رواية عروس من باريس الفصل الثامن 8 بقلم سارة علي
رواية عروس من باريس البارت الثامن
رواية عروس من باريس الفصل الثامن 8 بقلم سارة علي |
رواية عروس من باريس الجزء الثامن
الفصل الثامن
بعد مرور يومين ..
خرج كلا من سليم وادهم وحسام الى عملهم تبعتهم فريال التي خرجت للتسوق فلم يتبق سوى جميلة التي كانت في غرفتها كالعادة ومصطفى وليديا كلا منهما في غرفته ..
خرج مصطفى من غرفته بعدما تأكد من خلو الفيلا من الجميع .. اتجه ناحية غرفة ليديا وطرق الباب عليها لتفتحها بسرعة وتسأله :
" ها كلهم خرجوا ..؟!"
اومأ برأسه وقال :
" ايوه اخر واحدة خرجت امي .. مفيش غير تيتة وهي اصلا فأوضتها ومتقدرش تصعد فوق .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" تمام انا جهزت كل حاجة .. كل اللي عليك توقف قدام السلم ومتخليش حد من الخدم يجي هنا .."
اومأ برأسه قبل ان يقول بتوتر :
" بس يلا متطوليش .."
ثم اتجه الى السلم ووقف امامه يراقب الطابق السفلي ليجد ليديا تخرج بعد لحظات وهي تحمل العديد من الاكياس ..
دلفت مسرعة الى غرفة ادهم .. ادهشتها مدى اناقة الغرفة ورقيها وترتيبها الا انها ازاحت هذه الافكار سريعا فهي يجب ان تنفذ المهمة بأسرع وقت ممكن ..
فتحت خزانة ملابسه لتتفاجئ بالكثير من الملابس ..
زقرت انفاسها وهي تفكر بأن هناك اكثر من مكان للملابس ... منها ملابس الخروج واخرى ملابس المنزل ..
تمتمت بكلمات غاضبة وهي تفكر في الطريقة التي سوف تستطيع من خلالها حمل كل تلك الملابس ..
ثم اسرعت وبدأت تخرج الملابس وترميها على سرير .. لم تترك شيئا سوى ملابسه الداخلية .. رمت جميع ملابسه والتي كانت كثيرة للغاية على سريره ..
حملت الاكياس خاصتها وبدأت تخرج الملابس منها وتعلقها بسرعة داخل الخزانة ..
اما في الخارج كان مصطفى واقفا في نفس مكانه يتطلع حوله بتوتر حينما وجد رنا الخادمة تصعد درجات السلم .. ما ان وصلت اخر درجة حتى وجدته يقف في وجهها ويسألها :
" على فين ..؟!"
اجابته بتعجب :
" هنظف اوضكم يا بيه .. "
" خليها وقت تاني .."
قالها بجدية استغربتها الا انها ردت بهدوء :
" يا بيه فريال هانم وصتني انظف الاوض كلها ولازم ابتدي دلوقتي عشان الحق اخلص قبل العصر .."
زفر مصطفى انفاسه بضيق وقال محاولا كتم غيظه :
" يا رنا افهمي .. انا بقولك مش عاوزك تنظفي دلوقتي .."
ردت بضيق وشك :
" هو فيه حاجة يا مصطفى بيه .. ؟! مالك واقف زي واحد عامل عملة وعاوز يخفيها ..؟!"
رفع بصره نحو الاعلى بنفاذ صبر ثم تذكر امر ما فأخرج من جيبه بضعة وريقات مالية وقال :
" خدي دول وأجلي حكاية التنظيف دي .."
تطلعت اليه رنا بدهشة قبل ان تسأله :
" دول كام يا بيه ..؟!"
قال بجدية :
" ٢٠٠ جنيه .."
" لا قليل .. خليهم ٥٠٠ .."
" نعم ياختي .."
قالها مصطفى بصوت عالي قليلا لترد بخبث :
" خلاص يبقى انظف بقى ولو منعتني هقول لفريال هانم انك مخلتنيش انظف الاوض زي ما طلبت .."
" واطية وطماعة .."
قالها مصطفى بضيق ثم ابتلع مصطفى ريقه بخوف وهو يفكر في ردة فعل والدته فقال بسرعة :
" طب خدي دول وهديكي الباقي بعدين لانوا مش معايا غير دول حاليا ويلا انزلي بسرعة ومتجيش هنا ومتخليش حد من الخدم يجي هنا .. انتي فاهمة ..؟!"
سألته رنا بفضول :
" هو انت بتعمل ايه هنا يا بيه ..؟!"
صاح بها بغيظ :
" وانتي مالك ..؟! مش كفاية هتاخدي فلوس .. خدي فلوسك واسكتي .."
أومأت برأسها وهي تقول بضيق :
" طب خلاص متصرخش .."
ثم هبطت الى الطابق السفلي ليتمتم مصطفى ببعض الكلمات الغاضبة وهو يفكر انه سيخسر الاموال بسبب ادهم وافعاله الغبية ..
نظر الى غرفة ادهم وهو يشعر بنفاذ الصبر فليديا تأخرت ليجدها اخرج بعد لحظات وهي تحمل العديد من ملابس اخيه ..
" يلا بسرعة .. احنه كنا هنتفضح .. تأخرتي اوي .."
اجابته بجدية :
" الهدوم كتير واخذت وقت لحد ما علقت الهدوم التانية .."
" طب يلا بسرعة .."
قالها مصطفى بنفاذ صبر لترد ليديا ببساطة :
" لسه فيه هدوم كتير لازم اجيبها .."
" كمان .."
قالها مصطفى وهو يكاد يبكي بينما هزت ليديا رأسها بعدم اكتراث واتجهت الى غرفة نومها ..
ثلاث مرات اتجهت ليديا من غرفة ادهم الى غرفة نومها فملابس ادهم كانت كثيرة للغاية ..
خرجت اخيرا من غرفتها واتجهت نحو مصطفى قائلة :
" خلاص خلصت .."
تنهد مصطفى براحة وقال :
" انا خفت نتكشف .."
ابتسمت ليديا بعذوبة وقالت :
" شكرا يا مصطفى انك ساعدتني .. بجد انت بطل .."
اتسعت عيناه بعدم تصديق وهو يقول :
"قوليها تاني .."
" هي ايه ..؟!"
سأله ليديا بحيرة ليرد :
" قوليلي اني بطل .."
قالت ليديا بعفوية :
" انت بطل .."
تنهد مصطفى بحرارة وقال :
" يااه احلى كلمة سمعتها فحياتي .."
ابتسمت ليديا بسعادة ثم جرته خلفها وادخلته غرفتها قائلة بفخر :
" كل هدومه بقت هنا .. مسبتش حاجة ليه .."
تطلع مصطفى بدهشة الى كمية الملابس الموضوعة على سريرها والتي كانت جميعها من اغلى الماركات ..
" ماشاءالله .. ده فاتح محل .."
بينما قالت ليديا بسعادة :
" نفسي اشوف شكله لما يشوف هدومه الجديدة .".
تنحنح مصطفى وقال :
" ليديا .. انا مش هوصيكي .. انا مليش دعوة بحاجة .."
ابتسمت ليديا وقالت بخفة :
" متقلقش .. انت متعرفش حاجة اصلا .. انا عملت كل ده لوحدي .. "
تنهد براحة ثم سألها بفضول :
" طب هنعمل ايه بالهدوم دي ..؟! هنخبيهم فين ..؟!"
اجابته ببساطة :
" هخبيهم عندي فالحمام واقفل الباب وخلاص .. "
اومأ مصطفى برأسه متفهما بينما اخذت ليديا تحمل ملابس ادهم وتضعها في الحمام الملحق بغرفتها ليسارع مصطفى في مساعدتها ..
..................................................................
مساءا ...
دلف ادهم الى المنزل بعد يوم شاق قضاه في الشركة .. كان يشعر بالاشتياق الشديد لها ويريد رؤيتها وكم تمنى ان يجدها في صالة الجلوس لكن اماله خابت عندما وجد المنزل فارغا ..
اتجه نحو الطابق العلوي وهو يفكر بليديا واشتياقه الغريب لها .. حقا بات يشعر بالضيق من مشاعره التي تزداد يوما بعد يوم نحوها .. كم تمنى لو لم يشعر بكل هذا ويبقى كما هو مع عليا خطيبته التي اختارها بعقله وارادها زوجة له واما لأولاده ..
كان يسير نحو غرفته حينما وجد حسام يخرج من غرفته ويشير له بسرعة :
" تعال عايز اكلمك .."
دلف ادهم الى غرفة حسام يتبعه الاخير ليقول ادهم وهو يستدير نحو اخيه :
" فيه ايه ..؟! مالك ..؟!"
سأله حسام بجدية :
" فكرت فحل لمشكلتي ..؟!"
رد ادهم بصدق :
" لسه بفكر .."
قال حسام بعصبية :
" انا غلطان اني حكيتلك .. اكيد يعني مش هتفكر فحل ليا وانت اصلا مش موافق على كل اللي عايز اعمله .."
تطلع اليه ادهم بضيق وقال بهدوء جاهد كي يسيطر عليه :
" انا مش هرد عليك ولا هتعصب لاني مستوعب اللي انت بتمر بيه .. بس لازم تعرف اني لو مكنتش عايز اساعدك كنت قلتها فوشك .. انا مش منافق عشان اخدعك واقولك عكس اللي بعمله .."
تطلع حسام اليه وقال بأسف :
" انا اسف يا ادهم بس انا متوتر بجد .."
ثم اكمل بحيرة :
" وبصراحة مش مصدق انك عاوز تساعدني لاني عارفك وعارف تفكيرك وانك اخر واحد تحب اني اخطب وحدة فقيرة .. طول عمرك بتفكر بالمستويات والطبقات والعيلة .."
رد ادهم بهدوء :
" ومتغيرتش .. انا لسه بفكر كده وشايف انوا البنت دي متنفعكش بس انت قلت انك مصر عليها وبالتالي هتعمل اللي فدماغك وانا مش هقدر امنعك .. يبقى اسيبك لوحدك واخليك تخسر كل حاجة ولا اقف جمبك واساعدك .. انت اخويا يا حسام وانا بفكر فالطريقة اللي اخليك فيها متخسرش كل حاجة لكن لو جيت عليا انا عمري مهكون راضي عن جوازك ده .."
ابتسم حسام بالرغم من ضيقه من رفض ادهم لحبيبته كونها دون المستوى الا انه في الوقت نفسه اسعده صراحته ورغبته في الوقوف بجانبه ..
تنهد ادهم وقال :
" حسام انا محتاج اسألك كم سؤال قبل ما اقولك اللي بفكر فيه .."
" اسأل .."
قالها حسام بجدية ليرد ادهم بتأني :
" بس بلاش تتعصب .. انا بس عاوز اطمن الاول عشان اقولك عاللي فبالي .."
زفر حسام انفاسه بضيق وقال :
" اسأل يا ادهم .."
قال ادهم بجدية :
" السؤال الاول .. انت واثق انوا البنت دي بتحبك ...؟! يعني مش ممكن طمعانة بيك ..؟!"
ابتسم حسام وقال :
" انا كنت متوقع السؤال ده .. وهرد عليك واريحك .. نورهان انا عرفتها من فترة طويلة .. شفتها بالصدفة البحتة .. حبيتها من اول نظرة بس اترددت اقولها ده لانها محترمة جدا ومش بتاعة الحركات دي .. "
تنهد وهو يكمل تحت انظار ادهم المدهوشة بنظرات اخيه وطريقة حديثه عن تلك الفتاة والتي جعلته متأكدا ان حسام عاشقا لها :
" عشان كده قررت اكلمها بصراحة واقولها اني عاوز اتجوزها طبعا بعد مفضلت فترة اراقبها وعرفت عنها كل حاجة .. استنيتها قدام مدرستها وطلبت اتكلم معاها واتعمدت اني مروحش بعربيتي فخليت تاكسي يوصلني .. وفعلا وافقت بعد ما استأذنت مامتها لانها مستحيل تخرج معايا من غير اذنها .."
تعجب ادهم من مدى احترام تلك الفتاة وتربيتها واخذ يقارنها بفتيات عائلة وجميع الفتاة اللواتي يعرفهن ..
افاق من افكاره على صوت حسام وهو يكمل :
" قعدنا وقلتلها اني معجب بيها وعاوز اتقدملها .. قلتلها اني خريج كلية الهندسة بس قلتلها اني بشتغل عامل فمصنع لاني مش لاقي شغل فشهادتي .. وكمان قلتلها اني عايش فمنطقة شعبية قريبه منهم مع امي واخواتي الثلاثة .."
ضحك ادهم وقال :
" يابن الايه .. ده انت لعبتها صح .."
قال حسام بجدية :
" انا كنت متأكد انها مش طماعة ومش بتاعة فلوس بس شيطاني وزني وخلاني اعمل كده .. قلتلها اني عاوز اتجوزها بس هتعيش مع امي واخواتي وانوا مرتبي على قدي .. لقيتها محرجة فسألتها بصراحة عن رأسها فقالتلي انها محتاجة تفكر وتسأل والدتها .. مقدرتش امسك لساني فسألتها انوا ممكن ترفضني بسبب حالتي المادية فلقيتها بتقولي انها ميهماش وضعي المادي لو لقت اخلاقي كويسة واني شاريها بجد اما والدتها فهي مش عارفة ردة فعلها بس طبعا هي بتحترم رأي بنتها جدا .."
" والله انت مصيبة .."
قالها ادهم بخبث ليرد حسام بضيق :
" كفاية بقى .. ياريتني ما حكيتلك .. المهم لمًا لقيتها موافقة مبدئيا ومفكرتش فوضعي المادي ولا حكاية انها تعيش مع امي واخواتي وكل اللي هاممها اخلاقي عرفت اني اخترت صح فصارحتها فورا وقلتلها حقيقتي واني مهندس وعيلتي كده.. كان لازم اقولها فورا عشان متقولش الكلام الكدب بتاعي لمامتها .."
" عملت ايه ..؟!"
رد حسام :
" اتعصبت جامد وقالتلي انها مستحيل توافق وانوا انا مغرور وفاكر كل الناس همها الفلوس والمظاهر .."
" حقها .."
قالها ادهم بجدية ليرد حسام بهدوء :
" عارف انوا حقها .. وانا غلطت بس زي ما قلتلك شيطاني وزني وندمت جدا بعدها .. فضلت خمس شهور اجري وراها احاول اصالحها وهي مش بتبص فوشي حتى .. فضلت اترجاها عشان تنسى العملة السخيفة بتاعتي وتقبل تتجوزني .."
" خمس شهور ..؟! لا كرامتك غالية اوي .."
قالها ادهم بتهكم ليرد حسام بفتور :
" اولا انا بحبها وثانيا انا غلطت فحقها وبصراحة انا احترمتها جدا انها فضلت رافضاني لاني حسيت انوا كرامتها مهمة اوي عندها غير اني ما صدقت لقيتها فمكنتش مستعد اتنازل عنها بعد اللي حصل .."
اومأ ادهم رأسه بتفهم بينما قال حسام :
" المهم فالاخر وافقت تديني فرصة عشان حست اني بحبها بجد ومتمسك بيها وانا صارحتها وقلتلها طبيعة عيلتي وانهم مش هيوافقوا بس اترجيتها انها تثق فيا وتوافق عليا بس هي رفضت جامد وقالت مستحيل اكون سبب فمشاكل بينك وبين عيلتك .."
" طب انت ليه قولتلها بالسرعة دي موضوع العيلة ..؟!"
سأله ادهم بتعجب ليرد حسام ببديهية :
" مكنتش حابب اكدب عليها مرة تانية وكنت عاوز اصارحها وافهمها اني ممكن اخسر عيلتي وشغلي وكل حاجة .. فضلت فترة رافضاني وقالتلي بلاش اخسر عيلتي عشانها وانوا ممكن يجي يوم واندم .. وانا فضلت اقنع بيها وكلمت والدتها .. والدتها رفضت زيها وقالت انا مجوزش بنتي لواحد اهلي رافضينها ... "
" وبعدين ..؟!"
زفر حسام انفاسه وقال :
" فضلت ست شهور اروحلهم اسبوعيا واحاول اقنعهم اني الشخص المناسب .. كنت عارف انوا نورهان رغما عنها تعلقت بيا وده كان مفرحني .. والدتها كانت بتعاملني كويس بس مصرة على رفضها .. المهم بعد محاولات كتير وافقوا فالاخر .."
قال ادهم بدهشة :
" انت عايز تقولي انك كنت مستنيها تقريبا من سنة .،"
اومأ حسام وقال :
" بحبها من سنة تقريبا .. يادوب وافقوا من كام يوم عشان كده كلمتك بعد ما حسيت اني لازم اكلم حد .. فالاول كنت ناوي اتجوزها وخلاص بس بعدين جالي احساس انك ممكن تساعدني وكده وفجأة لقيت نفسي بحكيلك عشان فالنهاية انت اخويا الكبير .."
ابتسم وربت على كتفه :
" وانا مش هخذلك وهساعدك كمان تتجوزها بس فيه سؤال تاني .."
" كمان .."
قالها حسام بضيق ليرد ادهم بهدوء :
" يابني اصبر منا لازم اطمن الاول قبل ما اقولك عاللي بيدور فبالي .."
" اسأل .."
قالها حسام وهو بالكاد يكتم غيظه ليرد ادهم بجدية :
" انت مستعد فعلا انك تخسر عيلتك وشغلك والفلوس وطبعا هتتحرم من ميراثك ... يعني هتبقى عايش عالحديده .. انت متأكد انك مستعد تتخلى عن كل ده ..؟! "
اومأ حسام برأسه وقال بجدية :
" انا مكنتش هصر على نورهان بالشكل ده ولا اصر اني اتجوزها الا لو مكنتش متأكد من ده .. لأني مستحيل اورطها معايا .. وعلى فكرة انا حطيت قدامي اسوء الاحتمالات .. احتمالات أسوأ من اللي انت بتقولها وفكرت كذا مرة عشان أتأكد انوا مش هيجي يوم اتراجع عن قراري مع اني كنت محدد قراري من اول لحظة بس قلت الاحتياط واجب .."
تنهد ادهم وقال :
" كده انا اطمنت .. وهقولك اللي بفكر بيه .. "
" قول .."
قالها حسام بلهفة ليرد ادهم بجدية :
" بص يا حسام .. انا وانت عارفين انك لو اتجوزت البت دي هتخسر كل حاجة اولهم شغلك باعتبار انوا المكتب باسم بابا وثانيا العيلة اللي كلها هتقاطعك غير انوا مش هيبقى عندك مكان تعيش فيه والاهم من ده كله انوا انا متأكد انوا ابويا واعمامي هيمنعوا اي شركة تشغلك عندها .."
ابتسم حسام بألم وهو يدرك ان ما يقوله ادهم سوف يحصل بالضبط ليكمل الاخير:
" انت مفيش حاجة فإسمك غير العربية ومبلغ محدد بالبنك واللي اكيد مش هيكفيك ولا هتقدر تستعمله فحاجة مفيدة .. وانا مش مستعد اخليك تتجوز وتلاقي نفسك عالحديده واسيبك ضايع وتخسر كل حاجة .."
" بمعنى ..؟!"
قال ادهم بجدية :
" ركز معايا يا حسام .. اديني كام يوم هديلك مبلغ محترم وكبير يكفيك تشتري شقة فمنطقة كويسة وكمان تفتح مكتب خاص بيك بدل المكتب اللي ابويه هيسحبه منك .. وبالتالي لما تصارح العيلة بجوازك ويرفضوك هتخرج من البيت ده وتتجوز وانت عندك شقة وعربية وفوق ده شغل .. أينعم مش هتعيش فالمستوى ده بس عالاقل هتقدر تعيش مرتاح نوعا ما .،"
سأله حسام بتعجب :
" وانت هتجيب المبلغ ده كله منين ..؟!"
اجابه ادهم بجدية :
" انت ناسي انوا كل الفلوس اللي بتجي من المشاريع والصفقات بتبقى تحت امري وانا اللي بوزعها على اعمامي .. انا مسؤول عن الامور المالية كلها .. "
" بس يا ادهم كده مش هتعتبر سرقة ..؟!"
سأله حسام بشك ليرد ادهم :
" اولا هما اللي اجبرونا على ده .. ثانيا اعتبره حقك من ميراث جدك وابوك واللي واثق انهم هيحرموك منه والمبلغ اللي هديهولك رغم انوا كبير بس ميجيش حاجة جمب حقك الشرعي من شركاتنا واملاكنا .."
" طب وانت ..؟! دول هيقلبوا عليك وممكن يسحبوا ادارة الشركة منكِ .. دول ممكن يعملولك حاجات كتير يا ادهم .. مش هيسكتوا ابدا ولا حد فيهم هيرحمك .."
رد ادهم بجدية :
" انا مضطر لكده .. ثانيا اكتر حاجة ممكن يعملوها ليا انهم. يقاطعوني فترة ويسحبوا مني ادارة الشركة بس طبعا مش هيتبروا مني ولا يحرموني من الميراث زيك .."
" وانت عادي عندك يسحبوا ادارة الشركة اللي بتديرها من اكتر من عشر سنين .. ؟! انت ناسي انوا ده كان حلمك من وقت ما كنت فالجامعة ده حتى اخترت تخصصك الجامعي بناء على رغبتك فإنك تدير شركات العيلة .."
" لا مش ناسي بس انا متأكد انهم مش هيطولوا ويرجعوا ليا الادارة .. لانوا كلهم عارفين انوا محدش هيعرف يدير المجموعة زيي ولا حد من اعمامك قدر يحقق ربع اللي انا حققته .. انت ناسي السوق اللي بقى كله لينا من ساعة ما انا مسكت الشغل وكل المنافسين بقوا تحتينا .."
قالها ادهم بثقة ليقول حسام بتردد :
" بس انا مش مستعد اسيبك فوش المدفع .. انت مش مجبر لده .."
قال ادهم بضيق :
" يا حسام استوعب كلامي .. انت لازم تكون ضامن مكان تعيش بيه وشغل يكفيك انت ومراتك .. مش هتتجوز وانت فاضي كده .. ثانيا والاهم انت عارفني وعارف اني اقدر اقف فوشهم .. صحيح هما اعمامي بس متنساش انوا من وقت طويل الكل بقى معتمد عليا والكلمة الاساسية بقت ليا .. حتى ادارة الشركة مش هيجازفوا ويسحبوها لانهم مش هيعرفوا يديروها صح وهيخسروا كتير خصوصا انوا انا ليا طريقة معينة فإدارة المجموعة محدش يعرفها غيري وغير موظفين غريبين تماما .. حتى خالد وكريم مش عارفين حاجة عن طريقة شغلي ولو موتوا روحهم مش هيعرفوا الطريقة اللي بدير بيها المجموعة ولا الاستيراتيجية اللي استخدمتها وحققت المكاسب دي كلها ليهم وبقى دخلنا بالمليارات .."
تطلع اليه حسام بدهشة .. هو كان يعلم ان اخيه ذكي للغاية بل مبهر ايضا لكنه لم يتصور ان يكون بهذا الكم من الذكاء الذي يجعله يتخذ طريقة خاصة اخفاها عن الجميع حتى اولاد عمه كي لا يستطيع احد منهم ان ينافسه او يشاركه بالادارة بالرغم من ان خالد وكريم يرغبان في ذلك الا ان الجميع يعرفون انهم لا يستطيعون ان يصلوا الى قدرات ادهم وذكائه وبالتالي كان ادهم المفضل لدى جميع اعمامه حتى عمه والد خالد وكريم ..
افاق حسام من شروده على صوت ادهم يقول :
" متفكرش بيا .. انا اعرف اضبط نفسي .. واقف فوشهم .. المهم اديني كام يوم اجهز المبلغ واول ما اديك المبلغ تشتري شقة مناسبة وبعديها مكتب مساحته كويسة وتبتدي تدور على موظفين وانا هساعدك .. وبعد ما تشتري الشقة والمكتب تفاتح ابوك فالموضوع واللي اكيد هيرفض .. حاول معاه اكتر من مره احتياط عشان ميقولش انك ما صدقت ولما تلاقيه مصر قوله اني هتجوزها وخلاص .. وبعدها اتجوزها فورا يا حسام .. حسام نفذ اللي بقولهولك بالحرف الواحد ..."
اومأ حسام برأسه قبل ان يحتضن ادهم ويقول :
" انا عمري مهنسى جميلك ده .. انت بجد احسن اخ يا ادهم .."
ربت ادهم على كتفه وقال وهو يضحك :
" يابني انت اخويا الصغير .. صحيح الفرق بينا اربع سنين بس مهما كان انا اكبر منك ومسؤول عنك .. بس خليك دائما فاكر انوا الفلوس اللي هتاخدها دي حقك .. انا مش بديك حاجة من جيبي .."
ابتسم حسام بإمتنان بينما خرج ادهم وهو يشعر براحة غريبة فهو بالرغم من كونه يتمنى لحسام زيجة تليق به الا انه سعيد للغاية بعدما ساعده في حل مشكلته فهو اخيه الذي يحبه وسوف يقف في جانبه ويدعمه في جميع قراراته ..
.....................................................................
دلف ادهم الى غرفته سعيدا منشرحا ثم قرر ان يغير ملابسه بسرعة ويهبط الى الاسفل ليرى ليديا التي يشتاق لها بجنون ..
فتح خزانة ملابسه وسحب احد البيجامات ليتأملها بدهشة فهي كانت بيجامة قديمة للغاية مستعملة يقر انها من زمن الستينات .. وفوق هذا كله بحجم يفوق حجمه بأضعاف ..
اخذ يقلب في البيجامات ليجدها كلها من نفس النوع والحجم والشكل المقرف ..
اتجه نحو الباب الاخر وفتحها لينصدم مما رأه .. ملابس الخروج خاصته مختفية ويوجد محلها ملابس غريبة للغاية تشبه ملابس المهرجين بألوانها الفاقعة وتصميماتها المضحكة وبالطبع كانت ذات حجم كبير يتسع لثلاثه رجال من نفس حجمه ..
اتسعت عيناه بغضب وهو يحمل نفسه ويتجه خارج غرفته نحو الطابق السفلي بحثا عن ليديا ليجدها جالسة في صالة الجلوس تقلب في هاتفها ..
" ليديا ..."
قالها بصوت غاضب لتنهض ليديا من مكانها وهي تبتسم بسخافة ..
" وكمان ليكي عين تضحكي ...؟!"
قالها بغضب كبير لتومأ برأسها وترد وهي لا تستطيع كتم ابتسامتها :
" ده رد فعل طبيعي عاللي عملته .. اظن ده حقي ... "
" يعني كده انتقمتي مني ..؟!"
قالها بغيظ لتومأ برأسه وهي تجيبه:
" شور .."
ثم اكملت بمكر :
" بس ايه رأيك بالهدوم ..؟! عجبتك ..؟! انا اخترت قطعة قطعة بنفسي .. موديلات مفيش زيها فالسوق .."
جذبها من ذراعها بقوة وقال بحدة :
" فاكراني لعبة فإيدك يا ليديا ..؟! انت عارفة انا ممكن اعمل فيكي ايه ..؟! لولا انك بنت اقسم بالله ماكنت هرحمك .."
ردت بتحدي :
" انت اللي بدأت ... يعني لازم تحاسب نفسك انت .."
كاد ان يرد عليها لولا سمع صوت جرس الباب يرن فرمقها بنظرات حادة قبل ان يترك ذراعها ويتجه ليفتح الباب فيجد عليا امامه ...
كاد ان يغلق الباب في وجهها فهو لا يطيق رؤيتها خاصة بعدما حدث لكنه استوعب اخيرا ما كان يريد فعله وحمد ربه انه تراجع عنه ..
اقتربت عليا منه وضمته وهي تقول بسعادة :
" وحشتني قلت اجي اشوفك .."
ثم اكملت بحزن وهي تبتعد قليلا عنه :
" كده بردوا يعني اكلمك يومين ومتردش عليا ..."
رد ادهم بجمود :
" ده العادي .. امال عايزاني اعمل ايه بعد كلامك السخيف اللي قلتيه ..؟!"
قالت عليا بحرج :
" سوري حبيبي .. بجد مكنتش اقصد .. انا اسفة .."
هز رأسه بعدم اكتراث بينما اتجهت هي نحو ليديا ترمقها بنظرات مغتاظة قبل ان ترسم على شفتيها ابتسامة مصطنعة وهي تقول :
" ازيك يا ليديا ..؟!"
ابتسمت ليديا وقالت :
" كويسة .. انتي ازيك ..؟!"
ردت عليا :
" بخير .."
تقدمت فريال نحو عليا ورحبت بها بينما ادهم يطالعهم بلا مبالاة قبل ان تلمع في عينيه فكرة ظن انه من خلالها سوف يغيظ ليديا ..
اقترب ادهم من عليا واحتضنها من الخلف قائلا بحب مصطنع :
" طبعا انتي هتتعشي معانا صح ..؟!"
ابتسمت عليا بسعادة وقالت :
" تمام .."
قالت فريال وهي ترمق ليديا بطرف عينيها :
" طب متاخدها وتتعشوا بره لوحدكم .."
قال ادهم بسرعة ورفض متجاهلا نظرات عليا المتلهفة لسماع موافقته على اقتراح فريال :
" لا خلينا معاكم .. انا حابب نتعشى كلنا سوا ..."
ثم شدد من احتضان عليا وقال :
" متعرفيش انتي واحشاني قد ايه .. بجد اسف لاني انشغلت عنك .."
كانت يتحدث بنبرة ناعمة جعلت عليا تطير من فرط سعادتها فطوال حياته لم يتحدث ادهم معها بهذه الطريقة بينما ادهم كان يراقب ليديا بطرف عينيه ليجدها انها تتأمله بشكل عادي ولا يبدو عليها أنها تضايقت او حتى تأثرت بما يحدث ..
في تلك اللحظة وبذكائه تأكد ادهم ان ليديا لا تحمل اي شعور خاص اتجاهه فنظراتها وابتسامتها تؤكد ذلك وهو ذكي بما فيه الكفاية لينتبه الى اي اهتمام او ضيق منها لو وجد .. تملكه شعور فظيع من الاحباط مما وصل اليه وتمنى لو انه لم يفعل ما فعل ويقترب من عليا ويتصرف معها هكذا .. كان لديه امل ان يشعر بضيق ليديا او انزعاجها مما يفعله .. امل يجعله يشعر بأنها تبادله ولو جزءا صغيرا من مشاعره لكن كل هذا تبخر وحل محله الألم والضياع وشعور فظيع وطاغي استولى على قلبه بأن الفتاة الوحيدة التي سرقت قلبه وسحرته وجعلته مدله بها لا تفكر به من الاساس ..
يتبع
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية عروس من باريس)