رواية تراتيل الهوى الحلقة السادسة والعشرون 26 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى الجزء السادس والعشرون 26 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى البارت السادس والعشرون 26 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ديانا ماريا |
رواية تراتيل الهوى الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ديانا ماريا
تجمد تاج مكانه وقد علت وجهه إمارات الذهول إلا أنه سرعان ما ابتسم مدركًا أن تصرفاتها نابع من شعور الراحة الذي تشعر به لأنها لم تتسبب في سجنه فرفع ذارعيه ولفهما حولها، ابتسم والدها وهو يراهم بينما بقت تعابير عمتها غامضة.
كانت سروة تسبح في عالم آخر مغمضة العينين، شعور من السلام يعتمل داخلها حتى أفاقت وفتحت عينيها وهي تنتبه أنها أطالت معانقة تاج فابتعدت مبتسمة بحرج تبعد شعرها وراء أُذنها: ااه...حمدًا على السلامة.
ازدادت ابتسامة تاج اتساعًا: الله يسلمك.
ثم نظر للمكان حوله بضيق: يلا نمشي من هنا، عايز أخد شاور وارتاح.
غادروا جميعًا وعادوا للمنزل فدلف تاج على الفور لغرفته القديمة حتى يستحم ويزيل آثار تعب السجن من عليه بينما بدأت سميحة تحضر له الطعام حتى يأكل وولج نصير لغرفته ليرتاح وينام قليلًا.
كانت سروة تجلس في غرفتها على سريرها تفكر بتوتر أنها ترغب في التحدث إلى تاج، ترغب في شكره على صنيعه الذي فعله من أجلها كما أنها يجب أن تتحدث معه أيضا فمازالت لا تستوعب كيف أقدم على تلك الخطوة الصعبة، لم تستطع الانتظار أكثر من ذلك فنهضت وخطت بخطوات سريعة حتى غرفة تاج وفتحت الباب دون أن تطرقه، لم تجده في الغرفة فنظرت في أرجائها بحيرة وهي تغلق الباب ورائها.
كانت على وشك منادته حين خرج تاج من حمام الغرفة بعد أن استحم، كان يجفف شعره بمنشفة صغيرة ولم ينتبه لوجود سروة في البداية، تجمدت سروة مكانها، خفق قلبها بقوة لرؤيتها تاج عاري الصدر.
وقفت متجمدة مكانها تحاول الكلام دون أن يخرج منها حرف واحد حين رفع تاج رأسه ورآها، عقد حاجبيه باستغراب: سروة؟ فيه حاجة؟
ازدردت ريقها بصعوبة وقد احمر وجهها بشدة، قالت بارتباك: ا..اا... أنا آسفة.
ثم استدارت وهى تلعن نفسها وخرجت من الغرفة بسرعة البرق، أسرعت لغرفتها وارتمت على السرير وهى تزفر بقوة وتحاول تهدئة نبضات قلبها، أغمضت عينيها بشدة توبه نفسها وغبائها فكان ينبغي أن تطرق الباب قبل أن تدخل وكان يجب أن تخرج بسرعة بدل أن تقف كالبلهاء كما فعلت، جلست على السرير وهي تضع يديها على خديها المشتعلتين تقرصهما بخفة تفكر كيف ستتخلص من إحراج ذلك الموقف وكيف ستقابل تاج دون أن تشعر بالإحراج.
بعد قليل نادت عمتها للغداء فخرجت وهي تتحاشى النظر لتاج وحين رأت أن موقفه عاديًا ولم يعر اهتمامًا لما حدث ارتاحت ومر الغداء بصمت وسلام عليهم، كان اليوم هادئ بشكل ما لأن تاج كان مُتعب فلم تجد سروة الوقت لتتحدث إليه وانشغل كل منهم بعمله الطبيعي فانشغلت عمتها بالمطبخ كما أن والدها جلس يتابع التلفاز مع تاج الذي استأذن منه بعد قليل ليدخل غرفته وينام بعض الوقت فجلست سروة في غرفتها بملل، فكرت فجأة في المستقبل وكيف ستتابع حياتها بعد الآن، لقد تخلصت من أكبر عقبة في حياتها ولكن آثارها مازالت موجودة وهي تعلم أنها ستكون موجودة دائمًا ولكن يجب عليها الآن أن تبدأ في التفكير في نفسها.
كانت تتحدث بينها وبين نفسها أنها يجب أن تفك في عملها الذي أهملته طوال الأشهر الماضية، تنهدت وقد تعبت من كثرة التفكير وقد قررت أن تترك الأيام تمضي كما هي حتى تشعر أنها أصبحت أفضل حالًا لتخطط للمستقبل.
ذهب الجميع للنوم في الليل إلا أن نفس الكابوس عاد يرواد سروة مجددًا فكانت تصرخ في نومها وجهها مُتعرق بشدة وتتحرك كأنها تهرب من شخص ما، استيقظ الجميع على صُراخها وتوجهوا لغرفتها، كان أول من توجه لها هو والدها بعد أن استيقظت وجلست تلهث كأنها كانت تركض لفترة طويلة.
احتضنها والدها بقلق وهو يشعر برجفة جسدها: مالك يا بنتي؟ إيه حكاية الكوابيس اللي بقت تجي لك دي.
تقدم تاج وجلس على الناحية الأخرى من السرير وأخذ سروة من حضن والدها لحضنه هو، رفع بصره لوالدها يطمئنه بابتسامة: هتلاقيه شوية ضغط من الحاجات اللي حصلت يا خالو، أرتاح أنت وماما وأنا هفضل معاها.
نظر له خاله بتردد ثم نظر لسروة التي هدأت وأغمضت عينيها ورأسها تستريح على صدر تاج فنهض ثم خرج هو وسميحة.
عدل تاج من وضعيته فرجع للوراء حتى استند بظهره إلى ظهر السرير ويُريح سروة على صدره، يده وراء ظهرها بينما هي تضع رأسها قرب عنقه.
مسح على شعرها بحنان وصمت ينتظرها أن تهدأ حتى فتحت عيناها أخيرًا ونظرت أمامها بشرود.
قالت بنبرة قاتمة منخفضة: تفتكر هيجي يوم وكل ده هيبقى مجرد ذكرى؟
رد تاج بصوت رخيم: أكيد....كل حاجة مع مرور الوقت بتبقى ذكرى بعيدة حتى الوحشة لما بنفكرتها بننساها علطول علشان منفتكرش الفترة السيئة من حياتنا.
اختنق صوتها: بس أنا مش حاسة بكدة يا تاج، بالعكس حاسة أنه بيسيطر عليا لدرجة أنه بيخنقني.
أمسك بيدها وهو يشد عليها قائلًا لُيحفزها: علشان كدة مش لازم تسمحي للماضي أنه يسيطر على حياتك، لازم تنتصري عليه، خلاص الماضي انتهى وعدى وأنتِ اللي موجودة وتقدري تحددي الحاضر والمستقبل متدمريش اللي جاي علشان خاطر اللي راح.
ردت سروة وشعور الذنب يملأ قلبها: المشكلة أنك اتأذيت معايا في حاجة مش ذنبك! اتعاقبت على حاجة معملتهاش وأنا مش قادرة أسامح نفسي أني كنت جبانة وسيبتك تعمل كدة.
أخذ تاج نفسًا عميًقا وهو يرد بجدية ممزوجة بالعتاب: وأنا قولتلك اللي عملته ده كان الصح وواجبي وأي رجل في مكاني كان هيعمله، متفضليش تحسسي نفسك بالذنب، أنا اللي اخترت أعمل كدة ومش ندمان.
رفعت رأسها من على صدره لتنظر له قائلة بضيق: بس أنت مكنتش مضطر لكدة ومستقبل...
قطعت كلامها حين رأت أن المسافة بين وجهيهما لا تتعدى الانش الواحد، يكاد أنفها يلتصق بأنفه، صمتت وعيونها تحدق في عيونه، ترك تاج يدها وارتفعت يده حتى وضعها على وجنتها يمسح عليها برقة، كانا مايزالان يحدقان إلى بعضهما، تحرك تاج قليلًا للأمام فتحركت سروة أيضًا حتى التقت شفاههما أخيرًا.
فجأة ابتعدت سروة عنه بقوة وأدارت ظهرها له، فانتفض تاج من على السرير وخرج بسرعة من الغرفة، كانت تجلس محدقة أمامها بعينان مُتسعتان لا تصدق ما حدث للتو!
يتبع...
لقراءة الفصل السابع والعشرون اضغط على : ( رواية تراتيل الهوى الفصل السابع والعشرون )
لقراءة باقي الفصول اضغط على : ( رواية تراتيل الهوى )