.."..والله ياباشا يعني ...الفانوس دا مكلفني فوق ال 500 جنيه .."..
..نفضت ايمان ذراعها من يد زوجها لتصيح بوجه السائق بعد ان ضربت صدره بقبضتها لتدفعه للوراء ..
.."..اه ياحرامي يانصاب ..فانوس خلفي مايجيش تمنه خمسة وسبعين جنيه ..عايز فيه خمسمية ياضلالي..ورحمة امي ماهتاخد حاجة ويالا بينا ع القسم .."..
..اتسعت عيني السائق من تلك المتوحشة التي ضربته وصرخت بوجهه فلم يجد ما يقوله ..غير ان ينظر لزوجها الذي ضم قبضتيه حتى ابيضت سلامياته واغمض عينيه كاتما غيظه وانفجار غضبه بشق الانفس..
..صدحت اصوات ابواق السيارات عاليا حولهما وتوقف الطريق ..ونظرا لحيوية هذا الشارع الرئيسي اتجهت ناحيتهم سيارة الشرطة لفك هذا الشجار وعودة سير السيارات..
..تمنى ابراهيم ان يصرخ عاليا ولكنه امسك بمرفق زوجته بقوة ليجعلها تقف بقبالته ويقول من بين اسنانه...
.."..اخرسي خالص وارجعي اقعدي في العربية ومالكيش دعوة بحاجة ..امشي يالا.."..
..وقبل ان تجيبه معترضة ..سمعا الضابط وهو يتجه ناحيتهما ولمن التف حولهم قال بصوت عال..
.."..مش عايز حد هنا غير اصحاب العربيتين وبس .."..
..انفض الجمع من حولهما وبقيا ابراهيم وايمان والسائق الذي اسرع بقوله بصوت تمثيلي ..
.."..الحقني ياباشا ..البيه كسر عربيتي والهانم مراته بتشتمني ..هو انا عشان غلبان ياباشا يبقى ماليش حق في البلد دي.."....
..نظر له الضابط نظرة قاتمة واشار لفمه بأصبعه علامة منه لكي يصمت ..انصاع الرجل على الفور ورسم بوجهه علامات الانكسار بعد ان تهدلت كلتا كتفيه..
..نظر الضابط للسيارتين ليقيم حجم الخسائر والضرر الذي الحق بالسيارتين ..ثم اتجه ناحية ابراهيم ..وقال له بعد ان صافحه ..
.."..ايه راي حضرتك لو حلناها ودي كدة بسرعة..خصوصا ان عربيتك مجرلهاش حاجة ..وانت اكيد فاهم هتعمل ايه.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وكاد ان يضع يده بجيب سترته ليخرج حافظته ولكن يده تسمرت على وضعها عندما سمع صوت زوجته العال يصيح...
.."..الراجل دا نصاب وحرامي وهو اللي غلطان عشان كسر علينا من غير اشارة ولا حتى كلكس ..يعني هو اللي يتأسفلنا ..مش احنا اللي نحلها ياباشا زي ماتفضلت وقلت.."..
..تقطب جبين الضابط وهو ينظر بتعجب لتلك الفتاة الثائرة والتي لا يوجد ابدا تجانس بين هيئتها وملابسها وبين طريقة حديثها وثورتها ..ضاقت عيني الضابط وهو يتسائل ..
.."..افندم يامدام ..ياهانم انتو اللي خابطينه وعربيته هو اللي اتضررت.."..
..لم تعر ايمان اهتمام لنظرات زوجها الغاضبة وقالت بثقة..
.."..شارع كبير ومهم زي دا ياباشا ..يعني مليان كاميرات تصور اللي رايح واللي جاي ..راجع كاميراتك وانت تعرف مين اللي غلطان ..متتكلمش كدة عيمياني لموأخذة.."..
..ضغط ابراهيم بقبضته فوق معصمها ليهزها بقوة وهو يقول ..
.."..قلت مالكيش دعوة انتي.. "..
..صاحت به ايمان قائلة..
.."..هو ايه اللي ماليش دعوة.."..
..استطردت قولها وهي تنظر للضابط..
.."..انا عايزة اعمل محضر في الراجل النصاب دا.."..
..ابتلع السائق ريقه بصعوبة وقبل ان يكمل تمثيليته صاح الضابط بالجميع ..
.."..اتفضلوا كلكم ورايا ع القسم.."..