رواية تراتيل الهوى الحلقة الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى الجزء الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى البارت الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا |
رواية تراتيل الهوى الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا
انتفضت سروة بقوة وهى تراه أمامها يقف وهو يرمقها بنظرات قذرة وابتسامته الخبيثة على وجهه التي تؤكد انتصاره عليها.
ارتعش فمها وهى تحاول الكلام بتلعثم:ااا...اا أنت دخلت هنا إزاي؟ و...عرفت مكاني منين؟
ضحك عصام بصوت عالي فانكمشت سروة على نفسها وهى تناظره باشمئزاز ممزوج بالخوف، تقدم ناحيتها فتراجعت سروة للوراء بخوف تلقائيًا.
قال عصام بمكر: ودي حاجة تفوت عليا طبعا؟ أنتِ لسة متعرفنيش ولا إيه يا حبيبتي أنا لما بعوز حاجة بوصلها.
تذكر عصام حين هرب من تاج وهبط إلى الشارع، وجد صديقه الذي أتى معه ينتظره وقد صُدم من مظهر عصام والدم يغمر وجهه وملابسه، أسرع يسنده ثم يبتعد به عن العمارة بناءًا على طلب عصام حتى يساعده في الصعود للدراجة النارية التي أتوا بها، حينها وقبل أن يذهبوا لمح عصام تاج يهبط ويصعد إلى سيارته فأمر صديقه بأن يتبع تلك السيارة بدون أن يلاحظ صاحبها لأنه يعلم بأنه إذا تتبع تاج سيعلم مكان سروة وما فعله به تاج أجج به رغبة الانتقام ولكن هذه المرة من تاج فإذا قام بأذية سروة فذلك سيؤلم تاج بشدة خاصة في كبريائه كرجل، حين وصل تاج للعمارة التي يسكن بها مع سروة اختبأ عصام مع رفيقه بعيدًا ثم أمره بالانطلاق حتى يضمد جروحه وكان يراقب المكان كل يوم ولكن لسوء حظه لم يخرج تاج مُطلقًا لمدة ثلاثة أيام حتى رآه قد خرج أخيرا فانتهز تلك الفرصة وصعد إلى الشقة حتى ينفرد بسروة لوحدها ولم يفُته أمر فتح الشقة بل استعان بخبرته في فتح الأبواب دون مفاتيح لأن عصام له سوابق في سرقة المنازل.
وضع يديه على خصره وهو يسألها ببراءة زائفة: ها إيه رأيك فيا بقى؟
لم ترد سروة وهى تشعر بأنفاسها تضيق في صدرها، تتمنى لو أن ماتراه أمامها مجرد كابوس بشع سوف تستيقظ منه في أي لحظة ولكن لأن ما نتمناه غالبًا لا يتحقق فكان هذا الواقع أبشع من أي تخيل لديها.
كان على وشك التقدم نحوها حين رفعت إصبعها تقول بتحذير رغم نبرة صوتها المرتجفة: أوعى تقرب مني، مش هيحصل خير أنا بحذرك أهو.
إلا أن عصام ابتسم بتهكم وتحرك نحوها بسرعة فركضت سروة وهى تصرخ وتوجهت نحو غرفة النوم بسرعة.
ولجت للغرفة وهى تحاول أن تغلق الباب بسرعة إلا أن عصام لحق بها وكان ورائها مباشرة واستطاع أن يضع يده بين الباب والحائط قبل أن تغلقه، ثم دفعه بقوة ليفتحه، كانت سروة على وشك الوقوع إلى الوراء إلا أنها تمسكت بحافة منضدة كانت قريبة منها.
تطلعت إليه بخوف وقلبها ينبض بقوة من الرعب ومن ملامح وجهه التي لا تُبشر بالخير، خطى عصام للداخل بخطوات بطيئة بعد أن أغلق الباب خلفه: شكلك بتحبي اللعب وأنا كمان بحبه أوي، بحب ألعب معاكِ.
اندفع نحوها بينما صرخت سروة وهى تشعر بجسدها تُشل حركته بالكامل، دفعها على السرير وهو ينحني فوقها ويمسك بيديها حتى يثبتها بجانب رأسها.
قاومته سروة بأقصى ما عندها وهى تحاول دفعه عنه، أدارت رأسها واقتربت من يده التي تمسكها وقامت بغرز أسنانها فيها وعضته بشراسة، صرخ عصام من الألم وهو يبعد يده بسرعة عنها فاستغلت الفرصة وضربته في بطنه بقدمها.
انحنى عصام على الأرض يتأوه من الألم فنهضت سروة في لمح البصر وركضت نحو المطبخ، عادت إلى الغرفة ووقفت أمام عصام تمسك بسكين في يدها.
هدرت بصوت مشبع بالكراهية والحقد: هموتك لو حاولت تعمل معايا حاجة تاني أنت فاهم! هموتك وارتاح!
رفع عصام رأسه وهو يضحك ثم استقام وحدق إليها باستهزاء: طب سيبي السكينة دي من إيدك علشان ممكن تعورك.
ظهر الجنون جليًا في عيون سروة تحدجه بنظرات شرسة الانتقام يلوح أمامها بكل حرية وقد تجمعت كل ذكريات ومرارة الأشهر الفائتة في عقلها وردت بعنف: اللعبة دي هى اللي هتكون سبب موتك على إيدي، هدفعك تمن تدمير حياتي.
زمجر عصام بغلظة: أنا معنديش وقت للعب العيال ده! مرة جوزك مرة أنتِ هتدفعوني التمن؟ إيه كنت مديون بكام يعني؟
في لحظة باغتها واندفع نحوها يحاول أن ينتزع السكين منها إلا أن سروة سبقته وقد فاجئها تهوره فصرخت وهى تغرز السكين على الفور في صدره.
جحظت عيون عصام بشدة لدرجة كادت تخرج من مكانهما وهو يخفض رأسه ويرى السكين مُستقرة في صدره، تهاوى على الأرض ببطء وهو يأن، الألم يسيطر على قسمات وجهه، عيناه مُعلقتان بسروة بعدم تصديق حتى وقع، وضعت سروة يديها على فمها بذهول وهى تحدق إليه، وضع يده على صدره أسفل السكين ورفع رأسه ينظر لها حتى تهاوت يده بجانبه وأرجع رأسه إلى الوراء وأغمض عينيه.
جثت سروة على ركبتيها أمامه ويديها وكل ما فيها يرتعش، تسارعت أنفاسها وهى ترى سكونه وشحوب وجهه، فجأة أطلقت ضحكة عالية، كانت ضحكة جافة للغاية ولكنها انطلقت منها بدون سيطرة، وضعت يدها على عنقها وهى مازالت تضحك حتى انهمرت دموعها على خديها بشدة، توقفت عن الضحك وهى تقترب منه.
نظرت له بتشفي وهى تتحدث بنبرة شامتة: شوفت كانت نهايتك إزاي؟ شوفت اللعبة دي عملت فيك إيه؟ شوفت سروة اللي حاولت تستقوى عليها مرة تانية عملت فيك إيه!
تابعت بصوت محتقن وصدرها يهيج من الانفعال: دي اخرتها! آخرة شرفي وحياتي اللي اتدمروا على إيدك! آخرة خيبة أمل بابا فيا لدرجة أنه مبقاش يبص في وشي لحد ما اعتبرني ميتة! ده جزاء أني مبقتش قادرة أشوف نفسي في عيون أي حد حتى في المرايا إلا أني عاصية! جزاء أيام وليالي الخوف والضعف والوحدة وأنا مش قادرة أنطق ولا أتكلم! مبقاش عندي لا حاضر ولا مستقبل بسببك! كنت جاي تتجرأ عليا مرة تانية؟ كنت عايز المرة دي تبقى نهايتي؟ طب شوفت أنا عملت فيك إيه بقى؟
وضعت يديها على وجهها وهى تحرك رأسها بهيستيريا وصوت بكائها يعلو حتى أضحى شهقات أشبه بالصراخ.
في ذلك الوقت كان تاج قد وصل وقبل أن يفتح الباب استمع لصوت بكاء سروة وصراخها فأصابه القلق الشديد، فتح الباب بسرعة وهو ينظر في أرجاء الشقة بخوف حتى أيقن أن مصدر الصراخ من غرفة النوم فركض إليها بسرعة وهو يهتف باسمها.
توقف تاج فجأة على عتبة غرفة النوم وقد تصنم مكانه من المشهد الذي أمامه، طالعت عيناه المنظر بصدمة، عصام ملقى على الأرض وسكين في صدره والدماء منتشرة حوله وسروة جاثية على رُكبتيها أمامه وهى تبكي بانهيار.
أفاق من ذهوله بسرعة وهو يتخطى عصام حتى ركع أمامه سروة وهو يمسكها من كتفيها بقلق: سروة حصل إيه؟ قوليلي عملك حاجة؟
رفعت سروة عينيها المتورمة من البكاء ووجهها مليئ بالدموع، قالت بصوت مرتجف وضعيف: قتلته يا تاج، كان جاي عايز يكسرني ويضيعني مرة تانية كان ناوي على نهايتي المرة دي فقتلته!
صدم تاج وهو يرنو ببصره لعصام ثم ترك سروة واتجه اليه، وضع يده على عنقه حتى يستشعر نبضه الذي كان ضعيفًا للغاية كما كان شحوب وجهه يحاكي شحوب الأموات.
تركه وعاد إلى سروة وقد أتخذ قراره في أقل من ثانية، كانت ماتزال تُحرك رأسها وهى تهلوس، نظراتها مُثبتة على عصام الممدد أمامها، وضع يديه على وجهها يرفع عيونها إليه ويقول بجدية: سروة اسمعيني حالًا مفيش وقت، البوليس هيجي وكلامي وكلامك هيبقى واحد، دخل يتهجم عليكِ فأنا شوفته ومستحملتش جيبت سكينة من المطبخ وهجمت عليه.
اتسعت حدقتيها عقب حديثه وهى تهز رأسها ترفض أن تستوعب معنى كلماته، لوهلة عجزت عن الرد عليه حتى قالت برفض قاطع: لا مستحيل يا تاج مستحيل أخليك تعمل حاجة زي دي!
هزها بقوة وهو يهتف بها بتصلب: مفيش وقت للكلام ده!
قاطعته سروة بصوت مقهور: وأنت ذنبك إيه تتحمل مسؤولية حاجة زي دي! أنت ملكش ذنب من البداية في أي حاجة ودلوقتي مش هسمح لك تضيع نفسك دي فعلتي وأنا لازم أتحمل مسؤوليتها!
نهرها تاج الدين بحدة: لا مش هخليه يدمر حياتك أكتر من كدة، أنا لما أقول إني عملت هتبقى قضية شرف مش هاخد فيها يوم واحد ومفيش هتأثر عليا اسمعي الكلام من سكات.
تجعدت ملامح وجهها بألم وهى مازالت ترفض الذي يقوله، ضمها تاج إليه وهو يشدد ذراعيه حولها فألقت سروة ذراعيها حول عنقه تعانقه بقوة وهى تهمس بحسرة: لامتى هتفضل تحاسب نفسك على أفعالي أنا؟ إزاي اسيبك تضيع نفسك بسهولة كدة علشان حاجة أنت معملتهاش؟
أبتعد تاج عنها وقد ابتسم ببهوت: متخافيش عليا أنا قدها وأكتر كمان، المهم تسمعي كلامها أنا عارف حلها كويس.
التفتت تاج ومد يده نحو السكين المطعون بها عصام وتناول في يده حتى يثبت بصماته عليها بدلًا من بصمات سروة ثم ألقاها بجانبه وهو يرمقه بنظرات محتقرة.
ثم نهض وأخرج هاتفه من جيبه وهو يتصل برقم الشرطة، ما إن رد عليه الطرف الآخر حتى قال تاج بصوت قاتم: أنا عايز أبلغ عن جريمة قتل حصلت في بيني، حرامي دخل بيتي وحاول يتهجم على مراتي علشان كدة ضربته بالسكينة وقتلته، العنوان**********.
أغلق الخط وهو يتلفت وراءه وهو يتنهد بانهاك، اقترب منها سروة يهدئها ويؤكد عليه أن تتبع خطته ولا تفعل شيئًا عكس ما يقوله حتى سمع صفارة سيارة رجال الشرطة فنهض على الفور وأمسك بالسكين استعداد لدخولهم.
صعد رجال الشرطة واقتحموا الشقة التي كانت مفتوحة بالأساس ثم دخلوا للغرفة وبعد معاينة سريعة من الضابط ورؤيته لتاج الواقف أمامه ممسكًا بالسكين مقابل عصام المُلقي أرضًا غارقًا في دمائه، وسروة التي تجثم على الأرض تائهة وتحدق أمامها بنظرات فارغة.
أشار الضابط للعسكري الذي بجانبه نحو تاج الذي يقف بثبات وقسمات وجهه تغمُرها الجمود الكُلي، يأمره بقسوة: روح حط الكلبشات في إيده وهاتوه ورايا يلا على البوكس.
تقدم العسكري نحو تاج وقد ضم يديه وراء ظهره فوقعت السكين منها ثم قيده بالأصفاد وقبل أن يقوده للخارج نهضت سروة عن الأرض وقد استعادت وعيها ووقفت أمامه وهى تتعلق بقميصه، تتوسله بعيونها أن يتراجع عما يفعله ويدعها تواجه ذنبها بنفسها إلا أن عيون تاج ناشدتها بإصرار وصرامة أن تبقى صامتة وتُبقي الأمور على وضعها الحالي.
ابتسم ابتسامة محاولًا من خلالها أن يبث الطمأنينة بها واقترب منها برأسه بسرعة وقبلها من جبينها ثم حدق إلى عيونها وهمس لها بصوت رخيم: متخافيش ومتقلقيش عليا، أنا راجع لك على خير.
ثم قاده العسكري طاعة لأوامر الضابط الذي صاح به بصرامة بعد أن أتت الإسعاف ونقلت عصام خارجًا، بقيت نظرات سروة متعلقة بتاج حتى اختفى، وضعت يدها على رأسها والدوار يهاجمها وقد بدأ جسدها يظهر تأثرها بأحداث هذا اليوم العصيب.
استندت بيدها على حافة السرير ثم وقعت على الأرض وهى تتنفس بصعوبة، ولجت إحدى الجارات التي رأت رجال الشرطة يقوموا باقتياد تاج للخارج وهى تولج للشقة بدهشة وحيرة حتى لمحت وهى تسير سروة واقعة على الأرض فأسرعت إليها.
قامت بإسنادها وهى تقول بعطف: يا حبيبتي يا بنتي مالك؟ حصل إيه؟
لم تستطع سروة أن ترد من شدة الإعياء الذي تشعر به فنادت جارتها على جارة أخرى هبت لتساعدها على إسناد سروة وقد أخذوها إلى بيت الجارة الأولى، كانت سروة بين الوعي وعدمه وقد أجلسوها على إحدى الارائك ثم سارعوا لتحضير مشروب لها، بقيت تهز رأسها وتلتفت يمينًا ويسارًا بوهن.
كانت السيدة تمسح على وجهها بالماء حتى تساعدها على استعادة وعيها دون فائدة حتى همست سروة بصوت ضعيف واهن قبل أن تفقد الوعي كما ينادي بحرقة من أعماق قلبه: تاج!
يتبع...
لقراءة الفصل الثالث والعشرون اضغط على : ( رواية تراتيل الهوى الفصل الثالث والعشرون )
لقراءة باقي الفصول اضغط على : ( رواية تراتيل الهوى )