رواية أحرقني الحب الحلقة الرابعة 4 بقلم ديانا ماريا
رواية أحرقني الحب الجزء الرابع 4 بقلم ديانا ماريا
رواية أحرقني الحب البارت الرابع 4 بقلم ديانا ماريا
رواية أحرقني الحب الفصل الرابع 4 بقلم ديانا ماريا |
رواية أحرقني الحب الفصل الرابع 4 بقلم ديانا ماريا
اتسعت عينا حسام وهو لا يستوعب ما قاله والد هديل الذي تابع حديثه غير آبه بشحوب وجه حسام: أنت إزاي تفكر تيجي لبنتي؟ يعني أنا على آخر الزمن هجوزها كحيان زيك؟
شحب وجه حسام بشدة من الكلام الجارح الموجه إليه ونهض بحدة مستهجن الحديث الموجه إليه: إيه الكلام ده يا عمي؟ أنا غلطت في إيه لكل الكلام الجارح ده؟ أنا طالب إيد بنتك بالحلال لأني عايزها تبقى مراتي.
نظر إليه والد هديل بصرامة: طلبك مرفوض وهعتبر نفسي مسمعتش حاجة حساب العِشرة اللي بيننا إنما أنك تبص لبنتي معناها أنك خونت الأمانة وتنتهك حرمة البيت...
قاطعه حسام بقوة مدافعا عن نفسه ومستغرب في ذات الوقت من الكلام الذي لا تستوعبه أذناه: إيه الكلام اللي بتقوله ده ياعم رضوان! أنا عمري ما اخون الأمانة أبدا وأنت عارفني ومربيني على إيدك من ساعة ما بابا مات عمري ما تخيلت تقول عني حاجة زي كدة ولا الكلام ده يطلع منك بالذات ده لو ألف واحد قال كدة المفروض أنت اللي تكدبهم مش تقوله عليا!
نظر له رضوان وقد جمدت ملامحه: اطلع برة يا حسام لحفظ أي ود كان بيننا في يوم من الأيام.
نظر له حسام غير مصدقا للحظات قبل أن ينهض ويغادر تحت عيون هديل الباكية التي كانت تراقب خروج حسام هي الأخرى بعدم تصديق لما حدث، كام يمر بقربها حين توقف وعيونه تقابل عيونها للحظات استطاعت هديل أن ترى الألم في عينيه وكم جُرحت كرامته ثم تابع مسيرته حتى خرج من البيت.
على الفور ذهبت هديل لوالدها الذي كان يعطي ظهره لها.
هتفت به بحرقة: ليه عملت كدة؟ ليه رفضته؟ ليه بالطريقة دي؟
استدار لها والدها وقد عقد حاجبيه: وأنتِ كنت بتسمعينا؟ ليه؟ كنت عايزاني أوافق على الكحيان ده؟ ده بيلاقي يأكل بالعافية!
ردت هديل بصوت متحشرج: أيوا توافق أنت عارف أنه ظروفه على قده بس هو مكافح وبيعافر علشان يبقى أحسن يبقى ليه تهينه بالشكل ده؟
رد والدها بحنق: علشان يعرف مكانه أنا طول عمري بحلم لك بجوازة كويسة تعيشي مع راجل يريحك ونسب كويس تتشرفي بيه مش حسام! ده يتيم وملوش أهل هياخدك علشان تخدمي أمه العيانة يا عبيطة!
حدقت إليه هديل بقهر: بس أنا بحبه ومش عايزة غيره. حتى لو مش عجبك مكنتش تجرحه كدة!
أجاب والدها بحدة: هديل! أنا مسمحلكيش تتكلمي معايا كدة، أنا عايز مصلحتك وأنتِ مش شايفة كدة، أنا كنت مطمن أنه عمره ما هيبص لك ولا ينتهك حرمة البيت.
قاطعته هديل باستنكار: أنت مصدق بجد؟ حسام عمره ما عمل كدة! عمره ما خان الأمانة ولا انتهك حرمة البيت ولا عمل معايا تصرف مش كويس فيها إيه لما يتقدم لي لأنه عايز يتجوزني زي أي شاب؟
رفع والدها حاجبه: ليه حضرتك فاكراني مغفل ومشوفتكيش وأنتِ واقفة معاه؟
الجم رده لسان هديل فلم تستطع الكلام فتابع والدها بقسوة وقد رأى ردة فعلها: شوفتي أني عارف ومش أهبل زي ما أنتِ فاكرة؟
حاولت هديل الشرح: يا بابا..
أنهى الكلام بحركة من يده: مش عايز أسمع حاجة، دلوقتي أنتِ فاكر أني بظلمك بس أنا بعمل كل ده لمصلحتك وبكرة هتشكريني.
لم تجد ما تقوله فذهبت من أمامه وولجت لغرفتها، بكت طوال الليل بحسرة وحين حاولت الإتصال بحسام لم يرد وفي المرة الثانية وجدت هاتفه مغلق مما زاد من بُكائها وقد جفا النوم عيناها.
كانت في جامعتها وعملها لا تستطيع التركيز وهي تتصل بحسام كل دقيقة تقريبا وتجده مازال مغلق، حتى وجدته بانتظارها وهي خارجة من عملها.
أسرعت إليه بقلق: حسام أنا حاولت اتصل عليك مكنتش بترد عليا وتليفونك كان مقفول، كنت فين؟
صمتت للحظة لتمر عيناها على مظهره المتعب، وجهه المجهد وعيناه المتعبة من أثر قلة النوم.
تنهد قبل أن يرد: كنت محتاج وقت يا هديل بعد اللي حصل أنا لحد دلوقتي مش مصدق أنه عم رضوان قالي الكلام ده كله.
لمعت عيونها بالدموع وهي تنظر للأرض: ولا أنا يا حسام بس أنا آسفة بجد صدقني..
قاطعها بتعب: مفيش داعي تعتذري أنتِ معملتيش حاجة.
أجابت بصوت متهدج: بس أنت اتجرحت أنا عارفة لازم أعتذر.
قال حسام بحيرة: أنا اللي مش فاهمه ليه عم رضوان عمل وقالي كدة؟ أنا كنت فاكره بيحبني.
صمتت هديل بالطبع لن تقول له ما حدث بعد مغادرته وتفكير والدها به.
رفع حسام رأسه بإصرار: بس أنا مش هستسلم يا هديل متخافيش أنا هشتغل أكتر ما بشتغل دلوقتي هثبت أني استاهلك أنا بحبك ومش هيأس.
انهمرت دموع هديل بمزيج من الألم والأمل وهي تومأ برأسها: وأنا هفضل مستنياك صدقني وهحاول أتكلم مع بابا، بس مش عايزك تزعل ولا تحط في دماغك اللي قاله، يمكن علشان مضغوط من موضوع إياد إنما هو أكيد مكنش يقصد.
ظهر في عيونه شعوره المعذب: أنا كرامتي اتجرحت امبارح والمشكلة أني مش فاهم حتى ليه بس أنا بحبك، أنا قليل يا هديل أنا استاهلك.
ردت هديل بحزم محاولة مطمئنته: لا طبعا يا حسام أنت تستاهل اللي أحسن مني كمان.
رد حسام بحب وهو يتأمل ملامحها: هو فيه أحسن منك في الدنيا دي؟
احمرت وجنتاها خجلا وقد نسيت لبرهة معاناتهم ثم غادرت لتعود للمنزل، مرت الأيام بدون تغيير كانت هديل لا تتعامل مع والدها إلا قليلا حتى يشعر بحزنها ومعاناتها التي تسبب بها وإياد التي كانت حالته مستقرة أحيانا ويتعب أحيانا ولكن بدون شيء خطير، في تلك الأثناء كان حسام يتواصل معها كل فترة حتى يطمئن عليها ويطمئنها أنه لن يستسلم.
حتى عادت في يوم لتجد والدها يجلس في الصالة مع رجل غريب، ألقت السلام عليهم ودخلت لغرفتها بدون اهتمام، لم ترتح لذلك الرجل أو نظرته رغم أن لقائهما لم يتعد الثواني.
بعد قليل سمعت والدها ينادي عليها فخرجت له، أشار لها لتجلس فجلست أمامه بترقب.
صمت والدها للحظات قبل أن يتحدث بنبرة هادئة: جاي لك عريس.
صُدمت هديل التي رددت: عريس؟
أومأ والدها: اه، ظافر حسنين اتقدم لك وأنا مبدئيا موافق.
فكرت بذهول للحظات في الاسم الذي قاله والدها ثم صاحت بدهشة: اللي كان هنا؟ أنا حسيت إني شوفته قبل كدة بس أنت أكيد بتهزر!
تحدث والدها بصرامة: أنتِ إزاي تتكلمي مع والدك كدة! اتأدبي شوية.
نهضت بعدم تصديق: عايزني أتكلم إزاي وأنت عايزني اتجوز واحد أكبر مني ب ١٨ سنة!
رد والدها بتعجب: وفيها إيه؟ مش باين عليه والراجل كويس وتاجر أخشاب وموبيليا معروف وهيعيشك أحسن عيشة.
أصدرت صوتا يدل على عدم التصديق وردت وهي تحاول أن تستوعب وجهة نظر والدها: بس سمعته معروفة أنه رجل شديد وأكبر مني أنا يدوب ٢٢ سنة وهو ٤٠ وبعد كل ده أنا بحب واحد تاني!
رد والدها بغضب: أنتِ لسة بتفكري في الموضوع ده؟
أجابت بقوة: ولا عمري هنساه أنا بحب حسام وهو بيحبني ومش عايزة غيره
صاح والدها بحنق: وأنا قولتلك مش هتتجوزيه هتفرحي لما تشحتي معاه ولا ينزل يشغلك علشان تساعديه؟ ولا تبقي خدامة لأمه المريضة؟
لم تستطع فهم والدها الذي تغير فجأة وردت تدافع بصوت قوي: هفرح معاه بأي وضع المهم أنه بحبه وبيحبني ومش هبقى خدامة ولا حاجة هو مش هيخليني محتاجة حاجة.
سخر والدها قائلا: إزاي وهو يدوب مكفي نفسه وأمه؟ أنا عايز لك الأحسن مش راضية تفهمي ليه؟
ردت بألم ودموعها تنهمر من الإحساس باليأس الذي غمرها: الأحسن ده مش أحسن ليا ولا هيسعدني أنا مش عايزة.
قال والدها باحتدام وهو يرمقها بامتعاض: لأنك لسة صغيرة ومش فاهمة حاجة أنا عارف مصلحتك وبعدين أنتِ أنانية.
أصمتتها الدهشة لثواني قبل أن ترد: أنا أنانية؟
أجاب والدها بلوم: ايوا أنانية بتبصي لنفسك وبس مش شايفة أنه دي كمان هتبقى فرصة لأخوكِ يعمل العملية، الراجل لما عرف حالته قالي أنه هيعمله العملية على حسابه علشان يبسطك وأنتِ حتى مش مدية لنفسك فرصة تفكري.
جلست هديل بعد أن شعرت برجليها واهنة ولا تستطيع حملها بعد ما سمعته بينما تابع والدها وهو يصر على أن يُشعرها بالذنب: حسام ده مش هيأكلك عيش لازم تفكري في نفسك وفينا الرجل كويس وهيقدر ينقذ أخوكِ اللي أنا عاجز أعمله حاجة فيها إيه أما تختاري مصلحتك؟
رفعت هديل عيونها وهي تهمس بصوت معذب: طب وأنا ذنبي إيه؟ ذنبي إيه اتجوز واحد مش عايزاه ومبحبوش؟
حاول والدها إقناعها: أنتِ شايفة أنه ده ذنب بس بالعكس ده فرصة جديدة بتتفتح لك هتبقي عايشة حياة أحسن مش محتاجة حاجة.
أغمضت عيونها بشدة وهي ترتجف حتى فتحتها وهي تواجه والدها برجاء: بس أنا مش عايزة يا بابا أنا مش موافقة.
تغضن وجه والدها بالغضب حتى نهض وقال لها بعتاب: يبقى أي حاجة هتحصل لأخوكِ أنتِ السبب فيها كان في إيدك تنقذيه ومعملتيش حاجة هتقفي بس تتفرجي عليه وهو بيموت.
ثم تركها وبقيت هي جالسة مكانها تبكي بقهر حتى أتت والدتها التي كانت تستمع لكل شيء لكنها لم تجرؤ على التدخل بسبب تحذير زوجها لها سابقا وأنه سيقنع هديل.
ضمتها لها وهي تقول بحنان ممزوج بالحزن: متزعليش يا حبيبتي ومتشليش هم حاجة أنتِ مش ذنبك ولا ملزومة تعملي حاجة.
بكت هديل فقط بحرقة حتى تورمت عيناها، كانت جالسة في غرفتها تضع يدها على خدها، لا يتوقف عقلها عن التفكير تارة تخبر نفسها أنها ليست ملزمة بفعل ذلك وتارة لا تستطيع التوقف عن التفكير بأن لديها الفرصة لتنقذ أخيها الحبيب.
ازدادت دموعها حين تذكرت حسام وقلبها يهفو له بلوعة، فجأة سمعت صراخ والدتها فخرجت تركض بفزع.
كان إياد فاقد للوعي ولكن الأمر الذي يثير الرعب وجهه الشاحب بشدة وشفتاه التي تحول لونهما للازرق، وانتفاخ بطنه الغريب.
انحنت عليه وهي تحاول أفاقته، كانت تشعر بالارتباك ثم تذكرت دكتور الصيدلية الموجودة أسفلهم فركضت تحضره، حين رأى إياد أخبرهم أن نبضه ضعيف للغاية ويجب نقله للمستشفى فورا ثم تولى هو مهمة الإتصال بالإسعاف.
بعد أن علم والدها حضر بسرعة وذهبوا جميعا للمستشفى، ينتظرون بالخارج والقلق ينهش قلوبهم.
خرج الطبيب وقد أخبرهم أن حالة إياد تدهورت بشدة وأنه يحتاج لإجراء العملية اليوم قبل غد خاصة وأنه ظهر لديهم في الأشعة القلبية قصور في القلب يجب علاجه في الحال.
زفرت هديل بألم وفجأة أتت عيونها في عيون والدها الذي نظر لها بعتاب ولوم لم تتحمله فأشاحت ببصرها عنه، حين رأوا أخاها من بعيد انفطر قلبها عليه وعلى مظهره، كانت تلك اللحظة الفاصلة في كل حياتها حين قررت انتزاع قلبها ودفنه مقابل قلب أخيها.
سارت حتى والدها الذي يجلس على مقعد الانتظار ورفع رأسه حين وقفت أمامه.
بوجه خالي من أي تعبير وعيون مفرغة من الإحساس تحدثت هديل قائلة بجمود: أنا موافقة اتجوز ظافر.
شحب وجه حسام بشدة من الكلام الجارح الموجه إليه ونهض بحدة مستهجن الحديث الموجه إليه: إيه الكلام ده يا عمي؟ أنا غلطت في إيه لكل الكلام الجارح ده؟ أنا طالب إيد بنتك بالحلال لأني عايزها تبقى مراتي.
نظر إليه والد هديل بصرامة: طلبك مرفوض وهعتبر نفسي مسمعتش حاجة حساب العِشرة اللي بيننا إنما أنك تبص لبنتي معناها أنك خونت الأمانة وتنتهك حرمة البيت...
قاطعه حسام بقوة مدافعا عن نفسه ومستغرب في ذات الوقت من الكلام الذي لا تستوعبه أذناه: إيه الكلام اللي بتقوله ده ياعم رضوان! أنا عمري ما اخون الأمانة أبدا وأنت عارفني ومربيني على إيدك من ساعة ما بابا مات عمري ما تخيلت تقول عني حاجة زي كدة ولا الكلام ده يطلع منك بالذات ده لو ألف واحد قال كدة المفروض أنت اللي تكدبهم مش تقوله عليا!
نظر له رضوان وقد جمدت ملامحه: اطلع برة يا حسام لحفظ أي ود كان بيننا في يوم من الأيام.
نظر له حسام غير مصدقا للحظات قبل أن ينهض ويغادر تحت عيون هديل الباكية التي كانت تراقب خروج حسام هي الأخرى بعدم تصديق لما حدث، كام يمر بقربها حين توقف وعيونه تقابل عيونها للحظات استطاعت هديل أن ترى الألم في عينيه وكم جُرحت كرامته ثم تابع مسيرته حتى خرج من البيت.
على الفور ذهبت هديل لوالدها الذي كان يعطي ظهره لها.
هتفت به بحرقة: ليه عملت كدة؟ ليه رفضته؟ ليه بالطريقة دي؟
استدار لها والدها وقد عقد حاجبيه: وأنتِ كنت بتسمعينا؟ ليه؟ كنت عايزاني أوافق على الكحيان ده؟ ده بيلاقي يأكل بالعافية!
ردت هديل بصوت متحشرج: أيوا توافق أنت عارف أنه ظروفه على قده بس هو مكافح وبيعافر علشان يبقى أحسن يبقى ليه تهينه بالشكل ده؟
رد والدها بحنق: علشان يعرف مكانه أنا طول عمري بحلم لك بجوازة كويسة تعيشي مع راجل يريحك ونسب كويس تتشرفي بيه مش حسام! ده يتيم وملوش أهل هياخدك علشان تخدمي أمه العيانة يا عبيطة!
حدقت إليه هديل بقهر: بس أنا بحبه ومش عايزة غيره. حتى لو مش عجبك مكنتش تجرحه كدة!
أجاب والدها بحدة: هديل! أنا مسمحلكيش تتكلمي معايا كدة، أنا عايز مصلحتك وأنتِ مش شايفة كدة، أنا كنت مطمن أنه عمره ما هيبص لك ولا ينتهك حرمة البيت.
قاطعته هديل باستنكار: أنت مصدق بجد؟ حسام عمره ما عمل كدة! عمره ما خان الأمانة ولا انتهك حرمة البيت ولا عمل معايا تصرف مش كويس فيها إيه لما يتقدم لي لأنه عايز يتجوزني زي أي شاب؟
رفع والدها حاجبه: ليه حضرتك فاكراني مغفل ومشوفتكيش وأنتِ واقفة معاه؟
الجم رده لسان هديل فلم تستطع الكلام فتابع والدها بقسوة وقد رأى ردة فعلها: شوفتي أني عارف ومش أهبل زي ما أنتِ فاكرة؟
حاولت هديل الشرح: يا بابا..
أنهى الكلام بحركة من يده: مش عايز أسمع حاجة، دلوقتي أنتِ فاكر أني بظلمك بس أنا بعمل كل ده لمصلحتك وبكرة هتشكريني.
لم تجد ما تقوله فذهبت من أمامه وولجت لغرفتها، بكت طوال الليل بحسرة وحين حاولت الإتصال بحسام لم يرد وفي المرة الثانية وجدت هاتفه مغلق مما زاد من بُكائها وقد جفا النوم عيناها.
كانت في جامعتها وعملها لا تستطيع التركيز وهي تتصل بحسام كل دقيقة تقريبا وتجده مازال مغلق، حتى وجدته بانتظارها وهي خارجة من عملها.
أسرعت إليه بقلق: حسام أنا حاولت اتصل عليك مكنتش بترد عليا وتليفونك كان مقفول، كنت فين؟
صمتت للحظة لتمر عيناها على مظهره المتعب، وجهه المجهد وعيناه المتعبة من أثر قلة النوم.
تنهد قبل أن يرد: كنت محتاج وقت يا هديل بعد اللي حصل أنا لحد دلوقتي مش مصدق أنه عم رضوان قالي الكلام ده كله.
لمعت عيونها بالدموع وهي تنظر للأرض: ولا أنا يا حسام بس أنا آسفة بجد صدقني..
قاطعها بتعب: مفيش داعي تعتذري أنتِ معملتيش حاجة.
أجابت بصوت متهدج: بس أنت اتجرحت أنا عارفة لازم أعتذر.
قال حسام بحيرة: أنا اللي مش فاهمه ليه عم رضوان عمل وقالي كدة؟ أنا كنت فاكره بيحبني.
صمتت هديل بالطبع لن تقول له ما حدث بعد مغادرته وتفكير والدها به.
رفع حسام رأسه بإصرار: بس أنا مش هستسلم يا هديل متخافيش أنا هشتغل أكتر ما بشتغل دلوقتي هثبت أني استاهلك أنا بحبك ومش هيأس.
انهمرت دموع هديل بمزيج من الألم والأمل وهي تومأ برأسها: وأنا هفضل مستنياك صدقني وهحاول أتكلم مع بابا، بس مش عايزك تزعل ولا تحط في دماغك اللي قاله، يمكن علشان مضغوط من موضوع إياد إنما هو أكيد مكنش يقصد.
ظهر في عيونه شعوره المعذب: أنا كرامتي اتجرحت امبارح والمشكلة أني مش فاهم حتى ليه بس أنا بحبك، أنا قليل يا هديل أنا استاهلك.
ردت هديل بحزم محاولة مطمئنته: لا طبعا يا حسام أنت تستاهل اللي أحسن مني كمان.
رد حسام بحب وهو يتأمل ملامحها: هو فيه أحسن منك في الدنيا دي؟
احمرت وجنتاها خجلا وقد نسيت لبرهة معاناتهم ثم غادرت لتعود للمنزل، مرت الأيام بدون تغيير كانت هديل لا تتعامل مع والدها إلا قليلا حتى يشعر بحزنها ومعاناتها التي تسبب بها وإياد التي كانت حالته مستقرة أحيانا ويتعب أحيانا ولكن بدون شيء خطير، في تلك الأثناء كان حسام يتواصل معها كل فترة حتى يطمئن عليها ويطمئنها أنه لن يستسلم.
حتى عادت في يوم لتجد والدها يجلس في الصالة مع رجل غريب، ألقت السلام عليهم ودخلت لغرفتها بدون اهتمام، لم ترتح لذلك الرجل أو نظرته رغم أن لقائهما لم يتعد الثواني.
بعد قليل سمعت والدها ينادي عليها فخرجت له، أشار لها لتجلس فجلست أمامه بترقب.
صمت والدها للحظات قبل أن يتحدث بنبرة هادئة: جاي لك عريس.
صُدمت هديل التي رددت: عريس؟
أومأ والدها: اه، ظافر حسنين اتقدم لك وأنا مبدئيا موافق.
فكرت بذهول للحظات في الاسم الذي قاله والدها ثم صاحت بدهشة: اللي كان هنا؟ أنا حسيت إني شوفته قبل كدة بس أنت أكيد بتهزر!
تحدث والدها بصرامة: أنتِ إزاي تتكلمي مع والدك كدة! اتأدبي شوية.
نهضت بعدم تصديق: عايزني أتكلم إزاي وأنت عايزني اتجوز واحد أكبر مني ب ١٨ سنة!
رد والدها بتعجب: وفيها إيه؟ مش باين عليه والراجل كويس وتاجر أخشاب وموبيليا معروف وهيعيشك أحسن عيشة.
أصدرت صوتا يدل على عدم التصديق وردت وهي تحاول أن تستوعب وجهة نظر والدها: بس سمعته معروفة أنه رجل شديد وأكبر مني أنا يدوب ٢٢ سنة وهو ٤٠ وبعد كل ده أنا بحب واحد تاني!
رد والدها بغضب: أنتِ لسة بتفكري في الموضوع ده؟
أجابت بقوة: ولا عمري هنساه أنا بحب حسام وهو بيحبني ومش عايزة غيره
صاح والدها بحنق: وأنا قولتلك مش هتتجوزيه هتفرحي لما تشحتي معاه ولا ينزل يشغلك علشان تساعديه؟ ولا تبقي خدامة لأمه المريضة؟
لم تستطع فهم والدها الذي تغير فجأة وردت تدافع بصوت قوي: هفرح معاه بأي وضع المهم أنه بحبه وبيحبني ومش هبقى خدامة ولا حاجة هو مش هيخليني محتاجة حاجة.
سخر والدها قائلا: إزاي وهو يدوب مكفي نفسه وأمه؟ أنا عايز لك الأحسن مش راضية تفهمي ليه؟
ردت بألم ودموعها تنهمر من الإحساس باليأس الذي غمرها: الأحسن ده مش أحسن ليا ولا هيسعدني أنا مش عايزة.
قال والدها باحتدام وهو يرمقها بامتعاض: لأنك لسة صغيرة ومش فاهمة حاجة أنا عارف مصلحتك وبعدين أنتِ أنانية.
أصمتتها الدهشة لثواني قبل أن ترد: أنا أنانية؟
أجاب والدها بلوم: ايوا أنانية بتبصي لنفسك وبس مش شايفة أنه دي كمان هتبقى فرصة لأخوكِ يعمل العملية، الراجل لما عرف حالته قالي أنه هيعمله العملية على حسابه علشان يبسطك وأنتِ حتى مش مدية لنفسك فرصة تفكري.
جلست هديل بعد أن شعرت برجليها واهنة ولا تستطيع حملها بعد ما سمعته بينما تابع والدها وهو يصر على أن يُشعرها بالذنب: حسام ده مش هيأكلك عيش لازم تفكري في نفسك وفينا الرجل كويس وهيقدر ينقذ أخوكِ اللي أنا عاجز أعمله حاجة فيها إيه أما تختاري مصلحتك؟
رفعت هديل عيونها وهي تهمس بصوت معذب: طب وأنا ذنبي إيه؟ ذنبي إيه اتجوز واحد مش عايزاه ومبحبوش؟
حاول والدها إقناعها: أنتِ شايفة أنه ده ذنب بس بالعكس ده فرصة جديدة بتتفتح لك هتبقي عايشة حياة أحسن مش محتاجة حاجة.
أغمضت عيونها بشدة وهي ترتجف حتى فتحتها وهي تواجه والدها برجاء: بس أنا مش عايزة يا بابا أنا مش موافقة.
تغضن وجه والدها بالغضب حتى نهض وقال لها بعتاب: يبقى أي حاجة هتحصل لأخوكِ أنتِ السبب فيها كان في إيدك تنقذيه ومعملتيش حاجة هتقفي بس تتفرجي عليه وهو بيموت.
ثم تركها وبقيت هي جالسة مكانها تبكي بقهر حتى أتت والدتها التي كانت تستمع لكل شيء لكنها لم تجرؤ على التدخل بسبب تحذير زوجها لها سابقا وأنه سيقنع هديل.
ضمتها لها وهي تقول بحنان ممزوج بالحزن: متزعليش يا حبيبتي ومتشليش هم حاجة أنتِ مش ذنبك ولا ملزومة تعملي حاجة.
بكت هديل فقط بحرقة حتى تورمت عيناها، كانت جالسة في غرفتها تضع يدها على خدها، لا يتوقف عقلها عن التفكير تارة تخبر نفسها أنها ليست ملزمة بفعل ذلك وتارة لا تستطيع التوقف عن التفكير بأن لديها الفرصة لتنقذ أخيها الحبيب.
ازدادت دموعها حين تذكرت حسام وقلبها يهفو له بلوعة، فجأة سمعت صراخ والدتها فخرجت تركض بفزع.
كان إياد فاقد للوعي ولكن الأمر الذي يثير الرعب وجهه الشاحب بشدة وشفتاه التي تحول لونهما للازرق، وانتفاخ بطنه الغريب.
انحنت عليه وهي تحاول أفاقته، كانت تشعر بالارتباك ثم تذكرت دكتور الصيدلية الموجودة أسفلهم فركضت تحضره، حين رأى إياد أخبرهم أن نبضه ضعيف للغاية ويجب نقله للمستشفى فورا ثم تولى هو مهمة الإتصال بالإسعاف.
بعد أن علم والدها حضر بسرعة وذهبوا جميعا للمستشفى، ينتظرون بالخارج والقلق ينهش قلوبهم.
خرج الطبيب وقد أخبرهم أن حالة إياد تدهورت بشدة وأنه يحتاج لإجراء العملية اليوم قبل غد خاصة وأنه ظهر لديهم في الأشعة القلبية قصور في القلب يجب علاجه في الحال.
زفرت هديل بألم وفجأة أتت عيونها في عيون والدها الذي نظر لها بعتاب ولوم لم تتحمله فأشاحت ببصرها عنه، حين رأوا أخاها من بعيد انفطر قلبها عليه وعلى مظهره، كانت تلك اللحظة الفاصلة في كل حياتها حين قررت انتزاع قلبها ودفنه مقابل قلب أخيها.
سارت حتى والدها الذي يجلس على مقعد الانتظار ورفع رأسه حين وقفت أمامه.
بوجه خالي من أي تعبير وعيون مفرغة من الإحساس تحدثت هديل قائلة بجمود: أنا موافقة اتجوز ظافر.
يتبع.....
لقراءة الفصل الخامس اضغط على : ( رواية أحرقني الحب الفصل الخامس )
لقراءة باقي الفصول اضغط على : ( رواية أحرقني الحب )