رواية عروس من باريس الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي
رواية عروس من باريس البارت التاسع
رواية عروس من باريس الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي |
رواية عروس من باريس الجزء التاسع
الفصل التاسع ...
ودع ادهم عليا وهو يلعن نفسه لانه طلب منها البقاء على العشاء فهو اضطر لأن يتحمل افعالها السخيفة ومحاولاتها لجذب انتباهه بكل الطرق مما جعله يشعر بالاختناق ومما زاد وغطى عليه هو عدم اهتمام ليديا بكل هذا حيث كانت مندمجة بالضحك والحديث مع حسام ومصطفى ..
كاد ان يلعن ليديا التي اوصلته بكل هذا وجعلته يعيش هذا الشعور المؤلم الذي لم يشعر به طوال سنوات عمره الخمسة وثلاثون لكنه لم يستطع فعل ذلك فهو يحبها لدرجة تجعله عاجزا عن لعنها او ضربها ..
اخذ يسأل نفسه متى وكيف احبها .. هو لم يعرفها الا منذ ايام قليلة .. ولم يجمعه بها سوى احاديث مختصرة .. صحيح انه قضى اغلب الايام المنصرمة يراقبها بشغف دون ان تنتبه ويفكر بها طوال الوقت حتى انه كان ينتظر انتهاء عمله بسرعة كي يعود ويراها .. عمله الذي كان يعشقه بجنون ولا يمل منه ابدا اما الان فبات يشعر بالاختناق منه والضيق كونه يبعده عن ليديا ..
شعور الغضب سيطر عليه بسبب ما وصل اليه .. لقد اصبحت ليديا كل شيء بالنسبة له .. اخذ يلعن نفسه لانه سمح لمشاعره ان تنساق ورائها وقلبه ان ينجذب اليها .. هو الذي لم يهتم يوما بالحب حتى ان علاقاته النسائية كانت محدودة يقع في فخ فتاة فرنسية تعرف عليها منذ اقل من شهر .. والادهى انه لا يحبها فقط بل بات مجنونا بها يكفي غيرته عليها التي تجعله يرغب في اخفائها عن العالم بأكمله .. يشعر انه تخطى مرحلة الحب منذ زمن بل ومرحلة العشق ايضا ووصل الى اعلى مرحلة وهي الهيام ..
تطلع الى السماء بنجومها اللامعة وعاد يسأل نفسه .. لماذا احبها دونا عن الجميع وكيف احبها بهذه السرعة حتى وهو لا يعرف سوى اشياء بسيطة عنها ..
ابتسم بسخرية وهو يتأكد من كونه احبها منذ اول لحظة رأها فيها بل منذ ان تأمل شعرها وصوتها الرقيق .. منذ ان خفق قلبه بعنف وهي تستدير نحوه بوجهها البريء الناعم .. في تلك اللحظة كاد قلبه ان يتوقف وشعر بنبضة قوية للغاية تخترق حصونه وهو ينتظر منها ان تلتفت وكأنه حياته وموته مرتبطان بإلتفاتها نحوه ..
هو وقع في غرامها منذ ذلك الحين ويوم على يوم كان يعشقها اكثر... الان فهم معنى الحب من النظرة الاولى الذي كان يسمع عنه في الافلام والتي كان لا يحب ان يتابعها اصلا اضافة الى احاديث البعض عن الحب من النظرة الاولى والذي كان يسخر منها فهو مقتنع تماما انه من المستحيل ان تحب شخص من نظرة واحدة .. كان يرى ان الحب والذي لم يكن مكترثا به من الاساس يجب أن يأتي بعد معرفة طويلة وليس من اول مرة ترى بها الشخص لكن للاسف تبين ان جميع ما قاله كان خطأ وان جميع من سخر منهم عايش هو شيئا مطابقا لما عايشوه ..
ابتسم بألم وهو يتذكر محاولاته الايام السابقة لإقناع نفسه انه لا يحب ليديا بحق وان ما يمر به مجرد نزوة واعجاب بجمالها الاوروبي ..
بالرغم من كونه يدرك جيدا انه لم يحب يوما الفتيات الشقراوات وانه دائما يفضل السمراوات او على الاقل ذوات الشعر الغامق اما الشقراوات فلم يكن يحبهن ابدا ولا يميل اليهن نهائيا .. تذكر زميلته الشقراء في الجامعة والتي كان جميع الشباب يتمنون نظرة واحدة منها بينما هي اغرمت به وباتت تحاول جذب انتباهه ليصدها بسرعة .. ما زال يتذكر جمالها الخارق والذي لا يقارن بجمال ليديا فتلك الفتاة اجمل من ليديا بمراحل .. تذكر سخرية زملائه منه لانه يرفضها وسخريتهم التي ازدادت حينما اخبرهم ببساطة انها جميلة لكنه لا ينجذب اليها كونها شقراء وهو لا يحب الشقراوات اطلاقا ...
ابتسم بسخرية وهو يتذكر انه اصر على ان ليديا مجرد نزوة وانه فقط معجب بجمالها مع العلم انه يدرك ان ليديا ليست خارقة الجمال بل انها عادية للغاية فقط ما يميزها بياضها الناصع وشعرها الاشقر وعينيها الزرقاء اما لو جئنا الى الواقع فهي متوسطة الجمال مقارنة بزميلته تلك او النساء اللاتي مررن بحياته او حتى نساء اوروبا الجميلات حتى عليا خطيبته اجمل من ليديا بمراحل فهي جميلة للغاية بشكل يجعل جميع الرجال ينجذبون اليها .. اما ليديا اندهش الجميع بها فقط كونها شقراء ذات ملامح اجنبيه تختلف عن ملامح فتيات هذه البلاد خاصة انه الشقار نادر للغاية في جميع البلاد العربية ..
اذا حبه لليديا لا علاقة له بشكلها ..
ابتسم بحزن فهو قد تأكد من مشاعره بعد محاولات عديدة منه لإثبات عكس ذلك .. واخذ يقنع نفسه مرارا ويراجع مشاعره محاولا ان يثبت انه لا يحبها لكن في كل مرة كان يكتشف العكس .. تنهد بحرارة وهو يتجه الى الداخل وحيرته تأكله وخوفه مما هو قادم يزداد ..
..................................................................
دلف ادهم الى المنزل بخطوات متثاقلة ليجد مصطفى جالسا لوحده في صالة الجلوس يلعب في هاتفه ..
ما ان شعر مصطفى به حتى تأمل ملامحه الواجمة بحيرة قبل ان يسأله بعفوية :
" هو انت لسه ملقتش هدوم تلبسها بدل هدومك دي ..؟!"
لم يهتم ادهم بما قاله للحظات لكن ما ان كرر كلماته داخل عقله حتى احتدت عيناه .. انتبه مصطفى لما قاله اخيرا ولعن نفسه فهو من كشف نفسه بنفسه ..
اقترب ادهم من مصطفى الجالس على احد الكراسي التي تتوسط صالة الجلوس وجذبه من بلوزته وهو يهتف بغضب :
" هو انت كنت عارف ..؟!"
قال مصطفى بتوتر وخوف :
" عارف ايه ..؟! انا مش فاهم حاجة .."
صاح ادهم بغضب مدمر :
" مصطفى .. انت بتضحك على مين ..؟! انت كشفت نفسك خلاص .. وطبعا تلاقيك انت اللي ساعدتها ...؟!"
ابتلع مصطفى ريقه وقال بصوت متقطع :
" انت فاهم غلط ..."
قبض ادهم بشكل اكبر على قماش بلوزته وقال بعصبية :
" بتبيع اخوك يلا .. وصلت بيك الوساخة لكده ..؟!"
قال مصطفى بنبرة مرتجلة :
" والله فاهم غلط .."
" اقسم بالله العظيم ورحمة جدك وجدي لو ملقتش كل حاجة حالا وكدبت فحرف واحد لأعمل فيك عمايل واخليك فرجة الي رايح واللي جاي باللي هعمله .."
تطلع مصطفى اليه بخوف فهو يعلم ان ادهم حينما يغضب لا يرى امامه فقال :
" انا كل اللي عملته اني راقبتلها الطريق وهي بتنفذ الخطة .. هي اللي خططت لكل حاجة وجابت الهدوم الغريبة دي بعد ما ريهام خذتها لمكان بيبيعوا بيه هدوم مستعملة وكده .. وكمان هي اللي دخلت اوضتك وخدت هدومك وبدلتها بالهدوم دي .. انا معملتش حاجة غير اني كنت براقب المكان عشان اضمن محدش يصعد فوق .."
قبض ادهم على عنقه وهو يقول :
" بتبيع اخوك يا كلب .. بتبيعني انا عشان بنت عمك الفرنساوية .."
قال مصطفى بصوت متقطع :
" يا ادهم ابوس ايدك هموت .."
حرر ادهم رقبته ثم عاد وجذبه من بلوزته وهو يقول بحدة :
" بعتني بكام ياض ..؟! اديتك ايه عشان تبيعني بالسهولة دي ..؟!"
قال مصطفى بصدق :
" اديتني ايه بس ..؟! ده انا اللي دفعت وخسرت فلوس بسبب الخطة بتاعتها .."
" والمفروض اني اصدقك ..؟!"
قالها ادهم بتهكم ليقسم مصطفى له :
" والله العظيم مخدتش حاجة .. ده انا اللي دفعت للخدامة عشان متقولش لامي .."
قال ادهم بكره :
" كلب وواطي .. وانت ايه اللي يخليك تعمل كده ..؟! تساعدها فحاجة تضرني وانت عارف انا ممكن اعمل فيك ايه لا وكمان تدفع فلوس عشانها .."
تنحنح مصطفى بحرج وقال بأسف مصطنع :
" يعني بنت وطلبت مني اساعدها ينفع اسيبها كده لوحدها .. يعني دلوقتي لو شفت بنت فالشارع وطلبت منك مساعدة .. رجولتك تسمحلك انك اسيبها كده ومتساعدهاش..؟؟!"
قال ادهم وهو يحرر بلوزته :
" لا راجل فعلا ..."
تنهد مصطفى براحة لكن سرعان ما وجد ادهم ينقض عليه مرة اخرى وهو يقول :
" تساعدها على حساب اخوك .. ؟! اخوك اللي تعرفه من ١٧ سنة .. اخوك ابن امك وابوك .."
قال مصطفى :
" هو انت هتعرفني عليك دلوقتي ..؟!"
ثم اكمل بترجي :
" اقسم بالله انا اضطريت لده .. انا مستحيل أاذيك .. بس هي صعبت عليا خصوصا انها بنت ووحيدة ومسكينه .."
" يا نحنوح .."
قالها ادهم بتهكم ليخفض مصطفى رأسه بحرج ثم قال :
" والله يا ادهم انا اضطريت ... انت تصدق اني ابيعك يعني .."
قبض ادهم على ملابسه مرة اخرى وقال :
" ماتت بعتيني وخلاص عشان الاجنبية .. مطمرتش فيك العشرة يا واطي ... ولا الفلوس اللي كنت بتاخدها مين بعد ما تخلص مصروفك ..."
" اسف يا ادهم ...بجد اسف .."
ابتعد عنه ادهم بنفور ثم قال بنبرة متوعدة :
" وحياتك لا اوريك اللي عمرك مشفته .. بس استنى عليا وشوف هعمل ايه .. خليك فاكر انوا الايام الجاية هتبقى سودة على دماغك .."
قال ادهم كلماته الاخيرة ثم اتجه الى الطابق العلوي ليتطلع مصطفى الى اثره بخوف وهو يفكر بما سوف يفعله به ويلعن نفسه لانه ساعد ليديا في مخططها ...
افاق من شروده على صوت رنا تقترب منه ليسألها بضيق :
" خير ..؟!"
" فين باقي الفلوس ..؟!"
سألته رنا بجدية ليقول مصطفى ببلاهة :
" فلوس ايه ..؟!"
ردت رنا :
"ال٣٠٠ جنيه اللي فضلوا من المبلغ الاصلي اللي
اتفقنا عليه .."
" امشي يا بنت من هنا .. مش كفاية ال٢٠٠ جنيه ،. حقيقي بنت طماعة .."
" ماشي يا مصطفى بيه بس متزعلش مني لما ابلغ فريال هانم باللي حصل .."
كادت ان تتحرك لولا انه اوقفها بسرعة ممسكا بذراعها مترجيا اياها :
" استري عليا الله يخليكي .. كفاية ادهم واللي ناوي يعمله .. انا هلاقيها منين ولا منين .."
ثم قال بتوسل :
" اوعدك هديهملك خلال يومين .. لانوا حاليا انا مفلس واخر فلوس كانت معايا اديتهملك الصبح .."
قالت رنا بنبرة عالية :
" انا مليش دعوة انا عايزة الباقي .."
كمم فمها وهو يقول :
" اخرسي .. هتفضحينا ... قلتلك هديكي الباقي .. استني عليا وانا هحاول ادبر المبلغ بكره واديهولك.."
شمخت بذقنه عاليا وقالت :
" ماشي .. اما نشوف .."
ثم سارت عائدة الى غرفتها ليهتف مصطفى :
" واطية وحقيرة يا رنا .."
ثم اكمل :
" ادي نتيجة غبائي وتهوري .. انا كان مالي ومال ليديا ... اديني هتمرمط بسببها .. اوف .."
.......................................................................
طرق ادهم باب غرفة ليديا ليسمع صوتها وهي تسمح له بالدخول ..
نهضت من فوق سريرها ما ان وجدته يتجه لتنظر اليه بترقب بينما حاول هو ان يسيطر على مشاعره نحوها فهو يجب ان يحاسبها على فعلتها ..
" اظن سكت كتير .. وصبرت .. اديني هدومي من فضلك وكفاية لعب وتفاهة .."
قالها بصوت رخيم قوي لتقول ليديا :
" مش هحاسبك على كلمة تفاهة .. وانا هديلك هدومك بس طبعا بعد ما ترجعلي هدومي .."
قال ادهم :
" فعينك .. مفيش حاجة هترجعلك .. انا مستحيل اخليكي تلبسي اللبس العريان بتاعك ... وخدي بالك من هنا ورايح تاخدي بالك من لبسك وتلبسي حاجات طويلة ومستورة .."
" وانت مالك فلبسي اصلا ..؟!"
سألته بضيق ليرد ببساطة :
" انا قلت اللي عندي .. ولو لقيتك لابسة حاجة مفتوحة او قصيرة ورحمة جدي اللي هو جدك واللي عمري محلفت برحمته كذب لهتشوفي مني حاجات تخليكي تتمني الموت .."
تطلعت اليه بنظرات هازئة أغاظته لكنه تجاهلها وهو يقول :
" ودلوقتي قوليلي فين هدومي ..؟!"
قالت ليديا بإصرار :
" مش هنشوف هدومك الا بعد ما ترجعلي هدومي .." تطلع اليها ادهم بصمت للحظات جعلتها تشعر بالسعادة فهو بالتأكيد سوف يعيد لها ملابسها في سبيل ان يأخذ ملابسه لكن سعادتها تبخرت بعد لحظات حينما وجدته يقول بلا مبالاة :
" تمام براحتك .. بلاش ترجعيهم .."
" يعني ايه ..؟! انت متنازل عن هدومك ..؟!"
سأله بعدم تصديق ليرد بهدوء :
" اه متنازل .. اساسا انا من زمان كان نفسي اشتري هدوم جديدة بعد ما ارمي القديم كله .."
" انت مجنون .."
صاحت بها بعدم تصديق ليبتسم وهو يقول :
" وانتي هبلة لو فاكرك انك هتجبريني اعمل حاجة مش عاوزها .. متخلقتش لسه اللي تلوي دراع ادهم السيوفي .."
كاد ان يخرج من الغرفة لكنها امسكته من ذراعه وهي تهتف به بتوسل :
" ارجوك رجعلي هدومي .. طب بلاش الهدوم اللي اشتريتها من هنا .. عاوزة هدومي اللي جبتها معايا من فرنسا .. انا بحبهم جدا وغاليين عليا بجد وليا ذكريات حلوة معاهم .."
رد ادهم بجمود محاولا عدم التأثر بملامحها المتسولة :
" قلت مش هرجعهم ... انا خلاص اديتهم لناس فقرا محتاجين .."
صاحت به :
" ايه ..؟! انت تجننت ..؟!"
تطلع اليها بلا مبالاة ليجد الحزن يطغي على ملامحها قبل ان تهتف بنبرة متألمة :
" انا عمري مهسامحك .. الهدوم كانت غالية عليا وفيها ريحة ماما ..."
" ليديا .."
قالها بنبرة مشفقة لتقاطعه بصرامة :
" اخرج بره ..."
كاد ان يتحدث لكنها عادت وقاطعته بقوة :
" لو مخرجتش دلوقتي هصرخ بصوت عالي والم الكل عليك .."
زفر انفاسه واتجه خارجا من غرفتها ونظراتها المتألمة تمزق فؤاده ..
.....................................................................
دلف ادهم الى غرفة حسام بعدما طرق الباب وسمح له حسام بالدخول ..
تطلع حسام الى ملامح اخيه الحزينة بتعجب قبل ان يسأله بقلق :
" مالك يا ادهم ..؟! شكلك مش كويس ليه ..؟!"
رد ادهم بجدية :
" مليش .. عايز بيجامة منك .."
" نعم ..؟!"
صرخ حسام بها بدهشة ليتطلع اليه ادهم بضيق قبل ان يقول ببرود :
" بقولك عايز بيجامة ..."
" بيجاماتك راحوا فين ..؟!"
سأله حسام وهو ما زال محتفظا بدهشته ليرد ادهم :
" ملكش دعوة .. اديني بيجامة الله يخليك .."
نهض حسام من مكانه وقال :
" لما تحكيلي الاول .. منا بحكيلك كل حاجة اهو .."
رفع ادهم بصره الى الاعلى بنفاذ صبر ثم اخفضه واحد يخبر حسام بجميع ما حدث ..
اخذ حسام يضحك بقوة جعلت ادهم يتطلع اليه بغيظ قبل ان يقول :
" انت بتضحك يا حسام ..؟! فرحان بيا ..؟!"
واخيرا توقف حسام عن ضحكاته فقال :
" سوري مقدرتش مضحكش .. بس اخوك طلع واطي اوي .."
قالها وهو يعاود الضحك حينما يتذكر ما فعله مصطفى ليردد ادهم بحقد :
" حقير وواطي .. بس استنى وشوف هعمل فيه ايه .."
تطلع ادهم الى حسام الذي كان يحاول ان يخفي ابتسامته فقال بنفاذ صبر :
" مش هتديني بيجامة بقى .."
اومأ حسام برأسه وهو ما زال مبتسما ثم اتجه نحو خزانة ملابسه واخررج احدى بيجاماته واعطاها لاخيه الذي تطلع اليها بدهشة قبل ان يقول :
" ايه دي ..؟!"
رد حسام :
" بيجامة .."
قال ادهم بنفور :
" مستعملة .. انت عايزني البس حاجة انت لبستها قبل كده ..؟!"
رد حسام بتعجب :
" هو انا عندي جرب .. اه مستعملة .. فيها ايه ..؟!"
قال ادهم :
" لا طبعا .. انا مستحيل البس حاجة مستعملة حتى لو كانت بتاعة اخويا .. اديني بيجامة جديدة ..؟!"
" خد البيجامة واطلع بره بدل ما اغير رأيي واخدها هي كمان .."
قالها حسام بغيظ من غرور اخيه ليتجه ادهم نحو الخزانة تحت انظار حسام المندهشة ..
اخذ يقلب البيجامات ليجد حوالي اربع بيجامات جديدة غير مستعملة انتقى افضل واحدة منهم ..
مسك حسام البيجامة وقال بسرعة :
" كله الا دي .. دي غالية جدا .. "
رد ادهم بلا مبالاة :
" عارف .. بس انا برتاح بالنوع ده من البيجامات .."
" نعم ياخويا .. نعم يا حبيبي .. رجعها يلا وخدلك غيرها .."
" انت ليه محسسني انها بيجامة حياتك .."
رد حسام بتهكم :
" اسم الله عاللي مش بيلبس الا بيجامات معينة وغالية جدا .. تواضع شوية والبس بيجامات عادية زي ما اغلب الناس بيلبسوها .."
" انا خارج .."
قالها ادهم بملل ليجذبه حسام من ذراعه ويقول :
" ورحمة ميتيني منا سايبك .. الا البيجامة دي .. خد اي واحدة غيرها .،"
قال ادهم بضيق :
" تصدق انك واطي زي اخوك الصغير .. بقى بعد كل اللي هعمله عشانك مستخسر فيا حتة بيجامة .."
" غالية اوي يا ادهم .."
قالها حسام بنبرة مستاءة ليرد ادهم بمكر :
" اخوك ولا البيجامة .."
زفر حسام انفاسه بضيق قبل ان يقول :
" اخويا .."
احتضنه ادهم ثم ابتعد وهو يقول :
" اروح البسها وانام بقى عشان تعبت بجد .. تصبح على خير يا غالي .."
ثم تحرك خارج الغرفة تاركا حسام يندب حظه فهو من النوع الذي يكون حريص للغاية في صرف امواله وما يشتريه .. هو ليس بخيل ابدا لكنه ليس مبذر للدرجة التي تجعله يشتري ملابس منزلية بأسعار خياليه كما يفعل ادهم .. بل انه يشتري ملابس اعتيادية مثل التي يشتريها اغلب الناس ما عدا هذه البيجامة التي اشتراها مرة في اثناء خروجه مع صديقة لاحدى المولات حيث اعجبته وشعر بالحرج من عدم اخذها كي لا يظن صديقه انه بخيل ويفهمه بشكل خاطئ فإضطر لأخذها رغم انها غالية للغالي وسعرها كلفه العديد من الدولارات ..
........................................................................
في صباح اليوم التالي ..
كان ادهم يجلس في مكتبه شاردا يفكر في ليديا وما سيفعله معها ..
انتفض من مكانه عندما وجد عمه كمال يدلف اليه فرحب به مسرعا ثم عاد جالسا في مكانه بينما عمه جلس على الكرسي المقابل له وقال :
" هو من امتى لازم ابن العم يدفع حاجات بنت عمه .."
تنحنح ادهم بحرج وقد فهم ان ليديا اخبرت والدها بدفعه لجميع ما اشترته بالرغم من انه طلب منها مسبقا ألا تخبره بذلك ..
ابتسم ادهم وقال :
" وفيها ايه يا عمي ..؟! ليديا بنت عمي ومفيهاش حاجة لما ادفع ليها فلوس الحاجات اللي اشترتها .."
رد كمال بجدية :
" لا طبعا .. حتى لو كنت ابن عمها مينفعش تدفع ليها حاجة .. اظن ابوها بس اللي يصرف عليها ولو مت ممكن ساعتها اخوها .."
قال ادهم بسرعة :
" بعد الشر عليك يا عمي .."
قال كمال بضيق :
" اللي عملته دايقني جدا .. حسنني اني مليش قيمة لدرجة انوا ابن اخويا يصرف على بنتي .."
قال ادهم بتأني محاولا تبرير فعلته :
" يا عمي انا مش قصدي والله ... مانت اديتها البطاقة وكان بيها فلوس كتير تكفيها وزيادة .. انا بس حبيت يعني ارحب بيها على طريقتي .."
رمقه كمال بنظرات هادئة قبل ان يخرج من جيبه شيك واعطاه لادهم ..
لم يأخذ ادهم الشيك منه بل قال بضيق :
" ايه ده يا عمي ..؟!"
رد كمال بهدوء :
" ده شيك بالمبلغ اللي دفعته حسب كلام ليديا ولو دفعت اكتر من ده قولي .."
رد ادهم رافضا الشيك رفضا قاطعا :
" انا مستحيل اخد الشيك ده .. انا مدفعتش هدوم ليديا عشان اخذها تاني .."
نهض كمال من مكانه وقال بإصرار :
" هتاخد الشيك يعني هتاخده يا ادهم .. محدش هيصرف على بنتي طول منا عايش وحتى بعد ما اموت هسيبلها اللي يكفيها ويخليها متحتاجش حد حتى اخوانها .."
نهض ادهم من مكانه هو الاخر وقال بدوره ؛
" اسف يا عمي بس انا مش هاخده .. انا دفعت الهدوم وخلاص .. بلاش تكبر الموضوع من فضلك .."
دب الغضب داخل كمال من اصرار اخيه فهتف بنبرة عصبية :
" انت اتجننت يا ادهم ..؟! بترفض اللي بطلبه منك .. للمرة الاخيرة بقولك انا مش هسمحلك تصرف على بنتي .."
" وانا هقولك يا عمي هدوم ليديا انا اللي دفعتها ومش هاخد مليم واحد من اللي دفعته .. وكمان الجايات هدفعهم انا .."
صاح كمال بنفاذ :
" بصفتك مين ..؟! بصفتك مين تدفعلها فلوس هدومها ..؟!"
رد ادهم فجأة :
" بصفتي خطيبها وجوزها المستقبلي .."
يتبع
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية عروس من باريس)